
تبريد الرقاقات بالليزر.. الحلم القديم أصبح حقيقة؟
يُعد التحكم بالحرارة واحدًا من أهم التحديات الرئيسية لمستقبل القطع الإلكترونيات، خاصة أن هذه القطع يزداد فيها مع كل جيل عدد الترانزستورات لتصبح الكثافة أعلى ضمن مساحة تصميم أصغر؛ مما يؤدي إلى ارتفاع معدل استهلاك الطاقة للرقاقات وارتفاع حرارتها.
تحدي صعب لمستقبل رقاقات الحاسوب
إن حلول التبريد المتاحة اليوم تغطي احتياجات السوق المختلفة من الحواسيب المكتبية إلى المحمولة إلى السيرفرات والحواسيب الكمية، لكن هناك تحديات بدأت تظهر لدى المهندسين حول معدل استهلاك الطاقة المتزايد في رقاقات السيليكون مما يؤدي إلى ارتفاع حرارتها، أي لدينا مشكلتين استهلاك طاقة مرتفع وحرارة متزايدة.
اليوم، هناك حاجة إلى تقنيات جديدة للتعامل بكفاءة مع الحرارة بطريقة مستدامة وفعالة كتكلفة مالية، إذ يعد تضمين التبريد السائل مباشرة داخل قالب الرقاقة نهجًا واعدًا لإدارة حرارية أكثر كفاءة. ومع ذلك، حتى مع أحدث تقنيات التبريد التي نستخدمها اليوم من التبريد الهوائي أو المائي، نرى أن آلية عمل رقاقات الحاسوب مع أنظمة التبريد لا تحدث بشكل مدمج، مما يترك الإمكانات الكاملة لتوفير الطاقة وخفض الحرارة غير مستغلة.
تقنية طورت قبل 5 سنوات.. لكن
شهدت السنوات الأخيرة العديد من الدراسات، من بينها التصميم المشترك للميكروفلويد ورقاقة السيليكون داخل القالب ذاته، لإنتاج هيكل تبريد متعدد القنوات (mMMC). وعلى الرغم من أن النتائج الأولية لتقنية التبريد الميكروفلويدي المدمجة بالرقاقات الإلكترونية بدت واعدة، فإن الباحثين الذين طوروها لم يتمكنوا من تطبيقها عمليًا كما كان متوقعًا.
بلغة الأرقام، أظهرت النتائج أنه يمكن تبريد تدفقات حرارية تتجاوز حاجز 1.7 كيلوواط/سم² باستخدام 0.57 واط/سم² فقط من طاقة الضخ المائي. كما أن مستوى التبريد المائي أحادي الطور لتدفقات حرارية تتجاوز حاجز 1 كيلوواط/سم² يمثل زيادة بمقدار 50 ضعفًا مقارنة بالقنوات الدقيقة المستقيمة.
وبلغة أسهل كقارئ، تُمكّن تقنية التبريد المقترحة من تصغير حجم القطع الإلكترونية مثل رقاقات السيليكون بنسبة كبيرة، مما قد يمدد عمل قانون مور ويقلل بوضوح من معدل استهلاك الطاقة في جميع أنحاء العالم. إذ تسبب السيرفرات الضخمة للذكاء الاصطناعي والتعلم العميق والتخزين السحابي إلخ، استهلاكًا مخيفًا للطاقة.
هل المشكلة في مادة السيليكون أم في دقة التصنيع؟
كل شيء مرتبط ببعضه البعض، لأن إدارة الحرارة المتولدة في الإلكترونيات تُعد من المشكلات الكبرى التي تواجه المصنعين، خاصة أن الشركات المطورة مثل NVIDIA وAMD تدفع بستمرار إلى تقليل حجم قالب الرقاقة بدقة تصنيع أصغر، مع زيادة كثافة الترانزستورات في الرقاقة نفسها بنسبة غير مسبوقة مع كل جيل جديد.
فريق من المطورين، الذي عمل على هذا المشروع في عام 2020، سعى لحل مشكلة تبريد الرقاقات خاصة الترانزستورات الداخلية، التي تنتج مقدار كبير من الحرارة. تعتمد تقنيتهم على دمج قنوات ميكروفلويدية داخل شريحة أشباه الموصلات، جنبًا إلى جنب مع الإلكترونيات، إذ يتدفق سائل تبريد داخل الرقاقة في الوقت نفسه.
المطور المخضرم "إليسون ماتيولي" كان قد تحدث عن هذه التقنية موضحًا أنهم أثناء عمليات الاختبار وضعوا قنوات ميكروفلويدية قريبة جدًا من النقاط الساخنة للترانزستور، بعملية تصنيع مباشرة ومتكاملة، حتى يتمكنوا من استخراج الحرارة من المكان الصحيح تمامًا ومنعها من الانتشار في جميع أنحاء الرقاقة.
كان سائل التبريد الذي استخدموه هو الماء منزوع المعادن، الذي لا يمكن أن يوصل إشارة الكهرباء في حالة المساس به. للأسف لم يرى هذا المشروع النور حتى الآن.
التبريد بالليزر.. حلم آخر قد يتحقق
نظرًا لأن تبديد الحرارة أصبح تحديًا كبيرًا لمراكز البيانات الحديثة، فقد اعتمدت الشركات على طرق تبريد مختلفة في السنوات الأخيرة. ولسنوات طويلة، اعتمدت الشركات على تبريد الهواء، بعد ذلك بدأت الشركات الكبرى في تجربة التبريد السائل، وجربت كلاً من تبريد المياه الدافئة وتبريد المياه المبردة، واختبرت التبريد بالغمر.
لكن هناك شيء واحد لم يستخدم للتبريد بعد وهو الليزر، القادر على سحب الحرارة من الرقاقات. فلقد كشفت شركة ماكسويل الناشئة ومقرها مينيسوتا، عن شراكة تعاونية في مجال البحث والتطوير مع مختبرات سانديا الوطنية وجامعة نيو مكسيكو، لعرض تبريد ضوئي قائم على الليزر لرقاقات الحاسوب.
الشركة تطور الشركة هذه التقنية لتنظيم درجة حرارة الرقاقات لتبريد أجهزة الحوسبة عالية الأداء باستخدام الليزر، وتقليل استهلاك الطاقة بدرجة كبيرة، وزيادة كفاءة الأنظمة التقليدية القائمة على أنظمة التبريد الهوائي والمائي.
في هذه الجزئية سيكون الكلام تقني بحت، تستخدم هذه التقنية ألواح أشباه موصلات خاصة مصنوعة من زرنيخيد الغاليوم فائق النقاء GaAs، ليوضع مباشرة في المكونات الدقيقة التي تنتج كمًا شديدًا من الحرارة في رقاقة المعالج. بعد ذلك يُوجه الليزر بدقة عالية إلى هذه النقاط الساخنة، مما يؤدي إلى تبريد موضعي فعال.
الجدير بالذكر أن هذه التقنية تعود إلى دراسات سابقة حدثت في عام 2012، في جامعة كوبنهاغن، إذ قاموا بتبريد غشاء صغير من السيليكون إلى 269 درجة مئوية تحت الصفر باستخدام طريقة مماثلة.
بالإضافة إلى ذلك، توفر هذه التقنية قدرة فريدة يمكنها من استعادة الطاقة المنقولة كحرارة، وفقًا لشركة ماكسويل. إذ يمكن أن تنبعث الطاقة الحرارية المستخرجة من الرقاقات كفوتونات قابلة للاستخدام، التي يمكن تحويلها مرة أخرى إلى طاقة كهربائية. في حين أن هذا يزيد بالتأكيد من كفاءة الطاقة الإجمالية لأنظمة الحوسبة، إلا أن الكفاءة العملية على أرض الواقع لا تزال غير واضحة.
كيف تعمل تقنية التبريد بالليزر؟
التبريد بالليزر ليس أمرًا مستحيلًا أو خياليًا، بل هو أمر من الممكن حدوثه في أقل من سنة، ففي بعض أجهزة الحواسيب الكمومية يساعد الليزر في تثبيت الذرات الفردية في درجات حرارة فائقة البرودة.
مع أن نظام الليزر غير مناسب لتبريد مساحة شاسعة، فإنه يمكن أن يعمل مع رقاقات الحاسوب بكفاءة عالية مثل رقاقة وحدة المعالجة الرسومية أو وحدة المعالجة المركزية؛ إذ يمكن تركيز الليزر على نقاط ساخنة صغيرة يبلغ حجمها بضع مئات من الميكرونات لتبريدها.
يَكمن المفتاح الرئيسي في استخدام ألواح GaAs فائقة النقاء، إذ يمكن لهذه الألواح عند اصطدامها بليزر مضبوط على طول موجي معين بدقة عالية، من التحول من مرحلة التسخين إلى مرحلة التبريد.
في بعض الأنظمة الحالية، يتدفق الماء البارد عبر قنوات مجهرية في ألواح تبريد نحاسية موضوعة فوق الرقاقة لامتصاص الحرارة، لكن لوحة التبريد الخاصة بشركة ماكسويل تعتمد على ضوء الليزر، ومصممة بمواد ومزايا مجهرية توجه ضوء الليزر المبرد إلى النقاط الساخنة. وفقًا لجاكوب بالما، الرئيس التنفيذي لشركة ماكسويل، تشير نماذج شركته إلى أن نظام التبريد القائم على الليزر يمكن أن يحافظ على برودة الرقاقات أكثر من الأنظمة المستندة على الماء.
كما كشف عالم المواد سادفيكاس أدامان، من مختبرات سانديا الوطنية، عن أول مفاعل للتبلور الشعاعي الجزيئي، وهو نظام ستستخدمه مختبرات سانديا لبناء ألواح تبريد ضوئية تجريبية المصممة من شركة ماكسويل. وإذا ثبتت دقة النماذج على أرض الواقع، فإن طريقة التبريد يمكن أن تُمكن الرقاقات من العمل بأداء أعلى دون ارتفاع درجة الحرارة، مما يحسن من أدائها العام وكفاءة استهلاك الطاقة في الوقت نفسه.
ماهو العائق؟ تكاليف باهظة ومراحل تصنيع معقدة
في حين أن استخدام ألواح GaAs للتبريد يُعد بالتأكيد ابتكار مدهش وغير مسبوق في العالم وقد يُحدث ثورة حقيقة في مجال التبريد، فإنه يرتبط بتحديات كبيرة من جهة التكلفة المالية وقابلية التصنيع، وسنتطرق الآن للعوائق التي تمنع الوصول لهذه التقنية في الوقت الحالي:
أولاً ، يتطلب إنتاج ألواح GaAs تقنيات معقدة ومستهلكة للطاقة مثل التبلور الشعاعي الجزيئي (MBE) أو الترسيب الكيميائي للبخار (MOCVD). ونظرًا لأننا نتعامل مع طبقات بلورية فائقة النقاء، فقد تكون معدلات العيوب عالية في اللوح الواحد؛ مما يؤثر على تكاليف الإنتاج.
في الوقت الحالي، يمكن أن تكلف رقاقة بحجم 200 مم مصنوعة بتقنية ألواح GaAs قرابة 5000 دولار، في حين قد يبلغ سعر رقاقة سيليكون بالحجم نفسه دون هذه التقنية الحديثة خمسة دولارات فقط.. فارق شاسع أليس كذلك؟
ثانيًا ، لا يمكن دمج تقنية GaAs بسلاسة في الرقاقات التقليدية المستندة على السيليكون لتكوين رقاقة واحدة. ومع ذلك، إذا أرادت الشركات استخدام ألواح GaAs لتبريد الرقاقات التقليدية فيمكنها استخدام عملية التصنيع ثلاثية الأبعاد غير المتجانس أو تقنية ربط الرقاقات MMC، وهما تقنيتان معروفتان للأنظمة التي تستخدم الفوتونيات السيليكونية، بجانب تقنيات التكديس الحديثة.
نعم، هذه التقنيات تُعد باهظة الثمن كما نعلم، لكن عند مقارنتها مع تكلفة إنتاج رقاقات بتقنية GaAs، فهي تتجاوز بمراحل تكلفة تلك التقنيات.
في الختام، لا يزال هذا المفهوم الجديد في مرحلة التجريب والنمذجة، لكن من الجيد أن كل عمليات المحاكاة تبدو واعدة. إذ يتوقع إكمال النموذج الأولي بحلول خريف عام 2025، مع الإشارة إلى أن اتفاقية البحث الجديدة تؤكد أن شركة ماكسويل ستنتج التصاميم الفنية، وستبني سانديا الأجهزة، وستحلل جامعة نيو مكسيكو أدائها الحراري.
من المثير للاهتمام أيضًا أن شركة ماكسويل قد وجدت بالفعل أوائل المتبنين لإصدارها الأول بهذا النظام الجديد من التبريد، المسمى MXL-Gen1. من المتوقع وصول مجموعة كبيرة من هذه الرقاقات بنظام التبريد الحديث بنهاية عام 2027.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البوابة
منذ 4 أيام
- البوابة
عالم مصري يفتح بوابة المستقبل.. حوسبة أسرع مليون مرة عبر «النفق الكمي»
في خطوة علمية تُعد الأكثر تقدمًا في مجال الإلكترونيات والفيزياء الحديثة، قاد العالم المصري الدكتور محمد ثروت فريقًا بحثيًا بجامعة أريزونا الأمريكية إلى ابتكار ترانزستور ضوئي فائق السرعة يعمل بتقنية النفق الكمومي، ليحقق بذلك إنجازًا غير مسبوق يفتح آفاقًا جديدة في تكنولوجيا الحوسبة والاتصالات. 1. ترانزستور بسرعة 1.6 بيتاهيرتز: قفزة مليونية في سرعة الحوسبة الترانزستور الجديد تفوّق على كل التوقعات، محققًا سرعة تشغيل تصل إلى 1.6 بيتاهيرتز (أي 1.6 × 10¹⁵ هيرتز)، ما يعادل مليون ضعف سرعة الترانزستورات الحالية المستخدمة في المعالجات الحديثة. وقد تم الوصول إلى هذا المستوى الثوري باستخدام نبضات ليزر فائقة القِصر، مما أتاح تفاعلًا ضوئيًا في زمن قياسي بلغ 630 أتوثانية فقط، والأتوثانية هي وحدة زمنية تمثل جزءًا من مليار مليار ثانية. 2. النفق الكمومي: تقنية خارقة تتحدى قوانين الفيزياء التقليدية يعتمد هذا الترانزستور على مبدأ النفق الكمومي (Quantum Tunneling)، وهي ظاهرة تتيح للإلكترونات عبور حواجز طاقة كانت تعتبر غير قابلة للاختراق في الفيزياء الكلاسيكية. وبفضل هذه التقنية، ينتقل التيار الكهربائي بدون مقاومة تُذكر، ما يُسهم في خفض استهلاك الطاقة ورفع الكفاءة إلى مستويات غير مسبوقة. وأكد الباحثون أن التيار الناتج ليس ظاهرة تقليدية بل تأثير كمومي مباشر، تم إثباته من خلال قياسات دقيقة قارنت الأداء بوجود نبضات الليزر وغيابها. 3. هندسة متقدمة باستخدام الجرافين والسيليكون تم تصميم الترانزستور باستخدام طبقات متناهية الرقة من الجرافين والسيليكون، مما مكن الفريق من تحقيق استجابة ضوئية عالية الكفاءة، وإجراء التحكم الكامل في الجهاز باستخدام الضوء. كما نجح الفريق في تنفيذ بوابات منطقية ضوئية – وهي الأساس المعماري للمعالجات الرقمية – داخل نفس الجهاز، ما يضع حجر الأساس لتطوير حواسيب ضوئية مستقبلية. 4. تطبيقات واعدة دون الحاجة لتبريد خاص واحدة من أبرز مميزات هذا الابتكار هو أنه تم اختباره في بيئة طبيعية دون الحاجة إلى تبريد فائق أو ظروف مختبرية معقدة، ما يجعل التقنية قابلة للتصنيع على نطاق واسع في المستقبل، ويمهد الطريق أمام تطبيقات تجارية وصناعية. 5. مستقبل الحوسبة: ذكاء اصطناعي واتصالات كمية بسرعة الضوء يفتح هذا الإنجاز الباب أمام عصر جديد من الحوسبة الضوئية الكمومية، وهو ما يُبشر بثورة في تقنيات الذكاء الاصطناعي والاتصالات الكمية، خاصة في ظل الحاجة المتزايدة إلى تقنيات تتسم بالسرعة الهائلة واستهلاك منخفض للطاقة. 6. من المختبر إلى السوق: خطوات قادمة للفريق البحثي يعتزم الفريق بقيادة الدكتور محمد ثروت تطوير شرائح إلكترونية تجريبية تعتمد على هذا الترانزستور، بهدف نقل التقنية من النطاق البحثي إلى مرحلة الاستخدام التجاري، بما قد يغيّر قواعد اللعبة في قطاع صناعة المعالجات. يرسّخ الدكتور محمد ثروت مكانته كأحد أبرز العلماء المصريين في الخارج، ويضع مصر على خارطة الابتكار العالمي في مجالات تتقاطع فيها الفيزياء، الإلكترونيات، والحوسبة الكمومية.


صحيفة الخليج
٢٣-٠٤-٢٠٢٥
- صحيفة الخليج
درون مستوحى من السنجاب الطائر
طوّر فريق من الباحثين بجامعة بوهانج للعلوم والتكنولوجيا، بالتعاون مع وكالة تطوير الدفاع الكورية، طائرة بدون طيار بخفة حركة عالية. الطائرة الـ «درون» تتميز بأجنحة مرنة قابلة للطي، وتحاكي الأسلوب الطبيعي للسنجاب الطائر في الانزلاق والتحكم الديناميكي خلال الطيران، ما يمنحها قدرة أكبر على المناورة في البيئات الضيقة والمعقدة. وقال الباحثون: يأتي هذا الابتكار استجابة للتحديات التي تواجهها الطائرات بدون طيار في المهام الحرجة مثل التفتيش، والبحث والإنقاذ، وجمع البيانات في بيئات يصعب الوصول إليها؛ إذ تعد القدرة على الاستجابة السريعة والمناورة الدقيقة عاملاً حاسماً. وأضافوا: «تزن الطائرة الجديدة 548 غراماً فقط، وتستخدم جناحين مصنوعين من السيليكون القابل للطي بوزن 24 غراماً، و 4 محركات عالية السرعة، وجهازي مؤازرة لضبط وضع الأجنحة أثناء الطيران، ويعمل النظام عبر معالج دقيق، مدعوماً بوحدات قياس، ونظام ملاحة عالمي». وأوضح الباحثون أن نظام «تنسيق الدفع والجناح»، أحد أبرز مكونات التحكم في الطائرة؛ إذ يتيح توقيتاً دقيقاً لنشر الأجنحة بالتوازي مع قوة الدفع، ما يحسن من قدرتها على الطيران العمودي والانسيابي، ويوفر قدرة معززة على المناورة في مجموعة متنوعة من البيئات غير المتوقعة.


البيان
١٩-٠٤-٢٠٢٥
- البيان
نقطة التفرد... العالم على أعتاب قفزة غير مسبوقة في الذكاء الاصطناعي
بين التفاؤل المفرط والتحذيرات المتصاعدة، يجد العالم نفسه أمام تسارع غير مسبوق في سباق الذكاء الاصطناعي، مع تحذيرات من بلوغ "نقطة التفرد" في غضون 12 شهراً فقط — تلك اللحظة التي قد تتفوق فيها الآلات على العقل البشري، وتغيّر مسار الحضارة إلى الأبد. ما هو التفرد؟ يشير مفهوم التفرد التكنولوجي إلى لحظة فارقة يتجاوز فيها الذكاء الاصطناعي مستوى الإدراك البشري، ليصبح قادراً على التفكير والتطور ذاتياً دون تدخل الإنسان. وتنبع خطورة هذه اللحظة من صعوبة التنبؤ بتبعاتها، سواء على الصعيدين الاقتصادي أو الأخلاقي، وفقا لـ sustainability-times. انقسام بين الخبراء: عام واحد أم عقود؟ رغم أن العديد من العلماء يتوقعون بلوغ هذه المرحلة بين عامي 2040 و2060، فإن أصواتاً بارزة في قطاع التقنية، مثل الرئيس التنفيذي لشركة Anthropic، تعتقد أن التفرد قد يتحقق خلال عام واحد فقط، هذا الانقسام يعكس اختلافاً جذرياً في تقييم سرعة التقدم التكنولوجي، ومدى قدرة الذكاء الاصطناعي على محاكاة الإدراك البشري الشامل. شهدت السنوات الأخيرة قفزات هائلة في تطوير نماذج اللغة الكبيرة مثل GPT-4، التي باتت قادرة على إجراء محادثات معقّدة، توليد نصوص إبداعية، وتحليل معلومات ضخمة بدقة مدهشة، ومع تزايد القدرة الحوسبية، مدفوعة بما يُعرف بـ"قانون مور"، يرى البعض أن الذكاء الاصطناعي يقترب من محاكاة سرعة معالجة الدماغ البشري. ويعزز هذا التفاؤل التقدم في مجال الحوسبة الكمّية، التي يُتوقع أن تتيح قدرات حسابية خارقة، تُحدث تحولاً جذرياً في تدريب الشبكات العصبية وتطوير نماذج ذكاء اصطناعي أقرب إلى الوعي البشري. رغم الإنجازات، لا تزال هناك فجوات عميقة تفصل الذكاء الاصطناعي عن نظيره البشري، فالعقل الإنساني لا يقتصر على المنطق والتحليل، بل يشمل الوعي، الإبداع، والعاطفة — وهي عناصر لم يتمكن الذكاء الاصطناعي من تقليدها حتى الآن. ويذهب خبراء مثل يان ليكون، أحد رواد التعلم العميق، إلى أن ما يُعرف بالذكاء الاصطناعي العام (AGI) يجب أن يُعاد تعريفه، معتبراً أن محاكاة الذكاء البشري الكامل قد تبقى خارج نطاق التقنية المعاصرة لسنوات طويلة. مخاوف أخلاقية تثير فكرة ظهور "ذكاء فائق" تساؤلات خطيرة حول السيطرة، المسؤولية، والأخلاق. ماذا لو أصبحت الآلة قادرة على اتخاذ قرارات دون إشراف بشري؟ ومن يتحمل العواقب إذا انحرفت تلك القرارات عن مصلحة الإنسان؟ هذه المخاوف دفعت خبراء التقنية والأخلاقيات إلى المطالبة بإطار تشريعي عالمي صارم يضمن استخدام الذكاء الاصطناعي في خدمة البشرية، لا تهديدها. يتفق كثيرون على أن التفرد، إن حدث، لن يكون مجرد حدث تقني، بل سيكون زلزالا حضاريا يعيد تشكيل أسس الحياة والعمل والتعليم والصحة. وهذا يستدعي استعداداً شاملاً، من حيث السياسات، البنية التحتية، وحتى الوعي المجتمعي.