
ترامب يعارضها... لماذا يعرض بوتين وساطته بين إيران وإسرائيل؟
أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الأربعاء أن موسكو لا تزال مستعدة للاضطلاع بوساطة في المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران، الأمر الذي عرضه الكرملين الأسبوع الماضي لكنه لم يلق آذانا صاغية.
وجاء في بيان صادر عن الكرملين بعد اتصال بين الرئيس الروسي ونظيره الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أن "فلاديمير بوتين أكّد استعداد روسيا لتولّي الوساطة بغية دفع الحوار قدما". وأفاد البيان بأن بوتين تواصل مع "عدّة قادة أجانب" لعرض وساطة موسكو.
لكن الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفض عرض نظيره الروسي، معتبرا أن على بوتين أن ينهي أولا حربه في أوكرانيا.
وصرح ترامب للصحافيين في البيت الأبيض: "لقد عرض القيام بوساطة، فطلبت منه أن يسدي لي خدمة ويقوم بوساطة لنفسه. فلنهتم أولا بواسطة من أجل روسيا"، وأضاف مخاطبا بوتين: "يمكنك أن تهتم بذلك (النزاع في الشرق الأوسط) لاحقا".
ويسعى فلاديمير بوتين من خلال عرض وساطته في المواجهة العسكرية القائمة بين إسرائيل وإيران إلى إعادة موسكو إلى صدارة المشهد الدولي وحماية طهران، حليفه الرئيسي في الشرق الأوسط، حتّى لو كانت علاقتهما الوطيدة تشكّل عائقا لطموحاته هذه بحسب خبراء.
على مرّ التاريخ، أقامت روسيا علاقات جيّدة مع إسرائيل حيث تعيش جالية كبيرة ناطقة بالروسية. غير أن الغزو الروسي لأوكرانيا وحرب إسرائيل في غزة التي انتقدتها موسكو انعكسا سلبا عليها.
وسارعت السلطات الروسية إلى التنديد بالضربات الإسرائيلية على إيران الجمعة قبل أن يعرض بوتين تولّي الوساطة بين الطرفين.
وأشار الكرملين الثلاثاء إلى أنه "لاحظ تحفّظا" من إسرائيل على قبول وساطة خارجية.
وترى نيكول غراييفسكي من معهد "كارنيغي" البحثي أن لموسكو "مصلحة في حلحلة الوضع".
وتشير الباحثة إلى أن "روسيا لا تريد تغيير النظام في إيران، خصوصا إذا أدى ذلك إلى حكومة مؤيّدة للغرب من شأنها أن تضعف أهمّ شريك إقليمي لموسكو منذ الحرب في أوكرانيا".
ومنذ غزو أوكرانيا في مطلع 2022، تقاربت موسكو التي أقصاها الغرب من الساحة الدولية إلى حدّ بعيد من طهران.
وتتّهم كييف والدول المتحالفة معها إيران بتزويد الكرملين بمسيّرات وصواريخ قصيرة المدى في هجومه على أوكرانيا، ما تنفيه السلطات الإيرانية من جهتها.
وفي كانون الثاني/يناير، وقّعت روسيا وإيران الخاضعتان كلاهما لعقوبات غربية معاهدة شراكة استراتيجية شاملة لتوطيد العلاقة بينهما، لا سيّما في مجال "التعاون العسكري". غير أن هذه الاتفاقية لا تقوم مقام ميثاق الدفاع المتبادل كذاك الذي أبرمته موسكو مع كوريا الشمالية.
وعلى الصعيد الإقليمي خصوصا، لروسيا "مصلحة كبيرة" في عرض وساطتها، على قول تاتيانا كاستوييفا-جان من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري).
وتلفت الباحثة إلى أن "تغيّر النظام في سوريا جعلها تخسر نقاطا"، بعدما كانت موسكو وطهران كبار داعمي الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد.
في الماضي، نجحت روسيا في "الخروج من العزلة الدولية" إثر ضمّها شبه جزيرة القرم الأوكرانية في 2014 "من خلال الاضطلاع بدور لا غنى عنه في المنطقة"، بحسب كاستوييفا-جان.
وفي 2015، تدخّل الكرملين عسكريا في سوريا لإنقاذ نظام بشار الأسد خلال الحرب الأهلية. وفي السنة عينها، أيّد الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني الذي انسحبت منه واشنطن سنة 2018.
غير أن هذا التحالف مع إيران قد يقضي على آمال موسكو في التوسّط لحلّ النزاع مع إسرائيل.
ويعتبر المحلّل الروسي كونستانتين كالاتشيف أن وساطة من هذا القبيل "لن تكون موضع ثقة لا في أوروبا ولا في إسرائيل" باعتبار أن موسكو هي "حليفة إيران".
ولم يلق عرض الوساطة استحسان الاتحاد الأوروبي. وقد أكّد الناطق باسم المفوضية الأوروبية أنوار العوني الإثنين أن "روسيا ليست وسيطا موضوعيا".
وتوجّه وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو إلى موسكو الثلاثاء بالقول "إلى الكرملين الذي يريد إحلال السلام في الشرق الأوسط، ابدأوا بأوكرانيا!".
وترى تاتيانا كاستوييفا-جان أن "روسيا تسعى إلى جذب ترامب في المسائل التي تتخطّى أوكرانيا".
ومنذ أسابيع، يبدو أن الرئيس الأميركي الذي تعهّد قبل انتخابه تسوية النزاع في أوكرانيا "في خلال 24 ساعة" ينأى بنفسه عن الحرب الأوكرانية الروسية فيما يخيّم الجمود على المفاوضات بين الطرفين.
وفي مطلع حزيران/يونيو، قال الرئيس الروسي لنظيره الأميركي إنه يريد "المساهمة في حلّ" الخلافات القائمة بين واشنطن وطهران في الملفّ النووي الإيراني.
فهذه المسألة هي في قلب المواجهة العسكرية مع إسرائيل حليفة الولايات المتحدة والتي تقول إن هدفها هو منع طهران من التزوّد بالقنبلة الذرية بالرغم من نفي إيران المتكرّر لهذه الفرضية.
وتلفت نيكول غراييفسكي إلى أن موسكو "من خلال تأدية دور الوسيط الذي لا غنى عنه"، قد تنتهز هذه الفرصة "للمطالبة بتخفيف العقوبات التي تطالها وباعتراف ديبلوماسي وبالقبول بالأراضي الأوكرانية التي ضمّتها وبتصرّفاتها في أوكرانيا".
وإذا ما اضطلعت موسكو بالوساطة، فإن ذلك "سيضفي شرعية على دورها كقوّة كبيرة لا غنى عنها في وقت تنفّذ أكبر عدوان على الأراضي الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية"، بحسب آنا بورشيفسكايا من معهد واشنطن البحثي.
وبالنسبة إلى الباحث الروسي كونستانتين كالاتشيف، سيكون ذلك "نبأ حزينا" لأوكرانيا وأوروبا مع "تحويل انتباه" المجتمع الدولي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ 2 ساعات
- صدى البلد
محللة أمريكية: ترامب مرتبك ويثير القلق بمواقفه تجاه إيران وإسرائيل
قالت المحللة السياسية الأمريكية جنجر تشابمان، إن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة تعكس حالة اضطراب سياسي وتشوش استراتيجي، خاصة بعد إعلانه عن "نفاد صبره" ومطالبته إيران بالاستسلام غير المشروط. وأضافت تشابمان، خلال مداخلة مع الإعلامية فيروز مكي، ببرنامج "مطروح للنقاش"، المذاع على قناة "القاهرة الإخبارية"، أن خطاب ترامب من أمام البيت الأبيض تضمن لغة عدائية تجاه أطراف متعددة، منها الرئيس السابق جو بايدن، والمهاجرون غير الشرعيون، وروسيا، والصين، معتبرة أن هذا التصعيد اللفظي يأتي ضمن أسلوب ترامب التقليدي في إثارة الجدل والظهور بمظهر القائد الحازم، وهو نهج اعتاد عليه في أوقات الأزمات أو ضعف شعبيته. وأشارت إلى أن ترامب، رغم تظاهره بالانفتاح على الوساطة الروسية في الأزمة بين إسرائيل وإيران، لا يبدو متزنًا في مواقفه، ولا يقف على أرضية ثابتة، مما يُثير القلق بشأن قراراته المحتملة حال عودته إلى السلطة. وتطرقت تشابمان إلى اللقاء الذي جمع ترامب مؤخرًا بالسياسية الجمهورية تولسي جابارد، والتي أكدت له، وفق قولها، أن إيران لم تسعَ لامتلاك سلاح نووي منذ عام 2003. وأضافت أن ترامب أجرى أيضًا لقاءات إعلامية مؤخرًا تحدث فيها عن الحرب المرتقبة، وسط معارضة قوية من داخل الحزب الجمهوري نفسه، حيث يرفض عدد من الأعضاء البارزين، من بينهم النائب توماس ماسي، انخراط الولايات المتحدة في صراع عسكري مباشر بين إيران وإسرائيل.


صدى البلد
منذ 2 ساعات
- صدى البلد
غير مسئولة.. إيران تستدعي سفير سويسرا احتجاجا على تصريحات ترامب
استدعت وزارة الخارجية الإيرانية، اليوم، سفير سويسرا في طهران، الذي يمثل المصالح الأمريكية في إيران، وذلك للاحتجاج على التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي وصفتها طهران بـ"التهديدية وغير المسئولة". وذكرت وكالة تسنيم الدولية للأنباء أن عيسى كاملي، مساعد وزير الخارجية ومدير عام دائرة الشئون الأمريكية، سلّم السفير السويسري مذكرة احتجاج رسمية، مطالباً بإيصالها فوراً إلى الحكومة الأمريكية. وخلال اللقاء، أعرب كاملي عن استنكار طهران الشديد، محذّراً من العواقب المحتملة لهذه التصريحات التي قال إنها "تنتهك ميثاق الأمم المتحدة وتخالف مبادئ القانون الدولي"، واعتبرها دليلاً على "تواطؤ الإدارة الأمريكية مع الممارسات الإرهابية للكيان الصهيوني ضد إيران". وأكد أن "التهديد المباشر للسلم والأمن الدوليين من قبل رئيس الولايات المتحدة يمثل مسئولية يتحملها البيت الأبيض بالكامل". من جانبه، تعهّد السفير السويسري بنقل الاحتجاج الإيراني إلى واشنطن دون تأخير.


النهار
منذ 2 ساعات
- النهار
بوتين: يمكن إيجاد حل مناسب لإسرائيل وإيران
اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس، إنه "يمكن إيجاد حل" مناسب لكل من إسرائيل وإيران، مؤكداً أنّ الضربات الإسرائيلية "عززت" الدعم الشعبي للنظام في إيران. وقال بوتين لصحافيين من بينهم مراسل وكالة فرانس برس في حديث متلفز "هذه قضية حساسة، وبالطبع علينا أن نكون حذرين للغاية، لكنني أعتقد أنه يمكن إيجاد حل"، متحدثاً عن اتفاق محتمل يصب في مصلحة كل من إسرائيل وإيران. وأضاف: "نرى اليوم أن في إيران... تعزيزا للدعم الشعبي للقيادة السياسية للبلاد". تاريخياً، تتمتع روسيا بعلاقات جيدة مع إسرائيل حيث تعيش جالية كبيرة ناطقة باللغة الروسية. لكن الهجوم الروسي على أوكرانيا الذي بدأ عام 2022 والحرب التي تشنها إسرائيل على غزة والتي انتقدتها موسكو، أضعفت العلاقات بينهما، في حين سعت روسيا إلى تعزيز العلاقات مع طهران في السنوات الأخيرة. وعرض بوتين وساطة بلاده الجمعة، في اليوم الأول من المواجهة بين إسرائيل وإيران. وكرّر الكرملين هذا العرض الأربعاء، لكن الاتحاد الأوروبي استقبل الاقتراح بفتور معتبراً أن روسيا "لا تستطيع أن تكون وسيطاً موضوعياً". كما أنّ الرئيس الأميركي الذي قال في البداية إنه "منفتح" على اقتراح مماثل، غيّر نبرته الأربعاء. وصرح ترامب للصحافيين في البيت الابيض "لقد عرض القيام بوساطة، فطلبت منه أن يسدي لي خدمة ويقوم بوساطة لنفسه. فلنهتم أولا بواسطة من اجل روسيا"، واضاف مخاطباً بوتين "يمكنك ان تهتم بذلك (النزاع في الشرق الاوسط) لاحقاً".