
كم عدد أيام الحج.. من يوم التروية إلى طواف الوداع بطريقة سهلة؟
{وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}، يرغب ملايين الحجاج في الاطلاع على مناسك الحج، ويبحث الكثير من المسلمين عن خطوات الحج خطوة بخطوة وأركان الحج وواجبات الحج وسنن الحج، و كم عدد ايام الحج، وغيرها من أدعية الحج كاملة، فهو موسم عظيم ذاخر بالحسنات واستجابة الدعوات وتنزيل الرحمات، وهنيئا لمن اغتنم موسم الحج ليكون جزاء حجه المبرور دخول الجنة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، لذا يقدم موقع صدى البلد خطوات الحج بالترتيب.
كم عدد أيام الحج
الحجّ مرتبة بحسب الأيام للدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية السابق ، وذلك مع بداية شهر ذي الحجة، و تكون كالتالي:
اليوم الثامن من ذي الحجة يوم التروية
أعمال الحج تبدأ من يوم التروية، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة، فيذهب الحاجّ المُفْرِد والقارن إلى منى ضحى، وكذلك المُتَمَتِّع لكن بعد أن يُحْرِم؛ لأنَّه قد تحلَّل من إحرامه بعد أداء العمرة.
ويُسْتَحَبُّ للذاهب إلى منى الاغتسال، ثم يلبس ملابس الإحرام، فإن كان متمتعًا فليحرم بالحج كما ذكرنا، وليكثر الحاجّ من التلبية.
ويصلّي الحاجّ في منى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، وله أن يقصر الرباعية، لكن بدون جمع.
والذهاب إلى منى والمبيت بها في هذا اليوم سنة.
ويجري تنظيم رحلات الحج المصري على الخروج في يوم التروية إلى عرفة مباشرة دون المبيت بمنى، ولا شيء على الحاجّ في هذه الحالة؛ لأنَّ المبيت بمنى سنة، واتباع النظام مطلوب؛ حتى لا تختلّ أمور الحجيج.
اليوم التاسع من ذي الحجة يوم عرفة
إذا طلعت الشمس يوم التاسع يُسْتَحَبُّ للحاجّ التبكير في الذهاب إلى عرفة، إن لم يكن قد ذهب إليها في اليوم الثامن كما سبق، وينبغي عليه أن يتأكد أنَّه داخل حدود عرفة؛ لأنَّ الحجّ عرفة، بل هو ركن الحج الأعظم، ولا يصحّ الحجّ بدونه، ولا يُقضى إن فات، ولا شيء يجبره من هدي أو صيام.
ويُصَلّي هناك الظهر والعصر جمع تقديم مع القصر، وهذا من السنة، لكن إن صلاهما جمع تأخير أو صلى كل صلاة في وقتها فلا شيء عليه.
وينتظر الحاج في عرفة إلى غروب الشمس، ويُسْتَحَبُّ له أن يكثر من الذكر والدعاء مُسْتَقْبِلًا القبلة.
والوقوف بعرفة مُمْتَدٌّ إلى طلوع الفجر من يوم العاشر فمَنْ أدرك عرفة في أي جزء من الليل قبل الفجر صحّ وقوفه بها ولا يُشْتَرَطُ للوقوف الطهارة.
الوقوف بمزدلفة
ثم يذهب الحاجّ بعد الغروب إلى مزدلفة، ومن السنة أن يصلي بها المغرب والعشاء والفجر، ثم يمكث فيها للدعاء والذكر إلى قرب طلوع الشمس من يوم العاشر.
والوقوف بمزدلفة عند الحنفية سنة مؤكدة، وعند الشافعية والحنابلة واجب، لكنهم رخصوا في الدفع بعد منتصف الليل، والمراد نصف الليل الشرعي وهو نصف ما بين غروب الشمس وطلوع الفجر؛ فيحسب الوقت ما بين الغروب والفجر، ثم يقسم على اثنين، ثم يضاف خارج القسمة من الساعات إلى وقت المغرب فيكون هذا هو وقت نصف الليل.
ويتحقق الوقوف بمزدلفة عند المالكية بمقدار "حط الرحال" وهو وقت يتسع لإنزال الأمتعة؛ لأنّ (الحط) معناه: الإنزال، و(الرحل): هو مَا يوضع على ظهر الْبَعِير للرُّكُوب وكل شَيْء يُعَدُّ للرحيل من وعَاء للمتاع وَغَيره ومسكن الْإِنْسَان وَمَا يَسْتَصْحِبُهُ من الأثاث.
وبعضهم قيَّده "بقدر حطّ الرحال وصلاة العشاءين، وتناول شيء من أكل فيها أو شرب".
وبقول المالكية نفتي في دار الإفتاء المصرية، فمَنْ أراد عدم المكث في المزدلفة، فليقلد من أجاز، بحسب ما ذكرنا، ومن أراد أن يترخص في الانطلاق من مزدلفة بعد منتصف الليل لرمي جمرة العقبة، فله ذلك خاصة للضعيف الذي لا يستطيع مزاحمة الناس.
فإذا دفع من مزدلفة بعد منتصف الليل فله أن يذهب لرمي جمرة العقبة، وكذلك له أن يذهب إلى مكة ليطوف ويسعى، ولو قبل الفجر إذا كان بعد منتصف الليل.
ومذهب الشافعية والحنابلة أن أول وقت جواز الطواف: هو بعد منتصف ليلة النحر، واتفق الحنفية والمالكية على أن أول وقت طواف الإفاضة: هو طلوع الفجر الثاني يوم النحر، فلا يصح قبله.
يوم العاشر من ذي الحجة يوم النحر
في هذا اليوم تتركز أكثر أعمال الحج، ففيها رمي جمرة العقبة، وذبح الهدي، وحلق الرأس، وطواف الإفاضة، ولا يجب فيها الترتيب، وإن كان المستحب فعلها على الترتيب الذي ذكرناه؛ لأنه فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
رمي جمرة العقبة
الجمرات ثلاث، وفي يوم النحر تُرْمَى واحدة فقط، وهي أقرب الجمرات إلى مكة، وتُسَمَّى جمرة العقبة الكبرى، فترمي فيها بسبع حصيات متعاقبات؛ أي: لا تَرْمِهَا دفعة واحدة، ويُسَنُّ التكبير مع كل حصاة، وتجمع الحصيات من أي مكان، وتكون الواحدة بقدر الحمصة.
ذبح الهدي
يذبح الحاجّ هديه، وهو واجب على القارن والمتمتع، والآن يدفع الناس ثمن الهدي لبعض الجهات الخيرية، والتي تقوم بالذبح وتوزيعه على الفقراء، بما عرف عند الناس بـ(الصكوك).
حلق شعر الرأس أو تقصيره
حلق الشعر يكون بالموسى، وتقصيره يكون بالمقص وغيره، والمقصود أخذ بعض شعر الرأس، والحلق أفضل من التقصير؛ لأنَّ النبيّ صلى اللَّه عليه وآله وسلم دعا للمحلّقين ثلاث مرات وللمقصرين مرة، والمرأة تقص من شعرها قدر أنملة الإصبع.
طواف الإفاضة
ويُسَمَّى أيضًا طواف الزيارة، أو طواف الركن، ويشترط له الطهارة؛ لأنَّه بمنزلة الصلاة إلَّا أنَّ اللَّه أباح الكلام فيه، كما ورد في الأثر، ويكون بالطواف حول الكعبة سبع أشواط، يبدأ الشوط من الحجر الأسود وينتهي عنده، ويجعل الكعبة عن يساره، أي: كما يقال يكون الطواف ضد عقارب الساعة، ولا نهاية لوقت الطواف عند بعض الفقهاء كالشافعية والحنابلة، لكن لا بد من الإتيان به، ولا يكفي الفداء عن أدائه إجماعًا؛ لأنه ركن، والركن لا يُجْزِئُ عنه البدل.
ثم يسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط، يبدأ فيها من الصفا وينتهي عند المروة، ولا يشترط للسعي الطهارة، وإن كان يستحب ذلك.
ورمي الجمرة والحلق أو التقصير والطواف، هذه الثلاث إذا فعل المُحْرِمُ منها اثنين كان مُتَحَلِّلًا تَحَلُّلًا أصغر، فيحلّ له كل شيء من محظورات الإحرام إلا النساء، فإذا أتى بالثالث منها كان مُتَحَلِّلًا التَّحَلُّل الأكبر فيحلّ له النساء أيضًا، فلو رمى الجمرة وحلق أو قصر، جاز له أن يلبس ما يشاء من المباح وأن يتعطر، وأن يطوف بمكة بهذه الهيئة.
ثم يكون المبيت بمنى ليلة الحادي عشر والثاني عشر، وكذلك الثالث عشر إن شاء.
يوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة أيام التشريق
وهذه ثاني وثالث ورابع أيام العيد؛ لأنَّ أول أيام العيد هو يوم النحر، كما تقدم.
حكم المبيت بمنى
والمبيت بمنى أيام التشريق سنة ليس واجبًا عند جماعة من الفقهاء كالسادة الحنفية، وهو قول للإمام أحمد وقول للإمام الشافعي، بناء على أنَّ المبيت ليس مقصودًا في نفسه، بل مشروعيته لمعنى معقول، وهو الرفق بالحاجّ؛ بجعله أقرب لمكان الرمي في غده، فهو مشروع لغيره لا لذاته، وما كان كذلك فالشأن فيه ألا يكون واجبًا، وعليه فمن احتاج أن يكون بمكة ليلًا أو حتى جدة فلا بأس بتقليد من لم يوجب المبيت.
والمطلوب فعله أيام منى هو رمي الجمرات الثلاث، كل واحدة بسبع حصيات متعاقبات، يكبر مع كل حصاة، كما سبق، يبدأ بالأولى وهي أبعدهن عن مكة، ويقف بعد رمي الجمرة الأولى والوسطى يدعو اللَّه مُسْتَقْبِلًا القبلة، ولا يقف بعد رمي الأخيرة.
ويجوز رمي الجمرات قبل الزوال وبعده، كما هو مذهب طائفة من السلف والخلف.
ومَنْ أتَمَّ الرمي في اليوم الثاني عشر، وهو ثاني أيام التشريق، فله أن يتعجّل فيخرج من منى قبل غروب الشمس، والأفضل أن يتأخر فيرمي الجمرات الثلاث في اليوم الثالث عشر؛ قال اللَّه تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: 203].

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شبكة النبأ
منذ 2 ساعات
- شبكة النبأ
التديُّن الشكليّ.. هل أصبح الأكثر شيوعاً
التديُّن الانتقائي، الذي يظهر من خلال أداء العبادات مثل الصلاة والصوم والحج، وفي الوقت نفسه، هناك إهمال لقيم أخلاقية أساسية مثل النزاهة الاجتماعية أو الأمانة في العمل. وهكذا، فإن التديُّن الانتقائي، أو ما يُعرف أحياناً بـ التديُّن الشكلي، هو ظاهرة نفسية واجتماعية تتجلى في تبني جوانب معينة من الدين... الهوية الدينية أو المذهبية غالباً ما تُختزَل في الانتماء العائلي أو الاجتماعي (مثل الانتساب إلى مذهب أو طائفة دون دراسة وفهم)، والممارسات الشكلية (أداء الصلاة، والصوم، أو اتباع العادات دون حضور القلب)، وأيضاً التمسك بالرموز الخارجية (اللباس، والشعارات، أو الخطابات). بالتالي، هذه الهوية تتبلور الى تديُّن، الذي هو نهاية المطاف، تدين ناتج عن انتماء اجتماعي - ثقافي – تقاليدي أكثر منه تديُّن عَقَدي، وهو تديُّن شكلي أكثر منه إيماني. في المقابل، هناك الانتماء الديني الحقيقي أو التديُّن الحقيقي، وهو إنتماء/تديُّن ناتج عن فَهْم الغاية من الدين، والغاية من العبادة (كالصلاة سبيلٌ لتهذيب النفس، لا مجرد حركات جسدية)، وتحويل القيم الدينية إلى سلوكيات أخلاقية (كالصدق، والعدل، والرحمة، والأمانة، والاحترام)، ثم التفكر في الآيات الكونية والقرآنية لترسيخ الإيمان وصقله والارتقاء به. وهكذا، يجب التمييز بين الدين كـ "إيمان وتديُّن حقيقي" والدين كـ "هوية اجتماعية وتديُّن شكلي"، من خلال أمثلة تاريخية ومعاصرة عن التديُّن الشكلي أو التديُّن غير الحقيقي: أمثلة تاريخية - المنافقون في عصر النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، ذكر القرآن الكريم صفاتهم: (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ)(البقرة: 9). كانوا يعلنون إيمانهم، ويشاركون المسلمين في عباداتهم، لكن قلوبهم فارغة من الإيمان، فانتقدهم القرآن الكريم لانفصالهم عن التديُّن الحقيقي أو جوهر الدين. - الخوارج في التاريخ الإسلامي، اشتهروا بالتمسك الحرفي بالنصوص والعبادات، لكنهم انحرفوا عن روح الإسلام حين سفكوا الدماء بحجة "التكفير". رُوي عن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنه قال في الخوارج: "أيها الناس إني سمعت رسول الله يقول: يخرج قوم من أمتي يقرؤن القرآن، ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء، ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء، ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء، يقرأون القرآن، يحسبون أنه لهم وهو عليهم، لا يجاوز قراءتهم تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية" (بحار الأنوار: ج 33 - ص 329). أي أن الخوارج كانوا يقرأون القرآن الكريم لكن لم يصل إلى قلوبهم ليُغيّر أخلاقهم، وكانوا يصلون ويصومون لكنهم كانوا في أبعد مكان عن الدين، فكان مآلهم أن يقاتلوا علياً بن أبي طالب الذي قال فيه نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله): "هذا أول مَنْ آمن بي، وأول مَنْ يصافحني يوم القيامة، وهذا الصدّيق الأكبر، وهذا فاروق هذه الأمة يفرق بين الحق والباطل، وهذا يعسوب المؤمنين" (*). وقال (صلى الله عليه وآله): "إن هذا أخي، ووصييّ، وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا" (**). فأي إيمان أو تدين لدى هؤلاء "المتدينين" وهو كفّروا وقاتلوا أمير المؤمنين. - تحوّل فقهاء أو علماء الدين إلى أدوات لتبرير سياسات الحكام الظالمين، متناسين وصايا وتحذيرات الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وقد قال: "ألا إن شر الشر شرار العلماء" (منية المريد: ص 137). وقال (صلى الله عليه وآله): "ويل لامتي من علماء السوء" (الكافي: ج 2 – ص 319). وعنه (صلى الله عليه وآله) لما سئل عن شر الناس، قال: "العلماء إذا فسدوا" (تحف العقول: ص 35). وقال (صلى الله عليه وآله): "سيأتي على أمّتي زمان لا يبقى من القرآن إلّا رسمه، ولا من الإسلام إلّا اسمه، يسمّون به وهم أبعد الناس منه، مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى، فقهاء ذلك الزمان شرّ فقهاء تحت ظلّ السماء، منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود" (بحار الأنوار. ج 2 – ص 109). أيضاً، قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) عن علماء الدين المنافقين: "وإنْ حكموا أسرفوا، قد أعدوا لكل حق باطلاً، ولكل قائم مائلاً، ولكل حي قاتلاً.. يقولون فيشبهون، ويصفون فيموهون.. فهم لمة الشيطان، وحمة النيران، أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون" (نهج البلاغة). لاشك، عند هذا النوع من العلماء، الانتماء الديني أو التديُّن "الشكلي" هو مجرد غطاء لتحقيق مصالح دنيوية، ولا شأن لها بقيم الدين ولا مبادئ التديُّن الحقيقي. أمثلة معاصرة - مجتمعات تهتم بالمظهر وتغفل عن الجوهر؛ مثل التركيز على "الحجاب الشكلي" دون مراعاة أخلاقيات التعامل كمن ترتدي الحجاب وتُسيء إلى جيرانها. أو الاهتمام ببناء المساجد الفاخرة بموازة إهمال القيم الإنسانية؛ مثل نصرة المظلوم، ومساعدة الفقراء، ونشر التسامح في المجتمع، وحُسْن التعامل مع الناس، أو مسؤول "متديِّن" يزعم أنه يدافع عن الدين أو الطائفة لكنه يسرق أموال الشعب، الذي أتباع ذلك الدين أو المذهب جزء منه، أو سياسي "متديِّن" يُقسِم على الحفاظ على حقوق شعبه لكنه يخون شعبه ويبيع وطنه. - الخطاب الديني أو الطائفي المُتعصِّب الذي يكرِّس انقسام المجتمع إلى طوائف متكارهة وفئات متناحرة وجماعات متنافرة، فيصبح الانتماء الديني أو المذهبي هوية عدائية تُبرِّر الكراهية، وتكرّس الضغينة، وتقصي قيم التسامح والتعايش والتعاون، بعيداً عن قوله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ (آل عمران: 103). مثال على ذلك، صراعات حول تفاصيل فقهية وتاريخية، بينما يتشاركون في الإهمال الأخلاقي (كترك السعي الى الإصلاح، أو السكوت عن الجور، أو عدم نصرة المظلوم، أو خذلان الفقير والمريض والمحروم، أو الكذب، أو الظلم). - التديُّن الانتقائي، الذي يظهر من خلال أداء العبادات مثل الصلاة والصوم والحج، وفي الوقت نفسه، هناك إهمال لقيم أخلاقية أساسية مثل النزاهة الاجتماعية أو الأمانة في العمل. وهكذا، فإن التديُّن الانتقائي، أو ما يُعرف أحياناً بـ التديُّن الشكلي، هو ظاهرة نفسية واجتماعية تتجلى في تبني جوانب معينة من الدين (غالباً الطقوسية أو المرئية) مع إهمال أو تجاهل القيم الأخلاقية والإنسانية الأساسية التي تشكل جوهر الدين. بالتالي، هو ممارسة الفرد أو الجماعة لبعض مظاهر التدين (كالصلاة، الصوم، الحجاب، الذهاب إلى الحج أو المسجد...) مع تجاهل أو تبرير السلوكيات غير الأخلاقية مثل الكذب، والغش، والظلم، والفساد. هذا النوع من التديُّن لا يُظهِر التزاماً متكاملاً بقيم الدين، بل يختار ما يناسبه، ويُهمّش ما يتطلب تضحية أو مراجعة للذات. - في جانب من كلمته الرمضانية السنوية، في العام الماضي 1445هـ، قال سماحة المرجع الديني السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله): "أتذكّر أنه قبل قرابة سبعين سنة كان الفساد نادراً. فمن يساوينا بالعمر، يتذكّرون ندرة وجود الفساد في ذلك الزمان بين الرجال والنساء. وعلى سبيل المثال: كان الطلاق في ذلك الزمان لا يقع إلاّ بالقليل والقليل، وكان مذموماً. وكذلك كان زواج الشباب والشابات في تلك الحقبة الماضية لا يواجه ما يواجهه اليوم من مشاكل وصعوبات، وكان الطلاق في كل شهر لا يتجاوز ثلاث حالات في كل محافظة كربلاء المقدّسة وحواليها وأطرافها، لكن إحصائيات الطلاق اليوم فاقت حدّ حتى التصوّر واتّسعت دائرته بشكل رهيب، فالكثير من حالات الطلاق تقع اليوم في أيّام الخطوبة والعقد بل وحتى في مراسيم إجراء عقد الزواج!" وأضاف سماحته: "الإحصائيات الكثيرة لعمليات الخطف والقتل والانتحار وتعاطي المخدرات والسرقات والرشاوى ازدادت في المجتمعات البشرية. وخلال ثلاثين سنة من وجودي في مدينة كربلاء المقدّسة لا أتذكّر وقوع حالة واحدة من الانتحار، ولكن نسمع في مجتمع اليوم دائماً انتحار فلان الشخص وآخر وآخر، ويخلقون بانتحارهم ويسبّبون تبعات مؤلمة لوالديهم أو لنسائهم أو لأبنائهم أو لأزواجهم ويتأثّروا به". والعراق من أبرز الأمثلة على التديُّن الشكلي. رغم أنه هذا البلد هو الأكثر بعدد العطل والمناسبات والفعاليات الدينية، على مستوى العالم، إلا أنه وبحسب المنظمات الدولية يحتل الصدارة في قائمة الفساد على مستوى العالم، فيما الفشل يدب في مفاصل الحكومة وعموم الحياة السياسية. بالإضافة الى الفساد في المجتمع من خلال الغش في بيع الأدوية والرشوة واختلاس المال العام، وصولاً إلى المحسوبية والتمييز في التعاملات الحكومية، على سبيل المثال. أيضاً تزايد خطير في تعاطي المخدرات، وارتفاع نسب انتحار الشباب. وبناءً على آخر تقرير لـ "منظمة الشفافية الدولية" عن مؤشر مدركات الفساد (CPI) لعام 2023، (على مقياس من "0 - شديد الفساد" إلى "100 - خالٍ من الفساد") كان الترتيب العالمي لـ: العراق (154 من 180 دولة)، لبنان (149 من 180 دولة)، مصر (130 من 180 دولة)، إيران (141 من 180 دولة)، وتركيا (101 من 180 دولة)، على سبيل المثال. بالتالي، فإن هذه الدول الخمس تعاني من مستويات فساد مرتفعة نسبياً، مع تفاوت في الأسباب، رغم وجود الحالة الدينية واضحة في مجتمعات هذه الدول. في الوقت أن لبنان والعراق من بين الأسوأ في المنطقة العربية، وفقاً لـ مؤشر مدركات الفساد (CPI). كيف يصبح التدين شكلياً؟ فَهْمُ الدين بمعزل عن العقل ما هو إلا تشويه للدين وانحراف في التدين، يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): "مَنْ لا عقل له لا دين له." وهكذا، حين يغيب العقل فإن العبادات والطقوس الدينية تصبح جوفاء، ويصبح التدين مجرد ممارسات شكلية لا تؤثر في السلوك، ولا تضبط الجوارح. فترى الشخص يُصلي ويصوم ويحج ويدعو الناس الى الورع والفضيلة، لكنه يكذب، ويغش، ويظلم، ويرتكب الفساد، وأيضاً يخون شعبه ويخذل بلده. أيضاً، يصبح التديُّن شكلياً أو مزيَّفاً، عندما يتحول إلى مجرد عادات أو تقاليد اجتماعية؛ مثل توارث الأفكار دون بحث أو اقتناع. ويصبح التديُّن شكلياً، عندما يُستخدم لأغراض سياسية؛ كأن ترفع جماعة شعارات دينية للوصول إلى السلطة. كما، يصبح التديُّن شكلياً، عندما يفتقد المراجعة النقدية، ويتحول الى إنسياق بلا حجة وانقياد بلا بيّنة. يُروى أن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) قد وجَّه عتاباً أو نقداً أو توبيخاً لجماعة من شيعته حضروا عنده بأجسادهم دون عقولهم وقلوبهم، فكانوا ساهين ولاهين وغافلين عن إدراك ما كان يقوله (عليه السلام)، وهو ما أغاظ الإمام، حتى أطرق ملياً، ثم رفع رأسه، وقال لهم كلاماً؛ دعاهم فيه الى التمسك بطاعة الله سبحانه، ثم وعظهم ليستردوا عقولهم، ويعودوا الى الإيمان الحقيقي والتديُّن الواعي، ومما قاله (عليه السلام): "إن كلامي لو وقع طرف منه في قلب أحدكم لصار ميتاً. ألا يا أشباحاً بلا أرواح، وذباباً بلا مصباح، كأنكم خشب مسندة وأصنام مريدة" (تحف العقول: ص 291). إن نَقْدَ أو توبيخ الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) لجماعة من شيعته أو لمجتمعات الدينية غير ملتزمة بقيم الدين وروح الإسلام، هذا النقد أو التوبيخ إنما هو تذكير بأن الإيمان/التديُّن ليس هوية تُورَّث أو شكلاً يُقلَّد، بل حركة وعي تُحيي القلب وترتقي بالسلوك الإيماني؛ قولاً وعملاً. فكما أن الشجرة الميتة -وإنْ كانت ضخمة- لا تُثمِر، فإن الانتماء بلا وعي داخلي يصبح فكرة فارغة أو حركة خاوية، كما أن التديُّن بلا فهم لجوهر الدين يصبح بلا مضمون. يقول المرجع الديني المجدد السيد محمد الحسيني الشيرازي (قده): "صحة المبادئ شيء، وتطبيق تلك المبادئ على الواقع شيء آخر، وإذا لم يطبّق الإنسان أعماله على تلك المبادئ الصحيحة، عاش حالة الدروشة." ويقول: "لا الدين وحده، ولا الأخلاق وحدها، بل دين وأخلاق. وهكذا؛ فمَنْ لا فضيلة له، لا دين له، وإنْ صلّى وصام وزكّى وحج، ومَنْ لا دين له، لا فضيلة له، وإنْ جاد وأعطى، وواسى ووفى." بهذا النص، الإمام الشيرازي الراحل يعيد يؤكد أن التديُّن الحقيقي وحدة عضوية بين الإيمان والعمل، وبين الاعتقاد والسلوك، ويحذّر (قده) من اختزال الدين في طقوس أو مظاهر تفتقر إلى العمق الأخلاقي. وهو بذلك يتماهى مع الرؤية القرآنية التي تُعلي من شأن التقوى كمرادف للعمل الصالح؛ (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ...)(البقرة: 177)، وأيضاً قوله سبحانه: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)(البيّنة: 5). في السياق، قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): "كم من صائمٍ ليس له من صيامه إلا الجوع، وكم من قائمٍ ليس له من قيامه إلا السهر والعناء" (غرر الحكم: ص 4763). وقال (عليه السلام): "إنَّ لأهل الدين علامات يُعرفون بها: صدق الحديث، وأداء الأمانة، والوفاء بالعهد، وصلة الأرحام، ورحمة الضعفاء، وقلة المؤاتاة للنساء، وبذل المعروف، وحسن الخلق، واتباع العلم، وما يقرّب إلى زلفى" (نهج البلاغة – الخطبة رقم 193). إن التديُّن الشكلي ليس جديداً، لكن تحوله إلى ظاهرة أو يصبح التديُّن الأكثر شيوعاً، يعكس أزمة في الفهم الصحيح للدين وتشوّه في التدين، في الوقت أنه يدل على أزمة في التديُّن الحقيقي، وهذه أزمة بالغة الخطورة، وإن هذه الخطورة لن تقف عند حد بل تشتد تداعياتها وتأثيراتها بمرور الأيام. وهكذا، فإن العلاج يبدأ بإعادة تعريف "التديُّن الحقيقي" كوحدة لا انفصام فيها بين العبادة والأخلاق، وبين القول والعمل، فإنما روح العبادة هي مكارم الأخلاق، وإن من التديُّن الحقيقي "احترام الذات"، يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): "مَنْ كَرُمت عليه نفسه لم يهنها بالمعصية" (غرر الحكم: ص 8730)، كما أن من التديُّن الحقيقي "حُسْن السلوك" مع الأسرة والأهل والجيران والأصدقاء والمجتمع، بل مع الجميع، يقول الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): "ينبغي للمؤمن أن يكون فيه ثمان خصال: وقورٌ في الهزاهز، صبورٌ عند البلاء، شكورٌ عند الرخاء، قانعٌ بما رزقه الله، لا يظلم الأعداء، ولا يتحامل للأصدقاء، بدنه منه في نَصَب، والناس منه في راحة، وإن العلم خليل المؤمن، والحلم وزيره، والصبر أمير جنوده، والرفق أخوه، واللين والده" (الخصال: ص 406). وإن التديُّن الحقيقي هو الذي وصفه الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) حيث قال: "المؤمن مَنْ طاب كسبه، وحسنت خليقته، وصحَّت سريرته، وأنفق الفضل مِنْ ماله، وأمسك الفضل مِنْ قوله، وكفى الناس شره، وأنصف الناس مِنْ نفسه" (الكافي: ج 2 - ص 235). إذن؛ أين غالبية الناس مِنْ هذه الصفات؟! أو أين غالبية الناس مِْن بعض هذه الصفات؟!!! ..................................... (*) أخرجه الطبراني في الكبير، وأخرجه البيهقي في سننه، وابن عدي في الكامل، وهو الحديث 2608 من أحاديث الكنز: ص 156 ج 6. (**) راجع تاريخ الطبري ج 2 ص 217، وتاريخ ابن الأثير ج 2 ص 22، وتاريخ أبي الفداء ج 1 ص 116، مسند أحمد بن حنبل ج 1 ص 111، والمستدرك للحاكم ص 159 ج 1).


ليبانون 24
منذ 5 ساعات
- ليبانون 24
سعاد نعمة الله افرام
إنتقلت الى رحمته تعالى المرحومة سعاد نعمة الله افرام أرملة المرحوم عبدو يوسف مونس والدة المرحوم دجو مونس والدتها المرحومة منيرة أنطون بركات رابطة الأصدقاء ودليلات لبنان والتجمع الكشفي الاجتماعي GSS أولادها: ماري جوزي زوجة ادكار افرام واولادهما وعائلاتهم ايليا وزوجته ماريا عازوري وعائلتهما غادة زوجة وسيم الهنود وعائلتهما شقيقاها: أنطوان افرام وزوجته مايا زريق وأولادهما وعائلاتهم ربيع افرام وزوجته ماريتا خليفة وأولادهما وعائلاتهم أرملة شقيقها المرحوم الوزير جورج افرام: حياة الخازن وأولادها وعائلاتهم، ابنها النائب نعمة جورج افرام أرملة شقيقها المرحوم شفيق افرام: ميراي طويلة وأولادها وعائلاتهم شقيقاتها : مارلين أرملة المرحوم أنطون الطياح وأولادها وعائلاتهم كلاديس زوجة نهاد الشمالي وأولادهما وعائلاتهم زاهية أرملة المرحوم الدكتور نديم نعمه وأولادها وعائلاتهم عائلات أولاد حميها المرحوم يوسف مونس وأولادهم وعائلاتهم يحتفل بالصلاة لراحة نفسها الثلاثاء 20 الجاري الساعة الثانية بعد الظهر كما تقبل التعازي قبل الدفن وبعده من الساعة 11 قبل الظهر حتى الساعة 8 مساء في صالون كنيسة السيدة، الشبانية. تقبل التعازي يوم الأربعاء 21 الجاري من الساعة 2 بعد الظهر حتى الساعة 7 مساءً، في صالون كنيسة سيدة المعونات، حارة صخر.


بيروت نيوز
منذ 8 ساعات
- بيروت نيوز
على وقع الفرح… السوريون يصلون إلى مكة من دمشق مباشرة
بين مشاعر الفرحة والامتنان، توافد الحجاج السوريون إلى بيت الله الحرام، قادمين من دمشق، لأداء مناسك الحج لهذا العام، حاملين في قلوبهم آمالًا وطموحاتٍ، بعد فترة من رفع العقوبات عن بلادهم. ]]> ووصل الحجاج السوريون إلى مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة، ومن ثم إلى مكة المكرمة، وسط ترحيب كبير من السلطات السعودية، حيث عبروا عن سعادتهم الغامرة بالوصول إلى الأراضي المقدسة لأداء مناسك الحج، رافعين أكف الضراعة بالدعاء أن يتقبل الله منهم حجهم. وحرصت السلطات السعودية على توفير كل سبل الراحة واليسر لحجاج بيت الله الحرام، حيث وفرت لهم كافة الخدمات اللوجستية والطبية والأمنية، ليؤدوا مناسكهم بكل سهولة ويسر. يأتي حج هذا العام بعد فترة من رفع العقوبات عن سوريا، مما أتاح الفرصة لعدد أكبر من السوريين لأداء فريضة الحج، في أجواء روحانية يسودها الأمل والتفاؤل بمستقبل أفضل. ويحمل الحجاج السوريون على عاتقهم دعواتهم للوطن بالخير والاستقرار والسلام.