
المال التكفيريّ والإعلام المحرض على العنف في عمل الإخوان المسلمين
الأشياء تُستهلك بفعل استخدامها وعوامل سنن التاريخ والتطوّر والطبيعة التي تفرض انتهاء صلاحيتها، ثم تحاول بعض الجماعات المنتهية الصلاحية مثل جماعة الإخوان المسلمين استثمار كل شيء وذلك لإعادة تدوير أفكارها ونظريتها البالية المتردية. المصيبة العظمى أن الجماعة تعلم يقينا أن وجودهم يتناقض كليّا مع قوانين التاريخ وناموس التطور الطبيعي والاجتماعي، كونهم الغدة المتسرطنة التي تجثم داخل هذه الأمة بجراثيم الفكر الإرهابي المتطرف. لاسيما أن الجماعة ومنذ نشأتها ما يقارب قبل مئة عام كانت وما تزال تنفذ أوامر أسيادها في محاولة لتدمير الوطن والدولة، ولا غرابة من قبول هذا الدور لأن من يؤدونه يمتلكون كل مؤهلات العميل وقابلية تمثيل الأدوار البطولية على مسرح الزيف السياسي.
لكن الحقيقة التاريخية التي لا غبار عليها هي أن تركيبة هذه الجماعة الإرهابية وقاعدة استناد بناءها لا تتقبل التغيير بوجوب استحقاق التطور الإنساني، وأن تطلعات الشعوب العربية تتناقضجوهريّا مع كل توجهات هذه الجماعة المتخلفة. ولمن يتقن علم حساب معادلات السياسة وفن تفكيك شفرات طلاسمها، سيجد أن جماعة الإخوان المسلمين وكل من على شاكلتها المتخلفة، زائدا لا يصلح استعمالها.
الجانب المالي:
القصة بدأت بهروب (سعيد رمضان) زوج ابنة حسن البنا مؤسس الجماعة وأحد قادة الرعيل الأول للجماعة إلى أوروبا وتحديداً سويسرا عام 1958 إذ أسس رمضان المركز الإسلاميّ في جنيف. لاسيما أن سعيد رمضان هو من وضع اللبنة الأولى لتأسيس التنظيم الدوليّ لجماعة الإخوان المسلمين. ومن ثَم تشعبت دوائر الإخوان في أوروبا مع إنشاء جمعيات خيرية وشركات كانت غطاء لجمع الأموال من الخارج وإدخالها إلى مصر. تجدر الإشارة إلى أن أهم الشخصيات الاقتصاديّة في جماعة الإخوان المسلمين، وأصحاب رؤوس الأموال هم كل من، حسن مالك، وخيرت الشاطر، ويوسف ندا، وعصام الحداد، وأحمد عبد العاطي وغيرهم. بالتالي فقد استطاعت جماعة الإخوان المسلمين على مدار ثمانين عاماً أن تصنع إمبراطورتيها الماليّة في كثير من دول العالم.
في شهادة علي عشماوي، آخر قادة التنظيم الخاصّ للإخوان المسلمين، يذكر عشماوي أن الإخوان قد تلقَّوا الدعم الماليّ من الأمريكان وبطرق مختلفة، فأحياناً كانت هذه الأموال تُدفع عن طريق وسيط، وأحياناً أخرى تُدفع على هيئة صفقة تِجارية مع أحد أعضاء التنظيم، أو عن طريق أحد الإخوان العاملين في الخليج العربيّ. كما أن عمر التلمسانيّ، المرشد العام الثالث للجماعة، قد انهالت عليه الأموال من جميع بلاد العالم دون معرفة مصادر هذه الأموال. (التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين: علي عشماويص41ص42).
في السياق ذاته يذكر الكاتب محمد الملاح في كتابه (الذين سرقوا الإسلام ص22ص23) أن جماعة الإخوان المسلمين أنشأت بما يسمى 23 جمعية خيرية في كل من سويسرا وبريطانيا، حيث تدير هذه الجمعيات أصولاً قيمتها تصل إلى 100 مليون جنيه إسترلينيّ، ويتحكم في هذه الجمعيات ثلاثة من قيادات الجماعة، وهم كل من عصام الحداد، وإبراهيم الزيات، وإبراهيم منير عضو مكتب التنظيم الدوليّ لجماعة الإخوان المسلمين في لندن. أما رجل الأعمال (يوسف ندا) فكان يشغل منصب المفوض العام لجماعة الإخوان المسلمين في الخارج حيث أسس ندا (بنك التقوى) في جزر الباهاما إضافة إلى شركتي (ندا إنترناشيونال للخرسانة، وشركة التقوى للإدارة).
ويشير الكاتب سامح أيجبستون في كتابه (الكذب الأبيض المقدس) أنه بعد أيام من أحداث 11سبتمبر عام 2001، اتُّهم بنكُ التقوى من قِبل الولايات المتحدة الأمريكيّة بتمويل تنظيم القاعدة. وفي يناير 2003 أرسلت وزارة الخزانة الأمريكيّة خطاباً إلى السلطات السويسرية أكدت فيه أن المدعوّ يوسف ندا قد قدم خدمات استثماريةً غير مباشرة لتنظيم القاعدة حتى أواخر 2001.
وأفاد تقرير عن الاستخبارات الإسبانية فى سبتمبر 2017، أن التنظيم الدوليّ للإخوان المسلمين يحاول وبصورة سرية نقلَ الكثير من الأصول التي يتملكها في فرنسا إلى إقليم كاتالونيا في أسبانيا، وذلك نتيجة للضغوط الكبيرة التي تعرض لها قادة التنظيم من قِبل الحكومة الفرنسيّة من أجل خفض مستوى الدعم الماليّ والاستثمارات في أنشطة التنظيم في أحياء باريس المهمشة، حيث تم رصد مؤسسات ومنظمات دولية تُرسل أموالاً لكيانات تابعة للإخوان، من هذه المنظمات الدوليّة (هيئة الإغاثة الإسلاميّة) التي بدأت مؤخراً في التكثيف من فعالياتها من أجل جمع التبرعات. أما بنك التقوى الذي تأسس على يد القياديّين في جماعة الإخوان المسلمين: (يوسف ندا، وعلي غالب همت) في جزر الباهما، فقد أشار التقرير نفسه إلى أن البنك قد بلغ رأس ماله ما يعادل (229) مليون دولار، ومن ثَم قامت مجموعة التقوى بتأسيس العديد من الأفرع لها في بعض الدول، مثل ليختنشتاين وبريطانيا. وكذلك بنك أكيدا الدوليّ الذي تأسس فى مدينة ناسو في جزر الباهما أيضاً، فهو متورط في تمويل عدد من الجماعات الأصولية، من بينها حركة حماس، وجبهة الخلاص الإسلاميّة، والجماعة الإسلاميّة المسلحة في الجزائر، وجماعة النهضة التونسية.
(التقرير الصادر عن المركز الأوروبي لدراسة مكافحة الإرهاب حولأبرز المراكز المالية لجماعة الإخوان المسلمين في أوروبا والغرب2019).
وسائل إعلام جماعة الإخوان المسلمين المحرضة على الكراهية باعتبارها جريمة ضد الإنسانية:
يصف مؤلف كتاب (الصحافة في زمن الكراهية الإعلامية) توماس كاميليندي وسائل الإعلام المحرضة على الكراهية أنها شكل من أشكال العنف، تساعد على شيطنة ووسم الأشخاص المنتمين إلى مجموعات مختلفة. حيث لعب هذا النوع من وسائل الإعلام دورًا مؤثرًا في تأجيج حوادث الإبادة الجماعية.
لقد انطلقت جماعة الإخوان المسلمين في نشاطها الإرهابي علىالاستراتيجية الإعلاميّة للجماعات التكفيريّة والإرهابيّين إذ ينطلق الإرهابيّون في نشاطهم الإرهابيّ، وفي تعاملهم مع وسائل الإعلام من استراتيجية محددة واضحة المعالم، تلك الاستراتيجية التي تُعدّ الإرهاب حرباً دعائية ونفسية وإعلامية ذات عقيدة سياسيّة أو دينية، وإن تلك الجماعات تسعى إلى كسب الناس وتعاطفهم معهم. ولهذا أصبح نشر العمل الإرهابيّ عبر وسائل الإعلام أمراً إلزاميًّا وضروريًّا في استراتيجة الجماعات التكفيريّة. ويقول المؤرخ والصحفي الأمريكيّ (وليتر لاكوير) بهذا الصدد' إن الإرهاب لوحده لا شيء، بل نشره عبر وسائل الإعلام هو كل شيء'.
في تحليلنا للخطاب الإعلاميّ لجماعة الإخوان المسلمين يُمثل ذلك الخطاب بصورة عامة أحد أهم المؤثرات في الخطاب الإعلاميّ الإسلاميّ المعاصر، وأهم الروافد المغذية للتطرف. ويمكن رصد عدة محاور في منهج خطاب المؤسس حسن البنا من خلال مجموعة رسائله، وكذلك بعض كتابات منظري الجماعة، أبرزها وأخطرها قضية (حتمية الصراع) فخطاب الجماعة يؤكد دائماً المواجهة مع من يخالفهم. الأمر الآخر، هو ادّعاء أعضاء الجماعة أنهم وحدهم يمتلكون الفهم الصحيح للإسلام، بالتالي فهم كفّروا كل من يختلف مع آرائهم ومعتقداتهم. ولهذا فقد حَوَّلَ هذا الخطاب الإعلاميّ المتشدد التنافس السياسيّ إلى معركة وجودية دينية يكون انتصارهم فيها يمثل انتصاراً للإسلام من منظورهم، وخسارتهم تمثل هزيمة الإسلام أمام خصومهم من أعداء الإسلام.
ويوضح الكاتب عبد الباسط هيكل في كتابه (أزمة الخطاب الإسلامي ص3) إن الإعلام التكفيريّ للجماعة جعل من صراعهم مع الغرب صراعاً وجوديًّا بين الأديان، بعيداً عن السياسيّة والاقتصاد. فقد استخدمت الجماعة في خطابها مصطلحات شديدة مثل الإسلام والصليب، وبالتالي فإنه انعكس على أفراد الجماعة إذ أصبحواً أكثر انتماءً والتصاقاً بالتنظيم، في الوقت نفسه فإن هذا الخطاب خلق حالة من الكراهية والعدائية للغرب. وعليه يُمثل الخطاب الدينيّ لجماعة الإخوان المسلمين السبب المباشر الذي يدفعهمللمارسة العنف الإرهابي ضد كل من يختلف معهم.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


موقع كتابات
منذ 19 ساعات
- موقع كتابات
الذكاء الاصطناعي أكبر تهديد لدولة اسرائيل
رغم ان ادبياتنا المدرسية اوالثقافية اوالفنية عن الإسلام وسيره الرسالة كانتومازالت تشير على ان اليهود اواليهودية هي واحده من اهم قوة التحديالرسالة الاسلامية ايام النبي محمد وصحابته ، ذالك اقرت بقوةتأثيرهم عندما فرضوا انفسهم بمجتمع الجزيرة بقوتهم بالعمل والتجارة وصفاتاخلاقية وثقافية اخرى،واستمر الحالب بقوة بعد النكبة ومازالت، ومع ذالك طلمانتذكر ايام طفولتنا، بقصص شعبية عن تجارب العرب والمسلمين مع شخصياتوتجمعات يهودية في بغداد والمحافظات ،فرغم الغل والكراهية التي تلون لغتهموتجاربهم ضد اليهود عموما واسرائيل خصوصا فانهم لم يستطيعوا ان يخفواحرص وتفوق الشخصية اليهودية بالعمل الخلاق الدؤب ، هذه المدرسةالنموذجية كانت يهودية وتلك المشفى كانت للدكتور اليهودي الفلاني، وهذهالتجارة تعلمنها من اليهود الإعلاني ،والمنطقة العمرانية تلك كان يسكنها اليهودقبل هجرتهم او تهجيرهم ،وهذا الوزارة العرقية تاسست على يد اليهودي الامينالمخلص سين وتلك المؤسسة الثقافية التي أسسها صاد، وحتى نحن الذينترعرعنا بمجتمع محاصر بكراهية اليهود والحرب ضدهم حتى النصر عليهموشطبهم من فلسطين ايام الحزب والثورة ، كنا نشعر بالفخر والامل، بالفخربان هذه البلاد عاشت بها اطياف مختلفه على مدى الالف السنين متسالمةمتعايشه بحكم القانون والنظام ، ومتاملين ،بانه لابد ان ياتي اليوم الذييستطيع به اليهودي وغيره ان يكون بيننا مواطنا او عملا او مستثمرا او حتىزائرا للعراق والعكس ممكن لكل عراقي ان يكون صالح للتعامل معهم ، يسافرليقيم او يعيش او يعمل داخل اسرائيل ، خاصة بعد الاستقرار النسبي الذيصنعته اتفاقية كامب ديفد، وقصص حكم القانون والنظام والعدالة الذي نقلوهلنا زملائنا في كلية القانون من فلسطيني الضفة والأردن في بداية الثمانيناتمن القرن الماضي، ولهذا توقعنا لن يطول الزمن حتى تكون اسرائيل التيجمعت خبرائها وأذكيائها من كل المجتمعات المتفوفة وبدعم من الدول العظمى، ان تكون مفخرتنا الحضارية امام العالم وهي تعيش بيننا سالمة مسلحه لتنويروادارة واستقرار للشرق الأوسط ، ولما اشتعل ارهاب القاعدة واستهداف مصالح الأمريكان بحجة انحيازها لإسرائيل ضد مصالح العرب والمسلمين توقعنا من اسرائيل المتفرجة ان تخففمن ضغوطاتها وتعنتها ضد حقوق من يشاركوها الارض والهواء والماء منالفلسطينيين ، واذا لم تستطيع ان تحررهم ليكونوا لهم دولتهم التي تديرشؤونهم وشجونهم ويتخلصوا من هذا العبء البشري والإداري والمالي والمعنويبالقليل يخففوا من التمييز بالحقوق والواجبات للفلسطينيين وبين مواطنيهماليهود ليستفيدوا من قوة العمل والتجارة معهم ،بالقليل ان يغلبوا دكائهم علىحقدهم الاسود من خلال استعمال الفلسطينيين جسر للعرب والمسلمينبالإضافة إلى قطع الحجة على اكثر من مليار عربي ومسلم– تجير نخبهمالدينية والدنيوية نضالاتهم او جهادهم في سبيل هذه القضية ، وبنفس الوقتيخففوا على داعمهم في الوجود ،الحليف الأمريكي الذي كان ومازال فيمنتهى الاحراج لما تمثله اسرائيل من ركن او هو المسيطر على كل اركان الامنالقومي الأمريكي ، يد يقاتل الارهاب العالمي ويد اخرى يمد اسرائيل بكلالامكانيات العسكرية والمالية والدبلوماسية من اجل حمايتها بما فيها إرباكوضعها العالمي بقيم السلام والأمن وحقوق الإنسان وحكم القانون للحد الذيتتحدى المؤسسات الاممية وتصدر قانون لمعاقبة اعلى محكمة عالمية ساهمتهي بقيمها وبوجودها لحماية الحقوق الادمية والنظام والاستقرار العالمي، ولهذا فان التصعيد الشعبي الأمريكي والعالمي ضد اليهود والحادث بقتلالدبلوماسيين الإسرائيلين امام المتحف اليهودي اليوم الذي تغطيه الماكنةالامريكية المتغابية (معادات السامية) لن تزيد إلا النقمة الامريكية وغيرها ، ونعتقد اعلان الرئيس الامريكي في زيارته الاخيرة للشرق الوسط بجعل دبيهي محطة الذكاء الاصطناعي العالمي في هذا الجزء من الكرة الأرضية وليست اسرائيل التي صرف الأمريكان من اجل وجودها عشرات الترليونات ، ذكرتنا على الفور بحجم خسارات إسرائيل بما سماه نتنياهو سياسة فرضالسلام بقوة استسلام الضحايا مذنبين او ابرياء لإبقاءها على قيد الوجودوالحياة ،


موقع كتابات
منذ 19 ساعات
- موقع كتابات
ظاهرة ارتفاع أسعار بورصة بطاقة الناخب في الانتخابات البرلمانية العراقية؟
على الجميع اليوم تحمل مسؤولية وطنية وأخلاقية في فضح ممارسات الأحزاب السياسية والتي تستغل الإسلام والطائفة والمذهب كغطاء لتحقيق مآربها الانتخابية. هذه الأحزاب وكما فعلت في السابق , تُعدّ الآن خططًا مدروسة لتوظيف المال السياسي وموارد الدولة للترويج لمرشحيها وقوائمها الانتخابية، في محاولة لتكريس الفساد وخداع الناخبين. لذا هناك واجب أخلاقي ووطني على الجميع ، بكل شفافية ونزاهة وكفاءة ، بكشف نقاط الفساد ووضعها أمام الرأي العام لفضح هذه الممارسات المخيبة للآمال. والأهم من ذلك، توعية الناخب بأهمية اختيار صوته الانتخابي بعناية لمن يستحق، ولدعم المرشحين الذين يمتلكون القدرة والنزاهة والكفاءة لتحسين أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية، وتوفير الحد الأدنى من متطلبات العيش الكريم. وكذلك التنبيه بانه ينبغي على الناخب، حتى في ظل الحاجة الماسة والملحة للمال، أن يرفض بيع بطاقته الانتخابية، لأن هذا الفعل ليس فقط غير قانوني، بل هو انتهاك صارخ للأخلاق والمسؤولية الوطنية وحتى عقيدته الدينية. وفي مشهد يثير الغثيان ويدمي القلب، تتكشف لنا في العراق ظاهرة بيع بطاقات الناخب، تلك الجريمة الأخلاقية التي تنسف أسس الديمقراطية وتحول إرادة الشعب إلى سلعة رخيصة تُباع وتُشترى في سوق سوداء للأصوات. مؤخرا ومن خلال البرامج الحوارية في مختلف الفضائيات العراقية الاخبارية التي تتناول في برامجها الحوارية الانتخابات البرلمانية القادمة يؤكد معظمهم بأن أسعار بطاقات الناخب وصلت إلى 150 دولارًا ومع توقعات بارتفاعها إلى 500 دولار خلال الأسابيع القادمة والتي قد تبلغ ذروة اسعارها وقبل أيام من موعد الانتخابات البرلمانية المقررة 11 نوفمبر 2025، الى مبالغ خيالية تفوق أسعار شرائها في الانتخابات السابقة وحتى قد تتجاوزها , أنها ليست مجرد أرقام ، بل هي وصمة فساد صارخة على جبين النظام الانتخابي والسياسي العراقي، ودليل ساطع لا لبس فيه على ما وصل إليه انحطاط القيم والمثل وتفشي الفساد المالي الانتخابي. إن هذه الظاهرة المدانة ليست مجرد فعل غير قانوني، بل هي خيانة لكل مواطن عراقي يحلم بمستقبل أفضل. بيع بطاقة الناخب ليس سوى صفقة شيطانية يقايض فيها المواطن صوته، الذي هو أمانة ومسؤولية، ليُسلم مصيره ومصير بلده إلى تجار السياسة. هؤلاء الذين يشترون الأصوات ليسوا سوى مافيا احزاب منظمة تستغل عوز و فقر الناس وحاجتهم، لتضمن مقاعد برلمانية تمنحهم حصانة تحولهم إلى أباطرة الفساد، ينهبون ثروات العراق تحت غطاء القانون والحصانة البرلمانية التي تمنح لهم . نواب البرلمان الذين يفترض أن يكونوا ممثلي الشعب وصوت المظلومين، يتحولون إلى تجار أصوات يدفعون مئات الدولارات لشراء كراسيهم. هؤلاء ليس هدفهم خدمة المواطن، بل الإثراء غير المشروع، مستغلين الحصانة البرلمانية كدرع يحميهم من المساءلة. أي ديمقراطية هذه التي تبنى على صفقات مشبوهة؟ وأي شرعية لبرلمان يتشكل من نواب اشتروا مقاعدهم بدماء آمال الشعب وفقره؟ إن هذه الظاهرة ليست جديدة، فقد لوثت انتخابات سابقة كما في 2014 و 2018، حيث تراوحت أسعار بطاقات الناخب بين 150 ووصلت في ذروتها الى 1500 دولار . حتى المرجعية الدينية، ممثلة بالسيد علي السيستاني، اضطرت في حينها لإصدار فتوى دينية ملزمة تحرم هذه الممارسة عام 2014 ، لكن يبدو أن ضمائر البعض قد ماتت، وأن جشعهم للسلطة والمال قد تجاوز كل الحدود الأخلاقية والدينية ونرى تصعيدًا في هذا العبث السياسي، حيث يتحول المواطن الناخب إلى سلعة في مزاد علني، والبرلمان إلى سوق لتجارة الحصانات من المسائلة القانونية لهم . إن هذا الفساد الانتخابي يهدد أسس الديمقراطية ويرسخ انعدام الثقة بالنظام السياسي. فكيف يمكن لمواطن أن يثق ببرلمان يتشكل من نواب اشتروا مقاعدهم؟ وكيف يمكن لنائب دفع مئات من الدولارات لكل صوت أن يخدم الشعب بصدق، بينما هو مدين لجيوبه الخاصة ولمن سانده في هذا المزاد ؟ إن هؤلاء النواب لن يكونوا سوى أدوات لتكريس نفوذ الفساد، يستغلون مناصبهم لتعويض ما أنفقوا ولجمع المزيد من الثروات غير المشروعة، بينما يعاني المواطن العراقي من الفقر وانعدام الخدمات. والأشد إيلامًا هو صمت الجهات المسؤولة وتخاذلها عن مواجهة هذه الظاهرة. أين المفوضية العليا المستقلة للانتخابات؟ أين القضاء؟ أين الإجراءات الحازمة لمحاسبة من يشترون الأصوات ومن يبيعونها؟ إن غياب المحاسبة يشجع على استمرار هذا العبث، ويجعل من الانتخابات مسرحية هزلية لا تعبر عن إرادة الشعب، بل عن جشع قلة من المتنفذين. إن هذه الظاهرة ليست مجرد انتهاك قانوني، بل هي طعنة في قلب الديمقراطية العراقية. إنها خيانة لتضحيات ملايين العراقيين الذين يحلمون بوطن يحترم إرادتهم. إن بيع بطاقة الناخب هو بيع للضمير، وبيع لمستقبل الأجيال، وبيع للأمل في عراق أفضل. وعلى المواطن العراقي أن يدرك أن صوته ليس سلعة، بل سلاح للتغيير. وعلى الأحزاب والمسؤولين أن يتحملوا مسؤوليتهم الأخلاقية والقانونية لوقف هذا العبث، وإلا فإن البرلمان القادم لن يكون سوى نادٍ لتجار الحصانة، يعبثون بمصير العراق وثرواته. هذه الممارسة تشكل تهديدًا حقيقيا لنزاهة العملية الانتخابية، حيث تعكس بصورة واضحة طرق احتيالية وعمليات نصب واسعة النطاق باستخدام المال السياسي للتأثير على النتائج، مما يعزز انعدام الثقة بالنظام السياسي، خاصة مع نسبة المشاركة المنخفضة (41% في انتخابات 2021) والتي كانت بمشاركة فعالة ومؤثرة من قبل التيار الصدري في حينها والذي حصل على 73 مقعدآ , ولكن اليوم ومع الانسحاب التيار الوطني الشيعي الصدري من هذه الانتخابات القادمة فما هو المتوقع من نسبة المشاركة الحقيقية والتي يتوقع ألا تصل بأحسن الأحوال الى 30 % او حتى اقل. لذا فإن ظاهرة بيع بطاقات الناخب هي وصمة فساد واضح وصريح ستبقى و تطبع على جبين العملية السياسية في العراق. إنها ليست مجرد جريمة، بل هي انتحار للديمقراطية وخيانة للشعب. فلنقل لا لهذا الفساد، ولنحافظ على صوتنا كأمانة ومسؤولية، لا كسلعة تُباع في سوق النخاسة السياسية. إن العراق يستحق برلمانًا يمثل إرادة شعبه، لا جشع احزاب الاسلام السياسي وتجارة مرشحيهم .


ساحة التحرير
منذ يوم واحد
- ساحة التحرير
الوهابية والصهيونية: تحالف على جثّة الأمة!بقلم: نضال بن مصبــاح
الوهابية والصهيونية: تحالف على جثّة الأمة! بقلم: نضال بن مصبــاح صحيفة: ساحة التحرير المقدمة: في الوقت الذي تمزّق فيه قنابل الاحتلال أجساد أطفال غزة، وتقصف بيوت الآمنين فوق رؤوسهم، تخرج شعوب الغرب إلى الشوارع، تقتلع صمتها، وتصرخ باسم فلسطين. أما في عواصم 'الإسلام النفطي'، فلا صوت يعلو فوق فتاوى الطاعة، ولا دمعة تُذرف إلا لخسارة منتخب هنا، وغياب راقصة هناك! والكارثة؟ أنَّ منابر المساجد أصبحت أبواقًا للخذلان، وعمائم الوهابية صارت أداة لتبرير الجريمة وتكفير المظلومين! النص : في زمن تُدكُّ فيه غزة بالصواريخ، وتُنتزع أحشاء الرضّع من بين الأنقاض، يقف العالم على طرفي نقيض: شعوب الغرب تثور في الشوارع، تتحدى حكوماتها، ترفع راية فلسطين فوق برلماناتها، بينما صمتٌ مخزٍ يخيّم على مستعمرات 'النفط'، وتكفيرٌ علني لكل مقاوم، وتجريمٌ لكل من تحرّك لنصرة الأرض والعرض. لكن الصدمة ليست في صمت الملوك، بل في نباح العمائم. صمتٌ وهابيٌّ لا يشبه الحياد، بل يُشبه المؤامرة. لا يتلو آيات الرحمة، بل يُرتّل فتاوى التطبيع. لا يبكي على شهداء غزة، بل يصطفّ مع القاتل، يبرّر جرائمه من عبر فضائيات تتقن العربية بل وتحمل أسمها لكنها عبرية الهواء صهيونية الهوية تشمت بالمقاومة وتطعن في عقيدتها و دمائها. الوهابية لم تكن يومًا دينًا..بل وظيفة. مشروع وُلد في حضن الاستعمار البريطاني، هدفه تفكيك الإسلام من داخله، تمامًا كما وُلد الكيان الصهيوني لتمزيق فلسطين من خارجها. الاثنان صنيعة استعمارية: أحدهما يرتدي 'الشماغ' ويتحدث بلغة القرآن، والآخر يرتدي 'الكيباه' ويتحدث بلغة الموت. لكن كليهما يلتقيان في نقطة واحدة: عداء الحق، وخيانة المظلوم. انظر إلى باريس ومدريد وأمستردام: أي بقعة في المعمورة لم تُصب بفيروس الوهابية، تجد التظاهرات. الأعلام الفلسطينية ترفرف، والمثقفون يقفون مع غزة. ثم انظر إلى عواصم النفط: الشعوب مكمّمة، والمنابر مرعوبة، والخطباء يتحدثون عن 'طاعة ولي الأمر' وأحكام 'الاستنجاء' و'الاغتسال من الجنابة' وكأن غزة مجرد إشاعة لا تستحق الذكر. بل ويدعون على حماس، وعلى كل من يقاوم! الوهابية ليست مذهبًا، بل طاعون. ليست دعوة، بل خيانة مغلّفة بآيات. ليست إصلاحًا، بل انقلاب على الإسلام المقاوم، وتحويله إلى إسلام خنوع منزوع الأنياب، حيث الجهاد 'إرهاب'، والمقاومة 'فتنة'، والصهاينة 'أهل كتاب' يُوالون، بينما المقاومون 'روافض' يُكفَّرون! وهنا بيت الداء: الوهابي لا يقاتل إلا مسلمًا. ذهبوا للقتال في سوريا بزعم الدفاع عن 'أهل السنّة'، لكنهم اليوم لا يرون في غزة أهلًا ولا سنّة! قاتلوا في اليمن بحجّة العروبة، لكنهم لا يرون في غزة عربًا! أرادوا 'تحرير' ليبيا، لكنهم لا يرون في غزة شعبًا يستحق الحياة! هل تعلم لما كل هذا الحقد على غزة؟ ببساطة، لانها فضحتهم! كشفت عُهرهم المذهبي والسياسي. وها نحن نراهم عراة، يحاولون تغطية سوأتهم بخطاب طائفي بائس. فليعلموا أن الشعوب لم تعد تنطلي عليها تلك الأكاذيب. سنجز لحاهم النجسة، ونهتف لغزة فوق رؤوسهم. لقد خسروا معركة الوعي، كما خسروا شرف الموقف. إن ما يفعله الصهاينة في غزة هو إبادة جسدية، وما يفعله الوهابيون في العقول هو تبرير تلك الإبادة، وتدجين الضمير، وتخدير الأمّة باسم 'الطاعة' و'الفتن' و'درء المفاسد'. الخاتمة: الوهابية والصهيونية وجهان لعملة واحدة: الأولى تغتال روح الأمة، والثانية تغتال جسدها. ومن لا يزال يشك، فليقارن فقط بين دموع الغرباء على غزة، وبرود عمائم النفط أمام مشاهد الأطفال المحترقين. من يوالِ الصهيوني باسم الدين، ليس إلا صهيونيًا بثوب عربي، ومحرقة غزة لن تُبقي' لحى' متواطئة إلا وتحرقها 2025-05-23