logo
الشباب السوري وصناعة الدولة الجديدة: من الثورة إلى بناء النظام السياسي.

الشباب السوري وصناعة الدولة الجديدة: من الثورة إلى بناء النظام السياسي.

إيطاليا تلغرافمنذ 8 ساعات

إيطاليا تلغراف
جميل العبدالله
باحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية
المقدمة
في لحظة التحوّل السياسي التي تعيشها سوريا بعد سقوط النظام البائد، تتجه الأنظار إلى فئة الشباب باعتبارها الركيزة الأساسية لبناء مستقبل مختلف.
ما يُلفت الانتباه في المرحلة الانتقالية الراهنة هو الحضور المتزايد لعدد من الوجوه الشابة ضمن التشكيلة الوزارية الجديدة، وهو مؤشر إيجابي على أن هناك إرادة فعلية لإشراك الشباب في مواقع القرار وصناعة السياسات. هذا التحول، وإن كان لا يزال في بداياته، يُعبّر عن فهم جديد لطبيعة المرحلة، وحاجة الدولة إلى دماء جديدة قادرة على استيعاب تعقيدات الحاضر، والتفكير في آفاق المستقبل.
لقد كان الشباب في طليعة الثورة السورية، وها هم اليوم مطالبون بأن يكونوا في طليعة بناء الدولة الجديدة، دولة العدالة والتعددية والسيادة الوطنية.
من ضحايا الماضي إلى صُنّاع المستقبل
الشباب السوري هم الجيل الذي عاش صدمة القمع والانقسام والتهجير، لكنه في الوقت نفسه، جيل تجاوز الخوف، وخرج يهتف لسوريا حرة.
لقد تَعرّضوا على مدى عقود للتهميش والإقصاء من الفضاء السياسي، حيث تم اختزال دورهم في واجهات حزبية لا تعترف بالكفاءة ولا تتيح فرصًا حقيقية للمشاركة.
بعد الثورة، وبعد انهيار النظام البائد، برزت هذه الفئة من جديد، لا كمجرد ضحايا، بل كقوة اجتماعية وسياسية تملك مشروعًا وطنيًا، قائمًا على فكرة المواطنة والمشاركة والتعددية.
الفراغ السياسي والفرصة التاريخية
رغم أن الفضاء السياسي لا يزال في طور التشكل، إلا أن الفرصة اليوم متاحة أمام الشباب لإعادة تعريف دورهم، من خلال:
• تأسيس أحزاب مدنية تُعبّر عن قضاياهم وتطلعاتهم.
• إنشاء اتحادات طلابية ومجالس محلية مستقلة.
• إطلاق مبادرات شبابية سياسية وثقافية داخل سوريا وفي المهجر.
هذا الانفتاح السياسي الجديد يمنح الشباب دورًا يتجاوز التبعية، ويفتح أمامهم باب التأثير الحقيقي في بناء النظام السياسي الجديد.
الشباب والدستور القادم: شراكة لا هامش
إن مناقشة شكل الدولة ونظام الحكم يجب ألا تكون حكرًا على نخب تقليدية.
من حق الشباب – بل من واجبهم – أن يشاركوا في صياغة الدستور القادم، لأنه سيحكم حياتهم لعقود مقبلة.
ينبغي أن يكون لهم تمثيل واضح في اللجنة الدستورية، وفي جميع العمليات التشاورية، لضمان أن الدستور يعكس تطلعاتهم، ويحفظ حقوقهم، ويضمن توازن السلطات والعدالة السياسية والاجتماعية.
التمكين السياسي: من الرؤية إلى التطبيق
لا يكفي الاعتراف بدور الشباب نظريًا، بل يجب تحويله إلى سياسات عملية، من أبرزها:
• تخصيص نسبة من مقاعد البرلمان والمجالس المحلية لفئة الشباب.
• تمكين الكفاءات الشابة من تولي مناصب تنفيذية في الحكومة.
• دعم برامج التدريب السياسي والقيادي للشباب داخل وخارج سوريا.
• إدراج مفاهيم التربية المدنية والحقوق السياسية في المناهج المدرسية والجامعية.
تحديات الواقع وآفاق التغيير
لا أحد ينكر حجم التحديات التي تواجه الشباب السوري اليوم:
النزوح، البطالة، ضعف الخدمات، الانقسام المجتمعي، وفقدان الثقة بالسياسة.
لكن في المقابل، يمتلك هذا الجيل أدوات لم تكن متاحة سابقًا، مثل الإعلام الرقمي، وشبكات التواصل، والتجربة السياسية المتراكمة في سنوات الثورة.
وهناك حاجة ملحة لتفعيل دورهم في المصالحة الوطنية، وإعادة بناء الثقة، وقيادة التحول السلمي.
دروس من تجارب دولية
تُظهر التجارب المقارنة أن إشراك الشباب في المراحل الانتقالية ليس رفاهية، بل ضرورة.
• في تونس، شكّل الشباب جزءًا مهمًا من المجلس التأسيسي.
• في رواندا، لعبوا دورًا رئيسيًا في لجان الحقيقة والمصالحة.
• في أوكرانيا، كان الحراك الطلابي نواة للتحول السياسي.
وسوريا ليست استثناء، بل هي بحاجة إلى شبابها أكثر من أي وقت مضى.
الخاتمة
إن مستقبل النظام السياسي في سوريا لا يمكن أن يُبنى بعقلية ما قبل الثورة، ولا يمكن أن يُدار بمنطق الإقصاء والمحسوبيات.
الشباب هم الكتلة الحيوية القادرة على حمل مشروع الدولة الديمقراطية، الوطنية، الجامعة.
والمطلوب اليوم هو منحهم الثقة، والمساحة، والأدوات، لاختبار قدرتهم على القيادة وصناعة القرار.
فكما كانوا في الخط الأول حين خرجوا يطالبون بالحرية، ينبغي أن يكونوا اليوم في الصف الأول، يرسمون ملامح سوريا الجديدة، دولة العدل، والكرامة، والسيادة.
المراجع:
1. المركز السوري لبحوث السياسات – تقرير 'جيل ما بعد الثورة'، 2023
2. معهد الدوحة للدراسات العليا – 'الشباب والانتقال الديمقراطي'، 2022
3. Carnegie Middle East – 'الشباب السوري والمجال العام'، 2024
4. الأمم المتحدة – دليل تمكين الشباب في الدول الخارجة من النزاعات
5. مقابلات ميدانية مع نشطاء شباب من الداخل السوري والمهجر
إيطاليا تلغراف

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ممثلا لرئيس الجمهورية، شايب يحل بالإكوادور لحضور مراسم تنصيب رئيس الجمهورية المنتخب
ممثلا لرئيس الجمهورية، شايب يحل بالإكوادور لحضور مراسم تنصيب رئيس الجمهورية المنتخب

الجمهورية

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجمهورية

ممثلا لرئيس الجمهورية، شايب يحل بالإكوادور لحضور مراسم تنصيب رئيس الجمهورية المنتخب

ممثلا لرئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، حل كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية، المكلف بالجالية الوطنية بالخارج، السيد سفيان شايب، يوم الجمعة، بجمهورية الإكوادور، لحضور مراسم تنصيب رئيس الجمهورية المنتخب، السيد دانييل نوبوا أزين، التي ستجرى يومي 23 و24 ماي الجاري بالعاصمة كيتو، حسب ما أورده بيان لوزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الافريقية.

النفاثات في العقد
النفاثات في العقد

الشروق

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشروق

النفاثات في العقد

كل من قرأ كتاب الشيخ أحمد حماني 'الصراع بين السنة والبدعة'، أو كما سماه الراحل أيضا: 'القصة الكاملة للسطو بالإمام الرئيس عبد الحميد بن باديس'، يلاحظ ما بذله رائد النهضة الجزائرية من جهد واجتهاد، لأجل أن يحرر العقول من الخزعبلات، التي عشّشت فيها، وساهم الاستعمار في ترسيخها، من خلال رفع قيمة وسلطة الطرقيين و'المرابطين' كما كانوا يُسمّون في ذاك الزمن التعيس. وبحسب رواية الراحل أحمد حماني، وهو تلميذ الشيخ ابن باديس، فإن رائد النهضة لم يتوقف عند الخطب والكتابة، فكان يطرق أبواب المشعوذين، فإن عجز عن منعهم عن النصب على عامة الناس، استعمل القوة لردعهم، وكان لا يرى أي نهضة ممكنة للأمة من دون أن تُكنس هذه الطائفة من مجتمعنا ويُكنس خصوصا ما عشّش في عقول الناس بأن هؤلاء بإمكانهم الإتيان بالأذى وأيضا بالخير، ويعتبر ذلك شركا يُبعد فاعله عن الإسلام الذي جاءت فرنسا لأجل قبره. يحزّ في النفس أن نقرأ في الصحف عن مشعوذ جمع أموالا قارونية في ظرف وجيز، ويحزّ في النفس أكثر عندما نعلم بأن من ضحاياه أو دعونا نقُل من 'المسلّمين المكتّفين' كل أطياف المجتمع بما في ذلك من حملوا شهادات جامعية، وحتى لا نترك الأمور تسير إلى الاتجاه الخطأ، فإن هذه الحملة التي نظمها بعض الشباب عن حسن نية لأجل تطهير المقابر، يجب أن تتوقف حالا، فمن غير المعقول أن يؤمن هؤلاء بأن الصور التي وُجدت مدسوسة في التراب أو الأقفال والتمائم بإمكانها أن تؤذي آمنا في بيته أو مسالِمة تعيش حياتها في هدوء. قرأنا كل النسخ الأصلية من صحف الشيخ ابن باديس، من 'المنتقد' إلى 'الشهاب'، وكل الافتتاحيات التي كان يتفضل بها الشيخ ابن باديس مع رعيله الفاضل وطائفة من علماء الجمعية الأجلاء، وكانت صحيفة 'الشهاب' تضع ركنا خاصا بالفتاوى يتولى رائد النهضة الإجابة فيه عن تساؤلات أبناء الجزائر منذ قرن من الزمان، فلم تستوقفنا قطّ حكايات عين الحسود والسحر المتمكّن أو الجن الساكن في الأجساد أو الرقية التي يجب أن تنقذ هذا الشعب البائس، الذي تتهاطل عليه الشرور من المسمى 'شمهروش'، حتى إنك تخال السنوات الأخيرة للشيخ ابن باديس كانت منيرة وأسّست لفكر علمي وثوري، أنجب فكر مالك بن نبي وعبد الرحمان شيبان وأحمد زبانة وعبد الحميد مهري والعربي بن مهيدي… أكيد، أن التشوّهات التي تطال أعضاء الموتى، من قطع أصابع وأيدٍ أو دسّ في تراب القبور للصور والمسامير والشعور، هو جريمة يُسأل عنها الفاعلون وحتى مصالح البلدية العاجزة عن حماية ميّت في قبره، لكن التشوّهات التي طالت عقول الأحياء، أكثر إيلاما، فالسحر لا يحقق مراده، وقد قال تعالى: 'ولا يفلح الساحر حيث أتى'، والغيب لا يمتلك مفاتيحَه غيرُ الله، وقد قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: 'ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير'، والذين ينظّفون القبور، عليهم أن يقتنعوا بأنهم ينظفونها من الوسخ والرجس، وليس من أذى الناس، وإلا دخلوا دائرة المؤمنين بقوة السحرة.. دائرة الشرك.

إريتريا تفرج عن 37 صياداً يمنياً بعد احتجاز قاسٍ استمر شهراً
إريتريا تفرج عن 37 صياداً يمنياً بعد احتجاز قاسٍ استمر شهراً

خبر للأنباء

timeمنذ ساعة واحدة

  • خبر للأنباء

إريتريا تفرج عن 37 صياداً يمنياً بعد احتجاز قاسٍ استمر شهراً

أفرجت السلطات الإريترية، الجمعة، عن 37 صياداً من أبناء محافظة الحديدة، غربي اليمن، بعد احتجاز دام نحو شهر كامل، وسط ظروف وصفتها مصادر حقوقية بـ"القاسية وغير الإنسانية". ووصل الصيادون المحررون إلى مرسى مديرية الخوخة بمحافظة الحديدة، بحسب ما أفادت مصادر محلية، مشيرة إلى أن السلطات الإريترية صادرت قواربهم ومعداتهم خلال فترة احتجازهم، ما يشكّل ضربة مباشرة لمصدر دخلهم الوحيد. وقالت مصادر حقوقية، إن الصيادين أُخضعوا لمعاملة مهينة، وظروف احتجاز قاسية تضمنت أعمالاً شاقة وتجريداً من أبسط حقوقهم، في انتهاك صارخ للقوانين الإنسانية والبحرية الدولية. وسبق أن احتجزت السلطات الإريترية مئات الصيادين خلال السنوات الماضية أثناء ممارستهم الصيد في المياه الإقليمية المتنازع عليها، واحتجزوا لأشهر دون محاكمات، وسط صمت دولي لافت. وتطالب منظمات حقوقية الحكومة اليمنية والمجتمع الدولي بالتحرك لحماية الصيادين اليمنيين، وضمان حرية الملاحة الآمنة في المياه الإقليمية، وتقديم الدعم للمفرج عنهم لتعويض خسائرهم.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store