
التصوير في صنعاء... مهنة تكافح للبقاء
أتاحت متنزهات العاصمة اليمنية صنعاء والمجسمات والنوافير فرص عمل غير متوقعة للمئات من الشباب العاملين في التصوير، بعد اتساع رقعة البطالة.
فبمجرد افتتاح مجسم أو نافورة جديدة يتزاحم المصورون هناك على المتنزهين عارضين التقاط الصور التذكارية، إذ إن التصوير بكاميرا احترافية على يد مصور متمرس، لا يزال هو المفضل لدى الكثير من الأشخاص رغم وجود الهواتف الذكية، خصوصاً مع قدرة المصورين على الإقناع بجودة عملهم.
ويتهكم وائل وهو عامل سابق في استوديو تصوير شهير في صنعاء، كان أغلق بسبب تبعات الانقلاب الحوثي والحرب بقوله: «أنشأت الجماعة الحوثية كثيراً من المجسمات والنوافير على حساب الخدمات التي حرمت الناس منها، لكنها وفرت لنا من خلالها فرص عمل».
ولجأ وائل للتصوير في الحدائق العامة والمتنزهات مقابل ما يقارب نصف دولار للصورة الواحدة (250 ريالاً حيث تفرض الجماعة الحوثية سعراً ثابتاً للدولار يساوي 534 ريالا)، ويحتاج يومياً لالتقاط 20 صورة على الأقل للحصول على ما يسد أهم نفقاته ونفقات عائلته والادخار منها لبعض الالتزامات الشهرية.
ومع ذلك تفرض الجماعة الحوثية قيوداً مشددة على التصوير والمصورين، إذ أجبرتهم على استصدار تراخيص من قطاع السياحة الذي تسيطر عليه بمبالغ كبيرة، إلى جانب الإتاوات المفروضة من قبل مشرفي الجماعة على المواقع التي يجري فيها التصوير.
قيود وجبايات
تتفاوت تكاليف إصدار ترخيص التصوير في الأماكن العامة بين 20 إلى 30 دولاراً (10 إلى 20 ألف ريال يمني)، وفق إفادة عدد من المصورين، حيث يخضع كل راغب في الحصول على الترخيص لاستجواب حول المنطقة التي سيزاول التصوير فيها.
وإلى جانب ذلك يُسأل الراغب في الحصول على الترخيص عن ثمن الكاميرا التي يحملها والمعدات الأخرى التابعة لها، وتتحكم مزاجية الأفراد المسؤولين عن إصدار التراخيص بالمبالغ التي تفرض على المصورين.
وكان التصوير في الحدائق والمتنزهات قبل الانقلاب الحوثي مهنة يمارسها العديد من المصورين بحرية في عدد من المواقع الهامة والأثرية والمتنزهات والحدائق، دون أي قيود أو شروط أو جبايات.
ويقول وجدي سعيد، وهو اسم مستعار لمصور صحافي سابق، تحول إلى العمل مصوراً في المتنزهات بسبب ممارسات الحوثيين ضد وسائل الإعلام، إن العمل في تصوير المتنزهين تحول إلى مهنة يتسابق الكثير من مالكي الكاميرات على مزاولتها في ظل البطالة الشديدة التي ضربت المجتمع والتضييق على الكثير من القطاعات التي كان المصورون يعملون فيها.
ويوضح سعيد لـ«الشرق الأوسط» أن البطالة ضربت مهنة التصوير بشكل عميق، بداية بما تعرضت له وسائل الإعلام، ولاحقاً المنظمات المحلية والدولية التي تعرضت بدورها لإجراءات تعسفية شملت اختطاف موظفيها واقتحام مقراتها والتحكم بأنشطتها وأعمالها.
ويرى أن الجماعة الحوثية لا تتسامح مع التصوير، ما لم يكن في خدمة مشروعها، ولذلك تسمح بالتصوير بجوار المجسمات التي أنشأتها أو أضرحة قتلاها، للترويج لمشروعها فقط، بينما تمنع تصوير الشوارع والمرافق الحيوية وما تعانيه من إهمال وتردٍّ، وقد تصل عقوبة ذلك إلى السجن والمحاكمة.
مداخيل محدودة
أنشأت الجماعة الحوثية خلال الأعوام الماضية كثيراً من المجسمات والنوافير بتكاليف باهظة تشير إلى حالات فساد ونهب للأموال العامة في ظل أوضاع معيشية معقدة.
ويتحسر المصور باسم في حديثه لـ«الشرق الأوسط» لما يعانيه وعدد من زملائه، إذ لا يحصلون على الكثير من الدخل، بسبب انتشار الهواتف المزودة بكاميرات عالية الجودة من جهة، وزيادة أعداد المصورين الذين يتزاحمون في المتنزهات، إلى جانب ما يجري اقتطاعه منهم كإتاوات.
ويشير إلى أن غالبية المصورين يلجأون إلى العمل لأوقات طويلة تبدأ منذ ساعات الصباح الباكر وحتى ساعات متأخرة من الليل، وخلال ذلك يضطرون إلى التخفي والهروب عند وصول المشرفين الحوثيين، خوفاً من أي إتاوات عشوائية يجري فرضها عليهم، أو معاقبتهم لأي سبب.
ويجبر المصورون على دفع المزيد من المبالغ تحت مسميات مختلفة، وغالباً دون سندات قبض، ومن ذلك، مقابل رسوم صيانة الأماكن العامة وتحسينها، ورسوم التشجير.
وتستغرب فاطمة حمود، وهو اسم مستعار لمصورة تعاني من البطالة بسبب قيود الحوثيين، من حرمان المصورين من تصوير الأماكن العامة، إذ تقتصر التراخيص التي يتم منحها للمصورين على السماح لهم بالتصوير في المتنزهات العامة فقط، ويمنع التصوير في الشوارع، وتشدد العقوبات على من يقوم بتصوير المؤسسات العامة.
وتُمنع النساء، بحسب إيضاحات حمود لـ«الشرق الأوسط»، من مزاولة التصوير في المتنزهات مثل الرجال، ويسمح لهن فقط بتصوير المناسبات النسائية.
وتعاني حمود في كل مرة تصطحب معها كاميرتها لتصوير مناسبة عائلية أو خلال الخروج مع أقاربها للتنزه في المناطق الريفية، حيث تتعرض للاستجواب حول أسباب حملها الكاميرا، وما إذا كانت تملك تصريحاً للتصوير.
ويصل الأمر في كثير من الأوقات إلى تفتيش الكاميرا والاطلاع على الصور التي تحتويها دون مراعاة لأي خصوصية، بحجة الاحتياطات الأمنية والتحقق من عدم مخالفة السياسة العامة للجماعة الحوثية بشأن التصوير.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ 3 أيام
- اليمن الآن
مؤسس 'ويكليكس' يرتدي قميصا عليه أسماء نحو 5 آلاف طفل فلسطيني قتلهم الاحتلال
يمن ديلي نيوز: ظهر مؤسس موقع ويكيليكس جوليان أسانغ مرتديًا قميصًا يحمل أسماء 4 آلاف و986 طفلا فلسطينيا قتلتهم إسرائيل في قطاع غزة خلال مشاركته في فعاليات مهرجان 'كان' السينمائي. وأوضح بيان على حساب لجنة دعم أسانغ في منصة 'إكس'، الثلاثاء، أن جوليان يشارك في مهرجان كان السينمائي في فرنسا من أجل عرض الفيلم الوثائقي 'رجل الستة ملايين دولار'، حول أسانغ. وأشار البيان إلى أن أسانغ شارك في المهرجان مرتديًا قميصًا يحمل أسماء 4 آلاف و986 طفلًا دون سن الخامسة قتلتهم إسرائيل في غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023. ولفت إلى أن الجانب الأخر من القميص يحوي عبارة 'أوقفوا إسرائيل'. وانطلقت فعاليات المهرجان بدورته الـ78 في 13 مايو/ أيار الحالي وتستمر حتى 24 من الشهر ذاته. وبدعم أمريكي يرتكب الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 جرائم إبادة جماعية بغزة خلّفت أكثر من 175 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، فضلا عن مئات آلاف النازحين. مرتبط أطفال غزة - مؤسس موقع ويكيليكس - اسرائيل -


اليمن الآن
منذ 4 أيام
- اليمن الآن
تيليجرام يطلق مسابقة عالمية بـ50 ألف دولار لتحدي واتساب وكشف تقليده
دخلت المنافسة بين عملاقي التراسل تيليجرام وواتساب مرحلة جديدة، بعد إعلان مؤسس تيليجرام بافيل دوروف إطلاق مسابقة عالمية لصناع المحتوى بجائزة تصل إلى 50 ألف دولار. يهدف التحدي إلى كشف "تقليد" واتساب لميزات تيليجرام وتسليط الضوء على ابتكارات الأخيرة، من خلال فيديو قصير لا يتجاوز 3 دقائق وباللغة الإنجليزية. يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في الإنتاج، ويُقيّم العمل على وضوح الرسالة، الإبداع، الطابع الكوميدي، والانتشار الفيروسي. آخر موعد للمشاركة 26 مايو 2025.


اليمن الآن
منذ 4 أيام
- اليمن الآن
50 ألف دولار: تيليجرام يتحدّى واتساب بجائزة نارية لصنّاع المحتوى
دخلت المنافسة الساخنة بين عملاقي التراسل، تيليجرام وواتساب، مرحلة جديدة من الإثارة، بعدما أعلن مؤسس تيليجرام، بافيل دوروف، عن إطلاق مسابقة عالمية لصناع المحتوى، بجائزة مالية ضخمة تصل إلى 50 ألف دولار، لأفضل فيديو قصير يروّج لتفوق تيليجرام ويكشف "تقليد" واتساب له. الهدف؟: فضح الحملات التي قال دوروف إن واتساب يقودها لتشويه صورة تيليجرام، وتسليط الضوء على الابتكارات التي قدمها تيليجرام أولًا – قبل أن 'تتبعها' واتساب لاحقًا. في منشور رسمي على قناته، شارك دوروف قائمة بـ 30 ميزة ابتكرها تيليجرام أولًا، بعضها لا يزال فريدًا ولا يوجد مثيل له حتى اليوم في واتساب، مؤكدًا أن هذه القائمة مجرد بداية. شروط التحدي العالمي: فيديو لا يتجاوز 3 دقائق باللغة الإنجليزية يُسمح باستخدام الذكاء الاصطناعي كمساعد التقييم يعتمد على: وضوح الرسالة، الإبداع البصري، الطابع الكوميدي، والانتشار الفيروسي الموعد النهائي للمشاركة: قبل منتصف الليل بتوقيت دبي يوم 26 مايو 2025 والمشاركة متاحة للجميع من أي مكان في العالم! دوروف يهاجم "الرقابة السياسية" ويتحدى فرنسا: لن نخنق حرية التعبير. في تطور آخر، كشف دوروف عن ضغوط سياسية مارستها دولة أوروبية – ألمح إلى أنها فرنسا عبر استخدام رمز "الباغيت" – تطلب من تيليجرام قمع أصوات المعارضة في رومانيا قبل الانتخابات الأخيرة. لكن مؤسس تيليجرام رفض الطلب، مؤكدًا أن منصته ستظل حصنًا لحرية التعبير ولن تخضع للرقابة أو التضييق السياسي. الرسالة واضحة: تيليجرام لا يكتفي بالتطوير التقني، بل يخوض معركة شرسة ضد "التقليد والرقابة"، ويدعو جمهوره ليكونوا جزءًا من هذه الحرب الإبداعية... فهل ستنضم؟. المصدر مساحة نت ـ رزق أحمد