logo
توترات الشرق الأوسط تحدث صدمة في أسعار الغذاء عالميا

توترات الشرق الأوسط تحدث صدمة في أسعار الغذاء عالميا

الجزيرةمنذ 20 ساعات

حذّر رئيس إحدى أكبر شركات الأسمدة في العالم من أن تصاعد التوترات في الشرق الأوسط قد يُحدث صدمة جديدة في أسعار الغذاء، لضغطه على سلاسل التوريد العالمية لمُغذيات المحاصيل والطاقة.
ونقلت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية عن الرئيس التنفيذي لمجموعة يارا النرويجية، سفين توري هولسيثر، قوله إن شركات الأسمدة وعملاءها "يراقبون عن كثب" المخاطر المحيطة ب مضيق هرمز ، الذي يمر عبره 40% من اليوريا في العالم و20% من تدفقات الغاز الطبيعي المُسال العالمية، مُحذرًا من أن أي اضطراب قد يؤثر على إنتاج الغذاء العالمي.
تقلبات شديدة
وأضاف أن أسواق الأسمدة "شهدت تقلبات شديدة خلال الأسبوعين الماضيين"، مشيرًا إلى أن هذه التطورات تعكس مدى الترابط العميق بين الأمن الإقليمي وسلاسل الإمداد العالمية، لاسيما في القطاعات الحيوية كالطاقة والغذاء.
وأشار هولسيثر إلى الإغلاق الأخير لحقول الغاز الإسرائيلية، الذي عطّل إنتاج الأسمدة في مصر، كدليل على مدى سرعة تأثير التوترات الإقليمية على سلاسل التوريد.
وتصاعدت التوترات بين إيران وإسرائيل بشكل حاد هذا الشهر، مما دفع سعر خام برنت إلى ما يزيد عن 80 دولارًا للبرميل قبل أن يتراجع إلى ما يقارب 60 دولارًا بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وحذّر محللو الصناعة من توقف أكثر من خُمس إنتاج اليوريا العالمي بسبب الصراع وانقطاع الإمدادات، وقالت كبيرة محرري الأمونيا في شركة الاستشارات "آي سي آي إس"، سيلفيا تراغانيدا: "أغلقت إيران جميع مصانع الأمونيا لأسباب أمنية، بينما لا تزال مصر متوقفة عن العمل بسبب توقف تدفقات الغاز الإسرائيلي".
وحذّرت شركة الاستشارات "سي آر يو" من أن ضربات إسرائيل على إيران والهجمات الانتقامية "أدت إلى اضطراب كبير في أسواق النيتروجين" في غضون أيام قليلة من الأحداث، وشكلت "تهديدات مستمرة لإمدادات الفوسفات والبوتاس والكبريت من المنطقة".
وفقًا لبيانات سي آر يو، يمر ما يقرب من ثلث صادرات اليوريا، و44% من صادرات الكبريت، وما يقرب من خُمس صادرات الأمونيا عبر دول تقع غرب مضيق هرمز، أو ينتج فيها.
نظام هش
وقال الرئيس التنفيذي لمجموعة يارا النرويجية، سفين توري هولسيثر: "النظام الغذائي هش. إذا ظلت [أسعار الطاقة] مرتفعة بمرور الوقت، فسيؤثر ذلك أيضًا على النظام الغذائي، كما حدث في عام 2021 وحتى عام 2022 مع اندلاع الحرب [في أوكرانيا ]".
وحدث آخر اضطراب كبير في أسواق الأسمدة في عام 2022، عندما أدت الحرب في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي بشكل كبير، وأدى إلى ارتفاع حاد في تكاليف الأسمدة، مما أسهم في أزمة أسعار الغذاء العالمية.
ومنذ ذلك الحين، انخفضت أسعار مغذيات المحاصيل مع تراجع سوق الغاز الطبيعي، لكن صناعة الأسمدة في أوروبا ظلت تحت الضغط مع استحواذ الواردات الروسية على حصة أكبر من السوق، وفق هولسيثر، لدى عودته من أول زيارة له إلى أوكرانيا منذ بداية الحرب في فبراير/شباط 2022.
وفي حين أن العقوبات كبَحت صادرات الغاز الطبيعي الروسي، إلا أن أحد المدخلات الأساسية في الأسمدة النيتروجينية والأغذية ومغذيات المحاصيل ظل معفيًا، ما يسمح لموسكو بإعادة توجيه غازها من خلال إنتاج الأسمدة.
ورحب هولسيثر بالخطوة الأخيرة التي اتخذها الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم جمركية على الأسمدة الروسية، لكنه وصفها بأنها متأخرة، وقال إن أوروبا بحاجة إلى تجنب "تكرار الأخطاء" التي ارتُكبت في واردات الطاقة فيما يتعلق بالغذاء.
واتهم رئيس شركة يارا موسكو باستخدام الغذاء والأسمدة كسلاح، سواء من خلال توسيع صادرات الأسمدة لزيادة الاعتماد العالمي على إمداداتها أو من خلال استهداف الزراعة المدنية في أوكرانيا في حملة لتدمير دور البلاد كواحدة من القوى الزراعية الكبرى في العالم.
وقال هولسيثر "ثمة صراع عسكري، لكنْ هناك كذلك صراع يُستخدم فيه الغذاء كسلاح"، مضيفًا أن أكثر من 20% من الأراضي الزراعية في أوكرانيا أصبحت الآن ملغومة أو محتلة أو غير صالحة للاستخدام.
وقبل الحرب، كانت صادرات أوكرانيا الغذائية، التي شملت ما يصل إلى 50 مليون طن من الحبوب، تُطعم حوالي 400 مليون شخص سنويًا.
وأضاف هولسيثر أن إنتاج البلاد من الحبوب والبذور الزيتية انخفض من 78 مليون طن في عام 2023 إلى 72.9 مليون طن هذا العام، مما يعكس التأثير المتزايد للحرب على الإنتاج الزراعي للبلاد.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

إنعاش الاقتصاد السوري.. موارد طبيعية بانتظار استثمارها
إنعاش الاقتصاد السوري.. موارد طبيعية بانتظار استثمارها

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

إنعاش الاقتصاد السوري.. موارد طبيعية بانتظار استثمارها

يتابع السوريون باهتمام حركة الاقتصاد ودوران عجلة إنتاجه على أمل أن يحظى الواقع المعيشي بجرعة إنعاش تحيي آمالهم بقرب تحسن مستوى الحياة. ويتوقع خبراء أن يؤدي سيناريو المرحلة الانتقالية الذي يهدف إلى إعادة بناء اقتصاد جديد وفق رؤية أكثر تفاعلاً مع اقتصادات العالم، وبناء مؤسسات حكومية قوية تخضع في أدائها للحوكمة والشفافية، إلى توفير ظروف مواتية لإحراز تقدم ملموس على هذا الصعيد، يلبي حاجة البلاد للاستقرار والرفاه. من الاقتصاد الموجه إلى الاقتصاد الحر يتبنى النظام في سوريا -في مرحلة ما بعد نظام الأسد- نهج الاقتصاد الحر وخصخصة بعض مؤسسات القطاع العام الحكومي بعد عقود من سيطرة الدولة على جميع مفاصله. وشهدت دمشق في الأشهر الأخيرة توقيع اتفاقيات ثنائية ومذكرات تفاهم عربية وأجنبية، عكست مدى جاهزية الدولة لاحتضان الاستثمارات بأشكالها المختلفة. وأعلن وزير الاقتصاد والصناعة محمد نضال الشعار في وقت سابق أن الناتج المحلي الإجمالي للبلاد سيشهد ارتفاعا ملحوظا خلال عامي 2025 و2026، مضيفا أن الحكومة تعمل على خطط لخصخصة الشركات الوطنية وإدراجها في الأسواق المالية، وعلى إعادة إعمار مبتكرة تقلص الفاتورة المالية من تريليونات الدولارات إلى مئات المليارات فقط، في محاولة لإعادة بناء البلاد بأسلوب اقتصادي أكثر استدامة. وأشار، في مداخلة خلال قمة الإعلام العربي 2025 التي انعقدت في دبي، إلى أن التقديرات التي تتحدث عن حاجة سوريا إلى 400 مليار دولار لإعادة الإعمار غير دقيقة، لأن ما نخطط له يتجاوز ذلك بكثير، لافتا إلى أن الفرص الاستثمارية تفوق تريليون دولار، وقد تصل إلى تريليونات، مما يعني أن مفهوم إعادة الإعمار بالطرق التقليدية لم يعد صالحا. روافع مرنة وأدوات حقيقية تتطلب سوريا الجديدة منظومة تشريعية متطورة، ونهجا اقتصاديا يحقق تطلعات السوريين إلى استقرار حقيقي وتنمية شاملة تتماشى مع المتغيرات التي شهدتها البلاد. وتشير تصريحات رسمية إلى أن الحكومة بصدد تعديل قوانين الاستثمار المعمول بها، وتحويلها إلى أدوات حقيقية لدعم التنمية وجذب المستثمرين، انطلاقا من حرص الدولة على منح المستثمرين المرونة اللازمة لإدارة مشاريعهم، وحمايتهم من الفوضى التي سادت خلال حكم عائلة الأسد. ومن المرجح -وفق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي- أن يحتاج تعافي الاقتصاد السوري إلى 10 سنوات نظرا للخسائر الجسيمة التي لحقت بالناتج المحلي والتي تقدر بنحو 800 مليار دولار، وهو رقم يعكس فداحة الضرر الذي لحق بالبنية التحتية وقطاعات الإنتاج، إضافة إلى ارتفاع نسبة الفقر 90% والفقر المدقع 66%، مما يعني أن أكثر من نصف السكان يعانون من عدم القدرة على تأمين احتياجاتهم الأساسية. وذكر تقرير أعده البرنامج أن سوريا بحاجة ماسة إلى زيادة معدلات النمو عبر استثمارات ضخمة وإصلاحات في الحكم والإدارة الاقتصادية، وإعادة بناء البنية التحتية الأساسية، مثل التعليم والصحة والطاقة وتشغيل القطاع الإنتاجي، ليتمكن الاقتصاد من توليد فرص العمل وتقليل الاعتماد على المساعدات. وبهذا الصدد، يرى الخبير الاقتصادي عبد الستار دمشقية أن التحديات التي تواجهها سوريا على مستوى التعافي الاقتصادي والاجتماعي غير مسبوقة. إذ تعكس الأرقام التي توصلت إليها هيئات دولية متخصصة، كالبنك الدولي وبرامج الأمم المتحدة المعنية، ضخامة حجم الخسائر والأزمات التي خلفتها حرب الرئيس المخلوع على مدى 14 عاما ضد شعبه. وأوضح أن تحرير الاقتصاد هو أنسب الخيارات المطروحة للنهوض بالبلاد، خاصة وأن تجارب اقتصادية عديدة خاضها النظام منذ أن سيطر حزب البعث على الحكم انتهت بالفشل، وبدلاً من أن تؤدي إلى خلق نمو اقتصادي خلقت تفاوتات اجتماعية وعدم مساواة وفجوة عميقة بين طبقة ثرية -في السلطة وحاشيتها- ابتلعت الحصة الكبرى من الدخل، وطبقة محدودة الدخل تعيش ليومها في أحيان كثيرة، تحولت خلال سنوات الحرب إلى طبقة فقيرة وأغلبها يعاني من الفقر المدقع. وربط عبد الستار، في حديثه للجزيرة نت، نجاح الاقتصاد المفتوح بوجود نهج يوازن بين الحرية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، مضيفا أن "تصنيف 90% من سكان سوريا فقراء في ظل تحرير الاقتصاد يستدعي وجود شبكات أمان اجتماعي تحميهم من الانزلاق نحو الفقر المدقع، وتضمن حصولهم على خدمات الرعاية الصحية الأساسية، وفرص تعليم متساوية، واعتماد برامج دعم تضمن حصول الفئات الأكثر ضعفا على الاحتياجات الأساسية". وأشار إلى أن إغفال هذا الجانب الهام من السياسة الاقتصادية الجديدة سيزيد من حجم معاناة أكثر السكان، ويخلق أزمات اجتماعية خانقة تهدد استقرار المجتمع وتقلل من فرص النمو والتنمية البشرية. آفاق واسعة وتحديات مكلفة ينظر السوريون إلى عام 2025 على أنه المنعطف الأكثر أهمية بالنسبة لاقتصاد بلادهم، وتؤكد منظمة الإسكوا التابعة للأمم المتحدة أن انهيار نظام الأسد فتح أمام سوريا آفاقا واسعة نحو المستقبل. لكن البلاد -وفق تقرير أصدرته بعنوان "سوريا عند مفترق طرق"- لا تزال تواجه تحديات عديدة على خلفية حرب سحقت الاقتصاد، ودمرت النسيح الاجتماعي، ووضعت ملايين السكان تحت مظلة الفقر المدقع. وتشير بيانات البنك الدولي إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد السوري انكمش أكثر من 85% منذ 2011. أما صادرات البلاد فقد انخفضت وفق بيانات التجارة الخارجية السورية للفترة نفسها بنسبة 89%، في حين هبطت الواردات إلى 81%، كما هبطت قيمة الليرة مقابل الدولار الأميركي بمقدار 270 ضعفا. من جهته، يرى الباحث وأستاذ الاقتصاد الكلي في الجامعة الوطنية السورية إبراهيم قوشجي أن إنعاش الاقتصاد مع الأخذ بعين الاعتبار ما تحتاجه إعادة الإعمار من تكاليف باهظة هو تحدٍ كبير يتطلب جذب استثمارات أجنبية وشراكات دولية وبرامج تمويل مبتكرة، تسهم في جذب الاستثمار الخارجي. وعلى الرغم من كارثية المشهد، تمتلك سوريا ثروات طبيعية هائلة يمكن أن تشكل -بحسب قوشجي- نواة للتعافي الاقتصادي، بدءا من احتياطات النفط والغاز إلى مناجم الفوسفات، وصولا إلى الأراضي الزراعية الخصبة التي كانت تغطي احتياجات المنطقة من القمح والقطن. ويواجه استغلال هذه الموارد تحديات جسيمة، أبرزها تدمير البنية التحتية الإنتاجية، وندرة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، إلا أن مرحلة ما بعد النزاع والظروف الراهنة -وفق المصدر- تحدد الأولويات، وذلك تبعا للاحتياجات والموارد المتوفرة، ومن المفترض أن تركز على القطاعات الأكثر تأثيرا في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. وقال قوشجي للجزيرة نت إن الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية من شأنه أن يكون البداية، إذ يشكل نقطة تحول حقيقية نحو الاستقرار الاقتصادي، إذ يسهم في تحسين سعر صرف الليرة من خلال زيادة الصادرات وخفض الواردات، ويعظم احتياطات النقد الأجنبي. إضافة إلى ما سيؤديه الاستثمار في الصناعات المرتبطة بها أيضا من تحسين القدرة الشرائية للمواطنين، ودعم الاستثمارات العامة، وخلق فرص عمل جديدة. وكلما نجحت الحكومة في إدارة النظام الاقتصادي على هذا النحو، تعززت قدراته على التحول -وفق قوشجي- إلى منصة إقليمية آمنة ومرنة، قادرة على تحويل التحديات إلى نقاط قوة تدعم النمو المستدام، وتعيد رسم دور سوريا كرافد حيوي لاقتصادات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتمتلك سوريا موارد طبيعية -كالنفط والغاز والفوسفات والمعادن وزراعة القمح والقطن- يمكن أن تؤدي دورا حاسما -أكثر جدوى- في تعزيز الاقتصاد السوري، خاصة من خلال إحلال الواردات وتقوية الصادرات، وتطوير الصناعات المحلية، وتحسين إنتاجها، وزيادة القيمة المضافة. توقعات إنتاج النفط والغاز الطبيعي والفوسفات يعتبر قطاع النفط والغاز، برأي الباحث قوشجي، أحد أهم الموارد التي يمكن أن تدعم الحكومة في مساعيها لإنعاش الاقتصاد. ويرى أن سيطرة قوات سوريا الديمقراطية -التي تديرها فصائل مسلحة كردية- على أكبر حقول النفط في البلاد حالة استثنائية فرضتها الحرب التي قادها بشار الأسد المخلوع، ولا بد من أن تعود لسلطة الدولة. وتقدر مؤسسات وشركات دولية مختصة احتياطي النفط في سوريا بنحو 2.5 مليار برميل، أما احتياطي الغاز الطبيعي فيقدر بـ8.5 تريليونات قدم مكعب، في حين يبلغ احتياطي الفوسفات نحو 1.8 مليار طن. ويرى قوشجي أن إعادة تطوير قطاع النفط يمكن أن يرفع الإنتاج إلى 100 ألف برميل يوميا خلال السنوات الخمس القادمة، مما يوفر دخلا هاما لدعم الموازنة العامة للدولة من خلال خفض فاتورة الاستيراد ملياري دولار سنويا. أما تطوير مناجم الفوسفات وتحسين عمليات الإنتاج والتصدير، فمن المتوقع أن يحقق القطاع دخلا سنويا يقدر بنحو مليار دولار. ويتطلب تحسين استخراج الفوسفات تحديث تقنيات التعدين والاستثمار، ومن المتوقع أن يغطي الإنتاج 90% من الطلب المحلي على الأسمدة، و70% من مستلزمات صناعة المنظفات، بحسب تقارير محلية. وبدلا من تصدير الفوسفات الخام بأسعار منخفضة، يمكن لسوريا استغلالها في إنتاج الأسمدة الفوسفاتية محليا، مما يوفر احتياجات المزارعين ويحد من الإنفاق على الاستيراد. ويذكر صندوق النقد الدولي في تقرير له أن إنتاج الأسمدة الفوسفاتية محليا سيوفر أكثر من 500 مليون دولار سنويا. وتوقع قوشجي أن تسهم إستراتيجية التصنيع المحلي للأسمدة في تحقيق الاكتفاء الذاتي للقطاع الزراعي، كما يمكن لسوريا أن تتحوّل إلى مصدر رئيسي للأسمدة الفوسفاتية بدلا من استيرادها. ويتوقع برنامج الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد" (UNCTAD) أن يحقق الاستثمار في تعدين الفوسفات والأسمدة عائدا اقتصاديا من 3 إلى 5 مليارات دولار سنويا. موارد زراعية ذات جودة عالية تعد سوريا واحدة من أهم الدول الزراعية في الشرق الأوسط بفضل التنوع المناخي ووفرة الأراضي الخصبة. وتمثل الزراعة بحسب منظمة الفاو 20% من الناتج المحلي الإجمالي. كما توفر أكثر من 40% من الوظائف المباشرة وغير المباشرة. ويتربع القمح على رأس المحاصيل، حيث تنتج البلاد سنويا -في حالة الاستقرار- نحو 4 ملايين طن. يليه الزيتون، ويقدر حجم إنتاجه بنحو 700 ألف طن، مما يجعل سوريا من أكبر المنتجين عالميا، بحسب الفاو. وإلى جانب القمح والزيتون، تشتهر سوريا بزراعة ونوعية القطن الذي تنتج منه 300 ألف طن في العام. وأشار الباحث قوشجي إلى أن الاستثمار في القطاع الزراعي يبدأ من استصلاح الأراضي واستثمار تكنولوجيا الري، وأن استخدام وسائل الزراعة الحديثة من شأنه أن يرفع إنتاج القمح، ويعزز الأمن الغذائي ويوفر بالتالي مواد أولية للصناعات الغذائية الوطنية. أما زيادة إنتاج القطن فستوفر المادة الأولية لمعامل الغزل والنسيج، وصناعة الملبوسات القطنية التي تشتهر سوريا بها على المستوى العالمي، حيث سيتراجع الاعتماد على المستوردات، وتتوفر العملة الأجنبية اللازمة لإنعاش الاقتصاد.

توابع الحرب مع إيران.. المالية الإسرائيلية تعطل تمويل الكلفة
توابع الحرب مع إيران.. المالية الإسرائيلية تعطل تمويل الكلفة

الجزيرة

timeمنذ 17 ساعات

  • الجزيرة

توابع الحرب مع إيران.. المالية الإسرائيلية تعطل تمويل الكلفة

وضعت الحرب الإسرائيلية على إيران أوزارها ولكنها لم تنته لأسباب كثيرة بينها مصير اليورانيوم المخصب، واحتمالات الثأر الإيراني وسباق التسلح الذي تعاظم في المنطقة. وعلى الجانب الإسرائيلي، هناك خلاف يتعلق بهذه الحرب بسبب تكاليفها بين وزارتي الدفاع والمالية بهذا الشأن. فالجيش يطالب المالية بما لا يقل عن 60 مليار شيكل (حوالي 17 مليار دولار) فقط تعويضا من خارج ميزانية الدفاع لتغطية تكلفة الحرب على إيران وعملية "عربات جدعون" على قطاع غزة. وكان معلوما حتى أثناء الحرب على إيران أن التكلفة العسكرية لكل يوم قتال هناك تزيد على مليار شيكل، وأنه ما إن تضع الحرب أوزارها بشكل دائم أو مؤقت فإن الجيش سيقدم فاتورة النفقات غير المتضمنة أصلا في ميزانية الدفاع. وهذا يقتضي من المالية تقديم ملحقات للميزانية العامة كما سبق وفعلت منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. ولاعتبارات كثيرة بينها أن جانبا من العمليات في إيران كان ذا طابع أمني خاص يقوم به جيش من العاملين مع الموساد، ولم تكن تقديرات المالية والمؤسسة الأمنية معروفة خلافا لما كان عليه الحال في الحرب ضد غزة ولبنان. فقد كانت الأموال الطائلة كلفة الطلعات الجوية لشن عمليات معقدة وبعيدة المدى لمئات الطائرات الحربية بتسليح استثنائي مكثف، وتسيير أسراب كبيرة من المسيرات وأنشطة سرية للموساد. كما أن هناك تكاليف باهظة لتجنيد أعداد كبيرة من القوات الاحتياطية بعد أن وافقت الحكومة على تجنيد ما قد يصل إلى 450 ألفا من جنود الاحتياط ضمن إعلان حالة التأهب القصوى. وكانت المالية الإسرائيلية تمني نفسها بالفعل باستغلال احتياطي يُقدر بنحو 3 مليارات شيكل كان مُخصصًا ضمن الميزانية العامة للسيناريوهات الأمنية. لكن سرعان ما تبين لجميع المعنيين أن هذا المبلغ لن يكفي لتمويل القتال في إيران. وقد بدأت بالفعل المفاوضات بين المالية والمؤسسة الدفاعية بشأن الإضافات المطلوبة، مع وجود اختلاف في الآراء حول بعض البنود التي يطلبها الجيش الإسرائيلي، والتي تجادل المالية بأنه تم بالفعل تخصيص بعضها مسبقًا في أطر أخرى. تكلفة الاعتراض وما يسري بشكل واسع على إيران ينطبق بشكل أو بآخر على "عملية عربات جدعون" في غزة. وكانت صحيفة "غلوبس" الاقتصادية نشرت مثلا أن تكلفة الاعتراض لأي صاروخ تتراوح بين 700 ألف دولار لنظام "مقلاع داود" ومليوني دولار و3 ملايين لنظامي "حيتس 2″ و"حيتس 3" على التوالي. كما تُقدر تكلفة ساعة الطيران بعشرات الآلاف من الدولارات. وعلى سبيل المثال، تبلغ تكلفة ساعة طيران "إف-35" حوالي 67 ألفا و500 دولار. ويجب ضرب هذا المبلغ في عدد الطائرات وساعات الطيران إلى إيران والعودة، وذلك قبل احتساب تكلفة القنابل. وهكذا بعيدا عن التكلفة الحقيقية للحرب هناك تكلفة متواصلة على مدى السنين للاستعداد لساعة الصفر. ولاعتبارات أمنية وسواها في إسرائيل، ليس هناك أرقام حقيقية لتكلفة الاستعدادات الإسرائيلية للحرب على إيران. وتكفي هنا الإشارة إلى أنه سبق لإسرائيل أن استعدت الفترة 2010-2012 لضرب المشروع النووي الإيراني عسكريا في عهد حكومة نتنياهو-باراك وهو ما لم يتحقق في حينه. ولكن رئيس الحكومة الأسبق إيهود أولمرت اعترف -في مقابلة تلفزيونية عام 2013- بأن إسرائيل "أنفقت العامين الماضيين أكثر من 11 مليار شيكل على أوهام مغامرة لم تنفذ ولن تنفذ". وحسب كلامه حينها، فإن هذه الأموال أُنفقت على استعدادات عسكرية لم تُنفّذ، وأنها "تتجاوز الميزانيات متعددة السنوات". كما أن مسؤولا أمنيا كبيرا قال إنه "بمجرد بدء الحرب على إيران، قدّر المحاسب العام في وزارة المالية بنفسه أن نفقات هذه الخطوة بلغت حوالي 30 مليار شيكل". وأضاف "وقود الطائرات لمئات الطائرات التي نادرًا ما تهبط في يوم واحد، وتقطع مسافة 1500 كيلومتر تقريبًا في كل طلعة جوية، يُعدّ وحده إنفاقًا ضخمًا لم يشهده الجيش الإسرائيلي من قبل". ويوم الأحد خرجت "يديعوت أحرونوت" بعنوان يكشف السجال بين المالية والمؤسسة الأمنية "سؤال الستين مليارًا.. الصراع على ثمن الحرب وأهميته الدرامية". وتساءلت الصحيفة بقلم مراسلها العسكري يؤآف زيتون "هل يُمكن تجميد مشتريات صواريخ حيتس والطائرات المسيرة والصواريخ الأميركية؟" وردت على السؤال بأن "60 مليار شيكل، هي الإضافة التي يطالب بها رؤساء المؤسسة لأمنية لتمويل الحرب ضد إيران وعملية عربات جدعون في قطاع غزة، وهما خطوتان عسكريتان حربيتان لم تكونا مدرجتين في خطة ميزانية الدفاع لعام 2025. غير أن مسؤولي المالية يرفضون دفعها، مما يؤخر تجديد مخزونات الجيش الإسرائيلي، وكذلك الشراء العاجل لصواريخ "حيتس" التي نفدت أو كادت تنفد، وما يصل إلى مئات الصواريخ الموجهة المخصصة بشكل رئيسي للمقاتلين في قطاع غزة". تجميد الميزانيات ونقلت "يديعوت" عن عدد من كبار مسؤولي الأمن قولهم إن المالية تعارض بشدة دفع هذه الإضافة، بل إنها أوقفت الميزانيات التي وافقت عليها مؤخرًا لجنة ناجل المشتركة بين الدفاع والمالية لصياغة ميزانية الدفاع للسنوات القادمة. وقالت مصادر رفيعة بوزارة الدفاع "أحد أسباب معارضة وزارة المالية هو ادعاء وجود فائض في تكاليف أيام الاحتياط، والتي بلغت هذا العام 1.2 مليار شيكل شهريًا". وترفض وزارة الحرب هذا المنطق وتقول: ما العمل إذا برزت حاجة لجنود الاحتياط بما يتجاوز المخطط له؟ لم تكن العملية البرية في غزة مخططة هذا العام، وأدت إلى تعبئة جنود احتياط، على نطاق واسع أيضًا، خلافًا للمعهود. ثم جاءت الحرب على إيران، والتعبئة المفاجئة للعديد من ألوية الاحتياط الإضافية. وبالنسبة لقيادة الجبهة الداخلية وحدها، يبلغ عدد هؤلاء 40-30 ألف جندي احتياطي يتقاضون نفس راتب المدنيين. وبحسب "يديعوت" فإن الأزمة الحالية تبدو أشد حدة من الأزمات السابقة، وهي تؤثر بشكل مباشر على الميدان: ففي الأسابيع الأخيرة طلب الجيش الإسرائيلي من ممثلي المؤسسة الدفاعية الأميركية شراء ما لا يقل عن 500 سيارة جيب هامر جديدة لصالح قوات الجيش، وخاصة تلك العاملة في قطاع غزة. ومعظم مركبات الهامر التي يستخدمها المقاتلون خردة بالفعل وبعضها قطع أكثر من مليون كيلومتر "وكثيرًا منا يتعطل بسبب وضعه الميكانيكي". وشهد قادة الجيش بأنه "يوجد حاليًا مقاتلون في غزة يمتلكون مركبات هامر تضررت من صواريخ مضادة للدبابات أو تضررت بانفجارات عبوات ناسفة، وما زالوا يستخدمونها". وبالفعل أمّن الأميركيون لإسرائيل الشراء الفوري لـ 632 مركبة هامر موجودة على خطوط الإنتاج وعلى الرفوف، ولكن في حال عدم توفير المالية أموال شرائها تبرز مخاوف أن تستغل جيوش أخرى المشكلة وتشتريها. كما أن لدى الجيش الإسرائيلي مطالب تتمثل بتسريع عمليات شراء إضافية لتجديد مخزون سلاح الجو من الأسلحة الهجومية والدفاعية أيضًا مثل الصواريخ الاعتراضية لبطاريات حيتس. وكانت مصادر أميركية أعلنت أثناء الحرب مع إيران أن المخزون الكبير من صواريخ حيتس الاعتراضية على وشك النفاد، خلال القتال مع إيران، ونتيجة إطلاق الحوثيين للصواريخ خلال العام الماضي. ويقول الجيش إن كل يوم تتعطل فيه ميزانيات تجديد مخزون حيتس يُقلل من استعدادات الجيش الإسرائيلي للجولة القادمة ضد إيران، والتي قد تأتي في وقت أبكر من المتوقع. ويحاجج الجيش في مواجهة المالية بأن "سعر صاروخ حيتس يبلغ 14-15 مليون شيكل، وعندما يعترض صاروخًا إيرانيًا فإنه يوفر مئات الملايين من الشواكل في ترميم أو إعادة بناء المباني المتضررة، بالإضافة إلى إنقاذ أرواح الإسرائيليين وتعزيز صمودهم. وهذه حسابات دقيقة كان الجميع في المالية على دراية بها حتى قبل الحملة". والآن، يطالب الجيش الإسرائيلي بالحصول على ما لا يقل عن 70-80% من الميزانيات التي تم الاتفاق عليها ووعدوا بها في إطار لجنة ناجل لصالح تعزيزاته في الأشهر التي سبقت الحملة. إيران تستعد ويكرر الجيش الإسرائيلي أمام المستوى السياسي أن إيران لا تزال تملك مئات وآلاف الصواريخ الباليستية ونحو نصف منصات الإطلاق التي كانت بحوزتهم قبل الحرب، وأن إيران تحتفظ بهذه الترسانة ليس من أجل أن تصدأ، وأنها مثل أسد جريح تستعد من الآن للحرب المقبلة ضد إسرائيل. ولذلك يطالبون بأن تكون إسرائيل جاهزة ليس لأن تكرر الحرب السابقة وإنما تستعد لحرب جديدة. ولذلك يحث الجيش شركات التصنيع العسكري الإسرائيلي على زيادة إنتاجها لتوفير المنتجات الضرورية وبأسرع وقت ممكن. وتوجه مثل هذه الطلبات أساسا إلى شركات مثل "ألبيت" و"رفائيل" وهي المنتجة الأساسية لأنواع صواريخ فريدة لعبت دورا هاما في غارات سلاح الجو الإسرائيلي على إيران. وتنظر إسرائيل بخطورة استعانة الإيرانيين بالصين وروسيا لإعادة بناء قدراتهم العسكرية وسد الثغرات التي ظهرت أو نتجت عن الحرب. وعموما، وكما -سلف- يطالب الجيش بوجوب الاستعداد لجولة أخرى، وسيُطلب من الصناعات الدفاعية تطوير أنظمة أكثر تطورًا. وبكلمات أخرى هناك سباق تسلح جديد يكلف عشرات المليارات من الشواكل خصوصا لتطوير قدرات جديدة تضمن الحفاظ على التفوق التكنولوجي والنوعي على إيران. وهناك تركيز على إنتاج صواريخ "ستاند أوف" التي طورتها الصناعات الدفاعية للطائرات الإسرائيلية والتي لعبت دورا بضرب المكونات الرئيسية لنظام الدفاع الجوي الإيراني، وخصوصا بطاريات صواريخ أرض جو المنتشرة قرب مواقع حساسة. وكذلك صاروخا "رامبيج" و"روكس" اللذان توجها نحو أهدافهما المحددة من مسافة بعيدة، حتى قبل دخول طائرات سلاح الجو المجال الجوي الإيراني. وكل هذا دون حساب تطوير القوات البرية التي أظهرت الحرب في غزة عجزها عن حسم المعارك وحاجتها الماسة لتحديث أدواتها وأسلحتها. وهذا موضوع آخر يجري الحديث فيه خصوصا عند المقارنة بين حداثة القوة الجوية وتقنياتها في إيران، وعجز القوات البرية على الأرض في غزة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store