
عاشق الموسيقى والأدب والسينما والكرة... البابا فرنسيس متعدّد الهوايات
وفق ما يروي في كتاب سيرته «Hope» (أمل) الذي نُشر مطلع 2025، فإنّ البابا فرنسيس تربّى في بيتٍ حيث الثقافة توازي الطعام والشراب أهميةً. كانت والدته ريجينا ماريا سيفوري، ورغم ظروف العائلة المادية الصعبة، تفعل المستحيل كي يتثقّف أولادها الخمسة، ويحصلوا على تعليمٍ جيّد. يخبر في الكتاب: «جعلتنا جميعاً نتعلّم العزف على البيانو».
البابا فرنسيس والموسيقى... أوبرا تانغو وألبوم
ظهيرةَ كل يوم سبت، كانت ريجينا تجمع العائلة حول جهاز الراديو لمتابعة بثّ الأوبرا، «ثم كانت تروي القصة التي سمعناها، وتشرح الشخصيات والأصوات حتى أصغر التفاصيل»، يقول فرنسيس. تأثّر مَن كان اسمُه حينها خورخي بيرغوليو، إلى درجة أنه صار يقصد الأوبرا في سن الـ16 برفقة شقيقته الصغرى مارتا.
خورخي ماريو بيرغوليو ووالدته ريجينا (أ.ف.ب)
عام 2022، وفي خضمّ جائحة كورونا، انتشر فيديو للبابا فرنسيس خارجاً من متجرٍ لبيع الأسطوانات في روما. حتى خلال بابويته، لم يتخلّ يوماً عن عشقه للنغم والإيقاع، وهو ذوّاقة من الطراز الأول. يهوى الموسيقى الكلاسيكية، ويروي في سيرته أنها شغفه منذ الطفولة «وهي هديّة وإرث من أمّي». يعدّد من بين مؤلّفيه المفضّلين شوبرت، وشوبان، وفاغنر، وبيتهوفن، وباخ، وموزارت.
كما كلّ أرجنتينيّ أصيل، تشرّبَ بيرغوليو ثقافة التانغو منذ الصغر. ليس هذا الفن مجرّد هوايةٍ بالنسبة إليه، بل أسلوب حياة. وهو طفل، غالباً ما صدحت في حيّ فلوريس الأرجنتينيّ حيث كبر موسيقى كارلوس غارديل، وأستور بيازولا. أما في شبابه، فاحترف خطوات التانغو خلال الحفلات مع أفراد العائلة، والأصدقاء.
في ذكرى ميلاده الـ78، وهو كان حينها في سنته الحبريّة الثانية، تجمّع الآلاف في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان ليقدّموا له هدية العيد: رقصة تانغو جماعيّة.
لا تقتصر اهتمامات البابا فرنسيس الموسيقية على الكلاسيكيات، والتانغو، فهو ورث عن والدته كذلك قائمة مغنّين مفضّلين، من بينهم إديث بياف، ومجموعة من الفنانين الإيطاليين القدامى، بما أنّ العائلة بقيت متمسّكة بجذورها الإيطالية، رغم هجرتها المبكرة إلى الأرجنتين.
وفق المجلس الثقافي الخاص بالفاتيكان، فإنّ البابا فرنسيس يملك مكتبة موسيقية ضخمة تضمّ 2000 أسطوانة. وفي عام 2015 انبثق من هذا الشغف الموسيقي الكبير ألبوم بعنوان «Wake Up» (استيقظ) من كلمات فرنسيس، وخطاباته، وتأمّلاته.
البابا فرنسيس والسينما... من فيلليني إلى تشابلن
في عائلة بيرغوليو كانت زيارة السينما تقليداً شبه أسبوعيّ. يروي البابا فرنسيس في سيرته الذاتية: «أخذَنا والدانا لمشاهدة كل أفلام حقبة الحرب العالمية الثانية. وفي تلك الآونة، كانت تُعرض 3 أفلام متتالية. كنّا نجلب معنا سندويتشاً من المنزل ونمضي النهار كاملاً في السينما».
يذكر أنّه كان مولعاً بأفلام فيديريكو فيلليني خلال الطفولة. أما فيلماه المفضّلان فهما «La Strada» و«La Dolce Vita».
البابا فرنسيس (يسار الصورة) وشقيقه الأصغر أوسكار (أ.ب)
تأثّر بيرغوليو وأشقّاؤه بما شاهدوه على الشاشة الكبيرة، إلى درجة أنهم قرروا في أحد الأيام تقليد تشارلي تشابلن. «في ذلك اليوم، وبعد أن شاهدنا تشابلن يستخدم المظلّة للطيران، قرر شقيقي ألبيرتو القفز من الشرفة بالمظلّة. رمى بنفسه من دون تردّد، وخرج ببعض الخدوش لأنّنا كنا نسكن في الطبقة الأولى».
في المقابل، توقّف البابا فرنسيس عن مشاهدة التلفزيون منذ عام 1990، بعد أن رأى مشهداً «دنيئاً»، وفق تعبيره. غادر القاعة حيث كان متواجداً مع مجموعة من الناس في بوينس آيرس، وقطع وعداً على القديسة مريم بأن يتوقّف عن مشاهدة التلفزيون. أما الاستثناء الذي حصل فكان من أجل متابعة حادث تحطّم طائرة مدنيّة في العاصمة الأرجنتينية عام 1999، وخلال أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001.
من المرات القليلة التي جلس فيها البابا فرنسيس أمام شاشة متحدّثاً إلى فريق محطة الفضاء الدولية عام 2011 (أ.ب)
البابا فرنسيس... في حبّ الكرة
الوعد الذي قطعه البابا فرنسيس على العذراء مريم حالَ دون مشاهدته الرياضة الأحبّ إلى قلبه، كرة القدم. يقول في كتاب السيرة: «لم أشاهد الكرة لسنواتٍ طويلة، لكنّي دائم الاطّلاع على أخبار ميسي، وسان لورنزو كذلك... أحد الحرّاس في الفاتيكان يضع لي نتائج الدوري على طاولة مكتبي».
تعود علاقة البابا فرنسيس بكرة القدم إلى طفولته في حيّ فلوريس، حيث كان يرافق والده وأشقّاءه لمتابعة المباريات. شجّعت العائلة فريق سان لورنزو الأرجنتيني، وقد انضمّ بيرغوليو لاحقاً إلى هذا النادي، وكان ما زال يحتفظ ببطاقة انتسابه التي تحمل الرقم 88235N-O.
حب البابا فرنسيس لكرة القدم يعود لسنوات الطفولة (رويترز)
كل هذا الشغف بكرة القدم لا يعني أنّ البابا فرنسيس كان بارعاً في اللعبة. يقول إنّ قدمَيه لم تسعفاه؛ «غالباً ما وقفت حارساً للمرمى. وهذا موقع لا بأس به، يدرّبك على مواجهة الواقع، وعلى تحمّل المشكلات».
لطالما ردّد أنّ أجمل مباريات كرة القدم هي تلك التي تُلعَب في ساحات الأحياء المتواضعة، «أكان في ساحة هرمينيا برومانا في فلوريس، حيث كنت ألعب أو في أي مكانٍ آخر».
البابا فرنسيس ملوّحاً بقميص المنتخب الأرجنتيني لكرة القدم عام 2014 (رويترز)
البابا فرنسيس مدرّس الأدب
البابا فرنسيس قارئٌ نَهِم. «أحبُّ القراءة فوق كل شيء، كان باستطاعتي أن أقرأ في أي مكان، حتى جلوساً على العشب عند طرف ملعب كرة القدَم»، يذكر في سيرته.
هذه العلاقة الوطيدة بالكلمة بدأت منذ كان خورخي بيرغوليو طفلاً يجلس قرب جدّته «نونا روزا». كانت تقرأ له رواية The Betrothed للكاتب الإيطالي أليساندرو مانزوني، وتعلّمه أن يحفظ عن ظهر قلب سطورها الأولى. بقيَ هذا العمل الأدبي، الذي تدور أحداثه في ميلانو في القرن السابع عشر خلال انتشار وباء الطاعون، الكتاب المفضّل لدى فرنسيس. قرأه 4 مرات وأبقى نسخةً منه على مكتبه.
البابا فرنسيس متصفّحاً كتاباً برفقة مجموعة من اللاجئين السوريين الأطفال في الفاتيكان عام 2016 (أ.ف.ب)
من بين كتّاب البابا فرنسيس المفضّلين كذلك، الأديب الروسي فيودور دوستويفسكي، والذي قرأه طفلاً رغم صعوبته. كما تأثّر كثيراً بالكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس. ويذكر في كتابه أنه عندما كان يدرّس الأدب في الـ27 من عمره، دعا بورخيس لإلقاء محاضراتٍ أمام طلّابه، وقد لبّى الدعوة.
طابع بريدي يؤرّخ لزيارة البابا فرنسيس المهاجرين في جزيرة لامبيدوزا (موقع الفاتيكان)
كان البابا فرنسيس هاوياً لجمع الطوابع البريديّة. يقول إنها هواية ورثَها عن خاله، وهو أحبّها، لأنها كانت تتيح له السفر بخياله، والتعرّف إلى الأزهار، والأشجار، والحيوانات، والأبنية الشهيرة، والشخصيات المعروفة... إلى أن أصبح هو وجهاً مدموغاً على تلك المستطيلات الورقيّة الصغيرة التي فتحت له نوافذ كبيرة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 14 ساعات
- عكاظ
«طروق السعودية»: حصر 5 فنون موسيقية في الشرقية والغربية
تابعوا عكاظ على أطلقت هيئة الموسيقى المرحلة الثالثة من برنامج «طروق السعودية»، الذي يهدف إلى صون الموروث الموسيقي والأدائي من خلال حصر وتوثيق علمي متكامل يتضمن خمسة فنون موسيقية في المنطقتين الشرقية والغربية، تتضمن فن الصوت، وفن الصهبة، وفن الدانات، وفن الينبعاوي، وفن المجس. ويأتي ذلك التوثيق لضمان استمرارية التراث الموسيقي السعودي وتناقله بين الأجيال، مما يعزز الهوية الثقافية السعودية عن طريق إظهار التنوع الموسيقي الغني، وإبراز دوره في تشكيل الموروث الثقافي السعودي. وتتضمن هذه المرحلة إجراء بحوث مكتبية، وحصراً ميدانياً لتوثيق الفنون الموسيقية المختارة، وتعتمد في أساسها على منهجية «دليل توثيق التراث الثقافي وأرشفته الرقمية» الصادر عن وزارة الثقافة، والالتزام بمعايير منظمة اليونسكو لدراسة الخصائص الموسيقية والثقافية والاجتماعية لتلك الفنون، وحفظها وفق أعلى معايير التوثيق. وتعكف الهيئة من خلال البرنامج على تسجيل وتصوير الفنون الموثّقة، وإنتاج مواد مرئية، وسمعية، ومكتوبة؛ لتوفير مصدر متكامل وموثوق للباحثين والدارسين في مجال العلوم الموسيقية، والإسهام في إثراء المحتوى البحثي والدراسات الثقافية، وتشمل هذه المواد التدوين الموسيقي، والتدوين الحركي، والأفلام الوثائقية، والفيديوهات الأدائية لكل فن. أخبار ذات صلة وبالتعاون مع هيئة المسرح والفنون الأدائية، وهيئة التراث، ومركز ذاكرة الثقافة، أنجزت الهيئة عدة مراحل من برنامج «طروق»، شملت توثيقاً لفن المجارير، وجولات حصر وتوثيق شامل للفنون الموسيقية والأدائية في منطقتي عسير والباحة، وأنتجت خلال تلك المراحل ما يزيد على 10 آلاف مادة توثيقية، ووفرت بعضها للجمهور عبر نشر 59 فيلماً وثائقياً على منصة شاهد. ويهدف برنامج «طروق السعودية» في مختلف مراحله إلى الحفاظ على التراث الموسيقي السعودي وتوثيقه بمختلف ألوانه وخصائصه من ألحان وإيقاعات، وإبراز الفنون الموسيقية المتنوعة في مختلف مناطق المملكة العربية السعودية، وتسليط الضوء على دور الفنون الموسيقية في تشكيل الموروث الثقافي السعودي، والتوثيق بناءً على منهجية دليل توثيق التراث الثقافي وأرشفته بما يتماشى مع معايير اليونسكو، وإثراء المحتوى البحثي والدراسات الموسيقية بمصادر علمية مرئية مسموعة. برنامج طروق السعودية.


مجلة سيدتي
منذ 19 ساعات
- مجلة سيدتي
هيئة الموسيقى تُطلق برنامج طروق السعودية بالمنطقة الشرقية والغربية.. إليكم التفاصيل
أعلنت هيئة الموسيقى عن إطلاق برنامج "طروق السعودية" بالمنطقة الشرقية والغربية من المملكة العربية السعودية. ونشر حساب الهيئة على الإنستغرام "بوستر" عن هذا البرنامج وما يتضمنه وعلق وكتب: " هيئة الموسيقى تطلق مرحلة جديدة من برنامج طروق السعودية لتوثيق خمسة فنون موسيقية في المنطقة الشرقية والغربية". تفاصيل برنامج "طروق السعودية" ويوثق برنامج "طروق السعودية" بالمرحلة الثالثة الفنون الموسيقية المملكة العربية السعودية. وتُطلق هيئة الموسيقى المرحة الثالثة من برنامج "طروق السعودية" لصوت الموروث الموسيقي السعودي، من خلال حصر وتوثيق علمي متكامل يتضمن خمسة فنون موسيقية في المنطقتين الشرقية والغربية من المملكة العربية السعودية. أنواع الفنون في الشرقية والغربية كما ذكر الحساب أيضاً فنون كل منطقة في الشرقية والغربية حيث كتب: " فنون المنطقة الغربية وهي: الدانات، الينبعاوي، الصهبة، المجس، فنون المنطقة الشرقية هي: الصوت". أهداف برنامج "طروق السعودية" أما أهداف برنامج "طروق السعودية" فهي: الحفاظ على التراث الموسيقي السعودي وتوثيقه. إبراز الفنون الموسيقية المتنوعة في مختلف مناطق المملكة. تسليط الضوء على دور الفنون الموسيقية في تشكيل الموروث الثقافي السعودي. التوثيق وبناء على منهجية دليل توثيق التراث الثقافي وأرشفته الرقمية بما يتماشى مع معايير اليونسكو. إثراء المحتوى البحثي والدراسات الموسيقية بمصادر علمية مرئية ومسموعة. View this post on Instagram A post shared by هيئة الموسيقى (@music_moc) لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا « إنستغرام سيدتي ». وللاطلاع على فيديوغراف المشاهير زوروا « تيك توك سيدتي ». ويمكنكم متابعة آخر أخبار النجوم عبر «تويتر» « سيدتي فن ».


العربية
منذ يوم واحد
- العربية
انطلاق "طروق السعودية" لتوثيق 5 فنون موسيقية
أطلقت هيئة الموسيقى، المرحلة الثالثة من برنامج "طروق السعودية"، والذي يهدف إلى صون الموروث الموسيقي والأدائي في المملكة العربية السعودية، وذلك من خلال حصر وتوثيق علمي متكامل يتضمن خمسة فنون موسيقية في المنطقتين الشرقية والغربية، وهي: فن الصوت، وفن الصهبة، وفن الدانات، وفن الينبعاوي، وفن المجس. ويأتي ذلك التوثيق لضمان استمرارية التراث الموسيقي السعودي وتناقله بين الأجيال، مما يعزز الهوية الثقافية السعودية عن طريق إظهار التنوع الموسيقي الغني، وإبراز دوره في تشكيل الموروث الثقافي السعودي. بحوث مكتبية وتتضمن أعمال البرنامج في هذه المرحلة إجراء بحوث مكتبية، وحصرًا ميدانيًا لتوثيق الفنون الموسيقية المختارة، وتعتمد في أساسها على منهجية "دليل توثيق التراث الثقافي وأرشفته الرقمية" الصادر عن وزارة الثقافة، والالتزام بمعايير منظمة اليونسكو لدراسة الخصائص الموسيقية والثقافية والاجتماعية لتلك الفنون، وحفظها وفق أعلى معايير التوثيق. تسجيل وتصوير الفنون وتقوم هيئة الموسيقى من خلال برنامج "طروق السعودية" بالعمل على تسجيل وتصوير الفنون الموثّقة، وإنتاج مواد مرئية، وسمعية، ومكتوبة؛ لتوفير مصدر متكامل وموثوق للباحثين والدارسين في مجال العلوم الموسيقية، والإسهام في إثراء المحتوى البحثي والدراسات الثقافية، وتشمل هذه المواد التدوين الموسيقي، والتدوين الحركي، والأفلام الوثائقية، والفيديوهات الأدائية لكل فن. وبالتعاون مع هيئة المسرح والفنون الأدائية، وهيئة التراث، ومركز ذاكرة الثقافة، أنجزت الهيئة عدة مراحل من برنامج "طروق"، شملت توثيقًا لفن المجارير، وجولات حصر وتوثيق شامل للفنون الموسيقية والأدائية في منطقتي عسير والباحة، وأنتجت خلال تلك المراحل ما يزيد عن 10 آلاف مادة توثيقية، ووفرت بعضها للجمهور عبر نشر 59 فيلمًا وثائقيًا على منصة شاهد. الحفاظ على التراث الموسيقي وبرنامج "طروق السعودية" في مختلف مراحله يهدف إلى الحفاظ على التراث الموسيقي السعودي وتوثيقه بمختلف ألوانه وخصائصه من ألحان وإيقاعات، وإبراز الفنون الموسيقية المتنوعة في مختلف مناطق المملكة العربية السعودية، وتسليط الضوء على دور الفنون الموسيقية في تشكيل الموروث الثقافي السعودي، والتوثيق بناءً على منهجية دليل توثيق التراث الثقافي وأرشفته بما يتماشى مع معايير اليونسكو، وإثراء المحتوى البحثي والدراسات الموسيقية بمصادر علمية مرئية مسموعة.