
«معزوفة اليوم السّابع» لجلال برجس.. العالم الرّقميّ بين العبوديّة والتّحرّر
ملاك السّدّة (باحثة أردنية)
تقوم رواية «معزوفة اليوم السّابع» للروائيّ الأردنيّ جلال برجس على حكاية مدينة متخيّلة مكوّنة من سبعة أحياء تدعى «مدينة الجدّ الأوّل»، ويقع في جنوبها مخيم لغجر مهمّشين ومطرودين منها. تُسيطر على هذه المدينة حالة من الفساد سببها جماعة «أبناء الطّائر الأسود"؛ الأمر الذي يؤدي إلى تفشي الفوضى والصّراعات وكلّ ما يُمزّق قيم المدينة ويسلخها عن إنسانيّتها، بعد أن كانت مدينة ملؤها الخير والسّلام. وفي ظل تنامي الصّراعات تُصاب المدينة بوباء غريب يدعى «اختلال الحواس» يمنع المُصاب به من رؤية وجهه في المرآة، أو في (الكام?را) مع رغبته القهريّة في الانتحار.
يُسلط برجس من خلال روايته الضَّوء على العالم الرّقميّ الذي احتلّ جُزءاً أساسيّاً من حياتنا المُعاصرة، بل أصبح يؤطّر هُويّة الإنسان المُعاصر وفقاً لما يقتضيه العصر الرّقميّ وتحوّلاته. فيصوغ برجس رؤية استشرافيّة للعالم الرّقميّ في محاولة بين التّسديد والمُقاربة: الغوص في الحاضر والتّنبؤ بالمستقبل؛ إذ يتطرق برجس إلى العالم الرّقميّ في مواضع عديدة من الرّواية بوصفه أداة للعبوديّة والاستلاب والقمع، وينظر إليه في أحيان أخرى بوصفه وسيلة للتّحرّر من القيود المجتمعيّة الفاسدة. فيوجّه عقل القارئ نحو فضاء مزدوج يطرح ?ن خلاله جدليّة هذا العالم وتحدياته.
يدق برجس في مستهل الرّواية ناقوسَ الخطر مُعبّراً من خلال شخصيّة (باختو) الغجريّ عن استبدال النّاس الهاتف النّقّال بالكتاب الورقيّ، وعبوديتهم لشاشته؛ فازدادت الهُوّة بينهم وبين ذواتهم وواقعهم.
ويوظّف برجس الخيال مُستنداً إلى الواقع وحيثياته، فيربط في سرديّة رامزة بين الوباء/ اختلال الحواس، والعالم الرّقميّ، مشيراً من خلال هذا التّرابط إلى أنّ العالم الرّقميّ أرضيّة خصبة لنمو مآلات الوباء، فيكشف من خلال أحداث الرّوايّة عن دور (وسائل التّواصل الاجتماعيّ) بخاصّة في نشر حالات الانتحار الهستيريّة، والتصاق النّاس بهواتفهم النّقّالة؛ لمعرفة آخر المستجدات الوبائيّة. وهنا يستحضر القارئ جائحة «كورونا» وتداعياتها القاسية على العالم. كما أشار برجس من خلال شخصيتَي: (جواد، ولمياء) إلى نزوع فئتَي: (المراهقين، ?النّساء) إلى وسائل التّواصل الاجتماعيّ؛ لصناعة محتويات هابطة.
ولم يغفل برجس عن أحد المحاور الرئيسة في هذا الجانب، إذ تناول كيفيّة تأثير العالم الرّقميّ على الوعي الإنسانيّ، فيشير من خلال شخصيات (أبناء الطّائر الأسود) إلى قدرة هذا العالم على تزييف الحقائق، وإملاء الوعود الكاذبة؛ بهدف تحويل الجمهور إلى كائنات مغيّبة تصدّق ما يُعرض عليها من دون تفكير أو تحليل نقديّ. وبهذا يفكّك برجس بين صفحات روايته روح العصر الرّقميّ وعوالمه المخيفة.
أمّا العالم الرّقميّ بوصفه أداة للتّحرّر، فيعبّر عنه برجس من خلال شخصيّة (الدكتور أدهم) الذي يحثّ النّاس على الإفصاح عن آرائهم، والبوح بمشاكلهم ومخاوفهم، فيكتب عبر صفحاته الإلكترونيّة عن حقيقة وباء اختلال الحواس، ودور أبناء الطّائر الأسود في صناعته، إلّا أنّ هذا التّحرّر الفكريّ باهظ الثّمن كما يتجلّى للقارئ في حادثة مقتل الدكتور أدهم على يد أبناء الطّائر الأسود. وفي السياق نفسه، تظهر شخصيّة (توليب) صديقة (باختو) التي حوّلت صوره وهو ينقذ المدينة من الوباء، ويكنس شوارعها من الأوساخ، إلى رمز فنّيّ تصدّر مواق? التّواصل الاجتماعيّ وأصبح الأكثر تداولاً، فتعالج هذه الجزئيّة جانباً إيجابيّاً للرّقمنة يتمثّل في تقديم صورة جديدة عن الغجر تتجاوز صورتهم النّمطيّة السّلبيّة.
ختاماً، يطرح برجس في روايته «معزوفة اليوم السّابع» أزمة العالم الرّقميّ وثنائيّاته؛ فالتراوح بين العبوديّة والتّحرّر، والشّرّ والخير يشكّل مساحات مُهمّة تتبلور من خلالها جهود الأفراد، وتحديّاتهم تجاه واقعهم، وتشكيل هُوياتهم. كما يؤكّد برجس في الوقت نفسه أنّ العالم الرّقميّ خطير الأثر، وسيبقى محكوماً بقوًى خارجيّة تُساهم في تكريس عبوديّة الأفراد وقمعهم تدريجيّاً، على الرغم من محاولات بعضهم في تطويعه لصالح الإنسانيّة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

عمون
١٦-٠٥-٢٠٢٥
- عمون
أوبريت 'أردن المجد' يروي مسيرة الوطن احتفالًا بعيد الاستقلال
عمون - مندوبًا عن وزير التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي، رعى مدير إدارة النشاطات التربوية الدكتور أجمل طويقات فعاليات الأوبريت الوطني المميز 'أردن المجد'، الذي نظمته مديرية التربية والتعليم للواء ماركا بمناسبة عيد الاستقلال التاسع والسبعين للمملكة الأردنية الهاشمية، وذلك على مسرح المركز الثقافي الملكي في العاصمة عمّان. وشهدت الفعالية حضورًا رسميًّا واسعًا، حيث شارك متصرف لواء ماركا إلى جانب مدير التربية والتعليم للواء ماركا الدكتور أحمد السّلامات، والمديران المختصان، ورؤساء وأعضاء الأقسام، إلى جانب مديري ومديرات المدارس وممثلين عن المجتمع المحلي، في أجواء وطنية عامرة بالفخر والانتماء. وقُدّم الأوبريت بأسلوب درامي روائي مسرحي يحاكي تاريخ الأردن المشرّف، منذ نشأة الدولة وحتى يومنا هذا، مستعرضًا محطات مضيئة من مسيرة الوطن، والعلاقة التاريخية المتجذّرة بين الأردن وفلسطين، إلى جانب التضحيات التي قدّمها الأردن في مختلف الأزمات، لا سيما خلال جائحة كورونا، ودعمه الثابت لأهلنا في غزة، من خلال إرسال المساعدات والإنزالات الجوية رغم محدودية الإمكانات. وفي كلمته الافتتاحية، عبّر الدكتور أجمل طويقات عن فخره واعتزازه بالمستوى المشرّف للأوبريت، مؤكدًا أن هذا العمل الوطني هو تجسيد حقيقي لمعاني الانتماء والولاء المتجذرة في نفوس أبناء الأسرة التربوية، واستذكر طويقات خلال كلمته أبرز إنجازات المملكة الأردنية الهاشمية على مدار 79 عامًا من الاستقلال، بقيادة الهاشميين، والتي صنعت من الأردن قصة نجاح يُحتذى بها، كما قدّم شكره وتقديره لمديرية تربية ماركا على هذا العمل الإبداعي. كما ثمّن الدكتور السلامات هذا العمل الوطني الرائد، وأعرب عن بالغ شكره وتقديره لرئيس وأعضاء قسم النشاطات في المديرية، لما أظهروه من احترافية عالية في التنظيم والإعداد والتنفيذ، مؤكدًا أن هذه المبادرة تُمثل أنموذجًا حقيقيًّا لتكامل الجهود داخل المديرية لخدمة الطلبة وتعزيز الهوية الوطنية. أوبريت 'أردن المجد' شكّل مبادرة نوعية فنية وتربوية حملت رسائل وطنية سامية، وعبّرت عن فخر الأردنيين بقيادتهم ووطنهم، مؤكدة أن الأردن سيبقى منارة للعطاء والمواقف المشرفة في الدفاع عن القضايا العادلة، محليًّا وعربيًّا.


خبرني
١٢-٠٥-٢٠٢٥
- خبرني
ياسمين رئيس: تبرعت بفستان زفافي ولا أؤمن بالذكريات
خبرني - قالت الفنانة ياسمين رئيس إنها لم تتردد في التبرع بفستان زفافها، مؤكدة أنها لا تعيش أسيرة للذكريات،، بل تفضل التركيز على اللحظة الراهنة والتطلع نحو المستقبل. أكدت ياسمين في تصريحات صحفية محلية، أنها تعلمت خلال السنوات الأخيرة أن التعلق بالماضي ليس له جدوى، مشيرة إلى أن قرارها بالتبرع بالفستان جاء بسهولة ودون تردد. وتابعت ياسمين رئيس قائلة: "مكنش صعب عليا أتبرع بفستان فرحي، واتعلمت من الكام سنة اللي فاتوا إن مفيش حاجة اسمها ذكريات، وبركز دايمًا على المستقبل واللحظة اللي أنا فيها". وتحدثت عن تجربة مشاركتها في فيلم "الفستان الأبيض"، موضحة أن فترة التوقف عن التصوير كانت مقلقة لها ولزميلتها الفنانة أسماء جلال، خاصة بسبب القلق من تغير ملامح الوجه أو شكل الجسم، وهو ما حدث معها سابقًا في فيلم آخر صُوّر خلال فترة انتشار جائحة كورونا، حيث ظهرت بعض المشاهد باختلاف ملحوظ في وزنها. وقالت: "كنت خايفة لما وقفنا فترة عن التصوير، وكنت مرعوبة إن شكلي يتغير، وده حصل لي قبل كده في فيلم وقت الكورونا، إن في مشاهد ظهرت بتغير وزني". وتجسد ياسمين رئيس في الفيلم شخصية "وردة"، وهي فتاة تنتمي إلى حي شعبي وتستعد للزواج، لكن تتعرض لموقف صعب حين يُتلف فستان زفافها في يوم الحفل نفسه، ما يدفعها إلى خوض رحلة في شوارع القاهرة للبحث عن فستان بديل، وذلك ضمن أحداث درامية تتناول الصراع والبحث عن الحلول وسط ظروف صعبة. وأعربت ياسمين رئيس عن سعادتها بتكريم فيلم "الفستان الأبيض" ضمن فعاليات مهرجان المركز الكاثوليكي، ووجهت الشكر لإدارة المهرجان وللأب بطرس دانيال على هذا التقدير. يُشار إلى أن فيلم "الفستان الأبيض" قد تصدّر المركز الأول في مصر والإمارات على منصة "شاهد" الإلكترونية، ويشارك في بطولته كل من ياسمين رئيس، وأحمد خالد صالح، وأسماء جلال، إلى جانب نخبة من الفنانين، وهو من تأليف وإخراج جيلان عوف، وإنتاج محمد حفظي.


خبرني
١١-٠٥-٢٠٢٥
- خبرني
أبرز الأفلام المعروضة في مهرجان كان السينمائي 2025
خبرني - تنطلق فعاليات الدورة الـ78 من مهرجان كان السينمائي وسط ترقب كبير من عشاق السينما والنقاد حول العالم. وتتميز دورة هذا العام بحضور نسائي بارز سواء في الإخراج أو البطولة، إضافة إلى تكريم النجمة الأسترالية نيكول كيدمان على مسيرتها المهنية المميزة. ونستعرض أبرز الأفلام التي يتوقع أن تحظى بإشادة كبيرة خلال هذه الدورة. 1. The Phoenician Scheme المخرج المتميز ويس أندرسون يقدم فيلمًا دراميًا يمزج بين الأكشن والكوميديا، حيث تدور القصة حول رجل أعمال أوروبي وابنته في رحلة مثيرة حول العالم. الفيلم يضم طاقمًا بارزًا، منهم توم هانكس، سكارليت جوهانسون، وبينيسيو ديل تورو. 2. The Mastermind تعود المخرجة كيلي رايشاردت بفيلم يعكس براعتها في السينما المستقلة. تدور أحداث القصة في السبعينيات حول سرقة لوحات فنية، لكنها تتعمق في التعقيدات التي تواجه اللصوص بعد تنفيذ الجريمة. بطولة جوش أوكونور وألانا حاييم. 3. Eddington المخرج آري آستر يبتعد عن أجواء الرعب ليقدم فيلمًا ينتمي إلى الغرب الأمريكي. تدور القصة في نيو مكسيكو خلال أزمة جائحة كورونا، وتتناول صراعات بين جهات إنقاذ. الفيلم من بطولة خواكين فينيكس وبيدرو باسكال. 4. Eleanor the Great أول تجربة إخراجية لـ سكارليت جوهانسون تعرض في قسم "نظرة ما". الفيلم يحكي قصة امرأة تسعى لتكوين صداقات جديدة رغم تقدمها في العمر. بطولة جون سكويب، المرشحة للأوسكار سابقًا. 5. Highest 2 Lowest المخرج سبايك لي يعيد تقديم فيلم "High and Low" في سياق معاصر يناسب شوارع نيويورك. العمل يشهد التعاون الخامس بين سبايك لي ودينزل واشنطن بعد غياب طويل. 6. Alpha المخرجة الفرنسية جوليا دوكورناو تقدم الجزء الثاني من فيلمها "Titane"، الذي ترشح سابقًا لجائزة بافتا. تدور القصة حول فتاة مراهقة تواجه صراعات في المدرسة بعد عودتها بعلامة وشم غامضة. 7. Materialists بعد نجاح فيلمها السابق، تعود المخرجة سيلين سونغ بفيلم رومانسي كوميدي يضم نجومًا مثل داكوتا جونسون وكريس إيفانز. 8. Die, My Love الممثلة جينيفر لورانس تتألق في فيلم مأخوذ عن رواية بنفس الاسم، حيث تلعب دور أم تعاني من اكتئاب ما بعد الولادة. الفيلم من إخراج لين رامزي ويشاركها البطولة روبرت باتينسون.