logo
تصنيع الخلايا الشمسية على سطح القمر.. تقنية تمهّد لظهور المدن الفضائية

تصنيع الخلايا الشمسية على سطح القمر.. تقنية تمهّد لظهور المدن الفضائية

شبكة النبأ٠٩-٠٤-٢٠٢٥

يتيح تصنيع الخلايا الشمسية على سطح القمر توليد كميات هائلة من الكهرباء النظيفة بسهولة؛ مما يفتح الباب أمام إمكان بناء المدن والمستوطنات الفضائية، ووفق دراسة حديثة استعمل باحثون ما يُطلَق عليه زجاج القمر في تصنيع خلايا شمسية لديها القدرة على مقاومة تأثير الإشعاع الذي يقلّل من كفاءة تلك الوحدات...
يتيح تصنيع الخلايا الشمسية على سطح القمر توليد كميات هائلة من الكهرباء النظيفة بسهولة؛ مما يفتح الباب أمام إمكان بناء المدن والمستوطنات الفضائية، ووفق دراسة حديثة طالعت نتائجها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، استعمل باحثون ما يُطلَق عليه زجاج القمر في تصنيع خلايا شمسية لديها القدرة على مقاومة تأثير الإشعاع الذي يقلّل من كفاءة تلك الوحدات؛ لتنهي بذلك أحد أصعب التحديات التي تعترض تركيب الألواح الشمسية في الفضاء.
ويتمتع زجاج القمر بمزايا عديدة مقارنةً بالزجاج العادي المصنوع من مواد على سطح الأرض، ففي الفضاء يميل الزجاج العادي إلى اللون البني، مما يحجب جزءًا من ضوء الشمس الساقطة عليه، ويقلّل بالتالي من كفاءة الخلية الشمسية في توليد الكهرباء.
في المقابل فإن لدى زجاج القمر لونًا بُنيًا طبيعيًا نتيجة للشوائب الموجودة في الريغوليث (Regolith)، وهي التربة القمرية؛ مما يمنع زيادة درجة اللون البني للزجاج، وبالتالي خفض مستوى عتامته.
غبار القمر
نجح الباحثون في تطوير خلايا شمسية مصنوعة من غبار القمر الاصطناعي الذي يحوّل ضوء الشمس بكفاءة إلى كهرباء، كما أن لديه القدرة على مقاومة التلف الناتج عن الإشعاع، وخفض الحاجة إلى نقل المواد الثقيلة إلى الفضاء، وفق دراسة نشرتها دورية ديفايس (Device).
ومن الممكن أن يُسهم هذا الابتكار الثوري في مواجهة أحد أكبر التحديات التي تواجه جهود استكشاف الفضاء، والمتمثل في ضمان إتاحة مصدر طاقة موثوق للمستوطنات والمدن المخطط إقامتها على سطح القمر في المستقبل.
وقال كبير الباحثين في جامعة بوتسدام الألمانية، فليكس لانغ: "الخلايا الشمسية المُستعمَلة في الفضاء حاليًا مذهلة؛ إذ وصلت نسبة كفاءتها إلى 30%، بل وحتى إلى 40%، غير أن الكفاءة تأتي مقترنة بالسعر".
وأضاف لانغ: "الخلايا الشمسية المذكورة مرتفعة التكلفة للغاية، وثقيلة نسبيًا نظرًا إلى أنها تستعمِل الزجاج أو حتى رقائق معدنية سميكة كغطاء؛ ومن الصعب نقل تلك الخلايا إلى الفضاء"، وفق تصريحات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وبدلًا من نقل خلايا شمسية من الأرض إلى القمر، استهدف لانغ ومساعدوه تطوير المواد الموجودة بالفعل على سطح القمر، عبر استبدال الزجاج الموجود على سطح القمر أو الزجاج المُصنّع من تربة القمر بنظيره التقليدي المُصنّع على كوكب الأرض، في تحول كفيل بخفض كتلة إطلاق مركبة فضائية بنسبة 99.4%، وتقليص إنفاق النقل بنسبة 99%، وجعل عملية بناء مدن على سطح القمر في المدى الطويل أكثر جدوى.
زجاج القمر
لتجريب الفكرة المذكورة، أذاب الباحثون غبار القمر في الزجاج المُصنّع من تربة القمر، وبنوا نوعًا جديدًا من الخلايا الشمسية، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
ثم دمج الباحثون زجاج القمر مع خلال البيروفسكايت، وهي مجموعة من مواد الطاقة الشمسية عالية الكفاءة ومنخفضة التكلفة.
وبفضل تلك الخلايا الجديدة، أصبح من الممكن توليد كهرباء تزيد 100 مرة لكل غرام يُرسَل إلى الفضاء قياسًا بألواح الطاقة الشمسية الفضائية التقليدية.
وقال كبير الباحثين في جامعة بوتسدام الألمانية، فليكس لانغ: "إذا خفّضت الوزن بنسبة 99%، فإنك لا تحتاج إلى خلايا شمسية فائقة الكفاءة بنسبة 30%؛ إذ أنك تُصنّع المزيد منها على سطح القمر"، وأضاف لانغ: "إلى جانب ذلك فإن الخلايا الشمسية التي طورناها تُظهِر درجة استقرار أعلى ضد الإشعاع، في حين تنخفض كفاءة الأنواع الأخرى من الألواح الشمسية بمضي الوقت".
ويُعد الإشعاع تحديًا كبيرًا بالنسبة إلى تركيب الألواح الشمسية في الفضاء، إذ إنه بمضي الوقت تزداد قتامة الزجاج التقليدي نتيجة التعرض للإشعاع، وحجب ضوء الشمس؛ ما ينتُج عنه في النهاية انخفاض كفاءة تلك الوحدات في توليد الكهرباء النظيفة.
لكن الزجاج المصنوع من تربة القمر والمصبوغ بصورة طبيعية بالشوائب الموجودة في غبار القمر، يبقى في حالة مستقرة، ويقاوم العتامة؛ مما يمنحه ميزةً كبيرةً جدًا في تصنيع الخلايا الشمسية.
تصنيع بسيط وإمكانات كبيرة
ثمة فائدة أخرى تقترب باستعمال الزجاج المصنوع من تربة القمر وهي سهولة تصنيعه، إذ لا يتطلب هذا الزجاج خضوعه لأي عمليات تنقية، بل من الممكن أن يذيب ضوء الشمس المركز تربة القمر ويحولها إلى زجاج، وفق معلومات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
ومن خلال تحسين سمك الزجاج، وتركيب الخلايا الشمسية، حقّق فريق البحث في بوتسدام الألمانية كفاءةً نسبتها 10%؛ مما يُعد بدايةً واعدةً.
ويعتقد الباحثون أن استعمال الزجاج المصنوع من تربة القمر النقي والشفاف سيُتيح نسبة كفاءة تصل إلى 23%؛ مما يجعله شبيهًا بالألواح الشمسية المصنوعة على كوكب الأرض.
تحديات قائمة
على الرغم من الصورة الوردية التي تُظهرها الألواح الشمسية المصنوعة من زجاج القمر من حيث كفاءة توليد الكهرباء النظيفة بكميات غير محدودة، ما تزال هناك تحديات قائمة يتعيّن تجاوزها من أجل نشر تلك التقنية عمليًا.
فانخفاض جاذبية القمر قد يؤثر في كيفية تشكّل الزجاج المذكور. كما أن المذيبات المسُتعمَلة في معالجة البيروفسكايت الشمسية لن تعمل في الفراغ، وقد تُهدّد التقلبات الشديدة في درجات الحرارة استقرار المادة.
ولاختبار تلك الألواح الشمسية في الظروف الحقيقية السائدة على سطح القمر، يأمل الباحثون في إجراء تجربة صغيرة على سطح القمر.
وفي هذا السياق، قال فليكس لانغ: "من استخراج المياه لتصنيع الوقود إلى بناء منازل بأحجار مصنوعة من تربة القمر، يجد العلماء طرقًا لاستعمال غبار القمر"، مضيفًا: "الآن بمقدورنا أن نُحدث تحويلًا في الخلايا الشمسية كذلك، كي نتيح الكهرباء التي تحتاج إليها المدن المستقبلية على سطح القمر".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بني ياس وكلباء يكتفيان بنقطة في ختام حصاد الدوري
بني ياس وكلباء يكتفيان بنقطة في ختام حصاد الدوري

الإمارات اليوم

timeمنذ 3 دقائق

  • الإمارات اليوم

بني ياس وكلباء يكتفيان بنقطة في ختام حصاد الدوري

اكتفى فريقا بني ياس وكلباء بنقطة التعادل الإيجابي 2-2، اليوم، على استاد الشامخة، ضمن الجولة الختامية لدوري أدنوك للمحترفين لكرة القدم، في مواجهة حملت طابع التوازن والرغبة في إنهاء الموسم بصورة إيجابية، لينهي بذلك «السماوي» الموسم في المركز الـ12 برصيد 27 نقطة، بينما حافظ كلباء على المركز التاسع برصيد 32 نقطة. ورغم أن المواجهة لم تكن مؤثرة على موقع الفريقين في جدول الترتيب بعد ضمان البقاء رسمياً، فإنها شهدت ندية وأهدافاً جميلة أسعدت الجماهير، في ظل تألق نجوم الفريقين لخوض اللقاء بدون أي ضغوط. وافتتح اتحاد كلباء التسجيل مبكراً في الدقيقة 25 عبر هدافه الإيراني المتألق مهدي قائدي من ركلة جزاء، مؤكداً من جديد تأثيره الكبير في صفوف «النمور» بعد موسم استثنائي سجل فيه 16 هدفاً وسبع تمريرات حاسمة. ومع بداية الشوط الثاني، عاد أصحاب الأرض إلى أجواء اللقاء، حين أدرك القائد فواز عوانه التعادل في الدقيقة 55 بضربة رأس متقنة استغل فيها عرضية زميله أندريه بوركا. وواصل بني ياس ضغطه الهجومي، لينجح بيرنارد فاي في تسجيل الهدف الثاني في الدقيقة 68 بعد هجمة منظمة أنهاها بتسديدة مباشرة داخل الشباك. وفي الوقت الذي فرض فيه بني ياس سيطرته على مجريات اللقاء بصورة أكبر استطاع كلباء أن يخطف هدف التعادل بواسطة شهريار موغانلو الذي أعاد المباراة إلى نقطة التعادل في الدقيقة 75، مستغلاً كرة مرتدة من الحارس فهد الظنحاني تابعها بتسديدة ناجحة إلى المرمى.

لجنة الاتصالات الفيدرالية تقبل استحواذ فيريزون على فرونتير
لجنة الاتصالات الفيدرالية تقبل استحواذ فيريزون على فرونتير

المشهد العربي

timeمنذ 3 دقائق

  • المشهد العربي

لجنة الاتصالات الفيدرالية تقبل استحواذ فيريزون على فرونتير

وافقت لجنة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية على صفقة بقيمة 20 مليار دولار تقضي باستحواذ شركة فيريزون كوميونيكيشنز على مزودي خدمات الإنترنت بالألياف الضوئية، فرونتير كوميونيكيشنز. وكانت فيريزون قد اتفقت على شراء فرونتير في سبتمبر الماضي مقابل حوالي 9.6 مليار دولار، بالإضافة إلى تحمل 10 مليارات دولار من ديون فرونتير. وأوضح بريندان كار، رئيس لجنة الاتصالات الفيدرالية، أن الموافقة على هذه الصفقة ستضمن استفادة الأمريكيين من سلسلة من المزايا، وستطلق مليارات الدولارات في مشروعات بناء بنى تحتية جديدة في مختلف أنحاء البلاد. وكان كار قد أعلن في فبراير الماضي عن فتح تحقيق مع فيريزون بشأن ترويجها لبرامج التنوع والمساواة والشمول، مشيرًا إلى أنها قد تكون عاملاً في صفقة فرونتير. وفي رسالة إلى كار اطلعت عليها رويترز، أكدت فيريزون أنها ستزيل موقعها الإلكتروني المخصص لـ "التنوع والشمول"، وستحذف الإشارات إليه من تدريب الموظفين، وستجري تغييرات أخرى على ممارسات التوظيف والتطوير المهني وتنوع الموردين والرعاية المؤسسية، كما أكدت أن جميع هذه الأحكام ستُطبق أيضًا على فرونتير.

اقتصادنا.. تحديات وآمال
اقتصادنا.. تحديات وآمال

جريدة الرؤية

timeمنذ 3 دقائق

  • جريدة الرؤية

اقتصادنا.. تحديات وآمال

حاتم الطائي ◄ انعكاسات الزخم الاقتصادي ما تزال غير ملموسة بالدرجة الكافية على المواطن ◄ مشروعات التطوير العقاري والسياحي تفتح الباب أمام مزيد من الاستثمارات النوعية ◄ لا بُد من التخلي عن ثقافة العمل الريعي والاتكالية وتمجيد السلبية والتوجه نحو الإنتاجية والإنجاز لا أحد يُنكر الزخم الذي يكتسبه اقتصادنا الوطني عامًا وراء عام، وما نُحققه من مُنجزات على صعيد الاقتصاد الكُلي من نمو في الناتج المحلي الإجمالي والدخل القومي واستقرار معدلات التضخم، وغيرها من المؤشرات، علاوة على التحسُّن الواضح في المالية العامة مع نجاح خطة التوازن المالي في ضبط الإنفاق العام وزيادة الإيرادات وخفض العجز المالي، والذي تحوَّل إلى فائض مالي خلال السنتين الماليتين الأخيرتين، مع تقديرات بمواصلة تحقيق هذا الفائض المالي في الموازنة العامة للدولة للعام الجاري 2025. لكن في المُقابل، فإنَّ انعكاسات هذا الزخم الاقتصادي على معيشة المواطن ما تزال غير ملموسة بالدرجة الكافية، ما يؤكد أنَّ ثمّة خللٍ يواجه النموذج الاقتصادي والتنموي الذي نسير عليه، ليس فقط من حيث تأثيراته على الحياة اليومية للمواطن، ولكن أيضًا فيما يتعلق بمعدلات نمو بعض المؤشرات، وفي مُقدمتها مؤشر الباحثين عن عمل الذي ما يزال يُراوح مكانه، فأعداد الباحثين عن عمل ما تزال مُرتفعة، وما يتم توفيره من وظائف كل عام لا يتماشى أبدًا مع العدد المُتزايد من الخريجين، أضف إلى ذلك أعداد المُسرَّحين من أعمالهم، وإن كانوا لا يمثلون عددًا كبيرًا، لكنهم يضيفون إلى العدد الإجمالي للعاطلين عن العمل، وهو المسمى الذي يجب أن نستخدمه بكل واقعية. نقول ذلك، وقد شهدنا خلال الأسبوع الماضي إطلاق حُزم من المشاريع العقارية والسياحية العملاقة، والتي تستقطب استثمارات بأكثر من 2.3 مليار ريال، تتضمن إنشاء مُدن ذكية ومشروعات عقارية وسياحية، يُنفذها أكبر المطورين العقاريين على مستوى الشرق الأوسط، ومن المؤكد أنَّ هذه المشاريع ستضُخ دماءً جديدة في شرايين اقتصادنا الوطني، وستعمل على توفير المزيد من فرص العمل للشباب، وستُحدث انتعاشة مأمولة، خاصة وأن الاستثمار في القطاع العقاري يُعد الأكثر أمانًا، لما يُحقِّقه من قيمة مضافة؛ سواءً للمالك (المستثمر) أو المنظومة الاقتصادية ككُل، علاوة على أنَّ هذه المشاريع تُسهم في تطوير العديد من المناطق، وتُحقق الاستغلال الأمثل لما يملكه وطننا الحبيب من مقومات. ولا ريب أنَّ مشروع "الجبل العالي" في الجبل الأخضر وما يُتيحه من إمكانية التملك الحُر، سيلقى الكثير من النجاح؛ كون ولاية الجبل الأخضر بمحافظة الداخلية، منطقة استثنائية على مستوى دول الخليج، من حيث اعتدال الطقس وما تنعم به من هدوء في أحضان الطبيعة الخلابة، وسيكون "الجبل العالي" أهم منتجع سياحي في دول الخليج قاطبةً، وسيُنافس كل المنتجعات السياحية، ليس مستوى دولنا فقط، ولكن على مستوى الشرق الأوسط وآسيا، خاصة في ظل المعايير العالمية التي سيتم تنفيذ المشروع وفقها، وما يتضمنه من منتجات تُلبي احتياجات الأفراد، سواء من الوحدات السكنية أو الترفيهية. لقد كتبنا كثيرًا عن ضرورة تحقيق التنمية السياحية في الجبل الأخضر، وأهمية تحويل هذه الجنَّة الخضراء إلى منتجعات سياحية ومجمعات سكنية مُتكاملة، لكي نُحقق التنمية المُستدامة والشاملة، ويستفيد أبناء الجبل الأخضر من هذه التنمية، في صورٍ عدة. ومثل هذه المشاريع لا تخدم جهود التنمية وحسب؛ بل إنها تفتح الباب أمام جذب المزيد من الاستثمارات، وتنويع المشاريع، والعمل على التوجه نحو نموذج أكثر تطورًا واستدامةً في التنمية السياحية والعقارية؛ الأمر الذي سيعود بالنفع على اقتصادنا الوطني، ويخلق المزيد من فرص العمل، ويضمن توسعة القاعدة الاقتصادية للقطاع الخاص. ونظرًا لأنَّ الاقتصاد يعمل وفق تأثير "الدوائر المترابطة" التي تتأثر ببعضها البعض، فمن الضروري العمل على مواجهة التحديات التي تواجه تمكين القطاع الخاص، مثل: تبسيط الإجراءات وإتاحة التمويل منخفض التكلفة عبر طرح حلول تمويلية بأسعار فائدة لا تتعدى 3%، حتى يتمكن هذا القطاع الحيوي من النهوض بمسؤولياته في بناء الوطن وخلق فرص العمل للشباب، وهي القضية الأكثر إلحاحًا؛ إذ إنه رغم ما أطلقه البنك المركزي العُماني، مشكورًا، من مبادرات طموحة، إلّا أنَّ القطاع الخاص يترقب المزيد من التفاصيل والآليات للاستفادة من هذه المبادرات الطموحة، والتي تعوِّل عليها الشركات كثيرًا من أجل تحقيق الانتعاشة المأمولة. ومن بين الحلول التي نأمل اتخاذها لإنعاش الاقتصاد، ضرورة مواصلة زيادة رأس مال بنك التنمية؛ حيث إن الزيادة التي شهدها خلال العام الماضي، يجب أن تتبعها زيادات تُسهم في تذليل عقبات التمويل وإتاحته أمام أكبر عدد ممكن من المستثمرين، وأداء دوره الوطني كمموِّل للمشاريع التنموية. كما يتعين العمل على تحديث التشريعات بصفة مستمرة، لضمان مواكبتها للمتغيرات الاقتصادية والجيوسياسية، والتي بدأت تؤثر على اقتصادنا، دون أن يكون لنا أي علاقة بها. ولا شك كذلك أن أي قرار اتُخذ خلال الفترة الأخيرة، لم يخدم الصالح العام ولا بيئة الاستثمار، يجب التراجع عنه فورًا، والبحث عن حلول بديلة، لا سيما القرارات الشعبوية التي لم تهدف إلّا إلى إلقاء مزيد من الأعباء على القطاع الخاص، ولا سيما المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والتي أُجزمُ أنها إذا ما كانت مُستعدة بالدرجة الكافية لتوظيف الباحثين لسارعت إلى ذلك دون تردد. وهُنا، أهمسُ في أذن الشباب وكذلك المسؤولين، بأهمية تغيير ثقافة العمل، من خلال تبنِّي مفهوم مُغاير للعمل، يقوم على تقديس قيمة العمل، وترسيخ المهنية والجودة في كل تفاصيل أعمالنا. كما أُسدي النصح إلى أصحاب الأعمال- وتحديدًا المؤسسات الصغيرة والمتوسطة- بأن يبتعدوا عن ثقافة العمل الريعي الذي لا مجهود فيه، وأن يتجهوا إلى العمل القائم على العطاء اليومي والإنتاجية، وهذا يتطلب الكف عن تمجيد التفكير السلبي والاتكالية، كما يجب على أصحاب المشاريع أن يبتعدوا عن المظاهر والشكليات والزخرفة التي لا تُضيف لمعنى الحياة أي جديد. وفي هذا السياق، ومن موقعي في عالم الإعلام، أؤكد أنَّ لوسائل الإعلام دور فاعل للغاية في إبراز قصص النجاح التي تقوم على الجدية والمثابرة في العمل، ولنا مثال بتجربة شباب نزوى في تطوير "حارة العقر" وتحويلها من خرابات إلى نقاط جذب سياحي، وفرص عمل للشباب، ونأمل أن تكون نموذجًا يُحتذى به في تطوير المواقع التراثية والاستفادة منها في تحقيق عائد اقتصادي مُجدٍ في مختلف الولايات. وعندما نتحدث عن الولايات والمُحافظات، لا بُد من الإشارة إلى أدوار المُحافظين في إدارة الملف الاقتصادي وتطوير اقتصاد المحافظات بما يُلبي الطموحات؛ حيث إنَّ كل محافظة تتمتع بميزة تنافسية، ما يُسهم في خلق التكامل الاقتصادي بين المحافظات. وفي هذا الإطار، لا بُد من بذل كل الجهود من أجل التخلص من البيروقراطية، والتركيز على الإنجاز الحقيقي، وأن يخرج المسؤولون من مكاتبهم وينتقلون إلى أرض الواقع لمتابعة أنشطة مؤسساتهم التي يُديرونها، خاصةً وأنا نُعاني من تضخم الإجراءات الإدارية على حساب الإنجاز. وعلى صعيد التعاون الدولي، نؤكد مُجددًا أنَّ الدبلوماسية الاقتصادية التي يقودها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه- تُحقق نجاحات غير مسبوقة، لكن في الوقت نفسه على الوزارات المعنية الاستفادة من مذكرات التفاهم واتفاقيات التعاون التي نوقعها مع مختلف الدول، وكذلك الحال بالنسبة للتحالفات الاقتصادية الدولية، من خلال تعزيز التعاون مع عدد من المجموعات والتحالفات الدولية، مثل مجموعة آسيان، و"بريكس" وغيرها، لتعميق الأداء الاقتصادي. ويبقى القول.. إنَّ مواجهة التحديات ضرورة وطنية، تستلزم تكاتف الجهود والسعي الحثيث من أجل تنفيذ مُستهدفات رؤية "عُمان 2040"، وذلك يتطلب إرادة صلبة وجدية في العمل، من أجل بناء اقتصادنا، خاصة وأنَّه صغير نسبيًا، ما يعني وجود فرص هائلة من أجل التطوير والنهوض الحقيقي به، لضمان تنوُّعه واستدامته.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store