
في محبة خالد الفيصل الصالات تشرح مجالس الرجال
ليست كل المعارض تنجح في الحديث عن الأشخاص دون أن تقع في فخ التكرار أو التهويل، لكن فعالية معرض «في محبة خالد الفيصل»، الذي احتضنه «موسم جدة»، ودشن الخميس قبل الماضي، وزاره أكثر من 7 آلاف زائر يوميا، طيلة أيامه الـ5، جاء أنيقًا في فكرته، بليغًا في عرضه، مؤثرًا في محتواه، ولا يُبالغ من شاهده وزاره بوصفه له: «رسالة ثقافية قبل أن يكون فعالية بصرية».
من أبرز ما لفت نظري وصحبي، أن المعرض لم يكتف بعرض سيرة الأمير، بل فتح أمام الزائرين أفقًا لقراءة تاريخٍ حيّ، عاشه رجل ليس عابرًا في ذاكرة الوطن، بل صانعًا لجماله، وراسمًا لصورته، وبانيًا لهويته الحديثة، من خلال مناصبه المختلفة التي شغلها ومارسها بعقلٍ موسوعي جمع بين التخطيط والتنفيذ، والفكرة والخطوة، والقصيدة والموقف.
من الطبيعي، أمام هذا الإرث المتنوع، أن يلمس الزائر في كل صالة من صالات المعرض تناغمًا بين الفن والإدارة، والكلمة والممارسة، والثقافة والقرار؛ فالمعرض لم يروِ قصة شخص، بل عرض درسًا ممتدًا في القيادة الثقافية، كتبته التجربة، وعلّمته الأيام، وصدّقه الواقع؛ ولأن هذا الدرس لا يُقرأ بالكلمات وحدها، فإنه يُحسب للقائمين على المعرض، أنهم لم يكتفوا بتوثيق السيرة، بل نسجوها كما تُنسج القصيدة؛ بصور، ومشاهد، وصوت، وضوء، مع تصميم حديث مزج بين الفنون التقليدية والتقنيات التفاعلية، وقدّم رسائل إنسانية راقية تمس القيم التي عاشها الأمير، وتُكرّس صورة الإنسان في داخل فكره، ولم تكن هذه العناصر الجمالية غاية في ذاتها، بل كانت وسيلة لأن يتيح المعرض، وبكل أناقة، رؤية ما كان يكتبه الأمير شعرًا، وما يقوله قرارًا، ويعيشه نهجًا، ورأى من زار المعرض، كيف استطاع الأمير أن يزرع الثقافة في وجدان الإدارات، ويحيل الإدارات إلى منصات تحفيز للإبداع، وكيف حرّك الساكن في المفهوم التقليدي للتنمية، لتغدو كل مبادرة ثقافية مشروعًا تنمويًا، وكل جائزة نافذة للأمل.
بغير مجاملة، وإن كانت في محلها، أقول إن المعرض لم يتحدث عن الأمير خالد الفيصل المسؤول فحسب، بل كشف عن خالد الفيصل الإنسان؛ الذي يقف على مسافة واحدة من الشاعر المرهف، والحاكم الإداري الواعي، والمربي الحازم، والمثقف المتزن؛ ولم يكن غريبًا أن نجد هناك ما يشبه الناس، ويلامس واقعهم، ويستنهض فيهم الإعجاب، لا بالتاريخ فقط، بل بالحاضر الذي لا يزال يُكتب.
المعرض الذي استوقف الزوار بجماله، يستحق التقدير الأعمق لما مثّله من تعزيز لقيمة الوفاء التي تربّينا عليها في مجتمعنا السعودي؛ وهنا أخص هذه المبادرة الرائعة التي أطلقها نائب أمير منطقة مكة المكرمة، رئيس لجنة التقويم الوطني لمحافظة جدة الأمير سعود بن مشعل بن عبدالعزيز، وعاونه عليها مستشار أمير المنطقة المشرف العام على وكالة الإمارة الأمير فيصل بن محمد، ومحافظ جدة الأمير سعود بن جلوي، والجنود المخلصون المجهولون؛ فهي ليست مجرد تكريم، بل رمز حيّ لفكرة التكريم في حياة الرموز، بلغة تقول إننا نُحبكم وأنتم بيننا، ونُكرم رموزنا في حياتهم، وهي لفتة تستحق أن تُسجل في سجل النبلاء؛ فشكرًا لهم، ولكل من أبقى فينا خالد الفيصل كما عرفناه؛ شاعرًا، وإداريًا، ورمزًا، لا يزال يُعلّمنا كيف نكون، وشكرا لموسم جدة، على هذا الإثراء، والأمل كبير والتوقعات الجميلة منتظرة من «مؤسسة الأمير خالد الفيصل الثقافية»، الذي أثبت لنا، مجددا، أدام الله عليه عافيته، أن الحديث عنه لا يُستهلك، بل يتجدّد كلما تجددت حاجتنا للنموذج، وللذوق، وللتوازن.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى الالكترونية
منذ 29 دقائق
- صدى الالكترونية
فرحة حاج جزائري وزوجته بعد تحقق حلمهما بالقدوم إلى الحج.. فيديو
عبر حاج جزائري وزوجته عن فرحتهما بعد أن تحقق حلمهما بالقدوم إلى الحج هذا العام. وانهمرت دموع الحاج تأثرا بفرحته، مشيرا إلى أنه سيحج لأول مرة في حياته هو وزوجته، وفقا لـ'الإخبارية'. من جهتها، أكدت زوجته أنها سعيدة للغاية لأن الله عز وجل كتب لهما الحج هذا العام، مشيرة إلى أن الجميع يتمنى القدوم للحج. ودعت الله عز وجل بأن ينصر فلسطين وأن يحقق لابنتهما 'بدر البدور' ما تتمناه.


الوطن
منذ ساعة واحدة
- الوطن
الأغنية السعودية أكبر من طلال مداح ومحمد عبده
حين يستعرض تاريخ الموسيقى السعودية في المحافل أو في أحاديث المهتمين، غالباً ما تختزل هذه المسيرة العريقة في اسمين فحسب: طلال مداح ومحمد عبده. هذه النظرة المبسطة، وإن كانت تعكس محبة حقيقية لفنانين لعبا دوراً مهماً في تشكيل الأغنية السعودية الحديثة، إلا أنها تغفل عن عمد أو جهل عشرات الأسماء التي شاركت في صناعة هذه الهوية الفنية منذ الخمسينيات وحتى اليوم. إن الاقتصار على هذين الاسمين يعد ظلماً للأرشيف الموسيقي السعودي الذي تزخر مكتبته بأعمال وتجارب غنية ومتنوعة، بعضها لم يسلط عليه الضوء بما يستحق. الإطار التاريخي عند تناول نشأة الأغنية السعودية الحديثة نقول إن التحول الجذري في بنية الأغنية السعودية بدأ منذ خمسينيات القرن الـ20، عندما انتقل الفن في معظم المناطق من طابع جماعي شفهي وتلقائي إلى فن منظم وفردي. هذا التغير جاء مواكباً لتأثير الإذاعة والتلفزيون ودخول الموسيقى العربية الحديثة إلى آذان الجمهور السعودي، خصوصاً موسيقى مصر ولبنان، مما أسهم في حدوث موجة تأثر وتأثير متبادلين. في تلك المرحلة، ظهرت أصوات سعودية بدأت تبني ذائقتها الخاصة وتحاول رسم ملامح موسيقاها بأسلوبها الفريد، بعضها سار في طريق الابتكار والتجريب، وبعضها الآخر استنسخ التجربة المصرية في بداياته، وممن وقعوا في هذا الفخ: طلال مداح ومحمد عبده، وهذا أمر طبيعي في طور التكوين الفني. فبناء هوية موسيقية وطنية لا يأتي فجأة ولا ينبثق من فرد بعينه، بل هو نتيجة تراكم الجهود عبر أجيال متوالية، ومساهمة جماعية من ملحنين، شعراء، مطربين، وعازفين. نقد الأسطرة من المغالطات الشائعة التي تروج دون تمحيص، الادعاء بأن هوية الأغنية السعودية الحديثة قد نزلت فجأة كالوحي على طلال مداح، دون سوابق أو روافد. هذا تصور عاطفي ساذج، يتغذى على التعصب الجماهيري ويغفل أن الأغنية المكبلهة السعودية - كصناعة - لم تتبلور فعلياً بهويتها الخاصة إلا في مطلع السبعينيات، بعد تجارب ومراحل ومحاولات عدة. بل إن هناك تجارب فردية سبقت طلال مداح في تقديم شكل الأغنية السعودية المكبلهة، لكنها لم تحظَ بنفس الزخم الإعلامي أو الاعتراف الجماهيري، على رغم أن بعضها كان ذا بصمة متقدمة لزمانها. نماذج منسية أين عبدالله محمد من هذا التاريخ؟ ذاك الفنان الرائد الذي شهدت له الستينيات بألحانه المتفردة وصوته الدافئ، وكان أستاذاً لطلال مداح كما صرح الأخير بنفسه! بل إن تأثيره المبكر كان حجر الأساس في نشوء بعض الألوان اللحنية التي أصبحت لاحقاً جزءاً من القالب السعودي الحديث. وأين هي ابتسام لطفي؟ هذا الصوت النسائي السعودي الفريد، التي لا تقل جودة أعمالها عن أي من أغاني «العمالقة»، وقدمت أغاني عبقرية خالدة مثل: «شوف يا حبيبي» و«عبير» و«وداع» و«وبعد الحبيب». بل إن صوتها، وأداءها، واختياراتها الشعرية واللحنية تجعلها جديرة بأن يقام لها مهرجان سنوي تحيى فيه أعمالها وتقدم بتقدير يليق بها. وفوزي محسون، «سفير الأغنية الجداوية»، الذي اختار أن يغني بطبيعته، وهويته، ولهجته، ونجح في ذلك أيما نجاح. كيف ينسى اسمه عندما تؤدى أغانيه اليوم على المسارح؟ ألا يعلم معظم جمهور عبدالمجيد عبدالله أن أغنية «روح أحمد الله وبس»، و«سبحانه وقدره عليه»، هما في الأصل لفوزي محسون؟ إن غياب الإشارة إلى الأصل يعد انتهاكاً لحقوق الذاكرة الموسيقية، وطمساً لهوية فنان من الأجدر أن نكرمه لا أن نقصيه. وماذا عن مطلق الذيابي، المثقف والفنان، صاحب الرؤية الشعرية الغنائية العميقة؟ أو الصوت الشجي محمد السراج؟ هؤلاء الفنانون وغيرهم كثير، لا ينبغي أن يغيبوا عن ذاكرتنا، فهم جزء من النسيج الفني والثقافي الذي أسهم في بناء المشهد السعودي الذي نراه اليوم. ثقافة التعصب الفني من المؤسف أن يتعصب الجمهور السعودي في ما يشبه «ديربي» غنائي بين طلال مداح ومحمد عبده، ويتجاهل البقية. إن حب الفنانين الكبار لا ينبغي أن يقصي غيرهم، فالأغنية السعودية لم يصنعها شخصان، بل صاغتها أجيال متداخلة، واحتضنتها مناطق مختلفة من الوطن، ولكل منطقة ذائقتها، ولكل فنان أثره الخاص. التعصب الفني أعمى، يقصي كل من لا يدخل في «الثنائية الذهبية»، ويمنع كثيراً من الشباب من اكتشاف الأصوات الأخرى التي أسهمت بعمق، وأسست بوعي، وابتكرت بروح صادقة. ومن هذا المنطلق أرى أن الوقت قد حان لتغيير النظرة القاصرة إلى الأغنية السعودية، عبر آليات مؤسسية وشعبية على حد سواء. حب الموسيقى إن حب الموسيقى يقود في العادة إلى التنقيب عن الكنوز الدفينة، لا الاكتفاء بما هو ظاهر على السطح. فالأغنية السعودية كيان حي شأنه شأن تاريخ أي فن أو حركة فنية لا يمكن أن تختصر في شخصين أو اسمين بصرف النظر عمن يكونان، ولا أن يروى تاريخه بانتقائية. فالفن نشاط يشترك فيه الجميع ولكل فنان دور مرهون بوقته وظروفه وحجم هذا الدور وتأثيره وانتشاره، ولا بد أن ترصد جهود الجميع، وهذا يتطلب أن نعيد الاعتبار لرموز لم تأخذ حقها، ونحافظ على الذاكرة الفنية كما نحافظ على آثارنا وتاريخنا. فاختزال الفن في طلال ومحمد فقط هو عاطفة جماهيرية، واكتشاف الأغنية السعودية بكل أطيافها ووجوهها الأصيلة هو واجب المؤرخين والدارسين والعاملين والمهتمين في هذا القطاع. مقترحات لتغيير النظرة القاصرة إلى الأغنية السعودية • إقامة مهرجانات سنوية متخصصة في أرشيف الأغنية السعودية • تخصيص جوائز فخرية تمنح للرواد المنسيين • إعادة إصدار تسجيلات نادرة بجودة عالية، مع توثيق معلوماتها • حث الفنانين الصاعدين على أداء الأغاني القديمة مع ذكر أصحابها الأصليين في كل مناسبة • إدخال مادة «تاريخ الموسيقى السعودية» ضمن مناهج التعليم الفني والثقافي • إنتاج أفلام وثائقية ومسلسلات إذاعية ومرئية تحكي سيرة الرواد في كل منطقة

سعورس
منذ ساعة واحدة
- سعورس
أمير منطقة تبوك يرعى حفل جائزة سموه للتفوق العلمي والتميز في عامها ال ٣٨
رعى صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة تبوك ، مساء اليوم ، بحضور صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سعود بن عبدالله الفيصل بن عبدالعزيز نائب أمير المنطقة، حفل جائزة سموه للتفوق العلمي والتميز في عامها ال 38. وكان في استقبال سموه لدى وصوله مقر الحفل بفندق جراند ملينيوم بتبوك ، رئيس جامعة تبوك رئيس اللجنة العليا للجائزة الدكتور عبد العزيز بن سالم الغامدي وأعضاء لجنة الجائزة. وبدأ الحفل الخطابي بآيات من القرآن الكريم، ثم القيت كلمة المتفوقين والمتفوقات في التحصيل العلمي القاها نيابة عنهم الطالبة حنين عيد الحويطي عبّرت من خلالها عن سعادتها وزملاءها الطلاب والطالبات بنيل الجائزة، مؤكدة بأنها منحتهم دافعاً للعطاء، وشجعتهم على بذل المزيد من الجهود في سبيل نيل هذا الشرف اليوم. عقب ذلك ألقى رئيس جامعة تبوك رئيس اللجنة العليا للجائزة كلمة أعرب من خلالها عن شكره وتقديره لسمو أمير المنطقة على تشريفه ورعايته للجائزة، مؤكداً أن بناء مستقبل الإنسان يبدأ ببناء الإنسان، من حيث الاهتمام بالمتميزين، ورعاية المواهب وتنمية القدرات البشرية، مضيفاً أن جائزة سمّوه تمثل رسالة سامية تجسد معاني الرعاية والاعتناء لأبناء وبنات المنطقة، وصورة مشرقة لاهتمام سموه بالجوانب العلمية من تفوق وإبداع وابتكار. بعد ذلك كرّم سموه الفائزين والفائزات في الجائزة، حيث فاز في مجال التميز بالإبداع والابتكار الدكتورة غدير بنت حسن البلوي والدكتورة عواطف بنت محفوظ عبدالمجيد نظير إسهاماتهم في العديد من المجالات البحثية والعلمية والابتكارية في مجالات تعزيز الاستدامة البيئية وتطوير الحلول التقنية في معالجة المياه، وتعزيز السلامة البيئية والأمن الغذائي لتحسين الملوحة باستخدام مركبات كيميائية في الزراعة. وفي مجال الخدمة المجتمعية ( أفراد )، فاز كل من الدكتور منصور بن علي الغامدي، والأستاذ فهد بن عياضه العنزي، والدكتور محمد تنفير رازا نظير إسهاماتهم في العديد من المجالات المجتمعية والخيرية في جوانب برامج التعافي الإرشادية، وبرامج التنمية الأسرية والتوعوية للفتيات، والرعاية الصحية ، وفي مجال التميز بالخدمة المجتمعية ( منشآت )، فازت جمعية طفلي الطبية بمنطقة تبوك. ثم كرم سموه الفائزين والفائزات في مجال التفوق العلمي البالغ عددهم ( 27 ) فائزاً وفائزة، متمنياً لهم دوام التوفيق والسداد، في خدمة دينهم ثم مليكهم والوطن. وقال سمو أمير منطقة تبوك في تصريح صحفي بهذه المناسبة:"الفرحة كبيرة اليوم، خاصة ونحن نشاهد المتخرجين والمكرمين من أبناء هذا البرنامج الممتد منذ 38 عامًا، ممن أصبحوا اليوم أطباء ومهندسين وضباطًا وطيّارين، بل وحتى رجال أعمال ناجحين في مختلف مجالات الحياة، إنها لحظة فخر حقيقية، ونسأل الله لهم دوام التوفيق والاستمرار في هذا الطريق المشرف.