
من التصحر إلى الاستدامة البيئية .. المملكة تؤهل نصف مليون هكتار من أراضيها المتدهورة
وتولي المملكة ملف تأهيل الأراضي وحماية الغطاء النباتي اهتمامًا كبيرًا باعتباره جزءًا جوهريًا من التزاماتها البيئية، لا سيما في ظل رئاستها للدورة السادسة عشرة لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (COP16). ويُعد ذلك ركنًا أساسيًا من إستراتيجية المملكة لتحقيق مستهدفات مبادرتي "الشرق الأوسط الأخضر" و"السعودية الخضراء"، ضمن إطار "رؤية المملكة 2030".
ويقود هذه الجهود البرنامج الوطني للتشجير، الذي يتولى مسؤولية تنفيذ إستراتيجية وطنية شاملة للتشجير واستعادة الأراضي المتدهورة، إضافة إلى تنسيق تنفيذ المشاريع بين مختلف القطاعات والمناطق، وتقديم الدعم الفني والموارد اللازمة، وتطبيق أفضل الممارسات في مجال زراعة الأشجار والإدارة المستدامة للأراضي، مع مراقبة مؤشرات الأداء وتقدم العمل.
وقد أثمرت جهود البرنامج، بالتعاون مع مختلف الشركاء، عن إعادة تأهيل أكثر من 500 ألف هكتار من الأراضي المتدهورة في أنحاء متعددة من المملكة، باستخدام تقنيات متقدمة مثل نثر البذور بالطائرات دون طيار للوصول إلى المناطق الوعرة، واستزراع نباتات محلية تتناسب مع طبيعة المناخ والتربة لضمان الاستدامة البيئية، إلى جانب تطبيق أنظمة ري حديثة ومشاريع حصاد مياه الأمطار.
ولتحقيق هذا التقدم، استند البرنامج إلى دراسات علمية وبيئية شاملة لتطوير خطة رئيسية تعتمد على تحليل دقيق لتحديد المواقع المؤهلة للتشجير، من خلال مسوحات ميدانية غطت النطاقات البيئية والزراعية والحضرية وشبكات المواصلات، بما يعزز من فرص زيادة الغطاء النباتي على المستوى الوطني.
ولا يقتصر دور البرنامج على زراعة الأشجار، بل يتسع ليشمل استعادة النظم البيئية الطبيعية وتعزيز الحلول القائمة على الطبيعة. وتتضمن الخطة أهدافًا طموحة تشمل زراعة 10 مليارات شجرة وإعادة تأهيل 40 مليون هكتار على ثلاث مراحل، تبدأ بزراعة 215 مليون شجرة وتأهيل 2.5 مليون هكتار بحلول عام 2030.
ولتوحيد الجهود وتفعيل الحوكمة، تم اعتماد البرنامج الوطني للتشجير جهة إشرافية رئيسية على تنفيذ الخطة، مع التنسيق بين الجهات الحكومية والخاصة وغير الربحية، ودعم المجتمعات المحلية والمتطوعين، باعتبارهم شركاء فاعلين في حماية المناطق المستعادة وضمان استدامتها.
وتتنوع مشاريع التأهيل بحسب خصائص كل موقع ودرجة تدهوره، وتُنفذ وفق دراسات دقيقة لحالة التربة والغطاء النباتي، مع الاعتماد على تقنيات متقدمة مثل الطائرات دون طيار لنثر البذور وزراعة الشتلات الملائمة بعناية، مع مراقبة مستمرة لعمليات الري والتسميد.
ويركز البرنامج كذلك على مراحل متعددة تبدأ برصد المناطق المستهدفة وتحليلها ميدانيًا، مرورًا بتنظيم الرعي وحماية المواقع من التعديات، وصولًا إلى تنفيذ عمليات استزراع النباتات المحلية وتطبيق تقنيات حصاد المياه، بما يضمن تحقيق الأهداف المنشودة.
ويعتمد تحقيق هذه الأهداف على مجموعة من الممكنات تشمل وضع أطر تنظيمية داعمة، وتعزيز الابتكار في التنفيذ، وتطوير التقنيات، وتوفير إدارة متكاملة للموارد المائية، وبناء القدرات الوطنية على مختلف المستويات، إلى جانب إعداد خطط تنفيذية مدعومة بآليات لمتابعة الأداء وتقييم الأثر بشكل دوري.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 4 ساعات
- عكاظ
إستراتيجية دمج المخاطر
في المؤسسات الأكاديمية والتعليمية؛ لا يعد مفهوم إدارة المخاطر نشاطاً منفصلاً يمارس بمعزل عن سير العمل اليومي، بل يجب أن يدمج في مهام المدير وأعضاء الهيئة التعليمية. يتطلب ذلك تضمين تقييم درجة عدم اليقين في مراحل التخطيط والتنفيذ والتقييم اليومي، بما يعزز استمرارية الخدمات التعليمية وجودتها حتى في ظل المتغيرات المفاجئة. وفي هذا الإطار، قدم الخبير «أليكس سيدورينكو» (2 يونيو 2025) دراسة نقدية تحليلية لمبدأ (21) ضمن إطار (COSO)، موضحاً أن الاكتفاء بإنشاء وحدة مستقلة لإدارة المخاطر قد يؤدي إلى تحويل الموارد إلى أعمال ورقية لا ترتقي إلى مستوى دعم صنع القرار، كما أنه عند عزل معلومات قسم المخاطر عن الواقع العملي ينشأ وهمٌ زائف لدى المديرين التنفيذيين بأن الأمور تحت السيطرة، في حين يغيب التفكير الفعلي في المخاطر والاستعداد لها. وهنا يبرز أن عدم اليقين يحدث في البيئة التعليمية عندما تفتقر المؤسسة إلى بيانات كافية للتنبؤ بنتائج السياسات التربوية، أو لتقدير تأثير التحولات التقنية والاجتماعية في مسار العملية التعليمية. ومن أمثلة ذلك تغيّرٌ مفاجئ في سياسات وزارة التعليم أو معايير الاعتماد الأكاديمي، أو انقطاع الخدمات التقنية أو ضعف البنية التحتية الرقمية دون إنذار مسبق، أو حتى ظهور أزمة صحية أو مخاطر طبيعية تستدعي تعليق الدراسة الحضورية. لذلك ينبغي وضع آلية رصد مستمر للمؤشرات الأولية وتنبيه المسؤول إلى أي تغيير طارئ يؤثر في استقرار العملية التعليمية، ويتحقق ذلك من خلال إجراءات تطبيقية تتضمن: أولاً: دمج إدارة المخاطر وعدم اليقين في الخطط السنوية والفصلية. ثانياً: تحويل ثقافة المؤسسة إلى نهج تحسين مستمر. ثالثاً: وضع سيناريوهات بديلة لكل خدمة تعليمية مقدمة. رابعاً: مشاركة المسؤوليات على جميع المستويات من المدير إلى المعلم في الصف. خامساً: توجه إدارة المخاطر المؤسسية جهودها لتكون قريبة لكل مسؤول وموظف أو مدرسة. إن إدارة المخاطر وتقييم درجة عدم اليقين لا تؤجلان إلى لحظة الحاجة، بل هي نهج عمل يومي يطبقهما المسؤول الأول وكافة المعنيين داخل المؤسسة التعليمية. أخبار ذات صلة


الرياض
منذ 10 ساعات
- الرياض
الغباء الاصطناعي
في لحظة فارقة من مسيرة الإنسان عبر التاريخ، وجد نفسه أمام تحدٍ جديد لا ينبع من الطبيعة، ولا من الصراعات السياسية، بل من تلك المساحة الرمادية التي تفصل بين العقل والآلة، عصر يُعرف باسم "عصر الذكاء الاصطناعي"، لكنه في أوجه عديدة قد يتحول إلى ما يمكن تسميته "عصر الغباء الاصطناعي". وهنا تبرز مفارقة تستحق التأمل العميق، إذ نثقل على الآلة أعباء تفوق طاقتها، ونتوقع منها أداء أدوار تتجاوز ما صنعت لأجله، فالآلة قد تتفوق في التنظيم، والتكرار، وحفظ البيانات، والتعلم الآلي، لكنها تظل أسيرة منطق رقمي محدود، يفتقر إلى الرحمة، ويعجز عن إدراك الحيرة، ولا يملك إحساسًا بالخسارة. لا يمكننا الحديث عن الذكاء بمنطق الآلة فقط، دون أن نستحضر أبعاده الأخلاقية والإنسانية، فليس الذكاء مجرد قدرة على الحساب، ولا اختزالًا في الوصول إلى إجابة صحيحة. الذكاء في جوهره، هو ذلك الحسّ الذي يُدرك الفارق بين ما يُقال وما يُقصد، ويعي أن بعض الأسئلة لا تحتاج إلى ردّ، بقدر ما تحتاج إلى صمتٍ يفهم، وأن بعض القرارات لا تُؤخذ بالحساب وحده، بل تُوزَن بالقلب والبصيرة. وهنا تحديدًا تتوقف الآلة، عاجزةً عن عبور تلك المنطقة التي يسكنها الإنسان فقط. الأنظمة الذكية اليوم تُستخدم في إدارة ملفات شديدة الحساسية: التوظيف، التعليم، الأمن، العدالة، بل والعلاقات الاجتماعية. لكنها، بكل ما تملكه من قدرة حسابية، تقف عاجزة أمام لحظة إنسانية بسيطة، كتعبير وجه فيه حزنٌ دفين، أو قرار شخصي ينطوي على تضحية. حين نُحمل الآلة مسؤوليات أخلاقية، فإننا لا نغامر بوظائف الأفراد فحسب، بل نُقحم جوهر الإنسان ذاته في دائرة الخطر، فالذكاء الاصطناعي، حين يتحول من وسيلة مساعدة إلى أداة تقرير، يفرض وصايته الناعمة دون أن نشعر. هو من يُرشّح لنا ما نقرأ، ويقترح علينا من نُصادق، ويؤثر على قراراتنا اليومية بتلقائية خفية، ومع الوقت يتسلل من هامش الاستخدام إلى صميم الاختيار، حتى لا يعود دور الإنسان في كثير من الأحيان إلا تنفيذ ما توحي به الخوارزمية. والأخطر من ذلك أن هذه الوصاية لا تخضع لأي مساءلة أو محاسبة. حين ترتكب الآلة خطأً، لا يُساءل أحد، وتُغلق القضايا بمبررات تقنية مثل "خطأ في الخوارزمية" أو "خلل برمجي". تُطوى الملفات ويُدفن السؤال الحقيقي عن موقع الإنسان في هذا المشهد، وتغيب الرقابة على حدود هذه السلطة الرقمية، كما تغيب مراجعة آليات اتخاذ القرار وتقييم جدارة هذه الأنظمة في التحكم بتفاصيل حياتنا اليومية. لقد مررنا جميعا، ولو لمرة واحدة، بتجربة الغباء الاصطناعي، تسأل المساعد الرقمي عن أمرٍ مهم، فيأتيك الرد بعيدًا كل البعد عن السياق، أو تطلب مشورة إنسانية فتلقاه اقتراحا آليا يميل إلى السذاجة، ليس العيب في النظام نفسه، بل في طبيعته التي لا تُعنى بفهم التفاصيل الدقيقة، ولا تملك القدرة على استيعاب التلميحات أو التقاط نبض الروح الإنسانية. وهنا تكمن الحاجة الماسة إلى التمييز بين التقدم التكنولوجي الواعد، وبين تسليم عقولنا بلا رقابة للآلات، فالتطور أمر لا مفر منه، ويجب أن نكون جزءا منه، نسهم في تحسينه وتوجيهه لخدمة الإنسان ورفع جودة حياته. ولكن التسليم التام، دون ضوابط أو مراجعات أخلاقية، يفتح الباب أمام سوء استخدام هذه التقنيات، وربما يحولها إلى تهديد حقيقي للقيم والمبادئ الإنسانية التي نعتز بها. ما نحتاج إليه اليوم ليس مجرد زيادة في سرعة الأداء أو توسيع القدرة الحسابية، بل هو البصيرة والوعي العميق، نحن بحاجة إلى إضافة البعد الإنساني على الذكاء الاصطناعي، وتوجيه هذه التكنولوجيا لتكون عونًا للإنسان، تساعده في الحفاظ على جوهره الإنساني، لا أن تحل محله أو تنزعه منه. في منعطف دقيق من الزمن، تصبح مواجهة هذه الحقيقة أمرا ضروريا، فالتقدم ليس دومًا في اتجاه واحد، بل في بعض الأحيان يكون التقدم الحقيقي هو التوقف للحظة، والتأمل العميق في الطريق الذي نسير عليه. عمرو أبوالعطا


الرياض
منذ 10 ساعات
- الرياض
«الجيولوجية السعودية» تنظّم ورشة «الذكاء الاصطناعي»
نظّمت هيئة المساحة الجيولوجية السعودية بمقر الهيئة في جدة، ورشة عمل متخصصة في التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي بعنوان: "قيادة التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي"، وذلك بالتعاون مع شركة TITCO المتخصصة في الاستشارات التقنية. وتناولت الورشة محاور إستراتيجية ركّزت على دور القادة في تسريع التحول الرقمي، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في علوم الأرض، وخارطة الطريق لرفع الجاهزية الرقمية، وأهمية بناء القدرات المؤسسية في العصر الرقمي. وشهدت الورشة تفاعلًا ملحوظًا من الحضور، إذ أسهمت في فتح آفاق جديدة لتبني التقنيات الحديثة في مختلف إدارات الهيئة، بما يُعزز كفاءة الأعمال الجيولوجية وتوسيع نطاق الاستكشافات والدراسات.