
روسيا… وساطة سياسية وتحالف استراتيجي
2025-06-16
Editor
تسعى القيادة الروسية لإثبات دورها الدولي وتأثيرها الإقليمي عبر عدة اتصالات قام بها الرئيس فلاديمير بوتين مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان ورجب طيب أردوغان الرئيس التركي لبحث الأوضاع الميدانية وسبل اتخاذ الوسائل الفاعلة التي تؤدي إلى وقف الضربات الجوية والصاروخية التي اندلعت فجر يوم الثالث عشر من حزيران 2025 بين إيران وإسرائيل، وإيجاد الحلول المناسبة لكيفية حل جميع المعضلات المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني والعودة إلى طاولة الحوار والمفاوضات مع الولايات المتحدة الأمريكية. تحاول روسيا وعبر العلاقة التي استجدت مع الإدارة الأميركية بعد عودة الرئيس ترامب لرئاسة الولايات المتحدة من إعادة زخم العلاقات الثنائية والبحث في قواسم مشتركة لحل المشكلات التي يعاني منها العالم ومنها منطقة الشرق الأوسط، بعد أن تقدمت الإدارة الأميركية الجديدة بعديد من المبادرات والآراء لايقاف الحرب الروسية الأوكرانية وتحديد أسس بناءة لحوار ولقاء مباشر بين بوتين وزلينسكي. أهمية التدخل الروسي يتأتى من العلاقة الاستراتيجية التي تربط بين موسكو وطهران والتي أصبحت تمثل حلفًا سياسيًا واقتصاديًا مهمًا تحرص القيادة الروسية على استمراره وعدم التهاون في إضعافه أو التأثير عليه من أي تبعات أو متغيرات سياسية، خاصة وأن المواقف الإيرانية كانت حاضرة في النزاع الروسي الأوكراني من خلال الدعم الذي قدمته طهران ببيع الآف الطائرات المسيرة من طراز ( مهاجر وشاهد) وصواريخ باليستية ساعدت الجيش الروسي في سد الفجوات واملاء الحجرات من الاحتياط الخاص الذي يساعدها على إدامة زخم المعركة والمواجهة الميدانية مع القوات المسلحة الأوكرانية في الميدان،وتبادل المعلومات الاستخباراتية والأمنية وزيادة القدرات الدفاعية وشراء المعدات التقنية والفنية الداخلة في مجال الأمن السيبراني والتي تحتاجها إيران في مجال عملها لحماية أمنها القومي. وإضافة للدعم السياسي الذي قدمته روسيا لطهران والتعاون الاقتصادي البناء من خلال قبولها ودعم مشاركتها في عضوية المنتديات والمنظمات الاقتصادية الإقليمية والدولية مثل (مجموعة بريكس وشنغهاي) ودفعها لدور مماثل في المشروع التجاري الدولي الذي يربط الهند بروسيا وأوروبا عبر إيران. واتسعت طبيعة العلاقة الثنائية بين روسيا وإيران بتوقيع مجلس الدوما الروسي اتفاقية شراكة استراتيجية أمدها عشرون عامًا مع إيران، واقرار التعاون العسكري والنووي بين البلدين، والذي كان ثمرته توقيع الاتفاق الاستراتيجي في كانون الثاني 2025 بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وتضمن توسيع التنسيق الدفاعي لموسكو ودعمها لطهران في وقت كانت إيران تعاني من عقوبات اقتصادية أمريكية واسعة وتصاعد في التوترات السياسية مع الولايات المتحدة الأمريكية. تدرك القيادة الروسية أن ما تمر به إيران حاليًا من مواجهات عسكرية مباشرة مع إسرائيل، يتطلب وجودها وإثبات دورها في محاولة لإيقاف الضربات الجوية والاستهدافات الخاصة بالمواقع والمنشأت النووية الإيرانية، كون الجميع يعلم طبيعة التعاون بين موسكو وطهران في المجال النووي، حيث شملت الاتفاقيات التي وقعها بوتين وبزشكيان تمويلًا روسيًا لبناء محطة طاقة نووية جديدة في إيران في وقت كانت فيه طهران تحت الضغط الأقصى من العقوبات الأميركية الشاملة،ومعلوم أن إيران أنفقت في السنين والعقود الماضية مليارات الدولارات على برنامجها النووي ووسعت قدراتها النووية في تخصيب اليورانيوم ولكنها لا تزال تعتمد على روسيا لتوفير الوقود لمحطتها النووية الوحيدة في بوشهر. ومن الثوابت الأساسية في السياسية الروسية التي يدعمها الرئيس بوتين أن روسيا لا يمكن لها أن تضحي بمستقبل علاقتها مع إيران أو تعرضها للخطر من أجل حل مؤقت للمشاكل مع طهران أن كان ذلك متعلق بالنزاع العسكري مع أوكرانيا أو مالهُ علاقة بأي تطورات في منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي، العلاقة الروسية الإيرانية قائمة على مرتكزات ثابتة وأسس رصينة ومواقف دائمة في مجلس الأمن الدولي ومجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وكان للاتفاق الذي تم التوصل إليه في 25 نيسان 2025 بتزويد إيران سنويًا ب (55) مليار متر مكعب من الغاز الروسي، دلالة واضحة على عمق العلاقات الثنائية والاقتصادية بين البلدين. شكل التعاون المشترك بين روسيا وإيران في مجال الطاقة النووية محورًا مهمًا منذ عدة سنوات بعد قيام العلماء والفنيين الروس ببناء محطة بوشهر النووية، وهي ما يعتبر أول مفاعل نووي إيراني مع المساهمة الحالية في تمويل مشروع محطة نووية جديدة في وقت تعاني فيها إيران من علاقات غير مستقرة مع الدول الأوروبية ( ألمانيا وبريطانيا وفرنسا) وغياب لعلاقة ثابتة مع الولايات المتحدة الأمريكية وتقارير للوكالة الدولية للطاقة الذرية تتهم إيران بعد امتثالها والتزامها بما اتفق عليه في توقيع بنود اتفاقية العمل المشتركة الشاملة في 15 تموز 2015،وآخرها المواجهة العسكرية مع إسرائيل التي انطلقت عبر ضربات جوية وصاروخية يوم الثالث عشر من حزيران 2025.
توجد فرصة سياسية لعمل روسي بناء في لوقف المواجهة الإسرائيلية الإيرانية وإعادة الأوضاع الميدانية لحالها في الشرق الأوسط وابعاد شبح الحرب الإقليمية، إذا ما أحسنت موسكو استخدام ادواتها ووسائلها الفاعلة والايجابيات المشتركة في علاقتها الاستراتيجية مع إيران وما تسعى إليه من تجاوب مع الإدارة الأميركية الجديدة بالعمل على مرتكزات أساسية تدعو فيها للالتزام بالمعايير الدولية في تخلي إيران عن تخصيب اليورانيوم وعبر معايير شفافة وإجراءات مراقبة دائمة تحفظ لها وجودها وإمكانية قبولها بوقف الضربات العسكرية والعودة لطاولة المفاوضات وإعادة الدور الروسي الدولي والإقليمي لفاعليته وتأثيره.
وحدة الدراسات الدولية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتجية

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 2 ساعات
- Independent عربية
ما مدى الضرر الذي ألحقته الهجمات الإسرائيلية ببرنامج إيران النووي؟
شنت إسرائيل هجمات عسكرية واسعة النطاق على إيران، وأصابت مواقع من بينها بعض من أهم منشآتها النووية. في ما يلي ملخص لما هو معروف عن الأضرار التي لحقت بالبرنامج النووي الإيراني، بما في ذلك بيانات من التقرير الفصلي الأخير الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 31 مايو (أيار). نظرة عامة تخصب إيران اليورانيوم بدرجة نقاء تصل إلى 60 في المئة. ويمكن بسهولة تنقية هذا اليورانيوم بدرجة نقاء تصل إلى نحو 90 في المئة وهي درجة نقاء تسمح بتطوير الأسلحة. وتقول الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تتفقد المواقع النووية الإيرانية بما في ذلك محطات التخصيب، إن هذا الأمر "مقلق للغاية" لأنه لا توجد دولة أخرى خصبت اليورانيوم إلى هذا المستوى من دون إنتاج أسلحة نووية. وتقول القوى الغربية إنه لا يوجد مبرر مدني للتخصيب إلى هذا المستوى. وتنفي إيران سعيها لامتلاك أسلحة نووية. وتشير إلى حقها في الحصول على التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية، ومنها التخصيب، باعتبارها طرفاً في معاهدة حظر الانتشار النووي. أما إسرائيل، وهي ليست طرفاً في معاهدة عدم الانتشار النووي، فهي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي يعتقد على نطاق واسع أنها تمتلك أسلحة نووية. ولا تنفي إسرائيل ذلك أو تؤكده. كان لدى إيران ثلاث محطات عاملة لتخصيب اليورانيوم عندما بدأت إسرائيل هجماتها: محطة تخصيب الوقود في نطنز منشأة شاسعة تحت الأرض مصممة لتحتوي على 50 ألف جهاز طرد مركزي، وهي الآلات التي تخصب اليورانيوم. كانت هناك دائماً تكهنات بين الخبراء العسكريين حول ما إذا كانت الغارات الجوية الإسرائيلية قادرة على تدمير المنشأة نظراً لوجودها في نقطة عميقة تحت الأرض. وهناك نحو 17 ألف جهاز طرد مركزي موجودة هناك، منها نحو 13500 جهاز تعمل في آخر إحصائية لتخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى خمسة في المئة. وأبلغ رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الجمعة أن البنية التحتية للكهرباء في نطنز دمرت وتحديداً محطة كهربائية فرعية ومبنى إمدادات الطاقة الكهربائية الرئيسي وإمدادات الطاقة الكهربائية في حالات الطوارئ والمولدات الاحتياطية. وقال إنه في حين لا يوجد ما يشير إلى وقوع هجوم مادي على القاعة الموجودة تحت الأرض التي تحتوي على محطة التخصيب، "إلا أن انقطاع الطاقة... ربما يكون قد ألحق الضرر بأجهزة الطرد المركزي هناك". واستشهد غروسي "بمعلومات متاحة للوكالة الدولية للطاقة الذرية" لم يحددها. وزودت إيران الوكالة ببعض المعلومات، وتستخدم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشكل عام صور الأقمار الصناعية على نطاق واسع. محطة التخصيب التجريبية للوقود في نطنز أصغر محطات التخصيب الثلاث، ولأنها فوق سطح الأرض، كانت الهدف الأصغر بين محطات التخصيب. وكانت هذه المحطة دائماً مركزاً للبحث والتطوير، واستُخدم فيها عدداً أقل من أجهزة الطرد المركزي مقارنة بالمحطات الأخرى، وغالباً ما تكون متصلة في مجموعات أصغر من الآلات في ما يعرف باسم السلاسل. ومع ذلك، فقد كان بها سلسلتان مترابطتان بالحجم الكامل تضم كل منهما ما يصل إلى 164 جهاز طرد مركزي متقدم، لتخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60 في المئة. بغض النظر عن ذلك، لم يكن هناك سوى 201 جهاز طرد مركزي عامل في محطة تخصيب اليورانيوم التجريبية بنسبة تصل إلى اثنين في المئة. وجرى نقل معظم أعمال البحث والتطوير الخاصة بالمحطة التجريبية مؤخراً إلى محطة تخصيب الوقود النووي تحت الأرض في نطنز، حيث يعمل أكثر من ألف من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة لتخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى خمسة في المئة. وقال غروسي إن محطة التخصيب التجريبية للوقود في نطنز دمرت في الهجوم الإسرائيلي. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) محطة فوردو لتخصيب الوقود أكد غروسي أن موقع التخصيب الأكثر عمقاً في إيران، المحفور في جبل، لم يتعرض لأضرار وفقاً لما يمكن رؤيته. ورغم أنه لا يعمل فيه سوى نحو ألفي جهاز طرد مركزي فقط، فهو ينتج الغالبية العظمى من اليورانيوم الإيراني المخصب بنسبة تصل إلى 60 في المئة، باستخدام نفس العدد من أجهزة الطرد المركزي تقريباً التي كانت تعمل في محطة التخصيب التجريبية في نطنز، لأنه يعتمد على التغذية باليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 20 في المئة في تلك السلاسل مقارنة بنسبة خمسة في المئة في محطة نطنز التجريبية. وبالتالي، أنتجت فوردو 166.6 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60 في المئة في الربع الأخير. ووفقاً لمقياس "الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، فإن ذلك يكفي من حيث المبدأ، إذا ما جرى تخصيبه بدرجة أكبر، لأقل من أربعة أسلحة نووية بقليل، مقارنة بنحو 19.2 كيلوغرام في محطة تخصيب الوقود النووي التجريبية، أي أقل من نصف الكمية اللازمة لقنبلة. منشآت أخرى قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن الهجمات الإسرائيلية ألحقت أضراراً بأربعة مبان في المجمع النووي في أصفهان، بما في ذلك منشأة تحويل اليورانيوم والمنشآت التي يجري فيها العمل على معدن اليورانيوم. والرغم من أن له استخدامات أخرى، فإن إتقان تكنولوجيا معدن اليورانيوم خطوة مهمة في صنع نواة سلاح نووي. إذا حاولت إيران صنع سلاح نووي، فسيتعين عليها أخذ اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة وتحويله إلى معدن اليورانيوم. وعملية تحويل اليورانيوم هي العملية التي يتم من خلالها تحويل "الكعكة الصفراء" إلى سداسي فلوريد اليورانيوم، وهو المادة الخام لأجهزة الطرد المركزي، بحيث يمكن تخصيبه. وإذا تعطلت منشأة تحويل اليورانيوم فإن اليورانيوم القابل للتخصيب سينفد من إيران في نهاية المطاف ما لم تجد مصدراً خارجياً لسداسي فلوريد اليورانيوم. العلماء قال مصدران الأحد إن 14 عالماً نووياً إيرانياً على الأقل قتلوا في هجمات إسرائيلية منذ يوم الجمعة، بعضهم في سيارات ملغومة. وذكر الجيش الإسرائيلي أسماء تسعة منهم يوم السبت قائلاً إنهم "لعبوا دوراً محورياً في التقدم نحو امتلاك أسلحة نووية وأن القضاء عليهم يمثل ضربة كبيرة لقدرة النظام الإيراني على امتلاك أسلحة دمار شامل". ولم يتسن التحقق من هذا التصريح بعد. وكثيراً ما قالت القوى الغربية إن التقدم النووي الإيراني يوفر لها "مكسباً معرفياً لا رجعة فيه"، مما يشير إلى أنه في حين أن فقدان الخبراء أو المنشآت قد يبطئ التقدم، فإن التقدم دائم. مخزون اليورانيوم تمتلك إيران مخزوناً كبيراً من اليورانيوم المخصب بمستويات مختلفة. ووفقا لمقياس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فبحلول 17 مايو، تشير التقديرات إلى أن إيران لديها ما يكفي من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60 في المئة لصنع تسعة أسلحة نووية. أما عند مستويات التخصيب المنخفضة فلديها ما يكفي لصنع المزيد من القنابل، على الرغم من أن الأمر سيتطلب المزيد من الجهد: ما يكفي لتخصيب ما يصل إلى 20 في المئة لصنع قنبلتين أخريين، وما يكفي لتخصيب ما يصل إلى خمسة في المئة لصنع 11 قنبلة أخرى. وقال مسؤولون إن معظم مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب مخزن في أصفهان تحت ختم الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ولم تذكر الوكالة الدولية للطاقة الذرية مكان تخزينه، ولم تذكر ما إذا كان قد تأثر بالضربات. كيف سترد إيران؟ قال نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي للتلفزيون الرسمي يوم السبت إن إيران ستتخذ إجراءات لحماية المواد والمعدات النووية التي لن يتم إخطار الوكالة الدولية للطاقة الذرية بها ولن تتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية كما كان الحال في السابق. كما يعد المشرعون مشروع قانون يمكن أن يدفع إيران إلى الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، على خطى كوريا الشمالية التي أعلنت انسحابها في عام 2003، ثم مضت في اختبار أسلحة نووية. ولا تعرف الوكالة الدولية للطاقة الذرية عدد أجهزة الطرد المركزي التي تمتلكها إيران خارج محطات التخصيب. وأي تخفيض إضافي في التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية يمكن أن يزيد من التكهنات بأنها ستقوم أو قامت بإنشاء محطة تخصيب سرية باستخدام بعض تلك الإمدادات. وأوضح المسؤولون أنه يمكن أيضاً إعادة تشكيل سلاسل أجهزة الطرد المركزي الحالية لتخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء مختلفة في غضون أسبوع. ما هو وضع مخزون اليورانيوم؟ إذا لم تعد إيران قادرة على التخصيب، يصبح مخزونها الحالي من سداسي فلوريد اليورانيوم واليورانيوم المخصب أكثر أهمية. ما حجم الضرر؟ لم تتمكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية حتى الآن من إجراء عمليات تفتيش للوقوف على تفاصيل الأضرار هناك.

سعورس
منذ 3 ساعات
- سعورس
«الطاقة الذرية»: لا أدلة على تضرر منشأة نطنز السفلية
وخلال اجتماع طارئ لمجلس محافظي الوكالة، أوضح غروسي أن قاعة السلاسل الخاصة بأجهزة الطرد المركزي، والتي تضم أجزاء من محطتي التخصيب التجريبي والرئيسية، لم تتعرض لهجوم ملموس. لكنه أشار في الوقت ذاته إلى احتمال تعرض أجهزة الطرد المركزي لأضرار نتيجة انقطاع التيار الكهربائي عن تلك القاعة. في السياق ذاته، دعت إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى اتخاذ موقف واضح ضد الضربات الإسرائيلية التي استهدفت منشآتها النووية. وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ، إسماعيل بقائي، بأن المنشآت النووية السلمية الواقعة تحت رقابة الوكالة كانت هدفاً لهجوم عدائي. وطالب بقائي المدير العام للوكالة، رافاييل غروسي، بإدانة هذه الهجمات بشكل رسمي خلال الاجتماع الاستثنائي لمجلس المحافظين. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أعلن الأحد أن بلاده تمكنت من تدمير المنشأة الرئيسية لتخصيب اليورانيوم في موقع نطنز وسط إيران ، واصفاً إياها بأنها "المحطة الأساسية للتخصيب"، وذلك في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية.


Independent عربية
منذ 7 ساعات
- Independent عربية
هل تستطيع إسرائيل تدمير البرنامج النووي الإيراني؟
قد يسجل قرار إسرائيل مهاجمة البرنامج النووي الإيراني في الـ12 من يونيو (حزيران) الجاري في التاريخ كبداية لحرب إقليمية كبرى، والمنعطف الذي ربما قاد إيران في نهاية المطاف إلى امتلاك أسلحة نووية، لكن هذه الضربات قد تذكر أيضاً باعتبارها اللحظة الأولى منذ عقود التي لم يعد فيها العالم يواجه خطر القنبلة الإيرانية. على مدار سنوات، درس المحللون النتائج المحتملة لمثل هذا الهجوم وتوصلوا إلى توقعات متباينة للغاية. والآن، سيكتشف الجميع أياً من هذه التوقعات كان دقيقاً. في الواقع، لا يزال من المبكر جداً تحديد ما ستكون عليه النتيجة. وقد يستغرق الأمر أسابيع قبل أن يفهم الخبراء الحجم الكامل للضرر الذي ألحقته إسرائيل، أو ما إذا كانت طهران ستتعافى وكيف ستفعل ذلك. فالهجمات، في نهاية المطاف، لم تنتهِ بعد. ولكن على رغم أنه قد يكون من المبكر في الوقت الراهن الحكم على الآثار الطويلة المدى لضربات إسرائيل، فإن المحللين يدركون ما يجب مراقبته عند تقييم النتائج. وبعبارة أخرى، يمكن للخبراء تحديد العوامل التي ستقرر ما إذا كانت الضربات قد نجحت في حرمان إيران من القدرة على امتلاك أسلحة نووية. بعض هذه العوامل قابل للقياس. فعلى سبيل المثال، لكي تتمكن إسرائيل من إيقاف قدرة إيران على صنع سلاح أو إبطائها بصورة جدية، كان ينبغي لضرباتها أن تحرم إيران من المواد اللازمة لتزويد المفاعلات النووية بالوقود. وكان يجب عليها تدمير المعدات الضرورية لصناعة الأسلحة. كما كان عليها، في الأقل جزئياً، أن تقضي على المعرفة التي تحتاج إليها إيران لتحويل جميع موادها إلى قنابل، لكن العامل الأخير هو الأقل وضوحاً. ولكي تنجح الهجمات الإسرائيلية بصورة كاملة، ينبغي أن تكون قد أقنعت إيران بإعادة النظر في جدوى مشروعها النووي. في الحقيقة، نجحت الهجمات الإسرائيلية في تدمير عدد كبير من محطات الطاقة، والمباني، والبنية التحتية التي تحتاج إليها إيران لبرنامجها النووي. علاوة على ذلك، أظهرت إسرائيل قدرتها على مهاجمة أهداف داخل إيران بدرجة كبيرة من الحرية، لكن النجاح لا يزال غير مضمون، نظراً إلى الاستثمارات الكبيرة التي وضعتها إيران في التحصينات الدفاعية، وتمسكها بالبرنامج، وأنظمتها الاحتياطية، والصعوبة الجوهرية التي تنطوي عليها مهمة إسرائيل. مجهولات معروفة حتى الآن، تبدو الأضرار الناجمة عن هجمات إسرائيل على المنشآت النووية الإيرانية متباينة. ووفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، فقد استهدف أخطر موقع تخصيب لليورانيوم في إيران وهو منشأة "فوردو"، ولكن لا يوجد تأكيد على اختراق دفاعاته أو تدمير أجهزة الطرد المركزي الموجودة فيه والمقدرة ببضعة آلاف. كذلك لا توجد مؤشرات إلى أن إسرائيل قد جعلت مخزون إيران من اليورانيوم المخصب غير صالح للاستخدام. وإذا كان هذا المخزون لا يزال متاحاً، وإذا كانت أجهزة الطرد المركزي لا تزال سليمة، فقد تتمكن طهران من إعادة بناء برنامج أسلحتها النووية في غضون أسابيع فقط. فعلى سبيل المثال، يمكنها نقل مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة إلى "فوردو" (أو إلى موقع سري) من أجل زيادة تخصيبه، مما يمنحها بسرعة ما يكفي من اليورانيوم لصنع قنبلة نووية. ولكن في سبيل صنع سلاح نووي فعلياً تحتاج إيران إلى أكثر من مجرد يورانيوم مخصب بدرجة إنتاج الأسلحة. فهي في حاجة أيضاً إلى معدات معالجة لتحويل اليورانيوم إلى معدن، وتشكيله إلى مكونات سلاح، ثم تجميع السلاح نفسه. وسيكون من الصعب تنفيذ كل هذه الخطوات في خضم الحرب، خصوصاً في ظل الجهود العالمية المستمرة منذ عقود، والتي هدفت إلى حرمان إيران من الحصول على هذه المعدات. كما أن المحللين لا يعرفون مدى اقتراب إيران من القدرة على إنتاج رأس حربي يمكن تركيبه على صاروخ، على رغم أن وكالات الاستخبارات كانت قد قدرت أن ذلك سيستغرق من إيران أشهراً عدة. ومع ذلك لا يزال هناك كثير من الأمور المتعلقة ببرنامج إيران النووي يجهلها الخبراء. فعلى سبيل المثال، قبل الضربات بفترة قصيرة، قدمت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريراً شاملاً حول عديد من الأسئلة العالقة المرتبطة ببرنامج إيران النووي، وبخاصة الأعمال السابقة المتعلقة بالتسلح. بعض هذه الأسئلة يركز على موقع وجود المعدات التي قد تكون مفيدة لإنتاج الأسلحة، وهي معدات قد تستخدمها إيران في الوقت الراهن. وقد يكون عملاء الاستخبارات الإسرائيلية على علم بمكان تخزين هذه المعدات، وربما دمروها في هجماتهم الأخيرة (أو يخططون لتدميرها قريباً). ومن السذاجة التقليل من شأن قدرات الاستخبارات الإسرائيلية في إيران، بالنظر إلى النجاحات العملياتية العديدة التي حققتها. لكن إيران دولة واسعة المساحة، وتضم عديداً من الأماكن التي يمكن إخفاء المعدات فيها واستخدامها. إضافة إلى ذلك تمتلك إيران عدداً كبيراً من العلماء والتقنيين النوويين، ولا يزال من غير المعروف عدد الذين قتلوا منهم حتى الآن. فقد اغتالت إسرائيل فريدون عباسي، الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية، ومحمد مهدي طهرانجي، الفيزيائي ورئيس جامعة آزاد الإسلامية في طهران، إلى جانب عدد من القادة العسكريين، لكن هذه الاغتيالات وحدها لن تكون كافية لتعطيل المشروع النووي الإيراني. فما دام البلاد تحتفظ بفريق من المشغلين الفنيين المدربين والمهرة والمتحمسين، فإنها ستظل قادرة على التقدم سريعاً نحو امتلاك السلاح النووي. روح قتالية هناك غموض هائل يكتنف حجم الضرر القابل للقياس الذي ألحقته إسرائيل بالبرنامج النووي الإيراني، لكن السؤال الأهم قد يكون ما إذا كان الهجوم الإسرائيلي قد دمر إرادة إيران في المضي قدماً في هذا البرنامج. للوهلة الأولى، قد يبدو من غير المعقول الاعتقاد أن إيران سترد على الهجوم الإسرائيلي بأي شيء سوى العدوانية. لكن إذا كانت الأضرار التي لحقت بالبرنامج النووي الإيراني وبجيشها أكبر مما تبدو عليه، فقد تسعى طهران إلى إيجاد مخارج. وقد تفكر إيران أيضاً في اللجوء إلى الدبلوماسية مع تزايد حجم الخسائر. فإسرائيل، في نهاية المطاف، لم تنه هجماتها بعد، وقد تصبح ضرباتها أكثر تدميراً في الأيام المقبلة. وقد دمر الجيش الإسرائيلي الدفاعات الجوية الإيرانية بالكامل، مما يمنحه القدرة على استهداف مزيد من البنى الحكومية المركزية ومسؤولي النظام. كما يمكن لإسرائيل استهداف أجزاء من قطاعي النفط والغاز الإيرانيين، اللذين يشكلان أساس الاقتصاد الإيراني. في مواجهة مثل هذا الدمار، قد تختار طهران السعي إلى سلام يؤدي إلى اتفاق يحد من برنامجها النووي. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) لكن من المنطقي التشكيك في أن تقبل إيران اتفاقاً يفرض عليها وهي تحت تهديد السلاح. وحتى لو وافقت على صفقة ما، فقد لا تنفذها بأمانة. وبدلاً من ذلك، فإن النتيجة الأكثر ترجيحاً هي أن تواصل إيران الانتقام، بينما تحاول إقناع بقية العالم بأن إسرائيل طرف مارق، إذ إنها استخدمت القوة قبل أيام من استئناف المحادثات بين طهران وواشنطن. كما أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بنسب بعض الفضل لنفسه في هذه الهجمات سيزيد من صعوبة التوصل إلى اتفاق، على رغم أن إدارته كانت قد حاولت في وقت سابق النأي بنفسها عن هذه الضربات. يبدو أن الهجمات الإسرائيلية ضد إيران كانت متقنة من الناحية التكتيكية ومدروسة جيداً، لكن قدرة إسرائيل على تنفيذ ضربات معقدة لم تكن موضع شك في الأساس. فقد كان المحللون يعلمون أن الجيش الإسرائيلي يتمتع بقدرات فائقة، ولديه حيل وأساليب خفية غير متوقعة، لكن السؤال الحقيقي كان دائماً ما إذا كان الهجوم الإسرائيلي المنفرد، أو حتى عملية أميركية - إسرائيلية مشتركة، سيكون قادراً فعلاً على إبطاء اندفاع إيران نحو امتلاك السلاح النووي بصورة ملموسة. وسيعرف العالم الإجابة قريباً. مترجم عن "فورين أفيرز"، 14 يونيو 2025 ريتشارد نيفيو باحث أول في مركز سياسات الطاقة العالمية في جامعة كولومبيا، وزميل مساعد في برنامج برنشتاين في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، شغل منصب نائب المبعوث الأميركي الخاص بإيران خلال إدارة بايدن، وكان عضواً في مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية خلال إدارة أوباما.