
عاصي ومنصور الرحباني... "تعا ولا تجي"
في 3 مايو/ أيار الحالي، مرّ 102 عام على ولادة
عاصي
الرحباني، بينما حلت مئوية ولادة منصور الرحباني مطلع العام الحالي، ويتخلّل العام منذ بدايته احتفالات وندوات وحفلات عدة استعادة لذكرى وإرث الأخوين الرحباني، وكان آخرها، حفل لعمر الرحباني، حفيد منصور، في الدوحة نهاية الأسبوع الماضي.
نعود هنا بهذه المناسبة إلى الكتاب الصادر عام 2023 عن دار "نلسون" في بيروت، والممتد على 554 صفحة، ويقدّم فيه الصحافي والناقد المسرحي المخضرم عبيدو باشا عملاً توثيقياً استثنائياً بعنوان: "تعا ولا تجي - مئة عام على ولادة عاصي الرحباني".
لا يكتفي باشا بكتابة سيرة ذاتية تقليدية، بل يفرض قواعد خاصة لهذا النوع من الكتابة، فيحولها إلى دراسة نقدية موسعة، تتقاطع فيها تجربته الشخصية -مستشار إعلامي سابق لمنصور الرحباني- مع عالم عاصي الرحباني الفني، وصولاً إلى منصور نفسه، ومن ثمّ أبناء الجيل الثاني من آل الرحباني.
يسلط المؤلف الضوء على جوانب خفية من شخصية منصور الرحباني، الذي يحتفل هذا العام بمئوية ولادته، غير أنّ التركيز الأكبر يبقى على عاصي، عبقري الموسيقى والمسرح، الذي يُفصح باشا عبر سطور كتابه أنه من أولئك "الذين لا يموتون، وإن ماتوا، لا يذهبون".
يدعو عبيدو باشا القارئ إلى الولوج معه في ذاكرة الرحابنة، لكشف الإنسان في عاصي، وفنّه، وجمال موسيقاه ومسرحه، في تمازج خلاق مع شعر شقيقه منصور. يصف عاصي بأنه "لم يُخفق في شيء... سوى في حياته"، ويضيف: "كلما تقدم في العمر، لم يعد بمقدوره أن يكون ما يجب أن يكونه كزوج وأب. المنطق كان شمسه العالية، لعبه، عذابه... ولأنه كذلك، أُرهق كما يُرهق المثال من كثرة الاستعمال". يشبّه باشا عاصي بـ"الملك لير"، الذي "أهدى مملكته بعد أن ترك رائحة المكان في أنفه"، ويكتب عنه بإعجاب: "حين يؤلف لا يقيس، حين يلحن لا يقيس. مؤلفاته موعد غرامي مع الصباح، جلوس في حضرة النور".
أما منصور، فيصوّره الكاتب على أنه "ناطحة سحاب"، لكنها "لا تعلو على عاصي". ويشير إلى علاقة التأثير المتبادل بين الشقيقين، ويكتب: "منصور لم يقع في أسر عاصي. من المستحيل أن يهجر الواحد الآخر، وكان كل منهما يحدث تأثيره في الآخر بالطرق الجيدة".
يتعمّق الكتاب في كواليس العلاقة بين عاصي و
فيروز
، كاشفاً عن وجه آخر لعلاقة معقدة ومضطربة، تحكمها البرودة. ويرى باشا أن عاصي "عاش حباً فطرياً مع شريكة ضائعة في منزل جمعهما"، ويعتبر أن فيروز عاشت محطتين فارقتين: الأولى مجد الأولمبيا، والثانية نجاة عاصي من الجلطة الدماغية، التي أعادته، ولو جزئياً، إلى فنه وناسه.
ويعدد باشا بإعجاب رصيد عاصي الإبداعي، من "سفر برلك" إلى "بنت الحارس"، مخصصاً فصولاً كاملة لأعماله المسرحية والموسيقية داخل لبنان وخارجه. ويصرّح بأن زياد الرحباني هو "الوريث الوحيد" لفن الأخوين في الجيل الثاني.
في حديثه لـ"العربي الجديد"، يصف باشا عمله هذا بأنه "تكريمي للأخوين الرحباني"، موضحاً أن النقد لا يُنافي التكريم، بل يحيي المبدع. ويعلّق على بعض الانتقادات الموجّهة إليه بالقول: "نعيش في مجتمعات ترى في التكريم جانباً واحداً هو المديح، بينما النقد الحقيقي هو ما يمنح المبدع حياة جديدة".
ويضيف: "كلام المديح عابر، يحوّل المبدع إلى تمثال في متحف. أما المجتمعات الشرقية، فهي يقينية لا تقبل النقد ولا تنتجه".
في كلامه عن المسرح الرحباني، يشير إلى أن "رأسمال الرحابنة كان الأغنية والشعر"، بفضل عاصي الملحن العبقري، ومنصور شاعر الأغنية والقصيدة. ويشدد على أن منصور "شاعر من طراز عالمي، سواء كتب بالعامية أو الفصحى".
وحول العنوان المرتبط بمئوية عاصي، يوضح باشا أن ذلك لم يُلغ الحديث عن منصور، "لأن الفصل بين الأخوين غير جائز ولا حاجة إليه".
موسيقى
التحديثات الحية
منصور الرحباني... أغنية شعبية للمتنبي وسمّ سقراط
لكنه يكشف في المقابل عن علاقات ملتبسة داخل العائلتين، تعمّدت الفصل بين التجربتين لأسباب "شخصية ومصلحية"، ما أدى إلى حجب التاريخ الرحباني عن المناهج الدراسية، وسحب مسرحيات الأخوين من الأسواق.
يتساءل باشا عن انزعاج البعض من كشف كواليس حياة الأخوين الرحباني، ويؤكد: "لم أتطرق إلى العلاقات الحميمة، بل إلى السلوك الفني والعلاقات المهنية". ويختم: "أجريت بحوثاً دقيقة، واستشرت موسيقيين، واطلعت على الإنتاج الفني لعاصي. الكتاب عمله أن يثير الملاحظات والتحفظات والاتفاقات، ومن لديه اعتراض أو نقد، فليكتب ملاحظاته"

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
٢١-٠٥-٢٠٢٥
- العربي الجديد
عاصي ومنصور الرحباني... "تعا ولا تجي"
في 3 مايو/ أيار الحالي، مرّ 102 عام على ولادة عاصي الرحباني، بينما حلت مئوية ولادة منصور الرحباني مطلع العام الحالي، ويتخلّل العام منذ بدايته احتفالات وندوات وحفلات عدة استعادة لذكرى وإرث الأخوين الرحباني، وكان آخرها، حفل لعمر الرحباني، حفيد منصور، في الدوحة نهاية الأسبوع الماضي. نعود هنا بهذه المناسبة إلى الكتاب الصادر عام 2023 عن دار "نلسون" في بيروت، والممتد على 554 صفحة، ويقدّم فيه الصحافي والناقد المسرحي المخضرم عبيدو باشا عملاً توثيقياً استثنائياً بعنوان: "تعا ولا تجي - مئة عام على ولادة عاصي الرحباني". لا يكتفي باشا بكتابة سيرة ذاتية تقليدية، بل يفرض قواعد خاصة لهذا النوع من الكتابة، فيحولها إلى دراسة نقدية موسعة، تتقاطع فيها تجربته الشخصية -مستشار إعلامي سابق لمنصور الرحباني- مع عالم عاصي الرحباني الفني، وصولاً إلى منصور نفسه، ومن ثمّ أبناء الجيل الثاني من آل الرحباني. يسلط المؤلف الضوء على جوانب خفية من شخصية منصور الرحباني، الذي يحتفل هذا العام بمئوية ولادته، غير أنّ التركيز الأكبر يبقى على عاصي، عبقري الموسيقى والمسرح، الذي يُفصح باشا عبر سطور كتابه أنه من أولئك "الذين لا يموتون، وإن ماتوا، لا يذهبون". يدعو عبيدو باشا القارئ إلى الولوج معه في ذاكرة الرحابنة، لكشف الإنسان في عاصي، وفنّه، وجمال موسيقاه ومسرحه، في تمازج خلاق مع شعر شقيقه منصور. يصف عاصي بأنه "لم يُخفق في شيء... سوى في حياته"، ويضيف: "كلما تقدم في العمر، لم يعد بمقدوره أن يكون ما يجب أن يكونه كزوج وأب. المنطق كان شمسه العالية، لعبه، عذابه... ولأنه كذلك، أُرهق كما يُرهق المثال من كثرة الاستعمال". يشبّه باشا عاصي بـ"الملك لير"، الذي "أهدى مملكته بعد أن ترك رائحة المكان في أنفه"، ويكتب عنه بإعجاب: "حين يؤلف لا يقيس، حين يلحن لا يقيس. مؤلفاته موعد غرامي مع الصباح، جلوس في حضرة النور". أما منصور، فيصوّره الكاتب على أنه "ناطحة سحاب"، لكنها "لا تعلو على عاصي". ويشير إلى علاقة التأثير المتبادل بين الشقيقين، ويكتب: "منصور لم يقع في أسر عاصي. من المستحيل أن يهجر الواحد الآخر، وكان كل منهما يحدث تأثيره في الآخر بالطرق الجيدة". يتعمّق الكتاب في كواليس العلاقة بين عاصي و فيروز ، كاشفاً عن وجه آخر لعلاقة معقدة ومضطربة، تحكمها البرودة. ويرى باشا أن عاصي "عاش حباً فطرياً مع شريكة ضائعة في منزل جمعهما"، ويعتبر أن فيروز عاشت محطتين فارقتين: الأولى مجد الأولمبيا، والثانية نجاة عاصي من الجلطة الدماغية، التي أعادته، ولو جزئياً، إلى فنه وناسه. ويعدد باشا بإعجاب رصيد عاصي الإبداعي، من "سفر برلك" إلى "بنت الحارس"، مخصصاً فصولاً كاملة لأعماله المسرحية والموسيقية داخل لبنان وخارجه. ويصرّح بأن زياد الرحباني هو "الوريث الوحيد" لفن الأخوين في الجيل الثاني. في حديثه لـ"العربي الجديد"، يصف باشا عمله هذا بأنه "تكريمي للأخوين الرحباني"، موضحاً أن النقد لا يُنافي التكريم، بل يحيي المبدع. ويعلّق على بعض الانتقادات الموجّهة إليه بالقول: "نعيش في مجتمعات ترى في التكريم جانباً واحداً هو المديح، بينما النقد الحقيقي هو ما يمنح المبدع حياة جديدة". ويضيف: "كلام المديح عابر، يحوّل المبدع إلى تمثال في متحف. أما المجتمعات الشرقية، فهي يقينية لا تقبل النقد ولا تنتجه". في كلامه عن المسرح الرحباني، يشير إلى أن "رأسمال الرحابنة كان الأغنية والشعر"، بفضل عاصي الملحن العبقري، ومنصور شاعر الأغنية والقصيدة. ويشدد على أن منصور "شاعر من طراز عالمي، سواء كتب بالعامية أو الفصحى". وحول العنوان المرتبط بمئوية عاصي، يوضح باشا أن ذلك لم يُلغ الحديث عن منصور، "لأن الفصل بين الأخوين غير جائز ولا حاجة إليه". موسيقى التحديثات الحية منصور الرحباني... أغنية شعبية للمتنبي وسمّ سقراط لكنه يكشف في المقابل عن علاقات ملتبسة داخل العائلتين، تعمّدت الفصل بين التجربتين لأسباب "شخصية ومصلحية"، ما أدى إلى حجب التاريخ الرحباني عن المناهج الدراسية، وسحب مسرحيات الأخوين من الأسواق. يتساءل باشا عن انزعاج البعض من كشف كواليس حياة الأخوين الرحباني، ويؤكد: "لم أتطرق إلى العلاقات الحميمة، بل إلى السلوك الفني والعلاقات المهنية". ويختم: "أجريت بحوثاً دقيقة، واستشرت موسيقيين، واطلعت على الإنتاج الفني لعاصي. الكتاب عمله أن يثير الملاحظات والتحفظات والاتفاقات، ومن لديه اعتراض أو نقد، فليكتب ملاحظاته"


BBC عربية
٢١-١١-٢٠٢٤
- BBC عربية
فيروز: "جارة القمر" تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
يحتفل جمهور الغناء العربي بالذكرى التسعين لميلاد "جارة القمر" التي أمتعت محبيها بالطرب الأصيل لعقود طويلة حتى أصبحت أغنياتها أيقونات للحب والرومانسية. إنها "سفيرتنا الى النجوم" و "أسطورة العرب" و"ياسمينة الشام" و و"ملكة الغناء العربي" و"عصفورة الشرق" و"الصوت الساحر" و"سيدة الصباح" و"صوت الأوطان" و "الصوت الملائكي"، وهي بعض الألقاب التي حملتها المطربة اللبنانية الكبيرة فيروز التي ظلت تبعث الفرح والهدوء بصوتها الجميل في النفوس. أجيال عديدة فتحت عيونها صباحاً على صوت فيروز الذي لا يزال برقته وجماله يثير مشاعر الفرح والحب والحنان في نفوس المستمعين. نشأة متواضعة وُلدت فيروز، واسمها الأصلي نهاد حداد، في منطقة زقاق البلاط الشعبية في بيروت عام 1934 لأسرة مسيحية، ويعود نسب والدها وديع حداد إلى مدينة ماردين في جنوب شرق تركيا حالياً وكان يعمل في مطبعة الجريدة اللبنانية "لورويون لو جور" التي تصدر حتى يومنا هذا باللغة الفرنسية، أمّا والدتها، فهي لبنانية مسيحية مارونية تدعى ليزا البستاني. والتحقت نهاد بمدرسة القديس يوسف للبنات في بيروت، حتى أجبرت ظروف الحرب العالمية الثانية والدها على نقلها إلى مدرسة عامة. في عام 1947 وفي سن 14 اكتشفها محمد فليفل، أحد مؤسسي المعهد الوطني للموسيقى في بيروت حين كان يبحث عن مواهب لضمها إلى فرقة كورالية تم تشكيلها حديثاً. ورعا الأخوان فليفل فيروز واهتما بها كثيراً ونصحاها بعدم تناول كل ما يمكن أن يؤذي حبالها الصوتية. كما قدّما فيروز للمعهد الموسيقي وتعهدا بتحمل نفقات دراستها حيث درست لمدة أربع سنوات. إذاعة لبنان ويعود إلى الأخوين فليفل الفضل في تعليم فيروز أصول التجويد وما يحتويه من مقامات لحنية ساهمت في تطور صوتها وأدائها. وبعد أربع سنوات من الدراسة في المعهد، نجحت فيروز في مسابقة اختبار الأصوات حيث أعجب الموسيقار حليم الرومي بصوتها وقدّم لها مجموعة من الألحان التي لقيت صدى جيداً وهو الذي أطلق عليها اسم فيروز الذي حملته منذ ذلك الوقت. وبدأت مسيرتها مع الغناء كعضو في فرقة الإذاعة اللبنانية. وحظيت برعاية الرومي، الذي كان حينها ملحناً ومخرجاً في الإذاعة بعد إعجابه بموهبتها الفريدة، ولحن لها أغنياتٍ خاصة بها وأعطاها الاسم الفني فيروز لأن صوتها أشبه بحجر كريم بنظره. وحققت فيروز نجاحاً كبيراً لدى المستمعين في كلّ مكان في لبنان. والتقت فيروز بالأخوين رحباني، عاصي ومنصور، اللذين كانا من المواهب الصاعدة في مجال التلحين والشعر الغنائي حينذاك. ورغم أن الأخوين كان يحاولان الجمع بين الأنغام الغربية الراقصة والغناء العربي، إلا أن الأغنية التي حققت نجاحاً باهراً كانت أغنية حب حزينة بعنوان "عتاب" سجلاها في 1952 في إذاعة دمشق. وتزوجت فيروز في يوليو/تموز 1954 من عاصي الرحباني وحضر حفل زفافهما حشد كبير من المعجبين وعاشا في بداية حياتهما في بلدة انطلياس المطلة على بيروت. عاصمة الفن في عام 1955 سافرت فيروز وعاصي إلى مصر لأول مرة. كانت القاهرة آنذاك لا تزال عاصمة المسرح والسينما والأغنية العربية وقد لاقت فيها المطربة الشابة نجاحاً كبيراً وتلقت العديد من العروض من الملحنين والمخرجين المصريين المشهورين، ولكن بحلول ذلك الوقت كانت تنتظر طفلها الأول فعادت إلى لبنان وأنجبت ابنها البكر زياد في يناير/ كانون الثاني 1957. وأنجبت فيما بعد أربعة أطفال، ثلاث فتيات وصبي. لكن زياد كان الأقرب إليها وقام في السنوات اللاحقة بكتابة وتلحين العديد من أغانيها. غنت فيروز لأول مرة أمام الجمهور في صيف عام 1957 خلال مشاركتها في مهرجان بعلبك السنوي حيث فاض الجمهور عن طاقة استيعاب مدرجات معبد جوبتر الروماني. وكانت فعاليات المهرجان حتى ذلك التاريخ مقتصرة على العروض الأجنبية. وقد منحها رئيس الجمهورية كميل شمعون وسام الفروسية اللبناني الرفيع تقديراً لإنجازها الفني. بعد ذلك، أصبحت فيروز ركناً أساسياً من عروض المهرجان حيث كان الآلاف من لبنان وغيره يتوافدون على المهرجان لمشاهدة آخر المسرحيات والعروض الغنائية للأخوين رحباني تأليفاً وتلحيناً. وتوقف المهرجان السنوي مع اندلاع الحرب الأهلية عام 1975. ذاعت شهرة فيروز خارج لبنان وبات لها معجبون في كل الدول العربية والمهجر. وتدفقت عليها العروض من موسيقيين وملحنين وشعراء من كافة البلدان. كما أحيت حفلات في معظم الدول العربية والعواصم والمدن الكبرى حول العالم مثل نيويورك وسيدني وسان فرانسيسكو ومونتريال ولندن وباريس. ومنحها ملك الأردن الراحل حسين وسام الشرف عام 1963 والميدالية الذهبية عام 1975. غنت فيروز للحب والغربة والطبيعة وللوطن وللقدس العتيقة ولفلسطين. كما غنت مختلف ألوان الغناء، القصيدة، الموشحات، المقام، الموال، العتابا والميجنا والفلكلور. وبلغ عدد المسرحيات الغنائية التي أدتها فيروز 22 عملاً إلى جانب ثلاثة أفلام غنائية من إخراج المصريين يوسف شاهين وهنري بركات. وبعض أفضل وأشهر أغاني فيروز التي عرفها الجمهور عبر مسرحياتها الغنائية: جسر القمر عام 1962 وبياع الخواتم عام 1964 ودواليب الهوى 1965 والمحطة 1973. في عام 1967 قدمت فيروز مسرحية "هالة والملك" من إعداد وإخراج الأخوين رحباني حيث تدور أحداثها في المدينة وليس في القرية، كما جرت العادة في مسرحياتها السابقة. وشارك فيها المطربون الراحلون نصري شمس الدين وملحم بركات وإيلي شويري وجوزيف ناصيف. ورفضت فيروز مغادرة لبنان خلال الحرب الأهلية وظلت في بيروت ونأت بنفسها عن أجواء الصراعات الداخلية لكنها ظلت تغني للبنان ولشعبه. كانت فيروز تعيش في بيروت الغربية، التي كانت تحت سيطرة الأحزاب والقوى القومية واليسارية، بينما القوى المسيحية كانت تسيطر على بيروت الشرقية حينها. وأوقف المتقاتلون الحرب، كي يتسنى للناس المشاركة في جنازة عاصي الرحباني عام 1986، حيث تم نقل جثمانه إلى بيروت الشرقية للصلاة عليه في الكنيسة ودفنه هناك. وكانت صحة عاصي قد تدهورت قبل سنوات عدة من وفاته. وبدأت فيروز تتعاون مع نجلها زياد الذي كتب ولحن لها عدد من المجموعات الغنائية ابتداء من مجموعة "معرفتي فيك" عام 1987 و"كيفك إنت" عام 1991. وكان زياد قد لحن عام 1973 أغنية "سألوني الناس" وهو في السابعة عشرة من عمره، ولاقت الأغنية نجاحاً كبيراً، ودهش الجمهور للرصانة الموسيقية لابن السابعة عشرة وبعدها تتالت المسرحيات والمجموعات الغنائية التي كتبها زياد لوالدته مثل ألبوم "وحدن" عام 1979 وألبوم "معرفتي فيك" عام 1987 وألبوم "كيفك إنت" عام 1991 ومن أبرز المسرحيات الغنائية التي غنتها فيروز من ألحان زياد "نزل السرور" عام 1974 وسبقتها مسرحية "سهرية" عام 1973. وفي تسعينيات القرن الماضي، أصدرت فيروز ستة ألبومات (اثنان تكريماً للملحن الراحل فليمون وهبي) وثلاثة ألبومات لزياد الرحباني، وألبوم تكريم لعاصي الرحباني من إعداد زياد الرحباني. وصدر ألبومها الأول في الألفية الجديدة "ولا كيف" عام 2002، وفي 28 يناير/كانون الثاني 2008، غنت فيروز في دار الأوبرا بدمشق، حيث أدت دور البطولة في مسرحية "صح النوم" الموسيقية بعد أكثر من عقدين من الغياب عن سوريا في إطار احتفالية تصنيف منظمة اليونيسكو لدمشق عاصمة للثقافة العربية في ذلك العام. وصدر ألبوم "إيه في أمل" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2010 وكان من تأليف وإعداد زياد الرحباني. أما آخر ألبوم لها، فحمل عنوان "ببالي" وصدر في 22 سبتمبر/أيلول 2017 وكان من إعداد ابنتها ريما الرحباني، ولقي الألبوم بعض الانتقادات بسبب اقتباس ألحان وكلمات أغنيات غربية كانت رائجة.


BBC عربية
٣٠-١٠-٢٠٢٤
- BBC عربية
مصطفى فهمي: رحيل أحد ألمع نجوم "زمن الفن الجميل"
توفي صباح الأربعاء الممثل المصري، مصطفى فهمي، عن عمر يناهز 82 عاماً بعد صراع قصير مع المرض. وكان مصطفى فهمي، وهو شقيق الممثل الشهير حسين فهمي، قد تعرض لأزمة صحية في شهر أغسطس/ آب الماضي، دخل على إثرها المستشفى وأجريت له جراحة عاجلة لإزالة ورم في المخ، وتدهورت حالته الصحية بعد ذلك. وأعلنت نقابة المهن التمثيلية في مصر وفاة فهمي، ونعاه عدد كبير من الممثلين والفنانين المصريين على وسائل التواصل الاجتماعي. وقد قرر عدد من الفنانين مغادرة فعاليات مهرجان الجونة السينمائي، المقام حالياً في منتجع الجونة بمدينة الغردقة على ساحل البحر الأحمر، لحضور جنازة الراحل وتقديم العزاء لشقيقه الذي غادر متجهاً إلى القاهرة فور تلقيه الخبر. وقالت أسرة الممثل الراحل إنها ستحدد، خلال الساعات القادمة، موعد تشييع الجنازة والعزاء. "احترف التمثيل بالمصادفة" ولد مصطفى فهمي في السابع من أغسطس/ آب من عام 1942، وهو الشقيق الأصغر للممثل الشهير حسين فهمي. ينحدر مصطفى من أسرة أرستقراطية ذات أصول شركسية، كانت تمارس العمل السياسي، حيث كان جده محمد باشا فهمي رئيساً لمجلس الشورى، ووالده محمود باشا فهمي كان سكرتيراً لمجلس الشورى، وجدته أمينة هانم المانسترلي ابنة المانسترلي باشا وهو واحد من أشهر باشوات مصر في العهد الملكي. حصل فهمي على شهادة البكالوريوس من معهد السينما في قسم التصوير، ثم سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية لاستكمال دراسته، وبدأ مشواره الفني كمساعد تصوير في عدة أفلام منها "النداهة"، "جنس ناعم"، "الكداب" وكذلك في فيلم "أميرة حبي أنا" عام 1974، ثم احترف مهنة التمثيل بالمصادفة حين التقى بالمخرج عاطف سالم، الذي عرض عليه دوراً في فيلم "أين عقلي" في العام ذاته، ليمثل انطلاقته الفنية. وفي عام 1976 شارك بأربعة أعمال هي: "قمر الزمان"، "لمن تشرق الشمس"، "وجهاً لوجه"، و"نبتدي منين الحكاية"، ثم توالت بعد ذلك أعماله بين السينما والتلفزيون والتي بلغت نحو 155 عملاً فنياً. من أبرز أعماله السينمائية : "أين عقلي"، "وجهاً لوجه"، "لمن تشرق الشمس"، "الحب في غرفة الإنعاش"، و"موعد مع القدر". ومن أبرز أعماله التلفزيونية: "القضبان"، "إني خائفة"، "الرجل الذي أحبه"، "دموع في عيون وقحة"، "حياة الجوهري"، "قصة الأمس"، و"القلب يخطئ أحياناً". اشتهر مصطفى فهمي بأدوار الشاب الوسيم الأنيق ابن الطبقة الارستقراطية، وهي الخلفية الاجتماعية التي ينحدر منها بالفعل، وشارك البطولة أمام جميلات السينما المصرية ومنهن: يسرا، نادية الجندي، إلهام شاهين، دلال عبدالعزيز وغيرهن. وكانت آخر أعمال الفنان مصطفى فهمي فيلم "أهل الكهف"، والذي عرض في دور السينما في موسم عيد الأضحى في يونيو/ حزيران الماضي. شارك فهمي في بطولة الفيلم إلى جانب ممثلين آخرين أبرزهم خالد النبوي، غادة عادل، وآخرين، إلا أن الفيلم لم يحقق الإيرادات المتوقعة كونه فيلم تاريخي، حسب نقاد سينمائيين، وهو منقول عن مسرحية "أهل الكهف" للأديب المصري توفيق الحكيم. كما خاض الفنان الراحل مجال التقديم التلفزيوني من خلال برنامج "أبيض وأسود"، الذي قدمه بالاشتراك مع مها عثمان على شاشة التلفزيون المصري. حياته الشخصية تزوج فهمي ثلاث مرات أولهما من امرأة إيطالية، وله منها ابن وبنت – عمر ودينا - ثم تزوج من الممثلة المصرية، رانيا فريد شوقي، منذ عام 2007 وحتى طلاقهما في 2012، وفي عام 2015 تزوج من الإعلامية اللبنانية فاتن موسى ثم أُعلن طلاقهما في عام 2021. تمتع مصطفى فهمي بمظهر الشباب حتى آخر حياته، حيث كان محباً للرياضة ومارس العديد من الرياضات وخاصة السباحة والتنس. وبوفاة فهمي، تكون مصر قد خسرت خلال يومين اثنين من نجوم مرحلة فنية كانت مزدهرة، تعرف في مصر بـ"زمن الفن الجميل"، حيث كان قد أعلن، صباح الثلاثاء، عن وفاة الممثل الشهير حسن يوسف الملقب بـ"الولد الشقي".