logo
سوريا إلى الحرب الأهلية؟ وماذا عن لبنان؟

سوريا إلى الحرب الأهلية؟ وماذا عن لبنان؟

ثمة تناقض واضح بين العبارات الإيجابية التي أغدقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على نظيره السوري أحمد الشرع بعد اجتماعه به في السعودية، وبين كلام وزير خارجيته ماركو روبيو أمام الكونغرس الأميركي، والذي "بشّر" بحرب أهلية في سوريا خلال أسابيع تؤدي الى تقسيم البلاد. فقرار رفع العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا من المفترض أن يواكب نهضة إقتصادية وسط استقرار داخلي لا العكس.
لذلك فإنّ توقعات روبيو الشديدة السواد حول المستقبل القريب لسوريا قد تكون بدّدت المشهد الواعد الذي خرج من السعودية قبل أيام معدودة. يومها ضجّت التسريبات حول التزام الشرع بالتطبيع مع إسرائيل، وبأنّ اجتماعات سرّية عُقدت في أذربيجان بين وفدين سوري وإسرائيلي في حضور وفد تركي في إطار ترتيب المشهد المقبل. أما المصادر الديبلوماسية الأميركية، فلم تتردّد في الكشف عن طلب ترامب ضرورة قيام سلطات دمشق ببسط سيطرتها الكاملة على سوريا، عبر إنهاء أي وجود لأي تنظيم مسلح خارج إطار الدولة السورية، واقتلاع المجموعات الإرهابية التي تتغلغل في سوريا، مستفيدة من الظرف الإنتقالي، مثل "داعش". ووفق هذه التسريبات، فإنّ الشرع أكّد قدرة أجهزته على تحقيق هذين الهدفين. لكن كلام روبيو يوحي بالعكس. فهو اعتبر أنّ في ظل التحدّيات التي تواجهها سوريا، قد نكون على بعد أسابيع من حرب أهلية شاملة ذات أبعاد مدمّرة تؤدي فعلياً إلى تقسيم البلاد.
وجاء كلام وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف ليزيد من منسوب الخطر القائم. فهو اعتبر أنّ بلاده تشعر بقلق عميق إزاء وجود نيات لتطهير عرقي حقيقي وعمليات قتل جماعي للناس، تقوم به الجماعات المتشدّدة وعلى أساس جنسيتهم وانتمائهم الديني.
وعلى أرض الواقع، فإنّ التطورات الأمنية تبعث على القلق وسط غموض للمسار المستقبلي للأوضاع. فشكوى لافروف ترافقت مع هجوم نادر تعرّضت له قاعدة حميميم الجوية العسكرية وبقيت تفاصيلها غير واضحة بسبب تكتم السلطات الروسية حولها. لكن الوسائل الإعلامية تحدثت عن سقوط قتلى في صفوف الجيش الروسي إثر محاولة تنظيم إرهابي لاقتحام القاعدة العسكرية الروسية.
وبالتأكيد فإنّ القلق من انفلات الأوضاع داخل سوريا ليس محصوراً بهذه الحادثة فقط. فعدا الجوانب الدموية التي رافقت أحداث الساحل السوري أولاً ومن ثم الأحداث مع الدروز، بدا أنّ هنالك نمواً مضطرداً لتنظيمات تتبنّى السلوك العنفي المتشدّد وسط تسجيل تهريب أسلحة إلى الداخل السوري. وهو واقع يشبه ولو من بعيد الواقع العراقي بعد إسقاط صدام حسين وبسط واشنطن نفوذها عليه. فالمصادر الرسمية السورية كانت قد تحدثت عن مصادرة شحنات أسلحة تتضمن مضادات للدروع وأخرى مزودة مناظير ليلية بالقرب من مدينة البوكمال شرق سوريا، وتحديداً بالقرب من الحدود مع العراق. وهنا يأتي السؤال الأهم عن الجهة التي تقوم بإمرار الأسلحة إلى داخل سوريا والقادرة على امتلاك هذا النوع من الأسلحة.
وخلال الأشهر الماضية شهدت سوريا "ولادة" عدد من التنظيمات الدينية المتشدّدة، والتي تتوخّى الأساليب العنفية لتحقيق أفكارها. وأبرز ما سُجّل ولادة تنظيم حمل اسم "سرايا أنصار السنّة"، والذي تبنّى عشرات العمليات التي هدفت إلى القتل والتصفية الجسدية. وفي أحد بياناته أعلن التنظيم في وضوح، أنّ هدفه "النصيرية" و"الروافض" أينما وجدوا على الأراضي السورية، وأنّ التنظيم لن يترك لهم فرصة ليعيدوا بناء مجدهم. طبعاً فالبيان يتحدث هنا عن العلويين. وتابع البيان بأنّ الهجمات ستكون وفق أسلوب "الذئاب المنفردة"، وأنّه ليس لدى التنظيم أي مكان ثابت يتمركز فيه، ولا مقرات ومكاتب، "فنحن قوة لامركزية".
والسؤال الذي لا بدّ منه هو حول طريقة تأمين هذا التنظيم الشبحي وغيره من التنظيمات التمويل المطلوب له، خصوصاً في ظلّ واقع إقتصادي ومعيشي مزرٍ في سوريا، وهو ما تعاني منه وبمقدار كبير القوات العسكرية التابعة لحكومة الشرع. ما يعني أنّ هذا التمويل يأتي من خارج الحدود، وأنّ الهدف هو دفع سوريا إلى الفوضى العارمة. ومنذ أيام معدودة انفجرت سيارة مفخخة وسط مدينة الميادين في شرق سوريا مستهدفة مركز شرطة المدينة. ويأتي ذلك بعد الحملة التي قام بها جهاز الأمن العام على خلايا تابعة لتنظيم "داعش" عند ضواحي حلب. وبالتالي فإنّ من المنطقي الربط بين العمليتين.
واستطراداً، فإنّ النمو السريع للخلايا العنفية مع تأمين مصادر تسليحها وتمويلها من خارج الحدود، يدفعان إلى التساؤل عمّا إذا كان هنالك من مشروع كبير يهدف لأخذ سوريا إلى فوضى يمكن استثمارها في إطار كسر القواعد الجديدة التي رست عليها سوريا، وإلى دفع الوضع في اتجاه إجراء فرز داخلي كامل على نار حامية. وهنا يصبح الملف المتعلق بالتطبيع مع إسرائيل وقوداً لحمّام الدم الآتي أكثر منه نافذة خلاص إقتصادية.
وبالتالي فإنّ الدعوات القائلة بوجوب الإندفاع وذهاب لبنان إلى البدء بإجراءات التطبيع مع إسرائيل تطرح كثيراً من علامات الإستفهام. فهو إما لا يفقه بما فيه الكفاية التركيبة اللبنانية ودقة ما تختزنه من تناقضات وتعقيدات، أو أنّه يدفع بالوضع اللبناني إلى أتون الفوضى مجدداً. ومن دعا إلى التمثل بالخطوة التي قام بها الشرع من "الزاوية"، فهو لن يتأخّر في العودة عن دعوته مع انكشاف المخاطر الأمنية التي باتت تحوط بسوريا.
في الأمس فتحت زيارة رئيس السلطة الفلسطينية للبنان ملف السلاح الفلسطيني في المخيمات، وهي بداية ممتازة ولو أنّها ليست المرّة الأولى. ذلك أنّ قراراً مشابهاً كان أعلنه عباس لدى زيارته لبنان في تموز 2013، ولكنه بقي حبراً على ورق. صحيح أنّ الظروف اللبنانية الداخلية اختلفت وكذلك المعادلة الإقليمية العريضة إضافة إلى الواقع الفلسطيني بعد الحرب المدمّرة في غزة، إلّا أنّ التسويات الكبرى لا تزال غائبة. فالتسوية الفلسطينية في غزة تراوح مكانها وسط استمرار تدفق شلال الدم. وكذلك التسوية الأميركية ـ الإيرانية لا تزال تخضع لمناورات الطرفين. وفي وقت بدت طهران "غير ممنونة" للموقع الذي احتلته السعودية بعد زيارة ترامب لها، رفع المرشد خامنئي من سقف "تشاؤمه" حيال احتمالات التوصل إلى اتفاق مع إدارة ترامب. وتلت هذا الكلام تسريبات أميركية عبر وسائل الإعلام، بأنّ إسرائيل تجهّز نفسها لضرب منشآت نووية إيرانية، وهي تعمل على ذلك بنحو منفرد.
لكن الواضح أنّ ما يحصل يدخل في إطار المناورات التفاوضية لا التحذيرات أو التهديدات الجدّية. فلا الظروف الخارجية توحي بأنّ الأجواء مهيأة للذهاب إلى المواجهات العسكرية، ولا الأوضاع الداخلية لكلا البلدين تملك "رفاهية" الإنزلاق في اتجاه الحروب. ما يعني أنّ التفاهم هو الخيار المحتوم. لكن السؤال هو متى وكيف ستكون هذه التفاهمات؟
وبالتالي، فإنّ الأجواء التمهيدية لزيارة الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس، والتي تتحدث عن مطالب يتعلق بعضها بالتطبيع مع إسرائيل وسط سقوف عالية قد لا تبدو واقعية، خصوصاً إذا ما نظرنا إلى المستجدات في سوريا وكلام روبيو.
لكن اللافت ما ردّده أحد الخبراء في السياسة الأميركية. فرداً على سؤال عمّا إذا كانت واشنطن تعتقد فعلاً أنّ لبنان قادر على السير في التطبيع مع إسرائيل، كان جوابه بأنّه لا يعتقد ذلك. قد يكون لواشنطن مطلب آخر يختبئ خلف مطلب التطبيع، وقد يتمّ الكشف عنه في التوقيت المناسب. أما الآن فالتركيز الحقيقي هو حول إعادة بناء ركائز الدولة اللبنانية، ولكن على أسس صحيحة وسليمة هذه المرّة.
جوني منير -الجمهورية
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

العراق يسلّم لبنان أكثر من مليون ونصف وجبة غذائية
العراق يسلّم لبنان أكثر من مليون ونصف وجبة غذائية

ليبانون 24

timeمنذ ساعة واحدة

  • ليبانون 24

العراق يسلّم لبنان أكثر من مليون ونصف وجبة غذائية

استقبل نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ، العلامة الشيخ علي الخطيب ، في مقر المجلس في الحازمية، وفداً عراقياً برئاسة رئيس لجنة الإغاثة العراقية في لبنان الدكتور حسن فدعم عسل، ضم ممثلين عن وزارة التجارة العراقية والسفارة العراقية في لبنان. وخلال اللقاء، اطلع الوفد الشيخ الخطيب على نشاط اللجنة وبرنامج عملها في لبنان، في إطار استمرار المساعدات العراقية إلى الشعب اللبناني. وفي هذا السياق، توجه العلامة الخطيب بالشكر إلى " العراق ، مرجعيةً وحكومةً وشعباً، على وقوفه الدائم إلى جانب لبنان"، مشيداً بما وصفه بـ"تجسيد حقيقي لمعاني الأخوة والتضامن". كما حمّل الخطيب الوفد رسالة شكر إلى رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، مشدداً على أهمية استمرار الدعم العراقي للبنان والمنطقة، والدور الريادي الذي تؤديه المرجعيات الدينية ، لا سيما سماحة السيد علي السيستاني. وفي تصريح عقب اللقاء، أعلن فدعم عسل أن المساعدات العراقية التي وصلت للبنان هي الوجبة الخامسة وتشمل "مليون و522 ألف وجبة طعام جاهزة"، تم تسليمها رسمياً للجانب اللبناني. وقال: "اللقاء مع سماحة الشيخ الخطيب كان مثمراً، وقد حملنا رسائل شكر وتقدير إلى العراق، حكومةً وشعباً ومرجعيةً". وأضاف: "العراق سيواصل الوقوف إلى جانب لبنان وغزة، وسيشارك في مشاريع إعادة الإعمار"، مشيراً إلى أن التبرعات التي وصلت "هي من الشعب العراقي إلى الشعب اللبناني، في تأكيد على عمق الروابط الأخوية".

منتدى "أمناء بيروت" التقى اللواء المصطفى: الأمن مسؤولية مشتركة
منتدى "أمناء بيروت" التقى اللواء المصطفى: الأمن مسؤولية مشتركة

ليبانون 24

timeمنذ ساعة واحدة

  • ليبانون 24

منتدى "أمناء بيروت" التقى اللواء المصطفى: الأمن مسؤولية مشتركة

عقد منتدى "أمناء بيروت" لقاءً مع الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع، اللواء الركن محمد المصطفى، حيث جرى بحث عدد من القضايا الجوهرية المرتبطة بالأمن الوطني، مع التأكيد المشترك على أهمية تعزيز جسور الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة. وأكد اللواء المصطفى خلال اللقاء أن "الأمن ليس مسؤولية الأجهزة الرسمية وحدها، بل هو مسؤولية وطنية مشتركة تتطلب تضافر جهود الدولة والمواطنين معاً"، مشدداً على "ضرورة رفع مستوى الوعي لدى المواطنين حول أهمية الشرطة المجتمعية، والحسّ الأمني الفردي، والتعاون مع الأجهزة الأمنية على أساس من الشفافية والاحترام المتبادل". واعتبر أن ذلك "من شأنه تعزيز مناعة المجتمع وتقليص أسباب التوتر". من جهته، نوّه رئيس وفد المنتدى، فادي غلاييني، بالدور الذي يؤديه اللواء المصطفى، مؤكداً أن "منتدى أمناء بيروت يشكّل قاعدة شعبية وازنة تدعم مسيرة العهد الجديد وتطلعاته الإصلاحية، لا سيما في ظل الجهود الحثيثة التي يبذلها فخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس مجلس الوزراء للنهوض بالبلاد". وأوضح غلاييني أن المنتدى يحرص على "تمتين العلاقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة، والعمل على تحقيق الإصلاح المنشود"، داعياً إلى إشراك المجتمع المدني بدور أكثر فاعلية في نشر الوعي الأمني وتحقيق الأمن المستدام. واتفق الطرفان على أن المرحلة الحالية "تتطلب أعلى درجات التعاون والشفافية، بما يكرّس سيادة القانون ويعزز مبادئ المساءلة والعدالة الاجتماعية"، في ظل آمال كبيرة معلّقة على الإصلاحات المنتظرة في المرحلة المقبلة.

عن المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة.. هذا ما كشفه تقرير لـNewsweek
عن المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة.. هذا ما كشفه تقرير لـNewsweek

بيروت نيوز

timeمنذ ساعة واحدة

  • بيروت نيوز

عن المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة.. هذا ما كشفه تقرير لـNewsweek

ذكرت صحيفة 'Newsweek' الأميركية أنه 'وفقًا للرئيس الأميركي دونالد ترامب، تقترب كل من بلاده وإيران من المرحلة النهائية من إبرام اتفاق نووي جديد. وخلال زيارته التي استمرت أربعة أيام إلى الشرق الأوسط الأسبوع الماضي، صوّر ترامب الاتفاق وكأنه قيد التوقيع. وكعادته، كان ترامب يُجمّل الواقع. لم تبدأ المفاوضات بين واشنطن وطهران إلا في 12 نيسان، لذا يصعب تصور اقتراب الطرفين من المرحلة النهائية لإبرام اتفاق نووي ذي طابع تقني عالي. فقد استغرقت إدارة باراك أوباما وإيران حوالي ثلاث سنوات للتفاوض على خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، وهي عملية شهدت نصيبها من التعثر. يبدو أن محادثات إدارة ترامب مع الإيرانيين لم تتطرق إلى التفاصيل الدقيقة، وهذا على الأرجح أحد أسباب تفاؤل المسؤولين الأميركيين والإيرانيين نسبيًا'. وبحسب الصحيفة، 'لا يريد ترامب لطهران أن تُماطل في المحادثات، وقد صرّح مرارًا بأن أمام الإيرانيين خيارين: إما التخلص من برنامجهم النووي بالطريقة السهلة أو بالطريقة الصعبة. والطريقة الصعبة، أي القوة العسكرية، ستكون كارثية عليهم. ورغم أنه قد يبدو من المبتذل القول إن الشيطان في أي اتفاق نووي يكمن في التفاصيل، إلا أن هذا القول صحيح أيضا. إن التفاصيل هي التي ستُحدد نجاح العملية الدبلوماسية برمتها أو فشلها. حاليًا، واشنطن وطهران عالقتان في أهم تفصيل على الإطلاق: هل سيتمكن الإيرانيون من تشغيل برنامج تخصيب اليورانيوم؟ وازدادت حدة خطاب ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب، بشأن ما هو مقبول وما هو مرفوض من قبل الإدارة الأميركية في أي اتفاق محتمل. وخلال مقابلة أجريت معه مؤخرًا، أكد ويتكوف أن 'لدينا خطًا أحمر واضحًا للغاية، وهو التخصيب. لا يمكننا السماح حتى بنسبة 1% من قدرة التخصيب'. وتتوافق هذه التعليقات مع تصريحات وزير الخارجية ماركو روبيو، الذي جادل بأن إيران حرة في امتلاك برنامج نووي سلمي طالما أنها تستورد الوقود اللازم لتشغيل المفاعلات'. وتابعت الصحيفة، 'وجاء الرد الإيراني على شكل تحد. بعد أن أشار وزير الخارجية الإيراني، سيد عباس عراقجي، إلى أن تصريحات ويتكوف العلنية لا تتوافق مع موقفه الفعلي في المحادثات، جدد تأكيده على حق إيران في التخصيب للأغراض السلمية. أما المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، الذي يتخذ كل القرارات الرئيسية المتعلقة بالسياسة الخارجية والأمنية لإيران، فلم يُعجبه الضغط العلني من الأميركيين، وكان رده، كعادته، غير دبلوماسي، داعيًا المسؤولين الاميركيين إلى 'تجنب التصريحات غير المنطقية'، ومشككًا في جدوى المفاوضات مع واشنطن. وبالنسبة للمراقبين من الخارج، يستحيل معرفة ما إذا كان هذا الخلاف الخطابي مجرد مناورة معتادة خلال المفاوضات المهمة، أم أنه مجرد توضيح لمواقفهما الحقيقية'. وأضافت الصحيفة، 'يشعر ترامب بضغط للتوصل إلى اتفاق مع إيران أقوى مما تفاوض عليه أوباما قبل عقد من الزمن. ووضع اتفاق أوباما النووي حدًا أقصى لمخزون إيران من اليورانيوم المخصب لضمان منع ما يسمى بالانفراج النووي، وخفض عدد ونوع أجهزة الطرد المركزي التي يمكن للعلماء الإيرانيين استخدامها، وسمح للمفتشين بمراقبة كافة جوانب العمل النووي لطهران. إلا أن ترامب والعديد من زملائه الجمهوريين أصرّوا على أن أوباما كان بإمكانه الحصول على المزيد من الإيرانيين، لكنه فشل في الضغط عليهم بشكل أكبر'. وبحسب الصحيفة، 'بتمسكه بسياسة عدم التخصيب، من المرجح أن يُفشل ترامب المحادثات النووية أكثر من حصوله على الصفقة الأفضل التي يطمح إليها. في الواقع، لقد انطلق قطار التخصيب منذ زمن بعيد. فالإيرانيون يُخصبون اليورانيوم منذ عام 2006، وأمضوا سنوات في بناء جهاز نووي بتكلفة باهظة تكبدوها نتيجة العقوبات الغربية والعزلة الدبلوماسية. أصبح البرنامج النووي برمته مصدر فخر للجمهورية الإسلامية، لذا فإن توقع تخلي الإيرانيين عنه، حتى لو تضمنت الفوائد إعادة فتح الاقتصاد الإيراني، هو على الأرجح ضرب من الخيال. لم تُقنع التجربة الأولى مع ترامب، التي انسحب خلالها من الاتفاق النووي وأعاد فرض عقوبات ثانوية على طهران، النخبة السياسية الإيرانية بأن واشنطن ستلتزم بأي شروط وقّعتها قبل سنوات'.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store