د. العتيبي يستعرض تاريخ اللغة والهوية قبل الإسلام
جاء هذا اللقاء ليس فقط لتقديم كتاب، بل لإحياء أسئلة كبرى عن الوجود العربي، وتكوّن الهوية، ونشأة اللغة، ومسيرة الكتابة في قلب الجزيرة قبل بزوغ الإسلام. وقدّم العتيبي عبر فصول الكتاب الستة رحلة علمية ممتدة، تمزج بين البحث التاريخي الصارم والرؤية الثقافية المستنيرة، في عمل يقع في 453 صفحة من التوثيق والتحليل والاستقراء.
وفي رحلة في عمق الجزيرة قبل الإسلام ابتدأ الكتاب بفصل تأصيلي يرسم الإطارين الزماني والمكاني لتاريخ الجزيرة العربية، متتبعاً تصورات الجغرافيين القدامى – من اليونان والرومان إلى الجغرافيين المسلمين – عن تقسيم الجزيرة، مروراً بأحوالها البيئية وتأثيرها على الإنسان في عصور ما قبل التاريخ.
وفي فصلٍ آخر اعتُبر غير مسبوق في الطرح، تناول العتيبي الخريطة اللغوية للجزيرة قبل الإسلام، مبرزاً تعددية اللهجات واللغات التي سكنت الرمال والجبال، من العربية الشمالية والجنوبية إلى النقوش التي دونت بلغات قديمة، شكّلت لاحقاً المهاد الذي نهضت عليه اللغة العربية الفصحى.
أما الكتابة، فتناولها المؤلف بوصفها شاهداً على الوعي، لا مجرد أداة توثيق. فتحدث في فصليه الثالث والرابع عن بدايات الخط العربي، وتطوره، والكتابات التي سبقت الإسلام، مستعرضاً قرابة عشرة نقوش، بينها نقش رقوش المكتشف في مدائن صالح (267م)، ونقش القاهرة (652م)، الذي يُعد أول نقش عربي في العصر الإسلامي، واستُخدم في الكتاب كمحطة انتقالية بين زمنين لا يفصل بينهما إلا الحرف والنبوة.
قدم عشرة نقوش بينها رقوش في مدائن صالح
وعلى اعتبار أن الكتابة كمُكوِّن اجتماعي والهوية كحصيلة حضارية
فقد انتقل العتيبي في الفصلين الأخيرين إلى أبعاد أعمق، حيث ناقش الكتابة كفعل اجتماعي في حياة العرب قبل الإسلام، وكيف لعبت دوراً في بنية المجتمع، ووسمت بعض القبائل والمناطق بخصوصية ثقافية. ليختم بالفصل السادس الذي
تناول فيه نشأة الهوية العربية قبل الإسلام، موضحاً كيف تخلّقت تلك الهوية من رحم اللغة والبيئة والكتابة، قبل أن يعززها الوحي ويؤطرها الإسلام.
بعدها فتح باب المداخلات ليستهلها الزميل عبدالله الحسني، مدير تحرير الشؤون الثقافية في جريدة الرياض ، الذي أثنى على الطرح العلمي الدقيق والمتوازن، قائلاً: هذا العمل أعاد الاعتبار لتاريخ الجزيرة العربية، ولكنه في الوقت ذاته لم يُقص أحدًا، بل قدّمه بطرح رصين وعقلاني يعكس وعياً حضارياً، فضلاً عن الدقة والأمانة العلمية والموضوعية، وأضاف الحسني: لقد أكد الدكتور العتيبي من خلال كتابه أن تقبّل الآخر ليس ضعفاً في الهوية بل تجليّاً لقوّتها، وهذا ما تنتهجه المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها، بانفتاحها على ثقافات متعددة دون تفريط في ثوابتها. بعدها، عبّرت الدكتورة ندى الشنار عن إعجابها بمحتوى الكتاب، قائلة: هذا الكتاب لا يروي التاريخ، بل يُعيد تشكيل الوعي به، ويمنح القارئ مفاتيح لفهم أعمق للهوية العربية. أما الكاتبة والإعلامية الدكتورة وسيلة محمود الحلبي، فقد باركت للمؤلف صدور هذا العمل النوعي، وأشادت بفوزه بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي، مشيرة إلى أن هذا الكتاب يجب أن يكون مرجعاً معرفياً للأجيال الصاعدة، لأنه لا يوثق الماضي فقط، بل يرسم جذور الحاضر.
وفي ختام الأمسية، تم تكريم الأستاذ الدكتور فهد بن مطلق العتيبي والدكتورة ندى الشنار بدرعين تذكاريين قدمهما الدكتور عبدالله الحيدري نيابة عن المشرف العام على قيصرية الكتاب تقديراً لمساهمتهما في إثراء الوعي الثقافي والمعرفي. كما تم التقاط الصور التذكارية.
تجدر الإشارة إلى أن الكتاب قد حظي باهتمام أكاديمي وثقافي واسع، وتم اعتماده ضمن مقررات مناهج اللغة العربية في وزارة التعليم، لما يمثله من قيمة علمية عالية وإضافة نوعية للمكتبة العربية في مجال الدراسات اللغوية والتاريخية للجزيرة العربية.
لقطة تذكارية عقب الأمسية

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مجلة سيدتي
منذ 2 ساعات
- مجلة سيدتي
الغطاء النباتي السعودي يزرع أكثر من 20 مليون شجرة في الرياض
يعمل مركز الغطاء النباتي السعودي على تنفيذ 40 مبادرة في منطقة الرياض بحلول عام 2100م، موزعة على 4 نطاقات رئيسة للتشجير؛ ما سيؤدي إلى زراعة نحو 1.4 مليار شجرة، وإعادة تأهيل نحو 12.8 مليون هكتارٍ من الأراضي. وأظهرت التحليلات توفر أراضٍ للمركز تقدر بـ 75 ألف هكتارٍ ضمن نطاق 10 كم من محطات المعالجة، و302 ألف هكتارٍ ضمن نطاق برنامج الاستمطار، في ظل الجهود الوطنية؛ لتعزيز الاستدامة البيئية، وتحقيق مستهدفات مبادرة "السعودية الخضراء". وأثمرت جهود التشجير التي يقودها المركز عن زراعة ما يقارب 20.3 مليون شجرة في منطقة الرياض، بالتعاون مع أكثر من 86 جهة من القطاعين الحكومي والخاص، ضمن مجموعة من المشاريع والمبادرات الهادفة إلى مكافحة التصحر، وتحسين جودة الحياة، وتعزيز التنوع الحيوي في المنطقة. زراعة 2 مليون شجرة ويسهم 13 مشروعًا تشجيريًا في منطقة الرياض ، في زراعة نحو 2 مليون شجرة و181,300 شجيرة، ضمن خطة متكاملة تعتمد على الدراسات البيئية والمسوحات الميدانية؛ لتحديد أنسب المواقع ل لتشجير ضمن النطاقات البيئية، والزراعية، والحضرية، والمواصلات، بما يعزز من الغطاء النباتي ويحقق مستهدفات الاستدامة. وتأتي هذه الجهود في سياق الدور المحوري الذي يقوم به المركز في حماية الغطاء النباتي وتنميته، من خلال تنفيذ مشاريع لإعادة التأهيل، والمراقبة البيئية، ومكافحة الاحتطاب، والإشراف على استثمار المراعي والمتنزهات، بما يحقق التوازن البيئي، ويسهم في تحسين جودة الحياة، مستندًا في خطته التنموية إلى مبادئ أساسية لضمان استدامة عمليات التشجير، مثل: حماية الغطاء النباتي القائم، واستخدام الموارد المائية المتجددة، واعتماد الأنواع النباتية المحلية، والحفاظ على التوازن البيئي، وتوظيف النماذج الجغرافية المناسبة، وإشراك أصحاب المصلحة والمجتمعات المحلية. تابعوا المزيد: نبذة عن مركز الغطاء النباتي يُذكر أن مركز الغطاء النباتي يهدف إلى تنمية مواقع الغطاء النباتي وحمايتها والرقابة عليها، وتأهيل المتدهور منها، والكشف عن التعديات عليها، ومكافحة قطع الأشجار، إضافة إلى الإشراف على إدارة المراعي، وحوكمة الرعي، وحماية الغابات والمتنزهات الوطنية واستثمارها، كما يدعم عبر مشروعاته المتنوعة جهود مكافحة التغيُّر المناخي، وتخفيض الانبعاثات الكربونية عالميًّا، مما يعزز التنمية "البيئية والاقتصادية" المستدامة؛ تحقيقًا لمستهدفات مبادرة السعودية الخضراء، ودعمًا لجودة الحياة للأجيال الحالية والمقبلة. يمكنكم متابعة آخر الأخبار عبر حساب سيدتي على منصة إكس


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
السعودية ثانيةً بين مجموعة «العشرين» في تطور تنظيمات الاتصالات والتقنية
حققت السعودية إنجازاً استثنائياً جديداً بحصولها على المركز الثاني على دول مجموعة العشرين في مؤشر تطور تنظيمات قطاع الاتصالات والتقنية (ICT Regulatory Tracker) الصادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات لعام 2024. ويأتي هذا الإنجاز تأكيداً على مدى تقدم تنظيمات قطاع الاتصالات والتقنية في المملكة وتعزيز الابتكار التنظيمي، وإرساء بنية تحتية رقمية متطورة، وتطبيق أدوات تنظيمية فعالة لسوق الاتصالات والتقنية، بالإضافة إلى التزامها بتوفير بيئة تنظيمية جاذبة ومحفزة للاستثمار ونمو الاقتصاد الرقمي مما يعزز من مكانة البلاد بوصفها قوة تنظيمية رائدة على المستوى الدولي. كما أوضحت هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية أن المؤشر يهدف إلى دعم صناع القرار والهيئات التنظيمية في مواكبة تطورات هذا القطاع الحيوي، حيث يقيس تطور البيئة التنظيمية لقطاع الاتصالات والتقنية في 194 دولة حول العالم ويرتكز على 50 معياراً موزعة على أربعة محاور رئيسية؛ هي: استقلالية الجهة التنظيمية، والصلاحيات التنظيمية، والإطار التنظيمي، وإطار المنافسة في القطاع. ويعد هذا الإنجاز امتداداً لعدد من النجاحات الدولية التي حققتها المملكة في قطاع الاتصالات والتقنية، حيث واصلت تعزيز مكانتها العالمية من خلال تحقيقها أعلى التصنيفات والمراكز المتقدمة، إذ حافظت على المركز الثاني بين دول مجموعة العشرين في مؤشر تنمية الاتصالات والتقنية عام 2024 لعاميين متتاليين. إضافة لتحقيقها المركز الثاني ضمن مجموعة العشرين في مؤشر البنية التحتية للاتصالات (TII) الصادر عن الأمم المتحدة. وفي المقابل، أعلنت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، الثلاثاء، حصول السعودية على «دولة العام» والمرتبة الأولى عالمياً في نمو منظومة الشركات التقنية الناشئة، وأن العاصمة الرياض الأسرع نمواً بين المدن العالمية، ضمن مؤشر «ستارت أب بلينك». وجاءت المملكة الأولى في تقنيات الرعاية الصحية، والثانية في تقنيات التأمين والاستثمار، وفي المرتبة الثانية أيضاً في تطبيقات التوصيل والخدمات اللوجيستية. وحصلت المملكة في المؤشر على المرتبة الثالثة في المدفوعات الرقمية، والخامسة في الألعاب الإلكترونية، إلى جانب تحقيقها المركز السابع عالمياً في تقنيات التعليم. وكانت الرياض أعلى معدل نمو عالمياً في منظومة الابتكار وريادة الأعمال، وجاءت في المرتبة الأولى في تقنيات النانو، وكذلك تقنيات النقل، وثانياً في تقنيات التمويل. يذكر أن الحكومة السعودية تسعى ضمن رؤية استراتيجية إلى تعظيم الأثر الاقتصادي للتقنية، حيث يساهم الاقتصاد الرقمي بأكثر من 495 مليار ريال (132 مليار دولار) في الناتج المحلي الإجمالي، بنسبة 15 في المائة، فيما يتجاوز حجم سوق الاتصالات وتقنية المعلومات 180 مليار ريال (48 مليار دولار) في عام 2024، وخلقت أكثر من 381 ألف وظيفة نوعية في قطاع التقنية. وشكّل تمكين المرأة أحد أبرز ملامح هذا التحول، حيث ارتفعت نسبة مشاركتها في القطاع من 7 في المائة عام 2018 إلى 35 في المائة اليوم، وهي الأعلى على مستوى المنطقة، متفوقة على متوسطات دول مجموعة العشرين والاتحاد الأوروبي، وفي مجال الحكومة الرقمية، كانت الرابعة عالمياً في مؤشر الخدمات الرقمية، والثانية ضمن دول مجموعة العشرين، والأولى إقليميّاً.


الرياض
منذ 2 ساعات
- الرياض
مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة يختتم مشاركته في المعرض الدولي للقطاع غير الربحي
اختتم مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة مشاركته العلمية في المعرض الدولي للقطاع غير الربحي في نسخته الثالثة، الذي أقيم تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز ال سعود، أمير منطقة الرياض، وبحضور معالي وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية المهندس أحمد بن سليمان الراجحي. وقد عكس حضور الجناح الاهتمام المتزايد بالمبادرات النوعية التي يقودها المركز، والتي تمثل نموذجًا متكاملاً في التصدي لقضايا الإعاقة عبر رؤية استراتيجية ترتكز على البحث والابتكار، وتطمح إلى تحقيق الريادة العالمية بنتائج علمية ذات جودة عالية وتأثير واسع. وتسعى هذه الجهود الطموحة إلى دفع عجلة التمكين والمشاركة الفاعلة لذوي الإعاقة، من خلال مسارات علمية متقدمة وشراكات محلية ودولية، يجمعها شعار المرحلة القادمة: "الجرأة نحو المستقبل". وشهد جناح المركز في المعرض إقبالاً واسعاً من المختصين والمهتمين، حيث أتيحت لهم الفرصة للاطلاع على المسيرة الحافلة والأنشطة الرائدة التي ينفذها المركز في مجالات البحث العلمي، والرعاية، والتأهيل، بهدف تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة وتحسين جودة حياتهم، وذلك تحت شعار "علم ينفع الناس". جدير بالذكر يشكل مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة منذ تأسيسه منصة علمية رائدة في دعم الأبحاث المتخصصة وتطوير الحلول المبتكرة باستخدام التقنيات العلمية الحديثة، لتحسين جودة حياة الأشخاص ذوي الإعاقة. ويعزز المركز التعاون مع جهات بحثية محلية ودولية، مع التركيز على التمكين والدمج وبناء مجتمع شامل ومستدام.