
بوركينا فاسو من الاستقرار النسبى إلى قمة هرم الإرهاب.. 41 % من السكان تحت خط الفقر ونسبة البطالة 65%.. انضمام الشباب للإرهابيين مقابل 150 دولارًا شهريًا
»» كيف تحولت الدولة الأفريقية إلى أكثر الدول المتضررة من العنف؟
»» 6800 حادثة عنفٍ سياسى «٢٠١٦-٢٠٢٤».. بمتوسط ٢٠ حادثة أسبوعيًا
»» 2 مليون نازح داخلى بسبب الأحداث.. والهجرة من الريف للحضر تتسبب فى تفاقم الأزمة الاقتصادية
»» الوضع الاقتصادى يدفع الشباب للانضمام للإرهابيين مقابل 150 دولارًا شهريًا
بعد سبع سنواتٍ من صراع الإرهاب فى بوركينا فاسو، تربعت الدولة الأفريقية الحبيسة فى غرب أفريقيا على رأس قائمة الدول الأكثر تضررًا وتأثرًا بالإرهاب فى العالم للعام الثانى على التوالي، بعد أن كانت فى المرتبة 114 عام 2011، حسبما أفاد "مؤشر الإرهاب العالمى «GTI» لعام 2025"، الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام IEP بالولايات المتحدة الأمريكية.
وعلى الرغم من انخفاض عدد الوفيات بنسبة 21%، من 1935 حالة وفاة فى عام 2023 إلى 1532 حالة وفاة فى عام 2024. وانخفاض عدد الهجمات بنسبة 57%، من 260 هجومًا فى عام 2023 إلى 111 هجومًا فى عام 2024، إلا أن بوركينا فاسو لا تزال مسئولة عن خُمس إجمالى وفيات الإرهاب على مستوى العالم، وهو ما يدعو للتساؤل حول الأسباب التى أدت إلى هذا التغير.
لم يعد الإرهاب فى بوركينا فاسو مجرّد قضية أمنية؛ بل بات ظاهرةً مركّبة تُعيد صياغة الدولة والمجتمع والاقتصاد، وتُلقى بظلالها على كامل غرب إفريقيا، بما تشمله من تعقيدات لا تقتصر فقد على تتبّع عدد الهجمات، وإنما يتطلّب الغوص فى طبقاتٍ متراكمة من التاريخ والسياسة والاقتصاد والمجتمع، لمعرفة جذور الأزمة وتحولاتها وتداعياتها الإقليمية.
بوركينا فاسو من الداخل
جغرافيًا، تُعدّ بوركينا فاسو نقطة التقاءٍ إستراتيجية بين شمال القارة وجنوبها، وبين الصحراء الكبرى والغابات الاستوائية، يحدّها مالى والنيجر من الشمال والشرق، وبنين وتوغو وغانا وساحل العاج من الجنوب، ما يجعلها ممرًا تجاريًا ومسار عبورٍ بشرى واقتصادى حيوى منذ عصور القوافل الذهبية، إلا أنّ هذا الموقع ذاته جعلها عُرضةً لاختراق الجماعات الجهادية التى أخذت تتكاثر فى فضاء الساحل منذ ٢٠١٥، فخلال عقدٍ واحدٍ فقط، تحوّلت من دولةٍ تُعرَف بالاستقرار النسبى إلى أكثر بلدان العالم تضرّرًا من الإرهاب فى ٢٠٢٤، مع بلوغ موجة العنف ذروتها بين عامَى ٢٠٢٣ و٢٠٢٥ حيث سجّل مؤشر الإرهاب العالمى أكثر من ١٩٠٠ قتيل فى عامٍ واحد حسب مؤشر عام ٢٠٢٤.
اقتصاديًا، تعد بوركينا فاسو، واحدة من أفقر دول العالم، وهى دولة غير ساحلية ذات قوة عاملة زراعية إلى حد كبير، وتمثل صادرات القطن والذهب مصادر رئيسية لإيرادات الدولة والعملات الأجنبية.
عاشت بوركينا فاسو «فولتا العليا سابقًا» تحت الحكم الفرنسى منذ أواخر القرن التاسع عشر. ورغم حصولها على الاستقلال عام ١٩٦٠، ظلّت الإدارة المركزية ضعيفةً وتعتمد على شبكات المحاصصة القَبَلية، وتُعَدّ النُخَب المدنية والعسكرية – وغالبيتها من إثنية الموسى – المستفيد الأكبر من موارد الدولة، فيما بقيت مناطق الشمال ذات الأغلبية الفولانية مهمّشة تنمويًا، ما زرع بذور الاحتقان الاجتماعى الذى استغلّته لاحقًا التنظيمات الجهادية.
بداية العنف
اندلع عنف إسلامى مسلح فى بوركينا فاسو فى عام ٢٠١٦، مع توسع الصراعات فى مالى المجاورة. فى ذلك العام، نفذت جماعات تابعة لتنظيم القاعدة هجومًا إرهابيًا غير مسبوق فى العاصمة واغادوغو، مما أسفر عن مقتل ٣٠ شخصًا، من بينهم أمريكي، فى الوقت نفسه، ظهر تمرد إسلامى بقيادة محلية، فى المناطق الريفية.
وفى الشمال تصاعدت الهجمات فى عام ٢٠١٧، بعد اندماج العديد من الجماعات الإقليمية التابعة لتنظيم القاعدة لتشكيل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين «المعروفة أيضًا باسم جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، بقيادة مواطن مالي. فى شمال بوركينا فاسو، ضمت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين جماعة أنصار الإسلام واستغلت التوترات العرقية وإهمال الدولة والمظالم المتعلقة بالفساد وسياسات المحسوبية والطبقية الاجتماعية والنزاعات على الأراضي. يُعد شرق بوركينا فاسو معقلًا لحركة منشقة منافسة تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية. ويبدو أن كلتا المجموعتين تضغطان جنوبًا نحو الدول الساحلية فى غرب إفريقيا.
وأدت هذه العمليات الإرهابية إلى نزوح أكثر من مليونى شخصًا نزوحًا داخليًا حتى منتصف عام ٢٠٢٤ أى ما يعاجل ١٠٪ من السكان، وهى واحدة من أسوأ أزمات النزوح الداخلى وأسرعها نموًا فى إفريقيا.
ويتكدّس معظم النازحين فى ضواحى العاصمة واغادوغو وبوبو ديولاسو، وأدّت موجات النزوح إلى ظهور أحياءٍ عشوائية تعانى من نقص المياه والصرف الصحي، ما رفع معدلات الكوليرا وحمّى التيفوئيد، كما يضطر النازحون إلى بيع أصولهم الزراعية بثمنٍ بخس، ما يُفقِد الأقاليم قدرتها على التعافي.
أوضاع مأساوية
أما عن الأوضاع الإنسانية فتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن ٤.٧ مليون شخص كانوا بحاجة إلى مساعدات إنسانية، وأن عنف المتمردين أدى إلى إغلاق آلاف المدارس والمراكز الصحية، كما يواجه جزء كبير من شمال وشرق البلاد انعدام أمن غذائى يرقى لمستوى «الأزمة» أو «الطوارئ» فى عام ٢٠٢٣، وفقًا لشبكة نظام الإنذار المبكر، وتواجه منطقة جيبو، فى الشمال، خطرًا أشد من المجاعة، بسبب حصار جماعة نصرة الإسلام والمسلمين المطول.
كما أدت جائحة كورونا والآثار المتتالية للحرب بين روسيا وأوكرانيا إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود، حيث نما الاقتصاد بنسبة ٢.٥٪ فى عام ٢٠٢٢ «وهى نسبة ضئيلة بالنسبة لدولة نامية ذات نمو سكانى مرتفع»، وفقًا لبيانات صندوق النقد الدولي، بينما ارتفع الدين العام من ٤٢٪ من الناتج المحلى الإجمالى فى عام ٢٠١٩ إلى ٥٨٪ اعتبارًا من أوائل عام ٢٠٢٣، وفى منتصف عام ٢٠٢٣، فرضت الحكومة ضرائب جديدة، بما فى ذلك رسوم على خدمات الهاتف، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف جهود مكافحة التمرد.
الانقلابات وفراغ السلطة
لبوركينا فاسو تاريخٌ من التمردات العسكرية والانقلابات والاضطرابات الاجتماعية، على الرغم من أنها كانت تُعتبر مستقرةً نسبيًا فى عهد الزعيم الاستبدادى السابق بليز كومباوري، الذى وصل إلى السلطة فى انقلاب عام ١٩٨٧، وكان شخصيةً بارزةً ومثيرةً للجدل فى السياسة فى غرب إفريقيا، وقد أُطيح به فى انتفاضة شعبية عام ٢٠١٤ أثناء محاولته تجاوز الحدود الدستورية لفترات الولاية.
انتُخب السياسى المدنى روش مارك كريستيان كابورى عام ٢٠١٥، بعد محاولة انقلاب فاشلة ضد الحكومة الانتقالية التى يقودها المدنيون من قِبل ضباط مرتبطين بكومباوري، الذى كان أول زعيمٍ لبوركينا فاسو بعد الاستقلال يتولى منصبه عن طريق الانتخابات.
بين يناير ٢٠٢٢ وسبتمبر ٢٠٢٣، شهدت بوركينا فاسو انقلابين عسكريين فى عام ٢٠٢٢، كجزء من موجة من عمليات الاستيلاء العسكرية على السلطة فى أفريقيا، حيث أطاح الجيشُ بحكومتَين مُنتخَبَتَين بحجة العجز عن مكافحة الإرهاب، ليتولى الكابتن إبراهيم تراورى السلطة، وهذا التسلسل السريع من الانقلابات قوّض ثقة المجتمع الدولى وعلّق برامج المساعدات، بينما انشغل القادة العسكريون بإعادة ترتيب هياكل السلطة بدلًا من تعزيز قدرات مكافحة التمرّد، وتزامن ذلك مع انسحاب قوة برخان الفرنسية فى أغسطس ٢٠٢٢، ما أفسح فراغًا أمنيًا فى الشمال والشرق.
جماعة نصرة الإسلام والمسلمين «JNIM»
تُعدّ المظلة القاعدية بقيادة إياد غالي، الفاعل الأكثر رسوخًا فى بوركينا فاسو، وتتكوّن من أربع كتائب رئيسة، أبرزها «سرايا الصحابة» المنتشرة فى إقليم الساحل، وتستند استراتيجية التجنيد إلى ثلاثة محاور: الدعوة الدينية، المظلومية القَبَلية، والحوافز المادية عبر فرض الإتاوات على تجارة الماشية والذهب، وقدّر تقرير الأمم المتحدة ٢٠٢٤ عدد مقاتليها فى البلاد بنحو ٣٥٠٠ عنصرٍ نشط.
حاصرت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين بانتظام بلدات فى الشمال، وهو تكتيك واضح لإجبار السكان على الخضوع ومنع التعاون مع قوات أمن الدولة، وبحسب ما ورد تسبب هذا فى نقص حاد فى الغذاء والأدوية فى بعض المناطق، كما استهدف المتمردون مناجم الذهب، مما هدد قطاعًا اقتصاديًا رئيسيًا، ويقال إنه أدى إلى زيادة الإيرادات من تهريب الذهب.
وسعت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين مناطق دعمها الريفية فى شرق بوركينا فاسو، مما مكنها من محاصرة المراكز السكانية المعزولة وتنفيذ هجمات مميتة بشكل متزايد ضد قوات الأمن والمدنيين المقاومين.
ووفق مؤشر الإرهاب العالمى ٢٠٢٥، فإن جماعة نصرة الإسلام والمسلمين تعتبر الجماعة الإرهابية الأكثر بروزًا فى بوركينا فاسو، حيث تسببت فى نحو نصف الهجمات فى البلاد.
تنظيم داعش – ولاية الصحراء الكبرى «ISGS»
أُعيدت تسميته رسميًا إلى «ولاية الساحل» فى جريدة النبأ التابعة لداعش عام ٢٠٢٣، ويتّخذ من المثلث الحدودى بين مالى والنيجر وبوركينا فاسو قاعدة انطلاق، ويتميّز بتكتيك «الأرض المحروقة» الذى يشمل ذبح المدنيين وتفجير المدارس.
على الرغم من التراجع الملحوظ لنشاط التنظيم، حيث انخفضت أنشطته خلال عام ٢٠٢٤، فلم يُسجل سوى هجوم واحد، مقابل ثمانى هجمات فى عام ٢٠٢٣، وانخفض عدد الوفيات المرتبطة بداعش بنسبة ٩١٪.
الخلايا المحلية وشبكات تمويل
تنشط أنصار الإسلام – ذات الجذور البوركينية الخالصة– منذ ٢٠١٦ فى إقليم سوم، مستفيدةً من قياداتٍ محلية تعرف تضاريس المنطقة، وعلى الرغم من إعلان ولائها لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين عام ٢٠٢١، فإنها تحتفظ بهامش استقلالٍ لوجستي، كما ظهرت خلايا إرهابية «هجينة» تمزج بين تهريب الكوكايين القادم من خليج غينيا وتجارة السلاح من ليبيا، مما يعقّد المشهد الأمني.
تشير بيانات مجموعة «إيرين» إلى أنّ ٥٤ ٪ من موارد الجماعات تأتى من مناجم الذهب التى تُقدَّر قيمتها السنوية بنحو ٢.٤ مليار دولار، يليها الاتجار بالبشر والاختطاف وطلب الفدية، ويستهدف التجنيد القسرى شباب الفولانى والرعاة الرحّل، حيث يعِدهم القادة الميدانيون بالحماية من غارات الجيش.
الفقر والتهميش
وفقًا لتقرير البنك الدولى لعام ٢٠٢٣، يعيش ٤١ ٪ من السكان تحت خط الفقر الدولى «١.٩ دولار/اليوم»، وترتفع النسبة إلى ٦٣ ٪ فى الأقاليم الشمالية التى تسيطر عليها جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، ويعانى الشباب – الذين تقل أعمارهم عن ٢٥ عامًا ويمثّلون ٦٥ ٪ من السكان – من بطالةٍ مقنّعة تتجاوز ٣٠ ٪، هذا الفراغ الاقتصادى يجعل عرض «راتبٍ» شهرى يبلغ ١٥٠ دولارًا من الجماعات المسلحة مغريًا مقارنةً بمتوسط الدخل الوطنى «٧٤ دولارًا».
كما تتعرض دول الساحل الإفريقى وفى القلب منها بوركينا فاسو لتغيّرات مناخية قد تؤدى إلى صراع الموارد، حيث ارتفعت درجة الحرارة بمقدار ١.٢ م° منذ ١٩٨٠، وتراجع معدل هطول الأمطار ٧ ٪ خلال العقد الأخير، مما أدّى إلى تقلّص المراعى وازدياد احتكاك الرعاة الرحّل بالمزارعين المستقرين، وتستغل الجماعات الجهادية هذه النزاعات المحلية، فتقدّم نفسها كوسيطٍ أو حَكَمٍ يفرض «الشرعية الإسلامية»، ما يُكسبها شرعيةً اجتماعية.
جهود المكافحة
فى إطار جهود المكافحة تأسست قوات المتطوعين للدفاع عن الوطن «VDP»، كآلية تعبئة شعبية لمساندة الجيش فى القرى والأرياف التى تعانى من غياب دائم للقوات النظامية، على أن يكون المتطوع بين ١٨ و٣٥ عامًا؛ مُقيمًا فى الدائرة الإدارية نفسها؛ خاليَ السوابق؛ ملتزمًا بحضور دورة تدريبية أساسية واجتياز اختبار اللياقة.
وتُشرف وزارة الدفاع على هذه القوات عبر «القيادة المركزية للدفاع الشعبي» فى العاصمة واغادوغو، بينما تُشكَّل «خلايا محلية» تضمّ ٥٠–١٥٠ عنصرًا تحت قيادة شيخ قرية أو ضابط صف متقاعد، مما يتيح تحركها بسرعة لحماية طرق الإمداد أو مرافقة القوافل الإنسانية، ويحصل كل متطوع على بدلٍ شهرى يعادل ٥٠ دولارًا، وذخيرةٍ تكفى لدوريتَين أسبوعيًا.
بلغ العدد الرسمى للمنتسبين ٥٠٠٠٠ فى منتصف ٢٠٢٤، إلا أنّ تقارير داخلية تُشير إلى أنّ ٣٠٠٠٠ فقط يشاركون بانتظام بسبب نقص الذخيرة ووسائل النقل.
التحالف العسكرى الثلاثي
فى سبتمبر ٢٠٢٣، أعلنت بوركينا فاسو ومالى والنيجر «تحالف دول الساحل» بديلًا لمجموعة الساحل الخماسية المنهارة، يوفّر التحالف تبادل معلوماتٍ استخبارية عبر مركز عملياتٍ فى غاو بمالي، ونشر دورياتٍ مشتركة على الحدود، إلا أن ضعف التمويل – بعد تعليق الاتحاد الأوروبى مساعداته العسكرية – يحدّ من فعاليته.
أما عن جهود الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية فقد مدّد مجلس الأمن ولاية مكتب الأمم المتحدة لغرب أفريقيا، كما أطلقت إيكواس مبادرة «الممرات الإنسانية الآمنة» لإيصال الإغاثة إلى المناطق المحاصرة، غير أنّ الانقسامات داخل إيكواس – خصوصًا بعد الانقلابات فى مالى والنيجر وبوركينا – عطّلت تفعيل قوة التدخل السريع المقترحة عام ٢٠٢٢.
تداعيات إقليمية ودولية
كان للإرهاب بوركينا فاسو تداعيات إقليمية ودولية تتمثل فى انتقال العنف إلى دول خليج غينيا، حيث شهدت بنين ٣٨ هجومًا مسلحًا فى ٢٠٢٤، وتوغو ١٢ هجومًا، فيما أعلنت ساحل العاج إحباط ٥ خلايا جهادية، ويخشى خبراء من سيناريو «قوس عدم الاستقرار» الممتد من بحيرة تشاد إلى خليج غينيا إذا ما انهارت الدفاعات الحدودية.
أدّى تدهور الأمن إلى تغيير مسار الهجرة، فبدلًا من عبور النيجر إلى ليبيا مباشرة، يتجه المهاجرون إلى مالى ثم موريتانيا وصولًا إلى جزر الكناري، وقد ارتفعت أعداد الوافدين إلى إسبانيا عبر هذا الطريق بنسبة ١٨٪ فى الربع الأول من ٢٠٢٥، وفق الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل «فرونتكس».
بالإضافة إلى زيادة التنافس الدولى على الموارد والنفوذ فلا تزال فرنسا تحتفظ بقدراتٍ استخبارية فى نيامى وواغادوغو، وتقدّم دعمًا لوجستيًا محدودًا عبر طائرات «أتلانتيك ٢» المسيرة.
أما روسيا فتوسّع حضورها العسكرى عبر شركة Africa Corps التى حلت محل «فاغنر» بعد ٢٠٢٣، وتفاوض على عقود تعدين مناجم الذهب فى مانسيلا.
كذلك وقعت تركيا عقدًا لبيع ٦ مسيّرات «بيرقدار TB٢» فى ٢٠٢٤، وتدريب طواقم بوركينية فى قونية.
أما الصين فهى تستثمر ٣٠٠ مليون دولار فى تطوير منجم منغنيز بمنطقة تامباو، مع بناء طريقٍ يربطه بميناء أبيدجان.
سيناريوهات ٢٠٣٠
هناك ثلاثة سيناريوهات ترسم مستقبل بوركينا فاسو، السيناريو الأول هو الأكثر تشاؤمًا ويتمثل فى استمرار الانقلابات وفشل الانتقال المدني، ويتحقق ذلك السيناريو إذا فشل المجلس العسكرى فى تنظيم انتخاباتٍ قبل نهاية ٢٠٢٦، فمن المرجّح حدوث انقلابٍ «تصحيحي» جديد أو تفكك هياكل الدولة، ما يخلق «فراغا حكوميا» يسمح للجماعات بالتحوّل إلى إدارةٍ شبه رسمية للمناطق الريفية.
أما السيناريو الثاني، فهو السيناريو المعتدل ويتمثل فى نجاح التحالف الثلاثى وتعزيز القدرات التقنية، إذ قد يُفضى دمج المسيّرات الروسية والاستخبارات التركية والتدريب النيجيرى إلى تقليص قدرات جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وتنظيم داعش بنسبة ٤٠٪ بحلول ٢٠٢٨، بشرط تحسين سجلّ حقوق الإنسان، إلا أن أى انتهاكات واسعة قد تدفع السكان للانضمام إلى التمرّد.
ويتلخص السيناريو الثالث المتفائل فى مسار التنمية المستدامة والمصالحة المجتمعية، وهو يتطلّب مضاعفة الإنفاق الاجتماعى من ٥٪ إلى ١٠٪ من الناتج المحلى بحلول ٢٠٢٧، وإطلاق برنامج «ذهب آمن» لتنظيم التعدين الحرفى وفرض ضرائب شفافة، وإنشاء مجالس محلية للمصالحة تضمّ زعماء القبائل والعلماء، بما يمكن الحكومة من جذب استثماراتٍ خضراء بقيمة ١.٢ مليار دولار حتى ٢٠٣٠، مما يؤدى لخفض التجنيد والانضمام للتنظيمات الإرهابية بنسبة ٢٥٪.
المعالجة العسكرية لا تكفى
يؤكّد مسار العنف فى بوركينا فاسو أنّ المقاربة العسكرية وحدها غير كافية، فلا بدّ من مزيجٍ متوازن بين الأمن والتنمية والحكم الرشيد، يترافق مع آليات مصالحةٍ مجتمعية تعالج جذور التهميش، ويتأتى ذلك بتعزيز الحكم المحلى ونقل ٢٠٪ من الموازنة العامة إلى البلديات المتضرّرة بحلول ٢٠٢٦.
بالإضافة لإصلاح قوات المتطوعين للدفاع عن الوطن «VDP»، وتمديد التدريب إلى ٦ أسابيع، وتأسيس وحدة داخلية للرقابة والمساءلة، مع توفر برنامج تنموى حدودي؛ لتعبيد ٦٠٠ كم من الطرق الريفية، وبناء ١٢٠ مدرسة و٦٠ مركزًا صحيًا بحلول ٢٠٢٨.
وضرورة خلق حوارٌ إقليمى موسّع، بإنشاء منتدى سنوى لدول الساحل وخليج غينيا بوساطة الاتحاد الأفريقي.
أهم الهجمات الإرهابية في بوركينا فاسو من (2016 - 2025)

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العين الإخبارية
منذ يوم واحد
- العين الإخبارية
قبل انتخابات اليابان.. الأرز يهدد مستقبل شيغيرو إيشيبا
تمثل أسعار الأرز المرتفعة بشدة خطرا على رئيس الوزراء، شيغيرو إيشيبا، مع اقتراب الانتخابات الوطنية في اليابان. وقبل أسابيع قليلة من الانتخابات الوطنية المهمة، تواجه الحكومة اليابانية انخفاضًا قياسيًا في نسب التأييد، حيث يُعرب المستهلكون عن غضبهم من ارتفاع أسعار الأرز. وفشلت محاولات خفض سعر الأرز الذي يعد الغذاء الأساسي في اليابان مما دفع البعض إلى إطلاق دعوات لخفض ضريبة الاستهلاك (ضريبة المبيعات) لتخفيف أزمة غلاء المعيشة، وفقا لما ذكرته صحيفة "الغارديان" البريطانية. وكشفت الصحيفة، أن استطلاع جديد أجرته وكالة "كيودو" اليابانية للأنباء أظهر أن المستهلكين يُحمّلون حكومة رئيس الوزراء، شيغيرو إيشيبا، مسؤولية تزايد الضغوط على ميزانية الأسر. ووفقا للاستطلاع، بلغت نسبة تأييد حكومة إيشيبا، 27.4%، وهي أدنى نسبة منذ توليه منصبه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. كما أنها تمثل انخفاضا يزيد عن 5 نقاط مئوية خلال الشهر الماضي. وحتى الآن، استبعد الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم، الذي ينتمي إليه إيشيبا، خفض ضريبة الاستهلاك البالغة 10%، والتي من المتوقع أن تكون محورًا رئيسيًا في انتخابات مجلس الشيوخ في يوليو/تموز المقبل. وبالفعل، يواجه إيشيبا ضغوطًا بعدما خسر الحزب الليبرالي الديمقراطي وشريكه الأصغر في الائتلاف أغلبيتهما في مجلس النواب الخريف الماضي. ووفق التقرير، ستؤدي الخسائر الكبيرة في مجلس الشيوخ إلى زيادة دعوات المعارضين داخل الحزب، لاستقالة شيغيرو إيشيبا. وأشار استطلاع "كيودو" إلى أن ما يقرب من ثلاثة أرباع المشاركين قالوا إنه ينبغي خفض الضريبة، التي تُفرض على مجموعة واسعة من السلع والخدمات، "على المواد الغذائية فقط" أو "على جميع المنتجات" أو إلغاؤها تمامًا. وقال أكثر من 87% من المشاركين، إن جهود الحكومة لضبط أسعار الأرز "غير كافية". محاولات لحل الأزمة وفي وقت سابق من العام الجاري، اتخذت حكومة إيشيبا خطوة غير مألوفة بالسحب من احتياطياتها الضخمة من الأرز. وفي مارس/أذار الماضي، بدأت الحكومة في الإفراج عن الأرز المُخزّن في محاولة لوقف ارتفاع الأسعار الذي أُرجع إلى مجموعة من العوامل، بما في ذلك ارتفاع الطلب الناجم جزئيًا عن ازدهار السياحة، واختناقات التوزيع، والاشتباه في قيام تجار الجملة والموزعين بتخزينه تحسبًا لمزيد من النقص. لكن هذه الخطوة، التي عادةً ما تُخصص للنقص الناجم عن الكوارث الطبيعية وفشل المحاصيل، لم تُحقق الأثر المرجو، حيث انخفضت أسعار الأرز المحلي بشكل طفيف فقط. وبلغ متوسط سعر الأرز في المتاجر الكبرى 4214 ينًا (29 دولارًا) لوزن 5 كيلوغرامات خلال الأسبوع المنتهي في 4 مايو/أيار، وفقًا لوزارة الزراعة التي أشارت إلى أن هذا السعر أقل بمقدار 18 ينًا من أعلى مستوى له على الإطلاق والمسجل قبل أسبوع، ولكنه لا يزال حوالي ضعف السعر في نفس الفترة من العام الماضي. وأجبرت أزمة الأرز المتفاقمة المطاعم والمستهلكين اليابانيين على اللجوء إلى الواردات الأرخص مثلما حدث في أبريل/نيسان الماضي حين استوردت اليابان أرزًا من كوريا الجنوبية لأول مرة منذ ربع قرن. aXA6IDMxLjU4LjI1LjE0NCA= جزيرة ام اند امز GB


حلب اليوم
منذ 3 أيام
- حلب اليوم
ماذا تعني تسوية ديون سوريا لدى البنك الدولي؟
تمكنت سوريا من تسوية ديونها لدى البنك الدولي، بمساعدة كل من قطر والمملكة العربية السعودية، اللتين تكفلتا بتسديد المبالغ المستحقة على الخزينة السورية منذ عهد النظام السابق. وتعتبر الديون المترتبة على الحكومة السورية غير ذات قيمة كبيرة مقارنة بالكثير من الدول، إلا أن تسويتها ستتيح لها الحصول على مزيد من المساعدة، والتقدم في مجال الاستثمار. ونقلت وكالة 'رويترز' للأنباء، عن البنك الدولي، صباح اليوم السبت أنه سوّى ديون سوريا البالغة 15.5 مليون دولار، ما يؤهلها لبرامج جديدة وللحصول على منح بملايين الدولارات لإعادة الإعمار. وقال الخبير الاقتصادي السوري، فراس شعبو، لحلب اليوم، إن دفع قطر والسعودية للمستحقات مكّن من التسوية، حيث أصبحت الديون المترتبة على سوريا صفرًا وهذا الأمر سيسمح لها بأن تستفيد من خدمات يقدمها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وأوضح أن تلك الخدمات هي بالأساس لوجستية أو فنية أو استشارية، مرجحًا أن يكون هناك تحسّن في القطاع المالي والاقتصادي للبلد من خلال بعض التوصيات، وأن 'نستفيد من المنح التي يقدمها، فنحن بحاجة إلى قروض في الفترة الحالية حتى نستطيع التقدم إلى الأمام؛ وبحاجة قروض ميسرة وقروض طويلة الأجل تستخدم في دعم الاقتصاد'. وذكر بيان البنك أن مدفوعات من السعودية وقطر استُخدمت لسداد متأخرات سوريا، مشيراً إلى أن ذلك يجعلها مؤهلة لبرامج جديدة وللحصول على منح بملايين الدولارات لإعادة الإعمار ودعم الميزانية. وحول ذلك أوضح الخبير الاقتصادي السوري، أن الاقتصاد السوري اليوم لا يتحمل أعباء الديون، 'ونحن نطمح إلى أن نحصل على الدعم بدلًا من الدّين فهناك منح قيّمة لهذه السنة، حيث تمّ الإعلان عن منحة تبلغ نحو 150 مليون دولارًا، قد تزيد إلى 200 مليون العام القادم و 350 مليونًا في العام الذي يليه، موجهة إلى قطاعات البنية التحتية ودعم الفئات الفقيرة والهشة وعودة اللاجئين بشكل أساسي'. وأشار إلى أن هذا 'من الممكن أن يسهم بشكل كبير في تحسين وضع الاقتصاد ورسم رؤى اقتصادية سليمة للبلد فاليوم نحن في حاجة لأي مساعدة من أية جهة إقليمية محلية دولية'. وبحسب البنك الدولي فإنه حتى 12 أيار، لم يكن لدى سوريا أية أرصدة مستحقة لدى المؤسسة الدولية للتنمية، وهي صندوق البنك لمساعدة البلدان الأشد فقراً. وحول ما إذا كانت هناك مخاوف من اللجوء للبنك الدولي، قال شعبو إن النظام السابق كان يُثير الخوف والشكوك من صندوق النقد والبنك الدولي، و'لكن بوسعنا اليوم أن نتعامل معه وفق شروطنا في حال وافق عليها دون أن ندخل في متاهة السياسة المالية والنقدية المتخذة من قبل هذه المؤسسة لأنه بالفعل هناك انتقادات لها'. ومضى بالقول: 'أعتقد لكون سوريا بلدًا شبه منهار بالنسبة للمؤسسات الحكومية القائمة، هناك حاجة بشكل دائم إلى استقرار سياسي وإلى مؤسسات قوية على الأرض وأن يكون لدى الحكومة ولدى الدولة السورية ما يمكّنها من العمل'. أما عن مسألة إعادة الإعمار فيرى شعبو أنه 'يجب أولًا معرفة ما هي القطاعات المستهدفة وما هي الأولوية في ذلك وكم ستكون تكلفة إعادة الإعمار المتوقعة حتى تُقدم البيانات للدول وعلى أساسها يُعقد 'مؤتمر إعادة الإعمار' '. لكنه يعتقد أن الموضوع لا يزال بعيدًا، 'ويجب أن ننتظر حتى تتبلور الرؤية الاقتصادية السورية على الأقل، ولكن كحد أدنى يمكن تأمين البنى التحتية مثل الطرق وشبكة النقل'. وكانت وزارة الخارجية السورية قد أعربت عن شكرها وتقديرها العميق للسعودية وقطر على 'المبادرة الأخوية الكريمة'، مؤكدة أن 'هذه الخطوة تعكس حرصاً مشتركاً على دعم الشعب السوري وتخفيف الأعباء الاقتصادية عنه'.


البوابة
منذ 5 أيام
- البوابة
الهروب الكبير.. سباق عالمى على الباحثين الأمريكيين فى ظل تخفيضات إدارة ترامب لتمويل البحوث الأمريكية
مع تطبيق الرئيس دونالد ترامب تخفيضات جذرية فى تمويل العلوم والبحوث الأمريكية، تنتهز دول العالم الفرصة لجذب الباحثين والأكاديميين الأمريكيين المحبطين. بعد أن كانت تُعتبر رائدة عالميا فى الابتكار العلمي، تشهد الولايات المتحدة الآن هجرة جماعية للمواهب مدفوعةً بسياسات تقييدية، وتخفيضات فى التمويل، وبيئة معادية للمهاجرين بشكل متزايد. دفعت هذه التطورات الدول المنافسة إلى اتخاذ خطوات استباقية لاستقطاب باحثين من الطراز الأول من أمريكا، مستغلةً ما يُوصف بـ"فرصة نادرة لاكتساب العقول". لعقود، كانت الولايات المتحدة نقطة جذب لألمع العقول فى العالم، حيث وفرت ميزانيات بحثية لا مثيل لها، ومرافق متطورة، ورواتب تنافسية. فى عام ٢٠٢٤، أنفقت الولايات المتحدة ما يقرب من تريليون دولار - أى ما يعادل ٣.٥٪ تقريبًا من ناتجها المحلى الإجمالى - على البحث والتطوير. مع مساهمة الحكومة بنحو ٤٠٪ من هذا الإنفاق، لطالما كانت البلاد فى طليعة التقدم العلمى والتكنولوجي. إلا أن سياسات إدارة ترامب، بما فى ذلك خفض التمويل الفيدرالى للمؤسسات العلمية وتقييد مواضيع البحث، قد عرّضت هذه القيادة للخطر. حملة عالمية نتيجةً لذلك، تتنافس دولٌ حول العالم الآن على استقطاب الباحثين الأمريكيين، مقدمةً لهم التمويل والحرية الأكاديمية وتحسين ظروف المعيشة، فى محاولةٍ لوقف هجرة الأدمغة. على سبيل المثال، التزم الاتحاد الأوروبى مؤخرًا بمبلغ إضافى قدره ٥٠٠ مليون يورو (٥٥٦ مليون دولار) على مدى العامين المقبلين لجعل القارة وجهةً أكثر جاذبيةً للباحثين. ورغم أن هذا الاستثمار متواضعٌ مقارنةً بميزانيات الولايات المتحدة، إلا أنه يعكس إدراكًا متزايدًا بأن هذه لحظةٌ حاسمةٌ لإعادة تشكيل المشهد البحثى العالمي. وتحذو دولٌ أخرى حذوها بمبادراتٍ مُستهدفة. فقد تعهدت فرنسا بتقديم ١١٣ مليون دولار لجذب الباحثين الأمريكيين، كما قدمت مؤسساتٌ مثل جامعة إيكس مرسيليا ما يصل إلى ١٦.٨ مليون دولار لتمويل المواهب الأجنبية. خصصت إسبانيا ٤٥ مليون يورو (٥٠ مليون دولار) لجذب الباحثين، بينما يقدم برنامج كتالونيا ٣٤ مليون دولار لرعاية علماء أمريكيين ذوى كفاءة عالية. الجاذبية المالية فى حين أن الرواتب فى أوروبا أقل عمومًا من تلك فى الولايات المتحدة، إلا أن شبكات الأمان الاجتماعى القوية فى القارة تُسهم فى تعويض هذا الفارق. فالرعاية الصحية والتعليم المجانيان وانخفاض تكاليف المعيشة فى بعض المناطق تجعل أوروبا خيارًا جذابًا للباحثين الباحثين عن الاستقرار وجودة الحياة. فى فرنسا، يمكن للباحث أن يتوقع دخلًا شهريًا يقارب ٣٦٠٠ يورو قبل الضرائب، مقارنةً براتب شهرى يبلغ حوالى ٦٦٨٥ دولارًا أمريكيًا لزميل ما بعد الدكتوراه فى الولايات المتحدة. على الرغم من فجوة الرواتب، تُعتبر المزايا الاجتماعية السخية التى تقدمها الدول الأوروبية عامل جذب رئيسي، لا سيما لمن يسعون إلى توازن أفضل بين العمل والحياة والحرية الأكاديمية. نداءات وطنية بذلت عدة دول جهودًا خاصة للتواصل المباشر مع الباحثين الأمريكيين، مؤكدةً على الحريات السياسية والأكاديمية التى تتعرض لتهديد متزايد فى الولايات المتحدة. وجهت الدنمارك نداءً للباحثين الأمريكيين مؤكدةً دعمها للعلم والحقائق، حتى أنها استخدمت أغنية "وُلِد فى الولايات المتحدة الأمريكية" لبروس سبرينغستين فى حملة ترويجية. وحثّ وزير التعليم السويدي، يوهان بيرسون، الباحثين الأمريكيين على التفكير فى الانتقال إلى السويد، مشيرًا إلى أن السويد تُقدّر الحرية الأكاديمية والنزاهة العلمية. تُقدّم النرويج ١٠٠ مليون كرونة (٩.٦ مليون دولار) لتمويل الباحثين الأمريكيين والدوليين، مُدركةً الضغط المتزايد على الحرية الأكاديمية فى الولايات المتحدة. وتُخطّط المملكة المتحدة لتخصيص ٥٠ مليون جنيه إسترلينى (٦٦ مليون دولار) لنقل العلماء الدوليين، بينما تُستثمر كندا فى جهود التوظيف، مثل برنامج شبكة الصحة الجامعية الذى تبلغ قيمته ٢١.٥ مليون دولار لاستقدام ١٠٠ عالم من الولايات المتحدة. وأعلنت دول أخرى، منها أستراليا والبرتغال والنمسا، عن برامج مماثلة لدعم الباحثين الذين يشعرون بخيبة أمل من سياسات إدارة ترامب. على سبيل المثال، أطلقت الأكاديمية الأسترالية للعلوم حملة بحث عالمية عن المواهب لجذب ألمع العقول المُغادرة للولايات المتحدة، مُشددةً على الفرصة الفريدة لتأمين مواهب بحثية رفيعة المستوى. تزايد الاستياء كشف استطلاع رأى أجرته مجلة "نيتشر" فى مارس أن ٧٥٪ من طلاب الدكتوراه وباحثى ما بعد الدكتوراه فى الولايات المتحدة يُفكّرون فى مغادرة البلاد بسبب سياسات إدارة ترامب. يشعر الكثيرون بقلق بالغ إزاء تآكل الحرية الأكاديمية والتدخل السياسى فى البحث العلمي. وقد أدى تغيير الأولويات فى ظل الإدارة الحالية، إلى جانب حالة عدم اليقين المحيطة بسياسات الهجرة، إلى شعور العديد من الباحثين الأمريكيين بخيبة الأمل وعدم التقدير. قد يكون للتنافس العالمى المتزايد على المواهب الأمريكية تداعيات طويلة المدى على البحث والابتكار الأمريكيين. فبينما تواجه الولايات المتحدة احتمال فقدان بعضٍ من ألمع عقولها، تُهيئ دول العالم نفسها للاستفادة من هجرة المواهب هذه. ويعتمد نجاح الولايات المتحدة فى استعادة مكانتها كقائدة فى مجال البحث العالمى على قدرتها على عكس هذه الاتجاهات وإعادة إرساء بيئة تُقدّر البحث العلمى والحرية الأكاديمية. فى غضون ذلك، تُهيئ دول فى أوروبا وآسيا والأمريكيتين نفسها لتصبح مراكز عالمية جديدة للبحث، مُقدمةً التمويل والحرية الأكاديمية وظروف معيشية مُحسّنة، فى محاولة لجذب المواهب الأمريكية المُهجّرة. وبينما يتكيف مجتمع البحث الدولى مع هذا الواقع الجديد، يبقى أن نرى كيف ستتغير الديناميكيات العالمية للابتكار العلمى فى السنوات القادمة. *نيويورك تايمز