
تغير المناخ يرهق إمدادات الدم العالمية
حذرت دراسة جديدة من أن تغير المناخ قد يهدد إمدادات الدم حول العالم، إذ تؤدي الظواهر الجوية القاسية، التي تتزايد حدتها بفعل ارتفاع درجات الحرارة العالمية، إلى تعطيل عمليات التبرع ونقل الدم، وخلق فجوة خطيرة بين العرض والطلب.
وخلصت الدراسة، المنشورة في مجلة ذا لانسيت بلانيتاري هيلث، إلى أن الكوارث الطبيعية مثل الأعاصير والفيضانات وحرائق الغابات وموجات الحر، لا تعرقل فقط التبرع الطوعي بالدم، بل تؤثر أيضا على تخزينه وفحصه وتوزيعه، في وقت تزداد فيه الحاجة إليه بشكل حاد نتيجة الإصابات الناتجة عن تلك الكوارث أو تفاقم حالات مرضية مزمنة.
وتُعد هذه الدراسة أول تقييم عالمي شامل يربط بين تغير المناخ وكل مراحل سلسلة إمدادات الدم، ما يفتح الباب أمام مزيد من الأبحاث حول كيفية تكيّف الأنظمة الصحية مع التحديات المناخية المتزايدة.
انتشار أمراض
وخلص الباحثون، بقيادة فريق من جامعة صن شاين كوست في أستراليا، إلى أن ارتفاع درجات الحرارة يُسهم في انتشار أمراض معدية تنتقل عبر الدم، مثل فيروس غرب النيل، وحمى الضنك، وفيروس زيكا، إلى مناطق جديدة، وهذا يُقلّص عدد المتبرعين المؤهلين.
كما أن تفشي الأمراض على نطاق واسع، كما حدث خلال جائحة كوفيد-19، قد يؤدي إلى إغلاق مراكز التبرع لفترات طويلة.
وقالت الباحثة الرئيسة في الدراسة إلفينا فينيت إن الظواهر الجوية المتطرفة "تُعيق قدرة الناس على التبرع، إما بسبب صعوبة الوصول إلى مراكز التبرع، أو لانشغالهم في الاستجابة لحالات الطوارئ".
وأضافت أن أي اضطراب كبير في سلسلة إمداد الدم يُعرّض حياة المرضى للخطر، خاصة من يعتمدون عليه في علاجاتهم المنتظمة مثل مرضى السرطان وأمراض الدم.
وأشارت الدراسة إلى حادثة في أستراليا حيث تسبب الإعصار المداري "ألفريد" في فبراير/شباط الماضي بإلغاء أكثر من 3500 موعد للتبرع بالدم في ولايتي كوينزلاند ونيو ساوث ويلز، ما أسفر عن انخفاض حاد في المخزون الوطني.
وقالت فينيت إن ذلك الحدث "كان أول دليل مباشر على تأثير الطقس المتطرف على إمدادات الدم في أستراليا".
وأكدت الدراسة أن ضمان أمن واستقرار شبكة الدم في ظل التغيرات المناخية يتطلب تخطيطا استباقيا، وتطوير أنظمة إنذار مبكر، والاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي لرصد التهديدات الصحية والمناخية بشكل متكامل.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العرب القطرية
منذ 2 أيام
- العرب القطرية
وحدة الخدمات الطبية ببعثة الحج القطرية تعلن جاهزيتها الكاملة لتقديم أفضل رعاية صحية للحجاج
قنا أعلنت وحدة الخدمات الطبية ببعثة الحج القطرية جاهزيتها الكاملة لتقديم أفضل رعاية صحية لحجاج دولة قطر، وذلك في تنسيق بين وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزارة الصحة العامة ومؤسسة حمد الطبية ومؤسسة الرعاية الصحية الأولية. وأكد الدكتور خالد عبدالهادي رئيس وحدة الخدمات الطبية ببعثة الحج القطرية، أن الدولة لا تدخر جهدا في سبيل توفير كافة الإمكانيات الطبية والكوادر المؤهلة لضمان صحة وسلامة الحجاج، من لحظة مغادرتهم البلاد وحتى عودتهم سالمين. وأوضح الدكتور عبدالهادي أن سلامة حجاج قطر أولوية قصوى، وأن الوحدة الطبية تعمل على مدار الساعة من خلال طواقم طبية متميزة تضم نخبة من أطباء الأسرة والطوارئ والأوبئة، إلى جانب فرق التمريض والمسعفين والصيادلة، لمرافقة الحجاج وتقديم الخدمات الصحية على أعلى مستوى. وأشار إلى أن العيادات الطبية المخصصة للرجال والنساء تم تجهيزها في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة (منى وعرفة ومزدلفة)، بالإضافة إلى غرف للعزل والتنويم والملاحظة لضمان التدخل السريع في الحالات الطارئة. وفي خطوة لتعزيز المنظومة الطبية، تم التعاقد هذا العام مع المستشفى السعودي الألماني في مكة، وهي أحد المستشفيات المتميزة بخدماتها العلاجية بالمملكة؛ لخدمة حجاج قطر في الحالات الطارئة التي قد يتعرض لها أي حاج، وأن يكون له أولوية كذلك للعلاج في هذا المستشفى، وكذلك لتوفير أمهر الكوادر الطبية المتخصصة ليكونوا ضمن طواقم وحدة الخدمات الطبية بمقر البعثة لهذا العام؛ حرصا على تقديم أفضل رعاية صحية لحجاج قطر. وفي هذا الصدد، شدد الدكتور عبدالهادي على أهمية التزام الحجاج بالاشتراطات الصحية السعودية، والحصول على اللقاحات والتطعيمات اللازمة، وخاصة الحمى الشوكية (صالحة لمدة 5 سنوات)، وشهادة كوفيد-19، مشيرا إلى أهمية الحصول على لقاح الإنفلونزا الموسمية. وبين أن هذه التطعيمات يجب أخذها قبل 14 يوما من السفر، وهي متوفرة في مراكز مؤسسة الرعاية الصحية الأولية بالدولة، منوها بضرورة مراجعة المرضى المزمنين لأطبائهم المعالجين، والتأكد من لياقتهم الصحية لأداء المناسك. وأشار إلى أنه تم استحداث نموذج طبي خاص بالحجاج ممن تجاوزوا الستين عاما، يتضمن تقييما شاملا لضمان قدرتهم على أداء المناسك دون مضاعفات صحية، داعيا أصحاب الأمراض المزمنة، لا سيما مرض السكري أن يصطحبوا معهم حقيبة طبية شخصية، لحفظ الأدوية والإنسولين بطريقة سليمة. كما دعا رئيس الوحدة الطبية الحجاج إلى اتخاذ تدابير وقائية لتجنب ضربات الشمس، مثل شرب كميات كافية من الماء، وارتداء القبعات الواقية أو استخدام المظلات، والمحافظة على النظافة الشخصية وغسل اليدين باستمرار للوقاية من الأمراض المعدية والجلدية. وفيما يخص التنسيق مع حملات الحج، أكد الدكتور عبدالهادي أن وحدة الاتصال التابعة لبعثة الحج القطرية تلعب دورا محوريا في التواصل مع الحملات وتسهيل الربط مع الوحدة الطبية، لضمان التدخل السريع في الحالات الصحية، وذلك عبر خط ساخن يعمل على مدار الساعة وفرق طبية متواجدة في كافة مواقع الحجاج. وذكر أن مقر بعثة الحج القطرية في مكة المكرمة يتضمن طابقا كاملا للعزل الطبي، بالإضافة إلى عيادات الفرز والتشخيص السريع وعيادات علاجية للرجال والنساء، وطابقا خاصا للمعاينة السريعة. ولفت إلى أنه قد تم تجهيز عيادات ميدانية في المشاعر المقدسة بمنى وعرفة، ويرافق الحجاج في مشعر مزدلفة فريق طبي مجهز، مؤكدا أن طواقم الوحدة الطبية تصحب وترافق الحاج أينما يتوجه، وتوفر الخدمات الصحية والرعاية الطبية بأفضل المعايير والإسعافات اللازمة، كما أن الوحدة حرصت أن تكون هناك سيارة إسعاف مصاحبة للوحدة الطبية خلال موسم الحج. وفي ختام تصريحه، أكد الدكتور خالد عبدالهادي أن فرق الخدمات الطبية القطرية ستكون على أهبة الاستعداد لتقديم خدماتها بكفاءة عالية في جميع مواقع البعثة، داعيا جميع الحجاج إلى الالتزام بالإرشادات الصحية، وعدم التهاون في الوقاية واتباع التعليمات، بما يضمن أداء فريضة الحج بأمان وطمأنينة.


الجزيرة
منذ 6 أيام
- الجزيرة
المستشفيات الافتراضية.. مستقبل الصحة أم صيحة تمر مرور الكرام؟
تغلغلت الابتكارات التقنية بشكل واسع في كافة قطاعات الأعمال المختلفة، وأصبحت تمثل جزءا محوريا في العديد من الأعمال حول العالم، ولكن تجنب هذا التغلغل القطاع الصحي بشكل عام وقطاع المستشفيات تحديدا، إذ ظلت الابتكارات التقنية مجرد أداة إضافية تستخدمها الأيادي البشرية في المستشفيات والقطاع الصحي، بعكس بعض القطاعات التي أوكلت إليها مهام كاملة أزيحت من قائمة الأيدي البشرية. ولم يكن فشل القطاع التقني وابتكاراته في التغلغل بالمستشفيات وتحويل آلية عملها إلى آلية تقنية مبتكرة لقصور في قوة الابتكارات التقنية أو نتائج خاطئة، بل بسبب الخصوصية الفريدة التي يتمتع بها القطاع الطبي والتي تجعل عواقب الأخطاء فيه خطرة للغاية. ولكن، تحاول الآن بعض المستشفيات والهيئات حول العالم تسخير هذه الابتكارات التقنية من أجل تحقيق نجاح جديد في تيسير وصول العلاج والخدمة الطبية لكل من يحتاجها، وذلك عبر ما يعرف باسم المستشفيات الافتراضية، وقد بدأت عدة مستشفيات في العالم من بينها مستشفى "صحة" الافتراضية المدعومة من وزارة الصحة السعودية. ما المستشفيات الافتراضية؟ داعبت فكرة المستشفيات الافتراضية خيال رواد القطاع الصحي منذ وباء " كوفيد-19" الذي قوض الوصول إلى العلاج الطبي بشكل كبير، إما بسبب الخوف من العدوى أو التكدس المبالغ فيه ببعض المستشفيات. ومع تطور تقنيات الواقع الافتراضي والأدوات التي تسخرها، أصبحت فكرة المستشفيات الافتراضية أقرب إلى الواقع، وبدأ تطبيقها في عدة أماكن حول العالم، وكما يوحي اسمها، فالمستشفيات الافتراضية هي مستشفيات تتخلى عن الموقع المركزي الفيزيائي، وتستبدله بوحدات افتراضية لمقابلة الأطباء والحصول على الرعاية الصحية اللازمة. ويمكن القول إن المستشفيات الافتراضية هي آلية لمقابلة الأطباء وخبراء الصحة بشكل افتراضي دون الحاجة إلى مغادرة منزلك مع الحصول على الرعاية الطبية ذاتها التي يمكن أن تحصل عليها في المستشفيات المعتادة. الفارق بين المستشفيات الافتراضية والاستشارات الطبية الافتراضية في بعض البلدان، يمكن للأطباء توفير استشارات طبية بشكل افتراضي عبر الأدوات مثل " زووم" و" غوغل ميت" وغيرها من أدوات الاجتماعات ومكالمات الفيديو، ورغم تشابه فكرة العمل بين هذه الاستشارات والمستشفى الافتراضي، فإن آلية تطبيق هذه الفكرة تختلف كثيرا. فبينما يعمل الطبيب بشكل منفرد أو مع مساعديه المباشرين عبر الاستشارات الافتراضية، فإن المستشفى الافتراضي هو مستشفى بكامل معناه ولكن بشكل افتراضي فقط، أي أن المستشفى يملك قسم استقبال وقسم تحاليل وقسم تحاليل، ورغم أن هذه الأقسام جميعا تجمع البيانات بشكل مباشر من المريض، فإنها تقوم بعملها وقد تطلب تحاليل، وترسل فريقا للتحليل أو الحصول على الأشعة مباشرة من منزل المريض. ويتمثل الفارق الأساسي بين الاستشارات الافتراضية والمستشفيات الافتراضية في آلية العمل وجمع المعلومات والحفاظ عليها، إذ يمكن لأي طبيب يعمل في المستشفى الافتراضي الوصول إلى التاريخ المرضي التفصيلي دون الحاجة لسؤال المريض عنه، فهذا التاريخ يتم تخزينه في خوادم المستشفى في النهاية. تفوق إداري توفر المستشفيات الافتراضية آلية عمل أفضل من المستشفيات المعتادة، وهي تتيح لإدارة المستشفى التعامل مع المرضى وفرق العاملين بها بشكل أفضل من المستشفيات المعتادة، ففي النهاية يمكنك تجنب الازدحام في المستشفى سواء من العاملين أو الزائرين. كما تتيح المستشفيات الافتراضية حرية أكبر للفرق الطبية الموجودة بها في العمل، إذ لا يحتاج الطبيب لتخصيص وقت ثابت يوميا للوُجود في مكانه، ويمكنه العمل بكل سهولة ويسر واختيار الأوقات المناسبة له أو حتى الاستجابة لحالات الطوارئ بشكل سريع وسهل. ومن ناحية إدارية بحتة، فإن المستشفى الافتراضي يعد موفرا للأموال أكثر من المستشفيات التقليدية التي تحتاج بشكل مباشر إلى تكاليف تشغيل مرتفعة وباهظة الثمن في الكثير من الأوقات، لذا قد تلجأ بعض الشركات مستقبلا للاستفادة منها. الوصول إلى الرعاية الطبية من أي مكان في العالم تتيح المستشفيات الافتراضية ميزة لا يمكن التغاضي عنها للمرضى، إذ يمكن للمريض الوصول إلى الرعاية الطبية التي يحتاجها في أي مكان في العالم، ولنفترض بأن المريض مسافر لدولة أخرى في حالة سياحة وهو يحتاج لمراجعة طبيبه الذي يملك سجله المرضي، فبدلا من محاولة التوفيق بين الطبيب الجديد في البلد السياحي والطبيب المدرك للتاريخ المرضي، يمكن للمريض مراجعة طبيبه من خارج البلاد بكل سهولة. ومن ناحية أخرى، فهي تتيح للمقيمين في أماكن قد لا تتوفر فيها كوادر صحية مجهزة الوصول إلى أطباء ذوي خبرة ومستوى رفيع، إذ يمكن للمريض التواصل مع أي طبيب في العالم والحصول على الاستشارة التي يرغب بها. كما أن هذه المستشفيات توفر وقت المرضى بشكل كبير، وتجعل المستشفيات التقليدية مخصصة للحالات المرضية التي لا يمكن التعامل معها من خلال المستشفيات الافتراضية، مما يوفر وقت المريض وجهود الأطقم الطبية للتعامل مع الحالات الطارئة فقط. تحديات جمة ورغم كل هذه المزايا، فإن المستشفيات الافتراضية تواجه مجموعة متنوعة من التحديات، تكمن أغلبها في الحالات المرضية الطارئة أو التي تحتاج إلى مراجعة طبية شخصية، وفي هذه الحالة، يمكن للطبيب تحويل الحالة لأي مستشفى قريب أو التواصل حتى مع منشآت صديقة ومتابعة الحالة عن بعد. وتجدر الإشارة إلى أن بعض الحالات والأمراض تحتاج لمراقبة مباشرة من الطبيب أثناء إجراء الكشف، وهذا ما يجعل فكرة المستشفيات الافتراضية محدودة في الاستخدام بشكل كبير. نماذج ناجحة وفي عام 2022، دشنت وزارة الصحة السعودية مستشفى "صحة" الافتراضي، لتكون الخطوة الأولى للتحول الرقمي للمستشفيات بالاعتماد على التقنيات الحديثة، وهي تعمل بالتعاون مع 224 مستشفى تقليدي، أتاحت لهم الوصول إلى خبرات نادرة في أكثر من 44 تخصصا دقيقا. أيضا، حاولت مستشفى "صحة" الافتراضي التغلب على بعض التحديات التي تواجه المستشفيات الافتراضية، من بينها أجنحة مراقبة المرضى، إذ قامت بإنشاء أجنحة مراقبة افتراضية، حيث ترسل للمرضى مجموعة من المستشعرات التي يتم تركيبها في المنزل من أجل مراقبة الحالة الصحية للمريض دون أن يغادر منزله، وتجدر الإشارة إلى أن المستشفى حاز على لقب أكبر مستشفى افتراضي في العالم بناء على موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية. كذلك، تحاول "بوبا" (bupa)، مجموعة الرعاية الصحية الخاصة الدولية التي يقع مقرها الرئيسي في المملكة المتحدة، اتباع الأسلوب ذاته في بناء مستشفى افتراضية ضخمة، ومن المخطط أن يُفتح هذا المستشفى في صيف هذا العام، مع اتخاذ أسلوب مختلف قليلا يجمع بين المستشفيات الافتراضية والمستشفيات التقليدية. وأثمر نهج المستشفيات الافتراضية عن مجموعة من النتائج المبهرة في أيرلندا أيضا، وذلك بناء على وصف ديريك أوكيف، وهو طبيب استشاري وأستاذ في تكنولوجيا الأجهزة الطبية من غالواي أثناء حديثه مع صحيفة "فايننشال تايمز". ويدير ديريك عيادة افتراضية في جزيرة كلير على شاطئ أيرلندا الغربي حيث يستخدم الذكاء الاصطناعي والمستشعرات عن بعد لمراقبة الحالة المرضية لمجموعة من أصحاب الأمراض المزمنة، بما فيها الانسداد الرئوي المزمن، فضلا عن مجموعة من الأمراض القلبية المختلفة، وبحسب وصف ديريك، فإن قاطني هذه الجزيرة يحتاجون للانتقال عبر أكثر من وسيلة للوصول إلى البر الرئيسي والحصول على الرعاية الصحية اللازمة لهم. هل تنجح المستشفيات الافتراضية؟ تواجه فكرة المستشفيات الافتراضية العديد من التحديات مثل أي تقنية جديدة، ولكن مع ظهور المزيد من ابتكارات الرعاية الصحية وإتاحتها بسهولة للمستخدم المعتاد، قد تنجح هذه الفكرة وتلقى رواجا في بعض القطاعات الطبية. ولكن من الأكيد أنها لن تحل محل المستشفيات التقليدية وذلك بسبب الحاجة لوجود هذه المستشفيات التي توفر كل ما يحتاجه المريض، ويمكنها أن تنقذ حياته في بعض الحالات.


الجزيرة
٠٤-٠٥-٢٠٢٥
- الجزيرة
كيف وقع الجيل "زد" في فخ الرياضة؟ الجانب المظلم لهوس اللياقة لدى المراهقين
في السنوات القليلة الماضية، أصبح سعي جيل "زد" نحو اللياقة البدنية وإعطاء الأولوية للصحة، "آخذا في الازدياد بشكل ملحوظ"، ففي الولايات المتحدة، على سبيل المثال، أشارت الاستطلاعات إلى أن "أبناء هذا الجيل شكلوا 29% من الوافدين الجدد إلى صالة الألعاب الرياضية في الربع الأول من عام 2024". وعلى الرغم من أن هذا قد يبدو إيجابيا في ظاهره، فإن الاتجاهات الحديثة في مجال العافية عبر الإنترنت تشير إلى أن "هذا الشغف الظاهر باللياقة البدنية يخفي شيئا غير صحي في باطنه"، وفقا لصحيفة "يو إس إيه توداي"، التي تُعزي هوس الصالات الرياضية واللياقة البدنية إلى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير. فقد حصد مقطع فيديو بعنوان "احصل على عضلات بطن في أسبوعين"، أكثر من 574 مليون مشاهدة، وتجاوز محتوى اللياقة البدنية على موقع "تيك توك"، أكثر من 31 مليون منشور، في فترة جائحة "كوفيد-19" فقط. وفي أواخر العام الماضي، أصدرت مجلة "مينز هيلث" فيلما وثائقيا بعنوان "جيل مرن"، كشف عن الجانب المظلم لهوس العديد من المراهقين باكتساب العضلات وفقدان دهون الجسم، بدءا من "المعلومات المضللة المنتشرة على الإنترنت، وإساءة استخدام المكملات الغذائية، وعادات التمرين الخطيرة"، وكيف يخاطر الشباب بصحتهم البدنية والعقلية، "لتحقيق معايير جسم يصعب تحقيقها". مصدر ثقافة الصالات الرياضية "السامة" سلطت صحيفة "نيويورك تايمز" الضوء على نتائج دراسة نُشرت عام 2022، وكشفت أنه "في غضون 30 دقيقة، قد يتأثر طفل يبلغ من العمر 13 عاما بمحتوى يشجع على ممارسات ضارة تتعلق بالأكل والرياضة". وأوضحت أن الباحثين وجدوا أنه "بمجرد أن يشاهد الشباب محتوى يتعلق بصورة الجسم ويُعجبون به، يُوصيهم الموقع تلقائيا بمقاطع فيديو ذات صلة كل 39 ثانية". فمع الانتشار المتنامي لوسائل التواصل الاجتماعي، يجد الشباب أنفسهم أثناء تصفحهم لمواقع مثل "إنستغرام" أو "تيك توك"، أمام سيل من مقاطع الفيديو التي تُروّج لحميات غذائية مُتطرفة، و"معايير جسمانية غير واقعية، وثقافة سامة مرتبطة بالصالات الرياضية". مما يجعل الشباب في حلقة مفرغة من المقارنة والارتباك، بعد محاولات إقناعهم بأن "جسمك بشكله الحالي ليس كافيا، وأن المعاناة والمبالغة هما السبيل لإثبات كفاية جهدك البدني". مما حوّل الاهتمام باللياقة البدنية من مسار طبيعي للصحة والرفاهية يُشكّله الخبراء، "إلى أرض خصبة للمعلومات المُضلّلة والعادات الخطيرة أو المُهووسة"، ومهد الطريق للترويج للاعتقاد بأن "أسلوب الحياة القائم على التمارين الرياضية والعافية، لم يعد يتعلق بالصحة، بل بمدى رشاقتك أو تفوقك البشري"، كما تقول كيريان وايت على موقع جامعة كوينز بلفاست الأيرلندية. التكلفة النفسية لاضطرابات الأكل والمنشطات مع التركيز على شكل الجسم، تحوّلت الرياضة من الاهتمام باللياقة البدنية واكتساب عادات صحية، إلى التركيز على نظرة الآخرين للجسم ومدى توافقه مع "مقاييس الكمال" التي يُكرسها الإنترنت. وأسهم الترويج لهذه المفاهيم الخاطئة بين المراهقين، في ارتفاع معدلات الانخراط في برامج إنقاص الوزن أو بناء العضلات، "مما أدى إلى زيادة ملحوظة في اضطرابات الأكل". ففي المملكة المتحدة وحدها، زادت معدلات الشباب الذين دخلوا المستشفيات بسبب اضطرابات الأكل بنسبة 35% خلال عام واحد. بالإضافة إلى الهوس العصبي، الذي يجمع بين "إدمان التغذية الصحية، والإفراط في ممارسة الرياضة"، وهي حالة قد تؤدي إلى "سوء التغذية ومضاعفات نفسية"، وفقا لدراسة أجريت في كلية لندن الجامعية عام 2017. وتوضح كيريان وايت، أن "اضطرابات الأكل ليست المشكلة الوحيدة التي تُغذيها ثقافة الصالات الرياضية المُضرة"، فقد أدت الرغبة في مجاراة "الأجسام المثالية المُحسّنة كيميائيا"، التي يراها العديد من الشباب يوميا، "إلى انتشار استخدام المنشطات، دون إدراك للمخاطر الصحية الجسيمة التي تترتب عليها". ورغم احتمال "تلف الكبد وأمراض القلب"، يستمر تعاطي المنشطات في الارتفاع، "لاستمرار المؤثرين في الترويج لمعايير يصعب تحقيقها"، حسب وايت، التي تحذر من أن الآثار النفسية لهذه المشكلة هي "مزيج مُدمر من القلق وانعدام الأمن، ودورة لا تنتهي من كراهية الذات ومعاقبتها". حلقة من النرجسية يصعب كسرها ففي الوقت الذي يُفترض أن تُلهم صور اللياقة البدنية والتمارين الرياضية المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي الآخرين لممارسة الرياضة، قد يكون لها تأثير عكسي بسبب "ما يُولّده السعي وراء الكمال، من حاجة نرجسية دائمة لتقييم صورة الجسد المثالية، لا يمكن إشباعها"، وفقا لبحث نشر عام 2022 أيضا. وقالت أوريليان داودي، الباحثة في علوم الرياضة بجامعة مالمو السويدية، والمشرفة على البحث، "رغم أن التعبير عن الذات بالكامل من خلال صورة الجسم أمر مستحيل في الواقع، تعتمد منصات التواصل الاجتماعي -وخصوصا التي تعتمد على الصور، مثل إنستغرام- على تكريس ثقافة تركز على الجسم الجذاب المُدرّب جيدا"، مما يشجع الشباب على الانغماس في نرجسيتهم وتنميتها، والدخول في "حلقة مفرغة" من تعويض مشاعر عدم الكفاءة المحبطة أمام الصور غير الواقعية، "يصعب كسرها". كيف تتفادى الآثار الضارة؟ تؤكد وايت أن ما سبق لا ينفي أن مجتمع اللياقة البدنية لا يخلو من المبدعين الذين يقدمون محتوى داعما وإيجابيا، "لكن الأصوات التي تروج للرسائل الضارة، غالبا ما تكون هي الأعلى صوتا والأسهل في الوصول، بما تقدمه من محتوى مقنع وجذاب ومتاح للكثيرين بشكل مثير للقلق"، وتوضح أن التغيير يبدأ من: التحلي بالوعي والإيجابية في رحلة تحسين وقبول الذات. التأكد من المحتوى الذي نستهلكه باستمرار. إدراك أن الصحة الحقيقية لن تتحقق بالحرمان والعقاب الشديدين. النظر لاستعادة اللياقة البدنية كفرصة للنمو والرفاهية. في النهاية، "يجب أن تُحسّن اللياقة البدنية حياتك، لا أن تُسيطر عليها" وفقا لخبير اللياقة البدنية ستيف لورن.