
خاص لـ"هي": شهد العقيلي... صوت سعودي يصدح في قمة التنمية بمقر الأمم المتحدة
في لحظة يتوقف فيها الزمن داخل قاعة مقر اليونسكو في نيويورك، كانت شابة سعودية تكتب سطورًا جديدة في تمكين المرأة العربية على الساحة العالمية. شهد العقيلي لم تكن هناك لمجرد التمثيل، بل لتكون صوتًا نابضًا بالحقيقة في قمة التنمية الاجتماعية والاقتصادية العالمية "Global Forum for Social and Economic Development"، حيث يجتمع قادة وممثلو الدول للحديث عن مستقبل الإنسان وفقًا لأهداف التنمية المستدامة "SDGs".
هذه الأهداف، التي تبنّتها الأمم المتحدة عام 2015، تشكّل خارطة طريق طموحة للقضاء على الفقر، وتعزيز السلام، وحماية الكوكب. من بين الأهداف السبعة عشر، يركز الهدف الثالث: "الصحة الجيدة والرفاه"، وهو المحور الذي يلقى عليه الضوء في هذه الجلسة، سلطت شهد العقيلي الضوء عليه من منظور سعودي يفتخر بالمنجزات ويتحدث بلغة التأثير لا التحدي.
شهد العقيلي من مقر منظمة الأمم المتحدة في قمة التنمية الاجتماعية والاقتصادية العالمية
جاء وصول شهد إلى هذا المحفل الدولي نتيجةً لاختيارها ضمن وفد المملكة عبر برنامج تأهيل القيادات الشابة التابع لمشروع سلام للتواصل الحضاري، الذي يمنح الشباب فرصًا لتمثيل المملكة في المحافل العالمية.
تفتتح شهد حديثها لـ"هي" قائلة: "تم اختياري عبر برنامج تأهيل القيادات الشابة التابع لمشروع سلام للتواصل الحضاري، البرنامج الذي يمنح الشباب الفرصة لتمثيل المملكة في المحافل الدولية. وكوني أملك خلفية علمية في قطاع الصحة، إلى جانب خبرتي في الإلقاء، وقع عليّ الاختيار للمشاركة ضمن وفد المملكة في محور الصحة."
ولأن لكل بداية كلمة، بدأت العقيلي خطابها بجملة تلخص فلسفة وطنها: "نحن في المملكة نؤمن أن الاستثمار في الشباب والصحة هو استثمار في المستقبل. أكثر من 36٪ من شعبنا من الشباب، وهم جوهر رؤيتنا."
شارك #سلام_للتواصل_الحضاري ضمن وفد المملكة المشارك في منتدى الشباب التابع للمجلس الاقتصادي والاجتماعي لعام 2025م برئاسة @MEPSaudi، والمنعقد بمقر الأمم المتحدة في نيويورك.
حيث ألقت أ. شهد العقيلي خريجة برنامج تأهيل القيادات الشابة #YLP كلمة المملكة في مجال الشباب والصحة pic.twitter.com/N4Ibei5dvf — سلام للتواصل الحضاري (@Salam4ccAR) April 17, 2025
كتبت كلمتها بنفسها، مستندة إلى إنجازات المملكة في عام مضى، بتنسيق وتوجيه من مشرفي الوزارة وممثلي الوفد. تحدثت عن مبادرات وزارة الصحة الموجهة للشباب، وعن المسار الرياضي التي أصبح جزءًا من أسلوب الحياة، وعن التوعية النفسية، والوقاية من الأمراض المعدية، وانتهاءً بالمبادرة الذي أطلقها صندوق الاستثمارات العامة بالتعاون مع رابطة التنس، التي تعد الأولى من نوعها
كان المشهد بعد الكلمة مؤثرًا، وذكريات اللحظة لا تزال حية في ذاكرة شهد توضح: "بعد الخطاب، اقتربت مني وفود من دول مختلفة، بعضهم لا يفهم العربية، لكنهم قالوا إنهم شعروا بالقوة والثقة. هذا ما لمسني فعلًا، أن تصل رسالتنا رغم اختلاف اللغة، وأن أكون أنا من تحملها… فتلك لحظة لا تُنسى."
شهد العقيلي من مقر منظمة الأمم المتحدة في قمة التنمية الاجتماعية والاقتصادية العالمية
ولعل أبرز ما ميز حضور المملكة، من وجهة نظرها، هو الفرق في النبرة العامة: "ما شدّني أن أغلب الدول كانت تتحدث عن التحديات، بينما نحن تحدثنا عن الإنجازات، عن التقدّم، عن جودة الحياة."
أما عن الشعور الشخصي، فتصفه بكلمات تختصر الامتنان والفخر تقول: "لم أتخيل يومًا أنني سأرد شيئًا من دين هذا الوطن العظيم. درست في الولايات المتحدة، ورأيت الواقع عن قرب، وكان بداخلي رغبة أن أقول للعالم: انظروا كيف تعامل السعودية شعبها، كيف تصنع المستقبل."
وفي نهاية اللقاء، قالت شهد لـ"هي" بصوت يعبق باليقين: "رحلتي لم تكن سهلة، لكن الله لا يخذل من يُخلص. النجاح الحقيقي ليس في الوقوف على المسرح فقط، بل في أن تحمل رسالتك بصدق. واليوم، أنا مؤمنة أن مكاني هو هذا: أن أكون صوتًا لوطني أمام العالم."
شهد العقيلي من مقر منظمة الأمم المتحدة في قمة التنمية الاجتماعية والاقتصادية العالمية
وفي حديث سابق لـ"هي" وضحت شهد، كيف بدأت رحلتها الملهمة، تعرضت للرفض على جميع الأصعدة، لكنها كانت تطرق كل الأبواب، لأن النجاح في نظرها لا يتعلق فقط بالمحاولة، بل بالاستعداد لقطع المسافات الإضافية. في إحدى المقابلات، انتظرت أربع ساعات حتى يقابلها الشخص المسؤول عن التوظيف، حتى غادر جميع الموظفين وبقيت وحدها تنتظر. في TEDx، جلست مع كل متحدث فرديًا لتعرف قصته بشكل أعمق قبل تقديمه، رغم أن ذلك لم يكن مطلوبًا منها.
تقول شهد ل"هي": "إذا كان هناك شيء تعلمته، فهو أن أساس النجاح في الحياة هو علاقتك بربك، واستقامتك في العبادات هي العمود الثابت. الطموح يجب أن يكون مستعدًا للركض المسافات الإضافية، لأن الفرق بين الناجحين وغيرهم هو بذل الجهد الزائد والتسلح بالمعرفة."
اليوم، بعد خمس سنوات من الرفض، المحاولات، والنجاحات، تشعر شهد أن رحلتها لم تنتهِ بعد، لكنها عرفت أن هذا هو الطريق الذي تنتمي إليه—الوقوف على المسرح، وإلهام الآخرين، وصنع أثر حقيقي بصوتها.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سودارس
منذ 2 ساعات
- سودارس
وزير الصحة يكشف عن جهود لمكافحة الكوليرا في ولاية الخرطوم
و أشار الوزير إلى أن الزيادة الأخيرة تُقدَّر بمتوسط 600 إلى 700 حالة أسبوعيًا خلال الأسابيع الأربعة الماضية شاكرا الجهود الكبيرة المبذولة من حكومة ولاية الخرطوم ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية العاملة بالولاية حيث تم افتتاح أكثر من 8 مراكز لعلاج الكوليرا بالاضافة الي الإسهام بالامدادات والعمل في المكافحة والمتمثل في كلورة المياه والاصحاح البيئي. وأكد الوزير أن التوقعات تشير إلى انخفاض معدل الإصابات خلال الأسابيع المقبلة باذن الله خاصة مع انطلاق حملة التطعيم ضد الكوليرا في عدد من المحليات خلال الايام القادمة. كما أكد على وجود غرفة طوارئ الصحة الاتحادية التي تعمل على مدار الساعة لمتابعة الوضع الصحي، واتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة انتشار المرض. سونا script type="text/javascript"="async" src=" defer data-deferred="1" إنضم لقناة النيلين على واتساب مواضيع مهمة ركوب الخيل لا يناسب الجميع؟ أيهما أصعب تربية الأولاد أم البنات؟ جسر الأسنان هل تعقيم اليدين مفيد؟ الكركم والالتهابات أفضل زيوت ترطيب البشرة


الرياض
منذ 2 أيام
- الرياض
منظمة الصحة العالمية تدعو إلى وصول الإمدادات الطبية إلى غزة
دعت منظمة الصحة العالمية إلى السماح بوصول المساعدات على نطاق واسع إلى غزة عبر جميع الطرق الممكنة، وإتاحة الوصول الإنساني دون عوائق إلى الناس أينما كانوا. وأكدت أن الأمم المتحدة لديها خطة واضحة وفعالة لإيصال المساعدات، مع ضمان عدم تحويل مسارها وهو نظام أثبت نجاحه ويجب تمكينه من الاستمرار. كما دعت إلى وقف فوري لإطلاق النار، في ظل إنهيار النظام الصحي وتفاقم النزوح الجماعي والنقص الحاد في الغذاء والماء والإمدادات الطبية والوقود والمأوى. كما أوضحت المنظمة أن أربعة مستشفيات رئيسية في غزة اضطرت إلى تعليق خدماتها الطبية خلال الأسبوع الماضي بسبب الأعمال العسكرية أو أوامر الإخلاء والهجمات، وهي مستشفيات كمال عدوان، والإندونيسي، وحمد للتأهيل والأطراف الصناعية، وغزة الأوربية، ولم يتبق سوى 19 من أصل 36 مستشفى تعمل جزئيًا، حيث تعاني المستشفيات المتبقية من نقص حاد في الإمدادات والكوادر الصحية وانعدام الأمن وارتفاع عدد الضحايا، ولم يتبق في كامل قطاع غزة سوى ألفي سرير متاح للمرضى، ويهدد تصاعد الأعمال العدائية بإخراج المزيد من المستشفيات عن العمل.


Independent عربية
منذ 2 أيام
- Independent عربية
بعد تقليص المفوضية دعمها... معاناة اللاجئين تتفاقم في مصر
"أقضي معظم وقتي في غرفة طريح الفراش. ومثل طفل بعمر الشهرين، لا أستطيع التحكم في قضاء حاجتي، وبسبب معاناتي مع الشلل النصفي يبقى العفن من حولي طوال الوقت من دون مرافق يخدمني. الدعم النقدي الذي أتلقاه من مفوضية الأمم المتحدة بالكاد يكفي الإيجار الشهري"، بتلك العبارات روى الشاب اليمني محمد عبدالله فرحان معاناته، التي أجبرته على مغادرة وطنه في رحلة علاجية إلى مصر، قبل أن ينتهي به المطاف طالباً اللجوء تحت مظلة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالقاهرة. وفي ظل إعلان المفوضية عبر رسالة نشرتها على صفحتها الرسمية، أنه اعتباراً من مايو (أيار) الحالي ستبدأ تقليص عدد المستفيدين من الدعم النقدي الذي توفره للاجئين من جنسيات متعددة، وقصره على الحالات الأشد احتياجاً، يبدي فرحان وآلاف غيره من الأسر المستضعفة القلق من فقدان المبلغ الشهري الذي يتلقونه. وتستضيف مصر ما يزيد على 914 ألف لاجئ وطالب لجوء مسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ينتمون إلى 61 جنسية مختلفة ويتمتعون بحق الاستفادة من خدمات المفوضية. وتختلف مستويات الدعم المقدم لهم بحسب طبيعة كل حالة، إذ يعتمد كثير منهم على المساعدات التي تقدمها المنظمة الأممية وشركاؤها. وفي المقابل، تشير تقديرات مسؤولين إلى أن العدد الإجمالي للأجانب المقيمين في مصر قد يتجاوز 9 ملايين شخص. عائلات مستفيدة من الدعم تواصلت "اندبندنت عربية" مع لاجئين من جنسيات مختلفة ينتمون جميعاً للفئات الأكثر احتياجاً، إذ أكد غالبيتهم تلقيهم رسائل حديثة على هواتفهم المسجلة لدى المفوضية تفيد بتطبيق قرار سحب الدعم النقدي عنهم، بينما عبر آخرون ممن لا يزالون يستقبلون مساعدات من المنظمة الأممية عن قلقهم من أن يشملهم هذا الإجراء، وبخاصة في ظل ارتفاع كلفة المعيشة في مصر، وعدم قدرتهم على تحمل تلك الضغوط. وبينما تتفاوت قيمة الدعم النقدي الذي تتلقاه الحالات المدرجة ضمن رعاية مفوضية اللاجئين، يؤكد فرحان البالغ من العمر 32 سنة وأصابت التقرحات أحد ساقيه واضطر الأطباء إلى بتر الأخرى، أن توقف هذا الدعم سيكون كارثياً بالنسبة إليه، قائلاً "أنا عاجز تماماً عن القيام بأي شيء، وأجبرني المرض على ارتداء الحفاضات واستخدام القسطرة". ويصف الشاب اليمني المقيم بمفرده داخل منطقة فيصل بالجيزة ويحصل على 2250 جنيهاً (45 دولاراً أميركياً) بصفة شهرية من المنظمة الأممية، المفوضية بأنها "ملجأه الوحيد"، قائلاً "أتلقى منها مبلغاً شهرياً أسحبه من البريد المصري، إلى جانب دعم من شركاء يقدمون لي متطلبات علاجية أساس مثل القسطرة التي أحتاجها كل ثلاثة أشهر". وأضاف فرحان الذي تقدم بطلب اللجوء خلال الـ13 من مارس (آذار) 2023 "الدعم الذي أتلقاه لا يمكن الاستغناء عنه، على رغم أنه لا يغطي أبسط مقومات الحياة من سكن جيد ومأكل ومشرب، أقضي معظم أيامي على الخبز والمياه، وأخصص 2000 جنيه (40 دولاراً أميركياً) من الدعم الشهري لسداد إيجار السكن"، مختتماً حديثه "أضطر إلى استخدام كرسي متحرك عند الحاجة إلى الحركة، والمفوضية هي سندي ومصدر دخلي الوحيد، وأملي كبير في أن تغير وضعي وتنقذ حياتي". ما يخشاه الشاب اليمني محمد فرحان تعيشه بالفعل الإريترية عايدة سليمان، التي تلقت قبل يومين فحسب رسالة من المفوضية الأممية تبلغها بأنها لم تعد ضمن الحالات المستحقة للدعم النقدي. وتشير عايدة التي تعول اثنين من أطفالها إلى أنها كانت تحصل على مبلغ 3800 جنيه (76 دولاراً أميركياً) يصرف كل شهرين، قبل أن تسحب هذه المعونة التي كانت تعتمد عليها في تغطية إيجار مسكنها. ضحايا نقص التمويل تقول السيدة الإريترية صاحبة مبادرة "المرأة المعيلة" لـ"اندبندنت عربية"، "الإجراء طاول نساء كثيرات مثلي يتحملن مسؤولية إعالة أسرهن ويقمن برعاية أطفال دون سند". وتوضح أنها تلقت بحكم نشاطها بالمبادرة رسائل استغاثة من عدد من هؤلاء النسوة "اضطررت إلى تهوين الأمر عليهن، وأخبرتهن بأن القرار ليس نهائياً حتى لا يتأثرن نفسياً من وقع الصدمة". وتتابع عايدة، وهي سيدة في عقدها السادس، أن بعض الشكاوى وردت من سيدات مصابات بسرطان الثدي يقدن بيوتاً بمفردهن ويعانين ظروفاً صحية واجتماعية قاسية، ومع ذلك وصلتهن رسائل بوقف الدعم. وتضيف "شخصياً كنت أعتمد على هذا الدعم في دفع إيجار الشقة. واليوم، لا أعلم كيف سنوفر هذا البند، وأشعر أن المفوضية ذبحتني بهذا الإجراء". وحصلت عايدة التي تقيم في مصر منذ 21 عاماً على "البطاقة الزرقاء" الخاصة باللاجئين بمجرد وصولها القاهرة وتقديم أوراقها للمفوضية، وتؤكد أن القرار قاس على المصابين بأمراض مزمنة ممن يعتمدون على هذا المبلغ لشراء أدويتهم. وتشير إلى أن حالات مماثلة من السودان وإريتريا تواصلت معها ولا تملك قوت يومها، وتتساءل "ماذا نفعل؟ كنا ننتظر زيادة الدعم لا سحبه". وتختم الإريترية حديثها "لم يُقطع عني الدعم نهائياً منذ عام 2019، وأعيد قراءة الرسالة مرات ومرات من وقع الصدمة، وعليهم في الأقل أن يوفروا لنا بدائل، أماكن للعمل أو مصدر دخل نواجه به ظروف المعيشة الصعبة في مصر". ولا تزال الآلية التي ستتبعها مصر في التعامل مع ملف اللاجئين غير واضحة، وبخاصة بعد إصدار القاهرة قانوناً جديداً ينظم لجوء الأجانب داخل البلاد. ويتضمن هذا القانون تشكيل لجنة حكومية معنية بشؤون اللاجئين تتبع مجلس الوزراء، تتولى مهام استقبال وفحص طلبات اللجوء والبت فيها بالقبول أو الرفض، إلى جانب جمع المعلومات والبيانات الإحصائية المتعلقة باللاجئين. ويعزو المحامي المصري المتخصص في قضايا اللاجئين أشرف ميلاد أسباب تراجع الدعم إلى اتجاه عدد من الدول المانحة نحو تقليص مساهماتها المالية للمفوضية، وعلى رأسها الولايات المتحدة التي تبنى رئيسها دونالد ترمب في حينها سياسة تقشفية، موضحاً أن بعض الدول المانحة لم تلتزم بتعهداتها تجاه المنظمة الأممية، إضافة إلى تضاعف أعداد اللاجئين خلال العامين الأخيرين نتيجة التوترات الإقليمية وتدهور الأوضاع داخل دول الجوار. وأوضح ميلاد أن نحو 30 في المئة فقط من اللاجئين يتلقون دعماً نقدياً، والمفوضية بدأت بالفعل في تقليص هذا الدعم وإعادة تقييم ملفات المستفيدين. وأكد أن مستقبل إدارة ملف اللاجئين داخل مصر لا يزال غامضاً، خصوصاً مع نقل مسؤولية هذا الملف إلى الحكومة المصرية. وأشار مدير مكتب "حق" لتقديم الدعم القانوني والنفسي للاجئين في مصر إلى أن القانون الجديد الخاص باللجوء يمكن أن يشكل خطوة لحل عدد من الأزمات التي يواجهها اللاجئون، مشيراً في الوقت نفسه إلى تأخر صدور اللائحة التنفيذية للقانون، موضحاً أن الأزمة تتفاقم مع الزيادة الكبيرة في أعداد اللاجئين وتراجع التمويلات. ولفت إلى وجود إشكاليات مع بعض المنظمات الشريكة، مما دفع المفوضية إلى التعاقد مع جهات جديدة مثل منظمة "مرسال" التي أصبحت شريكاً في تقديم الخدمات الصحية، على أمل تحسين الأوضاع المعيشية والصحية للاجئين داخل مصر من دون جدوى. على الجانب الآخر من المشهد نفسه، ما زالت الإريترية أفراح إسماعيل تتابع الإجراءات التي تنتهجها مفوضية اللاجئين بالقاهرة، معربة عن خشيتها من اتساع دائرة المطرودين من قوائم الفئات الأكثر هشاشة. وتوضح في حديثها لـ"اندبندنت عربية" أن غالبية معارفها من النساء يعانين اليوم من انقطاع الدعم الذي كان يشكل لهم سنداً رئيساً في مواجهة الغلاء المعيشي. لاجئون على الهامش تقول أفراح التي تحصل على الدعم النقدي بصفة منتظمة كل شهرين، إن أسرتها مكونة من خمسة أفراد إذ تعيل أربعة أطفال وتتسلم مبلغاً شهرياً يصل إلى 5280 جنيهاً، يساعدها على تغطية إيجار السكن الذي ارتفع من 5 آلاف جنيه إلى 7 آلاف و500 جنيه، تتشارك فيه مع عائلتين أخريين. وتضيف "الوضع المعيشي في مصر أصبح لا يطاق، ولا تغيب عن حديثنا اليومي أزمة الدعم النقدي، إذ تلقت نساء كثيرات يتحملن مسؤولية رعاية أطفال من دون دخل ثابت، رسائل قطع الدعم". وتساءلت "هل هؤلاء النساء لسن ضمن الفئات الأشد احتياجاً للدعم؟". وتشير أفراح، التي تعتمد أيضاً على دعم إضافي من برنامج الأغذية العالمي، الذي يزود أسرتها بمبلغ 3700 جنيه يصرف من خلال نظام "فوري"، ودعم آخر يقارب 1200 جنيه لكل طفل لتغطية نفقات التعليم، إلى أنها اضطرت إلى إخراج أحد أبنائها من المدرسة، بسبب عدم قدرتها على تحمل مصاريف الدراسة التي وصلت إلى 9 آلاف جنيه. وأفصحت السيدة الإريترية الحاصلة على البطاقة الزرقاء منذ عام 2020 أنها تضطر للعمل في مجال الأعمال اليدوية بإحدى الشركات، إذ تبدأ عملها خلال الثامنة صباحاً وتعود إلى المنزل عند التاسعة مساءً، مقابل راتب شهري لا يتجاوز 5 آلاف جنيه. وتختم حديثها بمرارة "أخشى أن تتخلى المفوضية عن أسرتي فحياتي معتمدة عليها، من إيجار ومسكن ومدارس وحاجات يومية وعلاج، وبخاصة مع الارتفاع الجنوني في الأسعار داخل مصر. ولم يعد بالإمكان تحمل الحياة هنا، بعد ارتفاع الإيجار من 3 آلاف جنيه إلى 7500 جنيه دفعة واحدة، مع دخول اللاجئين السودانيين قبل عامين. ومصر بالنسبة إليَّ مجرد محطة عبور نحو أوروبا، لكنني انتظرت خمسة أعوام دور إعادة التوطين في أوروبا، لكن دون جدوى". وحتى الـ31 من مارس 2025، بلغ عدد اللاجئين المسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مصر 672930 لاجئاً من السودان، و139384 من سوريا و46975 من جنوب السودان و40848 من إريتريا، و18068 من إثيوبيا و8400 من الصومال و8255 من اليمن و4239 من العراق، إلى جانب لاجئين من أكثر من 53 جنسية أخرى. من نيران الحرب إلى لهيب الغلاء ولم يكن السودانيون، ضحايا الحرب المستعرة بين قوات الجيش وعناصر "الدعم السريع" بمنأى عن قرار تقليص الدعم، إذ شملهم أيضاً وقف المساعدات النقدية. ويقول اللاجئ السوداني نعيم محمد لـ"اندبندنت عربية"، "اضطررت إلى بيع أنبوبة البوتاجاز حتى أتمكن من توفير نفقات أسرتي هذا الشهر، على رغم أنني أعمل في ورشة سيارات وأتقاضى 7 آلاف جنيه شهرياً". وأوضح نعيم أن دخله من العمل لا يغطي متطلبات المعيشة، وكان متوسط ما تتحصل عليه أسرته المكونة من ستة أفراد 4200 جنيه تخفف عني أعباء المصاريف. ويضيف "أولادي الثلاثة في المدارس، وصدمتنا كبيرة جعلتني أفكر جدياً في العودة إلى السودان خوفاً من أن أضطر إلى طلب المساعدة من الآخرين، في ظل الوضع الاقتصادي الصعب داخل مصر وصعوبة الحصول على المال". ويستعرض نعيم الأسباب التي تدفعه إلى التفكير في إغلاق ملفه لدى المفوضية، قائلاً "طرقت أبواب المفوضية أملاً في الحصول على الحماية والرعاية الشاملة، وبخاصة أن مهمتها دعم الأسر المستضعفة، لكنني وجدت نفسي مضطراً للعمل ستة أيام خلال الأسبوع ولساعات طويلة تصل إلى 12 ساعة يومياً، على رغم أنني رجل تجاوزت الـ50 من العمر. ومع مرور الوقت، اكتشفت أن بطاقة المفوضية لم تحقق لي أية فائدة تذكر". بينما تعرب السيدة السودانية داليا محمد موسى عن خيبة أملها، موضحة أنها صدمت بعد توقف الدعم المالي الذي كانت تتلقاه عبر بطاقة "فوري"، وذلك بعد عامين من صرف مساعدات نقدية منتظمة. وتشير إلى أن المفوضية كانت تمنحها 750 جنيهاً لكل فرد من أفراد أسرتها المكونة من أربعة أشخاص. وتقول "نواجه التزامات عديدة، ولم أعد قادرة على تغطية حاجات المنزل من دون هذا الدعم. سأضطر إلى وقف تعليم أطفالي، فزوجي يعمل بالأجر اليومي ولا نملك دخلاً ثابتاً". وتضيف "الظروف المعيشية في مصر أصبحت في غاية الصعوبة، والعمل باليومية لا يغطي حتى الحاجات الأساس. سأضطر إلى تقليص عدد الوجبات إلى واحدة فقط يومياً، والوضع في السودان أكثر قسوة. نحن عالقون بين معاناة المفوضية في مصر ونيران الحرب داخل السودان".