logo
أغاثا كريستي تعود للحياة...وتعطي دروساً في فن الكتابة!

أغاثا كريستي تعود للحياة...وتعطي دروساً في فن الكتابة!

المدن٠٩-٠٥-٢٠٢٥

ماتت الكاتبة البريطانية الشهيرة أغاثا كريستي قبل عقود، لكنها بدأت مؤخراً بإعطاء دروس في الكتابة. وقالت بلكنتها البريطانية المصقولة: "يجب أن أعترف أن هذا كله جديد بالنسبة لي".
وعادت الكاتبة الأسطورية التي توفيت العام 1976، ومازالت الكاتبة الأكثر مبيعاً في التاريخ، عبر منصة "BBC Maestro" لتعليم الكتابة في دورة إلكترونية تشبه الـ"MasterClass"، مقابل 79 جنيهاً إسترلينياً (نحو 105 دولارات)، ويمكن لأي كاتب طموح أن يحصل على فرصة نادرة لسماع نصائحها.
لكن هذه العودة ليست سحرية للأسف ولا تمثل بداية لتغلب البشرية على الموت، بل عودة رقمية، إذ عمل فريق من الأكاديميين على كتابة نص الدورة استناداً إلى مقابلات أرشيفية ونصوص كتبتها كريستي بنفسها، قبل أن تركب هذه الكلمات فوق أداء ممثل حي الذكاء الاصطناعي،
ويتزامن إطلاق الدورة مع نقاش واسع في بريطانيا حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، خصوصاً مع التعديلات المقترحة على قوانين حقوق النشر، والتي يخشى الفنانون أن تتيح استخدام أعمالهم لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي من دون إذنهم.
لكن في حالة كريستي، لا يوجد خرق قانوني، لأن عائلتها التي تدير إرثها الأدبي، وافقت بالكامل على المشروع. وقال جايمس بريتشارد مدير شركة "Agatha Christie Ltd" وحفيد الكاتبة التي كتبت روايات وقصص عن الطبيعة البشرية ومعنى أن يكون المرء إنساناً ضمن قالب بوليسي مشوق: "كان لدينا شرط واحد: أن تكون كلماتها فعلاً، وأن يكون الصوت والصورة أقرب ما يمكن إليها".
والحال أن كريستي ليست الوحيدة التي تم بعثها رقمياً، بل تجتذت الصناعة الجديدة تجتذب حنين الأغنياء الراغبين في محادثة موتاهم، وأجرت وسائل إعلام حول العالم مقابلات مع مشاهير ميتين من أجل اجتذاب جمهورهم ما أثار نقاشات حول التلاعب بكلمات الموتى، وفي العالم العربي كان ذلك مروعاً بالنظر إلى استحضار أموات من عائلات المشاهير، من أجل صدم الممثلين والمغنين على الهواء مباشرة، من أجل استجرار دموعهم وخلق التريند، كما حصل مع الممثلين أيمن زيدان وشكران مرتجى خلال مقابلات مع وسائل إعلام لبنانية فضائحية.
وفي حالة كريستي، لم يستخدم الذكاء الاصطناعي لكتابة النص، بل فقط لصناعة "هيئتها" الرقمية. ولهذا السبب، رفض ليفين وصف المشروع بأنه جزء من "التزييف العميق" (Deep Fake) الذي يوحي بأن هناك خداعاً، لأن "هذا ليس ما نفعله".
وأكد بريتشارد أن العائلة لم تكن لتوافق على مشروع يختلق آراء جديدة لكريستي: "قاموا فقط بجمع ما قالته سابقاً، وتقديمه بطريقة جديدة وسهلة الوصول"، علماً أن الفريق الأكاديمي الذي قاد المشروع استخدم نصوص كريستي ومقابلاتها، إما حرفياً أو بصيغة شبه حرفية، لتقديم أفكارها عن الكتابة بهدف مساعدة جمهورها والجيل الجديد من الكتاب على التفاعل مع إرثها من زاوية تعليمية.
وأفاد الأكاديمي الذي أشرف على إعداد النص مارك ألدريدج: "لم نخترع شيئاً"، لكن بالنسبة لكاريسا فيليز، أستاذة الفلسفة في معهد أخلاقيات الذكاء الاصطناعي بجامعة "أوكسفورد"، لا يخلو المشروع من المشاكل الأخلاقية، فحتى لو وافقت العائلة، فإن كريستي نفسها لم تعط موافقتها، ولا يمكنها ذلك لأنها ميتة.
وقالت فيليز: "الكتاب يقضون ساعات لاختيار الكلمة المناسبة أو الإيقاع الصحيح. أغاثا كريستي لم تقل هذه الجمل. ليست هي من يتحدث. إذاً نعم، هذا ديب فيك. حين ترى شخصاً يشبه أغاثا كريستي ويتحدث مثلها، يصبح من السهل أن تتلاشى الحدود. ما الذي نكسبه من هذا؟ غير أنه استعراض تقني؟"
لكن زميلها الباحث في الذكاء الاصطناعي بجامعة "أوكسفورد" فيليكس سايمون رأى أن "النسخة الرقمية" تستند فعلاً إلى كتابات كريستي وأفكارها، وبالتالي ليست بعيدة عن روحها. وأضاف: "لا أعتقد أن المشروع ينتهك كرامتها أو يشوه سمعتها. لهذا السبب يصعب الحكم الأخلاقي على هذه الحالات، لأنها لا تخضع لقواعد ثابتة".
وقضت كريستي معظم طفولتها في ديفون بإنجلترا. ولم تتلق تعليماً رسمياً في بداية حياتها، حيث كانت والدتها تؤمن بأهمية التعليم المنزلي. وعلمتها والدتها القراءة في سن مبكرة، ووجدت الطفلة في الكتب وسيلة للهرب إلى عوالم الخيال. وكانت والدتها هي أول من اقترح عليها تجربة الكتابة، عندما كانت عالقة في المنزل بسبب نزلة برد، حسبما نقلت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
ولاحقاً، التحقت كريستي بمدرسة داخلية في باريس وهي في الـ15 من عمرها لتعلم الفنون واللغة الفرنسية. وكانت شغوفة بالكتابة منذ سن مبكرة. وفي البداية، كتبت الشعر والقصص القصيرة، لكنها لم تحقق نجاحاً يذكر. وكانت الفترة الحاسمة بالنسبة لها خلال الحرب العالمية الأولى حيث تزوجت من أرشيبالد كريستي، وهو ضابط في القوات الجوية، بعد فترة وجيزة من اندلاع الحرب.
ثم قامت أغاثا بدورها في المجهود الحربي من خلال العمل في مستشفى، ومن الواضح أن هذا هو المكان الذي تعلمت فيه عن المخدرات والسموم، وهي المعرفة التي ستستخدمها في كتبها لاحقاً حيث بدأت في كتابة الروايات البوليسية في تلك الفترة.
ورغم أنها تعتبر كاتبة روايات بوليسية، إلا أن المذهل فيما قدمته كان حديثها بسهولة وبساطة عن معنى أن يكون المرء إنساناً، وكانت الجريمة والغموض والألغاز مجرد مدخل لتلك العوالم النفسية التي حللتها بلغة بسيطة، وهو السر الذي يجعل من كتاباتها خالدة لا تموت على مر الزمن، وهو ما يجعل منها أيضاً صالحة لأي زمان ولأي مكان.
وفي العام 1920، نشرت كريستي روايتها الأولى "قضية ستايلز الغامضة" بعدما رفضها الناشرون 6 مرات، وقدمت فيها لأول مرة شخصية هيركيول بوارو، المحقق البلجيكي الذي أصبح واحداً من أشهر الشخصيات في الأدب العالمي. وبوارو محقق ذكي ودقيق في تفاصيله، يشتهر باستخدام "الخلايا الرمادية الصغيرة" (خلايا دماغه) في حل الجرائم. ولاقت الرواية نجاحاً فورياً، و ظهر بوارو مرة أخرى في حوالي 25 رواية والعديد من القصص القصيرة قبل أن يعود إلى ستايلز، حيث قتلته كريستي في رواية "الستارة" العام (1975).
وإضافة إلى بوارو، قدمت كريستي شخصية أخرى لا تقل شهرة وهي السيدة ماربل التي ظهرت لأول مرة في رواية "جربمة قتل في فيكاري" العام 1930. وتختلف السيدة ماربل عن بوارو، فهي سيدة مسنة تعيش في قرية صغيرة، لكنها تتمتع بقدرة فريدة على ملاحظة التفاصيل الدقيقة وتحليل الأحداث بطريقة غير متوقعة. وتعتمد السيدة ماربل في حل القضايا على خبرتها الواسعة في الحياة وفهمها العميق للطبيعة البشرية.
ورغم اختلاف الشخصيتين، إلا أن كلتا الشخصيتين أثبتتا جاذبيتهما للقارئ. ففي حين أن بوارو يعتمد على العقلانية والتحليل المنطقي، تعتمد السيدة ماربل على الحدس والملاحظة الاجتماعية، وهذا التنوع في الأساليب أعطى كريستي مرونة أكبر في كتابة روايات متعددة الأساليب والأفكار.
ونشرت كريستي نحو 75 رواية منها 66 رواية بوليسية و14 مجموعة قصصية و20 مسرحية، ومازالت كتبها مجتمعة الأكثر مبيعاً على الإطلاق متفوقة على الإنجيل ومسرحيات وليام شكبير.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

حلا شيحة تفتح باب الاشتراكات المادية على حساباتها: خدمات مميزة
حلا شيحة تفتح باب الاشتراكات المادية على حساباتها: خدمات مميزة

النهار

timeمنذ 5 أيام

  • النهار

حلا شيحة تفتح باب الاشتراكات المادية على حساباتها: خدمات مميزة

أعلنت الفنانة المصرية حلا شيحة تقديم الخدمات الإعلانية وغيرها من الاشتراكات، عبر حساباتها على شبكات التواصل الاجتماعي، مقابل بدلات مادية. وحدّدت شيحة مبلغ 250 جنيهاً مصرياً مقابل الاشتراك الشهري لمشاهدة القصة القصيرة (ستوري)، مع تقديم محتوى حصريّ للمشتركين إلى جانب شارة مميّزة، وإمكانية الولوج إلى قناة مغلقة، والحصول على دعوات لحضور مناسبات خاصة، بالإضافة إلى الرسائل الجماعية المباشرة معها، مع إمكانية لقاءات شخصية معها. وجاءت خطوة شيحة، بعد عودتها إلى ارتداء الحجاب مرّة جديدة، عقب خلعه ووضعه مراراً وتكراراً منذ عام 2003. وقالت شيحة في تعليقها على منشور ظهورها بالحجاب مجدداً: شكراً جداً لكلامكم، وطبعاً أحبّ الحجاب جداً، لأني أحبّ القرآن وأفهمه وأفهم معاني آياته". وتحدثت عن رؤية شاهدتها حين كان في سنّ الـ23 من عمرها: " رأيت رؤيا يوم القيامة، وبعدها رأيت أني أقرأ سورة ياسين. حين قرأت القرآن لأول مرة شعرت بأن كل المعاني وصلتني بوضوح". View this post on Instagram A post shared by Hala Shiha (@halashihanew) وفي تعليق آخر قالت: "كل الأحداث حولنا جعلتني أشعر بالمسؤولية، وأول هذه المسؤوليات هو إصلاح أنفسنا أولاً".

من التمثيل الى عالم ادارة الاعمال.. حلا شيحة تدخل عالم أعمال السوشيال ميديا
من التمثيل الى عالم ادارة الاعمال.. حلا شيحة تدخل عالم أعمال السوشيال ميديا

ليبانون 24

time١٢-٠٥-٢٠٢٥

  • ليبانون 24

من التمثيل الى عالم ادارة الاعمال.. حلا شيحة تدخل عالم أعمال السوشيال ميديا

أعلنت الفنانة حلا شيحة دخولها تجربة عالم "بيزنس" السوشيال ميديا ، حيث قررت إطلاق محتوى لمتابعيها عبر حسابها الخاص في"إنستغرام"، في تجربة تهدف الى فتح قنوات تواصل مباشرة وأكثر حصرية مع جمهورها. وقدّمت حلا شيحة خدمة "الستوري المدفوع" عبر منصتها في "إنستغرام"، حيث حدّدت قيمة الاشتراك الشهري بـ 250 جنيهاً، ويحصل المشتركون على شارة تميز، فضلاً عن الوصول الى محتوى حصري لا يُتاح للمتابعين العاديين. وتتضمن الخدمة الجديدة مزايا عدة للمشتركين، مثل إمكانية إرسال رسائل جماعية، والانضمام الى قنوات تواصل مغلقة، بالإضافة الى دعوات لحضور مناسبات خاصة. وتعكس هذه الخطوة رغبة حلا في بناء علاقة أكثر عمقاً وخصوصية مع جمهورها. وكانت حلا شيحة قد أثارت جدلاً واسعاً بعد نشر صورة على "إنستغرام" تظهر فيها بالحجاب مجدّداً، وذلك بعد فترة من خلعه، وتفاعل المتابعون مع الصورة وقد انقسموا بين مؤيد لهذا القرار ومُعارض له. وفي ردّ فعلها الأول على تعليقات جمهورها، قالت: "والله متشكرة جداً لكلامكم، وفهماكم جداً وطبعاً بحب الحجاب جداً لأني بحب القرآن جداً وفاهماه وفاهمة معانيه". كما كشفت عن رؤيا وهي في سنّ الثالثة والعشرين، قائلةً: "شفت رؤيا يوم القيامة وبعدها شفت إني بقرأ سورة "ياسين"، ولما قريت القرآن لأول مرة حسيت إن كل المعاني وصلتني بوضوح". وفي ختام حديثها، أوضحت حلا شيحة الأسباب التي دفعتها لارتداء الحجاب من جديد، مشيرةً الى أنها شعرت بأن الظروف المحيطة تجعلها مسؤولة عن نفسها أولاً، حيث قالت: "كل الأحداث اللي حوالينا خلّتني أحس إن كلنا عندنا مسؤولية، وأول مسؤولية إننا نصلح نفسنا الأول".

أغاثا كريستي تعود للحياة...وتعطي دروساً في فن الكتابة!
أغاثا كريستي تعود للحياة...وتعطي دروساً في فن الكتابة!

المدن

time٠٩-٠٥-٢٠٢٥

  • المدن

أغاثا كريستي تعود للحياة...وتعطي دروساً في فن الكتابة!

ماتت الكاتبة البريطانية الشهيرة أغاثا كريستي قبل عقود، لكنها بدأت مؤخراً بإعطاء دروس في الكتابة. وقالت بلكنتها البريطانية المصقولة: "يجب أن أعترف أن هذا كله جديد بالنسبة لي". وعادت الكاتبة الأسطورية التي توفيت العام 1976، ومازالت الكاتبة الأكثر مبيعاً في التاريخ، عبر منصة "BBC Maestro" لتعليم الكتابة في دورة إلكترونية تشبه الـ"MasterClass"، مقابل 79 جنيهاً إسترلينياً (نحو 105 دولارات)، ويمكن لأي كاتب طموح أن يحصل على فرصة نادرة لسماع نصائحها. لكن هذه العودة ليست سحرية للأسف ولا تمثل بداية لتغلب البشرية على الموت، بل عودة رقمية، إذ عمل فريق من الأكاديميين على كتابة نص الدورة استناداً إلى مقابلات أرشيفية ونصوص كتبتها كريستي بنفسها، قبل أن تركب هذه الكلمات فوق أداء ممثل حي الذكاء الاصطناعي، ويتزامن إطلاق الدورة مع نقاش واسع في بريطانيا حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، خصوصاً مع التعديلات المقترحة على قوانين حقوق النشر، والتي يخشى الفنانون أن تتيح استخدام أعمالهم لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي من دون إذنهم. لكن في حالة كريستي، لا يوجد خرق قانوني، لأن عائلتها التي تدير إرثها الأدبي، وافقت بالكامل على المشروع. وقال جايمس بريتشارد مدير شركة "Agatha Christie Ltd" وحفيد الكاتبة التي كتبت روايات وقصص عن الطبيعة البشرية ومعنى أن يكون المرء إنساناً ضمن قالب بوليسي مشوق: "كان لدينا شرط واحد: أن تكون كلماتها فعلاً، وأن يكون الصوت والصورة أقرب ما يمكن إليها". والحال أن كريستي ليست الوحيدة التي تم بعثها رقمياً، بل تجتذت الصناعة الجديدة تجتذب حنين الأغنياء الراغبين في محادثة موتاهم، وأجرت وسائل إعلام حول العالم مقابلات مع مشاهير ميتين من أجل اجتذاب جمهورهم ما أثار نقاشات حول التلاعب بكلمات الموتى، وفي العالم العربي كان ذلك مروعاً بالنظر إلى استحضار أموات من عائلات المشاهير، من أجل صدم الممثلين والمغنين على الهواء مباشرة، من أجل استجرار دموعهم وخلق التريند، كما حصل مع الممثلين أيمن زيدان وشكران مرتجى خلال مقابلات مع وسائل إعلام لبنانية فضائحية. وفي حالة كريستي، لم يستخدم الذكاء الاصطناعي لكتابة النص، بل فقط لصناعة "هيئتها" الرقمية. ولهذا السبب، رفض ليفين وصف المشروع بأنه جزء من "التزييف العميق" (Deep Fake) الذي يوحي بأن هناك خداعاً، لأن "هذا ليس ما نفعله". وأكد بريتشارد أن العائلة لم تكن لتوافق على مشروع يختلق آراء جديدة لكريستي: "قاموا فقط بجمع ما قالته سابقاً، وتقديمه بطريقة جديدة وسهلة الوصول"، علماً أن الفريق الأكاديمي الذي قاد المشروع استخدم نصوص كريستي ومقابلاتها، إما حرفياً أو بصيغة شبه حرفية، لتقديم أفكارها عن الكتابة بهدف مساعدة جمهورها والجيل الجديد من الكتاب على التفاعل مع إرثها من زاوية تعليمية. وأفاد الأكاديمي الذي أشرف على إعداد النص مارك ألدريدج: "لم نخترع شيئاً"، لكن بالنسبة لكاريسا فيليز، أستاذة الفلسفة في معهد أخلاقيات الذكاء الاصطناعي بجامعة "أوكسفورد"، لا يخلو المشروع من المشاكل الأخلاقية، فحتى لو وافقت العائلة، فإن كريستي نفسها لم تعط موافقتها، ولا يمكنها ذلك لأنها ميتة. وقالت فيليز: "الكتاب يقضون ساعات لاختيار الكلمة المناسبة أو الإيقاع الصحيح. أغاثا كريستي لم تقل هذه الجمل. ليست هي من يتحدث. إذاً نعم، هذا ديب فيك. حين ترى شخصاً يشبه أغاثا كريستي ويتحدث مثلها، يصبح من السهل أن تتلاشى الحدود. ما الذي نكسبه من هذا؟ غير أنه استعراض تقني؟" لكن زميلها الباحث في الذكاء الاصطناعي بجامعة "أوكسفورد" فيليكس سايمون رأى أن "النسخة الرقمية" تستند فعلاً إلى كتابات كريستي وأفكارها، وبالتالي ليست بعيدة عن روحها. وأضاف: "لا أعتقد أن المشروع ينتهك كرامتها أو يشوه سمعتها. لهذا السبب يصعب الحكم الأخلاقي على هذه الحالات، لأنها لا تخضع لقواعد ثابتة". وقضت كريستي معظم طفولتها في ديفون بإنجلترا. ولم تتلق تعليماً رسمياً في بداية حياتها، حيث كانت والدتها تؤمن بأهمية التعليم المنزلي. وعلمتها والدتها القراءة في سن مبكرة، ووجدت الطفلة في الكتب وسيلة للهرب إلى عوالم الخيال. وكانت والدتها هي أول من اقترح عليها تجربة الكتابة، عندما كانت عالقة في المنزل بسبب نزلة برد، حسبما نقلت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي". ولاحقاً، التحقت كريستي بمدرسة داخلية في باريس وهي في الـ15 من عمرها لتعلم الفنون واللغة الفرنسية. وكانت شغوفة بالكتابة منذ سن مبكرة. وفي البداية، كتبت الشعر والقصص القصيرة، لكنها لم تحقق نجاحاً يذكر. وكانت الفترة الحاسمة بالنسبة لها خلال الحرب العالمية الأولى حيث تزوجت من أرشيبالد كريستي، وهو ضابط في القوات الجوية، بعد فترة وجيزة من اندلاع الحرب. ثم قامت أغاثا بدورها في المجهود الحربي من خلال العمل في مستشفى، ومن الواضح أن هذا هو المكان الذي تعلمت فيه عن المخدرات والسموم، وهي المعرفة التي ستستخدمها في كتبها لاحقاً حيث بدأت في كتابة الروايات البوليسية في تلك الفترة. ورغم أنها تعتبر كاتبة روايات بوليسية، إلا أن المذهل فيما قدمته كان حديثها بسهولة وبساطة عن معنى أن يكون المرء إنساناً، وكانت الجريمة والغموض والألغاز مجرد مدخل لتلك العوالم النفسية التي حللتها بلغة بسيطة، وهو السر الذي يجعل من كتاباتها خالدة لا تموت على مر الزمن، وهو ما يجعل منها أيضاً صالحة لأي زمان ولأي مكان. وفي العام 1920، نشرت كريستي روايتها الأولى "قضية ستايلز الغامضة" بعدما رفضها الناشرون 6 مرات، وقدمت فيها لأول مرة شخصية هيركيول بوارو، المحقق البلجيكي الذي أصبح واحداً من أشهر الشخصيات في الأدب العالمي. وبوارو محقق ذكي ودقيق في تفاصيله، يشتهر باستخدام "الخلايا الرمادية الصغيرة" (خلايا دماغه) في حل الجرائم. ولاقت الرواية نجاحاً فورياً، و ظهر بوارو مرة أخرى في حوالي 25 رواية والعديد من القصص القصيرة قبل أن يعود إلى ستايلز، حيث قتلته كريستي في رواية "الستارة" العام (1975). وإضافة إلى بوارو، قدمت كريستي شخصية أخرى لا تقل شهرة وهي السيدة ماربل التي ظهرت لأول مرة في رواية "جربمة قتل في فيكاري" العام 1930. وتختلف السيدة ماربل عن بوارو، فهي سيدة مسنة تعيش في قرية صغيرة، لكنها تتمتع بقدرة فريدة على ملاحظة التفاصيل الدقيقة وتحليل الأحداث بطريقة غير متوقعة. وتعتمد السيدة ماربل في حل القضايا على خبرتها الواسعة في الحياة وفهمها العميق للطبيعة البشرية. ورغم اختلاف الشخصيتين، إلا أن كلتا الشخصيتين أثبتتا جاذبيتهما للقارئ. ففي حين أن بوارو يعتمد على العقلانية والتحليل المنطقي، تعتمد السيدة ماربل على الحدس والملاحظة الاجتماعية، وهذا التنوع في الأساليب أعطى كريستي مرونة أكبر في كتابة روايات متعددة الأساليب والأفكار. ونشرت كريستي نحو 75 رواية منها 66 رواية بوليسية و14 مجموعة قصصية و20 مسرحية، ومازالت كتبها مجتمعة الأكثر مبيعاً على الإطلاق متفوقة على الإنجيل ومسرحيات وليام شكبير.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store