"الحشيش" اللبناني قريباً... من مادة قاتلة إلى مورد للدولارات
قبل خمسة أعوام، أقرّ البرلمان اللبناني قانون تشريع القنب الهندي للأغراض الطبية والصناعية، لتصبح بيروت أوّل عاصمة عربية تقدِم على هذه الخطوة. لكنّ ما وُصف يومذاك بالمنعطف التاريخي بقي حبيساً في الأدراج، إلى أن وضع رئيس الحكومة اللبناني نواف سلام – بعد طول انتظار وتراكم للتعطيل الحكومي – عجلات قانون "القنب الهندي" على سكّة التنفيذ. فمن السراي الكبير أُطلق "مسار تشكيل الهيئة الوطنية للقنب الهندي" بوصفها البوابة التنفيذية لتحويل النبتة، المدموغة تاريخيًا بسمعة "الاقتصاد القاتل"، إلى مورد طبي وصناعي مُشرع، قادر على تحريك الاقتصاد الشرعي، وتغذية قطاعات شتى، أبرزها الدواء والنسيج، وجذب استثمارات خارجية طال غيابها عن المشهد اللبناني. بدا الإعلان في الوهلة الأولى خطوة تقنية؛ غير أنّه في عمقه رسالة ثقة ومحاولة تبييض لصورة الدولة أمام المانحين، ورسالة أمل – وإن كانت خجولة – لمنطقتي بعلبك والهرمل اللتين تعيشان منذ عقود بين التهميش والملاحقات الأمنية.
إذن، فصل جديد يفتح اليوم في سيرة القانون الرقم 178/2020، مجيزًا زراعة القنب الهندي "لأغراض طبية وصناعية". خمسة أعوام مضت من دون أن يشكَّل الجهاز التنظيمي المنوط به ترجمة القانون إلى إجراءات وتشريعات فرعية، ومن دون أن يحصل أيّ مزارع أو مستثمر على رخصة واحدة. فهل تتحوّل "الحشيشة" من عبء أمني إلى أصل إنتاجي يرفد الناتج المحلي بإيرادات صعبة ويعيد توزيع الدخل على نحو أكثر عدالة؟
هيئة وطنية منظّمة
يشرح وزير الزراعة الدكتور نزار هاني في حديثه إلى "المدن" الآلية المزمع اعتمادها في تشكيل الهيئة الناظمة لإدارة القنب الهندي قائلًا: "إن الهيئة الوطنية المنظِّمة لزراعة القنب أُدرجت على جدول التعيينات، بانتظار أن تضع اللجنة المختصة المواصفات المطلوبة. تتكوّن الهيئة من سبعة أعضاء: خمسة يمثلون الوزارات الآتية: الزراعة، الصناعة، العدل، الداخلية ممثلة بمدير مكتب مكافحة المخدرات، والصحة عبر مدير الدائرة المعنية بالمخدرات؛ إضافة إلى خبيرين يُختاران بعد فتح باب الترشيحات وإجراء مقابلات لاختيار الأكفأ. بعد تسمية المندوبين من الوزارات واختيار الخبيرين يصدر قرار تشكيل الهيئة الوطنية".
في ما يخصّ الإيرادات المتوقعة يشير هاني: "قدَّرت خطة ماكنزي العائدات بنحو مليار دولار، بينما تشير دراسات أخرى إلى أنها تتراوح بين مليار وثلاثة مليارات دولار. ولا يُشترط أن تُعطى الأولوية للتصدير، إذ إن عددًا من شركات الأدوية ينتظر بدء الزراعة ليباشر تصنيع الأدوية، ولا سيما تلك التي تُحضّر ببساطة من زيت القنب. كذلك يمكن تطوير صناعات قائمة على الألياف والكتلة الحيوية لإنتاج الأقمشة وغيرها. قد تُصدَّر هذه المنتجات، غير أن التوقعات تشير أيضًا إلى استهلاك محلي كبير".
ويضيف: "تعيّن الهيئة المنظِّمة فريق عمل ومديرًا عامًا تقترحه على مجلس الوزراء، الذي يصدر بدوره قرار التعيين. وتتولى الهيئة وضع الأطر التنظيمية الكاملة: آليات الترخيص، والكشوف، والمتابعة، والتصنيع، سواء في البيوت البلاستيكية أو في المصانع. للمؤسسات البحثية دور أساسي؛ فمنذ إقرار القانون تعاون باحثون وخبراء ومختبرات لبنانية وأجنبية لدراسة خصائص الزيت والنبتة وتحديد الأصناف المناسبة للزرع. وتعمل الوزارات المعنية داخل الهيئة بالتنسيق مع سائر الوزارات لضمان إدارة فعالة ومستدامة لهذا القطاع".
لكن هاني لا ينفي أنّ "أبرز التحديات هي ما يواجه القطاع الزراعي عمومًا: شح المياه، وتغير المناخ، وتقلص المساحات المزروعة. وقد أظهرت التجارب أن الزراعة داخل البيوت البلاستيكية تتيح إنتاجًا أكبر وأسرع. وستواكب وزارة الزراعة هذه العملية تنظيمًا ورقابة وتدريبًا للمزارعين لزيادة الإنتاجية. إذا ما تحقق ذلك فسيشكّل القنب إضافة كبيرة للقطاع الزراعي، إذ يتمتع بميزة تفاضلية تناسب مناخ لبنان، ما يدعم الاقتصاد والمزارعين في المناطق البعيدة عن المدن ويحسّن أوضاعهم المعيشية والاجتماعية والصحية".
من ماكنزي إلى واقع الأرقام
حين أطلقت شركة "ماكنزي أند كومباني" خطة "رؤية لبنان الاقتصادية" في 2020، كانت زراعة القنب عنوانًا صحافيًا أكثر منه مشروعًا جاهزًا. قُدّرت الإيرادات المحتملة بأربعة مليارات دولار على أساس رفع المساحات القانونية من "صفر" إلى "1000 هكتار" في خمسة أعوام. لكن واضعي التقرير قدّموا أرقامًا من دون منهجية واضحة: فلبنان، وفق تقارير الأمم المتحدة، ثالث أكبر منتج غير قانوني في العالم بعد المغرب وأفغانستان، وتزيد المساحات المزروعة فعليًا على 30 ألف هكتار في البقاع الشمالي؛ فكيف تُحتسب نقطة الانطلاق "صفرًا"؟
فرضية ماكنزي الأهم – تحويل معظم المزارعين إلى القطاع الرسمي بحلول 2035 – تواجه هواجس اجتماعية وأمنية شائكة. التجارب السابقة لإحلال زراعات بديلة (زعتر، عنب) أخفقت لأن هوامش ربحها لا تداني أرباح الحشيشة. كما أن نماذج التحريش العشوائي والحملات الأمنية لتلف المحاصيل زادت الشرخ بين الدولة وأهل المنطقة، وأدّت إلى دورنة اقتصاد غير رسمي يحكمه سماسرة وسلاح. لذا تصبح الحوافز المالية والضمانات القانونية شرطًا لا مفر منه لنجاح المشروع.
فجوة التشريع… والتنافسية الدولية
لعبة الوقت تشكّل متغيرًا حاسمًا. الأسواق الكبرى – كندا، هولندا، أوروغواي، وأستراليا – سبقت لبنان بسنوات في وضع قواعد اللعب والتصدير. ألمانيا، مثلًا، تستورد 90 في المئة من احتياجاتها من القنب الطبي، لكنها وقّعت منذ آذار 2024 عقودًا طويلة الأمد مع خمس دول، ما يقلص نافذة الفرص أمام الداخلين الجدد. وفوق ذلك يفرض الاتحاد الأوروبي تتبعًا صارمًا لمسار كل شحنة من المزرعة إلى المريض. لهذا فإن بناء سمعة "صنع في لبنان" سيحتاج إلى شهادتي "غلوبال غاب" و"جي إم بي" اللتين تفترضان بنية تحتية رقمية تمكّن السلطات من الرقابة اللحظية.
هنا يبرز سؤال الجدوى: هل تكفي مزايا المناخ والتربة لجعل لبنان منافسًا؟ الدراسة الأولية التي أنجزتها كلية الزراعة في الجامعة الأميركية في بيروت عام 2023 تظهر أن تكلفة إنتاج الغرام الواحد من زيت القنب في بيوت بلاستيكية لبنانية لا تتعدى دولارًا واحدًا، مقابل 1.4 دولار في كندا و 1.2 دولار في البرتغال. الكلفة التنافسية حقيقة، لكنها هشة أمام اختناقات الكهرباء والتمويل وغياب الحوافز الضريبية. وبالتالي فإن أي تأخر في إصدار المراسيم أو انزلاق في التعقيدات البيروقراطية سيفقد لبنان امتيازه السعري، تمامًا كما حدث في ازدهار قطاع النبيذ ثم تعثّره أمام الرسوم الجمركية وكلفة النقل.
البعد الاجتماعي: أهل البقاع بين الأمل والحذر
قد يبدو للوهلة الأولى أن قرار الترخيص سيبعث البشرى في قلوب مزارعي بعلبك والهرمل الذين يعيشون على "الكيف" منذ الانتداب الفرنسي. لكن الواقع أكثر تعقيدًا؛ فالقانون الجديد يعرّف النبتة المسموح بها بأنها تلك التي تحتوي على نسبة THC أقل من 1 في المئة (بعد تعديلات اللجنة الفرعية)، فيما تتخطى النسبة في الأصناف المتوارثة 7–12 في المئة. بعبارة أوضح، البذور البلدية التي تعطي منتجًا يغري السوق السوداء أصبحت عمليًا خارج إطار الشرعية الجديدة. إنه فصل حاد بين اقتصاد غير رسمي مرتفع الربحية وآخر رسمي ربحيته أقل لكنه يعد بحماية قانونية واستقرار طويل الأمد.
إشكالية أخرى تطفو وهي أن القانون خالٍ من أي "مفعول رجعي" أو مسار عفو للمزارعين الملاحقين منذ عقود. فهؤلاء عالقون بين ملفات أمام القضاء العسكري ومذكرات توقيف تثقل سجلًا مرهقًا للنظام الجزائي. وتجربة مشروع العفو العام الذي سقط في لجنة الإدارة والعدل عام 2018 تعلمنا أن العقبة ليست قانونية فحسب، بل سياسية وطائفية. ومن دون مقاربة إنمائية شاملة تعيد الثقة بين الدولة ومحيط القنب سيبقى جزء من الإنتاج في الظل، محافظًا على تسعيرة تفيض أرباحًا على جيوب النافذين، ومكبِّلًا أي قدرة للقطاع الرسمي على التوسع. وهنا يطرح خبراء التنمية الزراعية صيغة "رخصة انتقالية" (Transitional License) تُمنَح للمزارع القائم ريثما يستوفي معايير الزراعات المراقَبة خلال ثلاث سنوات، مع جدول تقسيط للرسوم السنوية.
هيكلية الضرائب وآلية تقاسم الريع
من منظور مالي يُفترض أن يمول قطاع القنب خزينة الدولة عبر عنصرين: رسم الإنتاج (Excise) ورسم القيمة المضافة على المنتجات التحويلية. لكن المقاربة الحكيمة، بحسب الاختصاصيين، هي هندسة ضريبة متدرجة تحفز الاستثمار أولًا ثم تزيد الاقتطاع مع اقتراب القطاع من مرحلة النضج. فاستيفاء 15 في المئة من عائدات البيع في السنوات الثلاث الأولى ثم رفعها تدريجيًا إلى 25 في المئة قد يوازن بين جاذبية الاستثمار وحصيلة الخزينة.
بين "الحشيشة" غير الشرعية و"القنب" الطبي المنظَّم يقف لبنان أمام خيار تاريخي: اختبار قدرة الدولة على إنتاج سياسة عامة تتجاوز الشعبوية، وعلى بناء مؤسسة تنظيمية ذات صدقية، وعلى مداواة جروح الإنماء غير المتوازن في البقاع. الرهان ليس ماديًا فحسب؛ إنه أيضًا رهان على استعادة الثقة بين الدولة والمزارع، بين الاقتصاد الشرعي و"اقتصاد الظل"، وعلى تحويل لبنان من ممر تهريب إلى منصة تصدير مستدامة.
إذا نجحت الحكومة في إرساء قواعد اللعبة بشفافية وحوكمة سيصبح القنب نموذجًا لما يمكن لاقتصاد عالي القيمة قائم على المعرفة الزراعية والصناعات الدوائية أن يحققه لبلد يختنق بأزماته. أمّا إذا تعثّرت – كما تعثرت مشاريع كثيرة من قبل – فإن الخيبة ستعمق أزمة الريف، وتعيد إنتاج الدورة المفرغة بين التهميش والهشاشة الأمنية.
في الميزان الأخير لا يملك لبنان ترف إضاعة فرصة جديدة؛ فقيمة القنب ليست في بذوره وأزهاره فحسب، بل في قدرته على إثبات أن الإصلاح الاقتصادي ممكن حين تتقدم الإرادة السياسية ويصاغ التشريع على أساس العلم وحسابات الجدوى لا المحاصصة والصفقات العمياء.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون 24
منذ 31 دقائق
- ليبانون 24
بريطانيا تُهدّد الملياردير الروسيّ أبراموفيتش
هددت الحكومة البريطانية باتخاذ إجراءات قانونية ضدّ الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش ، في حال عدم التوصل إلى اتفاق بشأن تحويل عائدات بيع نادي تشلسي الإنكليزي إلى دعم جهود الإغاثة الإنسانية في أوكرانيا ، وذلك بعد أكثر من عامين على تجميد الأموال في حساب مصرفي بريطاني. وكان أبراموفيتش قد باع نادي تشلسي في عام 2022 مقابل 2.5 مليار جنيه إسترليني أيّ نحو 3.2 مليار دولار إلى تحالف استثماري أميركي، وذلك عقب فرض عقوبات بريطانية عليه على خلفية مزاعم تتعلق بصلاته الوثيقة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، وهو ما ينفيه. (سكاي نيوز)

المدن
منذ 36 دقائق
- المدن
سوريا تواجه تحديات لاستثمار 7 مليارات دولار في الكهرباء
تواجه سوريا تحديات جمّة تحول دون الاستفادة من استثمارات ضخمة وقعتها في قطاع الكهرباء، بقيمة 7 مليارات دولار، أبرزها التلف الواسع الذي تعانيه شبكة النقل الكهربائية، والسرقات التي تتعرض لها البنية التحتية الحيوية، في ظل ضعف أمني واقتصادي حاد. وقد تعهدت قطر، من خلال تحالف دولي تقوده شركة "يو سي سي القابضة"، بمساعدة سوريا في إعادة البناء، عبر إنشاء أربع محطات كهرباء غازية ذات دورة مركبة، ومحطة طاقة شمسية، لكن هذه الخطط الطموحة "لن تعني الكثير، ما لم تتمكن دمشق من منع العصابات المسلحة من نهب كابلات الكهرباء بسرعة أكبر من قدرة الحكومة التي تعاني من نقص السيولة على إصلاحها"، بحسب تقرير لوكالة "رويترز". ويمثل المشروع القطري أكبر استثمار أجنبي يعلن عنه في سوريا منذ أن رفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الشهر الماضي، العقوبات المفروضة على دمشق، مما أعاد فتح أبواب الاستثمار ولو بشكل محدود. شبكة شبه منهارة وسرقات منظمة وبحسب تصريحات وزير الطاقة محمد البشير، لـ"رويترز"، فإن شبكة الكهرباء السورية كانت قبل عام 2011 تغطي 99% من سكان البلاد، لكنها اليوم تنتج أقل من خُمس إنتاجها السابق، والأخطر أن "معظم هذا الإنتاج يُسرق"، سواء عبر سرقة الكابلات والمكونات أو حتى من خلال سرقة الكهرباء نفسها. وتُقدّر وزارة الطاقة تكلفة إعادة تأهيل الشبكة بنحو 5.5 مليار دولار، وهي أموال لا تملكها الدولة، مما يفرض الاعتماد على استثمارات خاصة أو مانحين دوليين. وقال البشير إن "المشاريع التي تقودها قطر، ستستغرق ثلاث سنوات لتصبح جاهزة للتشغيل الكامل، وخلال تلك الفترة، ربما نتمكن من استكمال إعادة تأهيل الشبكة". لكن الواقع على الأرض أكثر تعقيداً، وفقاً لرئيس المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء خالد أبو دي الذي قال إن "فرقنا تعمل في مكان والنهب في مكان آخر"، وأشار إلى أن أكثر من 80 كيلومتراً من الكابلات في جنوب سوريا نُهبت منذ سقوط النظام السابق، بينما أحبطت السرقات في الشرق، محاولات استعادة خط نقل رئيسي طوله 280 كيلومتراً. تحديات أمنية وتشكل حماية خطوط الكهرباء في سوريا، تحدياً أمنياً معقداً في ظل انتشار الميليشيات المحلية والمجموعات المسلحة التي تسيطر على أجزاء واسعة من البلاد، لا سيما أن العديد من خطوط النقل تمر عبر مناطق خارجة عن سيطرة الحكومة، أو تقع على خطوط تماس بين قوات مختلفة، مما يجعل تأمينها مهمة شبه مستحيلة. وقال أبو دي إن تأمين خطوط بطول مئات الكيلومترات، يتطلب موارد بشرية ولوجستية لا تملكها الدولة حالياً، مشيراً إلى أن "نشر حراس أو قوات أمنية على كامل مسار الخطوط مستحيل عملياً"، كما أن العديد من اللصوص الذين يستهدفون الأبراج والكابلات، "يعملون تحت حماية جماعات مسلحة محلية"، مما يُصعّب تدخل فرق الصيانة أو الشرطة. من جهته، أوضح أحمد الأخرس، المسؤول عن الترميم في الجنوب، أن "الفرق الفنية غالباً ما تراقب عمليات نهب أثناء تنفيذ أعمال الصيانة، لكنها لا تتدخل بسبب خطر السلاح"، مضيفاً أن "اللصوص لا يسرقون تحت جنح الظلام، بل في وضح النهار أحياناً". وبسبب هذا الواقع، تحولت بعض المستودعات الحكومية إلى أهداف مباشرة، حيث أُفرغت العديد منها من المعدات الاحتياطية الضرورية، ما عطّل عمليات الإصلاح حتى في المناطق الآمنة نسبياً. بيئة غير آمنة للمستثمرين وقال الخبير في قطاع الطاقة غياث بلال، إن سوريا لا تزال في مراحلها الأولى من التعافي بعد الحرب، وتُعد "وجهة عالية المخاطر للمستثمرين"، لافتاً إلى غياب المقومات الأساسية مثل العملة المستقرة، والقطاع المصرفي، والأمن. وأشار إلى أن انعدام السيطرة الحكومية على مناطق واسعة يعوق بشكل مباشر محاولات إصلاح الشبكة أو جذب استثمارات جادة. على الرغم من ذلك، تعول الحكومة على القطاع الخاص لقيادة عملية الإصلاح. ووفقاً للبشير، يمكن للشركات الاستثمارية الدخول في شراكات مع الدولة بصيغة المتعهدين، وبيع الكهرباء مباشرة للمستهلكين لاسترداد استثماراتهم. وأكد المتحدث باسم وزارة الطاقة أحمد سليمان، أن شركات صينية وأميركية وقطرية وتركية، أبدت اهتماماً بدخول السوق السورية منذ رفع العقوبات، حيث تقضي الخطط الحكومية بأن تقوم هذه الشركات باستئجار محطات التحويل وخطوط النقل ذات الجهد العالي، على أن تسترد تكاليفها عبر رسوم الكهرباء. كهرباء مدعومة وفقر مدقع لكن إحدى العقبات الرئيسية التي يواجهها المستثمرون، هي أن الكهرباء في سوريا كانت مدعومة بشدة لعقود، إذ يدفع المستهلكون نسبة ضئيلة من تكلفتها الفعلية، لذلك تتجه الحكومة الى رفع الدعم تدريجياً عن قطاع الكهرباء، نظراً لأن أكثر من 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر. من جانب آخر، أبدى بعض المستثمرين تفاؤلاً حذراً، حيث يخطط رجل الأعمال السوري ضياء قدور، المقيم في تركيا، لاستثمار 25 مليون دولار في شبكة الكهرباء شمال سوريا، عبر شركته المرخصة في تركيا، لتزويد 150 ألف منزل في ريف حلب بالكهرباء المستوردة من تركيا. وقال لوكالة "رويترز": "بإمكاننا تقديم أسعار أقل بكثير من الأسعار التي يدفعها السكان حالياً مقابل المولدات الخاصة". فيما عبّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن تفاؤله بالاستثمار في هذا القطاع، قائلاً: "أفضل ما لدينا هو أننا موجودون على الأرض منذ خمس سنوات". معاناة يومية وواقع مأزوم ومع تراجع ساعات التغذية الكهربائية إلى أقل من 4 ساعات يومياً في معظم المناطق، باتت الحياة اليومية للسوريين تدور حول جدول الكهرباء، فالكثيرون يضطرون للاستيقاظ في ساعات الفجر لتشغيل الغسالات أو تسخين الماء، ثم العودة للنوم، أما تخزين الطعام، فأصبح ترفاً لا تسمح به قدرة التبريد المحدودة، ما يدفع الناس لشراء كميات يومية فقط من الخضار أو اللحوم. ويُعد هذا الملف من أبرز التحديات التي تواجه حكومة الرئيس أحمد الشرع في محاولاته لإعادة الإعمار وإنعاش الاقتصاد، في ظل استمرار الفوضى الأمنية وانهيار البنية التحتية.

القناة الثالثة والعشرون
منذ 44 دقائق
- القناة الثالثة والعشرون
بين "ودّ الحزب" و"ود الفئة الأكبر من اللبنانيين"... سلام متمسك بالبيان الوزراي!
"الموضوع لا تبريد ولا تسخين بل هو ما التزمناه في البيان الوزاري حرفيًاَ، وأنا لم أخرج بكلمة عنه ولا أقبل لا كلمة زيادة ولا كلمة ناقصة منه"، هذا ما اعلنه رئيس الحكومة نواف سلام من عين التينة، بعد لقاء مع رئيس المجلس نبيه نبيه بري ادرج تحت خانة "ترميم العلاقة" مع الثنائي الشيعي. ويأتي ذلك بعد طرح اكثر من علامة استفهام عن حقيقة وجود تباين بين سلام وحزب الله، فالود محفوظ ولكنه معرض للأهتزاز، ومن هنا جاء التدخل السريع لسعاة الخير، وفي الأصل كان الرئيس بري قد اثار موضوع التسخين والتبريد في رد على مواقف الرئيس سلام الذي قال تحديداً : "تارك محل الود مع النائب محمد رعد واهلا وسهلا فيه وبالحزب وقت اللي بيريدوا وابوابي مفتوحة في المنزل او في السراي". وقد اتى لاحقا الرد من رعد الذي نُقل عنه قوله: "شكرا لود دولة رئيس الحكومة وسنلاقيه في أقرب وقت وندلي برأينا في ما نراه مصلحة لشعبنا وبلدنا". على اي حال الاشارات التي أرسلها الرئيس سلام لا تعني انه يريد اغلاق باب التواصل مع الحزب، وهو ما تقرأه مصادر سياسية مطلعة عبر وكالة "اخبار اليوم"، اذ تشير الى ان سلام تحدث بلغة رئيس الحكومة بمعزل عن موقفه الثابت من حصرية السلاح او حتى موضوع انتهاء عصر تصدير الثورة الايرانية، بأعتبار ان موقف سلام ينسجم مع ما ورد في البيان الوزاري . وترى هذه المصادر ان اي تبدل في مقاربة رئيس الحكومة حول ملف السلاح وبسط سيادة الدولة على كامل أراضيها سيدفع بأن يخسر ود الفئة الاكبر من اللبنانيين، وبالتالي ليس هناك ما يعزز التأكيد ان مواقف رئيس الحكومة قابلة لأي تبديل مهما كلف الامر ولا عودة بالتالي الى الوراء، التهميش غير وارد في لا قاموس رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ولا في قاموس رئيس مجلس الوزراء وكذلك بالنسبة الى استقواء فريق على اخر وبالتالي المسألة محسومة، فعندما يكون الإحتكام الى الدولة، تطبق القاعدة الأساسية بالنسبة الى التأكيد على شرعيتها. وتفيد المصادر ان حزب الله يدرك ان الملف هنا مرتبط بالعودة الى كنف هذه الدولة وإطلاق يد القوى الأمنية واحترام القرارات الدولية وفي الوقت نفسه الافساح في المجال امام الجهود الدبلوماسية المتفق عليها اثر اللقاء الرئاسي الثلاثي والذي عقد في وقت سابق في القصر الجمهوري. اما بالنسبة الى الملفات الداخلية، فهناك عودة الى المؤسسات وإلى معايير تم التفاهم عليها بين المعنيين ومشاركة الحزب في المجلس النيابي والحكومة حتى لا يعني ان وجهة نظره لن تطرح، انما الموضوع يخضع للأصول الواجب اتباعها. عندما يعقد اجتماع رئيس مجلس الوزراء مع وفد حزب الله تتضح الامور اكثر وتتظهر كميات المودة وقياسها قوة او ضعفا او ما بين بين . كارول سلوم – "أخبار اليوم" انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News