
لبنان في مواجهة 3 سيناريوات للحرب
كتب أنطوان فرح في 'نداء الوطن':
يصعب تقدير حجم ونوعية الخسائر التي قد يتعرّض لها لبنان جراء تداعيات وشظايا الحرب الإسرائيلية الإيرانية المفتوحة. ومن البديهي، أن الرؤية الواضحة للانعكاسات، ترتبط بعوامل متنوعة، أهمها العناصر التالية:
أولاً- الفترة التي قد تستغرقها المواجهات.
ثانياً- نوعية الأهداف التي سيتم ضربها في الجانبين الإيراني والإسرائيلي.
ثالثاً- الخطوات التي قد يتخذها طرفا النزاع (إغلاق مضيق هرمز على سبيل المثال).
رابعاً- احتمال دخول دول وجهات أخرى في المواجهات، مثل الولايات المتحدة، أو حتى لبنان عبر تدخّل «حزب الله».
لكن ما هو مؤكّد حتى هذه اللحظة، وقبل استشراف المراحل المقبلة من النزاع، أن لبنان فقد قسماً من إيرادات سياحية كان يأمل الحصول عليها هذا الصيف. ولكن الجزم بأن الموسم ضُرب بالكامل، فيه الكثير من التسرّع في قراءة النتائج. لأن الحديث عن هذه النتيجة يتطلب أن تمتد المواجهات العسكرية إلى ما بعد نهاية حزيران الجاري. وهذا الأمر ليس مؤكداً، ولو أن التحليلات القائمة حالياً ترجّح هذه الفرضية.
في كل الأحوال، هناك ثلاثة سيناريوات يمكن أخذها في الاعتبار لرسم مشهدية مُبكرة للانعكاسات الاقتصادية على لبنان.
أولاً- سيناريو (A)، أن تنجح الوساطات الدولية في وقف سريع للمواجهات العسكرية، وتعود إيران إلى طاولة المفاوضات النووية، وترتفع الآمال بالوصول إلى اتفاق نووي سريع يسحب فتيل التوترات في المنطقة، ويساهم في الداخل في حسم ملف حصرية السلاح في يد الدولة اللبنانية.
ثانياً- سيناريو (B) أن يطول أمد الحرب، (إلى ما بعد حزيران) ويرتفع منسوب التدمير المتبادل، بهدف مواصلة الضغط على إيران لإجبارها على العودة إلى طاولة المفاوضات، والانصياع للشروط الأميركية.
ثالثاً- سيناريو (C) تمتد نيران الحرب إلى دول أخرى، وتعمد ايران إلى ضرب أهداف نفطية في دول عربية تتواجد فيها قواعد عسكرية اميركية، أو تعمد إلى اغلاق مضيق هرمز، وتقطع إمدادات النفط الخليجي عن العالم.
في السيناريو المتفائل (A)، لن تكون الخسائر الاقتصادية في لبنان ذات شأن. وحتى الموسم السياحي الصيفي يمكن إنقاذه جزئياً، لا سيما في القسم المتعلق بقدوم اللبنانيين المقيمين في الخارج، على الأقل، وبعض من السياح. وسيكون الأمل بالغد أفضل مما هو عليه اليوم. وبالتالي، لن يكون البلد خاسراً، في هذه الحالة.
في السيناريو «المتشائل» (B)، سيخسر لبنان الموسم السياحي بأكمله، وسيفقد حوالى 4 إلى 5 مليارات دولار كان مقدّراً أن تدخل إلى البلد وتساهم في سد عجز ميزان المدفوعات. وسيكون هناك تأخير في مشاريع المفاوضات مع صندوق النقد، وتأخير مسار إقرار القوانين، وفي مقدمها قانون الفجوة المالية الذي يُفترض أن يكون العمل عليه قطع شوطاً كبيراً اليوم، من قبل مصرف لبنان، قبيل تقديمه إلى الحكومة، لصوغ مشروع قانون تناقشه وتحوله إلى المجلس النيابي.
في السيناريو الأسود المتشائم، (C)، ستمتد نيران الحرب إلى دول أخرى. وسيتم إغلاق مضيق هرمز، ويتعرّض أمن الطاقة العالمي إلى أزمة، وسيكون لبنان في وضع معقّد، لجهة تأمين المواد الاستراتيجية لأمنه القومي والاجتماعي (نفط، قمح، أغذية، دواء…) إما بسبب انقطاع بعض السلع بسبب ضرب سلسلة الإمداد، أو بسبب ارتفاع أسعار تلك السلع، بحيث ستصبح عصيّة على قدرات اللبنانيين الشرائية.
وفي مثل هذا الوضع، لا يمكن ضمان أي وضعٍ ثابت، بما فيه سعر صرف الدولار… أما في حال تدخّل «حزب الله» في مساندة إيران، عندها سنكون أمام مشهد أشدّ قساوة.
بانتظار، أي من هذه السناريوات سيتحقق، لا بد للحكومة أن تبحث في اجتماعها اليوم، سلسلة إجراءات طارئة، تحضيراً لأسوأ السيناريوات. وبعد ذلك، لن يكون أمامنا سوى الصلاة والتمنيات.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار
منذ 33 دقائق
- النهار
صباح "النهار": استنفار لبناني والحرب على إيران تعبث بالمنطقة... هل تغتال إسرائيل خامنئي؟
1- مانشيت "النهار": استنفار لبناني غير معلن لمنع الانزلاق... قلق فرنسي وباراك يحمل رسالة حازمة بعد ثلاثة أيام من اندلاع الحرب الإسرائيلية – الإيرانية، بدا لبنان أسوة بدول المحيط وربما أكثر منها جميعاً في وضع شديد الترقب والحذر، الأمر الذي ترجمته إجراءات وخطوات أمنية وعسكرية نفذها الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية أشبه ما تكون استنفاراً غير معلن تحسباً لأي اختراقات من شأنها أن تورط لبنان في تداعيات الحرب. وإذا كانت الأيام المنصرمة وفّرت عاملاً مشجعاً على التزام "حزب الله" عدم التورط والانزلاق في مغامرة خطيرة جديدة من شأنها استدراج رد إسرائيلي واسع ومدمّر مجدداً على لبنان، فإن الوقائع المتصلة بلبنان في عز تصاعد المواجهة التي تحولت حرباً مفتوحة يصعب التكهّن بإطارها الزمني كما بنتائجها الاستراتيجية، وتشير إلى أن لبنان صار الآن من الزاوية الأمنية العسكرية الداخلية كما من منظار ديبلوماسي خارجي تحت اختبار صارم للنأي بنفسه عن منزلقات هذه الحرب بأي شكل من الأشكال الميدانية، بما يبقي باب الترقب الحذر مفتوحاً على الغارب. للمزيد اضغط هنا. 2-بالفيديو- تُزوّد أوروبا بالنفط... إيران تستهدف مصفاة حيفا للطاقة بصواريخ باليستية في هجوم واسع النطاق فجر اليوم الاثنين على إسرائيل، أطلقت إيران ما لا يقل عن 100 صاروخ على مدينتَي تل أبيب وحيفا، استهدفت بعضها محطة للطاقة قُرب ميناء حيفا. وأعلنت شركة أمبري البريطانية للأمن البحري أنّه تم رصد حرائق عند محطة للطاقة قرب ميناء حيفا في إسرائيل بعد هجوم إيراني بالصواريخ الباليستية على البنية التحتية للميناء. للمزيد اضغط هنا. 3- صاروخ إيراني يدمّر ملاجئ في إسرائيل... وأضرار كبيرة (صور) ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية اليوم الإثنين أن صاروخاً إيرانياً تسبّب في تدمير ملاجئ في بتاح تكفا وسط إسرائيل. ولفتت إلى أن "الجبهة الداخلية تحقّق في حادث خطير وقع داخل غرفة محصّنة" في المنطقة. للمزيد اضغط هنا. 4- خوف من التطوّرات... خليجيون غادروا لبنان واستئجار بيوت خارج الضاحية! عُلم أنّ أعداداً من الخليجيين غادروا منازلهم في بعض قرى وبلدات الجبل، برّاً إلى سوريا وعبر الأردن بعد توقّف شركات طيران من التوجه الى بيروت، فيما شهدت قرى وبلدات كثيرة إقبالاً كبيراً على طلب البيوت من قبل بعض العائلات في الضاحية الجنوبية، خوفاً من أي تطورات مرتقبة. للمزيد اضغط هنا. 5- الذهب عند أع لى مستوى في شهرين مع تصاعد الحرب بالشرق الأوسط... كم بلغ؟ ارتفعت أسعار الذهب اليوم الاثنين لتقترب من أعلى مستوياتها في شهرين في ظل لجوء المستثمرين للملاذات الآمنة بعد أن أثار تصاعد الهجمات بين إسرائيل وإيران المخاوف من نشوب صراع إقليمي أوسع نطاقاً. زاد الذهب في المعاملات الفورية 0.4 بالمئة إلى 3447.07 دولار للأونصة (الأوقية) بحلول الساعة 0021 بتوقيت غرينتش بعد أن بلغ أعلى مستوياته منذ 22 نيسان / أبريل في وقت سابق من الجلسة. للمزيد اضغط هنا. اخترنا لكم من مقالات "النهار" لهذا اليوم: كتب نبيل بومنصف: نحن السابقون... كفى انتحاراً؟ بالمعنى الحرفي، حربياً ورمزياً، باتت الأيام الثلاثة المنصرمة من الحرب الإسرائيلية – الإيرانية تشكل النسخة المكبّرة الثانية عن الطبعة الأولى من حرب التصفية التي تولتها إسرائيل ضد "حزب الله" على كل المستويات القيادية والكوادر والعناصر متزامنة مع الحرب التدميرية الواسعة. للمزيد اضغط هنا. وكتب إبراهيم حيدر: حرب إسرائيل على إيران تعبث بالمنطقة... أخطار على لبنان و"حزب الله" مقيّد؟ بدأت الحرب الإسرئيلية- الإيرانية تتخذ أبعاداً أخرى وتنذر بمواجهة مفتوحة في المنطقة. فقبل أكثر من سنة، لم يكن بمقدور إسرائيل تنفيذ ضربات مثل هجومها الذي طال كل البنية الإيرانية وعصب النظام. ذلك أن إيران عند طوفان الأقصى كانت لديها مساحات سيطرة وأذرع وتقود محورا يمكنه إشغال إسرائيل والقتال ضدها، وهي تضع سيناريواتها المتقدمة دفاعاً عن برنامجها النووي. اليوم ومع الحرب الإسرائيلية تقاتل إيران بعدما وصل الأمر إلى بيتها، إذ بات النظام نفسه مهدداً ويدافع عن وجوده. للمزيد اضغط هنا. وكتب جاد فياض: هل تغتال إسرائيل خامنئي ويسقط النظام الإيراني؟ يتصدّر السؤال عن احتمالات تغيير النظام الإيراني واغتيال المرشد الأعلى علي خامنئي الاهتمامات؛ فهل تُفضي العملية الإسرائيلية التاريخية إلى تغيير واقع إيران السياسي؟ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ألمح إلى هذه القضية، ووعد الإيرانيين بـ"تحقيق حريتهم"، في حين اعتبر مسؤول إسرائيلي خلال حديثه لـ"وول ستريت جورنال" أن اغتيال خامنئي "ليس خارج حدود" إسرائيل. للمزيد اضغط هنا. دخان الغارات الإسرائيلية يتصاعد في إيران (أ ف ب). وكتب حسين جرادي: السفير الفلسطيني في الأمم المتحدة لـ"النهار": إسرائيل تُفجّر المنطقة لمنع أيّ أفق لحلّ الدولتين حثّ السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور الدول التي كانت تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين خلال مؤتمر حلّ الدولتين الذي تم تأجيله بسبب الحرب الإسرائيلية - الإيرانية، على القيام بهذه الخطوة بصرف النظر عن التأجيل. وأمل منصور خلال حديث لـ"النهار" في أن لا تؤثر الحرب الجارية على جهود الدفع بمسار حلّ الدولتين، محمّلاً "القيادة المتطرفة" في إسرائيل مسؤولية إجهاض أي مسعى نحو أفق سياسي للحلّ، عبر "تفجير المنطقة". للمزيد اضغط هنا. وكتب يوسف بدر: نتنياهو وخطاب المُخَلِّص إسرائيل لا يمكن اختزالها في شخص بنيامين نتنياهو وكذلك إيران لا تنحصر في علي خامنئي، فإن كان كلاهما يسعى لاجتثاث الآخر، فإن هذا لن ينهي مآسي منطقتنا بسقوط إيران، بل بتحقيق التوازن أولاً، وهو ما ترجمه الشاه الإيراني محمد رضا الذي ساند الرئيس المصري، السادات، في حربه مع إسرائيل عام 1973، رغم العلاقة القويّة التي كانت تجمع طهران بتل أبيب آنذاك! للمزيد اضغط هنا. قصف صاروخي (أ ف ب). وكتب حسن المصطفى: "رابطة العالم الإسلامي"... أبعدُ من مجرد إدانة للهجمات الإسرائيلية! الضربة العسكرية الإسرائيلية تجاه إيران كانت محل شجبِ "رابطة العالم الإسلامي"، التي أصدرت بياناً يوم 13حزيران/ يونيو الجاري، أدانت فيه "الاعتداءات الإسرائيلية على الجمهورية الإسلامية الإيرانية"، وفق "البيان" الذي أشارت فيه "إلى خطورة انتهاك سيادة الدول والقانون الدولي وتداعيات ذلك على السلم والأمن الدوليين". للمزيد اضغط هنا.


تيار اورغ
منذ 2 ساعات
- تيار اورغ
«الأسد الصاعد»: مواجهة إيران تمهيداً للصدام المحتوم مع الصين
د. إسحاق أندكيان - بعد انطلاق عملية «الأسد الصاعد» الإسرائيلية ضدّ إيران صباح الجمعة، بات من الواضح أنّ الصراع الصيني-الأميركي بات على قاب قوسَين أو أدنى. واعتمدت الولايات المتحدة الأميركية سياسة قطع أذرع إيران (الأخطبوط الصغير) تمهيداً لقطع أذرع الصين (الأخطبوط الكبير). فنتنياهو يحذّر من البرنامج النووي الإيراني وقدرة الأخيرة على امتلاك السلاح النووي منذ العام 2012، عندما ألقى خطابه الشهير في الهيئة العامة للأمم المتّحدة، ورسم خطّاً أحمر على صورة القنبلة التي أبرزها خلال الاجتماع عند حدّ تخصيب اليورانيوم بنسبة 90%، واعتبر أنّه لا يجوز لإيران تجاوزها، لأنّها النسبة التي تتيح لأي دولة إنتاج سلاح نوويّ. هذا الكابوس المسمّى "برنامج إيران النووي" شكّل المدماك الأساس للأمن القومي الإسرائيلي، إذ سعت إسرائيل إلى تعطيله أو تأجيل مفاعيله من خلال خطوات عدة منها اغتيال العلماء النوويِّين الإيرانيِّين، الهجوم السيبراني على المحطات النووية الإيرانية، حثّ الولايات المتحدة الأميركية على فرض عقوبات إقتصادية تعوق المسار الإيراني للإستحواذ على قدرة إنتاج السلاح النووي، ومعارضة الإتفاق النووي بين أميركا وإيران (خطة العمل الشاملة المشتركة) أيام الرئيس أوباما، بعدما وصفه بـ"خطأ تاريخي"، وصولاً إلى حدّ إعطاء الضوء الأخضر للموساد لشنّ عملية استخباراتية معقّدة عام 2018، قضت بتسلّل عملاء إلى مستودع سرّي في منطقة كهريزك في جنوب طهران، وسرقة 100 ألف وثيقة، بما في ذلك السجلّات الورقية وملفات الكمبيوتر، التي توثق عمل الأسلحة النووية في مشروع AMAD الإيراني بين عامَي 1999 و2003. إذاً، شكّل ملف البرنامج النووي الإيراني حالة قلق شديد لدى إسرائيل، لدرجة اعتباره خطراً وجودياً على الكيان الإسرائيلي وَجبَ القضاء عليه، كما فعلت إسرائيل سابقاً مع المفاعل النووي قَيد الإنشاء في العراق عام 1981 والمفاعل النووي السوري قَيد الإنشاء في الكِبَر - دير الزور عام 2007.عاشت إسرائيل هاجس استحواذ إيران على إمكانية إنتاج السلاح النووي، وتحيّنت الفرصة للإنقضاض على المشروع النووي الإيراني، إلى أن وقعت أحداث 7 تشرين الأول 2023.فأحداث 7 تشرين الأول 2023 في غزة أفاقت المارد من القمقم. وتدخُّل وكلاء إيران في المنطقة لإسناد غزة جعل منهم أهدافاً استراتيجية لإسرائيل وأميركا، فسعت كلّ منهما إلى قطع أذرع الأخطبوط الإيراني لتسهّل هذه العملية السيطرة على رأس الأخطبوط. بالتالي، شكّلت عملية "البيجر" الخطوة الأولى تجاه قطع الذراع الإيرانية الأقوى في الشرق الأوسط، واستتبعتها بعمليات اغتيالات لأمينَين عامَّين وقادة "حزب الله" كخطوات عمليّة لإضعاف الدور العسكري والتخفيف من الخطر الأمني لـ"محور المقاومة" على إسرائيل. أمّا محاولة قطع الذراع الثانية والثالثة للأخطبوط الإيراني، فتمثّلت بالحرب على الحوثيِّين في اليمن والحرب على الحشد الشعبي والميليشيات الشيعية العراقية الموالية لإيران على التوالي. طبعاً، قطع الأذرع الإيرانية الـ 4 ("حماس" في غزة، "حزب الله" في لبنان، الحوثيّون في اليمن، والحشد الشعبي في العراق)، مهّد الطريق للوصول إلى جسم ورأس الأخطبوط الإيراني، لأنّ الأخيرة فقدت أدوات الردع. وما سرّع الهجوم الإسرائيلي المباغت هو وصول المفاوضات الأميركية-الإيرانية حول الملف النووي الإيراني إلى حائط مسدود، على رغم من أنّ الأنظار كانت شاخصة لما ستؤول إليه مباحثات، أمس الأحد بين الطرفَين في سلطنة عمان.وأعطى الرئيس ترامب تلميحات عن قرب حدوث شيء ما، ليَكسر الجمود في المفاوضات النووية، عندما عبّر عن استيائه من طريقة سَير المفاوضات، واستتبعها بمواقف سلبية من المفاوضات تشير إلى تشكيكه بالتوصّل إلى اتفاق مع إيران في وقت قريب. عادةً ما تستخدم الولايات المتحدة سياسة العصا والجزرة في سياساتها الخارجية المتعلّقة بأمنها القومي، فتلوّح بالعصا لخصمها لتدفعه بقبول شروطها، لأنّ رفض القبول سيقابله عقاب وخيم من ناحية، ومن ناحية أخرى تلوّح بالجزرة أي بالمنافع التي سيتمتّع بها الخصم لو قبل بالشروط الأميركية. لكن بالعودة إلى عملية "الأسد الصاعد"، يبدو جلياً أنّ الولايات المتحدة استخدمت سياسية العصا والعصا، بمعنى أنّها أعطت إيران خيارين لا ثالث لهما وأحلاهما مرّ، لأنّها لو قبلت بالشروط الأميركية للاتفاق النووي فذلك لن يكون لمصلحة إيران من وجهة نظر الأخيرة، أمّا لو أنّها لم تقبل الشروط فتنتظرها ضربة قوية بالعصا الأميركية، أي إسرائيل، كما حصل من خلال عملية "الأسد الصاعد". بالنسبة إلى الرئيس ترامب، تشكّل عملية "الأسد الصاعد" ورقة ضغط قوية على إيران لإجبارها على تقديم تنازلات في المفاوضات والقبول بالشروط الأميركية، لأنّ البديل هو المزيد من العصي. هذا الموقف بدا جلياً عندما صرّح الرئيس ترامب يوم الجمعة بُعَيدَ بدء عملية "الأسد الصاعد"، أنّه اطّلع على الهجمات مسبقاً، وأنّ الولايات المتحدة ليست متورّطة عسكرياً، وأمِلَ أن تعود إيران إلى طاولة المفاوضات. تصريح الرئيس ترامب يحاول إبعاد أميركا عن عَين العاصفة وحصر مسؤولية العملية بإسرائيل. فكما لإيران وكلاء أو أذرع، كذلك لأميركا "حلفاء" في المنطقة، مع فارق واضح أنّ إيران تخلّت عن أذرعها وتبرّت منهم عندما كانوا بحاجة إلى دعمها، في حين أنّ أميركا دعمت حليفتها (التي يعتبرها كثيرون من ساسة أميركا بمثابة الولاية الأميركية الـ51) بتأمين الأسلحة والذخائر والدعم المادي والعسكري والاستخباراتي، واتخاذ خطوات عسكرية وأمنية وديبلوماسية إحترازية، في حال قرّرت إيران الردّ عسكرياً على إسرائيل. إذاً، تريد الولايات المتحدة أن تُنهي مسألة الملف النووي الإيراني، والتهديد الذي يفرضه على مستقبل الأمن القومي الإسرائيلي، لتتفضّى لمواجهة الصين والنموّ الاقتصادي المتصاعد للأخيرة، إذ بات يشكّل تهديداً مباشراً للمكانة الأميركية كقطب سياسي وأمني وإقتصادي أوحد في العالم. فالصين باتت تحتلّ المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة للناتج المحلي الإجمالي، والمرتبة الأولى بتعادل القدرة الشرائية (PPP)، وتُعتبَر أكبر مصدّر صناعي في العالم. كما باتت تتفوّق في عدّة مجالات على الولايات المتحدة، منها على سبيل المثال لا الحصر الطاقة النظيفة، إنتاج الرقائق الإلكترونية، إنتاج السيارات الكهربائية والذكاء الإصطناعي، التي تشكّل بمجملها وسائل ومجالات للحروب غير النظامية (irregular warfare) بينهما. هذا بالإضافة إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية التي تشبه حبل المشنقة الملتفّ حول العنق الاقتصادي لأميركا. إذا ما عدنا للتاريخ، نجد أنّ الحرب البيلوبونيسية (Peloponnesian War) بين أثينا وإسبرطة كانت حتمية، وقد وقعت بالفعل بسبب "نمو القوة الأثينية والخوف الذي أحدثه ذلك في إسبرطة". كذلك الأمر في أوروبا الوسطى، كان هناك خوف ألماني من أن يؤدّي تفكّك إمبراطورية هابسبورغ إلى تعزيز هائل للقوة الروسية - قوة أصبحت بالفعل هائلة - فوضعت الصناعات والسكك الحديد المموّلة من فرنسا، القوى العاملة الروسية في خدمة آلتها العسكرية. وفي أوروبا الغربية، كان هناك خوف بريطاني تقليدي من أن تُرسي ألمانيا هيمنة على أوروبا، التي - حتى أكثر من هيمنة نابليون - ستُعرّض أمن بريطانيا وممتلكاتها إلى الخطر، وهو خوف غذّاه إدراك وجود تصميم واسع النطاق داخل ألمانيا على تحقيق مكانة عالمية. بالعودة إلى التوترات بين الصين والولايات المتحدة، نجد أنّ النمو الاقتصادي الصاروخي للصين، وتفوّقها في مجالات عدة متعلّقة بالحروب غير النظامية، يُثير الريبة والخوف لدى الأميركيّين بحتمية الصدام بينهما. هذا بالإضافة إلى ما يروّج له بعض المفكّرين السياسيّين والفلاسفة الأميركيّين كجون مرشهايمر، حول حتمية التصادم الصيني الأميركي إنطلاقاً من نظرية الواقعية الهجومية (Offensive Realism)، ومفادها أنّ النظام الدولي لا يسمح بنهوض قوة عظمى من دون صدام مع القوة المهيمنة. وغراهام أليسون الذي طرح مفهوم "مصيدة ثيوسيديديس" بالإستناد على الحرب البيلوبونيسية التي ذكرتها أعلاه، وروبرت كابلان. إذاً، ما ورد أعلاه يتقاطع مع ما أعلنه الرئيس الصيني في مناسبات عدة من جهوزية الجيش الشعبي الصيني لغزو جزيرة تايوان بحلول عام 2027، أي عمليّاً بعد قرابة عامَين. فهل تشكّل عمليّة "الأسد الصاعد" ترتيباً للأوراق الأميركية في الشرق الأوسط من خلال "إنهاء" التهديد النووي الإيراني لإسرائيل وتمهيداً للتحضير لمواجهة الصين التي تبدو حتمية في عام 2027؟

القناة الثالثة والعشرون
منذ 2 ساعات
- القناة الثالثة والعشرون
إغلاق مضيق هرمز: ضربة لآسيا ومكاسب لشركات الطاقة الأميركية
عاد إلى الواجهة من جديد احتمال لجوء طهران إلى إغلاق مضيق هرمز، أحد أهم الممرات الحيوية في منظومة الطاقة العالمية، مع تصاعد الهجمات الإسرائيلية على إيران منذ فجر الجمعة الماضية، واستهداف منشآت للطاقة الإيرانية قرب الخليج العربي للمرة الأولى. وزاد من حدة هذه المخاوف إعلان عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، إسماعيل كوثري، أن بلاده تدرس بجدية خيار إغلاق المضيق الإستراتيجي، في خطوة من شأنها أن تنذر بتداعيات خطيرة على أمن الطاقة العالمي. ورغم تصاعد التوتر، أفادت شبكة "سي إن بي سي"، أن تعطيل تدفق النفط العالمي بشكل كامل عبر إغلاق المضيق أمر مستبعد، بل قد يكون مستحيلاً من الناحية العملية، في حين أكدت القوة البحرية المشتركة المتعددة الجنسيات، بقيادة الولايات المتحدة، أن حركة الملاحة التجارية مستمرة في مضيق هرمز رغم الضربات الإسرائيلية الواسعة لإيران. يعد مضيق هرمز واحداً من أهم الممرات المائية وأكثرها حركة في العالم، وهو المنفذ البحري الوحيد لكل من العراق والكويت والبحرين وقطر، ويصنف وفق القانون الدولي جزءاً من أعالي البحار، ما يمنح كل السفن الحق والحرية في العبور عبره. وبحسب المتخصص في النقل البحري الدولي الدكتور وسام ناجي، فإن إغلاق المضيق لا يتم من خلال قصف منشآت الطاقة الإيرانية في بندر عباس أو المرافئ المجاورة، بل عبر إغراق سفينة ضخمة في الممر، خاصة وأن عرض المضيق لا يتجاوز 50 كيلومتراً في أضيق نقاطه، ما قد يؤدي إلى شل الحركة البحرية كلياً. وعن خطورة هذا التهديد، يوضح الدكتور ناجي في تصريح ل"لبنان24" أن مضيق هرمز يُعد شريان النفط الرئيس للعالم الصناعي، ويعبر منه ثلتا الإنتاج النفطي الذي يستهلكه العالم ويعرفه خبراء الطاقة وشركات الملاحة بأنه "العنق الرئيس للعالم" و"نقطة الاختناق" التي تأتي في مقدمة 8 نقاط رئيسية في العالم، تعّد معبراً لنحو 40 مليون برميل من النفط يوميا، وتعتمد دول الخليج على هذا الممر بشكل شبه كامل، فالسعودية تصدر 88% من نفطها عبر المضيق، والعراق 98%، والإمارات 99%، فيما تعتمد إيران والكويت وقطر كلياً عليه لتصدير نفطها. فهذا الذهب الأسود الذي يخرج من دول الخليج العربية يذهب 80 %منه للدول الأسيوية كالصين والهند وكوريا واليابان، فيما يتم نقل الباقي إلى دول أوروبية وإلى أميركا الشمالية. ويعبر المضيق أيضاً كل إنتاج قطر تقريباً من الغاز الطبيعي المسال. وقطر أكبر مصدر له في العالم. وسط ما تقدم،فإن إغلاق هذا المضيق الملقب بفك الأسد سيؤدي، بحسب الدكتور ناجي، الى انهيار اقتصادي عالمي مع ارتفاع صاروخي لأسعار النفط والغاز وسيدفع ثمنها مواطنون ودول بمن فيهم من لا علاقة لهم مباشرة بالنزاع. وليس بعيداً فإن الخطر يكمن أيضاً في حال كثف الحوثيون في اليمن من جهتهم هجماتهم على الملاحة في البحر الأحمر، لكن باعتقاد ناجي، أن الحوثيين استخدموا هذا الاسلوب سابقاً ولم يؤد الدور الرئيسي المرجو، ولا شك أنه سيؤثر على حركة الملاحة موقتا، إنما العنصر الأهم هو إقفال مضيق هرمز الذي سيؤدي الى تضعضع الصناعة الشرق آسيوية ( صينية – يابانية- كورية) لاعتمادها شبه الكلي على النفط الايراني والخليجي. ويشير إلى أن التأثير المباشر سيطال الاقتصادات الآسيوية، خصوصاً الصين، التي ترتبط باتفاقية نفطية ضخمة مع إيران بقيمة تتراوح بين 400 و800 مليار دولار خلال عامين، أي نحو 45 مليار دولار سنوياً من الواردات النفطية ناهيك عن تراجع الانتاج الصناعي المباشر وخسارة السوق الخليجي والإيراني على حد سواء، .أما الولايات المتحدة، وبحسب ناجي، فقد تكون المستفيد الأكبر من هذا التصعيد، نظراً لاعتمادها المتزايد على النفط الصخري المحلي، ما سيمنح شركات الطاقة الأميركية العملاقة فرصة لتحقيق أرباح هائلة من الارتفاع الجنوني في الأسعار، وتعزيز موقع السوق الأميركية عالمياً. في المقابل، ستكون منطقة الشرق الأوسط الخاسر الأكبر من هذه التطورات، إذ ستدفع مجدداً ثمن صراعات الغير، سواء في الحرب أو في السلم، كما يرى ناجي. وفي سياق متصل، أعربت مصادر مصرية عن قلق بالغ من تأثير التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران على حركة الملاحة في قناة السويس، خاصة في ظل استمرار تهديدات الحوثيين في مضيق باب المندب، والتي سبق أن أثرت على حركة السفن في البحر الأحمر. ويؤكد الدكتور ناجي أن أي تراجع في حركة السفن عبر قناة السويس سيحرم الاقتصاد المصري من مصدر رئيسي للعملة الصعبة، إلى جانب التأثيرات السلبية المتوقعة على قطاع السياحة، محذراً من أن مصر قد تجد نفسها في قلب صراع جديد تديره أطراف دولية، في سياق مخطط ظاهره صراع على الممرات المائية، وباطنه أهداف تدميرية أوسع. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News