
الديار: إنتخابات الشمال اليوم : طرابلس مخلوطة الولاءات… ومعارك الإتحادات بين الأحزاب المسيحية.. العدوان «الإسرائيلي» يُظلّل زيارة أورتاغوس…ومسؤول أميركي باللجنة يُلاحظ تقدّماً.. الحكومة لتطبيق نموذج ميقاتي للرواتب؟والإتحاد العمّالي يُلوّح بالتصعيد
كتبت صحيفة 'الديار' تقول: تتجه الانظار اليوم الى الشمال، حيث تجري المرحلة الثانية من الانتخابات البلدية والاختيارية، في اجواء تنافس يختلط فيه العاملان السياسي والعائلي مثلما حصل في جبل لبنان.
معارك تقدير أحجام والفوز بالاتحادات
وتتميز الانتخابات في الشمال بمعارك ذات طابع سياسي في عدد من البلدات الكبرى والصغرى، لتقدير احجام الاحزاب للبناء عليها في التحضير للاستحقاق النيابي في ايار العام المقبل ، وللفوز باتحادات البلديات لا سيما في البترون والكورة وزغرتا .
صناديق الاقتراع جاهزة
وعشية فتح صناديق الاقتراع، اشرف وزير الداخلية احمد الحجار من الغرفة المركزية في الوزارة، على تسليم وتوزيع الصناديق على اقلام الاقتراع في كل اقضية محافظتي الشمال وعكار، وسط استنفار اداري وامني لضمان سلامة العملية الانتخابية .
طرابلس : انتخابات باهتة واختلاط بالسياسة والولاءات
وفي عاصمة الشمال طرابلس، يبدو مشهد المعركة الانتخابية باهتا ، لا سيما في ضوء حرص الاحزاب والقوى السياسية على الوقوف في المشهد الخلفي. مع العلم ان نواب واحزاب المدينة اختلفوا في دعم اللوائح المتنافسة السبع ، بينما اكد الرئيس نجيب ميقاتي وقوفه على الحياد وعدم الانخراط المباشر في دعم اي لائحة .
ووفقا للاجواء عشية الانتخابات، يظهر من خلال اللوائح المتنافسة، ان بعض الجهات الداعمة لها تعتمد في المعركة على عناصر محلية، واخرى متعلقة بولاءات خارج المدينة، والبلاد تدور في الفلك السعودي العام او لقطر او تركيا . مع العلم ان هذه الدول نفت وتنفي عبر سفرائها وممثلي بعثاتها الدبلوماسية اي علاقة باي جهة او بالانتخابات البلدية بصورة عامة .
وفي اللوائح المتنافسة تبرز لائحة <رؤية طرابلس» المدعومة من اربعة نواب في المدينة : فيصل كرامي ، اشرف ريفي ، طه ناجي ( الاحباش) ، وكريم كبارة ، وقوى اخرى .
وتنافسها لوائح اخرى ابرزها لائحة
المدعومة من النائب ايهاب مطر وجمعيات اسلامية وبعض الهيئات المدنية . وهناك لائحة < طرابلس المدينة < المدعومة من «الجماعة الاسلامية» وجمعيات اجتماعية ، ولائحة غير مكتملة تضم اعضاء من المجتمع المدني ، واخرى لـ «حراس المدينة».
ويتلخص مشهد معركة طرابلس بتداخل التحالفات السياسية الهجينة والمركبة ، الامر الذي يعطي انطباعا بان تحصل عمليات تشطيب، وبالتالي خروقات متبادلة . مع العلم ان قلة المرشحين والناخبين المسيحيين والاجواء السائدة، تؤشر الى احتمال غياب تمثيل المسيحيين وضعف التمثيل العلوي .
معارك البترون والكورة وزغرتا:العين على الاتحادات
وتتركز الانظار على البترون، التي ينتظر بعض بلداتها معارك شرسة في اطار سياسي بين «التيار الوطني الحر» و»المردة» بشكل عام من جهة ، وتحالف «القوات اللبنانية» و»الكتائب» ومجد حرب من جهة ثانية . ويسعى كل طرف للفوز لاحقا برئاسة الاتحاد .
وتتركز المعركة في شكا احدى كبريات البلديات ماليا ، بينما يرأس رئيس بلدية مدينة البترون ورئيس الاتحاد الحالي مرسيلينو الحرك، المقرب من جبران باسيل، لائحة قوية في منافسة لائحة غير مكتملة برئاسة ميشال الدغل، لا تتبناها علنا «القوات اللبنانية».
وفي الكورة تختلط التحالفات بشكل غير مستقر ، وسط تنافس شديد في بعض البلدات بمشاركة الحزب «السوري القومي الاجتماعي» و»التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية» و»المردة» و»الكتائب» والحزب «الشيوعي» والنائب جورج عبد المسيح .
ووفقا لنتائج فوز عدد من البلديات بالتزكية، فان رئاسة الاتحاد تميل لصالح «القومي» و»الوطني الحر» و»المردة» .
اما في زغرتا فتشتد المنافسة بين «المردة» بالتحالف مع «التيار الوطني الحر» من جهة وتحالف النائب ميشال معوض مع «القوات اللبنانية» من جهة اخرى . وفي حين تبدو المعركة لصالح «المردة» في مدينة زغرتا ذات الثقل الشعبي والانتخابي ، تشهد بعض قرى القضاء معارك شديدة وسط مناخ يؤشر الى احتفاظ المردة باتحاد البلديات .
اما في بشري فان «القوات اللبنانية» تتجه للاحتفاظ برئاسة اتحاد البلديات، رغم التنافس والمعركة في المدينة بين اللائحة التي تدعمها، واللائحة المدعومة من النائب وليم طوق .
معارك متفرقة في عكار
ويسود في عكار مشهد معقد لتداخل العامل العائلي والسياسي في المعارك، التي ستشهدها بعض بلدات المحافظة . وفي فنيدق يسود تنافس شديد بين لائحة يدعمها النائب وليد البعريني، ولائحة مدعومة من النائب السابق خالد زهرمان، وعائلات ومناصرين لـ «تيار المستقبل» .
وتشهد ببنين معركة ايضا بين لائحة مدعومة من «الجماعة الاسلامية»، ولائحة منافسة من قوى وعائلات ، ويلعب الناخبون المسيحيون الذين يبلغ عددهم 3 الاف ناخب دورا مؤثرا .
خلاصة انتخابات الشمال
وفي الخلاصة، تشهد المرحلة الثانية من الانتخابات البلدية في الشمال، اجواء تنافس ومعارك بنكهة سياسية واضحة لا سيما في المناطق ذات الاغلبية المسيحية ، خصوصا في البترون والكورة وزغرتا . اما في طرابلس فالمعركة متداخلة ومخلوطة ، نظرا للتحالفات اليوم بين بعض اضداد الامس ، ليس بسبب خصوصية الانتخابات البلدية واختلافها عن النيابية فحسب ، بل بسبب حسابات كل طرف لرسم مسار تحالفاته في الاستحقاق النيابي .
هل تحمل اورتاغوستعديلا ايجابيا ؟
من جهة اخرى، لم تظهر حتى الآن اية مؤشرات او بوادر جدية وايجابية، لوقف الاعتداءات «الاسرائيلية» وحمل العدو على الانسحاب من التلال باقي الاراضي المحتلة في الجنوب ، لا سيما ان اللجنة المعنية بمتابعة تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار برئاسة الجانب الاميركي، لم تلعب دورها في وقف انتهاكات العدو وحمله على تنفيذ الاتفاق ، بينما لم تسفر مهمة الموفدة الاميركية مورغان اورتاغوس عن اية نتائج في هذا الخصوص .
ورغم مناشدة لبنان المتكررة للجنة المذكورة ولواشنطن من اجل وقف العدوان ، فان الوضع ما زال على حاله ، وينذر بمزيد من التوترات وعدم الاستقرار .
وفي ظل هذا الجو المتأزم، يترقب المسؤولون اللبنانيون زيارة اورتاغوس المنتظرة للبنان، أملا في ان تحمل معها تعديلا او تغييرا في التعاطي مع الواقع الراهن ، خصوصا ان لبنان نفذ من خلال ما قام ويقوم به الجيش اللبناني اكثر من تسعين بالمئة مما هو مطلوب منه جنوبي الليطاني ، من تسلم وازالة سلاح حزب الله من المنطقة .
مصدر لـ
: لا يجب التعويل
على نتائج فورية للزيارة
وقال مصدر سياسي مطلع لـ
امس،
.
واضاف
.
ولفت المصدر الى انه منذ مجيء الجنرال الاميركي الجديد، وانضمامه الى زميله في ترؤس لجنة المتابعة ، لم تظهر مؤشرات جديدة على تفعيل عمل اللجنة للجم العدو ووقف اعتداءاته ، مع العلم ان لبنان كان متجاوبا دائما مع اللجنة المذكورة.
مسؤول اميركي باللجنة متفائل
وامس، نقلت
عن مسؤول اميركي كبير في لجنة الاشراف على اتفاق وقف النار، قوله حول الوضع < هناك ما يدعو للامل ، لم يمض ستة او سبعة اشهر وقد وصلنا الى مرحلة لم اكن متأكدا سابقا من انها تتحقق».
كما نقلت عن مسؤولين اميركيين و»اسرائيليين
.
سلام : تقدم تاريخي في مكافحة التهريب
ونقلت الصحيفة عن رئيس الحكومة نواف سلام قوله عن وضع مطار رفيق الحريري في بيروت والمعابر
، واشار الى «توقيف مهربين يخضعون للمحاكمة وفق للقوانين» .
كم نقلت عن مسؤول امني كبير
.
مخاطر الانفجار الاجتماعي وتقصير الحكومة
على صعيد آخر، تبرز المخاوف من مخاطر تداعيات تفاقم الوضعين الاجتماعي والمعيشي، في ظل تردي احوال العاملين في القطاعين العام والخاص ، بسبب ارتفاع غلاء المعيشة المثقل بالضرائب والرسوم على كاهل المواطن ، التي تجاوزت الحدود في موازنتي العامين 2024 و 2025 من دون تحسين الرواتب والاجور او تصحيحها.
وما يزيد هذه المخاوف، ان الحكومة لم تقارب حتى الآن هذا الملف باية خطوة ملموسة، بحجة التركيز على الاصلاحات المالية والاقتصادية التي تحتاج لفترة غير قصيرة .
اعتماد نموذج حكومة ميقاتي ؟
ووفقا للمعلومات المتوافرة لـ
من مصدر مطلع، <فان الحكومة في الوقت الراهن ليست في وارد انجاز حل لمشكلة الرواتب والاجور في القطاع العام ، وانها تفضل الاستمرار بسياسة الاعتماد على < المساعدات الاجتماعية < المضافة على الرواتب التي اعتمدتها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي السابقة، بحجة عدم توافر الاموال والدراسة الكاملة لمعالجة هذا الملف ، وضرورة ربط الحل المتكامل لملف الرواتب بانجاز الاصلاحات المالية والاقتصادية والادارية».
ويضيف المصدر < ان وزارة المال منشغلة حاليا في تنظيم الاداء العام للوزارة في كل الملفات المطروحة ، وفي انجاز القوانين الاصلاحية التي تضعها على رأس الاولويات ، ومنها قانون الانتظام المالي المعروف بقانون الفجوة المالية، باعتباره من ابرز القوانين المطلوبة للاصلاح لتحديد الخسائر وتوزيع المسؤوليات ، عدا عن انه يعتبر على ارتباط مباشر بقانون تنظيم المصارف او اعتدة هيكلة المصارف، الذي بدأت لجنة المال النيابية درسه في مجاس النواب» .
ويخشى المصدر «ان يأخذ نقاش هذا القانون فترة غير قصيرة بعد احالته الى لجنة فرعية ، لا سيما بعد الذي حصل في جلسة اللجنة الاخيرة، على ضوء الدراسة الني قدمها حاكم مصرف لبنان كريم سعيد من 33 صفحة تتطرق الى صلاحيات الحاكم ، والاجواء التي ظهرت والتي اتسمت بخلاف طائفي، يتعلق بدور وصلاحيات حاكم المصرف ولجنة الرقابة على المصارف في الهيئة التي ستتولى درس تنظيم المصارف».
وعلمت
.
وقال < ابلغنا وزير العمل رفضنا القاطع لزيادة الحدنى للاجور الى 28 مليون ليرة ، مع العلم اننا طالبنا برفعه الى ما يوازي 900 دولار . كما اكدنا على تمسكنا بزيادة غلاء المعيشة ، اذ من غير الطبيعي والمنطقي عدم احتسابها ، عدا عن ان تجاهلها وعدم زيادة رواتب العاملين في القطاع العام يعني خلق فوضى وعدم عدالة ومشاكل «.
وحذر المصدر العمالي البارز «من المضي بهذا المنحى، وتجاوز حقوق شريحة كبيرة من المواطنين تعاني من اثقال واعباء كبيرة، بسبب غلاء المعيشة وكلفة الخدمات والرسوم والضرائب، التي يتجاوز حجمها الحد الادنى للاجور».
وردا على سؤال قال المصدر
.
واضاف
.
جلسة تشريعية لحسم القوانين المعجلة
من جهة اخرى، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة تشريعية عامة يوم الخميس المقبل نهارا ومساء .
وقال مصدر نيابي لـ
ان «جدول الاعمال سيتضمن 83 اقتراح قانون معجلا مكررا، على ضوء ما تقرر في اجتماع مكتب المجلس الذي ترأسه الرئيس بري الخميس الماضي ، بعد ان جرى التدقيق بوضع 138 اقتراحا واستبعاد الاقتراحات، التي تجاوزها الزمن او لم تعد صالحة للدرس والاقرار».
ولفت الى «ان القرار بشان الـ 83 اقتراحا معجلا مكررا يعود للهيئة العامة ، وهناك الكثير منها مرشح لاحالته الى اللجان النيابية» .

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون ديبايت
منذ ساعة واحدة
- ليبانون ديبايت
فضيحة آل القصار برسم "العهد"... مرسوم حوّل "الأرض الميتة" إلى ذهب
لا تقتصر فضائح عائلة القصار، المصنّفة ضمن خانة "حيتان المال"، على سلب أموال المودعين واحتجازها في خزائن BLC بنك، بل تتعداها إلى سلسلة من التجاوزات التي طالت الأملاك العامة، واستغلت القوانين لتحقيق أرباح خيالية لا يمكن تقديرها. اليوم، يعود اسم نديم القصار إلى الواجهة، بوصفه رأس الحربة في استثمارات ضخمة على شاطئ الرملة البيضاء، أحد آخر المتنفسات العامة للعاصمة. وتشير سجلات العقارات إلى أن آل القصار، بالشراكة مع أطراف أخرى، يملكون مجموعة عقارات محاذية للبحر، تبلغ مساحتها عشرات آلاف الأمتار المربعة، ومسجلة باسم شركة "إنماء السياحة والفنادق". المفاجأة أن عدداً من هذه العقارات كان مصاباً بتخطيط الطريق البحرية، ما جعلها غير قابلة للبناء وفق القوانين التنظيمية. لكن في 20 حزيران 2005، صدر المرسوم رقم 14817 عن مجلس الوزراء، وألغى التخطيط، ما سمح بتحويل هذه العقارات إلى مشاريع استثمارية فاخرة. هذا المرسوم، الذي صدر عن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الأولى المكلفة حصراً بإجراء الانتخابات النيابية بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، يطرح علامات استفهام كبرى، كيف لحكومة انتقالية بصلاحيات محدودة أن تتخذ قراراً بهذه الأهمية، وبهذا الأثر الاقتصادي والمالي الضخم؟ بحسب معلومات موثوقة، جاء المرسوم نتيجة ضغوط مباشرة من أصحاب النفوذ المالي، وعلى رأسهم آل القصار، الذين حوّلوا القيود القانونية إلى فرص ذهبية لتعظيم ثرواتهم، في اعتداء صارخ على المصلحة العامة، وعلى حق المواطنين في الوصول إلى الشاطئ. هكذا، تحوّل ملك عام إلى منصة استثمارية خاصّة، فيما تواصل بيروت خسارة مساحاتها الخضراء ومرافقها العامة لصالح نخب مالية محمية بالسياسة. ومع دخول لبنان مرحلة جديدة عنوانها بناء الدولة ومكافحة الفساد، وتطبيقاً لما ورد في خطاب القسم لرئيس الجمهورية العماد جوزاف عون حول مواجهة من أفسد في الأرض، نضع هذا الملف برسمه، وبرسم حكومة الرئيس نواف سلام، لتحديد المسؤوليات واتخاذ الإجراءات اللازمة. وعليه، لا بد من إلغاء المرسوم المشبوه رقم 14817، أو فرض ضريبة على الأرباح العقارية غير المشروعة التي حققها المالكون نتيجة الزيادة المصطنعة في قيمة الأراضي بعد إخراجها من التخطيط البحري. ونتوجّه بالسؤال إلى رئيس الجمهورية مباشرة، "هل من محاسبة ممكنة لأصحاب النفوذ الذين حوّلوا القوانين إلى أدوات لتراكم الثروات على حساب الحق العام؟ وهل يُفتح هذا الملف لكشف ملابساته ومساءلة من سهّل ومن استفاد؟

الديار
منذ 11 ساعات
- الديار
ماكينة "التربية" تعجز... والطابع يُباع عند باب الوزارة بسبعة أضعاف الطوابع مفقودة في مؤسسات الدولة ومُزدهرة في السوق السوداء
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب في لبنان، لا تحتاج إلى دليل على انهيار الدولة أكثر من زيارة سريعة إلى دائرة رسمية. هناك، يُساق المواطن كالضائع في متاهة بيروقراطية لا تنتهي، يركض خلف توقيع، يلاحق ختماً، ويقف في طوابير من أجل طابع قد لا يجده. في دولة بات فيها الحصول على ورقة رسمية إنجازا خارقا، تحوّلت الطوابع من تفصيل إداري بسيط إلى رمز للانهيار، وأحيانا إلى صفقة في سوق سوداء تُعقد أمام أعين الوزارات. وسط هذه الفوضى، حاولت بعض الإدارات، كوزارة التربية، ترقيع الأزمة عبر "ماكينة الطوابع" التي تطبع مباشرة على المعاملات. حل رقمي يبدو عصرياً، لكنه سرعان ما وقع في فخ الإضرابات، وغياب التنسيق، وانقطاع الحبر! وهكذا، لم تحل الماكينة المشكلة، بل باتت جزءا من مشهد أكبر: دولة تلهث خلف الجباية، وتترك المواطن غارقا في عبث إداري مقنّع، يدفع ثمن كل خلل مرتين وثلاثا. بالموازاة، وثقت "الديار" أصوات أنين المواطنين الذين تفاجؤوا بواقع مرير؛ قادمون من أقاصي لبنان، من الناقورة إلى بعلبك، ومن طرابلس إلى مناطق شتى، وجدوا أنفسهم عالقين في دوامة انتظار بلا نهاية، إذ لم تُنجز معاملاتهم رغم بساطتها في بعض الحالات، مثل تصديق الشهادات الجامعية نسخة طبق الأصل، التي لا تستغرق عادة ساعة، تحتاج الى أيام، وربما اسابيع. وهنا تكمن المأساة الحقيقية؛ فقد علمت "الديار" ان طلبات معادلات الشهادات الجامعية للعام الماضي لم يُنجز منها سوى جزء ضئيل، مما يعني ان مصادقات العام الحالي ستتراكم، وبالتالي يظل المواطن حبيس روتين بيروقراطي مستنزف، يدفع فيه ثمن الإضرابات المتكررة من جهة، والوعود الفارغة وأعذار الماكينات الفارغة والعطل الرسمية من جانب آخر. مقابل ذلك، فإن أي معاملة بسيطة، تتحوّل إلى متاهة مالية. اذ يُطلب من المواطن دفع رسوم طوابع تتراوح قيمتها بين 50 و750 ألف ليرة بحسب نوع الوثيقة، ليس مرة واحدة، بل كلما اضطر إلى إعادة تقديم الطلب وسحبه وتصديقه وختمه من جديد. إنها لعبة بيروقراطية مغلّفة بلغة "التنظيم"، لكنها في حقيقتها مشروع جباية مقنن، يلتهم جيب المواطن بذريعة الترتيب الإداري، بينما الواقع يفضح عبث إداري متكرّر لا تفسير له إلا تعظيم الإيرادات على حساب من لا حول له. وبذلك، بدل ان يحصل المواطن على حقه بسرعة وسهولة، يُجبر على معاناة مريرة لا تبررها أية مصلحة عامة سوى التسلل خلف ستار الحجج، ليظل الضحية الوحيد في معادلة خدمات معلقة بين هدر الوقت والمال. وهل يعقل أن تُفرض هذه العقبات على من يسعى لتأكيد حقه في التعليم أو الحصول على وثيقة رسمية؟ هذا الواقع المأسوي يكشف مدى افتقار الإدارة إلى المسؤولية والشفافية، ويطرح سؤالا ملحًا: لمن تُخدم هذه العشوائية إن لم تكن لتقويض كرامة المواطن وتكبيده عبئا لا طاقة له به؟ المصلحة العامة في مهب الاضرابات! في ضوء ما ذكر، يبدو انه في دهاليز وزارة التربية، لا يصدر القرار من مكتب الوزيرة بل من فم ماكينة طوابع تفرغ الحبر متى شاءت، وتمتلئ حينما يُسمح للمواطن بالتنفّس. هذا الأسبوع، شُلّت هذه الماكينة إثر إضراب موظفي وزارة المالية لعشرة ايام، فازدحمت أروقة الوزارة بمئات المواطنين الذين انتظروا ساعات لإعادة تعبئتها وكأنهم يقفون على بوابة خلاص. المفارقة أن هذه الاداة وحدها تدرّ يوميا ما لا يقل عن 300 مليون ليرة، بحسب موظف في الوزارة، في وقت تُقدّر فيه مداخيل الات كُتّاب العدل بما يتراوح بين 40 و60 مليار ليرة يوميا. ومع هذا التدفق المالي الهائل، لا تحسين في الخدمة، ولا رحمة في المعاملة، بل تضاعف في الرسوم، وتآكل في ما تبقّى من صبر المواطن. اعذار "هزيلة"! في المقابل، المشهد الميداني على ارض "التربية" أكثر قسوة. بحيث ان مواطنة متقدمة في العمر من بلدة الناقورة، قطعت مئات الكيلومترات لتجد ان الطوابع قد نفدت. فعادت بخُفي المعاملة، خائبة، متعبة، بعدما بدّدت وقتها ومالها وجهدها. ليست حالتها استثناءً، بل تتكرّر القصة أسبوعيا: حبر الاجهزة يفرغ، والناس تنتظر، ليُقال لهم في النهاية "عُودوا غداً"، بينما هي متوفرة في السوق الموازية وامام مرآى الوزارة والوزيرة. من هنا، فان السؤال الجوهري لا يزال معلقًا: من يموّل هذه الاسواق الموازية؟ من يحتكر الطوابع ويوزّعها على أرصفة الابتزاز؟ لماذا لا تُضبط هذه الشبكة؟ لماذا لا يُحاسَب من يُذلّ المواطن؟ في دولة تتقن فن الجباية، وتغض الطرف عن الفساد، تتحوّل الطوابع إلى أدوات قمع ناعمة، والمواطن إلى رقم في طابور الانتظار، لا يسمعه أحد. يتضح لنا، بالاستناد الى هذه الحقائق، وبدورنا كوسيلة إعلامية، أننا مسؤولون عن كل معلومة ذكرت، في دولة تُتقن صناعة الطوابير أكثر من العمل على ايجاد الحلول. يتكرّر فيها السؤال الملتهب: لماذا تُباع الطوابع الورقية في السوق السوداء على عتبة الوزارة، بينما تغيب عن مكاتب الدولة؟ خصوصا ان أحد الموظفين زلّ لسانه وابلغ "الديار" بأن "هناك أحزابا تقف وراء هذه المشكلة". سؤال يبدو بسيطًا في ظاهره، لكنه يحمل في طيّاته شبكة معقّدة من الاحتكار والفساد، تُغذّيها قوى خفيّة وتديرها أيادٍ أقوى من أن تُسمّى أو تُحاسب. لذا تضع "الديار" هذه المعلومات بعهدة الرئيس نواف سلام ليكلف جهة امنية لتتقصى الحقائق: من يحتكر الطوابع؟ من يموّل شبكات توزيعها غير الرسمية؟ ومن يحميها؟ في جميع الأحوال، يبقى التساؤل مشروعا: أليست هذه الماكينة الإدارية نفسها التي تتذرّع بتطوير العمل عبر الانتقال إلى المعالجة الإلكترونية؟ إذًا، لماذا يُترك المواطن يتنقّل كسلعة معطّلة بين الطوابق؟ لماذا لا تُستكمَل المعاملة في نقطة واحدة كما في أبسط الإدارات المحترمة حول العالم؟ أليس في ذلك تبسيط للمعاناة بدل تعقيدها؟ أم أن تصعيب وتشابك الإجراءات بات غطاءً خفيا للتبرير والتقصير؟ صمت الإدارة استقالة للضمير! في ضوء هذه المعطيات، قالت مصادر في وزارة التربية لـ "الديار": "إن قسم المصادقات يتوقّف عن العمل عند تمام الساعة الواحدة ظهرا. لكن تصريحات المسؤولين بدت متناقضة، بعد ان نقلت "الديار" الى الجهات نفسها مشاهدات موثقة تفيد بان استلام الطلبات يتوقف عند تمام الساعة الثانية عشرة، رغم توافد المواطنين حتى ما بعد الظهر. وعندما وُجِهت المصادر بما يحدث في أروقة الوزارة، لم يكن امامها الا التبرير بأن النظام بحاجة إلى "إصلاح وتنظيم" و "اللامركزية"". في الخلاصة، في وطن تُباع كرامة المواطن بسعر طابع، وتُغلق فيه النوافذ على همومه، هل من يجرؤ على قول الحقيقة؟ من يرفع الصوت في وجه ماكينات صامتة وشبابيك موصدة؟ وإن كانت الذاكرة الوطنية قصيرة، فنحن نؤمن بمقولة "ذَكِّر، فإنّ الذكرى تنفع"، علّ من تكدّست الطوابع تحت مكاتب من هم محميين من قبل جهات حزبية وسياسية نافذة، يتذكّر أن كرامة المواطن تبدأ من نافذة لا تُسد، ومن إدارة لا تختبئ خلف ختم مفقود.


المركزية
منذ 20 ساعات
- المركزية
ميقاتي يهنئ البابا لاوون: انتخابكم يحمل الأمل والتجدد لملايين البشر
المركزية - وجه الرئيس نجيب ميقاتي برقية تهنئة الى قداسة البابا لاوون الرابع عشر جاء فيها: ببالغ الاحترام والاعجاب، أتقدم بأحرّ التهاني على تنصيب قداستكم على رأس الكنيسة الكاثوليكية. لطالما ارتبط لبنان، أرض التراث الروحي الغنيّ ومزيج الطوائف الدينية، بعلاقته الراسخة مع الكرسي الرسولي. إن انتخابكم، الذي يحمل الأمل والتجدد لملايين البشر حول العالم، يلقى صدىً عميقاً لدى الشعب اللبناني، ولا سيما إخواننا المسيحيين، الذين ينظرون إلى الفاتيكان كمنارة للإيمان والقيادة الروحية. في ظلّ هذه التحديات العالمية والتعقيدات الإقليمية، ندعو الله أن تتّسم بابويتكم بالحكمة والرحمة، وأن تُعزّز الحوار بين المسيحيين والمسلمين. إن التزامكم الراسخ بالسلام والعدالة وكرامة كل إنسان هو مصدر إلهام لكلّ من يسعى إلى الوئام والتعايش. بالنيابة عن نفسي، وبالمشاعر الصادقة التي يتشاركها الكثيرون في لبنان، أؤكد لقداستكم استمرار صلواتنا من أجل صحتكم ورسالتكم والمسؤوليات المقدسة الموكلة إليكم. بارك الله في قيادتكم وسدد خطاكم في خدمة الإنسانية بتواضع وكرم.