logo
مشروعات التنمية المصرية في ضوء قيود الطاقة والمياه

مشروعات التنمية المصرية في ضوء قيود الطاقة والمياه

العربي الجديدمنذ يوم واحد

الصناعة
والزراعة
هما عماد القاعدة الإنتاجية لأي اقتصاد، وعلى قدر زيادة الإنتاج فيهما، يتحدد مدى استقرار النظام الاقتصادي بوجه خاص والمجتمع بشكل عام، فتحقيق معدلات
النمو
بهما، يعني توفير فرص عمل دائمة ومستقرة، وتحسين دخل الأفراد، ورفع مستوى المعيشة للأسر، فضلاً عن تحسن ميزان المدفوعات، وإمكانية التصدير، وحماية
الأسواق
المحلية من تقلبات السوق الدولية، ويستلزم هذا الأمر عدة أمور، أهمها توفير مستلزمات الإنتاج بقدر كبير من الموارد المحلية، والعمل على زيادة القيمة المضافة بقطاعي الزراعة والصناعة، عبر استخدام تكنولوجيات متقدمة.
أرقام غير منطقية
المتابع للشأن المصري، يجد أن حديث مسؤوليها عن المشروعات الجديدة، بحاجة إلى مراجعة وتدقيق، وبخاصة في ضوء ما هو منشور من مصادر رسمية حكومية، ففي مايو/أيار 2025، نقلت وسائل الإعلام عن الرئيس عبد الفتاح السيسي قوله إن مشروعات الطرق والبنية الأساسية في سيناء ستساهم في زراعة 500 ألف فدان.
كما تحدث نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية، وزير الصناعة كامل الوزير لأحد البرامج التلفزيونية، أنه خلال الفترة الماضية جرى إنجاز 4382 مصنعاً، أي 14 مصنعاً كل يوم، ومصنع كل ساعتين، وإن كان الرجل أضاف، أن هذا العدد يتضمن مصانع كانت متعثرة أو غير مقننة وجرى توفيق أوضاعها.
ولو كان العمل بهذه الوتيرة، وأن مصر على مدار الفترة من 2013 وحتى الآن، تنتج في ضوء ما هو معلن من قبل مسؤولي النظام، لانعكس ذلك على الميزان التجاري السلعي للبلاد، والذي يعاني من عجز حسب بيانات البنك المركزي المصري.
فالميزان التجاري السلعي لمصر عام 2019/2020 كان بحدود 36.4 مليار دولار، وقفز إلى 43.3 مليار دولار في 2021/2022، وانخفض في 2023/2024 إلى 39.5 مليار دولار، وإن كانت بيانات ميزان المدفوعات للنصف الأول من عام 2024/2025 تشير إلى قفزة كبيرة في عجز الميزان التجاري السلعي لمصر، وذلك كله حسب بيانات وزارة المالية المصرية والبنك المركزي المصري، فالعجز التجاري السلعي بلغ 27.5 مليار دولار في النصف الأول من عام 2024/2025.
على كل حال، فالعجز في الميزان التجاري، واعتماد مصر بشكل كبير على الخارج في كثير من احتياجاتها الأساسية، من المشكلات المزمنة التي لم تنجح أي حكومة منذ تسعينيات القرن العشرين وحتى الآن في حلها، ولكن ممّا هو معلن من مشروعات من قبل السيسي وكامل الوزير، في ضوء ما هو متاح لمصر من موارد تتعلق بالطاقة والمياه، فضلاً عن باقي القيود المتعلقة بالتمويل، أو استيراد التكنولوجيا، وغيرها، يتضح الآتي:
لماذا المياه والطاقة؟
المياه والطاقة من المصادر الطبيعية التي لا يمكن الاستغناء عنهما في العملية الإنتاجية والنشاط الاقتصادي بشكل عام، ولذلك وجدنا الصراعات الإقليمية والدولية تدور حول هذين الموردين المهمين، فهما مدخلان أساسيان لإنتاج مستلزمات الإنتاج، وكذلك تدوير تشغيل الصناعات التحويلية والنهائية.
اقتصاد عربي
التحديثات الحية
مدبولي: ارتفاع تحويلات المصريين وراء تدهور الدولار محلياً
رأينا على الصعيد الدولي، كيف لعبت ورقة الطاقة دوراً في قلب الموازين في صراع أوروبا وأميركا مع روسيا، في ضوء حرب روسيا على أوكرانيا، وتسببت هذه الأزمة في مرور العالم أجمع بأزمة تضخم غير مسبوقة، أربكت السياسات الاقتصادية لجميع دول العالم، المتقدمة منها والنامية على سواء.
كما رأينا الحرب الخاطفة بين الهند وباكستان، بسبب مخاوف باكستان من إقامة الهند سدوداً على أنهار تُعد مصدر المياه العذبة لباكستان.
وإن كان المثال الأكثر مرارة، هو تفريط مصر في حصتها من مياه نهر النيل، عبر توقيعها في 2015 اتفاقاً إطارياً يسمح لإثيوبيا بإقامة سد النهضة.
وعلى جانب الطاقة، فرغم بشائر الأمل التي صدّرها السيسي للشعب المصري، بعد اكتشافات حقل ظهر في منطقة شرق المتوسط، واتفاقه مع الكيان الصهيوني على استيراد الغاز، ما زالت مصر مستورداً صافياً للطاقة، ويتفاقم عجز ميزانها البترولي بشكل متصاعد، وفي السطور التالية سوف نتناول بشيء من التفصيل واقع الطاقة والمياه، كونهما تحديين أمام مصر في ضوء ما يُعلن عنه من مشروعات للتنمية من قبل النظام.
عجز الطاقة
بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تبين عبر نشرة المعلوماتية لمارس/آذار 2025، أن ثمة فجوة بين الإنتاج والاستهلاك للبترول والغاز، فالمعدلات الشهرية تبين وجود عجز للطاقة على مدار العام الماضي، والمعدلات الشهرية تظهر أنه في يناير/كانون الثاني 2024 كانت مصر تنتج 5.9 ملايين طن من البترول والغاز، وتستهلك 6.5 ملايين طن.
بينما في يناير 2025، تزايد العجز بين الإنتاج والاستهلاك، فكان إنتاج مصر من البترول والغاز 5 ملايين طن فقط، بينما الاستهلاك 6.7 ملايين طن.
أسواق
التحديثات الحية
ركود حاد بأسواق أضاحي مصر... وقفزات غير مسبوقة بالأسعار
وانعكس ذلك بدوره في فاتورة استيراد الطاقة، ففي عام 2023/2024 كان العجز في الميزان البترولي 7.6 مليارات دولار، بينما بلغ هذا العجز في النصف الأول من عام 2024/2025 نحو 6.7 مليارات دولار، وهو ما يعني احتمال أن يتفاقم العجز بنهاية 2024/2025، ليكون ضعف ما كان عليه في 2023/2024. نقص الموارد المائية الماء هو عصب الحياة، وحسب أرقام جهاز الإحصاء، فإنّ إجمالي موارد مصر المائية في عام 2019/2020 بلغ 85.5 مليار متر مكعب، بينما في عام 2022/2023 انخفض إلى 81.6 مليار متر كعب، ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى انخفاض إنتاج المياه المعاد إنتاجها، حيث تراجعت في العامين المذكورين من 25.8 مليار متر مكعب إلى 21.9 مليار متر مكعب.
والجدير بالذكر أن موارد مصر المائية تتكون من 59.6 مليار م³ من المياه العذبة، ونحو 25 مليار م³ من المياه المعاد استخدامها، ويعد قطاع الزراعة صاحب نصيب الأسد من استهلاك المياه في مصر بنحو 61.6 مليار م³، ثم مياه الشرب 11.4 مليار م³، ثم قطاع الصناعة 5.5 مليارات م³، وذلك وفق بيانات عام 2022/2023.
وحسب تقديرات وزارة الري المصرية، نقلاً عن البنك الدولي، فإن نصيب الفرد في مصر من مياه الشرب عام 2018 بلغ 550م³، ويتوقع أن يصل في 2050 إلى 330م³، في حين يصل المتوسط العالمي لنصيب الفرد من مياه الشرب إلى 1000م³، وهو ما يعني أن مصر وقعت تحت تصنيف الفقر المائي، فيما يتعلق بنصيب الفرد من مياه الشرب.
ويحسن بنا ونحن نتحدث عن عجز المياه، وارتباط الأمر بالتوسع الزراعي، أن نشير إلى أن بيانات البنك الدولي توضح أن الأراضي الزراعية بمصر عام 2022 بلغت نسبتها 4.1% من إجمالي مساحتها، وهو ما يعني فقر مصر الزراعي، ووجود عجز دائم في ميزانها التجاري للمواد الغذائية والحبوب.
تأثير عجز الطاقة والمياه على مصر
إن خطورة اعتماد مصر على استيراد الطاقة، أو التوسع في استعمال المياه المعاد استخدامها، يعني المزيد من التكاليف بالنسبة للإنتاج في مصر، وهو ما يؤدي إلى فقدان قطاعي الزراعة والصناعة للمنافسة، سواء في السوق المحلي أو الخارجي. وهذا يفرض على مصر خلال الفترة القادمة، الخروج من أساليب الإنتاج التقليدية، والاعتماد على تقنيات إنتاج أكثر تقدماً، وبخاصة ما يتعلق باستخدامات النانو تكنولوجي في الزراعة والصناعة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عوامل ترجح استمرار ارتفاع أسعار الذهب في 2025
عوامل ترجح استمرار ارتفاع أسعار الذهب في 2025

العربي الجديد

timeمنذ 3 ساعات

  • العربي الجديد

عوامل ترجح استمرار ارتفاع أسعار الذهب في 2025

رجح بنك قطر الوطني (QNB) مواصلة أسعار الذهب ارتفاعها على المدى المتوسط، مدعومة بعوامل محفزة، لا سيما عقب المكاسب الكبيرة التي سجلتها خلال الأشهر الماضية. وأوضح البنك، في تقريره الأسبوعي، أن هذا التوجه يستند إلى زخم قوي عبر مختلف المؤشرات الاقتصادية الكلية والتوجهات الجيوسياسية طويلة الأجل، في ظل إعادة التوازن لمحافظ البنوك المركزية، والتقلبات في أسعار الصرف . ولفت التقرير إلى أن الذهب يحتل مكانة فريدة في الاستثمار في العصر الحديث. فهو لا يولد أي تدفقات نقدية، ويتطلب تكاليف تخزين، وفائدته الصناعية محدودة، ولكن على الرغم من ذلك، فإنه لا يزال يحظى بشعبية كبيرة بين الأسر، والجهات السيادية، والمؤسسات الاستثمارية. وأشار التقرير إلى أنه، إلى جانب دوره التاريخي كمرساة للاستقرار النقدي، اكتسب الذهب مؤخرا وظيفة أكثر حداثة، تتمثل في تخفيف المخاطر. وقال التقرير، إن "سعر الذهب شهد ارتفاعا ملحوظا في السنوات الأخيرة، وقد تسارعت هذه العملية خلال الأشهر القليلة الماضية. في الواقع، قبل التراجع الأخير، وصلت أسعار الذهب إلى 3500 دولار للأونصة، مسجلة أعلى مستوياتها على الإطلاق لعدة أشهر". وأضاف أنه "بعد هذا الارتفاع الكبير، الذي بلغت نسبته 114% منذ جائحة كوفيد، و92% منذ بدء الصراع الروسي الأوكراني، من الطبيعي أن يتساءل المحللون والمستثمرون عما إذا كان هناك مجال لمزيد من الارتفاع في أسعار الذهب خلال السنوات المقبلة". وأشار التقرير إلى أن أداء الذهب تفوق بصورة حاسمة على كافة فئات الأصول الرئيسية، الأمر الذي يشكل تحديا للتصور القائل بأن الذهب يعمل فقط كوسيلة للتحوط. كما يؤكد هذا التفوق المستمر في الأداء أن الذهب، على الرغم من اعتباره تقليديا ملاذا آمنا أثناء الأزمات، من الممكن أن يولد عوائد قوية في ظل الأوضاع المختلفة للاقتصاد الكلي. وأرجع البنك حدوث مزيد من الارتفاع في الأسعار على المدى المتوسط، إلى عاملين رئيسين، أولهما؛ تعزز جاذبية الذهب بفضل الاتجاهات الجيوسياسية طويلة الأمد، بما في ذلك احتدام التنافس الاقتصادي بين الغرب والشرق، وتراجع التعاون الدولي، وتصاعد النزاعات التجارية، وتزايد الاستقطاب السياسي، واستخدام العلاقات الاقتصادية "سلاحا" من خلال العقوبات. أسواق التحديثات الحية المركزي الأوروبي يخفض الفائدة للمرة الثامنة خلال 12 شهراً وأشار التقرير إلى أنه في الوقت الذي تميل فيه الاقتصادات المتقدمة الكبيرة إلى الاحتفاظ بحوالي 25% من احتياطياتها من النقد الأجنبي في الذهب، فإن البنوك المركزية الكبيرة في الأسواق الناشئة تحتفظ بأقل من 8% فقط من احتياطياتها من النقد الأجنبي من الذهب. وأردف التقرير: "نظرا إلى أن هذه البنوك المركزية في الأسواق الناشئة تحتفظ بحوالي 6 تريليونات دولار من احتياطيات النقد الأجنبي، فهناك مجال لاستمرار عملية إعادة توازن المحافظ لعدة سنوات من قبل مسؤولي الاحتياطيات بتلك البنوك المركزية. ومن شأن هذا الأمر أن يدعم الطلب المؤسسي الثابت على الذهب على المدى الطويل". وتوقع التقرير لدى استعراضه العامل الثاني أن تشكل تحركات أسعار الصرف الأجنبي دعما إضافيا لأسعار الذهب. فتاريخيا، أظهر الذهب علاقة عكسية قوية مع الدولار، حيث يرتفع عادة عندما يضعف الدولار وينخفض عندما تزيد قيمة هذا الأخير. وقد انخفض الدولار بالفعل بأكثر من 6.9% مقابل سلة من العملات الرئيسية حتى الآن هذا العام. وأكد التقرير أنه على الرغم من هذا الانخفاض الحاد في قيمة الدولار، لا تزال تقييمات العملات تشير إلى أن الدولار يظل مبالغا في قيمته بأكثر من 15%، مما يشير إلى وجود مجال أكبر لانخفاض قيمته مستقبلا. ومن المرجح أن يؤدي تراجع قيمة الدولار إلى دعم أسعار الذهب مستقبلا، إذ يعزز ذلك القوة الشرائية العالمية للسلع المقومة به مثل الذهب، مما يحفز الطلب ويوفر دعما إضافيا للأسعار. علاوة على ذلك، وبينما يسعى المستثمرون إلى التحوط من تآكل القوة الشرائية المرتبط بانخفاض قيمة الدولار، فإنهم غالبا ما يلجؤون إلى الذهب كمستودع بديل للقيمة. ونتيجة لذلك، فإن انخفاض قيمة الدولار عادة ما يزيد الطلب على الذهب ويعزز زخم ارتفاع أسعاره. (قنا، العربي الجديد)

صراع ترامب وماسك يهدد "يسلا" و"سبايس أكس"
صراع ترامب وماسك يهدد "يسلا" و"سبايس أكس"

العربي الجديد

timeمنذ 3 ساعات

  • العربي الجديد

صراع ترامب وماسك يهدد "يسلا" و"سبايس أكس"

تشكل مجموعة "تسلا" للسيارات الكهربائية حجر الأساس في إمبراطورية ماسك التجارية، وقد عانت كثيرًا منذ انخراط أغنى أثرياء العالم في السياسة. فقد تراجع سعر سهم "تسلا" بأكثر من 20% منذ مطلع العام الحالي، ما يعكس توتر المستثمرين إزاء شخصية ماسك العامة المثيرة للجدل بشكل متزايد. وسلّط السجال الدائر بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وإيلون ماسك الضوء على شركات الملياردير المولود في جنوب أفريقيا. وفي ما يأتي عرض لأعماله التجارية، بعدما تحوّلت شراكتهما السياسية إلى مواجهة نارية، باتت معها مليارات الدولارات من قيمة شركات ماسك السوقية على المحك، فضلًا عن عقود مبرمة مع الحكومة الأميركية. في السياق، بلغ الضرر مستوى مرتفعًا جدًا يوم الخميس، حين خرج السجال بين ماسك وترامب إلى العلن. ففي غضون ساعات، خسرت "تسلا" أكثر من 150 مليار دولار من قيمتها السوقية، ما أدى إلى تراجع ثروة ماسك بقيمة 34 مليار دولار. وكان من المفترض أن يكون التحالف مع ترامب فرصة ذهبية لـ"تسلا"، حتى وإن كانت الإدارة الأميركية ستلغي تخفيضات ضريبية ساعدت في جعلها من كبريات شركات السيارات الكهربائية. والأهم أن ماسك كان بإمكانه من خلال هذا التحالف أن يعوّل على دعم ترامب في رؤيته الطموحة المتمثلة بوضع سيارات ذاتية القيادة بالكامل على الطرقات الأميركية. وقد عرقلت الضوابط الحكومية هذا الطموح على مرّ السنين، إذ أبطأت السلطات الجهود المبذولة في هذا المجال بسبب مخاوف من أن هذه التكنولوجيا غير جاهزة للاستخدام على نطاق واسع، وكان يُتوقَّع أن ترفع إدارة ترامب جزءًا من هذه القيود، إلا أن هذا الوعد بات مهددًا على نحو جدّي. وقال المحلل دان إيفز من "ويدبوش سكيوريتيز": "ماسك يحتاج إلى ترامب بسبب البيئة التنظيمية، ولا يمكنه أن يجعله ينتقل من صديق إلى خصم". أسواق التحديثات الحية أسهم تسلا تتعافى من خسائرها جراء خلاف ترامب وماسك وتضع الإدارة الأطر التنظيمية لتصاميم السيارات ، وقد يؤثر ذلك على إنتاج سيارات الأجرة الروبوتية (روبوت تاكسي) التي ينوي ماسك البدء بتسييرها تجريبيًا في أوستن بولاية تكساس خلال الشهر الحالي. إلا أن مواقف ماسك السياسية اليمينية المتشددة أدت إلى ابتعاد الزبائن الرئيسيين الذين تحتاجهم "تسلا"، وهم الأشخاص المدركون للمشاكل البيئية والليبراليون الذين كانوا في السابق يعتبرون أن هذه الماركة تُراعي قيمهم. وقد عمد بعض أصحاب سيارات "تسلا" إلى وضع ملصقات على سياراتهم تؤكد أنهم اشتروها "قبل أن يمسّ إيلون بالجنون". وتُظهر أرقام المبيعات الضرر الناجم عن ذلك، ففي أوروبا، وبينما ارتفعت مبيعات السيارات الكهربائية إجمالًا، تراجعت حصة "تسلا" من السوق في إبريل/ نيسان بنسبة 50%، في وقت تركزت فيه الأنظار على نشاطات ماسك السياسية. وأظهرت دراسة أجراها مصرف "مورغن ستانلي" قبل فترة قصيرة أن 85% من المستثمرين يعتبرون أن انخراط ماسك في السياسة يُلحق ضررًا كبيرًا بشركاته. ويطرح تمادي المعركة مع ترامب خطرًا وجوديًا على شركة "سبايس إكس" لاستكشاف الفضاء التي يملكها ماسك، والتي باتت أكثر شركاء وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) أهمية. بينما تتداخل نشاطات "سبايس إكس" و"ناسا" كثيرًا. فـ"سبايس إكس" تعوّل على العقود الحكومية البالغة قيمتها عشرات مليارات الدولارات، فيما تعتمد "ناسا" على "سبايس إكس" في نقل رواد الفضاء إلى محطة الفضاء الدولية أو إطلاق الأقمار الاصطناعية. وتتضمّن محفظة "سبايس إكس" بعضًا من أهم مشاريع الأمن القومي، مثل تصنيع أقمار اصطناعية لأغراض التجسس وتشغيل كوكبة "ستارلينك" من الأقمار الاصطناعية . وفي خضم السجال الناري الخميس، هدد ترامب بإلغاء جميع العقود الحكومية مع ماسك، فيما ردّ الأخير بالتهديد بسحب مركبة "دراغون" الفضائية الحيوية لنقل رواد الفضاء وإرجاعهم من الفضاء، قبل أن يتراجع لاحقًا عن هذا القرار. في المقابل، يضع ماسك خططًا طموحة لشركة الذكاء الاصطناعي "أكس- أي"، ويطمح لجعلها منافسًا مباشرًا لشركة "Open-AI"، المنتجة لـ"تشات جي بي تي"، والتي شارك ماسك في تأسيسها قبل عقد من الزمن، ويديرها الآن خصمه الكبير سام ألتمان. ويمتلك ألتمان قنوات اتصال مؤثرة داخل البيت الأبيض، حيث وقّع مؤخرًا مبادرة واسعة بعنوان "Stargate Project"، لإنشاء بنى تحتية متقدمة للذكاء الاصطناعي، توسعت لتشمل المملكة العربية السعودية وأبوظبي. وقد سخر ماسك من مبادرة "Stargate"، معتبرًا إياها مشروعًا غير واقعي، إلا أنه عمل في الكواليس بعد ذلك لتقويضها، قائلًا للمستثمرين على ما يبدو إن ترامب لن يوافق على أي توسع لا يشمل "أكس- أي". وللمزيد من التعقيد، دمج ماسك منصة "إكس" مع "اكس-أي"، في وقت سابق من هذا العام. وكان شراء ماسك لمنصة "تويتر"، التي سمّاها لاحقًا "إكس"، مقابل 44 مليار دولار في عام 2022، قد حوّل شبكة التواصل الاجتماعي هذه إلى المنصة المفضلة للمحافظين، إلا أن ترامب لا يستخدمها كثيرًا، مفضّلًا عليها شبكته الخاصة "تروث سوشال". وأمام تصاعد التوتر بين إيلون ماسك ودونالد ترامب، تبدو إمبراطورية ماسك التكنولوجية مهددة على أكثر من جبهة. من خسائر "تسلا" السوقية إلى العقود الحكومية الحساسة لـ"سبايس إكس"، مرورًا بطموحاته في مجال الذكاء الاصطناعي عبر" أكس-أي"، وتتداخل السياسة بالأعمال بشكل غير مسبوق، ما يُنذر بتداعيات قد تطاول مستقبل الابتكار والتكنولوجيا في الولايات المتحدة. (فرانس برس، العربي الجديد)

حرب ترامب – ماسك: تحصيل حاصل لإدارة معطوبة
حرب ترامب – ماسك: تحصيل حاصل لإدارة معطوبة

العربي الجديد

timeمنذ 4 ساعات

  • العربي الجديد

حرب ترامب – ماسك: تحصيل حاصل لإدارة معطوبة

تشهد واشنطن فصول مسلسل غريب كانت أحداثه خارج أي تصور قبل أيام، حيث انهارت العلاقة بين الرئيس دونالد ترامب والملياردير إيلون ماسك الذي كان بمثابة رئيس حكومة في إدارته. الانقلاب المفاجئ بينهما من حالة الثقة والود إلى حالة النفور والكراهية بعد ساعات من وداع ماسك وتكريمه في البيت الأبيض بمناسبة انتهاء مهمته، تعدّدت قراءات أسبابه؛ منها أن التعاون بين "أغنى شخص وأقوى شخص" في العالم لا يستقيم. "الأنا" الضخمة لا تسمح باستمرار وتثمير مثل هذا اللقاء. إيلون ماسك الذي فوّضه الرئيس القيام بعملية إصلاح إداري "لوقف الهدر وخفض النفقات" في الإدارات الفيدرالية، وعد بتحقيق في النفقات بمقدار تريليوني دولار، لكنه انتهى إلى توفير 160 مليار دولار فقط. فشل، وبالنهاية، كان لا بد من طي الصفحة. ربما زعم أن تراجع الرئيس عن حماسه للموضوع بعد هبوط رصيده، ساهم في الفشل. وكان قد أبدى، في وقت مبكر، اعتراضه المبطّن على الحرب التجارية التي أعلنها ترامب، ليس فقط من باب أنها مؤذية للاقتصاد الأميركي بل أيضاً لمصالحه، إذ تربطه علاقات تجارية واسعة مع الصين. ثم جاءت الأرقام لتشكل صاعق التفجير، إذ بعد أربعة أشهر من الضجة والرفض والاعتراضات القضائية على مهمته، هبطت القيمة المالية لأصول شركاته بحدود 152 مليار دولار. خاصة شركة سيارته الكهربائية الشهيرة "تسلا" التي خسرت 14% من قيمة تداولاتها في سوق الأسهم. أخبار التحديثات الحية ماسك يدعو إلى تأسيس حزب جديد.. وترامب ليس مهتماً يذكر أن ماسك كان قد ساهم في دعم حملة ترامب الانتخابية بـ270 مليون دولار، وتراكم خسائره من دعمه لترامب ثم العمل في إدارته، فجّر علاقته مع الرئيس في اليوم التالي لمغادرة البيت الأبيض. وتعمّد أن تكون المفارقة بلا عودة بحيث بدأها بفتح النار على مشروع الموازنة الذي تتوقف عليه أجندة الرئيس الداخلية والذي يواجه صعوبات في مجلس الشيوخ بعد أن مرّره مجلس النواب بشق الأنفس وبفارق صوت واحد فقط، لم يكن ليتوفر لولا تدخل الرئيس وحضوره شخصياً إلى الكونغرس. دعوة ماسك الصريحة وتحريضه المفتوح لإسقاط المشروع في مجلس الشيوخ، كانت بمثابة قطع شعرة معاوية مع الرئيس الذي لوّح باحتمال إلغاء عقود الإدارة مع شركات ماسك المتعددة (ذكاء اصطناعي وبرامج فضائية..). ثم ذهب ترامب إلى حد التلويح بإعادة النظر في وضع هذا الأخير كمقيم جاء إلى أميركا من جنوب أفريقيا. وتطورت القطيعة إلى حدّ أن زعم ماسك بأن "اسم الرئيس وارد في ملفات قضائية بدعاوى أخلاقية". انكسار العلاقة بهذا الشكل قد يتبعه المزيد من مسلسل نشر الغسيل. وبصرف النظر عن خلفيات وملابسات حرب ترامب – ماسك المعروفة منها وغير المعروفة، فهي ليست بنت ساعتها بقدر ما هي منتج لرئاسة كشفت تجربتها حتى الآن بأن معظم مقارباتها رغبة - رومانسية، الداخلية منها والخارجية. واختيار ماسك يجسد هذا العطب. فلا يقوى رجل أعمال بوزنه يدير إمبراطورية بذهنية الربح وخفض الكلفة، على إصلاح إدارة حكومية غايتها تحسين النوعية والإنتاجية من غير أن تكون معنية بالربح بمفهومه التجاري. وفاقم التعثر أنه دخل في العملية بصورة عشوائية ومن دون فريق معاون من ذوي الاختصاص. تقارير دولية التحديثات الحية صدام دونالد ترامب وإيلون ماسك: أكثر من قطيعة هذا النهج التزمه الرئيس ترامب في تعاطيه مع موضوع الرسوم الجمركية على الواردات رغم تحذيرات الخبراء وأهل الاختصاص. والآن، يحاول الاستدراك من غير أن يبدو وكأنه تراجع، ولو أنه فرض قبل يومين زيادة 50% على الحديد والألمنيوم المستورد، لكنه سارع أمس وأجرى اتصالاً مع الرئيس الصيني لترطيب الأجواء وبما يهيئ الشروط لتسوية بات يدرك أنه لا غنى عنها، وفق ما تشير إليه الأرقام، وذلك بعد أن خفض الرسوم على البضائع الصينية من 145% إلى 30%، ولو مؤقتاً. واعتمد ترامب ذلك النهج أيضاً في التعامل مع الأزمات الخارجية؛ في أوكرانيا تبخرت الوعود بحل في غضون أيام، والرغبة اصطدمت بالواقع. المخرج كان بتصوير الحرب بأنها "صارت مثل خناقات الأولاد الذين ينبغي تركهم حتى يشعروا بالتعب" فتنتهي المشكلة، كما صوّرها الرئيس ترامب أمس الخميس، أثناء استقباله المستشار الألماني في البيت الأبيض. وهكذا كان في غزة ومشاريع وقف النار فيها. بالنهاية أدى الاستسهال في المقاربة إلى التورط بوعود تنتهي بالتراجع عنها بصورة أو بأخرى؛ من ماسك إلى حروب التجارة وأوكرانيا وغزة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store