logo
للدّوْخة مفاعيل… الجزائر تقصف الإمارات بوابل من الشهداء

للدّوْخة مفاعيل… الجزائر تقصف الإمارات بوابل من الشهداء

زنقة 20٠٥-٠٥-٢٠٢٥

بقلم : طالع السعود الأطلسي
الدولة في الجزائر تعتريها حالة دوخة استراتيجية حادة، ولعلها مزمنة… حواليها، جنوبا وغربا، الدول منهمكة في النهوض بتحديات التنمية… تواجه أسئلتها وتتحمل قلقها، وتحفر فيها ممرات إلى المستقبل… دولة الجزائر، في المنطقة، الوحيدة المسكونة بالماضي… تعاني أوجاعا في الذاكرة، تحجب عنها تبصر المستقبل… كل أساسات الدولة وثقافتها مشدودة إلى أسطورة المليون ونصف المليون شهيد في حرب التحرير من أجل استقلال الجزائر… وليس من أجل ما هي عليه دولة الجزائر اليوم وَهَب الشهداء حياتهم لها…
آخر أعراض حالة الدوخة الاستراتيجية للجزائر، ما أطلقته الدولة من غضبة 'مضرية' ضد دولة المارات العربية بكليتها… من خلال التلفزيون الرسمي، ليلةالجمعة، 2 ماي، شنت الجهة الرسمية الجزائرية على المارات العربية غارة سباب بمنسوب عال من الانفعالوالوقاحة مع صرَخات من الولولة والوعيد…
كان ذلك بسبب كلام لمؤرخ جزائري في حوار مع صحفية جزائرية، في برنامج بقناة 'سكاي نيوز'، تعرض لرأيمتداول، من بين آراء وأطاريح، في الأصول النسية والتوصيفات الأنتروبولوجية للهوية الجزائرية… ضمن الأسئلة المتصلة بهويات شعوب شمال إفريقيا… المؤرخ كان منفعلا وهو يردد ما هو معروف به من آراء، يعارضه فيها كثيرون ويسانده آخرون… والأمر كلهمحصور في برنامج تلفزي بقناة… الرجل كان على ثقة من أن ما قاله هو مجرد رأي وممارسة ثقافية… وغاب عنه أن ذلك ليس ممكنا في الدولة الجزائرية… صباح السبت، اعتُقل في الجزائر وتم تقديمه لقاضي التحقيق وهو الآن رهن الاعتقال في انتظار محاكمته بتهم سياسية قد تجر عليه أحكاما بالسجن لسنوات عديدة… ولعله سيلتقي في السجن نفسه بالكاتب بوعلام صنصال المعتقل بسبب آراء تاريخية…
غارة الهجاء الجزائري للإمارات العربية، حولت كلام المؤرخ في البرنامج التلفزي إلى هجوم إماراتي على الجزائر… موجه الغضبة الجزائرية تجاوز حدود اعتراض على كلام المؤرخ وعتاب أو حتى غضبة على القناة التلفزية… قصف المارات العربية 'بمجامعها'، ولم يترك في هجائه منفذا ولو بسيطا للتفاؤل الذي عمالعلاقات الجزائرية الإماراتية بعد المكالمة الهاتفية، يوم 31 مارس الماضي، بين الرئيسين الجزائري والماراتي، والتي تبادلا فيها 'تهاني العيد واتفقا فيها على لقاءقريب بينهما'… تفعلها الدوخة الاستراتيجية… العقل الموجه للدولة الجزائرية ضيع البوصلة وتراخت فيه ألياف النظر الواضح والدقيق، بحيث ينساق مع الانفعال إلى حد المرور من وضع تصفير العداد في العلاقات الجزائرية الإماراتية إلى تحويل مؤشر التوتر فيها من الصفر إلى 180 درجة… وها قد بدأت في حملة تجيِيشللقبائل ضد المارات في معركة لا تعنيهم ولا تفيدهم...
الجزائر اليوم تستنجد بالمليون ونصف المليون شهيد للتخفيف عليها من ضيق عزلتها السياسية في محيطها الجغرافي… ليس لديها في واقعها من منجزات ترفع مكانتها ولا مؤهلات جاذبة إليها… ضيعت بصَلف لا مبرر سياسي له، علاقاتها، في جنوبها، والذي تعتبره 'مجالا حيويا لأمنها القومي'… وحرضت بذلك على إنشاء 'تحالف دول الساحل' النافرة منها… دوختها الاستراتيجية هذه، أججت انفعالها، وهي الآن تقفز فوق فشلها الديبلوماسي إلى التهديد بالقوة العسكرية…المناورات، بالذخيرة الحية، في الجنوب الشرقي للجزائر، هي نوع من قرع طبول الحرب، خاصة ضد مالي… وهي حرب إذا قاد 'التشنج' الجزائر إليها ستكون حربا ضد الثلاثي الفريقي وضد الميلشيات الروسية هناك، ولن تقف عند حدود عملية تأديبية لمالي على تنطعها من 'الهيمنة' الجزائرية…
التحالف الثلاثي لدول الساحل، انتفض ضد الهيمنة الفرنسية، وبالتبعية ضد 'الحشرية' الجزائرية في أوضاع البلدان الثلاثة… وهو اليوم يرى في المغرب جدارةريادية لقطره، بقاعدة التشارك وبغاية 'الترابح' على 'الطريق الأطلسي نحو التنمية الفريقية'… والتحالف أصر على إشهار شكره لملك المغرب على مبادرته الأطلسية، والتي تؤمن لدول التحالف الانفلات من العزلة الجغرافية ومن وضع الفريسة في التربص الدولي بالمنطقة وخيراتها، للعبور إلى المحيط الأطلسي ومعه العبور إلى تنمية جماعية، تفاعلية واقعية ومستدامة…
الاستقبال الملكي، في الرباط، لوزراء خارجية تحالف دول الساحل، انطلاقة فعلية للمبادرة الأطلسية التي أطلقها الملك محمد السادس في أكتوبر من سنة 2023، بمناسبة الذكرى 48 للمسيرة السلمية لتحرير الأقاليم الصحراوية من الاحتلال السباني… موريتانيا، الواقعة جغرافيا بين المغرب ودول الساحل، هي منخرطة في مشروع أنبوب الغاز نيجيريا المغرب، والذي لوحده قاطرة تنموية إفريقية هامة، موضوعيا مؤهلة، بقيادتها الحالية المتبصرة بواقعية لمصالحها، للاندماج في 'الطريق الأطلسي للتنمية الفريقية'، بما يحررها من الضغط الجزائري،ويوسع آفاق تطلعاتها التنموية…
بهذا الوضع، العزلة الجزائرية ستضيق أكثر، بحيث تتبقى لها تونس وحدها، في شرقها، تتحملها ماليا وسياسيا، وفقط إلى حين، أن تعالج تونس نفسها من الهبوط الحاد في ضغط دورتها الديمقراطية وتتجاوزعبورها الطويل للمطبات السياسية…
الدولة الجزائرية هي اليوم في حالة شرود عن التحولات الاستراتيجية الفاصلة التي تخترق محيطها الجغرافي والسياسي… وهو شرود يحول بينها وبين النظر الواقعي المميز للدولة… هي اليوم في مرحلة ما بين تجديد ذاتي واستمالة النخب إليها والتصالح مع شعبها، وما بين المحافظة على بنيتها التقليدية، العسكرية المبنى والمعنى، والمتوسلة بذاكرة حرب التحرير بالمليون ونصف المليون شهيد، وبالأناشيد الحماسية لتديم المغنم لمن يسودُ فيها… قانون 'التعبئة العامة' أو تقنين حالة الاستنفار،سيطلق للجيش يديه ورجليه في البلاد ويفرض الالتحام الشعبي بالدولة، أي يحقنها بالنفس الشعبي قسْرا… وهذه علامة أخرى من علامات الدوخة الاستراتيجية… لأن الالتحام القوي والمنتج والدائم بين الدولة وشعبها، هو ذاك الطوعي، الواعي والذي حافزه الاشتراك في إنتاج الثروة الوطنية، والانتفاع المشترك بها…
الدولة في الجزائر، تسارع الخطى المسطرية لإقرار قانون 'التعبئة العامة'، وهو اليوم في البرلمان… قدّمه وزيرالعدل 'حافظ الأختام' السيد لطفي بوجمعة… نفس الوزير، سيصرح بأن قانونا تنظيميا سيصدر قريبا، يلزم المتقدمين لمباريات التوظيف في القطاع العام والمصالح الشبه عمومية، يلزمهم 'بشهادة سلبية تثبت عدم تعاطيهم للمخدرات والمؤثرات العقلية'… نفس الدولة تريد شعبها إلى جانبها، وتنادي فيها وعيَه، وتخاطب فيه حماسه الوطني، بينما تعتبر شبابه مدمني مخدرات وحشيش، بالطبيعة والقطع وفي الأصل… إلى أن يتحصّل على شهادة طبية تثبت سلامته من تأثير المخدرات… ومن دوخته الطبيعية… عجبا كيف تعكس الدولة دوختها على شعبها… ولله في دُوَله شؤون.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تزوير جديد للتاريخ.. الجزائر تدّعي خوض معركة وقعت قبل ولادتها في 1962
تزوير جديد للتاريخ.. الجزائر تدّعي خوض معركة وقعت قبل ولادتها في 1962

هبة بريس

timeمنذ 2 أيام

  • هبة بريس

تزوير جديد للتاريخ.. الجزائر تدّعي خوض معركة وقعت قبل ولادتها في 1962

هبة بريس في خطوة تكشف عن حجم الهوس المرضي الذي يعانيه النظام العسكري الجزائري في محاولته صناعة تاريخ وهمي من العدم، نشرت وزارة الدفاع الجزائرية على موقعها الرسمي وثيقة تتحدث عن 'تاريخ الجيش الوطني الشعبي الجزائري'، تزعم فيها دون حياء أن هذا الجيش المزعوم شارك في معركة زاما سنة 202 قبل الميلاد، أي قبل أكثر من ألفي عام من نشأة كيان اسمه 'الجزائر' أصلاً. صناع البروباغندا الجزائرية هذا العبث بالتاريخ، والذي لا يمكن تفسيره إلا كعرض من أعراض فقدان البوصلة الهوياتية، يجسد الوجه الحقيقي لنظام لم يَبنِ دولة بل بنى وهماً، ويحاول يائساً ملء فراغه التاريخي والرمزي بسرقة تراث الغير وتزييف الوقائع. ففي الوثيقة 'التعريفية' التي لا تمت للتعريف بصلة، تجرّأ صناع البروباغندا الجزائرية على ادعاء أن الجيش الجزائري شارك في الحرب البونية الثانية، وتحديداً في معركة زاما إلى جانب الملك ماسينيسا، متغافلين أن لا وجود لشيء اسمه 'الجيش الجزائري' ولا حتى 'الجزائر' نفسها في تلك الحقبة. الحقيقة التاريخية الموثقة تؤكد أن معركة زاما كانت بين القائد القرطاجي حنبعل والجنرال الروماني سكيبيو، وكان ماسينيسا حينها مجرد حليف للرومان، لا يمت بأي صلة لكيان أو جيش جزائري خيالي. لكن يبدو أن النظام الجزائري الذي أُسّس عام 1962، لا يطيق الاعتراف بأنه وليد اتفاق دولي (إيفيان) وليس امتدادًا لحضارة أو مشروع وطني مستقل. الخرافة الرسمية هذه الخرافة الرسمية ليست سوى انعكاس لانعدام الثقة بالنفس الذي يُمزق نخاع النظام الحاكم، ودليل قاطع على عقدة النقص التاريخية التي تدفعه إلى صناعة تاريخ مزور على مقاس دولة لم تكن. فالتزوير هنا ليس مجرد خطأ، بل سياسة ممنهجة، تحركها غريزة بقاء نظام فاقد للشرعية الشعبية، ومقطوع الجذور عن أي عمق حضاري حقيقي. إننا أمام نظام يعيش حالة إنكار وجودي، يحاول أن يغطي على فشله المتراكم داخليًا وعزلته خارجيًا، باختلاق بطولات تاريخية زائفة، لا تختلف في مضمونها عن القصص الأسطورية، لكنها في حقيقتها مجرد دليل إضافي على الانهيار الأخلاقي والفكري لمؤسسات دولة بنيت على الوهم.

تصعيد جزائري جديد يعمق الأزمة مع فرنسا
تصعيد جزائري جديد يعمق الأزمة مع فرنسا

الأيام

time١١-٠٥-٢٠٢٥

  • الأيام

تصعيد جزائري جديد يعمق الأزمة مع فرنسا

في خطوة جديدة، من شأنها تصاعد التوتر الدبلوماسي بين البلدين، أعلنت السلطات الجزائرية عن طرد عنصرين من جهاز الأمن الداخلي الفرنسي (DGSI) ، بعد دخولهما البلاد تحت غطاء 'جوازات سفر دبلوماسية'. ويتعلق الأمر، بحسب ما أفادت به قناة الجزائر الدولية الحكومية 'AL24 News'، بعنصرين ينتميان إلى جهاز الأمن الداخلي الفرنسي الواقع تحت وصاية وزير الداخلية برونو روتايو، وقد حاولا الدخول باستعمال جوازات دبلوماسية، دون مراعاة للقواعد المعمول بها، فتم إعلانهما 'شخصين غير مرغوب فيهما' من قبل السلطات الجزائرية. ونقل التقرر أن الجوازات الدبلوماسية يخضع لقواعد، منها إبلاغ سلطات بلد الاستقبال، مثلما تشير إلى ذلك اتفاقيات فيينا، إلى جانب المعاهدات الموقعة بين الجزائر وفرنسا في هذا الشأن. واتهم، في السياق، وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو بالوقوف وراء ما وصفه بـ'المناورة غير المقبولة'. يأتي هذا، بعدما سبق للجزائر، في منتصف أبريل، أن ألزمت 12 موظفا في السفارة الفرنسية، بمغادرة أراضيها في غضون 48 ساعة، ردًا على قرار القضاء الفرنسي حبس موظف قنصلي جزائري متهم باختطاف الناشط أمير ديزاد، وذكرت الصحافة الفرنسية أن الموظفين الاثني عشر، الذين قررت الجزائر طردهم، متخصصون في مكافحة الإرهاب ومعالجة ملفات الشرطة الجنائية، أو قضايا تزوير المستندات، بالإضافة إلى قضايا الهجرة. وفي رد فعل مباشر على ذلك، أعلنت الرئاسة الفرنسية عن استدعاء السفير الفرنسي في الجزائر للتشاور، في خطوة غير مسبوقة منذ استقلال الجزائر سنة 1962، فضلا عن اتخاذ قرار بطرد 12 من موظفي الشبكة القنصلية والدبلوماسية الجزائرية في فرنسا وإجراءات تصعيدية أخرى فجرها اعتراف باريس بمغربية الصحراء في يوليوز من العام الماضي، ما أغضب الجزائر التي تناصر جبهة 'البوليساريو' الانفصالية.

بالصور : قائد الملحقة الإدارية المسيرة يقود حملة واسعة لتحرير الملك العمومي بمراكش وسط ترحيب الساكنة
بالصور : قائد الملحقة الإدارية المسيرة يقود حملة واسعة لتحرير الملك العمومي بمراكش وسط ترحيب الساكنة

صوت العدالة

time٠٦-٠٥-٢٠٢٥

  • صوت العدالة

بالصور : قائد الملحقة الإدارية المسيرة يقود حملة واسعة لتحرير الملك العمومي بمراكش وسط ترحيب الساكنة

شنت السلطات المحلية بالملحقتين الإداريتين الحي الحسني والمسيرة الثانية، التابعة لمقاطعة المنارة بمدينة مراكش، صباح اليوم الإثنين، حملة ميدانية واسعة لتحرير الملك العمومي، تحت إشراف مباشر من قائد الملحقة الإدارية المسيرة وخليفته، وبمشاركة عناصر القوات المساعدة وأعوان السلطة. واستهدفت الحملة بالأساس شارع العندليب وشارع الداخلة ومحيط مسجد 'تحيحيت' بحي المسيرة، حيث تم رصد وإزالة عدد من التجاوزات التي طالت الأرصفة والمساحات العمومية، بما في ذلك عربات مجرورة، كراسي، ومقاعد تم نصبها بشكل عشوائي دون سند قانوني. كما شملت الحملة مراقبة تجهيزات السلامة داخل المحلات، وعلى رأسها قنينات إطفاء الحرائق، للتحقق من صلاحيتها واحترام المعايير الوقائية. وقد لقيت هذه الخطوة الميدانية ترحيباً واسعاً من طرف ساكنة الأحياء المعنية وزوار شارع الأحباس، الذين عبّروا عن ارتياحهم لهذا التدخل، مؤكدين على ضرورة مواصلة مثل هذه الحملات وتوسيعها لتشمل باقي النقط السوداء التي تعرف احتلالاً غير قانوني للملك العمومي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store