
برؤية تمتد حتى 2050: السعودية تضع بصمتها في سباق استكشاف المحيطات عبر أوشن كويست
على ضفاف البحر الأحمر، حيث تتلاقى الأمواج مع طموحات المستقبل، أطلقت المملكة العربية السعودية في أبريل 2025 مبادرة "أوشن كويست"، لتكتب فصلاً جديدًا في استكشاف المحيطات، وهي ليست مجرد مؤسسة علمية، بل وعد سعودي بكشف أسرار الأعماق وحماية كنوز كوكب الأرض.
وأعلنت مؤسسة أوشن كويست غير الربحية انطلاقها رسميًا 14 أبريل الجاري، لتضع المملكة على خارطة استكشاف المحيطات، كجزء من رؤية 2030، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز الابتكار، لكنها تمتد إلى أبعد من ذلك، حيث تسعى السعودية لترك بصمة عالمية في فهم أسرار المحيطات وحماية مواردها.
مؤسسة أوشن كويست: رؤية عالمية من قلب السعودية
تأسست أوشن كويست كمؤسسة سعودية غير ربحية، ويقع مقرها في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) في ثول بمحافظة جدة، وهو موقع استراتيجي يطل على البحر الأحمر، أحد أكثر الأنظمة البيئية البحرية تنوعًا وأقلها استكشافًا في العالم.
وتهدف المؤسسة إلى تسريع عمليات استكشاف أعماق المحيطات، وتعزيز الابتكار التقني، وبناء شراكات دولية تسهم في تطوير أبحاث المحيطات متعددة التخصصات.
ووفقًا لما أعلنته المؤسسة، فإن مهمتها تتمحور حول ثلاث ركائز رئيسة:
- استكشاف المحيطات لخدمة البشرية.
- تعزيز الابتكار في هذا القطاع.
- إشراك المجتمع العالمي في فهم أهمية المحيطات.
وهذه الرؤية تتماشى مع أهداف عقد الأمم المتحدة لعلوم المحيطات من أجل التنمية المستدامة 2021-2030، مما يضع السعودية كشريك فاعل في الجهود العالمية لحماية المحيطات.
لماذا المحيطات؟
تشكل المحيطات أكثر من 70% من سطح الأرض، لكن ما يقرب من 80% من أعماقها لا تزال غير مستكشفة، وتحمل هذه الأعماق أسرارًا قد تغير فهمنا للحياة، وتوفر حلولاً لتحديات مثل تغير المناخ والأمن الغذائي والموارد الطبيعية.
ولإدراكها لهذا الواقع، ترى السعودية فرصة ذهبية لقيادة هذا المجال، مستفيدة من موقعها الجغرافي المطل على البحر الأحمر والخليج العربي، ومن بنيتها التحتية العلمية المتقدمة.
وقد أكد الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، رئيس مجلس أمناء أوشن كويست، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السعودية "واس"، أن أوشن كويست تمثل فرصة عالمية لاستكشاف أعماق المحيطات، فيما ستسهم في تعزيز التعاون الدولي، وتوفير فرص للأجيال المستقبلية، وإيجاد حلول مبتكرة للتحديات الحالية والمستقبلية في عالم المحيطات.
استثمارات وأهداف حتى 2050
وضعت أوشن كويست خطة طويلة الأمد، تمتد حتى عام 2050، تشمل استثمار 3 مليارات ريال (حوالي 800 مليون دولار) في البحث والتطوير لاستكشاف المحيطات، وهو استثمار سيدعم تطوير تقنيات متطورة مثل الروبوتات البحرية وأجهزة الاستشعار الذكية، والمركبات تحت الماء، مما يتيح استكشاف مناطق لم يسبق الوصول إليها.
ومن الأهداف الملموسة للمؤسسة، تشجيع أكثر من 150 شابًا وفتاة سعوديين سنويًا لأن يصبحوا علماء متخصصين في علوم المحيطات، وهو ما يعكس التزام المملكة ببناء جيل جديد من العلماء القادرين على قيادة هذا المجال عالميًا.
كما تسعى المؤسسة إلى تعزيز الوعي العام بأهمية المحيطات، من خلال برامج توعوية ومعارض تفاعلية.
أعمال أوشن كويست - المصدر: أوشن كويست
دور جامعة الملك عبدالله "كاوست"
اختيار جامعة الملك عبدالله "كاوست" كمقر لمؤسسة أوشن كويست لم يكن عشوائيًا، حيث تعد واحدة من أبرز الجامعات البحثية في العالم، ولديها خبرة طويلة في أبحاث البحر الأحمر، فمنذ تأسيسها، ركزت الجامعة على دراسة النظم البيئية البحرية، بما في ذلك الشعاب المرجانية، بحيرات الملح العميقة، وتضاريس قاع البحر.
وشارك باحثو كاوست في عام 2021 مع شركة "كالادان أوشيانك" في استكشاف غور "سواكن"، أعمق نقطة في البحر الأحمر بعمق 2,777 مترًا، حيث تم رصد مناطق لم يسبق استكشافها، وأخذ عينات من بحيرات ملحية فريدة.
كما طورت كاوست تقنيات مثل روبوت OceanOne، بالتعاون مع جامعة ستانفورد، وهو روبوت غواص مزود بذكاء اصطناعي يمكنه محاكاة الملمس تحت الماء، مما يتيح استكشافًا دقيقًا للأعماق.
وستستفيد أوشن كويست من هذه الخبرات لتطوير برامجها البحثية، مع التركيز على التعاون مع مؤسسات عالمية مثل الوكالة اليابانية للعلوم والتقنية البحرية "جامستيك"، التي تعاونت مع كاوست سابقًا لدراسة الشعاب المرجانية وتضاريس قاع البحر الأحمر.
التعاون جسر للابتكار ومواجهة التحديات
وتدرك السعودية أن استكشاف المحيطات يتطلب جهودًا عالمية، ولذلك جعلت أوشن كويست التعاون الدولي إحدى أولوياتها، حيث تسعى المؤسسة إلى بناء شراكات مع مراكز أبحاث عالمية، ومنظمات غير حكومية، وشركات تكنولوجيا بحرية.
كما تعتزم أوشن كويست الانخراط في مبادرات الأمم المتحدة، مثل برنامج "عشرية المحيطات"، لدعم التنمية المستدامة، وهي شراكات ستمكن السعودية من تبادل المعرفة والتقنيات، وتعزيز مكانتها كمركز عالمي لعلوم المحيطات.
أعمال أوشن كويست - المصدر: أوشن كويست
وعلى الرغم من الطموح الكبير، يواجه استكشاف المحيطات تحديات معقدة، منها الضغط الهائل في الأعماق، والظلام الدامس، وارتفاع تكاليف التكنولوجيا، حيث تتطلب المركبات القادرة على الغوص إلى مناطق مثل "هادال"، تصميمات متطورة ومواد مقاومة للضغط، كما حدث مع مركبة "أورفيوس" التي طورتها ناسا ومعهد وودز هول.
وتخطط أوشن كويست لمواجهة هذه التحديات، عبر الاستثمار في التقنيات المحلية، وتدريب الكوادر السعودية على استخدام أحدث الأجهزة، وعلاوة على ذلك، ستعتمد على خبرات كاوست في تطوير حلول مبتكرة، مثل أجهزة السونار المتقدمة التي استخدمت في رسم خرائط قاع المحيطات في الخمسينيات.
تأثير أوشن كويست على رؤية 2030
يعد البحر الأحمر مختبرًا مثاليًا لأبحاث أوشن كويست، حيث يتميز بتنوع بيولوجي استثنائي، وسمات جيولوجية فريدة، وقد اكتشفت بعثة نيوم وأوشن إكس عام 2021 قمة محيطية بارتفاع 635 مترًا، و341 نوعًا من الأسماك، بما في ذلك 18 نوعًا مهددًا عالميًا.
كما يحتوي البحر الأحمر على بحيرات ملحية في قاعه، مثل "بركة كبريت"، التي توفر بيئات فريدة لدراسة الحياة في الظروف القاسية.
وستستغل أوشن كويست هذا التنوع لإجراء دراسات رائدة، مع التركيز على حماية النظم البيئية، حيث تعتبر الشعاب المرجانية في البحر الأحمر من الأكثر مرونة عالميًا، مما يجعلها نموذجًا لدراسة تأثيرات تغير المناخ.
وتتجاوز أهداف أوشن كويست مجرد الاستكشاف العلمي، إذ تسهم في تحقيق رؤية 2030 عبر عدة محاور، منها تعزيز الابتكار من خلال دعم البحث والتطوير، إلى جانب تدعيم التنمية المستدامة بحماية الموارد البحرية.
وبالإضافة إلى ذلك، توفر فرص عمل وتدريب للشباب السعودي، مما يعزز الاقتصاد المعرفي، كما ستسهم المؤسسة في تعزيز السياحة البيئية، حيث يمكن أن تجذب برامجها السياح العالميين المهتمين بالمحيطات، خاصة مع وجود وجهات مثل نيوم ومشروع البحر الأحمر.
خطة أوشن كويست من الانطلاق إلى القيادة
في المرحلة الأولى، ستركز أوشن كويست على بناء البنية التحتية البحثية، بما في ذلك مختبرات متطورة وسفن أبحاث، كما ستطلق برامج تدريبية للشباب بالتعاون مع كاوست ومؤسسات دولية.
وبحلول عام 2030، تهدف المؤسسة إلى إنجاز أولى بعثاتها الاستكشافية الكبرى في البحر الأحمر، مع خطط للتوسع إلى محيطات أخرى بحلول 2040.
ومن خلال أوشن كويست، تضع السعودية نفسها كلاعب رئيسي في استكشاف المحيطات، وهو مجال يعد من أكثر المجالات تعقيدًا وأهمية في القرن الحادي والعشرين، وبإمكاناتها الضخمة تنوى المملكة ترك بصمة لا تمحى في فهم أسرار المحيطات وحمايتها.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى الالكترونية
منذ 11 ساعات
- صدى الالكترونية
ترامب يعلن بناء القبة الذهبية لحماية أمريكا.. فيديو
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الثلاثاء، عن رؤيته المقترحة لبرنامج 'القبة الذهبية' الدفاعي الصاروخي. وتبلغ تكلفة برنامج 'القبة الذهبية'، 175 مليار دولار، ويُعد الأول من نوعه الذي يتضمن نشر أسلحة أمريكية في الفضاء. وتتضمن الرؤية المقترحة لمنظومة 'القبة الذهبية' قدرات أرضية وفضائية يمكنها رصد واعتراض الصواريخ في المراحل الأربع الرئيسية لهجوم محتمل، بدءا من اكتشافها وتدميرها قبل الإطلاق، ثم اعتراضها في مراحلها الأولى بعد الإطلاق، مرورا بمرحلة التحليق في الجو، وانتهاء بالمرحلة النهائية أثناء اقترابها من الهدف.


سويفت نيوز
منذ يوم واحد
- سويفت نيوز
الصين تطلق 3 تريليونات لتر من المياه على ارتفاع 8 آلاف قدم!
سيتشوان – سويفت نيوز: تواصل الصين إبهار العالم بمشروعات جديدة من حين لآخر، سواء في عالم السيارات أو الطاقة. لكن هذه المرة، ما يحدث في أعالي الجبال الغربية الصينية يتجاوز حدود الابتكار، ويقترب من حدود الظواهر الطبيعية الغريبة. بدأت الصين بتخزين المياه في مشروع 'شوانغجيانغكو' الهيدروليكي، في مقاطعة سيتشوان، الذي يُعد أضخم مشروع من نوعه على مستوى العالم، حيث سيخزن أكثر من 3 تريليونات لتر من المياه على ارتفاع يصل إلى 8 آلاف قدم. المشروع الذي انطلق عام 2015، بدأ فعلياً في تخزين المياه منذ الأول من مايو 2025، استعداداً لتوليد طاقة كهربائية نظيفة تُقدّر بـ7 مليارات كيلوواط/ساعة سنوياً، وفقاً لما ذكره موقع 'Eco Portal'. يقع السد على نهر دادو، أحد روافد حوض سيتشوان، ويبلغ ارتفاعه 315 متراً، ما يجعله أعلى سد في العالم. وقد تم تمويل المشروع بـ36 مليار يوان (نحو 4.9 مليار دولار)، وتنفذه شركة 'باور تشاينا' الحكومية، التي أعلنت أن منسوب المياه بعد المرحلة الأولى من التخزين بلغ 2344 متراً فوق سطح البحر، أي أعلى بـ80 متراً من مستوى النهر الأصلي. لكن خلف هذا الإنجاز، يلوح في الأفق تساؤل علمي: هل يمكن لمثل هذا المشروع الضخم أن يمر دون آثار جيولوجية؟ ويحذر خبراء من احتمال حدوث هزات أرضية نتيجة الضغط الهائل للمياه، إضافة إلى تغيرات في تدفق الأنهار وتأثيرات محتملة على القشرة الأرضية. ومع ذلك، يرى المهندسون أن فوائد المشروع في تقليل الاعتماد على الفحم وخفض انبعاثات الكربون بنحو 7.18 مليون طن سنوياً، تفوق هذه المخاطر المحتملة. مقالات ذات صلة


حضرموت نت
منذ 2 أيام
- حضرموت نت
زيارة الفريق الفني للبنك الدولي لهيئة المساحة الجيولوجية تؤكد أهمية الشراكة في مشاريع المياه المستقبلية
زار فريق فني من البنك الدولي اليوم هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية في العاصمة المؤقتة عدن، وذلك في إطار التحضيرات الجارية لإطلاق سلسلة مشاريع المياه المقاومة لتغير المناخ في اليمن. وتأتي هذه الزيارة ضمن الجهود الرامية لتعزيز التنسيق والتكامل بين الجهات الوطنية والدولية العاملة في قطاع المياه والبيئة. وخلال اللقاء، أكد أخصائي أول في إدارة موارد المياه بالبنك الدولي، الدكتور نايف أبو لحوم، على أهمية التعاون الوثيق مع هيئة المساحة الجيولوجية لما تمتلكه من قاعدة بيانات غنية ومهمة، تُمكِّن من الانطلاق في تنفيذ المشاريع المستقبلية من نقاط متقدمة، دون الحاجة للبدء من الصفر، بل من خلال تحديث وتطوير البيانات الموجودة بما يتناسب مع التغيرات والاحتياجات الحالية. من جانبه، أكد رئيس هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية، المهندس أحمد يماني التميمي، على أهمية العمل وفق أولويات المرحلة القادمة، مشيرًا إلى أن الهيئة ستعمل في إطار المتغيرات الحديثة ووفقًا لما تتطلبه خطط التنمية واحتياجات البلاد، خاصة في ظل التحديات البيئية والمناخية الراهنة. وشدد على استعداد الهيئة الكامل لتقديم الدعم الفني والمعلوماتي للمشاريع المرتقبة بما يسهم في تحقيق الأهداف التنموية المشتركة. وخلال الزيارة، قدّم مختصو الهيئة عروضًا فنية تناولت قواعد البيانات الجيولوجية والهيدرولوجية المتعلقة بوادي تبن، حيث استعرض المهندس مطيع الصبيحي، رئيس قسم الاستشعار عن بعد، نبذة مختصرة عن قاعدة البيانات الخاصة بالوادي، موضحًا نوعية المعلومات المتوفرة وأهميتها في دعم عمليات التخطيط والتنفيذ لمشاريع المياه والصرف. وتطرق الاجتماع أيضًا إلى نظام المعلومات الوطني لإدارة موارد المياه (NWRMIS)، والدور المهم الذي يمكن أن تلعبه هيئة المساحة الجيولوجية في تفعيل هذا النظام والمساهمة في ربطه ببقية الجهات ذات العلاقة. كما تم استعراض الجهود الجارية في تقييم قدرات الهيئة من قبل منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) بهدف تحديد الفجوات والاحتياجات ذات الصلة، وتحديد الدور المحوري الذي يمكن أن تؤديه الهيئة ضمن نظام معلومات إدارة المياه في حالات الطوارئ (CWIMS). كما ناقش الاجتماع سلسلة المشاريع ضمن المرحلة الأولى (SOP1) التي تشمل مشروعات في وادي حجر بمحافظة حضرموت ووادي تبن بمحافظة لحج، بتمويل قدره 4.79 مليون دولار، والتي من المقرر بدء تنفيذها في يونيو 2025. كما تم استعراض الترتيبات الجارية للتحضير للمرحلة الثانية (SOP2)، والتي ستغطي كافة الأحواض المائية في اليمن، ومن المتوقع الحصول على الموافقة الرسمية لها من مجلس إدارة البنك الدولي بحلول ديسمبر 2025. وتطرق الاجتماع الذي ضم مجموعة من الخبراء والمختصين من البنك الدولي، وهم: السيد نايف أبو لحوم – أخصائي أول في إدارة موارد المياه. السيد كريس فيليب فيشر – أخصائي أول في موارد المياه. السيدة فايزة أحمد – أخصائية في قطاع الزراعة. السيدة شامبافي بريام – خبيرة في الشؤون الاقتصادية. السيدة سمراء شيباني – منسقة مكتب البنك الدولي في عدن. إلى أهمية تعميق الشراكة المؤسسية مع هيئة المساحة الجيولوجية، وتوحيد الجهود نحو بناء قاعدة معرفية وطنية حديثة، تسهم في دعم اتخاذ القرار وتحقيق الاستدامة في إدارة موارد المياه في ظل تغير المناخ. حضر الاجتماع من جانب الهيئة الأستاذة ابتسام عقلان، القائم بأعمال نائب رئيس الهيئة، إلى جانب جميع رؤساء الأقسام ذات الاختصاص.