logo
القواعد من الذّكران

القواعد من الذّكران

الشروق٢٣-٠٧-٢٠٢٥
للفعل 'قعد' ثلاثة جموع، أحدها 'قاعدون' بزيادة واو ونون في آخره، وسماه النحويون جمع مذكر سالما، وثانيها 'قاعدات' بزيادة ألف وتاء في آخره وسماه النحويون جمع مؤنث سالما، وهناك جمع ثالث 'قواعد' وهو جمع مؤنث غير سليم، وهو خاص بالنساء اللائي غاض شبابهن، ويئسن من المحيض، ولا يرجون نكاحا..
لا أعني في هذه الكلمة القواعد من النساء الطيبات اللائي لا يتصابين، ولا يطمعن في 'أيام غيرهن'، وسعادتهن في مداعبة أحفادهن وأسباطهن ولكنني أعني هذه 'القواعد' من الذكران.
لا أسمي هؤلاء الذكران رجالا، لأن أهم مميزات الرجولة مفقودة عندهم فهم 'صلقع، بلقع' منها، وعلى رأسها المروءة والنجدة. أما الإيثار فهم بعيدون عنه بعد السماء السابعة عن الأرض السابعة، وشعارهم هو شعار سفهاء ولؤماء الجاهلية، وهو 'أنطعم من لو يشاء الله أطعمه'، ولن ننصر من لم ينصره الله، كما قال أحد 'علماء السلاطين' الذين يتلقون تعاليمهم من الشياطين لا من رب العالمين.
كلامي موجه لهؤلاء الحكام والأثرياء من العرب والمسلمين الذين يكنزون الذهب والفضة والجواهر الثمينة، ولا يعطون فتاتهم لإخوانهم المسلمين الذين يتعرضون لجميع أنواع الفتن ما ظهر منها وما بطن. ويا ليتهم يكنزون تلك الثروات في بلدانهم، ولكنهم يكنزونها في بلدان أعدائهم، الذين لا يستبعد – لأي سبب من الأسباب- أن يستحوذوا عليها، وتعودوا كما كان أوائلكم حفاة عراة تتكففون الناس.
الكارثة هي أن هؤلاء الحكام والأثرياء يجدون من بعض 'العلماء' تأييدا ودعاء لهؤلاء الفاسدين، حجتهم هي وجوب طاعة 'أولي الأمر'، ولو كانوا زناة، فجرة، طغاة، ظلمة.. مبذرين من إخوان الشياطين.
لقد أعماهم الشيطان فجعلهم يحصرون 'أولي الأمر' في الحكام والأمراء، رغم أن كثيرا من العلماء- إن لم يكن أكثر- يفسرون 'أولي الأمر' بأنهم هم العلماء والأمراء. وما أفقه الإمام محمد البشير الإبراهيمي الذي يسمي العلماء الحقيقيين 'ملوك الملوك'. (الآثار. ج 4، ص112)، وكان هو 'ملك الملوك' بعفته ورجولته وعلمه الذي لم يتاجر به.
لقد خنتم الله والعلم- أيها 'العلماء' فلم تجاهدوا لا بالمال ولا بالسلاح وبلا بأفضل الجهاد وهو 'كلمة حق أمام سلطان جائر'، فصرتم 'كالدراهم الزيوف، فيها من الدراهم استدارتها ونقوشها، وليس فيها جوهرها ومعدنها'. (المرجع نفسه ص 119).
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وَمَنْ أحسن قولاً ممن دعا إلى الله
وَمَنْ أحسن قولاً ممن دعا إلى الله

جزايرس

timeمنذ 4 ساعات

  • جزايرس

وَمَنْ أحسن قولاً ممن دعا إلى الله

سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص. عبادة الأخيار والأنبياءوَمَنْ أحسن قولاً ممن دعا إلى اللهجعل الله عز وجل للإنسان هدفًا نبيلاً وغاية عظيمة تكشف مدى رقيه وعظمة خلقه وذلك من خلال قول معروف أو نهي عن منكر فالإنسان كائن يتميز بالرقي ويختص بالعقل والحكمة فإذا تخلى عن رقيه وعقله وحكمته لم يفرق بينه وبين الحيوان شيء سوى الكلام الذي يخرج من اللسان وهي الصفة الوحيدة التي يختلف بها الإنسان عن الحيوان فأوجب عليه الله عز وجل أن يسخرها في سبيل عقله وحكمته ليتبين مدى رقيه عن غيره.فحينما جاء معاذ بن جبل رضي الله عنه يسأل عن ما يتفوه به من على لسانه في حديث النبي صلى الله عليه وسلم المشهور حذر النبي معاذ بن جبل حينما أَخَذَ بِلِسَانِهِ وَقَالَ: كُفَّ عَلَيْك هَذَا. قُلْت: يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: ثَكِلَتْك أُمُّك وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى وُجُوهِهِمْ -أَوْ قَالَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ- إلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟! .فالإنسان لم يخلق لكي يطلق لسانه مثل الحيوانات التي لا تكف عن العواء حين تجوع أو حين تريد أن تدرك شهوتها فالكلام شهوة مثل شهوة البقاء والتناسل لدى الحيوانات ولكن الإنسان خلق لغاية عظيمة قال تعالى في سورة الإسراء: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِير مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70 .وقال تعالى أيضا: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } [الذاريات: 56].*مهنة الأنبياء والأخيارفالدعوة إلى الله والحفظ على اللسان إلا فيم يدعو إلى حق أو ينهى عن منكر هي مهنة عظيمة اختص الله بها عز وجل الأنبياء والأخيار وذكر الله تعالى جماعة من الأنبياء في سورة النساء ثم قال: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: 165].فوظيفة الأنبياء هي دعوة الناس إلى الله تعالى تبشيرًا بالخير وتحذيرًا من الشر قال تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا . وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} [الأحزاب:45-46].وأمر الله عز وجل النبي أن يبين لأمته أن هذه وظيفته ووظيفة أتباعه من الأخيار والمؤمنين فقال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَة أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف:108].فقول الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (فصلت: 33) يعني أن الدعوة إلى الله هي وظيفة الرسل والأنبياء والأخيار من الناس والمؤمنين فكلهم مأمورون بدعوة الناس إلى توحيد الله وطاعته وإنذارهم عن الشرك به ومعصيته وهذا مقام شريف ومرتبة عالية لمن وفقه الله تعالى للقيام بها على الوجه الذي يرضي الله تعالى.والصالحون هم من حملوا شرف هذه المهمة قال تعالى: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ} [يس:20].روى مسلم في صحيحه من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال لعلي لما أرسله لقتال اليهود في خيبر: ا نفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه فوالله لأن يهدي الله بك رجل واحدًا خير لك من أن يكون لك حمر النعم .وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا .*فضل وثواب عظيمفهذا الشرف العظيم في الدعوة إلى الله له فضل وثواب عظيم فإن الداعي إلى الله يجري له ثواب من اهتدى بدعوته وهو نائم في فراشه أو مشتغل في مصلحته بل إن ذلك يجري له بعد موته لا ينتهي ذلك إلى يوم القيامة.والداعون إلى الله بعمل الخير والنهي عن الشر هم أحسن الخلق قولاً وعملاً ومرتبة حين دعوا إلى الله ودلوا الناس على طريقه و بيان توحيده وإخلاص العبادة له وحده لا شريك له وحذروهم من الشرك والمعصية والفواحش ما ظهر منها وما بطن فأصلحوا من أنفسهم وزكوها فعملوا الصالحات وأخلصوا لله العبادة و الطاعة وانقادوا لأوامره وانتهوا عن زواجره.وفي قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت 33] استفهام بمعنى النفي المتقرر أي: لا أحد أحسن قولا. أي: كلامًا وطريقة وحالة { {مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ} } بتعليم الجاهلين ووعظ الغافلين والمعرضين وقول الحق والنهي عن الباطل. فكلمة الحق والدعوة إلى الله هي أصل دين الإسلام بمجادلة أعدائه بالتي هي أحسن والنهي عما يضاده من الكفر والشرك والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعمل على حب الناس في دين الله بذكر تفاصيل نعمه وسعة جوده وكمال رحمته وذكر أوصاف كماله والترغيب في العلم والهدى من كتاب الله وسنة رسوله والحث على الخير بكل طريق موصل إليه من مكارم الأخلاق والإحسان إلى عموم الخلق ومقابلة المسيء بالإحسان والأمر بصلة الأرحام وبر الوالدين.

وَمَنْ أحسن قولاً ممن دعا إلى الله
وَمَنْ أحسن قولاً ممن دعا إلى الله

أخبار اليوم الجزائرية

timeمنذ 7 ساعات

  • أخبار اليوم الجزائرية

وَمَنْ أحسن قولاً ممن دعا إلى الله

عبادة الأخيار والأنبياء وَمَنْ أحسن قولاً ممن دعا إلى الله جعل الله عز وجل للإنسان هدفًا نبيلاً وغاية عظيمة تكشف مدى رقيه وعظمة خلقه وذلك من خلال قول معروف أو نهي عن منكر فالإنسان كائن يتميز بالرقي ويختص بالعقل والحكمة فإذا تخلى عن رقيه وعقله وحكمته لم يفرق بينه وبين الحيوان شيء سوى الكلام الذي يخرج من اللسان وهي الصفة الوحيدة التي يختلف بها الإنسان عن الحيوان فأوجب عليه الله عز وجل أن يسخرها في سبيل عقله وحكمته ليتبين مدى رقيه عن غيره. فحينما جاء معاذ بن جبل رضي الله عنه يسأل عن ما يتفوه به من على لسانه في حديث النبي صلى الله عليه وسلم المشهور حذر النبي معاذ بن جبل حينما أَخَذَ بِلِسَانِهِ وَقَالَ: كُفَّ عَلَيْك هَذَا. قُلْت: يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: ثَكِلَتْك أُمُّك وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى وُجُوهِهِمْ -أَوْ قَالَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ- إلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟! . فالإنسان لم يخلق لكي يطلق لسانه مثل الحيوانات التي لا تكف عن العواء حين تجوع أو حين تريد أن تدرك شهوتها فالكلام شهوة مثل شهوة البقاء والتناسل لدى الحيوانات ولكن الإنسان خلق لغاية عظيمة قال تعالى في سورة الإسراء: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِير مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70 . وقال تعالى أيضا: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } [الذاريات: 56]. *مهنة الأنبياء والأخيار فالدعوة إلى الله والحفظ على اللسان إلا فيم يدعو إلى حق أو ينهى عن منكر هي مهنة عظيمة اختص الله بها عز وجل الأنبياء والأخيار وذكر الله تعالى جماعة من الأنبياء في سورة النساء ثم قال: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: 165]. فوظيفة الأنبياء هي دعوة الناس إلى الله تعالى تبشيرًا بالخير وتحذيرًا من الشر قال تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا . وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} [الأحزاب:45-46]. وأمر الله عز وجل النبي أن يبين لأمته أن هذه وظيفته ووظيفة أتباعه من الأخيار والمؤمنين فقال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَة أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف:108]. فقول الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (فصلت: 33) يعني أن الدعوة إلى الله هي وظيفة الرسل والأنبياء والأخيار من الناس والمؤمنين فكلهم مأمورون بدعوة الناس إلى توحيد الله وطاعته وإنذارهم عن الشرك به ومعصيته وهذا مقام شريف ومرتبة عالية لمن وفقه الله تعالى للقيام بها على الوجه الذي يرضي الله تعالى. والصالحون هم من حملوا شرف هذه المهمة قال تعالى: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ} [يس:20]. روى مسلم في صحيحه من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال لعلي لما أرسله لقتال اليهود في خيبر: ا نفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه فوالله لأن يهدي الله بك رجل واحدًا خير لك من أن يكون لك حمر النعم . وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا . *فضل وثواب عظيم فهذا الشرف العظيم في الدعوة إلى الله له فضل وثواب عظيم فإن الداعي إلى الله يجري له ثواب من اهتدى بدعوته وهو نائم في فراشه أو مشتغل في مصلحته بل إن ذلك يجري له بعد موته لا ينتهي ذلك إلى يوم القيامة. والداعون إلى الله بعمل الخير والنهي عن الشر هم أحسن الخلق قولاً وعملاً ومرتبة حين دعوا إلى الله ودلوا الناس على طريقه و بيان توحيده وإخلاص العبادة له وحده لا شريك له وحذروهم من الشرك والمعصية والفواحش ما ظهر منها وما بطن فأصلحوا من أنفسهم وزكوها فعملوا الصالحات وأخلصوا لله العبادة و الطاعة وانقادوا لأوامره وانتهوا عن زواجره. وفي قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت 33] استفهام بمعنى النفي المتقرر أي: لا أحد أحسن قولا. أي: كلامًا وطريقة وحالة { {مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ} } بتعليم الجاهلين ووعظ الغافلين والمعرضين وقول الحق والنهي عن الباطل. فكلمة الحق والدعوة إلى الله هي أصل دين الإسلام بمجادلة أعدائه بالتي هي أحسن والنهي عما يضاده من الكفر والشرك والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعمل على حب الناس في دين الله بذكر تفاصيل نعمه وسعة جوده وكمال رحمته وذكر أوصاف كماله والترغيب في العلم والهدى من كتاب الله وسنة رسوله والحث على الخير بكل طريق موصل إليه من مكارم الأخلاق والإحسان إلى عموم الخلق ومقابلة المسيء بالإحسان والأمر بصلة الأرحام وبر الوالدين. حقوق النشر © 2024 أخبار اليوم الجزائرية . ة

التدافع بين الناس سنة ربانية وسبيل للتمكين في الأرض
التدافع بين الناس سنة ربانية وسبيل للتمكين في الأرض

الشروق

timeمنذ 20 ساعات

  • الشروق

التدافع بين الناس سنة ربانية وسبيل للتمكين في الأرض

إن سنة التدافع متعلقة بالتمكين تعلقًا وطيدًا «فالله تعالى يعلم أن الشر متبجح، ولا يمكن أن يكون منصفًا، ولا يمكن أن يدع الخير ينمو – مهما يسلك هذا الخير من طرق سلمية موادعة – فإن مجرد نمو الخير يحمل الخطورة على الشر، ومجرد وجود الحق يحمل الخطر على الباطل، ولا بد أن يجنح الشر إلى العدوان، ولا بد أن يدافع الباطل عن نفسه بمحاولة قتل الحق وخنقه بالقوة… فمن هنا يقع التدافع بين الحق وأهله، والباطل وحزبه، وتلك سنة الله، ولن تجد لسنة الله تبديلاً» (1). «وهي سنة فطرية جارية بين الناس حفظًا لاستقامة حال العيش، واعتدالاً لميزان الحياة» (2). لقد ورد تقرير هذه السنة الربانية في القرآن الكريم بصفة عامة ولكن جاء التنصيص عليها في آيتين كريمتين منه (3): الآية الأولى: قوله تعالى في سورة البقرة: ( وَلَوْلاَ دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ) [البقرة: 251]. الآية الثانية: قوله تعالى في سورة الحج: ( وَلَوْلاَ دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسمُ اللهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ) [الحج: 40]. والملاحظ أن آية البقرة تأتى بعد ذكر نموذج من نماذج الصراع بين الحق والباطل المتمثل في طالوت وجنوده المؤمنين، وجالوت وأتباعه، ويذيل الله تعالى الآية بقوله: (وَلَكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ) [البقرة: 251]، (مما يفيد أن دفع الفساد بهذا الطريق إنعام يعم الناس كلَّهم) (4). وتأتى آية الحج بعد إعلان الله تعالى أنه يدافع عن أوليائه المؤمنين، وبعد إذنه لهم – سبحانه – بقتال عدوهم، ويختتم الآية بتقرير الله تعالى لقاعدة أساسية: (وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ) [الحج: 40]. إن من الضروري للأمة الإسلامية أن تعي سنة الله تعالى في دفع الناس بعضهم ببعض: «لتدرك أن سنة الله تعالى في تدمير الباطل أن يقوم في الأرض حق يتمثل في أمة، ثم يقذف الله تعالى بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق» (5). إن الحق يحتاج إلى عزائم تنهض به، وسواعد تمضى به، وقلوب تحنو عليه، وأعصاب ترتبط به.. إنه يحتاج إلى الطاقة البشرية، الطاقة القادرة القوية، والطاقة الواعية العاملة.. إنه يحتاج إلى جهد بشري، لأن هذه سنة الله تعالى في الحياة الدنيا سنة ماضية (6): (فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً ) [فاطر: 43]. وهكذا يتضح أن سنة التدافع من أهم سنن الله تعالى في كونه وخلقه، وهي كذلك من أهم السنن المتعلقة بالتمكين للأمة الإسلامية, وما على الأمة إلا أن تعى هذه السنة، لتستفيد منها وهي تعمل لعودة التمكين الذي وعدت به من الله رب العالمين (7). ولذلك يهتم القرآن الكريم بتعليم المسلمين ما يهمهم من أمور دينهم ودنياهم، ويبين بكل جلاء ووضوح سنن الله تعالى في الآفاق والمجتمعات والأمم، ويبين كيفية وقوع هذه السنن وما هي الأسباب التي تتخذ، فعندما أراد الله لبنى إسرائيل أن ينصرهم على عدوهم ويمكن لهم في الأرض سبق ذلك التمكين وذلك النصر أمور ذكرها الله في قصة طالوت عليه السلام.. وقد أجاد سيد قطب – رحمه الله – في بيان هذه الحقائق فقال: (والعبرة الكلية تبرز من القصة كلها، هي أن هذه الانتفاضة- انتفاضة العقيدة – على الرغم من كل ما اعتورها أمام التجربة الواقعة من نقص وضعف، ومن تخلى القوم عنها فوجًا بعد فوج في مراحل الطريق على الرغم من هذا كله، فإن ثبات حفنة قليلة من المؤمنين عليها قد حقق لبنى إسرائيل نتائج ضخمة جدًا، فقد كان فيها العز والنصر والتمكين، بعد الهزيمة المنكرة، والمهانة الفاضحة، والتشريد الطويل، والذل تحت أقدام المتسلطين، ومن خلال التجربة تبرز بضع عظات أخرى جزئية، كلها ذات قيمة للجماعة المسلمة في كل حين من ذلك: 1- أن الحماسة الجماعية، قد تخدع القادة لو أخذوا بمظهرها فيجب أن يضعوها على محك التجربة، قبل أن يخوضوا بها المعركة الحاسمة. 2- أن اختبار الحماسة الظاهرة والاندفاع الثائر في نفوس الجماعات، ينبغي أن لا يقف عند الابتلاء الأول. أ- فإن كثرة بنى إسرائيل هؤلاء قد تولَّوا بمجرد أن كتب عليهم القتال استجابة لطلبهم، ولم تبق إلا قلة مستمسكة بعهدها مع نبيهم، وهم الجنود الذين خرجوا مع طالوت. ب- ومع هذا فقد سقطت كثرة هؤلاء الجنود في المرحلة الأولى وضعفوا أمام الامتحان الأول، وشربوا من النهر، ولم يجاوز معه إلا عدد قليل. ج- وهذا القليل لم يثبت كذلك إلى النهاية، فأمام الهول الحي، أمام كثرة الأعداء وقوتهم، تهاونت العزائم، وزلزلت القلوب. د- وأمام هذا التخاذل ثبتت القلة القليلة المختارة، واعتصمت بالله، ووثقت بوعده، وهي التي رجحت الكفة وتلقت النصر، واستحقت العز والتمكين. لقد تمت تصفية بنى إسرائيل ثلاث مرات، وخلاصة الخلاصة، هم الذين صدقوا الله في الجهاد فصدقهم الله وعده، وأنزل عليهم نصره. 3- في ثنايا هذه التجربة تكمن عبرة القيادة الصالحة الحازمة المؤمنة، وكلها واضحة في قيادة طالوت – تبرز فيها: أ- خبرته بالنفوس. ب- عدم اغتراره بالحماسة الظاهرة. ج- عدم اكتفائه بالتجربة الأولى. د- محاولته اختبار الطاعة والعزيمة في نفوس جنوده قبل المعركة. هـ – فصله للذين ضعفوا، وتركهم وراءه. و- ثم – وهذا هو الأهم – عدم تخاذله، وقد تضاءل جنوده تجربة بعد تجربة، ولم يثبت معه في النهاية إلا تلك الفئة المختارة فخاض بها المعركة. 4- والعبرة الأخيرة التي تكمن في مصير المعركة.. أن القلب الذي يتصل بالله، تتغير موازينه وتصوراته، لأنه يرى الواقع الصغير المحدود بعين تمتد وراءه إلى الواقع الكبير الممتد الواصل، وإلى أصل الأمور كلها وراء الواقع الصغير المحدود، فهذه الفئة المؤمنة الصغيرة التي ثبتت وخاضت المعركة وتلقت النصر كانت ترى من قلتها وكثرة عدوها، ما يراه الآخرون الذين قالوا: ( لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ) ولكنها لم تحكم حكمهم على الموقف إنما حكمت حكمًا آخر، فقالت: ( كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ) ثم اتجهت لربها تدعوه: (رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ) وهي تحس أن ميزان القوى ليس في أيدي الكافرين، إنما هو في يد الله وحده، فطلبت منه النصر، ونالته من اليد التي تملكه وتعطيه. وهكذا تتغير التصورات والموازين للأمور عند الاتصال بالله حقًا، وعندما يتحقق في القلب الإيمان الصحيح، وهكذا يثبت أن التعامل مع الواقع الظاهر للقلوب أصدق من التعامل مع الواقع الصغير الظاهر للعيون!. ولا نستوعب الإيحاءات التي تتضمنها القصة، فالنصوص القرآنية – كما علمتنا التجربة- تفصح عن إيحاءاتها لكل قلب بحسب ما هو فيه من الشأن، وبقدر حاجته الظاهرة فيه. ويبقى لها رصيدها المذخور، تتفتح به على القلوب، في شتى المواقف، على قدر مقسوم (8). إن القرآن الكريم يحتاج منا إلى تأمل وتفكر عميق، وسنجد خبرات لا تعد ولا تحصى في كل شئون الحياة الدنيوية والأخروية، وتمد العاملين من أجل الإسلام بالصبر والثبات. إن دعاء القلة المؤمنة ( رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ) ليس خاصًا بها، بل يصلح لكل فئة مجاهدة صابرة، تقف أمام أعدائها، وهناك لفتة في ترتيب فقرات الدعاء الثلاثة: الصبر وتثبيت الأقدام والنصر، فكل فقرة مبنية على ما قبلها وترتيبها ترتيبًا مرحليًا، فعند مواجهة الأعداء يحتاج المجاهد أولاً إلى الصبر- بمفهومه الشامل وميادينه المتعددة – فإذا صبر حاز المرحلة الثانية وهي ثباته وتثبيت قدميه، ولن تثبت الأقدام إلا عند الصابرين وإذا ثبتت الأقدام واستبسل المجاهد في القتال نصره الله على الأعداء، ونلاحظ في الدعاء الالتفات إلى أهمية الحالة النفسية والناحية المعنوية، وتقديمها على الحالة الخارجية المادية، ولذلك قدم الصبر على المعركة، وعلى تثبيت الأقدام فيها، كما نلاحظ تناسقًا وتنسيقًا بين موقفي اغترافهم من النهر اغترافًا، بينما يطلبون إفراغ الصبر عليهم إفراغًا، وصبّه عليهم صبًا، ولعل في هذا إشارة أخرى: فمن استعلى على الدنيا وحاجاتها، لم تتعبده ملذاتها، من حرم نفسه من بعض متاعها ومباحاتها، ابتغاء وجه الله، عوّضه الله عن ذلك، وأمده الله بمدد من عنده، فها هي القلة المؤمنة امتنعت من الشرب من النهر، واستعلت بذلك على متاع الدنيا ومباحاتها، فعوّضها الله عن ذلك الصبر حيث أفرغه عليهم إفراغًا، ونلاحظ: أن داود عليه السلام خرج من وسط الجيش المجاهد، فمن ميدان المعركة بدأ أمره، وترقى في طريق القيادة والملك والحكمة والمسئولية، وفي هذا إشارة إلى أن العمل هو الذي يخرج القادة، والميدان هو الذي يكشف عن المواهب، فالقائدان طالوت وداود ظهرا من وسط الناس، وقدمهما للناس الميدان والعمل والواقع، فهذه هي طريقة القادة الذين يقودون الأمة إلى طريق النصر والتمكين (9). ومن حكمة الله تعالى في قتل داود لجالوت، أن داود كان فتى صغيرًا من بنى إسرائيل، وجالوت كان ملكًا قويًا وقائدًا مخوفًا… ولكن الله شاء أن يرى القوم وقتذاك أن الأمور لا تجرى بظواهرها، إنما تجرى بحقائقها، وحقائقها يعلمها هو، ومقاديرها في يده وحده، فليس عليهم إلا أن ينهضوا بواجباتهم، ويفوا الله بعهدهم ثم يكون ما يريده الله بالشكل الذي يريده. وقد أراد أن يجعل مصرع هذا الجبار الغشوم على يد هذا الفتى الصغير، ليرى الناس أن الجبابرة الذين يرهبونهم ضعاف يغلبهم الفتية الصغار حين يشاء الله أن يقتلهم. إن انتصار بنى إسرائيل على جيش طالوت نوع من أنواع التمكين التي ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم, وإن النظرة المتأملة للقرآن الكريم تكسب الذين يسعون لتحكيم شرع رب العالمين تجارب بشرية ضخمة, وتمدهم بتجارب الموكب الإيماني كله في جميع مراحله، وتورّث أجيال الأمة ميراث الأنبياء والمرسلين في نظرتهم للواحد الديان، والحياة، والكون، وحقيقة الإنسان ومناهج التغيير التي خاضوها في هذه الحياة. المصادر والمراجع: ([1]) في ظلال القرآن، سيد قطب، (2/742). (2) انظر: التمكين للأمة الإسلامية لمحمد السيد محمد، ص 218. (3) المصدر نفسه، ص 219. (4) الفخر الرازي، مفاتيح الغيب (3/514). (5) في ظلال القرآن، سيد قطب، (2/1091) (6) انظر: لقاء المؤمنين لعدنان النحوي (2/117). (7) انظر: التمكين للأمة الإسلامية، محمد السيد محمد، ص 225. (8) في ظلال القرآن، سيد قطب، (1/260- 263). (9) انظر: مع قصص السابقين في القرآن، صلاح الخالدي، (1/332). (10) فقه النصر والتمكين، علي محمد الصلابي، ط1، مكتبة التابعين، القاهرة، 2001، ص 85-90.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store