
أ. د. هاني الضمور : في زمن إعادة تشكيل العالم: من أقصى المدينة، من سيأتي يسعى؟
أخبارنا :
في مشهد قرآني عابر، يحمل اختصارًا بالغًا لفكرة جوهرية، يقول الله تعالى: «وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين» (يس: 20).
رجل بلا اسم، بلا نفوذ، بلا سند جماهيري، جاء من أقصى نقطة في المدينة لا من مركزها، لكنه كان يملك شيئًا واحدًا تغيّر به كل المعادلة: البصيرة، ثم القرار، ثم الفعل.
اليوم، ونحن نشهد إعادة تشكيل واسعة لنظام العالم، ونراقب في صمت كيف يُعاد ترتيب النفوذ والخرائط والتحالفات، يُطرح السؤال: أين هذا «الرجل» في واقعنا؟ من سيأتي يسعى لا لينضم إلى لعبة الأمم، بل ليوقف تيه الذات؟
العالم يتغيّر. الغرب لم يعد يرى في إسرائيل ذلك «الحليف الذهبي» الذي لا يُمس. لقد أصبحت عبئًا متزايدًا سياسيًا، وأخلاقيًا، واستراتيجيًا، مع اتساع جرائمها في فلسطين، وفشلها في فرض حسم أو تسوية.
الولايات المتحدة بدأت تدير ظهرها للمنطقة، ليس كليًا، ولكن برؤية مختلفة: مصالحها في آسيا، في التكنولوجيا، في التوازن مع الصين.
في المقابل، إيران العدو التاريخي تعود إلى طاولة السياسة الدولية. ليست حبًا بها، ولكن لأن الغرب لا يتحالف بقيم، بل بميزان القوة والبراغماتية. ووسط كل ذلك، تائهون نحن.
العرب في أغلبهم يراوحون بين محورين لا يصنعون أياً منهما. هذا المشهد المأزوم يعيدنا إلى تلك الآية، ليس كموعظة، بل كـ نداء سياسي–فكري حادّ. فذلك الرجل، الذي جاء من أقصى المدينة، لم يكن زعيمًا. لم يكن لديه حزب، ولا منصة. لكنه امتلك الوعي، فتحرك، وقال كلمته في وجه الصمت الجماعي.
تمامًا كما يجب أن يفعل العقل العربي اليوم، إن كان ما يزال حيًّا. ليست المشكلة اليوم في غياب المعلومات، بل في غياب الموقف. ليست المشكلة في ضعف الإمكانات، بل في الفراغ الأخلاقي والقراري.
الغرب يعيد ترتيب أوراقه بمنطق الكلفة والمصلحة.
إسرائيل تفقد مكانتها التاريخية الاستثنائية. إيران تدخل اللعبة من باب البراغماتية الغربية. والعرب في موقع الانتظار، كأن التاريخ لا يعنيهم. في مثل هذه اللحظة، يجب أن يظهر من يسعى. لا من يحمل السلاح، بل من يحمل الوعي والاستقلالية.
لا من يصرخ بالشعارات، بل من يسأل: ما مصلحتنا؟ ما خياراتنا؟ من يقرر نيابة عنا؟ وما البديل الحقيقي للارتهان؟
«يا قوم، اتبعوا المرسلين» ليست فقط دعوة للإيمان، بل هي دعوة للانحياز إلى الحق، إلى الرؤية، إلى الفكرة التي تُنقذ لا التي تُبرر. إنه نداء يتجاوز الدين والطائفة، ويتوجه إلى الضمير والعقل والسيادة الفكرية. في زمن الهيمنة، الحياد تواطؤ، والصمت شراكة، والانتظار انتحار سياسي.
ذلك الرجل في الآية لم يُمهَل. بحسب السرد القرآني، ربما قُتل. لكنه قال. سعى. كتب اسمه في سجل الوعي الإنساني.
وفي المقابل، سُجّلت المدينة في التاريخ على أنها صمتت، خانت، أو خافت. إننا اليوم في لحظة اختبار مشابهة، وإن اختلفت التفاصيل. الغرب يغيّر حلفاءه حين يشاء. التحالفات لا تبقى دائمة. العدو لا يُلعن إلى الأبد، والحليف لا يُحصّن إلى الأبد.
هذه هي قواعد العالم الجديد: من لا يبادر، يُعاد تشكيله. من لا يملك مشروعه، يُستَخدم في مشاريع غيره.
والسؤال العميق الآن ليس: من معنا ومن ضدنا؟
بل: أين نحن أصلًا من كل هذا؟ وهل بقي في المدينة من «يسعى»؟ المطلوب اليوم ليس مواقف انفعالية، ولا صفقات سياسية جزئية، بل موقف مركّب: عقلاني في فهم التحولات، رباني في بوصلته الأخلاقية، عملي في أدواته وأهدافه.
نحتاج لمن يعيد بناء الرؤية، لا لمن يناقش الاصطفاف.
نحتاج لصوت يربط بين المبادئ والمصالح، بين الوعي والسياسة، بين القيم والاستراتيجية. نحتاج إلى عودة الإنسان العربي إلى دوره الحضاري، لا كطرف عالق بين القوى، بل كفاعل يرسم حدوده ويقرر خياراته. تمامًا كما فعل الرجل الذي جاء من أقصى المدينة فعلها وحده. لكنه صنع أثرًا، بينما كانت المدينة كلها مجرد صدى لا صوت.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أكادير 24
منذ ساعة واحدة
- أكادير 24
عزيز أخنوش يؤكد من أكادير: المغرب يعيش ثورة اجتماعية ومؤشرات الاقتصاد إيجابية
agadir24 – أكادير24 أكد عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، خلال كلمة له في إطار الجولة التواصلية 'مسار الإنجازات' بأكادير، أن المغرب يعيش استقرارًا ومسيرة تنموية حقيقية في عالم يشهد اضطرابات وأزمات لا تنتهي، مشيرًا إلى أن هذه الدينامية هي ثمرة الرؤية الملكية المتبصرة والديبلوماسية الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله. وأوضح أن الحكومة تشتغل بجد ومسؤولية، وتحظى بدعم أغلبية منسجمة ومتماسكة، مشددًا على ضرورة التحلي بالصبر ومواصلة تنزيل المشاريع إلى آخر لحظة من عمر الحكومة، لأن المغاربة يدركون جيدًا من يفي بوعوده ومن يسعى فقط وراء 'البوز السياسي'. أخنوش عبّر عن سعادته بالحضور في هذا اللقاء الذي عرف مشاركة قياسية تجاوزت 5500 مناضلة ومناضل من حزب التجمع الوطني للأحرار، وبمشاركة كافة أعضاء المكتب السياسي، من ضمنهم تسعة وزراء. واعتبر أن جهة سوس ماسة تشكل محطة محورية في مسار الحزب، باعتبارها منطلقًا لمسارات الثقة والتنمية والإنجازات، واستحضر بداياته السياسية بجماعة تافراوت، ثم المجلس الإقليمي لتزنيت، فرئاسة الجهة، إلى أن تولى منصب وزير فرئيس للحكومة، ليقول مخاطبًا الحضور: 'أنا ولدكم، والتربية السياسية تلقيتها عندكم'. واستعرض رئيس الحكومة عددًا من المشاريع التي تم إطلاقها أو بلغت مراحلها الأخيرة بالجهة، من بينها المستشفى الجامعي بأكادير، وتأهيل المراكز الصحية، وإنشاء مدار سقوي جديد بتزنيت، ومشروع محطة شتوكة أيت باها، إلى جانب تأهيل البنيات التحتية في التعليم من خلال مدن المهن والكفاءات. كما أشار إلى الأشغال الجارية بمطار المسيرة الدولي الذي سيرتفع طاقته الاستيعابية إلى 2.7 مليون مسافر في أفق 2030، وتوسعة ملعب أكادير الذي سيحتضن كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030. أخنوش هنأ فريق أولمبيك الدشيرة على صعوده للقسم الأول من الدوري الاحترافي، كما هنأ فريق أمل تزنيت على صعوده إلى القسم الثاني، وحيّا التعاون القائم بين بلدية أكادير، ومجلس الجهة، وولاية جهة سوس ماسة، مؤكدا أن هذه الدينامية انعكست إيجابا على جاذبية المدينة ومشاريعها الكبرى. كما أبرز أن الرفع من ميزانية الجماعات بنسبة 20 % مكّن أكادير من تعبئة موارد مالية إضافية لتنفيذ برامج تنموية متعددة. على مستوى المؤشرات الاقتصادية، أكد أخنوش أن الحكومة استطاعت تقليص نسبة التضخم من 6.5 % إلى أقل من 1 % السنة الماضية، ويتوقع أن تظل في حدود 1.5 إلى 2 % خلال هذه السنة رغم الظرفية العالمية. كما تم تقليص عجز الميزانية من 7 % سنة 2021 إلى أقل من 3.9 % السنة الماضية، ومن المرتقب أن يبلغ 3.5 % هذه السنة، إضافة إلى تقليص نسبة المديونية من 72.2 % سنة 2020 إلى 67.7 % سنة 2024، مما يعكس قدرة الحكومة على خلق قيمة مضافة دون اللجوء المفرط إلى الاقتراض. واعتبر أخنوش أن كل هذه الأرقام تعكس توازنًا ماكرو اقتصاديًا واضحًا، واستدامة في تمويل البرامج العمومية الكبرى، وخصوصًا تلك المرتبطة بالدعم الاجتماعي والصحة والتعليم، مضيفًا أن ما تحقق ليس عمل شخص واحد بل مجهود جماعي، تُوج مؤخرًا بالمصادقة على مشروع قانون إحداث الوكالة الوطنية لحماية الطفولة، والذي سيسهم في إدماج الأطفال المشردين وحمايتهم. وأشار إلى أن تعميم التغطية الصحية، وتفعيل الدعم الاجتماعي المباشر، واعتماد قانون حماية الطفولة، يؤكد أن المغرب يعيش ثورة اجتماعية حقيقية، قائلاً إن هذه الرؤية الاجتماعية المتقدمة هي جوهر الدولة الاجتماعية التي ينادي بها جلالة الملك محمد السادس.


النهار نيوز
منذ ساعة واحدة
- النهار نيوز
الكاتب الصحفي محمد عاصم يكتب
** الإنسان ظل نفسه علي الأرض ، تقاس سيرة الإنسان علي الأرض بقدر العطاء النبيل ، والسيرة الحسنة صاحبة جمال المنال ، بقي حيًا في القلوب قدر مايترك الإرث الخالد ، مابين المنحة والمحنة ، منحة الوفاء بالعهد ، ومحنة الصراع من أجل الحق** رجال صدقوا ماعاهدوا الله ، وإحقاق الحق ، ووضع لبنة جميلة في مسيرة الحياة ، قول الحق حق لو كان مراً ، والباطل باطلاً ولوكان شهدا** فضيلة الشيخ عبد المجيد سليم ، إبن قرية ميت شهالة ، مركز الشهداء بمحافظة المنوفية " 1882- 1954"، له سيرة عطرة ، كان قاضياً شجاعاً ، تولي الحكم القضائي في قضية وقف كان ناظره فيها الملك فؤاد ملك مصر، وقد رفعت القضية عام 1946 وكان المدعي عليه الملك أحمد فؤاد يريد إدارة أملاك وقف في حوزته ، وقال الشيخ عبد المجيد سليم في منطوق الحكم القضائي : "إنه لا يجوز للملك أن ينظر وقفًا بشخصه ؛ لأنه صاحب وضع دستوري لا يجيز له القيام بأعمال مثل نظارة الوقف ، فهو يدير أملاكه بنفسه أو بأجهزته الخاصة الملكية ، أما كونه ناظرًا للوقف فهذا يجعله محل المساءلة إذا أخطأ ، والوقف تتعلق به حقوق خيرية كثيرة ، منها ما يصيب الأشخاص، ومنها ما يصيب الهيئات، وكل صاحب حق له وجهة نظره في قدر ما يؤدي إليه ريع الوقف ، فإذا وجد خطأ كان من واجبه أن يشير إليه وأن يقتضيه ، وهذا يجعل موقف الملك حرجًا، فإما أن تضيع حقوق الموقوف عليهم، وإما أن تضيع هيبة ولي الأمر" ، وأصدر القرار بعدم أحقية الملك في إدارة أملاك الوقف التابعه له** تولي الشيخ عبد المجيد سليم منصب مفتي الديار المصرية ، ورئاسة شيخ الأزهر الشريف ، له سيرة حسنة تنبض حتي الساعه بكل القيم النبيلة الجميلة ، لم يغريه المنصب في كلمة الحق قبل منتصف القرن العشرين ، حين قال كلمته الشهيرة في الأذان والمسامع حتي الآن منتقداً أعلي سلطة في مصر حينئذ ، حينما قال كلمته الشهيرة في تاريخ مصر الخالد قاصداً بها الملك فاروق بشخصه " تقتير وتقصير هنا .. وإسراف وتبذير هناك " ، حينما كان الملك فاروق – ملك مصر – يتزوج ويقضي شهر العسل في زواج الأميرة ناريمان في فرنسا ، في حفل راقص صاخب مجون ، يغلب عليه شرب الخمر والإسراف والتبذير في حفل صاخب خارج مصر، بينما كان يتم التضييق علي ميزانية الأزهر والتقشف في داخل مصر** كان فضيلة الشيخ عبد المجيد سليم – عليه رحمة الله - يتولي منصب مفتي الديار المصرية عام 1950 وجاءه سؤال يقول : ماحكم الشرع الحنيف في رجل يراقص النساء ، ويشرب الخمر ، ويرتكب أعمالاً يحرمها الإسلام ، السؤال واضح المعني والهدف ، رد فضيلة الشيخ عبد المجيد سليم " : هذه الافعال حرام ولاتجوز " ، أعتبرها القصر الملكي إسقاطاً مباشراً علي حفلات الملك فاروق ، وحفلات الملك فاروق ونزواته وشهواته خارج مصر، والتضييق علي مصاريف الأزهر في الداخل ، هناك من طلبوا منه التراجع عن الفتوي ، لكنه أصر عليها ، وضحي بمنصب مفتي الديار المصرية ، في سبيل بقاء كلمة الحق ، الإعتزاز بالمواقف الجميلة في تاريخ مصر** تولي فضيلة الشيخ عبد المجيد سليم منصب مفتي الديار المصرية بالإنتخاب " من 1929 – 1950 " ، وتم تجريده من هذا المنصب بقرار حكومي – بإيعاز من الملك بسبب فتواه ضد الملك فاروق ، تم الإلحاح علي الشيخ عبد المجيد سليم للعودة الي منصب المفتي لكنه رفض ، وتدخل الملك فاروق لإصلاح الحال والصلح مع الشيخ عبد المجيد سليم وتعيينه لمنصب شيخ الأزهر، وتم إقالته وتعيين الشيخ إبراهيم حمروش بدلاً منه ، ثم أعاده الملك في أكتوبر ١٩٥٠ ، لكنه تراجع واستقال من مشيخة الأزهر في سبتمبر ١٩٥١. ** فضيلة الشيخ عبد المجيد سليم هو عالم جليل المقام في مشيخة الأزهر لكنه أصر علي موقف الشجاع الجثور، ليكون خالد الذكر ، سيرة عطرة تمشي علي الأرض حسن الكلمة الطيبه ، ونبراسًا لرجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه.


المصري اليوم
منذ ساعة واحدة
- المصري اليوم
العندليب والسندريلا بطلا الحكاية.. محمود راتب يطرح أغنية «فيلم قديم» (فيديو)
طرح المطرب محمود راتب أغنية جديدة تحمل عنوان «فيلم قديم»، في ذكرى ميلاد العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ وذكرى رحيل السندريلا سعاد حسني، والتي توافق أمس 21 يونيو. أخبار متعلقة تتناول الأغنية قصة حب يصفها المطرب كما أنها قصة في «فيلم قديم»، وكأنه يشبه حليم وكأنها تشبه سعاد. الأغنية من كلمات خالد صلاح وألحان محمود راتب وتوزيع وليد ميمني، وإنتاج محمد شبانة «العندليب للانتاج الفني». كلمات أغنية «فيلم قديم» وتقول بعض كلمات الاغنية: وبحبك حب في فيلم قديم كانك أنتي سعاد حسني كأني حليم وبسأل نفسي مين تاني هيجي بعدك ارد مفيش وعشانك ممكن اتحمل وادوس في الصعب واجيلك عشان اكمل حياتي قوليلي ردك ايه تعالي نعيش بشوف صورتك اقول الله وانسى معاكي كل الـ اه وقلبي يقولي دي حبيبتي ودا الحلم اللي بتمناه وهقولك حاجة وحشاني هوا طيفك بيشغلني وانا مكاني تعالي في حضني يلا قوام كفاية عناد ملقنش زيك في الدنيا دا حبي ليكي ملك قلبي كده في ثانية هعيش وياكي في الجنة كفاية بعا وتعد هذه الأغنية هي الخامسة التي طرحها المطرب محمود راتب خلال الفترة الماضية، حيث سبق وطرح أغنية «إحساسي بيك»، والأغنية من كلمات وألحان محمود راتب وتوزيع وليد ميمني . كما طرح المطرب محمود راتب أغنية بعنوان 'قلبت بجد'، من كلمات مصطفى عبدالرحمن، وألحان محمود راتب، وتوزيع وليد ميمني، والتي تم تصويرها في بيروت، بتوقيع المخرجة اللبنانية رندلي قديح. يشار إلى أن أغنيته الأولى كانت بعنوان «كل العيون» كلمات تامر حسين وألحان محمد رحيم وتوزيع نور، وتم تصويرها تحت قيادة المخرجة نيهال نبيل. اقرأ أيضًا: