
«المجلس».. منبر اجتماعي عنوانه الكرم
خولة علي (أبوظبي)
تُعد المجالس جزءاً أصيلاً من التراث الثقافي غير المادي لدولة الإمارات ودول الخليج، وتجسد نموذجاً حياً للتواصل الاجتماعي والحوار البناء بين أفراد المجتمع، فهي حظيت باهتمام دولي عندما تم إدراجها على قائمة التراث الثقافي غير المادي لمنظمة اليونسكو، وذلك تقديراً لدورها المهم في نقل القيم والتقاليد وتعزيز التماسك الاجتماعي، باعتبارها رمزاً للتقاليد العريقة التي تجمع بين الماضي والحاضر، ما يجعلها ركيزة أساسية في الحفاظ على الهوية الثقافية للأجيال القادمة.
والمجالس كانت وما زالت تسهم في تعزيز الروابط بين أفراد المجتمع وغرس القيم والتقاليد في نفوس الأجيال الجديدة، ورغم تغيرات الزمن، يظل دور هذه المجالس جزءاً مهماً من التراث الثقافي الذي يفخر به أهل الإمارات.
دور محوري
المجالس لها أهميتها وأثرها وقيمتها في المجتمع، حيث يقول الباحث في التراث علي المطروشي، إن المجلس أو كما يعرف محلياً بـ«الميلس»، يعد من المرافق الأساسية التي ارتبطت بالمجتمع العربي قديماً وحديثاً، فقد كان المجلس وما زال رمزاً للكرم العربي الأصيل المتجذر في نفوس العرب منذ الِقدم، كما يعتبر منصة اجتماعية وتربوية، حيث لعب دوراً محورياً في بناء الروابط وتعزيز القيم داخل المجتمع.
ولطالما كانت المجالس مركزاً حيوياً للحياة الاجتماعية، فهي ليست مجرد مكان للقاء أهل الحي، بل فضاء لتبادل الأخبار والمشورة، وتعليم القيم والسنع للأجيال الناشئة، كما أنها تمثل الواجهة الحضارية والكرم لأهل البيت.
المجالس أنواع
وتنقسم المجالس إلى أنواع مختلفة وفقاً لطبيعة سكان المنطقة، حيث تأثرت المجالس بعوامل البيئة وطريقة الحياة بين الحضر والبدو، وعن ذلك يقول المطروشي: «هناك مجالس الحضر التي تطورت مع مرور الزمن فكانت تُشيّد قديماً باستخدام مواد بسيطة مثل جذوع النخيل والسعف، وتُفرش بالحصير اليدوي».
وذكر المطروشي أن مجالس البدو تختلف عن مجالس الحضر، فهي تتأقلم مع الطبيعة الصحراوية المفتوحة، ومنها مجالس «الحضيرة» وفيها يجتمع أفراد القبيلة وضيوفهم في حلقة دائرية على الرمال، حيث توقد النار للإنارة، أو لإعداد القهوة، أو للتدفئة في الشتاء.
تصنيف المجالس
ويؤكد المطروشي أن المجالس صُنفت وفقاً لفئاتها إلى أنواع عدة منها مجالس الحكام والشيوخ، وكانت تخصص لحل المنازعات، وسماع شكاوى الناس، وتلبية مطالبهم، وتعقد فيها المباحثات المتعلقة بشؤون البلاد واستقبال ضيوف الإمارة. ويلفت المطروشي قائلاً: يُطلق على مجلس الحاكم اسم «البرزة»، ويقال: «الشيخ يبرز عقب العصر»، في إشارة إلى استقباله للناس في مجلسه بعد صلاة العصر، وتميزت هذه المجالس بالوقار والهيبة، مع التحفظ الشديد في السلوكيات لضمان احترام المكانة العالية للحاكم أو الشيخ.
الأعيان والشعراء
ويشير المطروشي أيضاً إلى مجالس الأعيان التي تجمع وجهاء المجتمع مثل النواخذة «قادة السفن»، والطواويش «تجار اللؤلؤ»، والتجار، وملاك العقارات، وغالباً ما يدور الحديث في هذه المجالس حول الأعمال التجارية، الأسفار، والقضايا المرتبطة بمصالحهم، وقد اتسمت بمراعاة أصول وقيم «السنع»، والآداب السلوكية التي تعكس الاحترام المتبادل بين الأفراد.
وهناك أيضاً مجالس الشعراء والأدباء والمثقفين في مختلف الإمارات، وعنها يوضح المطروشي أن هذه المجالس تعتبر منابر للإبداع الثقافي، حيث يرتادها الشعراء والأدباء والرواة لتبادل القصائد النبطية والفصحى، ومشاركة القصص الشعبية والأدب العربي، وفيها تخف حدة القيود السلوكية وتكون أكثر عفوية وتلقائية.
بيوت الشعر
مجالس بيوت الشعر، تُعقد في خيام منسوجة من شعر الماعز أو وبر الإبل، مما يجعلها مناسبة لحياة البدو، وفي وسط الخيمة يتم إشعال النار، وحولها يتبادل الحاضرون الأحاديث والأخبار، كما يتم تقديم القهوة والضيافة، وهو ما يعكس القيم العريقة للكرم والتواصل الاجتماعي في البيئة البدوية.
مجالس النساء
يلفت الباحث التراثي علي المطروشي، إلى أن المجالس لم تكن حكراً على الرجال، إنما كانت النسوة أيضاً يمتلكن مجالسهن الخاصة التي كانت تعكس خصوصية مهمة ضمن النسيج المجتمعي، قائلاً: عرفت هذه المجالس بمساحاتها المريحة وتوقيتها المناسب، حيث كانت تُعقد غالباً خلال وقت الضحى أو بعد العصر، وتقام داخل البيوت أو في المساحات المفتوحة بين المنازل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الاتحاد
٣٠-٠٤-٢٠٢٥
- الاتحاد
حياة القناة المذهلة!
ارتسمت صورة قناة بنما في أذهان الكثيرين خلال الفترة الأخيرة، على ضوء مطالبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب باستعادة بلاده السلطةَ على إدارتها، وقبل ذلك وبعده فهي لا تبدو في أذهان الناس إلا بوصفها ممراً مائياً مهماً تشقه يومياً عشرات سفن الشحن الضخمة المحملة بالحاويات من وإلى مختلف الموانئ البحرية في أنحاء العالم. لكن الجزء الأخير غير المرئي من الصورة الحقيقية لقناة بنما يرجع إلى كونها محاطة على ضفافها بشريط من الغابات المطيرة ذات الأشجار المتشابكة، والتي تُعد موطناً لمئات أنواع الطيور. ومنها طائر موتموت أحمر اللون الذي يعيش على ضفاف القناة في وادي أنطون، وقد ظهر هنا في هذه الصورة جاثماً على شجيرة بجوار أحد النزل السياحية على مقربة من القناة. وكما يلاحظ زائر بنما، فإنها دولة تَبني بسرعة صناعتَها السياحيةَ البيئية الجذابةَ، خاصة أنها تتمتع بتاريخ عالمي غني ساهمت القناة في صناعته. كما أنها تقع في المنطقة الزمنية ذاتها لمدينة شيكاغو الأميركية، مما يعني عدم وجود فارق في التوقيت بالنسبة لكثير من الأميركيين. وتحتضن منطقة قناة بنما حوالي ألف نوع من الطيور، بين المهاجرة والمقيمة، من طائر الفرقاط العظيم الذي يحلق لآلاف الأميال، إلى مجموعة مذهلة من الطيور الغابوية الصغيرة والجذابة مثل طائر الـ «ستريك-تشستد أنتبيتا» الذي يخاطبه الناس في منطقة القناة بلطف شديد ودلال فيرد مغرداً بألحانه العذبة. إن نفس السبب الذي أدى إلى إنشاء قناة بنما في أوائل القرن العشرين، مما قاد إلى تغيّر كبير في مسارات التجارة العالمية، هو ما يفسر أيضاً وفرة الطيور في هذا المكان. فهذه الأرض تقع بين الأميركتين، الشمالية والجنوبية، وبين المحيطين، الهادئ والأطلسي، وبين مستويات ومناخات متباينة بشكل دراماتيكي، أي بين شواطئ مشمسة منبسطة وجبال مكسوة بالغابات المطيرة ترتفع أكثر من 10.000 قدم فوق سطح البحر. وبين هذا وذاك يكتشف الزائر هذه الأرض الواقعة بين البحار، وما تحتضنه من حياة برية مذهلة على طول القناة. (الصورة من خدمة «نيويورك تايمز»)


البوابة
٢٠-٠٣-٢٠٢٥
- البوابة
مديرية الأوقاف بالإسماعيلية تعلن عن 99 ساحة لصلاة عيد الفطر
أعلنت مديرية الأوقاف بمحافظة الإسماعيلية، تخصيص 99 ساحة لأداء صلاة عيد الفطر المبارك في مختلف المدن والمراكز، وذلك لضمان توفير أماكن مناسبة لاستقبال المصلين في أجواء روحانية مميزة. وشملت هذه الساحات عددًا من الميادين والملاعب المفتوحة ومراكز الشباب والمدارس والمعاهد الدينية، حيث تم تجهيزها بالتنسيق مع الجهات المختصة لضمان توفير كافة الخدمات اللازمة للمصلين. في مدينة الإسماعيلية، تم تحديد عدد من الساحات الرئيسية، من بينها استاد الإسماعيلي بشارع المدارس، الملعب المفتوح بمنطقة الخامسة، موقف الحكر، وساحة نادي الشهداء. كما تم تجهيز ساحة عزبة علي عيد، ساحة شباب السحارة، ساحة عثمان بن عفان بمنطقة الحرفي، وساحة الزغابة، إلى جانب ساحة حي السلام، ساحة الثلاثيني، وساحة مركز شباب أبو آدم. ولم تغفل المديرية المناطق الأخرى داخل المدينة، حيث تم تخصيص ساحة أبو عطوة، ساحة عرايشية مصر، ساحة الشيخ زايد، وساحة ميدان الفردوس لاستقبال المصلين. وفي مركز أبو صوير، شملت الساحات المخصصة للصلاة مركز شباب أبو نصر الله، مركز شباب أبو صوير المحطة، مركز شباب الوراورة، مركز شباب أبو خروع، ومركز شباب الواصفية. كما تم تجهيز ساحة أبو عياد، ساحة أبو جريش، ساحة عزبة شعيب، ساحة العالي، وساحة المركز الطبي بمدينة المستقبل. وخصصت المديرية أيضًا ساحة التوفيق، ساحة الصوفية خلف اللواء 113، ساحة مدرسة غريب سلامة بكوبري 7 المنايف، وساحة العمدة البوصيلي الكرايم، إلى جانب ساحة رست بور سعيد، ساحة 6 أكتوبر، ساحة الصولي، ساحة منشية مبارك، وساحة المستقبل الجديد. أما في مركز القصاصين، فقد تم تخصيص مدرسة أحمد عرابي، مركز شباب القصاصين، مركز شباب الهوانية، مركز شباب النجع، مركز شباب صبري، ومركز شباب الهيش. كما تم تجهيز مركز شباب أم عزام، مركز شباب السويدات بقرية 30 يونيو، مركز شباب المحسمة المحطة، مركز شباب المحسمة العبل، ومركز شباب الخفيج بقرية السلام، بالإضافة إلى مركز شباب عرب أبو قاسم، المعهد الديني بالكوع في الوادي الأخضر، مركز شباب البغادة، مركز شباب الجعارة، معهد تل ثمود، ومعهد يوسف مرسال بالشيخ غريب. وفي مركز التل الكبير، تم تحديد عدة ساحات رئيسية، من بينها ساحة مسجد الرحمن بالمحطة، الساحة الشعبية، ساحة مسجد عمر بن الخطاب بالبعالوة، ومركز شباب البعالوة، بالإضافة إلى ساحة مسجد مجمع البحر بالقرين الجديدة، ساحة تل البلد، ساحة مدرسة الثانوية العامة بحي السلام، وساحة مركز شباب أبو حليفة. كما تم تجهيز ساحة مسجد التل الصغير، ساحة مركز شباب تل أبو حامد، ساحة مدرسة عطية الناظر، وساحة مركز شباب المزارعة. وخصصت المديرية أيضًا ساحة مركز شباب أبو عاشور، ساحة مسجد أم القرى بالبكارشة، ساحة مركز شباب الظاهرية، وساحة مركز شباب أبو عيادة، إلى جانب ساحة مركز شباب العهدة، ساحة مركز شباب الغرابوة، وساحة عزبة منصور لاستقبال المصلين. وفي القنطرة شرق، تم تجهيز عدد من الساحات، أبرزها ساحة الشهيد جواد حسني، ساحة مركز شباب المدينة الجديدة، ساحة مسجد سيد المرسلين، ساحة العبور، وساحة قرية الإرسال. كما تم تخصيص ساحة السبط الزكي بقرية الأبطال، وساحة مسجد الرحمة بقرية الأحرار، بينما في القنطرة غرب، تم تجهيز ساحة مركز شباب القنطرة، ساحة مركز شباب أبو خليفة، ساحة مركز شباب البياضية، وساحة ملعب منشية مبارك، بالإضافة إلى ساحة مركز شباب الرياح، ساحة مركز شباب الشهيد خيري، وساحة مسجد أبو بكر الصديق بالمثلث. كما تم تخصيص ساحة مسجد القدس بالكيلو 17 الحمادة لاستقبال المصلين. وفي مركز فايد، تم تحديد ساحة الضبعية الشرقية بمركز شباب الضبعية، ساحة مركز شباب سرابيوم، ساحة مركز شباب فنارة، وساحة أبو سلطان، بالإضافة إلى ساحة ميدان فنارة، ساحة عمر بن الخطاب، وساحة مركز شباب كسفريت. كما تم تجهيز ساحة العقادة، ساحة مركز شباب أبو شلبي بسرابيوم، وساحة قمة فايد لاستقبال المصلين. وأكدت مديرية الأوقاف بالإسماعيلية أن جميع الساحات تم تجهيزها بالكامل لاستقبال المصلين، مع التأكيد على تواجد أئمة وخطباء تابعين للوزارة لإلقاء خطبة العيد. كما شددت على أهمية التزام المواطنين بالتعليمات التنظيمية والتعاون مع الجهات المختصة لضمان إقامة الصلاة في أجواء آمنة ومنظمة.


الاتحاد
١٣-٠٣-٢٠٢٥
- الاتحاد
أطباق رمضان.. رسائل مودة بين الجيران
خولة علي (أبوظبي) مع اقتراب موعد الإفطار في شهر رمضان، يزداد التآلف بين الجيران، حيث يتبادلون الأطباق المليئة بالمأكولات الرمضانية التي تحمل معها عبق الماضي وأصالته، ففي هذه اللحظات، تنبض القلوب بمشاعر التراحم والمودة، ويشهد المجتمع طقوساً من التعاون والتكاتف بين الأسر، وهو ما يعكس روح الشهر الفضيل، ورغم تغير وتيرة الحياة، لا يزال البعض متمسكاً بهذه العادات التي تخلق روابط اجتماعية متينة، وتعيد للذاكرة تلك الأجواء الروحانية التي تملأ النفوس بالسكينة والهدوء. تواصل وتراحم تشير الباحثة في التراث شيخة النقبي، إلى أن رمضان في الماضي كان يحمل نكهة خاصة تميز أيامه عن غيرها من الشهور، فكان يمزج بين العبادة والمودة والتقارب بين أفراد المجتمع، واصفة علاقة الجيران مع بعضهم البعض، حيث كانت البيوت مشرعة الأبواب لاستقبال أي زائر، قائلة «تزداد العلاقات قوة ومتانة في رمضان عبر تعاون وتواصل وتراحم الجيران وتكاتفهم، ورغم قلة الإمكانات وضعف الموارد وبساطة الحياة قديماً، إلا أن التلاحم كان على أشده بين الأسر في أنحاء الفرجان». تقليد متوارث والحديث عن التلاحم بين الأسر يتجسد في تبادل الطعام، حيث كانت النساء يحرصن على تحضير وجبات تكفي لتشمل جيرانهن، إيماناً بأن «طعام الواحد يكفي الاثنين»، حيث تشير النقبي إلى أن هذا التقليد كان واحداً من أروع العادات الاجتماعية في رمضان، وكان الأطفال يركضون بين البيوت وفي الأزقة الضيقة حاملين الأطباق، وتغمرهم الفرحة والبهجة في رحلتهم اليومية قبل موعد إطلاق مدفع رمضان، ليتعلموا من خلال هذه العادة، أسمى معاني القيم مثل احترام الجار والتكافل المجتمعي. بساطة الأطباق وتروي النقبي عن بساطة وجبة الإفطار التي كانت في الغالب مكونة من اللبن أو الحليب مع التمر، وقهوة تنبعث منها رائحة الهيل، وبعض من ثمار المزارع المنتشرة في القرى، ولكن مع مرور الوقت، بدأت الحياة تأخذ منحى أكثر استقراراً، ومن هنا بدأت تتنوع المأكولات بين اللقيمات، والهريس والبلاليط، والثريد والأرز، وغيرها من الأطباق الشعبية التي ما زالت تتصدر مائدة رمضان. وتلفت النقبي، قائلة «الجميل أيضاً أن هذه العادة تضفي على السفرة نوعاً من التنوع، فما يقدمه الجيران من طعام يختلف عن الطبق الذي نقدمه لهم، فهذا التنوع يجلب نوعاً من البهجة للصائمين عندما يرون السفرة متجددة في أطباقها وغير مملة، حتى أصبح الأهالي ينتظرون الأطباق التي تنتقل بكل حب ومودة من بيت إلى آخر، لتتحول الفرجان إلى خلية نحل لا تهدأ إلا مع صوت الأذان». رسالة إنسانية تؤكد النقبي، أن معاني الصيام تتجاوز الجوع والعطش، وتتجسد في رسالة إنسانية عميقة تحمل في طياتها قيم الإسلام وتعاليم رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، وعلى الرغم من أن هذه العادات أصبحت أقل تداولاً في العصر الحالي، إلا أن الأمل في استمرارها باقٍ، لتستمر هذه التقاليد وتتناقلها الأجيال على مر الزمن.