
تحولات السوق العالمية تهز عرش العلامات الفاخرة الأوروبية.. والتباطؤ الاقتصادي يُنذر بأفول نجم أسواق الرفاهية
◄
الشركات المشهورة تخسر ربع تريليون دولار من قيمتها السوقية
الرؤية- سارة العبرية
بعد أن تكبدت شركات الرفاهية الأوروبية خسائر في قيمتها السوقية بلغت نحو ربع تريليون دولار خلال الأشهر الأخيرة، قد تشهد هذه الشركات مزيدًا من التراجع في نفوذها داخل أسواق الأسهم، مع تفاقم التباطؤ الاقتصادي في الصين.
ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة The Economic Times، فإن شركات الرفاهية الأوروبية فقدت ما يقرب من 240 مليار دولار من قيمتها السوقية منذ ذروتها في مارس، مع تعرض علامات تجارية مثل Gucci وHugo Boss لأكبر الخسائر؛ حيث انخفضت قيمتها السوقية بنسبة تقارب 50% خلال العام الماضي.
وفي سياق آخر، أشارت بيانات Goldman Sachs إلى أن المؤشر الخاص بأسهم الرفاهية العالمية فقد ما يقارب من ربع تريليون دولار منذ ذروته في الربع الأول من 2024، لتصبح خسائر هذا القطاع من بين الأشد في أسواق المال العالمية.
والضربة الأقوى جاءت من الصين؛ حيث تراجع الإنفاق من قبل المستهلكين الأثرياء الذين كانوا سابقًا زبائن أوفياء في متاجر باريس وميلانو وهونغ كونغ.
وفي السابق، كانت تُعتبر هذه الشركات بمثابة "الرد الأوروبي" على عمالقة التكنولوجيا الأمريكية المعروفين بـ"السبعة العظام"، إلا أن أسهم الشركات المنتجة للأزياء الفاخرة وحقائب اليد والمجوهرات أصبحت راكدة، نتيجة لانكماش في الإنفاق الاستهلاكي، وما يثير القلق أكثر هو المؤشرات التي تفيد بأن الأثرياء الصينيين الذين اعتادوا التهافت على المتاجر الفاخرة في باريس وميلانو وهونغ كونغ قد لا يعودون، بعد أن أضعف الانحدار الاقتصادي شهيتهم للمنتجات الباهظة.
ويقول فلافيو سيريدا مدير استثمار في شركة GAM بالمملكة المتحدة: "هذا العام أكثر تقلبًا وأكثر إيلامًا، لأنه يأتي بعد فترة من النمو المفرط"، مشيرًا إلى الفترة التي أعقبت الجائحة مباشرة، عندما اندفع المستهلكون المتحررون من الإغلاق إلى الإنفاق على التسوق والسفر.
أما بالنسبة لشركة بربري البريطانية الشهيرة بصناعة المعاطف المطرية، فقد أدى هذا التراجع إلى استبعادها من مؤشر الأسهم FTSE 100 في لندن، بعدما انخفضت قيمتها السوقية بنسبة 70%. وبينما كانت بربري هي العلامة الكبرى الوحيدة التي فقدت موقعها في المؤشر، فإن مؤشرًا لأسهم الرفاهية جمعته شركة جولدمان ساكس فقد 240 مليار دولار من ذروته في مارس الماضي.
وكانت شركتا كيرينغ المالكة لعلامة Gucci وهيوغو بوس الأكثر تضررًا؛ إذ فقدتا ما يقرب من نصف قيمتهما السوقية خلال العام الماضي. وكانت كيرينغ تصنف سابقًا ضمن أكبر 10 شركات في مؤشر CAC 40 الفرنسي، لكنها الآن في المرتبة 23، أما عملاق الصناعة LVMH فلم يكن في مأمن هو الآخر.
ويظهر انكماش فقاعة الإنفاق التي أعقبت الجائحة بشكل جلي في تقارير الأرباح الأخيرة، حيث أصدرت شركات كيرينغ وبربري وهيوغو بوس تحذيرات بشأن الأرباح، في حين سجلت وحدة السلع الجلدية الأساسية لشركة LVMH نموًا عضوياً بنسبة 1% فقط في إيراداتها الفصلية، مقارنة بـ21% في العام السابق.
وحدها العلامات التجارية التي تستهدف الأثرياء جدًا، مثل Hermès International وBrunello Cucinelli، نجت من التأثير الكامل لهذا التباطؤ في الأرباح.
ويأمل سيريدا من شركة GAM الذي يشارك في إدارة صندوق استثماري يركز على أسهم الرفاهية في أن تعود المبيعات للنمو العام المقبل، على الأقل إلى مستويات "منتصف الأرقام الأحادية" التي يرى أنها تمثل الاتجاه طويل الأمد للقطاع. لكنه يتساءل: "ماذا لو أصبحت الإيرادات الأضعف وهوامش الربح الأضيق هي الوضع الطبيعي الجديد؟"، وبعض المحللين يعتقدون أن هذا قد يكون بالفعل هو الواقع القادم.
الأسباب الرئيسية وراء الانهيار
جاء الانهيار الكبير في سوق العلامات التجارية الفاخرة نتيجة تداخل عدة عوامل ضاغطة، أول هذه العوامل هو التباطؤ الاقتصادي في الصين؛ حيث تُعد الصين سوقًا محوريًا للعلامات الفاخرة، إلا أن التراجع الاقتصادي الخير إلى جانب غياب الحوافز الحكومية القوية، قد أضعف ثقة المستثمرين والمستهلكين بشكل كبير. إضافة إلى ذلك، شهدت فترة ما بعد الجائحة تحولًا ملحوظًا في سلوك المستهلكين؛ إذ باتوا أكثر تحفظًا في الإنفاق، ما أدى إلى تراجع واضح في الطلب على المنتجات الفاخرة. أما العامل الثالث فيتمثل في تصاعد التوترات الجيوسياسية والاقتصادية، بما في ذلك النزاعات التجارية العالمية وارتفاع معدلات التضخم وأسعار الفائدة، وهو ما زاد من الضغوط على القطاع وأدى إلى تآكل ثقة الأسواق بالشركات العاملة فيه.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عمان اليومية
منذ 2 ساعات
- عمان اليومية
987 ألف برميل الإنتاج اليومي للنفط خلال الثلث الأول من 2025
987 ألف برميل الإنتاج اليومي للنفط خلال الثلث الأول من 2025 متوسط خام عمان يسجل 75.9 دولار سجل متوسط خام نفط عمان 75.9 دولار للبرميل خلال الثلث الأول من العام الجاري بتراجع نسبته 5.2 بالمائة مقارنة مع متوسط السعر خلال الفترة نفسها من العام الماضي البالغ 80 دولارا للبرميل، وبلغ متوسط الإنتاج اليومي 987 ألف برميل منخفضا واحد بالمائة عن مستوياته في الثلث الأول من عام 2024، مع إجمالي صادرات 100 مليون برميل خلال الفترة من يناير وحتى أبريل 2025 حسب الإحصائيات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات. ووفق التنسيق بين دول مجموعة أوبك بلس، ومن بينها سلطنة عمان، تبنت المجموعة سياسة خفض إنتاج النفط خلال السنوات الماضية بهدف الحفاظ على توازن السوق النفطية، وبدءا من مايو الجاري، يسري اتفاق دول المجموعة بزيادة إنتاج النفط من خلال تراجع تدريجي عن خفض الإنتاج الطوعي البالغ 2.2 مليون برميل يوميا وتعديل مستويات الإنتاج بنحو 411 ألف برميل يوميا، ومن المتوقع أن ينعكس أثر الاتفاق على ارتفاع إنتاج النفط الخام في سلطنة عمان خلال العام الجاري. ويأتي ذلك على الرغم من حالة عدم اليقين بشأن مسار الاقتصاد العالمي والسياسات التجارية التي أدت إلى تراجع ملموس في أسعار النفط خلال الفترة الأخيرة، حيث ما زالت مجموعة أوبك بلس تبقى على نظرتها الإيجابية تجاه مستويات الطلب واستمرار نمو الاقتصاد العالمي وجودة أساسيات السوق النفطية مؤكدة التزامها بالحفاظ على توازن الأسعار عند مستويات مواتية للمنتجين والمستهلكين، ومن المرجح أن تواصل المجموعة المضي قدما في تخفيف قيود الإنتاج التي تم فرضها على مدار عدة سنوات، وتظل زيادة الإنتاج قابلة للتعديل أو الإلغاء حسب متغيرات السوق في إطار نهج مرن من قبل المجموعة للحفاظ على استقرار السوق ومستويات الأسعار. وفي جانب الطلب، فخلال العام الجاري حافظت منظمة الدول المنتجة للنفط «أوبك» على توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط دون تغيير، وتوقعت ارتفاع الطلب 1.45 مليون برميل يوميا في 2025، و1.43 مليون برميل يوميا في 2026. بينما رفعت وكالة الطاقة الدولية خلال مايو الجاري توقعاتها لنمو الطلب على النفط خلال العامين الحالي والمقبل، اعتمادا على توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 2.8 بالمائة في عامي 2025 و2026. ورفعت الوكالة توقعاتها لنمو الطلب على النفط خلال العام الجاري بمقدار 740 ألف برميل يوميًا، مقارنة مع توقعاتها السابقة البالغة 730 ألف برميل يوميا، وفي عام 2026 إلى 760 ألف برميل يوميا، وأشارت الوكالة إلى انه من المرجح نمو المعروض العالمي من النفط في عام 2025 إلى 1.6 مليون برميل يوميًا و970 ألف برميل يوميًا في عام 2026. وفي جانب الأسعار، شهد سعر خام برنت انخفاضا بنسبة 25 بالمائة منذ بداية العام وحتى نهاية تداولات الأسبوع الماضي وكان التراجع الأكبر للأسعار خلال شهري أبريل ومايو حيث انخفضت أسعار النفط بنسبة نحو 12 بالمائة منذ أبريل وحتى نهاية الأسبوع الماضي، ورغم توقعات بنوك الاستثمار بأن معنويات المستثمرين في تحسن مستمر مع تفاؤل يسود في الأسواق بأن الأسوأ قد انتهى بالفعل في مرحلة التذبذبات والمخاوف التي شهدتها الأسواق منذ تصاعد التوترات بشأن الرسوم الجمركية، ترى البنوك أن أسعار النفط ستنهي العام الجاري بانخفاض عن مستوياتها في عام 2024 وستواصل التراجع خلال العام المقبل، وتتوقع مؤسسة جي بي مورجان للأبحاث أن يبلغ سعر خام برنت 66 دولارًا للبرميل خلال عام 2025 و58 دولارًا للبرميل لعام 2026، مشيرة إلى انه بعد تراجع الأسعار خلال الشهرين الأخيرين إلى مستويات هي الأقل منذ 2021 من المرجح أن تتجه نحو الارتفاع نسبيا خلال الفترة الباقية من العام الجاري لكن توجهات الإدارة الأمريكية في ملف الطاقة ستظل أحد العوامل المؤثرة على الأسعار حيث تعتبر الإدارة الأمريكية أن ارتفاع النفط قد يغذي ارتفاع مستويات التضخم في الولايات المتحدة وستواصل الإدارة الأمريكية إعطاء الأولوية لانخفاض أسعار النفط للسيطرة على التضخم. ومن جانبه يتوقع بنك جولدمان ساكس، أن تنخفض أسعار النفط حتى نهاية العام الحالي والعام المقبل، وان يسجل سعر خام برنت 63 دولار خلال بقية العام الجاري و58 دولار خلال عام 2026 بسبب تزايد خطر الركود وزيادة المعروض من مجموعة أوبك بلس، كما خفضت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية توقعاتها لأسعار النفط حيث اعتبرت أن متوسط سعر خام برنت سيسجل 67.87 دولار للبرميل في 2025، و61.48 دولار للبرميل في عام 2026.


جريدة الرؤية
منذ يوم واحد
- جريدة الرؤية
الذهب يتألق وسط التوترات حول مشروع قانون ترامب
واشنطن- رويترز سجلت أسعار الذهب ارتفاعا، خلال التعاملات الآسيوية الخميس، وسط إقبال المستثمرين على الملاذ الآمن نتيجة لتزايد المخاوف إزاء مستويات الدين الحكومي وضعف الطلب على سندات للخزانة الأميركية لأجل 20 عاما. وصعد الذهب في المعاملات الفورية 0.2 بالمئة إلى 3320.37 دولار للأونصة (الأوقية) بحلول الساعة 0026 بتوقيت غرينتش. وزادت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.3 بالمئة إلى 3322.20 دولار، بحسب بيانات وكالة رويترز. وقال رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون إنه يقترب من طرح مشروع قانون الضرائب والإنفاق الذي اقترحه الرئيس الأميركي دونالد ترامب للتصويت، مما يعني أنه ربما تمكن من تهدئة اعتراضات زملائه الجمهوريين الذين كانوا يرفضون تمريره. وتصاعدت المخاوف بشأن مساعي ترامب للدفع بمشروع قانون خفض الضرائب الذي قد يؤدي إلى تفاقم عبء الديون بما يتراوح بين ثلاثة تريليونات دولار وخمسة تريليونات دولار. وشهدت وزارة الخزانة الأميركية طلبا ضعيفا على بيع سندات بقيمة 16 مليار دولار لأجل 20 عاما أمس الأربعاء، مما يسلط الضوء على انحسار الإقبال على الأصول الأميركية. وعادة ما يُنظر إلى الذهب على أنه استثمار آمن في أوقات الاضطرابات الاقتصادية والجيوسياسية. وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، ارتفعت الفضة في المعاملات الفورية 0.3 بالمئة إلى 33.47 دولار للأونصة، وانخفض البلاتين 0.4 بالمئة إلى 1072.70 دولار، وهبط البلاديوم 1.1 بالمئة إلى 1026.58 دولار.


جريدة الرؤية
منذ 2 أيام
- جريدة الرؤية
هل حان الوقت لربط الريال العُماني بسلة عملات؟
حمزة بن حسين سلمان اللواتي منذ انطلاق مسيرة النهضة الحديثة في العام 1970، تبنَّت السلطنة سياسة نقدية مستقرة من خلال ربط عملتها الوطنية بالدولار الأمريكي، كانت هذه السياسة النقدية منطقية؛ بل ضرورية خلال كل تلك المدة، وبفضل هذا الربط حَمَتْ الاقتصاد العُماني من تقلُّبات العملة، وحافظت على القوة الشرائية للريال العُماني كما كان لها الدور في توفير ما تحتاجه السلطنة من منتجات وخدمات مستوردة دون تحمل تقلبات العملات، ومما لا شك فيه فإن الخارطة السياسية والاقتصادية في العالم قد تغيرت بشكل كبير جدًا مقارنة بعام 1970، والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو: هل حان الوقت لربط الريال العُماني بسلة عملات؟ في هذا المقال أحاولُ طرح رؤية مختلفة تستند لتحليل للمشهد العالمي، وتشير إلى ضرورة أن تبدأ السلطنة في بحث إعادة النظر في عملتها واحتياطاتها النقدية، مُعتمدًا في قراءتي على الأفكار الاقتصادية التي طرحها الخبير الاقتصادي الأمريكي ستيفن ميران الذي يُعد من أحد مُنظِّري السياسة الاقتصادية للإدارة الأمريكية الحالية بقيادة الرئيس دونالد ترامب. وحتى نفهم لماذا علينا أن نُفكِّر جديًا بربط الريال العُماني بسلة عملات قوية، ينبغي عليّ أن أوضِّح خلفية مختصرة عن الدولار الأمريكي والاقتصاد الأمريكي. يقول ستيفن ميران في ورقة جريئة طرحها في نوفمبر 2024 بعنوان "دليل لإعادة هيكلة النظام التجاري العالمي": إن الولايات المتحدة تواجه معضلة حقيقية: إما أن تظل مهيمنة ماليًا عبر الدولار، أو أن تعيد بناء صناعتها المحلية. لا يمكنها الجمع بين الاثنين إلى الأبد. من أبرز مقترحات ستيفن في هذه الورقة: 1- فرض تعريفات جمركية على الدول التي تستفيد من السوق الأمريكية. 2- عقد اتفاقية دولية جديدة تُخفَّض فيها قيمة الدولار. 3- فرض رسوم على الأجانب الذين يحتفظون بأدوات دين أمريكية (مثل سندات الخزينة)، ولاحظ معي- عزيزي القارئ- هذه النقطة؛ حيث واحدة من أكثر الأفكار جُرأة في ورقة ستيفن، وهي أن تقوم الولايات المتحدة بفرض رسم استخدام على السندات الأمريكية التي تمتلكها الحكومات الأجنبية، بمعنى إذا كانت دولة ما تملك سندات أمريكية بقيمة مليار دولار، فإنها لن تحصل على كامل الفائدة؛ بل تُخصم منها نسبة محددة. وقد يستغرب الكثير من هذا الاقتراح ويصفه بغير المعقول، ولكن الهدف منه هو تمامًا ما تريده الولايات المتحدة الأمريكية: تقليل إقبال الدول على شراء السندات، التخفيف من الضغط الذي يرفع قيمة الدولار. لكن السؤال: لماذا تريد أمريكا خفض قيمة الدولار الأمريكي؟ خلافًا لما يظنه البعض، الولايات المتحدة لا تستفيد دائمًا من قوة الدولار؛ بل إن استمرار ارتفاع قيمته يُشكل عبئًا على الاقتصاد الأمريكي، خاصة فيما يتعلق بالقدرة التنافسية للصادرات والصناعة المحلية. ووفقًا لستيفن ميران، فإن الدولار المبالغ في قيمته يُضعف قاعدة التصنيع الأمريكية، ويُعمّق العجز التجاري بشكل دائم، مما يؤدي إلى فقدان الوظائف الصناعية وركود في ولايات كاملة مثل ميشيغان وأوهايو.، وهنا فإن خفض قيمة الدولار يُمكن أن يحقق عدة أهداف استراتيجية: إعادة التوازن التجاري: تصدير المنتجات الأمريكية يصبح أسهل وأرخص، واستيراد السلع يصبح أقل جاذبية. تنشيط الصناعة المحلية: عندما ترتفع كلفة الاستيراد، يُعاد تحفيز الإنتاج الداخلي. ضمان الأمن القومي: الصناعة المحلية لا تُعنى فقط بالاستهلاك المدني؛ بل هي الركيزة الأساسية لقدرة الولايات المتحدة على تصنيع الأسلحة والأنظمة الدفاعية. التباطؤ في القطاع الصناعي يجعل البنتاغون أكثر اعتمادًا على الخارج لتأمين قطع الغيار والمواد الأساسية، وهو أمر يُضعف من الجاهزية العسكرية ويُهدد السيادة الصناعية. في بيئة دولية تتسم بالمنافسة العسكرية المتزايدة، لا يمكن للولايات المتحدة أن تسمح بأن تعتمد في تسليحها على سلاسل توريد أجنبية قد تُقطع في لحظة. تحقيق أهداف سياسية: مثل مطالبة الشركاء الأمنيين للولايات المتحدة بدفع "ثمن الحماية" من خلال قبول خسائر في قيمة احتياطاتهم بالدولار. لهذا السبب.. فإنَّ خفض قيمة الدولار ليس مجرد خطوة مالية؛ بل استراتيجية شاملة لإعادة بناء القاعدة الصناعية، وتعزيز الأمن القومي، وضمان استمرار التفوق الأمريكي على الصعيدين الاقتصادي والعسكري. الان نرجع لعنوان المقال وموضوعه الأساسي، وهو ربط الريال العُماني بالدولار، ونسأل: هل حان الوقت لمراجعة السياسة النقدية للسلطنة في ظل توجه أمريكي واضح بخفض قيمة الدولار وفرض رسوم على حاملي السندات الأمريكية؟ الحقيقة أن ما شهدناه بتاريخ 2 أبريل 2025، ليس سوى بداية التحوُّل نحو نهج اقتصادي جديد شكل صدمة كبيرة للعالم أجمع. ولكن في نفس الوقت، تُجيد أمريكا صدمة العالم فجأةً، وبعدها تُوضِّح ما تريد أن تصل إليه. وليست التعريفات الجمركية إلّا وسائل ضغط لتحقيق المزيد مما ذكره ستيفن ميران. ومع الأخذ بالاعتبار لهذه الأفكار الجريئة من قبل أمريكا، فإن مخاطر ربط العملة بالدولار الأمريكي تزداد؛ حيث قد تنخفض قيمة الاحتياطات، وقد تتآكل العوائد بسبب رسوم محتملة، ناهيك عن نزول قيمة الريال العُماني بسبب انخفاض قيمة الدولار. واستمرار ربط الريال العُماني بالدولار الأمريكي يجعل الاقتصاد العُماني مكشوفًا لتقلبات السياسة النقدية الأمريكية، خصوصًا إذا تم خفض قيمة الدولار كما تُلمّح بعض الخطط الاقتصادية. وهنا فإن ضعف الدولار سينعكس على الاقتصاد العُماني بعدة طرق: زيادة تكلفة الاستيراد: بما أن عُمان تستورد نسبة كبيرة من حاجاتها من دول تتعامل باليورو، اليوان أو الروبية، فإن ضعف الدولار يجعل الاستيراد من هذه الدول أغلى، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع في السوق المحلي. ارتفاع التضخم: ارتفاع تكلفة الاستيراد يؤدي إلى موجة تضخمية تؤثر على مستوى المعيشة، وقد تؤثر على الشرائح المتوسطة والمنخفضة الدخل بشكل مباشر. تآكل القوة الشرائية للريال العُماني: رغم ثبات سعر الصرف، إلّا أن القيمة الحقيقية للريال العُماني تنخفض، مما يعني أن المواطن العُماني يستطيع شراء أقل بنفس الدخل. تأثر الشركات المحلية: المشاريع التي تعتمد على استيراد مواد أولية أو منتجات نصف مصنّعة قد تواجه زيادات غير متوقعة في التكاليف، مما يُقلّص الأرباح ويؤثر على النمو والاستدامة. زعزعة ثقة المستثمرين: أي إشارات إلى تراجع قيمة الدولار ستُقلق المستثمرين الأجانب والمحليين، خاصة في غياب إجراءات تنويع وتحصين. كل ما سبق، يجعل من الضروري والمهم أن تبدأ السلطنة في تنويع مصادر قوتها النقدية. لا أدعي أنه من السهل أن يتم اتخاذ خطوة استراتيجية بهذا الحجم، ولكن بكل تأكيد الانتظار حتى تقع الأزمة ليس خيارًا بالنسبة لنا. الدول التي تتحرك مبكرًا تملك مساحة أكبر للمناورة وتفادي الصدمات. وأخيرًا.. إنَّ السياسة النقدية لم تعد مسألة فنية فقط؛ بل أصبحت جزءًا من السيادة في عالم مُتجدد مُتعدد الأقطاب. وما كان يناسبنا سابقًا قد لا يكون مناسبًا اليوم. هذه دعوة لكل الأكاديميين والنُخب والمسؤولين لفتح نقاش جاد حول مستقبل الريال العُماني، قبل أن يُفرض علينا التغير بشروط وظروف لا تناسب مصالحنا القومية.