logo
الإلحاد العاطفي!!

الإلحاد العاطفي!!

أخبارنامنذ 3 أيام

من المتفق عليه بين العقلاء أنه لا يمكن علاج مرض من الأمراض إلا بعد معرفة أسبابه.
والإلحاد – في نظري – مرض يتسلط على النفس البشرية المتحررة من سلطان الوحي، فينخر طمأنينتها، وينشر في جنباتها ظلمة الشك والحيرة والاضطراب.
وقد قررتُ في مقالات سابقة بعض أدلة وجود الله تعالى، ومن ضمنها دليل الفطرة، الذي مضمونه أن الإقرار بوجود الخالق فطري في الإنسان، وأن إنكاره طارئ عليه، مخالف للأصل المستقر عنده. والخروجُ عن الأصل لا يكون إلا لسبب، يحتاج الباحث إلى معرفته.
ولذلك فإن من المطلوب البحث عن الأسباب الدفينة التي تجعل بعض الناس يتركون – اختيارا - سعةَ الإيمان، ويلقون أنفسهم في ضيق الإلحاد.
وإذا كان أكثر الملاحدة يُبرزون سبب إلحادهم في صورة الاستدلال العقلي المنضبط، ولا يكادون يعترفون – إلا قليلا – بالدوافع الذاتية العاطفية، فإن المتتبع والمـُحاور لا يخفى عليه الطابع المركب لسبب الإلحاد.
والغاية من هذا المقال: تسليط الضوء على أحد النوعين الكبيرين للإلحاد، وهو ما يمكن أن نسميه: ''الإلحاد العاطفي''، علما أن النوع الثاني – وهو الإلحاد العقلي – يحتاج إلى نقاشات واستدلالات، يضيق هذا المقال عن تتبعها.
والمقصود بالإلحاد العاطفي ما لا يكون مستندا إلى برهان (ولا إلى شبهة برهان) عقلي، وإنما إلى مجموعة من الانطباعات الشعورية، أو الانفعالات النفسية، المتعلقة بفهم الكون والحياة، أو بالنظرة إلى الدين وأثره في المجتمع، أو بالضعف الذاتي أمام التيار المادي الجارف، أو نحو ذلك.
ويمكن أن نصنف هذه التوجهات العاطفية إلى أنواع مختلفة، تؤدي جميعها إلى درك الإلحاد:
النوع الأول: صدمات الحياة
يتعرض كل إنسان إلى صدمات عنيفة خلال عمره، ويعاني من مشكلات كثيرة، وابتلاءات عظيمة. بل إن الحياة الدنيا لا يمكن أن تنفك عن هذه الابتلاءات التي تتميز فيها معادن الناس، وتظهر مواهبهم في التعامل مع الصعوبات، وصبرهم عند مغالبة العقبات.
ولكن طريقة تعامل الناس مع هذه المشكلات تتفاوت كثيرا. فترى المؤمن يفوض أمره إلى الله، ويعترف بقدر الله النافذ، وذلك بعد أن يتخذ الأسباب المادية المتاحة. وترى بعض المتحيرين الذين لم يتشربوا معاني الإيمان في قلوبهم، يتزعزعون عند وقوع هذه الصدمات، فيبادرون إلى الكفر بالله تعالى وإنكار وجوده، دون أن يسبق ذلك تدبر عقلي طويل، ولا استدلال منطقي محكم!
إن ضعف الشخصية، واضطراب الفكر، وقلة العلم، مهلكاتٌ تجتمع في نفوس هؤلاء، فتجعل الشعور غير الطبيعي بالسخط الذي يملأ النفس عند وقوع الابتلاء، يتطور من مجرد الاعتراض على أقدار الله إلى درجة إنكار وجود الله رأسا!
يبدأ الشخص بأسئلة - يظنها مشروعة – من قبيل:
• لِمَ يقع لي هذا مع أنني لست مستحقا له؟
• وعموما: كيف تقع هذه المشكلات لأناس غير مستحقين؟
• وإذا كان الإله موجودا وواسع الرحمة، فكيف يقبل وقوع هذا ''الظلم'' دون تدخل؟
وهكذا، تفتح هذه النفس المضطربة الحائرة باب الأسئلة، مع العجز التام عن تلمس الإجابات المقنعة عليها (1) ، بسبب القصور العلمي والفكري، حتى يصل الأمر بها إلى الشك في وجود الله أو إلى إنكار وجوده أصلا.
وبعد الوصول إلى الشك أو الإنكار، يحتاج الملحد إلى ستر الدافع العاطفي، وإظهار إلحاده بمظهر النتيجة المبرهن عليها، وذلك من طريقين:
الأول: الاستهزاء بالأديان عموما، وتلمس ما يظنه سقطات أو تناقضات في خطاب الوحي، مع الاستعلاء برأيه، وتعمد الإحالة على بعض المفكرين الماديين والفلاسفة الملحدين في الصغير والكبير، والاستهانة بالتراث الفقهي والمعارف الروحية الوجدانية.
وسبب ذلك كله أنه يرى في إسقاط الدين ومحاولة إطفاء نور الوحي، مسوغا نفسيا لتبرير ما استقر في قلبه من ظلمة الإلحاد.
والثاني: محاولة إيجاد أدنى مبرر علمي أو عقلي للإلحاد الذي تورط فيه بدافع عاطفي محض. ولذلك وجدنا كثيرا من هؤلاء يتلقفون شذرات متناثرة من النظريات العلمية غير المؤكدة، والمغالطات العقلية غير الصحيحة، ويقدمونها على انها سبب وقوعهم في الإلحاد. والحال أن هذه المبررات لا يخفى على العالم العاقل أنها لا ترقى إلى مرتبة الأدلة والبراهين، وإنما هي شبهات يتمسك بها من يتبع هواه.
النوع الثاني: نقائص المتدينين
من الأغلاط الشهيرة في عالم نقد الأفكار: الخلط بين كمال المبادئ والنقص الحاصل في تطبيقها، وتحميل الفكرة مساوئ من ينتسب إليها.
وهذه المغالطة لا يمكن أن تنتمي إلى المنهج العقلي السليم، وإنما هي من قبيل التأثر العاطفي بالتصرفات العملية، وتعميم الانطباع الحاصل على الفكرة من حيث هي.
ولذلك تجد بعض الناس يتتبعون أخطاء المتدينين، ويحملونها على الدين نفسه؛ ثم يقفزون من نقد الدين إلى إنكار وجود الله!
وأخطاء المتدينين هذه يمكن تصنيفها إلى نوعين:
نوع متعلق بالنقص البشري كالعجز والظلم والجهل والشهوة والكسل واتباع الهوى ونحو ذلك من النقائص التي لا يكاد الإنسان ينفك عنها إلا بمجاهدة ومصابرة.
ونوع متعلق بالخلل في تطبيق الدين، وذلك بفهم محرف، أو تأويل بعيد لنصوص الوحي، أو غير ذلك.
والنوعان معا موجودان في صفوف المتدينين، ولكن لا يلزم من ذلك أن يحسب على الدين أدنى خلل أو عيب من تصرفات المنتسبين إليه.
وعلى فرض ثبوت الخلل في دين معين، فلا يلزم من ذلك إنكار وجود الله، فهما أمران مختلفان. وإنما الواجب البحثُ عن الدين الحق الذي اصطفاه الله تعالى لعباده، وهو – لا شك – سالم من كل نقص، ومبرأ من كل عيب، وصالح لقيادة البشرية جمعاء.
النوع الثالث: الضعف عن تحمل الشرائع
كثير من الملاحدة – خاصة في عالمنا الإسلامي – لم تبدأ مسيرتهم نحو الإلحاد بتفكر عقلي أو بحث علمي في قضية وجود الله، وإنما وجدوا أنفسهم غير قادرين على تحمل التكاليف الشرعية، لأنهم لم يتربوا في المحاضن الإيمانية التي تربط هذه التكاليف بمصادرها الروحية ودلالاتها التربوية السامية، فصاروا ينظرون إليها نظرتهم إلى القوانين الملزمة، التي تحد آفاق الحرية الشخصية، وتمنع النفس من انطلاقها في فضاء شهواتها ونزواتها.
ولأنهم ضاقوا ذرعا بهذه التكاليف فإنهم التمسوا المخرج في التملص منها. ولا شك أن الإقرار بوجود الله مع رفض الالتزام بشرائعه، يوقعهم في حرج فكري بالغ الخطورة، ويجعلهم يعيشون تناقضا عقليا خانقا.
فهم يفرون إذن إلى الإلحاد من باب الاضطرار العاطفي لا الاستدلال العقلي، إذ لا يشك عاقل أن عدم الرضا بالتشريع منفك تماما عن إنكار وجود المشرع.
النوع الرابع: التأثر بالتطور المادي الغربي
ولا أظنني أبعد إن قلت إن هذا النوع هو الأكثر حضورا عند أهل الإلحاد في بلادنا!
وملخص القضية أن هؤلاء نظروا إلى التطور الحضاري الغربي نظرة إعجاب وانبهار، وقارنوا ذلك بحالة التخلف الحضاري الذي تعاني منه أمتنا، ثم التمسوا لذلك سببا، فكان أقرب ما يخطر ببالهم: أن الغربيين عزلوا الأديان، بل نحّوا فكرة الإله الخالق من أذهانهم، فانطلقوا نحو التقدم والتطور العلمي والتقني، وأن المسلمين بقوا متخلفين لأنهم ظلوا متمسكين بالإيمان بوجود الله!
ولا شك أن هذه حجة عاطفية إنشائية، لا تصمد أمام معاول النقد العقلي. ويكفي في هذه العجالة أن يقال: قد قامت حضارات كثيرة قبل الحضارة الغربية الحديثة، مع التمسك بالدين وفكرة وجود الإله؛ كما أن كثيرا من الدول الملحدة (كبقايا الدول الشيوعية مثلا) تعاني اليوم من أقصى درجات التخلف الحضاري!
ومما يدل على المكوّن العاطفي في هذا الاحتجاج: أنك تجد كثيرا من هؤلاء المحتجين يتأثرون حين يرون عالما من علماء الطبيعة الغربيين يخرج من الإلحاد إلى الإيمان، أكثر من تأثرهم بأي دليل عقلي أو علمي!
علاج الإلحاد العاطفي
إذا علم أن للإلحاد العاطفي أسبابا مختلفة، فإن علاجه لا يكون إلا بعد معرفة نوعه، وحصر سببه.
فإذا كان الإلحاد راجعا إلى صدمة حياتية، فالواجب قطع مادة الأسئلة الشكية التي آلت به إلى الإلحاد، وبيان عظيم فضل الله على هذا الملحد في أمور كثيرة تتضاءل معها المصيبة الواقعة عليه، وشرح التكامل بين النعم والمصائب وأن ما يظنه الملحد شرا قد يكون في طياته خير كثير مستتر، وما أشبه ذلك من الأجوبة.
وإذا كان الإلحاد راجعا إلى قصور المتدينين وسوء أفعالهم، فالمتعين شرح وجوب فك الارتباط بين صحة النظرية وسوء التطبيق – كما سبق بيانه. كما يمكن بيان كون النقص حاصلا في الملحدين أيضا، بل بدرجة أكبر بكثير مما هو الحال في المتدينين، على اعتبار نسبية القيم المنعزلة عن الدين؛ فالإلحاد في هذه الحالة إذن هروب من مشكلة مظنونة إلى مشكلة متيقنة!
وإذا كان الإلحاد راجعا إلى الضعف عن القيام بالشرائع، فالواجب التوجه إلى الملحد بخطاب وعظي، يوضح فوائد الاستقامة على العبادات والالتزام بأحكام الشريعة، ومفاسد التحلل من الشرائع.
وإذا كان سبب الإلحاد ملاحظة التطور المادي الغربي، فالجواب ينبغي أن يكون فكريا متضمنا لرصد أسباب التطور الحضاري للغرب والتخلف المقابل في أمة الإسلام، وأن الأمر راجع لأسباب كثيرة مركبة، لا ارتباط لها بفكرة وجود الإله!
وعلى العموم، فإن هذا النوع من الملاحدة يحتاج إلى:الوعظ وترقيق القلب، مع بيان الوجه المشرق للدين، ولا تجدي معه المناقشة العقلية فإنها لا تلاقي لديه استعدادا، بل قد تنبهه على شبهات عقلية لم تخطر على باله.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

يوم عرفة.. طريقة الاستعداد وأفضل الأعمال والأدعية المستحبة
يوم عرفة.. طريقة الاستعداد وأفضل الأعمال والأدعية المستحبة

مصرس

timeمنذ 32 دقائق

  • مصرس

يوم عرفة.. طريقة الاستعداد وأفضل الأعمال والأدعية المستحبة

يُعد يوم عرفة من أعظم أيام العام، وهو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، الذي يقف فيه الحجاج على جبل عرفة ويُعد الركن الأعظم من أركان الحج. أما لغير الحجاج، فهو فرصة عظيمة للتوبة والطاعة ومضاعفة الأجر، وينتظره المسلمون في كل مكان لفضل أعماله وأثره الكبير في تغيير الحياة الروحية. وإليك طريقة الاستعداد ليوم عرفة، وأفضل الأعمال التي يُستحب الإكثار منها في هذا اليوم الجليل، كالتالي:الاستعداد النفسي والقلبيالنية الصادقة، ابدأ يومك بتجديد النية في اغتنام هذا اليوم لوجه الله تعالى، والتوبة الصادقة، استغل ليلة عرفة في التوبة والرجوع إلى الله، وترك المعاصي، والصفاء النفسي، سامح من أساء إليك، واطلب السماح ممن أسأت إليهم.أفضل الأعمال في يوم عرفة1- الصيامصيام هذا اليوم يُعد من أعظم القربات لغير الحاج، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يُكفّر السنة التي قبله والسنة التي بعده" (رواه مسلم).2- الدعاءيوم عرفة هو أعظم يوم يُستجاب فيه الدعاء، كما قال صلى الله عليه وسلم: "خير الدعاء دعاء يوم عرفة"، ومن الأدعية المستحبة "اللهم اجعلني من عتقائك من النار، واغفر لي ولأهلي والمسلمين أجمعين".3- التكبير والتهليل والتحميدأكثر من قول "الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد"، "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير".4- قراءة القرآناجعل لك وردًا من القرآن في هذا اليوم، خاصة في الساعات الأخيرة قبل المغرب.5- الصدقةتصدق ولو بالقليل، ففضل الصدقة في هذا اليوم عظيم، وهي من أسباب رفع البلاء وغفران الذنوب.6- صلة الرحمتواصل مع أهلك وأقاربك، أو حتى برسالة، بنية الأجر في هذا اليوم المبارك.

نقلوني عشان سافرت الحج.. الشيخ محمد أبو بكر يعلق على قرار نقله للوادي الجديد
نقلوني عشان سافرت الحج.. الشيخ محمد أبو بكر يعلق على قرار نقله للوادي الجديد

مصرس

timeمنذ 32 دقائق

  • مصرس

نقلوني عشان سافرت الحج.. الشيخ محمد أبو بكر يعلق على قرار نقله للوادي الجديد

علق الشيخ محمد أبو بكر، إمام مسجد الفتح برمسيس، على قرار وزير الأوقاف بنقله للعمل إمامًا بمحافظة الوادي الجديد. وقال أبو بكر، عبر صفحته على "فيسبوك": "وداعًا أيها الجامع العريق، دخلتُ جامع الفتح شاكيًا، وكنت أرغب البقاءَ في جامع الناصر صلاح الدين بالمنيل، فأحياني الله فيه، وها أنا أودّعه باكيًا".وتابع إمام مسجد الفتح برمسيس: "قرار نقلي من إمامة هذا الصرح العظيم إلى محافظة الوادي الجديد جاء فقط لأنني سافرت لأداء فريضة الحج؛ رغم أنني قدمت ما يفيد كوني محرمًا لزوجتي التي تؤدي الفريضة هذا العام".وأوضح أبو بكر: "لما بلغت بالنقل لجامع الفتح كنت مهمومًا حزينًا، فقالت لي زوجتي، حفظها الله، لعل الله يفتح بك ويعيد لهذا الصرح سابق عهده، ولم تمر إلا أيام معدودات وصار يومُ الجمعة، الذي أكون فيه خطيبًا، حدثًا مشهودًا من الجماهير التي كانت تأتي من الصباح الباكر من شتى المحافظات، رغم أن الشائع أن هذا المسجد ليس له جمهور ثابت، لأنه يقع في ميدان رمسيس، والعجيب أنه صار له جمهور ثابت في فترة وجيزة؛ لدرجة أنني كنت أشفق على رجال الأمن من صعوبة الأمر نظرًا للأعداد الغفيرة... فضلًا عن الدروس اليومية التي كنت أتعجب من حرص الكثير على حضورها والالتزام بها؛ ما فارقتك يومًا طوعًا، بل أقصاني القدر، وأنا على يقين أن الله لا يُضيع مَن أخلص له النية، وأخلص العمل".وتابع أبو بكر: "سيبقى جامع الفتح في قلبي، وسيبقى أهله وأحبابه ودعاؤهم لي زادي في الطريق، اللهم اجعل ما قدمته خالصًا لوجهك، مقبولًا عندك، مباركًا في الأثر، واجعل لي في كل مسجدٍ نصيبًا من الدعوة والخير".وقال إمام مسجد الفتح برمسيس: "وأنا لا أرى النقل لمحافظة الوادي الجديد عقوبةً، وإنما منحة إلهية، وإن كنت لا أفهم الحكمة فيها؛ ولكن حسبي قول ربي (والله يعلم وأنتم لا تعلمون)، وقول ربي (وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ۚ وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ)، ولعلها المنجية لي بين يدي ربي، أن أقف بين يديه فأقول له وهو أعلم تركت أهلي وأولادي وأبعدت عن إقامتي؛ لأنني حججت بيتك الحرام، وكنت مشتاقًا لسيدنا النبي العدنان، رغم أنني حصلت على إجازة رسمية من جهة العمل، ورغم تقديمي لكل ما يفيد صحة كلامي وموقفي وفقًا للوائح والقوانين، ورغم أن قرار المنع صدر قبل موعد سفري بيومين فقط، والتزامًا مني أخرت موعد الطائرة دون جدوى ولا فائدة".واختتم أبو بكر: "وداعًا أيها الصرح العريق الذي أحسب أني لم أقصر في حقك يومًا؛ لا عملًا دعويًّا ولا عملًا إداريًّا وتنظيميًّا ولا عملًا على مستوى النظافة والصيانة التي كنت أنفق فيها من مالي الخاص ومن قوت أولادي.. فإن لم نلتقِ فيك، فلنلتقِ في جنان الخلد بإذن الله"، مضيفًا: "وشكر الله لكل من ساعدني في هذا المكان العريق من الأجهزة الأمنية والتنظيمية المختلفة، وشكر الله لجمهوري الغالي الذي مهما أبعدت فلن أبعد عنهم وأرى دومًا دعواتهم تغمرني وتحيط بي" .يأتي ذلك بعد قرار الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف، بمعاقبة عدد من الأئمة بالنقل إلى محافظات نائية، بعد مخالفتهم التعليمات والسفر لأداء الحج.

رسالة مؤثرة من الشيخ محمد أبوبكر بعد قرار الأوقاف بنقله إلى الوادي الجديد
رسالة مؤثرة من الشيخ محمد أبوبكر بعد قرار الأوقاف بنقله إلى الوادي الجديد

مصراوي

timeمنذ 39 دقائق

  • مصراوي

رسالة مؤثرة من الشيخ محمد أبوبكر بعد قرار الأوقاف بنقله إلى الوادي الجديد

وجه الشيخ محمد أبوبكر، الداعية بالأوقاف، رسالة مؤثرة لمتابعيه بعد قرار وزارة الأوقاف بنقله خطيبا بمحافظة الوادي الجديد، وذلك بعد توجه الداعية إلى أداء مناسك الحج دون موافقة الوزارة. وفي رسالته برر الداعية الإسلامي سفره إلى الحج محرما مع زوجته التي توجه برفقتها إلى الأراضي المقدسة، قائلًا في رسالته، التي نشرها عبر صفحته الرسمية على فيسبوك: (وداعًا أيها الجامع العريق.. دخلتُ جامع الفتح شاكياً، وكنت أرغب البقاء فى جامع الناصر صلاح الدين بالمنيل فأحياني الله فيه، وها أنا أودّعه باكيًا… قرار نقلي من إمامة هذا الصرح العظيم إلى محافظة الوادى الجديد جاء فقط لأنني سافرت لأداء فريضة الحج رغم أننى قدمت ما يفيد بكونى محرم لزوجتى التى تؤدى الفريضة هذا العام. لما بلغت بالنقل لجامع الفتح كنت مهموماً حزيناً فقالت لى زوجتى حفظها الله لعل الله يفتح بك ويعيد لهذا الصرح سابق عهده، ولم تمر إلا أياماً معدودات وصار يوم الجمعة التى أكون فيها خطيباً حدثاً مشهوداً من الجماهير التى كانت تأتى من الصباح الباكر من شتى المحافظات ، رغم أن الشائع أن هذا المسجد ليس له جمهور ثابت لأنه يقع فى ميدان رمسيس والعجيب أنه صار له جمهور ثابت فى فترة وجيزة لدرجة أننى كنت أشفق على رجال الأمن من صعوبة الأمر نظراً للأعداد الغفيرة … هذا فضلاً عن الدروس اليومية التى كنت أتعجب من حرص الكثير على حضورها والالتزام بها… ما فارقتك يومًا طوعًا، بل أقصاني القدر، وأنا على يقين أن الله لا يُضيع من أخلص له النية، وأخلص العمل. سيبقى جامع الفتح في قلبي، وسيبقى أهله وأحبابه ودعاؤهم لي زادي في الطريق… اللهم اجعل ما قدمته خالصًا لوجهك، مقبولًا عندك، مباركًا في الأثر، واجعل لي في كل مسجدٍ نصيبًا من الدعوة والخير. وأنا لا أرى النقل لمحافظة الوادى الجديد عقوبة وإنما منحة إلهية وإن كنت لا أفهم الحكمة فيها ولكن حسبى قول ربى (والله يعلم وأنتم لا تعلمون)، وقول ربى (ومن يهاجر فى سبيل الله يجد فى الأرض مراغماً كثيراً وسعة ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله)، ولعلها المنجية لى بين يدى ربى أن أقف بين يديه فأقول له وهو أعلم تركت أهلى وأولادى وأبعدت عن إقامتى لأننى حججت بيتك الحرام وكنت مشتاق لسيدنا النبى العدنان رغم أننى حصلت على أجازة رسمية من جهة العمل ورغم تقديمى لكل ما يفيد بصحة كلامى وموقفي وفقاً للوائح والقوانين ورغم أن قرار المنع صدر قبل موعد سفرى بيومين فقط والتزاماً منى أخرت موعد الطائرة دون جدوى ولا فائدة… وداعًا أيها الصرح العريق الذى أحسب أنى لم أقصر فى حقك يوماً لا عملاً دعوياً ولا عملاً إدارياً وتنظيمياً ولا عملاً على مستوى النظافة والصيانة التى كنت أنفق فيها من مالى الخاص ومن قوت أولادى … فإن لم نلتقِ فيك، فلنلتقِ في جنان الخلد بإذن الله… وشكر الله لكل من ساعدنى فى هذا المكان العريق من الأجهزة الأمنية والتنظيمية المختلفة وشكر الله لجمهوري الغالى الذى مهما أبعدت فلن أبعد عنهم وأرى دوماً دعواتهم تغمرني وتحيط بى). وكان الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، أصدر مؤخرا قرارًا بنقل عدد من كبار الأئمة بالوزارة، بسبب مخالفتهم قرار الوزارة الأخير الذي نصّ على منع السفر للخارج لأداء فريضة الحج إلا بعد استكمال الإجراءات القانونية والحصول على موافقة الجهات المختصة. وأوضحت المصادر أن من بين الأئمة الذين صدر قرار بنقلهم الدكتور يسري عزام، والدكتور محمد أبو بكر، والدكتور أسامة قابيل، بالإضافة إلى الشيخ محمد الدومي، حيث تم نقلهم إلى محافظتي أسوان والوادي الجديد، إضافة إلى محافظات أخرى. يأتي هذا القرار في إطار حرص وزارة الأوقاف على الالتزام بالتعليمات الصادرة، والحفاظ على الانضباط داخل الوزارة، وتعزيز احترام القوانين المنظمة للسفر الرسمي لأداء مناسك الحج. اقرأ أيضًا:

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store