
دوّامة إهمال ذوي الحاجات الخاصة في كل استحقاق: "لا أريد شفقة... أريد حقي" في الاقتراع
في صباح مشرق من 15 أيار 2022، تناهت إلى أسماعنا قصة هزار، التي انطلقت بكرسيها المتحرّك كما تنطلق المحاربة في ساحة المعركة مرتدية درعها. إنها شابة في الثلاثين من عمرها، دائمة الابتسامة رغم تمضية عقود حياتها الثلاثة في محيطٍ من الأطراف غير المتحركة وسلالم لا تنتهي.
في ذلك اليوم، اعتزمت أن تُعبر عن صوتها في الانتخابات النيابية في بعلبك، ربما لتثبت لنفسها قبل العالم من حولها، أنها "مواطنة كاملة" كما ينصّ القانون، برفقة شقيقتها مريم التي تصغرها خمس سنوات والتي هي أيضاً من ذوي الحاجات الخاصة .
رافقتهما والدتهما إلى المدرسة الرسمية التي حددت مركز اقتراع، لكن هزار صدمت هناك بالحقيقة المُحبطة: المبنى يفتقر إلى المنحدر، الدرج يتعالى بلا رحمة، وصوتها محاصر بين جدران الإسمنت وإهمال الآخرين.
ترددت والدتهما للحظة، ثم قالت بصوت حازم: "ابنتايا ترغبان في الانتخاب. هذا حقهما". اقترب أحد عناصر الأمن ليقدم إليها المساعدة بحمل هزار، لكنها رفضت بشدة، وأجابت بهدوء يحمل في طياته غضباً عميقاً: "لا أريد معروفاً... أريد مدخلاً. أريد حقي، وليس شفقة".
إقترعت الفتاتان بدعم من ذويهما، بعد إصرارهما على ممارسة حقهما الدستوري، بينما كانت أعين الناخبين تراقبهما بين متعاطف وصامت. أما أصحاب الحاجات الخاصة الآخرون الذين حضروا فلم يقترعوا، وكانت قصتهم مختلفة.
الى متى تجاهل فئة واسعة من المواطنين؟
في بعلبك، كما في سائر أرجاء لبنان، تتكرر معاناة ذوي الحاجات الخاصة في كل استحقاق انتخابي. وعود تُطلق في الهواء، لكنها تظل عالقة من دون تنفيذ. قوانين تُسن، ولكنها تظل حبيسة الأدراج من دون تطبيق. وفي هذا السياق، اختارت هزار أن تروي تجربتها عبر منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، لتختتمه بعبارة قوية: "أنا مش عاجزة. أنتو اللي عم تعجزوا عن احترامنا".
رغم إقرار القانون 220/2000 الذي يضمن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، بما في ذلك تسهيل مشاركتهم في الانتخابات، لا تزال مراكز الاقتراع في لبنان تعاني من نقص حاد في التجهيزات الأساسية. المرسوم الرقم 2214/2009 حدّد الإجراءات اللازمة لضمان وصول ذوي الإعاقة إلى مراكز الاقتراع، مثل توفير منحدرات ومصاعد ومرافق صحية ملائمة، إلا أن تطبيق هذه الإجراءات لا يزال متعثراً.
في الانتخابات النيابية الأخيرة عام 2022، سجلت مخالفات تجاوزت 646 حالة تتعلق بعدم تهيئة المراكز لذوي الإعاقة، إذ غابت الممرات المناسبة والمرافق الصحية الملائمة، وجرى توثيق عدد كبير من الانتهاكات المتعلقة بعدم تجهيز مراكز الاقتراع لتلبية حاجات الأفراد ذوي الإعاقة. ووفقاً للتقارير الصادرة عن منظمات مراقبة الانتخابات، مثل "الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات" (لادي) وحملة "حقي"، تبين أن غالبية مراكز الاقتراع تفتقر إلى المرافق الأساسية التي تكفل وصولاً آمناً ومستقلاً للأشخاص ذوي الإعاقة.
تتضمن هذه الانتهاكات غياب الممرات المناسبة، وعدم وجود مصاعد أو منحدرات، إضافة إلى نقص حاد في اللافتات التوضيحية بلغة الإشارة أو بلغة برايل، والافتقار الى المرافق الصحية الملائمة. كذلك جرت الإشارة إلى أن عدداً من الناخبين ذوي الإعاقة اضطروا إلى الاقتراع خارج المعزل، مما يتعارض مع سرية الاقتراع، أو تعرضوا للضغط للتعجيل في عملية التصويت.
علاوة على ذلك، كشفت التقارير أن نسبة كبيرة من مراكز الاقتراع تقع في طبقات علوية من دون توفير وسائل وصول ملائمة، مما أجبر عدداً من الناخبين على الاعتماد على مساعدة الآخرين، وهذا يعد انتهاكاً لكرامتهم وحقهم في التصويت بشكل مستقل.
أطلقت منظمات المجتمع المدني، مثل "الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركياً"، حملات توعية تحت شعارات مثل "حقي 2024"، تدعو من خلالها إلى انتخابات شاملة تحترم حقوق ذوي الإعاقة. تنادي هذه الحملات باعتماد الطبقات الأرضية في مراكز الاقتراع وتوفير التجهيزات اللازمة من أجل ضمان مشاركة فعالة وآمنة.
الحاجة الى تنفيذ القانون وإعطاء الحق لأصحابه.
كذلك ناشد "مكتب راعويّة الأشخاص ذوي الإعاقة" تهيئة مراكز الاقتراع وتوفير التسهيلات الهندسية واللوجستية التي تضمن سهولة الوصول والحركة للأشخاص ذوي الإعاقة، بما يتماشى مع القوانين والاتفاقات الدولية.
تجربة هزار تسلط الضوء على التحديات الصعبة التي يواجهها ذوو االحاجات الخاصة في لبنان وهم يسعون جاهدين الى ممارسة حقوقهم السياسية. رغم وجود قوانين واتفاقات دولية تضمن هذه الحقوق، إلا أن الواقع يكشف عن عجز صارخ في تطبيقها، مما يثير التساؤلات حيال سبل التعامل مع هذا الاستحقاق الذي تزامن مع تزايد أعداد المصابين في الحربالأخيرة ممن تحولوا بين عشية وضحاها إلى ذوي حاجات خاصة.
ومن أجل ضمان مشاركة عادلة وشاملة، يتعين على الدولة اللبنانية اتخاذ خطوات حازمة لتأهيل مراكز الاقتراع بما يتناسب مع حاجات ذوي الإعاقة، فضلاً عن توفير تدريب ملائم للعاملين في هذه المراكز ليتمكنوا من توفير الدعم اللازم. فالديمقراطية الحقيقية لا تكتمل إلا بمشاركة المواطنين كافة من دون استثناء أو تهميش.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

الدستور
منذ 7 دقائق
- الدستور
في عيد الاستقلال... نحن أبناء هذا التراب
تلوّن رايات الأردن سماءنا، وتتعالى الزغاريد وتغمر الشوارع أصوات الفرح، فيتجدد في قلبي شعور لا يمكن اختزاله في كلمات. شعور بالانتماء، بالدفء، وبأنني لم أكن يومًا غريبة على هذه الأرض، بل كنت دومًا منها، ولها. أنا ابنة هذا الوطن. أردنية في القلب والعقل والانتماء. ومسيحية، نعم، لكن في الأردن لم تكن يوماً الطائفة حاجزًا ولا الاختلاف مدعاة للريبة، بل كانت الصلوات باختلاف معابدها ظلالًا لوحدة أعمق. في يوم استقلالنا، لا أحتفل بصفتي أقلية، بل كابنة لهذا البيت الكبير الذي اسمه الأردن. في ساحات الاحتفال، بجانب إخوتي وأحبتي، نرفع علمًا واحدًا وننشد نشيدًا واحدًا. ونحمل حبًا واحدًا لهذا التراب. نشأتُ على أن الوطن ليس مجرد حدود على الخريطة، بل هو دفء العلاقات، وصدق الألفة، وطمأنينة الانتماء. هو أن تمشي في أي شارع وتشعر أنك في بيتك. هو أن تعرف أن لك هنا مكانًا، ليس لأنك «مقبول» بل لأنك «أصيل». لم أسأل يومًا عن ديانة جاري، ولا عن مذهب صديقتي، ولم يسألني أحد. كنا نأكل معًا، نحتفل معًا، ونتقاسم الهمّ والفرح، لأن ما يجمعنا ببساطة أقوى من أي تصنيف. وفي كل عيد فطر أو ميلاد مجيد، كانت تتعانق التهاني كما تتعانق الأرواح. كانت زغاريد العيد تُطلق من النوافذ، لا لتميز بين مناسبة وأخرى، بل لتقول: هذا بيت، وهذه عائلة، وهذا وطن لا يفرّق بين أولاده. عيد الاستقلال بالنسبة لي، ليس يومًا وطنيًا فحسب، بل يوم نُعيد فيه تأكيد الحقيقة التي نشأنا عليها: أن هذا البلد يتسع لنا جميعًا، وأن الوفاء لا يُقاس بالكلمات بل بالفعل، بالمحبة، وبالإيمان العميق بأننا شعب واحد مهما اختلفت تفاصيلنا. اليوم، وأنا أرى وجوه الناس تضيء بالشعور بالفخر، أتذكر لحظات كثيرة شعرت فيها أنني في وطني بكل ما تحمله الكلمة من معنى. في المدرسة، في الكنيسة، في الشارع، في طقوس العيد، في طمأنينة الحياة اليومية... شعرت دومًا أن لي مكانًا لا يُنتزع. مكانًا اسمه الأردن. وفي هذا العيد، أردد مع كل صوت يرتفع بالدعاء: حفظك الله يا أردن، وطنًا ومثالًا. وأدعوه من القلب أن يعمّ السلام أرضك، ويمتد ليشمل كل أرض يعاني فيها إنسان من ألم أو ظلم. فالأردن، الذي هو نموذج في محبة أهله لبعضهم، هو أيضًا صوت محبة ونصرة للآخرين، لا ينكفئ على ذاته، بل يفتح قلبه لكل محتاج، ويمنح السلام من عمق معاناته وتجربته. عيد استقلالنا ليس فقط ذكرى حرية... بل هو مناسبة نستذكر فيها كيف أصبحنا هذا النموذج الفريد، وكيف سنحميه بالمحبة، وبالإيمان العميق بأننا وُجدنا هنا لا لنتجاور فقط، بل لنتكاتف.


روسيا اليوم
منذ 7 دقائق
- روسيا اليوم
مصر.. بيان رسمي حول الانفجار أمام نادي ضباط المنيا
وصرح مصدر أمنى أنه في حوالى الساعة 9,27 مساء اليوم تبلغ من شهود عيان أنه أثناء سير شخصين بشارع كورنيش النيل بدائرة قسم شرطة أول المنيا أحدهما يحمل كيس بداخله أنبوبة بوتاجاز صغيرة إلا أن الأنبوبة انفجرت. وأوضح المصدر الأمني المصري أن انفجار الأسطوانة أدى إلى إصابة حاملها بتهتك شديد باليد ومناطق متفرقة بالجسم كما أصيب الشخص المرافق له بإصابات متوسطة دون حدوث أية إصابات أو تلفيات أخرى. وأشار المصدر أنه تم نقلهما إلى إحدى المستشفيات لتلقى العلاج اللازم، وجارى اتخاذ الإجراءات القانونية واستكمال الفحص والتحري. وكانت الأجهزة فرضت طوقا أمنيا في محيط حادث الانفجار أمام نادي ضباط الشرطة في محافظة المنيا لحين التأكد من أسباب الانفجار.


روسيا اليوم
منذ 7 دقائق
- روسيا اليوم
مواجهة حادة بين رئيس الشاباك الجديد ورئيس الأركان السابق حول قضية الأسرى في غزة
تحدثت القناة 12 الإسرائيلية عن تصاعد التوتر بشكل غير مسبوق بين اللواء دافيد زيني، المعين لرئاسة جهاز الأمن العام (الشاباك)، ورئيس الأركان السابق هرتسي هاليفي، على خلفية الخلاف بشأن إدارة ملف المختطفين لدى حركة "حماس". وجاء في تقرير القناة أن زيني أدلى بتصريحات حادة خلال اجتماع مغلق في هيئة الأركان العامة، حيث قال: "أنا ضد صفقات الرهائن، هذه حرب أبدية"، وهو ما أثار موجة من الاستياء في أوساط عائلات المختطفين. وأشار التقرير إلى أن هذه التصريحات لم تكن الأولى من نوعها. فقد نقل عن مشاركين في اجتماع سابق عُقد في القيادة الجنوبية أن زيني وجه انتقادا صريحا لهاليفي، قائلاً: "أنت تعطي الأولوية لإعادة الرهائن على تدمير "حماس""، مما أدى إلى نشوب مشادة كلامية بين الطرفين. وأعربت مصادر أمنية مطلعة عن قلقها من توجهات زيني، مشيرة إلى أنه "لا يأخذ قضية الرهائن بالحسبان"، في تناقض مع نهج الجيش القائم على التوازن بين الضغط العسكري والحفاظ على حياة المختطفين. وقال أحد المسؤولين الأمنيين للقناة 12 إن "زيني كان من بين الأقلية في هيئة الأركان التي عارضت صفقات تبادل الأسرى، ولم يكن لصوته تأثير يُذكر حتى الآن. لكن تعيينه رئيسا للشاباك قد يغير هذا الواقع". ولم تتأخر ردود الفعل الغاضبة من عائلات المختطفين، حيث طالبت هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة بتوضيح عاجل من الحكومة، معتبرة أن تصريحات زيني "خطيرة وتستوجب الإدانة". وجاء في بيان لعائلات الأسرى: "إذا كانت هذه التصريحات صحيحة، فهي تمثل خرقا أخلاقيا يمسّ بالقيم الإنسانية ويسيء إلى الشعب الإسرائيلي بأسره. نطالب بإعادة النظر فورا في تعيينه". من جهتها، طالبت جمعية "منتدى حاييم" التي تمثل عشرات العائلات بإلغاء التعيين فورا، محذرة من أن تصريحات زيني تعكس نهجا يتعارض مع مطلب الجمهور الإسرائيلي بإنهاء الحرب وإعادة المختطفين. وأثار التعيين موجة انتقادات سياسية أيضا، حيث اعتبرت جهات أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اختار تعيين شخصية تعارض صفقات تبادل الرهائن، رغم أن سلفه في الشاباك ساهم في إعادة العشرات منهم. وهاجمت ناتالي تسينجوكار شقيقة أحد المختطفين زيني قائلة: "أنا لا أثق بك لإعادة أخي، ولا في قدرتك على حماية أرواح الجنود الذين يضحون لتهيئة الظروف لصفقة تنهي الحرب". المصدر: "القناة 12" الإسرائيلية وصل وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بن عبدالله اليوم السبت إلى مدينة مدريد عاصمة إسبانيا للمشاركة مدريد للمشاركة في الاجتماع الموسع حول غزة. أكدت المستشارة في الخارجية السعودية منال رضوان ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتأسيس دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة بصفته السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة. وصف الحرس الثوري الإسلامي في إيران، ذكرى تحرير خرمشهر، بأنها "رمز لتجلي الإرادة الإلهية ودرس للأعداء المفترضين"، بما في ذلك إسرائيل. أفادت مراسلة RT بإصابة شاب فلسطيني اليوم السبت برصاص الجيش الإسرائيلي قرب حاجز تمار في حي تل الرميدة وسط مدينة الخليل، بدعوى محاولته تنفيذ عملية طعن. ذكرت القناة 12 العبرية أن رئيس الشاباك المعين اللواء ديفيد زيني عارض خلال اجتماع مغلق صفقات تبادل الأسرى مع حماس.