
من الريف للمطاعم والأسواق العالمية.. سر اختفاء 2 مليون حمار في مصر (القصة كاملة)
سلطت احتفالات اليوم العالمي للحمار 2025 الضوء على تناقص عدد الحمير في مصر بشكل كبير، فبعد أن كانت أعداد الحمير تزيد عن 3 مليون حمار خلال فترة التسعينيات، تراجعت الآن إلى أقل من مليون حمار في غضون سنوات قليلة، فما هو سر اختفاء 2 مليون حمار في مصر؟
كان الحمار لعقود طويلة رفيق الفلاح المصري، يحمل الأحمال، يحرث الأرض، ويساعد في نقل المحاصيل، لكن خلال السنوات الأخيرة، شهدت مصر تراجعًا مذهلًا في أعداد الحمير، من حوالي 3.2 مليون حمار في عام 2014 إلى نحو مليون واحد فقط بحلول عام 2025، وفقًا لتصريحات نقيب الفلاحين حسين أبوصدام.
تغير أنماط الزراعة والنقل
شهد الريف المصري تحولاً كبيرًا في أنماط الزراعة والنقل خلال العقد الماضي، مع انتشار الآلات الزراعية الحديثة مثل الجرارات والتوك توك، قل الاعتماد على الحمير كوسيلة نقل وحرث.
هذا التغيير جعل تربية الحمير أقل جدوى اقتصادية، حيث أصبحت تكاليف تغذيتها وصيانتها عبئًا على الفلاحين مقارنةً بالبدائل الآلية.
ونتيجة لذلك، تخلى العديد من المزارعين عن تربية الحمير أو بيعها بأسعار زهيدة تتراوح بين 5000 إلى 15000 جنيه.
تجارة جلود الحمير: الذهب الأسود الجديد
السبب الأبرز والأكثر إثارة للجدل هو الطلب العالمي المتزايد على جلود الحمير، خاصة من الصين.
تُستخدم جلود الحمير في إنتاج مادة «إيجياو»، وهي جيلاتين يُستخرج من غليان الجلود ويُستخدم في الطب التقليدي الصيني، المنشطات الجنسية، مستحضرات التجميل، وحتى بعض الحلويات.
ووفقًا لـ نقيب الفلاحين حسين أبو صدام يُصدر جلد الحمار الواحد إلى الصين بأسعار تتراوح بين 300 إلى 600 دولار، وفي بعض الحالات يصل سعر الحمار المُصدر إلى 1000 دولار.
هذا الربح الهائل دفع بعض التجار وضعاف النفوس إلى ذبح الحمير بأعداد كبيرة، سواء بشكل قانوني أو غير قانوني، للاستفادة من جلودها.
التصدير الرسمي:
تُصدر مصر حوالي 8000 جلد حمار سنويًا إلى الصين بشكل رسمي، وفقًا لإحصاءات وزارة الزراعة.
في المقابل تزايدت عمليات تهريب الحمير وجلودها بسبب المكاسب الكبيرة، مما أدى إلى ذبح عشوائي وسرقات للحمير من القرى.
في عام 2021، عُثر على حوالي 100 حمار مذبوح ومسلوخ في محافظة المنوفية، مما أثار ضجة كبيرة حول تسرب لحوم الحمير إلى الأسواق.
لحوم حمير في المطاعم
أثارت تصريحات نقيب الفلاحين مخاوف المصريين عندما حذر من أن لحوم الحمير بدأت تتسرب إلى بعض المطاعم والأسواق.
يتم ذبح الحمير بشكل غير قانوني لبيع لحومها بأسعار رخيصة، حيث تُستخدم أحيانًا في إعداد الكباب، الكفتة، أو الحواوشي من قبل بعض التجار غير الأخلاقيين.
مباحث التموين نجحت في ضبط كميات من هذه اللحوم في عدة محافظات، لكن هذه الظاهرة تظل مقلقة بسبب غياب الرقابة الصارمة.
ارتفاع تكاليف التربية
مع ارتفاع أسعار الأعلاف والمواد الأساسية، أصبحت تربية الحمير عبئًا ماليًا على الفلاحين.
في الوقت نفسه، لم يعد العائد الاقتصادي من استخدام الحمير في الأعمال الزراعية مجديًا مقارنةً بالبدائل الآلية.
هذا دفع العديد من المربين إلى التخلي عن الحمير أو بيعها للتجار الذين يستغلونها في تجارة الجلود أو اللحوم.
تأثير الأزمة: تهديد بانقراض الحمير
تُعتبر الحمير رمزًا للريف المصري وجزءًا لا يتجزأ من تراثه الزراعي، لكن مع تراجع أعدادها بهذا الشكل الدراماتيكي، حذرت جمعيات رعاية الحيوانات، مثل جمعية رعاية الدواب، من احتمال انقراض الحمير في مصر خلال العقدين القادمين إذا استمرت هذه الممارسات.
وفقًا لمنظمة صحة الحيوان الدولية، كان هناك حوالي 44 مليون حمار في العالم، يُذبح منهم 1.8 مليون سنويًا لتجارة الجلود، ومصر تُعد من الدول الأكثر تأثرًا بهذه الظاهرة.
تحذيرات نقيب الفلاحين:
دعا حسين أبوصدام إلى تشديد الرقابة على أسواق الحمير ومنع الذبح العشوائي، مؤكدًا على ضرورة الوعي المجتمعي لمواجهة هذه الظاهرة.
قال حسين عبدالرحمن أبوصدام، نقيب عام الفلاحين، إن أعداد الحمير في مصر خلال فترة التسعينيات كانت وصلت إلى 3 ملايين حمار، والآن تراجع العدد إلى مليون حمار فقط، مطالباً بوضع خطط لحماية الحمير وتنظيم تربيتها بشكل مستدام.
لماذا اختفت الحمير؟
ولفت «أبوصدام»، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية تامر أمين، في برنامج «آخر النهار»، على قناة «النهار»، إلى أن أهمية الحمار لدى الفلاح تراجعت، خاصًة مع ارتفاع أسعار رعاية الحمار وتغذيته فإن الفلاحين يتخلصون منه بالبيع خاصة مع تمهيد الطرق واختفاء الطرق الوعرة التي كانت تستدعي وجود الحمار كوسيلة نقل.
وأكد أن التطور جعل الفلاحين يستبدلون الحمار في النقل والتجارة والزراعة بآلات حديثة كالسيارات والجرارات والمعدات الآخرى.
وأضاف نقيب عام الفلاحين: «رخص ثمن الحمار والذي يتراوح ثمنه من 5 آلاف إلى 15 ألف جنيه يغري ضعاف النفوس لذبحه لبيع لحمه وجلده والذي يصدر بنحو 300 دولار بثمن أعلي من ثمن الحمار نفسه».
وأشار إلى أن دولًا عدة بدأت تعيد تقييم أهمية الحمار، حيث يُستخدم حليب الحمير في إنتاج مستحضرات تجميل باهظة الثمن، وتُوظف جلودها في صناعة العقاقير الطبية.
وتابع: «كما أن بعض الدول المتقدمة يشربون حليب الحمير ويصنعون منه صابون غالي الثمن ويستخرجون من جلوده مواد تستخدم في صناعة منتجات للتجميل وعقاقير طبية مرتفعة السعر».
مقترح لـ جمعيات حماية الحيوان:
اقترحت جمعيات مثل «الملاذ الآمن للحمير» وجمعية رعاية الدواب وقف التصدير الرسمي لجلود الحمير للحد من الذبح غير الشرعي.
تهديد بانقراض الحمير
كما ناشد نقيب عام الفلاحين حسين أبو صدام بالرفق بالحمار والحفاظ على هذا الحيوان الهام من الانقراض مع ضرورة نشر الثقافة التي تبرز أهمية الحمار.
ودعى إلى حظر ذبح الحمير إلا في الحالات الضرورية، ووقف تصدير جلودها، وتصديره حي كما هو رفقًا به.
تسرب لحوم الحمير إلى الأسواق
كما شدد حسين أبوصدام على أن الحمار بعد الذبح يجب أن يُدفن دفن صحي أو يتم بيعه إلى حدائق الحيوان، تجنبًا لتسرب لحوم الحمير إلى الأسواق والمطاعم، وهو ما تسعى مباحث التموين بشكل دائم إلى رصده؛ ما يحتم أن تخضع عملية ذبح الحمار إلى الرقابة، مضيفًا: «لحوم الحمير قد لا تكون ضارة ولكن حرام عندنا».
أزمة تحتاج إلى حلول عاجلة
اختفاء 2 مليون حمار من مصر ليس مجرد إحصائية، بل أزمة تهدد تراثًا ريفيًا واقتصادًا محليًا. من تغير أنماط الزراعة إلى جشع تجارة الجلود وتسرب اللحوم إلى الأسواق، تتعدد الأسباب التي أدت إلى هذا التراجع المرعب.
الحل يكمن في تشديد الرقابة على تجارة الحمير، وضع قوانين صارمة لمنع الذبح غير القانوني، ودعم الفلاحين للحفاظ على تربية الحمير كجزء من الاقتصاد الريفي قبل أن تفقد مصر هذا الحيوان الذي كان يومًا رمزًا للصبر والعمل الشاق.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار المصرية
منذ 29 دقائق
- النهار المصرية
توريد 250 ألف طن قمح محلي بمراكز التوريد والتخزين
تابع اللواء طارق مرزوق محافظ الدقهلية، سير أعمال استلام القمح للموسم الحالي، وأوضح أن إجمالي الكميات الموردة منذ بداية موسم استلام القمح بمراكز التوريد، حتى اليوم بلغ 250 ألف طن، وأوضح أن إجمالي المساحات المنزرعة بالمحافظة يبلغ 232 ألف فدان، ويوجد بالمحافظة 38 مركز تجميع وصومعة، ويتم استلام الإردب بمبلغ 2200 جنيه ويتم الدفع للمزارعين والفلاحين والموردين خلال 48 ساعة. جاء ذلك خلال استعراض محافظ الدقهلية، للتقرير المعروض من المحاسب علي حسن مدير مديرية التموين، الجهة المشرفة على سير منظومة العمل في توريد واستلام محصول القمح المحلي لموسم 2025/2024، ضمن خطة المحافظة المعدة بالتنسيق مع وزارتي التموين والزراعة، لتوفير الوقت والجهد على المزارعين، حيث تتولى اللجنة الإشراف والمتابعة لعملية الاستلام والتوريد لمحصول القمح المحلي حتى نهاية الموسم، وتلافي أية معوقات تعترض عملية التوريد والتنسيق والإشراف على لجان الاستلام بكافة المواقع التخزينية. ووجه محافظ الدقهلية بتيسير كافة الإجراءات أمام موردي الأقماح بمناطق التخزين والصوامع، وتعزيز التواصل الدائم مع غرف العمليات المركزية والفرعية بديوان عام المحافظة والتموين والزراعة والوحدات المحلية، لتذليل كافة العقبات أولا بأول، مع التأكيد على التنسيق مع جهات التسويق بسرعة إنهاء إجراءات تسليم ثمن المحصول للموردين، وإرسال تقرير يومي يشمل الكميات الموردة.


الأسبوع
منذ 36 دقائق
- الأسبوع
توترات تجارية جديدة تهدد سوق السيارات العالمي و«فولفو EX30» في خطر
سيارة فولفو EX30 الجديدة ندى أبو الليل وسط تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، يواجه سوق السيارات العالمي أزمة محتملة، بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن عزمه فرض رسوم جمركية تصل إلى 50% على السلع المستوردة من أوروبا. «فولفو» تدرس إعادة تقييم طرح EX30 رغم أن شركة «فولفو» تُصنّع بعض طرازاتها مثل «S60 وEX90 داخل الولايات المتحدة»، إلا أن العديد من موديلاتها لا تزال تستورد من الخارج، خصوصا من أوروبا والصين. كما صرح هاكان سامويلسون، الرئيس التنفيذي للشركة، أن الرسوم الجمركية المقترحة قد تدفع الشركة إلى التراجع عن خططها لطرح طراز EX30 الكهربائي في السوق الأمريكية، بسبب فقدان السيارة لميزتها السعرية التنافسية، حيث يبلغ سعرها المبدئي نحو 34.950 دولار. الشركات تتأقلم على حساب المستهلك أشارت فولفو إلى أن الشركات المصنعة تتبع نهجا مزدوجا في التعامل مع الرسوم، يتمثل في تحمّل جزء من التكاليف، ونقل الباقي إلى المستهلكين، مما قد يؤدي إلى زيادات كبيرة في الأسعار. وأضافت أن المستهلكين سيكونون المتضرر الأكبر من هذه التغييرات. وتواجه شركات أخرى الوضع ذاته، حيث أعلنت أستون مارتن عن زيادات مرتقبة في أسعار سياراتها، وارتفع سعر فورد مافريك إلى نحو 30 ألف دولار، بعد أن كانت من أرخص الشاحنات الصغيرة في السوق الأمريكي. كما رفعت سوبارو أسعار جميع طرازاتها مؤخرا. أما بالنسبة لـ جنرال موتورز، فقد قدرت الأثر المالي المحتمل للرسوم الجديدة بما يتراوح بين 4 و5 مليارات دولار، لكنها أكدت في الوقت الحالي أنها لن تنقل هذه التكاليف إلى المستهلك، رغم أن استمرار هذا القرار يبدو صعبًا على المدى الطويل. لم تقتصر تداعيات الرسوم على السيارات الجديدة فقط، بل امتدت إلى قطع الغيار، وهو ما قد يُؤثر سلبًا على خدمات ما بعد البيع. ووفقا لـ مارك تيمبلين، الرئيس التنفيذي للعمليات في «تويوتا أمريكا الشمالية»، فإن الرسوم الجمركية على القطع ستؤدي إلى ارتفاع تكاليف الصيانة والإصلاح، مما يُثقل كاهل العملاء وقد يؤثر على معدلات الصيانة والمبيعات مستقبلاً. خريطة جديدة لسوق السيارات الأمريكي تشير التقديرات إلى أن استمرار هذا التصعيد التجاري قد يُغيّر من خريطة سوق السيارات في الولايات المتحدة، مع احتمالات تراجع عدد الطرازات المتاحة، وارتفاع الأسعار على مستوى السيارات وقطع الغيار. في ظل عدم وجود مؤشرات على خفض التصعيد في الوقت الراهن، يبدو أن المستهلك الأمريكي سيكون الطرف الأكثر تضررا من هذه السياسات الجمركية الجديدة.


24 القاهرة
منذ ساعة واحدة
- 24 القاهرة
المالية تقبل 466 عرضا لبيع أذون خزانة محلية بقيمة 80 مليار جنيه
قبلت وزارة المالية 466 عرضا لبيع أذون خزانة محلية بقيمة 80 مليار جنيه، وذلك من إجمالي 581 عرضا بقيمة 156 مليار جنيه، بمتوسط فائدة يتراوح ما بين 24.901% لأجل عام و27.131% لأجل 6 أشهر. وتضمن العرض الأول قبول 153 عرضا بقيمة 16.751 مليار جنيه من إجمالي 201 عرضا بقيمة 60.14 مليار جنيه لمدة عام، بفائدة تتراوح من 24.44% إلى 24.99% بمتوسط فائدة 24.901%. طرح أذون خزانة محلية بالجنيه وبالنسبة للطرح الثاني فقد تم قبول 313 عرضا بقيمة 63.305 مليار جنيه من إجمالي 380 عرضا بقيمة 95.76 مليار جنيه،بفائدة تتراوح من 26.84% الى 27.24% بمتوسط فائدة 27.131% وزير المالية: حوافز إضافية لخلق بيئة متكاملة للاستثمارات الخضراء وتحويل مصر إلى مركز للتصنيع والتصدير لإفريقيا وزير المالية: حققنا أعلى فائض أولي خلال العام المالي الحالي بنسبة 3.1% من الناتج المحلي الإجمالي قال أحمد كجوك وزير المالية : عملنا مساندة استثنائية لتكافل وكرامة خلال شهر رمضان الماضي، كما أجرينا زيادة الدعم بنسبة 25% في الموازنة الجديدة وذلك لإيماننا بأهمية دعم المواطن ودعم الصحة والتعليم داخل هذا البرنامج، والذي ستتعدى قيمته 55 مليار جنيه خلال الفترة المقبلة. وأوضح أن المرحلة المقبلة تستهدف العمل على التمكين بالتعاون مع وزارة التضامن، لاستهداف مبالغ بقيمة 10 مليارات جنيه لبناء برنامج يحقق الاستدامة للأسر المصرية لتحقيق مصر بلا عوز. أكد وزير المالية ، أن الرهان العملي والأنجح على القطاع الخاص في سد الفجوة التمويلية بين قدراتنا وأحلامنا، موضحًا أن هناك فرصًا واعدة ومتنوعة ومحفزة للقطاع الخاص للاستثمار بقوة في التحول للاقتصاد الأخضر، وقد طرحت الحكومة للقطاع الخاص خطة طموحة جدًا للاستثمار في مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة حتى 2023، ونتطلع لتوطين مستلزمات الإنتاج لهذه الصناعات في ظل رؤية واضحة وجاذبة للمستثمرين المحليين والدوليين. وقال كجوك: نعمل على حوافز إضافية لخلق بيئة متكاملة للاستثمارات الخضراء، وتحويل مصر إلى مركز للتصنيع والتصدير لإفريقيا، لافتًا إلى أهمية تحويل المديونية إلى استثمارات، والتمويل المتكامل والمستدام أيضًا باعتبارهما عنصر حاسم في تحقيق مستهدفاتنا التنموية.