logo
البابا تواضروس الثاني من صربيا: "المحبة تبني زمانًا أفضل وإنسانًا أفضل"

البابا تواضروس الثاني من صربيا: "المحبة تبني زمانًا أفضل وإنسانًا أفضل"

البوابة٠٧-٠٥-٢٠٢٥

استضاف القصر الرئاسي بالعاصمة الصربية بلجراد، مساء أمس، قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، في إطار لقاء نظمته إدارة التعاون مع الكنائس والمجتمعات الدينية في صربيا بمناسبة زيارة قداسة البابا تواضروس الثاني لصربيا، حيث ألقى قداسته محاضرة بعنوان "جسور المحبة".
حضر اللقاء رئيس وزراء الصربي السيد جورو ماتشوفيتش، والبطريرك بورفيريوس بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية الصربية، والدكتور فلاديمير روجانوفيتش، المدير العام لإدارة التعاون مع الكنائس والمجتمعات الدينية في صربيا، ووزراء العدل، والتجارة، والتكامل الأوروبي.
كما حضر اللقاء السفير باسل صلاح، سفير مصر في صربيا، والقاصد الرسولي سانتو روكو جانجيمي، سفير الفاتيكان في بلجراد، وعدد من كبار المسؤولين الصرب وسفراء الدول العربية والأجنبية المعتمدين، ورجال الدين، والمثقفين، والأكاديميين، والشخصيات العامة.
بدأ اللقاء بعزف السلام الوطني لجمهوريتي صربيا مصر ثم ألقى الدكتور فلاديمير روجانوفيتش كلمة عبر فيها عن سعادته الغامرة باستضافة قداسة البابا تواضروس الثاني، مشيرًا إلى أن هذه الزيارة تمثل لحظة تاريخية في تعزيز العلاقات الروحية والثقافية بين صربيا ومصر، وبين الكنيسة الصربية والكنيسة القبطية الأرثوذكسية، أقدم كنائس الشرق. وأضاف: "أعتقد أننا الليلة متحدون في نفس المشاعر، في ثراء وتنوع عرقنا وطائفتنا. إنه شعور بالفخر الذي ينشأ، مجازيًا، من ضفتي النهر، مثل الأقواس الحجرية لجسر دائم. أحد هذه الأقواس يتجلى في محاضرة قداسةالبابا، والتي ننتظرها بشوق، بعنوان 'جسور المحبة' أما القوس الثاني، فينبع من عمق الروح الصربية كما قال شاعرنا الكبير نيجوش: 'الأمة كلها تأتي من الروح'
واستكمل: "نحن هنا لنعلي من قيمة الجسور، تلك التي توحد الشعوب وتربط القلوب، والتي تشكل إحدى أنبل مهام الكنائس والجماعات الدينية: بناء الجسور بين السماء والأرض، بين الإنسان وأخيه، بين الحاضر والمستقبل"
واستعار مقولة الأديب الصربي إيڤو أندريتش الحائز على جائزة نوبل: "من بين كل ما يبنيه الإنسان، لا شيء أنبل من الجسر فهو يربط، لا يفرق؛ يخدم الجميع، ولا يخص أحدًا؛ يعبر فوق المياه، كما تعبر المحبة فوق الخلافات".
وأضاف: "في عالم يتخبط بين الأزمات، وتزداد فيه الانقسامات، لا نملك ترف التراجع. نحن بحاجة إلى أصوات روحية وشخصيات مرجعية، مثل قداسة البابا تواضروس، تذكرنا بقوة المحبة، وبأن الحوار والتعايش واحترام الآخر، ليست رفاهية بل ضرورة وجودية".
ثم ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني محاضرته، واستهلها بقوله: "في مسيرتي خلال الأيام الماضية رأيت جسرًا يربط بين جانبي نهر ساڤا، وتأملت في معناه، فالجسور لم تبن فقط للعبور، بل لتربط الأشخاص، وتوصل الإنسان بالطرف الآخر، كي يتعرف عليه ويحتضنه بالمحبة.
وأوضح: "إن أول جسر عرفته البشرية هو الجسر الروحي الذي يربط بين السماء والأرض، حين 'أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.' (يو ٣: ١٦)، مؤكدًا أن هذا هو أساس المحبة الإلهية، وأن المحبة الحقيقية هي ما تبنيه الكنيسة وترسخه بين الناس.
وسرد قداسة البابا خلال المحاضرة عددًا من الجسور التي بنتها مصر عبر التاريخ، بدءًا من استقبالها للعائلة المقدسة، ومرورًا بتأسيس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية على يد القديس مار مرقس في القرن الأول الميلادي، ثم نشأة مدرسة الإسكندرية اللاهوتية، وميلاد الرهبنة المسيحية في مصر على يد القديس أنطونيوس الكبير، مشيرًا إلى أن دير الأنبا أنطونيوس ما يزال حتى اليوم مقصدًا روحيًا يزوره الآلاف.
كما تطرّق قداسته إلى المواقف الوطنية للكنيسة القبطية، مستشهدًا بكلمته الشهيرة في أعقاب حرق الكنائس عام ٢٠١٣: 'وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن'.
مشددًا على أن هذه العبارة تجسد المحبة التي لا تتوقف عند جدران الكنيسة، بل تتخطاها إلى الوطن كله، وترسخ مفاهيم التضحية من أجل السلام المجتمعي.
وانتقل قداسته للحديث عن أمثلة حية من التاريخ المعاصر تجسد فكرة بناء الجسور بعد الصراعات، مثل نموذج جنوب إفريقيا بقيادة نيلسون مانديلا، ورواندا التي تعافت بعد المجازر الطائفية، مؤكدًا أن 'المحبة تبني زمانًا أفضل ومكانًا أفضل وإنسانًا أفضل'.
وضرب أمثلة لأفراد أحدثوا فارقًا بمحبتهم، مثل الأم تريزا والبروفيسور مجدي يعقوب، قائلا: "هذه الشخصيات بنت جسورًا من المحبة، ليس بالكلام، بل بالفعل، وكل منها غيّر وجه الإنسانية بطريقة أو بأخرى".
ثم اختتم قداسته كلمته بدعوة مفتوحة: 'دعونا نبني جسورًا، لا أسوارًا. دعونا نحب، لا نصدر أحكامًا. دعونا نصغي، لا نتكلم فقط. فكما يقول القديس يوحنا في رسالته: 'يَا أَوْلاَدِي، لاَ نُحِبَّ بِالْكَلاَمِ وَلاَ بِاللِّسَانِ، بَلْ بِالْعَمَلِ وَالْحَقِّ' (١يو ٣: ١٨) لنجعل من هذه المحبة نورًا يضيء ظلمات العالم، وجسرًا يعبر بنا جميعًا إلى مستقبل أفضل.
مشددًا على أن المحبة الحقيقية لا تسقط أبدًا (١كو ١٣: ٨)، وأن بناء مستقبل أفضل يتطلب أن نضع الإنسان في قلب كل مشروع، وأن نستخدم إنجازاتنا التكنولوجية والثقافية لبناء السلام، لا لصناعة الحواجز.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الكنائس الأرثوذكسية الشرقية تجدد التزامها بوحدة الإيمان والسلام في الشرق الأوسط من القاهرة
الكنائس الأرثوذكسية الشرقية تجدد التزامها بوحدة الإيمان والسلام في الشرق الأوسط من القاهرة

البوابة

timeمنذ 2 أيام

  • البوابة

الكنائس الأرثوذكسية الشرقية تجدد التزامها بوحدة الإيمان والسلام في الشرق الأوسط من القاهرة

صدر مساء أمس الأحد بيان مشترك في ختام الاجتماع الخامس عشر لرؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية في الشرق الأوسط، والذي عُقد برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وذلك على مدار يومي 17 و18 مايو 2025، في بطريركية الأقباط الأرثوذكس (المقر البابوي – الكاتدرائية المرقسية بالعباسية). وجدد قادة الكنائس التزامهم بوحدة الكنيسة ودورها في تعزيز السلام والعدالة في منطقة الشرق الأوسط، مؤكدين على أهمية الحضور المسيحي الأصيل في هذه المنطقة التاريخية. احتفال بمرور 1700 عام على المجمع المسكوني الأول شهد اللقاء الكنسي التاريخي احتفالات باليوبيل المئوي السابع عشر لانعقاد المجمع المسكوني الأول في نيقية عام 325م، بحضور المطارنة والأساقفة وممثلي المجامع المقدسة للكنائس الثلاث: القبطية، السريانية، والأرمنية الأرثوذكسية. وتضمنت المناسبة ليتورجيا إلهية مشتركة، واحتفالات بالألحان الروحية، حيث أكد المشاركون على التمسك بوحدة الإيمان الأرثوذكسي المستند إلى الكتاب المقدس وتعاليم المجامع المسكونية الأولى وآباء الكنيسة. الشرق الأوسط أولويّة: نرفض الهجرة وندعم السلام الشامل ناقش المجتمعون التحديات التي تواجه الحضور المسيحي في الشرق الأوسط، معبرين عن قلقهم من موجات الهجرة المستمرة، ومؤكدين عزمهم على البقاء والرسوخ في أرض الآباء رغم التوترات والصراعات. ووجه البيان إدانة واضحة للاعتداءات في غزة، داعيًا إلى وقف فوري للعدوان وبدء مفاوضات حقيقية لحل النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، معتبرًا أن العدالة هي الطريق الوحيد للسلام. كما ثمّن القادة الاستقرار في مصر، معربين عن أملهم في أن تشهد لبنان وسوريا مرحلة جديدة من السلام والتنمية. الحوار مع الكنائس الأخرى: خطوات نحو الوحدة جاء في البيان إشادة بالتقدم المحرز في الحوار اللاهوتي مع الكنيسة الكاثوليكية والعائلة الأرثوذكسية البيزنطية، ودعم الجهود الرامية إلى استعادة الوحدة الأرثوذكسية. كما أوصى القادة بدعم اللجنة الدولية الأنجليكانية - الأرثوذكسية الشرقية وضرورة إدراج قضايا اجتماعية وأخلاقية راهنة في جدول أعمالها. دور فعّال في المجالس المسكونية أكدت الكنائس استمرار التزامها بالحركة المسكونية، مشيدة بدور مجلس الكنائس العالمي، الذي يرأسه حاليًا الكاثوليكوس آرام الأول، ومجلس كنائس الشرق الأوسط، الذي يرأسه الأنبا أنطونيوس ممثلًا للعائلة الأرثوذكسية الشرقية. كما أعلن البيان عن استضافة الكنيسة القبطية لاحتفالية كبرى في أكتوبر 2025 بمناسبة مرور 1700 عام على مجمع نيقية، وذلك في مركز لوجوس البابوي بدير الأنبا بيشوي. دعم للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في الهند عبرت الكنيستان القبطية والأرمنية عن دعمهما الكامل للمجمع المقدس العام للكنيسة السريانية الأرثوذكسية ورفضهما المشاركة في أي فعاليات يحضرها ممثلو الفصيل المنشق، مع تأكيد استعدادهما لاستضافة لقاء مصالحة بالقاهرة لإعادة وحدة الكنيسة في الهند. دعوة لتفعيل التعاون المحلي والرعوي أوصى القادة بتعزيز التعاون بين أبرشيات الكنائس الأرثوذكسية من خلال لجان مشتركة وبرامج رعوية، وتشجيع تبادل الخبرات بين الإكليروس والعلمانيين، خاصة في مجالي الشباب والمعاهد اللاهوتية. تجديد للعهد ومسؤولية مشتركة في ختام البيان، دعا رؤساء الكنائس جميع المؤمنين إلى التمسك بتعاليم الإنجيل والعمل معًا لمجابهة التحديات الأخلاقية والاجتماعية، مقدمين الشكر للكنيسة القبطية على استضافة هذا الاجتماع التاريخي في القاهرة. IMG_2877 IMG_2876

احتفالية الكنائس الأرثوذكسية الشرقية في الشرق الأوسط بمرور 1700 سنة على مجمع نيقية
احتفالية الكنائس الأرثوذكسية الشرقية في الشرق الأوسط بمرور 1700 سنة على مجمع نيقية

البوابة

timeمنذ 2 أيام

  • البوابة

احتفالية الكنائس الأرثوذكسية الشرقية في الشرق الأوسط بمرور 1700 سنة على مجمع نيقية

أقامت الكنائس الأرثوذكسية الشرقية بالشرق الأوسط، مساء أمس الأحد، الاحتفال الرسمي بمناسبة اليوبيل المئوي الـ ١٧ (١٧٠٠ سنة) لانعقاد مجمع نيقية المسكوني الأول. وقد أُقيم الاحتفال الرسمي في مسرح الأنبا رويس بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، تحت شعار "مَحَبَّةٌ وَاحِدَةٌ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ" (في ٢: ٢)، وتضمن العديد من الفقرات التسبيحية والتوثيقية التي عبرت عن مجمع نيقية. واستقبل قداسة البابا تواضروس الثاني في المقر البابوي بالقاهرة قبل بدء الاحتفال صاحبي القداسة مار إغناطيوس أفرام الثاني بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس، والكاثوليكوس آرام الأول كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس لبيت كيليكيا الكبير، بلبنان. كما استقبل من رؤساء الكنائس قداسة البطريرك ثيؤدوروس الثاني بطريرك الإسكندرية وسائر إفريقيا للروم الأرثوذكس، ونيافة المطران سامي فوزي رئيس الكنيسة الأسقفية في مصر وشمال إفريقيا والقرن الإفريقي، وجناب القس أندريا زكي رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر. وعددًا من ممثلي الكنائس بمصر والشرق الأوسط، وعن مجلس كنائس الشرق الأوسط ومجلس كنائس مصر، وسفير فنزويلا بمصر. الكنائس الشرقية تحيي ذكرى مجمع نيقية بترانيم وأفلام وثائقية وعقب الاستقبال الرسمي بالمقر البابوي خرج الآباء البطاركة ورؤساء وممثلو الكنائس إلى ساحة الكاتدرائية حيث استمعوا إلى مجموعة من الترانيم من عددٍ من فرق الكوارال، الذين اصطفوا على سلم الكاتدرائية، سبقه عرض لفرق الكشافة، ثم عقد الآباء بطاركة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية الثلاثة مؤتمرًا صحفيًا قبل أن يتجهوا إلى مسرح الأنبا رويس لبدء الاحتفال الذي تضمن مجموعة من الترانيم رتلها كورال هارڤيست التابع لكنيسة الشهيد مار جرجس بالمنيل بالقاهرة، وتسبيحات لكورال كنيسة السيدة العذراء للسريان الأرثوذكس بالقاهرة، وألحان أرمينية رتلها مطارنة الكنيسة الأرمينية. كما تم عرض فيلم وثائقي من إنتاج دير الشهيد مار جرجس للراهبات بمصر القديمة، بعنوان "مجمع نيقية" وفيلم آخر من إنتاج المركز الإعلامي للكنيسة القبطية حمل عنوان "حراس الوديعة". وألقى قداسة بطريرك الإسكندرية للروم الأرثوذكس، كلمة محبة أعلن خلالها أن كنيسته خصصت عام ٢٠٢٥ لتكريم القديس أثناسيوس الرسولي بمناسبة مرور ١٧ قرنًا على انعقاد مجمع نيقيه. واختتم الاحتفال بكلمة تحية وشكر من قداسة البابا تواضروس.

مؤشرات التوتر في العلاقات الأميركية- الإسرائيلية
مؤشرات التوتر في العلاقات الأميركية- الإسرائيلية

الاتحاد

timeمنذ 2 أيام

  • الاتحاد

مؤشرات التوتر في العلاقات الأميركية- الإسرائيلية

مؤشرات التوتر في العلاقات الأميركية- الإسرائيلية هذا أسبوع سيئ لإسرائيل، وبحسب كل المؤشرات، لا يبدو أن ذلك يزعج الرئيس الأميركي. فقد نسّق دونالد ترامب عدة خطوط درامية لإيصال رسالة واحدة: سيفعل كل ما يراه يصب في مصلحته الشخصية، حتى لو كان ذلك يعني استبعاد بنيامين نتنياهو. ليس من قبيل الصدفة أن حركة «حماس» تتعرض لضربات إسرائيلية منذ أكتوبر 2023 في قطاع غزة، أطلقت آخر رهينة على قيد الحياة يحمل جواز سفر أميركياً بالتزامن مع توجه ترامب في جولة إلى الشرق الأوسط تشمل ثلاث دول عربية وتستثني إسرائيل بشكل واضح. وفي مارس، رفضت إدارته عرضاً مشابهاً من «حماس»، احتراماً للمخاوف الإسرائيلية من استبعادها من المفاوضات وتضييق الفرصة لإنقاذ الرهائن الآخرين الباقين على قيد الحياة. هذه المرة، لم تكترث الولايات المتحدة. الأمر نفسه تكرر الأسبوع الماضي عندما أعلن ترامب فجأة أن الولايات المتحدة ستوقف قصف «الحوثيين» في اليمن. قال الرئيس: «لقد ضربناهم بقوة»، وأضاف: «لقد أعطونا كلمتهم بأنهم لن يطلقوا النار على السفن بعد الآن، ونحن نحترم ذلك». ما لم يُذكر هو أن «الحوثيين» أطلقوا صواريخ على مطار بن جوريون قرب تل أبيب، وأن ترامب لم يستشر رئيس الوزراء الإسرائيلي. كذلك، فاجأ ترامب نتنياهو فيما يخص التعامل مع طهران. يُصر نتنياهو على تفكيك برنامج إيران النووي بالكامل ويريد قصف منشآتها بمساعدة أميركية. أما ترامب، فيسعى لتجنب الحرب ويريد أن يُحتفى به ك«صانع سلام» (ويُفضَّل أن يكون ذلك بمنحه جائزة نوبل). قال يوم الثلاثاء الماضي، مُغضبا نتنياهو: «أريد عقد صفقة مع إيران. إذا استطعت التوصل إلى اتفاق مع إيران، فسأكون سعيداً جداً». حتى في سوريا، قد تكون إدارة ترامب على خلاف مع إدارة نتنياهو. فبينما تواصل إسرائيل قصف أهداف عسكرية في سوريا، التي لا تزال تحاول النهوض بعد سقوط بشار الأسد، التقى ترامب الرئيس السوري الجديد، أحمد الشرع، هذا الأسبوع في السعودية، وأعلن نيته رفع العقوبات عن الدولة. لم يقل ترامب الكثير عن الكارثة المستمرة في غزة، ربما يظن أنه لا يستطيع إيقاف نتنياهو في جميع الأحوال ولا يريد أن يُربط اسمه بالكارثة. وإن صحّ ذلك، فهذه علامة أخرى على أن ترامب، خلافاً لبايدن، ليس صديقاً حقيقياً لإسرائيل. لقد تأثر بايدن بمحادثاته مع قادة إسرائيل منذ عهد جولدا مائير. كان يؤمن برؤية لإسرائيل تعيش بسلام إلى جانب دولة فلسطينية ذات سيادة. وفهم أن إسرائيل تحت قيادة نتنياهو ماضية في التحول إلى دولة معزولة دولياً تفقد تدريجياً روحها الديمقراطية. ولهذا ظل يحثّ نتنياهو على تغيير مساره، لكن دون جدوى. وبسبب هذه الجهود، اتهمه «الجمهوريون» بعدم كونه مؤيداً بما يكفي لإسرائيل. أما ترامب، فيعلن عن دعم إسرائيل عندما يخدمه ذلك سياسياً ولا يكلّفه شيئاً، بتصرفات مثل نقل السفارة الأميركية إلى القدس في ولايته الأولى. لم يتبرأ أبداً من حل الدولتين (وهو موقف أميركي قائم منذ عقود)، لكنه لم يفعل شيئاً يُذكر لتحقيقه. وبدلاً من ذلك، فاجأ ترامب نتنياهو إلى جانب الجميع، بإعلانه أن الولايات المتحدة ستقوم «بامتلاك» غزة وتحويلها إلى «ريفييرا الشرق الأوسط». والآن، بعد أن قرر نتنياهو احتلال القطاع، يبدو أن ترامب تخلى عن الفكرة. وهناك الانقسام بين الطرفين، فالولايات المتحدة تترك صديقاً قديماً ومقرّباً، إسرائيل، لتصبح الأخيرة معزولة أكثر فأكثر في العالم. ولعقود، كانت المصلحة القومية لإسرائيل جزءاً من حسابات أميركا. الآن، بدأت المصالح تتباعد. كان يجب على بايدن أن يقطع علاقته مع نتنياهو، لكنه لم يفعل. أما ترامب، فهو بالفعل يهمّش نتنياهو، لكن ليس من أجل إسرائيل. بل من أجل نفسه. *كاتب متخصص في الشؤون الاستراتيجية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج أند سينديكيشن»

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store