الأزعر المدعوم .. وحكاية حيّ يبحث عن سيادته
أدرك الناس سريعاً.. أن هذا الأزعر.. ليس إلا أداة صغيرة بيد قوة أكبر.. وأن مركز الشرطة.. هو مَن أوجده وحماه.. فصار الاعتراض عليه.. جريمة يعاقب عليها القانون.. وصارت السيادة التي طالما افتخروا بها.. مجرد كلمات في أحاديث السمر.. لا تجد لها مكاناً في الواقع..
ومع مرور الأيام.. تنوعت مواقف أرباب الأسر.. بعضهم حاول أن يواجهه بشجاعة.. فانتهى مكسوراً مطحوناً.. وبعضهم أدرك.. أن المشكلة ليست في الأزعر ذاته.. وإنما في صاحبه الخفي.. الذي يقف وراءه ويدعمه.. فتعامل معه بالسياسة والمراوغة.. علّه يحفظ كرامته.. ويحمي بيته من الخراب..
لكن المعضلة.. لم تكن في رجال الحيّ فقط.. بل في البيوت.. التي لم تدرك حجم المعركة.. فأبناء الحيّ ونساؤه.. كانوا يطالبون رجالهم بالوقوف في وجه الأزعر وإسقاطه.. معتبرين أن الأب.. لا يخشى خصماً مهما بلغت قوته.. غير مدركين أن مواجهة الأزعر.. تعني مواجهة صاحبه الخفي.. ذاك الديناصور الجاثم خلف أسوار المركز.. الذي لا يُرى بالعين إلا اذا جد الجِد.. لكن الجميع يشعر بوطأته الثقيلة فوق صدورهم..
وهكذا غدا الأزعر جزءاً من حياة الحي.. لا لأنهم رضوا به.. بل لأنهم أيقنوا أن التخلص منه ليس بالأمر اليسير كما تتصور نساء الحيّ وأطفاله.. وصارت خطب الساحات مجرد رفعٍ للمعنويات.. بينما الحقيقة.. تُختصر في ظل القوة الخفية.. التي نصّبته قوةً لا تُقهر..
غير أن الفجر لا يولد بالتمنيات.. ولا يشرق بالخطابات.. وإنما بالفعل الجاد.. حين يتفق أهل الحيّ على كلمة سواء.. ويعودون إلى ثوابتهم.. فيدركون أن قوتهم الحقيقية في وحدتهم.. وأن الأزعر لن يرحل.. إلا إذا وقفوا صفاً واحداً.. متحدي القلوب والنيات.. لا بالأحلام والامنيات.. بل بالفعل الذي يصنع التغيير.. عندها سيعود الأطفال إلى اللعب في الأزقة بلا خوف.. وستُفتح أبواب البيوت دون رهبة.. وسيسير الآباء برؤوسهم المرفوعة بالكرامة.. ويكتب للحي فجره الجديد..

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوكيل
منذ 20 دقائق
- الوكيل
تحطم مروحية عسكرية يودي بحياة وزيري الدفاع والبيئة في...
الوكيل الإخباري- اضافة اعلان أعلنت السلطات الغانية اليوم الأربعاء، مصرع عدد من المسؤولين، بينهم وزيرا الدفاع والبيئة، وذلك إثر تحطم مروحية تابعة للقوات المسلحة في إقليم أشانتي جنوب البلاد.وأفادت مواقع إخبارية، نقلاً عن مدير مكتب رئيس جمهورية غانا جوليوس ديبراه، أن الحادث وقع في إقليم أشانتي، حيث كان وزيرا الدفاع إدوارد أومان بواماه ووزير البيئة والعلوم والتكنولوجيا الغاني إبراهيم مورتالا محمد على متن مروحية تابعة للقوات المسلحة الغانية كانت تقل عدداً من كبار المسؤولين الحكوميين.وأعلن رئيس الأركان جوليوس ديبراه وفاتهم في مؤتمر صحفي، قائلاً: "من واجبي المحزن أن أعلن هذه المأساة الوطنية التي حلّت ببلادنا هذا الصباح".وذكر رئيس الأركان أن الطائرة كانت تقل على متنها أيضاً نائب منسق الأمن الوطني بالإنابة منيرو محمد ليمونا، وقائد السرب بيتر بافيمي أنالا، وضابط الطيران تووم أمبادو، وصموئيل ساربونج نائب رئيس مجلس إدارة NDC، وصامويل أبواجي وهو مرشح برلماني سابق، والرقيب إرنست أدو مينساه، مؤكداً أن الجميع لقوا مصرعهم جراء الحادث.وأعلن رئيس الأركان أن "الحكومة تُعرب عن تعازيها لأسر الضحايا الذين سقطوا في خدمة الوطن، وستُنكّس جميع الأعلام حتى إشعار آخر".وأعلنت القوات المسلحة الغانية في بيان اختفاء إحدى المروحيات من طراز GAF Z9 التابعة لها أثناء توجهها إلى منطقة أشانتي.وذكر البيان، أن "المروحية أقلعت صباح الأربعاء في الساعة 9:12 صباحاً من أكرا، لكنها الآن خارج الرادار"، مضيفاً: "نحن نفعل كل ما في وسعنا لإقامة اتصال مع المروحية في هذا الوقت".وأفاد شهود عيان أن طائرة مروحية تحطمت في منطقة أدانسي أمروفوم صباح الأربعاء في مدينة أوبواسي بإقليم أشانتي، مؤكدين أن الطائرة احترقت لدرجة أنه لم يعد من الممكن التعرف عليها.ولم تصدر السلطات أي معلومات حول الأسباب الأولية لتحطم الطائرة حتى الآن، فيما تتواصل التحقيقات لكشف ملابسات الحادث.

سرايا الإخبارية
منذ 44 دقائق
- سرايا الإخبارية
9 آلاف ونصف جريمة إطلاق أعيرة نارية منذ 2020 .. 1730 منها خلال 2024
سرايا - في لحظات الفرح التي يفترض أن تُخلّد بالابتسامة والزغاريد، تختلط التهاني، أحيانا، بأصوات الرصاص، لتتحول مناسبات النجاح إلى مشاهد حزن ومآسٍ لا مبرر لها. فما إن تُعلن نتائج الثانوية العامة، حتى تعود ظاهرة إطلاق العيارات النارية لتسرق أرواح الأبرياء وتُهدد أمن المجتمع، في مشهد يتكرر كل عام رغم التحذيرات والمآسي المسجلة. تشير إدارة المعلومات الجنائية، التابعة لمديرية الأمن العام وفقا لإحصائية مقارنة الجرائم المرتكبة في المملكة الأردنية الهاشمية منذ عام 2020 وحتى 2024، إلى أنه سُجّل نحو 9 آلاف و473 جريمة إطلاق للعيارات النارية، إذ بلغ العام الماضي لوحده نحو 1730 جريمة إطلاق العيارات النارية. وتتشدَّد النيابة العامة كل عام بإجراءاتها في وقف ومنع إطلاق العيارات النارية خلال الأفراح ومنها نتائج الثانوية العامة، وتلاحق الأشخاص الذين يقومون بذلك، وتودعهم إلى القضاء، ووفق إجراءت مشددة بعدم تكفيلهم والإفراج عنهم حتى يصدر الحكم القضائي بحقهم. معنيون دعوا، في أحاديثهم إلى تكثيف حملات التوعية بمخاطر إطلاق العيارات النارية، مؤكدين أن الفرح بالنجاح يجب أن يكون ضمن إطار حضاري يحترم حقوق الآخرين ولا يعرض حياتهم للخطر. كما طالبوا الأهالي والمجتمع بتحمل مسؤولياتهم في منع هذه الظاهرة، والاحتفاء بالنجاح بطرق آمنة تعكس الوعي والمسؤولية المجتمعية. من جانبها، تستمر وزارة الداخلية في حملتها الإلكترونية الخاصة بالتوقيع على وثيقة منع إطلاق العيارات النارية الإلكترونية، والتي أطلقتها الوزارة في وقت سابق لإشراك المواطنين في ضبط إطلاق العيارات النارية في المناسبات، حيث تمكن المواطنين على اختلاف مواقع سكناهم وإقامتهم وتواجدهم من الدخول إلكترونيا والتوقيع كذلك إلكترونيا على الالتزام ببنود الوثيقة خدمة لاعتبارات المصلحة العامة. ويهدف هذا الإجراء إلى زيادة الوعي وحماية المجتمع، مشيرة الوزارة إلى إمكانية الوصول إلى الوثيقة عبر الرابط التالي: أستاذ علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية المشارك في جامعة البلقاء التطبيقية، الدكتور يوسف محمد الشرمان، قال تعد ظاهرة إطلاق العيارات النارية من الظواهر القديمة والحديثة التي عرفتها معظم المجتمعات، ومنها مجتمعنا الأردني، وقد ارتبطت هذه الظاهرة بمدلول تراثي يشير إلى المباهاة والمفاخرة والاستعراض أمام الآخرين بنوع من الاستهلاك التفاخري غير المرغوب فعليّا. وأضاف أن المتتبع لما خلّفته ظاهرة إطلاق العيارات النارية بالمناسبات المختلفة بالأردن يدرك الآثار السلبية التي وقعت على أبناء المجتمع جراء ذلك، سواء من ترويع الآمنين أو حتى إلحاق الأذى بالبعض، لا بل وربما ارتكاب جريمة ذهب ضحيتها شخص بريء جاء لمشاركة الفرح وهو لا يعلم أن طيش الغير سيحول جسده إلى أشلاء، وتظهر السجلات الإحصائية لسنوات مضت أعداد المتضررين (المصابين بأذى والوفيات)، إضافة إلى الأضرار النفسية على ذويهم ومن حضر وشاهد، فكم فقدنا من أبناء مجتمعنا في ساعة طيش استعرض بها أحدهم سلاحه، فقتل من قتل، وحوّل الفرح إلى أسى وحزن ومأساة. وتابع: كم من جريمة ارتكبت بسبب رعونة أحدهم، وكم من عائلة تعرضت للجلوة العشائرية، وتشتت شملها بسبب شاب طائش، وكم من أنسباء تحولوا إلى أعداء نتيجة هذا الأمر، وكم من مجتمع محليّ في قرية وادعة أو في حيّ آمن من مدينة آمنة تعرض أمنه وسلمه المجتمعي إلى حالة من عدم الاستقرار تبعها اعتداءات على الممتلكات الخاصة، وربما تجاوز ذلك الاعتداء، فألحق الأضرار بالممتلكات العامة، وأقلق الأجهزة الأمنية نتيجة لمثل هذه الأفعال غير المبررة، وفي نهاية المطاف فإن المجتمع هو الخاسر الأكبر من جراء إطلاق العيارات النارية، إذ انه يدفع فاتورة هذه الظاهرة من دماء أبنائه الأبرياء. الباحث الاقتصادي، عامر الشوبكي، قال لـ"بترا"، إن إطلاق العيارات النارية في الاحتفالات والمناسبات ما زال يُشكّل ظاهرة خطيرة تهدد الأرواح، وتستهلك موارد الوطن بلا أي مردود، فالتكلفة لطلقة واحدة لبعض أنواع الذخائر قد تصل إلى نحو دينارين أردني، مما يعني أن أي احتفال يمكن أن يتجاوز بسهولة 100 إلى ألف دينار فقط في الذخيرة وأحيانا أكثر من ذلك، إذا ما أُخذ بالحسبان أن 20 بالمئة من الأسر في المناسبات الكبرى قد تلجأ إلى هذه العادة. لكن الأهم من ذلك هو الأثر الكارثي اجتماعيا، فهذه الممارسات تزرع الخوف والرعب في نفوس المواطنين، خاصة في فصل الصيف، حيث يقضي الناس أوقاتهم في الأماكن المكشوفة والأسطح والحدائق، مما يعرضهم لمخاطر حقيقية، ويحوّل لحظات الفرح إلى قلق دائم من الإصابة أو فقدان أحد الأحبة. وبين أن الأرقام الحديثة تعكس حجم هذه الكارثة. في السنوات الخمس من 2019 وحتى نهاية 2023، سُجلت 7 وفيات ناتجة عن إطلاق العيارات النارية في المناسبات، وقد تمكّنت الأجهزة الأمنية من كشف جميع هذه الجرائم بنسبة 100 بالمئة؛ بفضل الجهود الاحترافية والقدرات الفنية العالية لدى الأمن العام، لكن عدد الإصابات والوفيات كانت كبيرة وإضعاف هذه الأرقام فيما قبل 2019. وهذه النسبة مؤخرا تعكس التقدّم في الأداء الأمني واستجابة المواطنين المتزايدة للبلاغات والتعاون مع الجهات المختصة، لكنها أيضاً تؤكد أن الظاهرة ما تزال قائمة، والطموح الوطني هو الوصول إلى "تصفير" عدد الإصابات والوفيات في المرحلة المقبلة، بحسب الشوبكي. وعزا أحد وجهاء العشائر الأردنية، فايز الخرابشة، لـ"بترا"، أسباب اللجوء إلى إطلاق العيارات النارية إلى عدة عوامل، منها أن يكون الشخص مدفوعاً بانفعاله الشديد في مناسبات الفرح، حيث يعتقد أن إطلاق العيارات النارية يزيد من شعوره بالفرحة التي لا تكتمل إلا بذلك الأمر. وبين أن من أهداف إطلاق النار في هذه المناسبات يكون، لدى البعض، من باب رد الجميل، حيث يعبّر الشخص عن مجاملة لمضيف الحفل الذي قد يكون قد قام سابقاً بإطلاق النار في مناسبات مشابهة. ولفت إلى المخاطر النفسية والخسائر المادية الملحوظة، فالفرد الذي يقوم بإطلاق النار، باستخدامه خاصة أسلحة الرشاشة الأتوماتيكية، يتكبد تكاليف مرتفعة، قد تصل إلى مئات أو آلاف الدنانير في بعض الحالات بحسب طبيعة المناسبة، وهو ما يمثل عبئاً مالياً كبيراً على مستوى الفرد والمجتمع. الأستاذ المشارك من قسم علم النفس التربوي في جامعة الطفيلة، الدكتور جهاد الترك، أشار إلى أن إطلاق النار في المناسبات الاجتماعية هو سلوك اجتماعي منتشر في العديد من المجتمعات، موضحا أن تداخل هذا السلوك مع الأسباب الثقافية والاجتماعية والنفسية، يجعله موضوعاً معقداً ومثيراً للجدل. وبين أن من الأسباب النفسية لإطلاق العيارات النارية، هو الشعور بالانتماء، حيث يشارك الأفراد في إطلاق النار ليشعروا بالانتماء إلى المجموعة، وليؤكدوا أنهم جزء منها، كما يكون إطلاق النار طريقة للتعبير عن الذات والشخصية، حيث يرى البعض أن إطلاق النار يعطيهم إحساساً بالقوة، والرجولة، والسيطرة، ويعتبرها آخرون وسيلة لجذب الانتباه إليهم في المناسبات، وبذلك يكونوا محور الحديث. وعن أسباب استمرار هذه الظاهرة، لفت الترك إلى أن البعض يراها من العادات والتقاليد باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الاحتفال، ولا يمكن الاستغناء عنه، فضلا عن الجهل بالمخاطر، حيث يجهل كثيرون المخاطر الحقيقية لإطلاق العيارات النارية، ويعتبرونها مجرد وسيلة للتعبير عن الفرح، فضلا عن عدم وجود وعي كافٍ بمخاطر هذه الظاهرة، ولا يعرف الناس بالقوانين التي تحظرها. أستاذ القانون الدستوري في الجامعة الأردنية، الدكتور ليث نصراوين، قال: "عالج المشرّع الأردني ظاهرة إطلاق العيارات النارية من خلال عدة تشريعات وطنية، أهمها قانون العقوبات الذي جرى تعديله في عام 2017 بإضافة حكم مكرر للمادة (330) منه تنص على معاقبة كل من يطلق عيارا ناريا دون داع أو سهما ناريا أو استعمل مادة مفرقعة دون موافقة مسبقة بالحبس مدة 3 أشهر أو بغرامة مقدارها 1000 دينار أو بكلتا العقوبتين، مع مصادرة ما تم استخدامه من سلاح، ولو كان مرخصا، وأي سهم ناري ومادة مفرقعة". وأضاف: تكون العقوبة بالحبس مدة لا تقل عن سنة إذا نجم عن الفعل إيذاء إنسان، والأشغال المؤقتة إذا نجم عن الفعل أي عاهة دائمة أو إجهاض امرأة حامل، والأشغال المؤقتة مدة لا تقل عن 10 سنوات إذا نجم عن الفعل وفاة إنسان. وتضاعف هذه العقوبات في حال التكرار أو تعدد المجني عليهم. وبين نصراوين أن قانون الأسلحة والذخائر رقم 5 لسنة 1952 وتعديلاته يعاقب على جرم إطلاق النار من سلاح غير مرخّص، حيث تنص المادة (11) منه بالقول: "يعاقب بالحبس مدة 3 أشهر أو بغرامة قدرها 1000 دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين كل من أطلق عيارا ناريا دون داع أو استعمل مادة مفرقعة دون موافقة مسبقة، ويصادر السلاح المستخدم سواء كان مرخصا أو غير مرخص". ولفت إلى أن من التحديات التي تواجه التطبيق الكامل للنصوص المجرمة لإطلاق العيارات النارية وجود اعتقاد سائد لدى الأشخاص أن الإطلاق "عادة اجتماعية" لا يُعاقب عليها القانون، ووجود نقص في حملات التوعية القانونية في المناطق التي تنتشر فيها هذه الممارسات، ناهيك عن ظاهرة انتشار الأسلحة بشكل غير مقبول بين أيدي الأردنيين. وأشار نصرواين إلى أن الأساس التشريعي في التعامل مع الأسلحة والذخائر يجب أن يكون حظر الترخيص بحملها كقاعدة عامة، مع تقرير استثناءات معينة لأشخاص مدنيين يجوز أن يحملوا السلاح، كالعاملين في شركات الحماية والحراسة الخاصة، وأن يقتصر الترخيص على السلاح العادي دون الأوتوماتيكي. مفوضة الحماية في المركز الوطني لحقوق الإنسان، الدكتورة نهلا المومني، قالت: إن إطلاق العيارات النارية في المناسبات المختلفة يشكّل انتهاكًا واضحًا لعدد من حقوق الإنسان الأساسية، وفي مقدمتها الحق في الحياة، والحق في السلامة الجسدية، والحق في الأمان الشخصي، إضافة إلى الحق في أن يسود النظام العام الاستقرار والطمأنينة داخل الدولة. وانطلاقًا من هذه المبادئ، جاءت التشريعات الوطنية، وعلى رأسها الدستور الأردني، لتؤكد على كفالة الحق في الأمان الشخصي، وتعتبر أي اعتداء على حقوق الأفراد جريمة يُعاقب عليها القانون، وفقا للمومني. ولفتت إلى أن المشرّع الأردني جرّم إطلاق العيارات النارية في المناسبات، وذلك بموجب قانون العقوبات الأردني، حيث يعاقب كل من أقدم على إطلاق عيارات نارية دون داعٍ في الأماكن المأهولة أو المناسبات العامة بالحبس وبغرامة مالية وتشدد العقوبة إذا نتج عن الفعل إصابة أو وفاة. وبينت المومني أن هذا النهج الذي اتبعه المشرع الأردني يتسم بمراعاة مبدأ التدرج التشريعي في إيقاع العقوبات، ويتسق مع الممارسات الفضلى في الدول، ويتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، ويهدف إلى أعمال مبدأ سيادة القانون الذي يعد المحرك الرئيس لاستقرار الدول وتحقيق الردع العام والخاص


خبرني
منذ 44 دقائق
- خبرني
الامن الاردني: 9473 جريمة إطلاق عيارات نارية خلال 5 سنوات
خبرني - في لحظات الفرح التي يفترض أن تُخلّد بالابتسامة والزغاريد، تختلط التهاني، أحيانا، بأصوات الرصاص، لتتحول مناسبات النجاح إلى مشاهد حزن ومآسٍ لا مبرر لها. فما إن تُعلن نتائج الثانوية العامة، حتى تعود ظاهرة إطلاق العيارات النارية لتسرق أرواح الأبرياء وتُهدد أمن المجتمع، في مشهد يتكرر كل عام رغم التحذيرات والمآسي المسجلة. وتشير إدارة المعلومات الجنائية، التابعة لمديرية الأمن العام وفقا لإحصائية مقارنة الجرائم المرتكبة في المملكة الأردنية الهاشمية منذ عام 2020 وحتى 2024، إلى أنه سُجّل نحو 9 آلاف و473 جريمة إطلاق للعيارات النارية، إذ بلغ العام الماضي لوحده نحو 1730 جريمة إطلاق العيارات النارية. وتتشدَّد النيابة العامة كل عام بإجراءاتها في وقف ومنع إطلاق العيارات النارية خلال الأفراح ومنها نتائج الثانوية العامة، وتلاحق الأشخاص الذين يقومون بذلك، وتودعهم إلى القضاء، ووفق إجراءت مشددة بعدم تكفيلهم والإفراج عنهم حتى يصدر الحكم القضائي بحقهم. معنيون دعوا، في أحاديثهم إلى تكثيف حملات التوعية بمخاطر إطلاق العيارات النارية، مؤكدين أن الفرح بالنجاح يجب أن يكون ضمن إطار حضاري يحترم حقوق الآخرين ولا يعرض حياتهم للخطر. كما طالبوا الأهالي والمجتمع بتحمل مسؤولياتهم في منع هذه الظاهرة، والاحتفاء بالنجاح بطرق آمنة تعكس الوعي والمسؤولية المجتمعية. من جانبها، تستمر وزارة الداخلية في حملتها الإلكترونية الخاصة بالتوقيع على وثيقة منع إطلاق العيارات النارية الإلكترونية، والتي أطلقتها الوزارة في وقت سابق لإشراك المواطنين في ضبط إطلاق العيارات النارية في المناسبات، حيث تمكن المواطنين على اختلاف مواقع سكناهم وإقامتهم وتواجدهم من الدخول إلكترونيا والتوقيع كذلك إلكترونيا على الالتزام ببنود الوثيقة خدمة لاعتبارات المصلحة العامة. ويهدف هذا الإجراء إلى زيادة الوعي وحماية المجتمع، مشيرة الوزارة إلى إمكانية الوصول إلى الوثيقة عبر الرابط التالي: أستاذ علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية المشارك في جامعة البلقاء التطبيقية، الدكتور يوسف محمد الشرمان، قال تعد ظاهرة إطلاق العيارات النارية من الظواهر القديمة والحديثة التي عرفتها معظم المجتمعات، ومنها مجتمعنا الأردني، وقد ارتبطت هذه الظاهرة بمدلول تراثي يشير إلى المباهاة والمفاخرة والاستعراض أمام الآخرين بنوع من الاستهلاك التفاخري – غير المرغوب فعليّا. وأضاف أن المتتبع لما خلّفته ظاهرة إطلاق العيارات النارية بالمناسبات المختلفة بالأردن يدرك الآثار السلبية التي وقعت على أبناء المجتمع جراء ذلك، سواء من ترويع الآمنين أو حتى إلحاق الأذى بالبعض، لا بل وربما ارتكاب جريمة ذهب ضحيتها شخص بريء جاء لمشاركة الفرح وهو لا يعلم أن طيش الغير سيحول جسده إلى أشلاء، وتظهر السجلات الإحصائية لسنوات مضت أعداد المتضررين (المصابين بأذى والوفيات)، إضافة إلى الأضرار النفسية على ذويهم ومن حضر وشاهد، فكم فقدنا من أبناء مجتمعنا في ساعة طيش استعرض بها أحدهم سلاحه، فقتل من قتل، وحوّل الفرح إلى أسى وحزن ومأساة. وتابع: كم من جريمة ارتكبت بسبب رعونة أحدهم، وكم من عائلة تعرضت للجلوة العشائرية، وتشتت شملها بسبب شاب طائش، وكم من أنسباء تحولوا إلى أعداء نتيجة هذا الأمر، وكم من مجتمع محليّ في قرية وادعة أو في حيّ آمن من مدينة آمنة تعرض أمنه وسلمه المجتمعي إلى حالة من عدم الاستقرار تبعها اعتداءات على الممتلكات الخاصة، وربما تجاوز ذلك الاعتداء، فألحق الأضرار بالممتلكات العامة، وأقلق الأجهزة الأمنية نتيجة لمثل هذه الأفعال غير المبررة، وفي نهاية المطاف فإن المجتمع هو الخاسر الأكبر من جراء إطلاق العيارات النارية، إذ انه يدفع فاتورة هذه الظاهرة من دماء أبنائه الأبرياء. الباحث الاقتصادي، عامر الشوبكي، قال لـ"بترا"، إن إطلاق العيارات النارية في الاحتفالات والمناسبات ما زال يُشكّل ظاهرة خطيرة تهدد الأرواح، وتستهلك موارد الوطن بلا أي مردود، فالتكلفة لطلقة واحدة لبعض أنواع الذخائر قد تصل إلى نحو دينارين أردني، مما يعني أن أي احتفال يمكن أن يتجاوز بسهولة 100 إلى ألف دينار فقط في الذخيرة وأحيانا أكثر من ذلك، إذا ما أُخذ بالحسبان أن 20 بالمئة من الأسر في المناسبات الكبرى قد تلجأ إلى هذه العادة. لكن الأهم من ذلك هو الأثر الكارثي اجتماعيا، فهذه الممارسات تزرع الخوف والرعب في نفوس المواطنين، خاصة في فصل الصيف، حيث يقضي الناس أوقاتهم في الأماكن المكشوفة والأسطح والحدائق، مما يعرضهم لمخاطر حقيقية، ويحوّل لحظات الفرح إلى قلق دائم من الإصابة أو فقدان أحد الأحبة. وبين أن الأرقام الحديثة تعكس حجم هذه الكارثة. في السنوات الخمس من 2019 وحتى نهاية 2023، سُجلت 7 وفيات ناتجة عن إطلاق العيارات النارية في المناسبات، وقد تمكّنت الأجهزة الأمنية من كشف جميع هذه الجرائم بنسبة 100 بالمئة؛ بفضل الجهود الاحترافية والقدرات الفنية العالية لدى الأمن العام، لكن عدد الإصابات والوفيات كانت كبيرة وإضعاف هذه الأرقام فيما قبل 2019. وهذه النسبة مؤخرا تعكس التقدّم في الأداء الأمني واستجابة المواطنين المتزايدة للبلاغات والتعاون مع الجهات المختصة، لكنها أيضاً تؤكد أن الظاهرة ما تزال قائمة، والطموح الوطني هو الوصول إلى "تصفير" عدد الإصابات والوفيات في المرحلة المقبلة، بحسب الشوبكي. وعزا أحد وجهاء العشائر الأردنية، فايز الخرابشة، لـ"بترا"، أسباب اللجوء إلى إطلاق العيارات النارية إلى عدة عوامل، منها أن يكون الشخص مدفوعاً بانفعاله الشديد في مناسبات الفرح، حيث يعتقد أن إطلاق العيارات النارية يزيد من شعوره بالفرحة التي لا تكتمل إلا بذلك الأمر. وبين أن من أهداف إطلاق النار في هذه المناسبات يكون، لدى البعض، من باب رد الجميل، حيث يعبّر الشخص عن مجاملة لمضيف الحفل الذي قد يكون قد قام سابقاً بإطلاق النار في مناسبات مشابهة. ولفت إلى المخاطر النفسية والخسائر المادية الملحوظة، فالفرد الذي يقوم بإطلاق النار، باستخدامه خاصة أسلحة الرشاشة الأتوماتيكية، يتكبد تكاليف مرتفعة، قد تصل إلى مئات أو آلاف الدنانير في بعض الحالات بحسب طبيعة المناسبة، وهو ما يمثل عبئاً مالياً كبيراً على مستوى الفرد والمجتمع. الأستاذ المشارك من قسم علم النفس التربوي في جامعة الطفيلة، الدكتور جهاد الترك، أشار إلى أن إطلاق النار في المناسبات الاجتماعية هو سلوك اجتماعي منتشر في العديد من المجتمعات، موضحا أن تداخل هذا السلوك مع الأسباب الثقافية والاجتماعية والنفسية، يجعله موضوعاً معقداً ومثيراً للجدل. وبين أن من الأسباب النفسية لإطلاق العيارات النارية، هو الشعور بالانتماء، حيث يشارك الأفراد في إطلاق النار ليشعروا بالانتماء إلى المجموعة، وليؤكدوا أنهم جزء منها، كما يكون إطلاق النار طريقة للتعبير عن الذات والشخصية، حيث يرى البعض أن إطلاق النار يعطيهم إحساساً بالقوة، والرجولة، والسيطرة، ويعتبرها آخرون وسيلة لجذب الانتباه إليهم في المناسبات، وبذلك يكونوا محور الحديث. وعن أسباب استمرار هذه الظاهرة، لفت الترك إلى أن البعض يراها من العادات والتقاليد باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الاحتفال، ولا يمكن الاستغناء عنه، فضلا عن الجهل بالمخاطر، حيث يجهل كثيرون المخاطر الحقيقية لإطلاق العيارات النارية، ويعتبرونها مجرد وسيلة للتعبير عن الفرح، فضلا عن عدم وجود وعي كافٍ بمخاطر هذه الظاهرة، ولا يعرف الناس بالقوانين التي تحظرها. أستاذ القانون الدستوري في الجامعة الأردنية، الدكتور ليث نصراوين، قال: "عالج المشرّع الأردني ظاهرة إطلاق العيارات النارية من خلال عدة تشريعات وطنية، أهمها قانون العقوبات الذي جرى تعديله في عام 2017 بإضافة حكم مكرر للمادة (330) منه تنص على معاقبة كل من يطلق عيارا ناريا دون داع أو سهما ناريا أو استعمل مادة مفرقعة دون موافقة مسبقة بالحبس مدة 3 أشهر أو بغرامة مقدارها 1000 دينار أو بكلتا العقوبتين، مع مصادرة ما تم استخدامه من سلاح، ولو كان مرخصا، وأي سهم ناري ومادة مفرقعة". وأضاف: تكون العقوبة بالحبس مدة لا تقل عن سنة إذا نجم عن الفعل إيذاء إنسان، والأشغال المؤقتة إذا نجم عن الفعل أي عاهة دائمة أو إجهاض امرأة حامل، والأشغال المؤقتة مدة لا تقل عن 10 سنوات إذا نجم عن الفعل وفاة إنسان. وتضاعف هذه العقوبات في حال التكرار أو تعدد المجني عليهم. وبين نصراوين أن قانون الأسلحة والذخائر رقم 5 لسنة 1952 وتعديلاته يعاقب على جرم إطلاق النار من سلاح غير مرخّص، حيث تنص المادة (11) منه بالقول: "يعاقب بالحبس مدة 3 أشهر أو بغرامة قدرها 1000 دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين كل من أطلق عيارا ناريا دون داع أو استعمل مادة مفرقعة دون موافقة مسبقة، ويصادر السلاح المستخدم سواء كان مرخصا أو غير مرخص". ولفت إلى أن من التحديات التي تواجه التطبيق الكامل للنصوص المجرمة لإطلاق العيارات النارية وجود اعتقاد سائد لدى الأشخاص أن الإطلاق "عادة اجتماعية" لا يُعاقب عليها القانون، ووجود نقص في حملات التوعية القانونية في المناطق التي تنتشر فيها هذه الممارسات، ناهيك عن ظاهرة انتشار الأسلحة بشكل غير مقبول بين أيدي الأردنيين. وأشار نصرواين إلى أن الأساس التشريعي في التعامل مع الأسلحة والذخائر يجب أن يكون حظر الترخيص بحملها كقاعدة عامة، مع تقرير استثناءات معينة لأشخاص مدنيين يجوز أن يحملوا السلاح، كالعاملين في شركات الحماية والحراسة الخاصة، وأن يقتصر الترخيص على السلاح العادي دون الأوتوماتيكي. مفوضة الحماية في المركز الوطني لحقوق الإنسان، الدكتورة نهلا المومني، قالت: إن إطلاق العيارات النارية في المناسبات المختلفة يشكّل انتهاكًا واضحًا لعدد من حقوق الإنسان الأساسية، وفي مقدمتها الحق في الحياة، والحق في السلامة الجسدية، والحق في الأمان الشخصي، إضافة إلى الحق في أن يسود النظام العام الاستقرار والطمأنينة داخل الدولة. وانطلاقًا من هذه المبادئ، جاءت التشريعات الوطنية، وعلى رأسها الدستور الأردني، لتؤكد على كفالة الحق في الأمان الشخصي، وتعتبر أي اعتداء على حقوق الأفراد جريمة يُعاقب عليها القانون، وفقا للمومني. ولفتت إلى أن المشرّع الأردني جرّم إطلاق العيارات النارية في المناسبات، وذلك بموجب قانون العقوبات الأردني، حيث يعاقب كل من أقدم على إطلاق عيارات نارية دون داعٍ في الأماكن المأهولة أو المناسبات العامة بالحبس وبغرامة مالية وتشدد العقوبة إذا نتج عن الفعل إصابة أو وفاة.