logo
العملية البيضاء للحرب التجاريّة القادمة

العملية البيضاء للحرب التجاريّة القادمة

العرب اليوممنذ 21 ساعات

مؤشرات عدّة تؤكد أن مخاض انبعاث نظام عالمي جديد أوشك على النهاية، ولم تعد فكرة النظام العالمي الجديد مجرد سيناريو، أو توقعات خبراء تستشرف المستقبل، بل إنه حتى الفضول حول هوية ملامحه قد تلاشى؛ حيث إن الوتيرة السريعة لأحداث مركزية خلال العقدين الماضيين وصولاً إلى مرحلة ما بعد جائحة «كورونا» إلى الآن، قد كشفت عن ملامح النظام العالمي الجديد، وتضاريسه الأساسيّة، وظلال الفاعلين فيه.
فمَن سيحكم في النظام العالمي الجديد؟ وما شروط الحكم؟
الثابت أن الشروط لم تتغير، فالمعيار هو القوة، والأكثر قوة هو مَن سيفرض سلطته في النظام العالمي الجديد. وباعتبار أن القوة ليست ثابتة بدورها، وأنها متحركة في الاتجاهين إما تجاه التطور وإما التقهقر، فإن الترتيب الذي ألفناه منذ عقود ليس هو نفسه، وهنا نشير إلى تراجع قوة أوروبا وموقعها وتأثيرها وتنامي قوة الصين، التي أصبحت القوة الاقتصادية الثانية في العالم بعد الولايات المتحدة الأميركية.
طبعاً القوة المقصودة بالأساس هي القوة الاقتصادية، ومَن يمتلك الاقتصاد العالمي، ويُهيمن عليه فإنه آلياً هو الأقوى.
وعندما نعاين واقع الدول اليوم، تظهر لنا عدة دول صاعدة القوة ومنخرطة بشكل متفاوت في العولمة وأسبابها ومظاهرها. غير أن ما تؤكده المؤشرات والوقائع والأرقام أن الولايات المتحدة الأميركية ما زالت القوة الأولى في العالم، فليس كل ما في النظام العالمي القريب من الأفول سينتهي أمره إلى التراجع أو تغيير موقعه في خريطة القوة والقوى الدولية.
كما أن موقع الصين في النظام العالمي الجديد بصدد التشكل، وهي القوة المنافسة للولايات المتحدة التي باتت واشنطن تحسب لها الحساب، وتضع لها العراقيل على طريقتها الخاصة.
في هذا السياق من التكتيك وقياس القوة نضع الحرب التجارية التي شنتها الولايات المتحدة منذ شهر فبراير (شباط) الماضي ضد الصين في المقام الأول والاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك، ونعتقد أن المبررات التي تضمنها الخطاب السياسي الأميركي والمتمثلة في الدفاع عن الأمن القومي الأميركي وحماية المنتجات الأميركية إنما تخفي مبررات أكبر، وهي أن هذه الحرب التي عشنا على وقعها أسابيع، وانتهت بتخفيض الرسوم الجمركية لمدة ثلاثة أشهر حفاظاً على توازن الاقتصاد الدولي لم تكن إلا عملية بيضاء أرادتها الولايات المتحدة لحرب تجارية قادمة لا محالة. ويجب ألا ننسى أن التكتيك نفسه تقريباً اعتمده الرئيس الأميركي دونالد ترمب في سنة 2018، إذ من الواضح أنه يراهن على الوجع التجاري... ومن نتائج هذه العملية البيضاء التي أجاد رئيس الولايات المتحدة إخراجها، أن الصين أكثر تضرراً من الحرب التجارية مقارنة بالولايات المتحدة؛ حيث إن هذه الأخيرة انخفضت حصتها من إجمالي تجارة الصين بنحو نقطتين ونصف النقطة، في حين أن حصة الصين من إجمالي التجارة الأميركية قد انخفضت من 15.7 إلى 10.9.
إذن لم يكن مجرد توتر تجاري في الهواء بقدر ما كانت عملية بيضاء أطلقتها الولايات المتحدة؛ استعداداً لحرب تجارية قادمة سيُرفع فيها سلاح الرسوم الجمركية.
وستكون التجارة الفيصل في تقرير مصير القوى الاقتصادية الدولية. ولما كانت التجارة هي نقطة قوة الصين فإن الرسوم الجمركية قادرة على التأثير سلباً على هذا المعطى، وإحداث تغيير عميق في خريطة الأسعار.
لنقل إن الرسوم الجمركية هي ضغط غير مباشر للحد من نقاط قوة الصين؛ حيث إنه يضطرها للرفع في الأسعار ومن ثم تفقد إحدى مميزات صادراتها، وهي أنها في المتناول.
كما أن ارتفاع الأسعار نتيجة الرسوم الجمركية، وما يتبعها من ترفيع في التكلفة، سيؤديان إلى انكماش الطلب، وفي المحصلة الميزان التجاري سيتراجع.
إذن، أين نحن العرب من كل هذا؟
لن نخوض في مسألة موقعنا في النظام العالمي الجديد؛ لأننا لا نزال في معارك تنموية وإدارة صعوبات الأزمات ومخلفاتها، ولم نتشكل بصفتنا قوة اقتصادية بعد، باستثناء ظهور نماذج تنموية واعدة.
في مقابل ذلك، من المهم الانتباه إلى التأثيرات السلبية للحرب التجارية القادمة بعد الهدنة المعلنة المُحددة بثلاثة أشهر. ذلك أن ارتفاع الأسعار هو خلاصة التأثيرات المزعجة بخاصة، وأن 70 في المائة من التبادل التجاري للبلدان العربية هو مع بلدان أوروبا المستهدفة إلى جانب الصين وكندا وغيرهما، في حين التبادل التجاري العربي - العربي لا يتجاوز 4 في المائة، ما يعني شبه غياب للتبادلات التجارية العربية، وإهمالاً هائلاً لمشروع رؤية نشاط تجاري عربي أولاً.
واعتباراً لكل هذه التغييرات والمؤشرات، من المهم أن تفكر البلدان العربية في كيفية التقليص من حجم الضرر الاقتصادي للتوترات والحروب التجارية بين قوى الاقتصاد العالمي وانعكاسها على ارتفاع الأسعار وارتفاع نسبة فائدة القروض، ومن ثم التأثير على الاستثمار الذي يُمثل عجلة التنمية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترمب: مباحثات أمريكية - صينية في لندن الإثنين بشأن التعرفات الجمركية
ترمب: مباحثات أمريكية - صينية في لندن الإثنين بشأن التعرفات الجمركية

رؤيا

timeمنذ 3 ساعات

  • رؤيا

ترمب: مباحثات أمريكية - صينية في لندن الإثنين بشأن التعرفات الجمركية

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، الجمعة، أن جولة جديدة من المباحثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين ستُعقد الإثنين المقبل في العاصمة البريطانية لندن، في مسعى للتوصل إلى اتفاق بشأن التعرفات الجمركية بين البلدين. وأوضح ترمب عبر منصته "تروث سوشال" أن الوفد الأمريكي سيضم وزير المال سكوت بيسنت، ووزير التجارة هاورد لوتنيك، وممثل التجارة جايمسيون غرير، مضيفًا: "ينبغي أن يتم هذا الاجتماع على نحو جيد جدًا". أول اتصال هاتفي ونقلت وكالة "رويترز" عن نظيرتها الصينية "شينخوا"، الخميس، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ونظيره الصيني شي جينبينغ من المرتقب أجريا مباحثات هاتفية اتصالاً بناء على طلب ترمب. وقال ترمب، إنه أجرى اتصالًا هاتفيًا وصفه بـ"المثمر للغاية" مع نظيره الصيني، ناقش خلاله عددًا من التفاصيل المتعلقة بالاتفاق التجاري الذي تم التوصل إليه مؤخرًا بين واشنطن وبكين. وأكد أن الاتصال انتهى بشكل إيجابي، مشيرًا إلى أنه "لا ينبغي أن تكون هناك أي تساؤلات بشأن تعقيد منتجات المعادن النادرة"، في إشارة إلى أحد الملفات الحساسة في العلاقات التجارية بين البلدين. وأوضح ترمب أن المسؤولين الأمريكيين والصينيين سيعقدون قريبًا اجتماعًا لمتابعة تنفيذ بنود الاتفاق، على أن يتم تحديد مكان الاجتماع لاحقًا. وفي وقت سابق، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، إن ترمب سيتحدث مع الرئيس الصيني هذا الأسبوع"، مشيرة إلى أن الاتصال سيكون الأول بين الزعيمين منذ عودة ترمب إلى البيت الأبيض قبل أكثر من خمسة أشهر، بعد انقطاع طويل في قنوات التواصل. وتأتي هذه الخطوة بينما تشهد العلاقات الأمريكية الصينية توتراً متزايداً، بعدما أعاد ترمب الأسبوع الماضي تأجيج الأزمة التجارية مع بكين، متّهماً إياها بانتهاك الاتفاق المؤقت المبرم في جنيف الشهر الماضي، والذي ينص على تجميد التصعيد الجمركي لمدة 90 يوماً. وفي مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز"، اتهم وزير التجارة الأمريكي هاورد لوتنيك الصين بـ"المماطلة" في تنفيذ التزاماتها، مما دفع بكين إلى الرد بقوة، واصفة التصريحات الأمريكية بأنها "ادعاءات كاذبة"، ومنددة بما وصفته بإجراءات تجارية "تمييزية ومقيدة". الأسواق المالية العالمية لم تكن بمنأى عن هذه التوترات، حيث شهدت تراجعاً حاداً مطلع الأسبوع، مع تزايد القلق من اندلاع حرب تجارية شاملة بين أكبر اقتصادين في العالم. وترمب لم يكتفِ بمهاجمة الصين، بل وجّه تهديدات مماثلة إلى شركاء تجاريين آخرين، على رأسهم الاتحاد الأوروبي، متعهداً برفع الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألومنيوم إلى 50% اعتباراً من الأربعاء. ويرى مراقبون أن الاتصال المرتقب بين ترمب وشي قد يشكّل محطة حاسمة في مسار العلاقات الثنائية، في وقت تتكثف فيه الضغوط الاقتصادية وتتسارع الاستقطابات الجيوسياسية على الساحة الدولية.

الدولار يتجه نحو تسجيل خسارة للأسبوع الثاني
الدولار يتجه نحو تسجيل خسارة للأسبوع الثاني

هلا اخبار

timeمنذ 5 ساعات

  • هلا اخبار

الدولار يتجه نحو تسجيل خسارة للأسبوع الثاني

هلا أخبار – يتجه الدولار الأميركي نحو تسجيل خسارة أسبوعية جديدة اليوم الجمعة، وذلك وسط مؤشرات متزايدة على تباطؤ اقتصادي، في وقت تتعثر فيه المفاوضات التجارية بين واشنطن وشركائها دون تقدم ملموس، رغم اقتراب موعد نهائي حاسم. وتترقب الأسواق باهتمام بالغ صدور تقرير الوظائف في القطاع غير الزراعي بالولايات المتحدة في وقت لاحق من اليوم، بعد أسبوع من البيانات الاقتصادية المخيبة للآمال والتي سلطت الضوء على تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب على الاقتصاد الأميركي، وفقا لشبكة (سي إن بي سي). وتداولت العملات الرئيسية ضمن نطاقات ضيقة في التعاملات الآسيوية، مع ترقب المستثمرين لبيانات الوظائف. وسجل اليورو في أحدث التعاملات 1.1436 دولار، بعد أن بلغ في الجلسة السابقة أعلى مستوى له منذ شهر ونصف، مدعومًا بنبرة متشددة من البنك المركزي الأوروبي عقب اجتماعه الأخير. واستقر الجنيه الإسترليني عند 1.3576 دولار، بعد أن سجل أعلى مستوياته في أكثر من 3 سنوات في الجلسة السابقة، ويتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية بنسبة 0.9 بالمئة. ومن جهته، انخفض الين الياباني بنسبة 0.27 بالمئة إلى 143.93 مقابل الدولار. وكانت العملات قد سجلت مكاسب مقابل الدولار في وقت متأخر من يوم أمس، على خلفية مكالمة هاتفية بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الصيني شي جين بينغ، استمرت لأكثر من ساعة، إلا أن التفاؤل تراجع لاحقًا بسبب استمرار الغموض. وما زاد من ضبابية المشهد، أن الاتصال لم يُفضِ إلى نتائج واضحة، وسرعان ما خفت تأثيره مع تصاعد الخلاف العلني بين ترمب وإيلون ماسك. وارتفع مؤشر الدولار بشكل طفيف إلى 98.85، ولكنه يتجه لتكبد خسارة أسبوعية بنسبة 0.6 بالمئة.

ترمب يهاجم الفيدرالي ويطالب بخفض فوري للفائدة
ترمب يهاجم الفيدرالي ويطالب بخفض فوري للفائدة

السوسنة

timeمنذ 8 ساعات

  • السوسنة

ترمب يهاجم الفيدرالي ويطالب بخفض فوري للفائدة

السوسنة - وجّه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، الجمعة، انتقادات حادة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي ورئيسه، مطالبًا بخفض فوري لأسعار الفائدة بمقدار نقطة مئوية كاملة، معتبرًا أن استمرار الفيدرالي في تثبيت الفائدة يضر بالاقتصاد الأمريكي.وقال ترمب في منشور على منصته "تروث سوشيال"، إن أوروبا قامت بعشر تخفيضات للفائدة مؤخرًا، بينما لم تقدم الولايات المتحدة على أي خطوة مماثلة، رغم أن "البلاد تسير بشكل رائع"، على حد وصفه. وأضاف: "الوقت حان لخفض كامل للفائدة… سيكون بمثابة وقود صاروخي للاقتصاد".واعتبر ترمب أن السبب وراء ارتفاع تكاليف الاقتراض يعود إلى ما وصفه بـ"اعتماد بايدن الكبير على القروض قصيرة الأجل"، مؤكدًا أن التضخم انتهى، وأن خفض الفائدة الآن سيقلل من عبء الديون بشكل كبير.وأشار إلى أن الاقتصاد الأمريكي يشهد انتعاشًا غير مسبوق، وقال: "أمريكا تشتعل! الأسعار تنخفض، الدخل يرتفع، الشركات تعود، والحدود أُغلقت، والبنزين أرخص … الوضع تغير تمامًا خلال الأشهر الأخيرة". أقرأ أيضًا:

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store