
التعليم في مناطق الحوثيين... المدارس تُنهب و أطفال الفقراء يقصون (تقرير خاص)
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص
استقبل ملايين الطلاب اليمنيين في مناطق سيطرة جماعة الحوثي المسلحة عاماً دراسياً جديداً، وسط ظروف اقتصادية خانقة، وواقع تعليمي متردٍ، وتخلي الجهات المعنية عن مسؤولياتها، في ظل هيمنة الجماعة على مؤسسات الدولة بما فيها قطاع التعليم.
ورغم ما أعلنته وزارة التربية والتعليم الخاضعة لسيطرة الجماعة عن 'جاهزيتها الكاملة' للعام الدراسي الجديد 1447هـ، إلا أن الواقع الميداني يكشف عن أزمة مركّبة دفعت أولياء الأمور إلى خيارات قسرية، تتراوح بين رسوم حكومية باهظة لتغطية عجز الجماعة في سداد أجور المعلمين، وبين مدارس خاصة تحوّلت إلى مشاريع استثمارية على حساب التعليم، دون رقابة أو معايير واضحة.
حكومة أمر واقع تتخلى عن التعليم
تخلت وزارة التربية والتعليم التابعة للحوثيين عن التزاماتها الأساسية، وعلى رأسها طباعة المناهج التعليمية، حيث تُباع الكتب المدرسية في السوق السوداء وعلى الأرصفة، ما دفع البعض إلى السخرية من مشهد التدشين الرسمي للعام الدراسي.
وفي هذا الشأن، يقول المواطن عمر القاضي: 'هل يُعقل أن يُفتتح عام دراسي بينما الطلاب يبحثون عن كتبهم في السوق السوداء؟ هذا لم يحدث في تاريخ اليمن. تحوّل التعليم إلى تجارة!'.
فيما أشار ناشطون إلى أن الوزارة تروّج لاهتمامات سطحية كتصنيفات الجامعات، بينما التعليم الأساسي ينهار تحت وطأة الإهمال وسوء الإدارة.
رسوم جنونية وتعليم متدهور
يواجه أولياء الأمور هذا العام قفزات غير مسبوقة في الرسوم الدراسية، وصلت في بعض المدارس الخاصة إلى 150 ألف ريال للصف الأول الأساسي، وأكثر من 280 ألف ريال للثانوي (الدولار = 530 ريالا)، وهي أرقام تفوق متوسط دخل الفرد، في وقت لا تُقدِّم فيه تلك المدارس تعليماً نوعياً أو كادراً مؤهلاً.
وفي هذا الشأم، يقول محمد القاسمي إن هذه المبالغ لا تشمل الكتب أو الزي المدرسي أو المواصلات، ما يجعل التعليم عبئاً يفوق طاقة الأسر، في وقت يعاني فيه المعلمون أنفسهم من أجور متدنية لا تتجاوز 75 ألف ريال شهرياً ( ما يعادل 140 دولار أمريكي)، رغم مؤهلات بعضهم العالية.
التعليم الحكومي.. خيار غائب
أما ضعف التعليم الحكومي، يتجه أولياء الأمور إلى المدارس الخاصة على مضض، رغم استغلالها البالغ، وفي هذا الشأن يقول بشير المهيوب: 'المدارس الخاصة تفرض شراء الزي والحجاب والدفاتر من داخلها بأسعار مضاعفة، وتتعامل مع التعليم كسلعة، وليس كحق'.
في المقابل، تفتقر المدارس الحكومية إلى الكادر المؤهل بعد توقف الرواتب، وتكدس الفصول بأعداد تفوق الطاقة الاستيعابية، إلى جانب فرض رسوم تسجيل تصل إلى 1500 ريال شهرياً، ما يناقض مبدأ مجانية التعليم الحكومي.
نداءات غاضبة ولا آذان صاغية
إلى ذلك، طالب العديد من الناشطين والحقوقيين بضرورة تفعيل الرقابة على المدارس الخاصة، وتنظيم رسومها، ووقف استغلال الأسر. ويؤكد بدر الدين العلفي أن 'الرسوم في المدارس الأهلية تفوق بعض الجامعات الدولية، بينما يتقاضى المعلمون الفتات. أين الرقابة؟ وأين الضمير؟'.
من جانبه، شدد محمد مقبل البخيتي على ضرورة تدخل الجهات الرقابية لفرض سقوف منطقية للرسوم، وتحسين جودة التعليم الذي لا يوازي المبالغ المدفوعة.
فيما أشار الناشط هشام سنان إلى أن إحدى الأسر دفعت 760 ألف ريال مقابل تسجيل خمسة أطفال في المرحلة الابتدائية في محافظة إب، وهو رقم يستحيل على غالبية المواطنين تحمله.
الانهيار يهدد مستقبل ملايين الأطفال
يأتي هذا الواقع المتدهور في سياق أزمة تعليمية حادة تشهدها مناطق الحوثيين، حيث أُفرغت المدارس الحكومية من محتواها، وتحوّلت إلى بيئة طاردة للتعليم، في حين تستثمر الجماعة في التعليم الخاص عبر أدوات تابعة لها، ما يجعل العملية التعليمية أداة للربح ووسيلة لبسط النفوذ الأيديولوجي.
وتؤكد تقارير رسمية سابقة أن جماعة الحوثي قامت بتحريف المناهج الدراسية بشكل يخدم مشروعها الطائفي، إلى جانب حرمان أكثر من مليوني طفل من التعليم، واعتقال أو قتل الآلاف من العاملين في القطاع.
ملايين خارج مقاعد الدراسة
وفق بيانات حديثة للوكالة الأميركية للتنمية الدولية، هناك نحو 4 ملايين طفل يمني خارج المدارس، بينهم 1.5 مليون فتاة، نتيجة للنزاع الطويل، وانهيار البنية التعليمية، والنزوح، والضغوط الاقتصادية.
أما صندوق الأمم المتحدة للسكان، فأشار إلى أن هذا الغياب يعرّض الفتيات بشكل خاص لمخاطر مثل زواج القاصرات، والحمل المبكر، ويُحرمهن من مستقبل تعليمي ومهني آمن.
لقد حوّلت جماعة الحوثي التعليم في اليمن من حق أساسي إلى امتياز طبقي، ووسيلة للابتزاز المالي والفكري، في ظل انهيار مؤسسات الدولة، وتجاهل تام لاحتياجات ملايين الطلاب، الذين يواجهون مستقبلاً غامضاً وتعليما هشا أدى إلى خروج الآلاف من الأبناء عن الدراسة وضياعهم بين البطالة والأشغال الشاقة وبين معسكرات الجماعة ومراكزها الصيفية ذات البعد الطائفي المهدد للأجيال.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ 30 دقائق
- اليمن الآن
اليمن تشارك بوفد رسمي في المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية بإشبيلية
شاركت اليمن، اليوم، في فعاليات المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية الذي تستضيفه مدينة إشبيلية الإسبانية، حيث ترأس الوفد الرسمي للسفارة اليمنية في إسبانيا السفير أوس العود. وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، خلال كلمته في المؤتمر أن هذا الحدث يشكل فرصة تاريخية لإصلاح النظام المالي الدولي الذي بات يعاني من عدم الفاعلية وعدم العدالة، مشددًا على أهمية تسريع تنفيذ أجندة التنمية المستدامة 2030. وتجسد مشاركة اليمن في هذا المؤتمر التزامها بالمساهمة الفعالة في الجهود العالمية لمواجهة التحديات التنموية، مع التركيز على الأولويات الوطنية الملحة مثل إعادة الإعمار، تعزيز البنية التحتية، وتحقيق التنمية الشاملة. ويحضر المؤتمر، الذي تنظمه الأمم المتحدة، أكثر من 70 قائد دولة وحكومة، إلى جانب نحو 4000 ممثل عن منظمات المجتمع المدني والمؤسسات المالية الدولية والقطاع الخاص. ويأتي انعقاد المؤتمر في ظل فجوة تمويلية عالمية تقدر سنويًا بأكثر من 4 تريليونات دولار، ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، مقارنة بالتقديرات قبل عشر سنوات التي كانت أقل بـ1.5 تريليون دولار. ومشاركة اليمن تعكس حرصها على تطوير حلول تمويلية مبتكرة تدعم خططها التنموية وتعزز مكانتها على الساحة الدولية، في ظل الظروف والتحديات التي تواجهها.


المشهد اليمني الأول
منذ 34 دقائق
- المشهد اليمني الأول
قاعدة العديد العسكرية وخطرها الوجودي على العالم الإسلامي
ليست قاعدة العديد الأمريكية في قطر مجرد منشأة عسكرية تقليدية، بل هي رأس حربة لمشاريع الهيمنة والتفتيت وإعادة رسم خرائط المنطقة بما يخدم مصالح واشنطن وتل أبيب. فهي لا تقتصر على كونها موقعًا لإقلاع الطائرات أو إدارة العمليات، بل تمثل حاجزًا حقيقيًا أمام أي مشروع تحرري أو توجه نحو وحدة إسلامية. بما تحويه من تقنيات تجسسية متقدمة، ومنظومات هجومية متطورة، أصبحت القاعدة أشبه بمحطة تحكم إقليمي لإدارة الحروب وإشعال الفتن، لا مجرد مطار عسكري على أرضٍ عربية. تعود بدايات القاعدة إلى منتصف التسعينيات، حين بادرت قطر، بدافع من تحالفاتها الأمنية مع واشنطن، إلى تمويل بنائها بأكثر من مليار دولار، في وقتٍ كانت فيه الولايات المتحدة تبحث عن بديل استراتيجي لقاعدتها في السعودية، عقب تصاعد الغضب الشعبي ضد وجود قوات أجنبية في 'أرض الحرمين'. ومع حلول عام 2002م، تحولت قاعدة العديد إلى أكبر قاعدة أمريكية في الشرق الأوسط، ومركز القيادة المتقدم للقيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM)، لتصبح القلب النابض للعمليات العسكرية الأمريكية في العالم الإسلامي. ومنذ تأسيسها، شاركت القاعدة في إدارة أبرز الحروب الأمريكية في المنطقة. فقد كانت المنصة الأساسية لغزو أفغانستان عام 2001م، حيث انطلقت منها الطائرات الأمريكية لقصف كابل وقندهار، ومن خلالها تم تنسيق العمليات الاستخباراتية في جنوب آسيا. ثم لعبت دورًا رئيسيًا في غزو العراق عام 2003م، حيث كانت غرفة عمليات متكاملة للقيادة والسيطرة، تدير كل ما يتعلق بالعمليات الجوية والبرية، بما في ذلك الإمداد والتموين وتوزيع الأهداف. واستمرت القاعدة في أداء هذا الدور في الحروب غير التقليدية، إذ أُديرت منها العمليات الجوية في اليمن وسورية والعراق، بما يشمل توجيه الضربات بطائرات بدون طيار، وتوفير الغطاء الاستخباراتي للتحركات الأمريكية والمتحالفة معها، ضد قوى توصف بأنها 'معادية للمصالح الغربية'. لكن الأخطر من كل ذلك هو الدور الذي تلعبه القاعدة في دعم العدوان الصهيوني على فلسطين، وتحديدًا في حرب غزة الكبرى التي اندلعت في أكتوبر 2023م. فرغم تموضع القاعدة في دولة تدّعي دعم القضية الفلسطينية، فإنها كانت في الواقع جزءًا من غرفة عمليات إقليمية لإدارة الحرب على القطاع. تقارير متعددة أكدت أن القاعدة شهدت نشاطًا مكثفًا للطائرات الأمريكية المسيّرة وطائرات الإنذار المبكر، التي شاركت في رصد تحركات فصائل المقاومة في غزة ولبنان وسورية، وجمعت معلومات تم تسليمها بشكل مباشر للكيان الصهيوني. كما استخدمت القاعدة لتنسيق الدعم العسكري الأمريكي المباشر لـ'إسرائيل'، بما في ذلك عمليات تزويدها بالذخائر الدقيقة، والصواريخ الاعتراضية، والتقنيات المتطورة الخاصة بأنظمة القبة الحديدية و'حيتس' و'مقلاع داود'. بل إن الأنظمة الدفاعية الأمريكية المنتشرة في القاعدة – مثل 'باتريوت' و'ثاد' – ساهمت بشكل مباشر في تعزيز الغطاء الجوي الإسرائيلي، خلال مواجهة الردود الصاروخية من اليمن ولبنان وإيران. وقد ظهرت خطورة القاعدة بشكل صارخ حين قررت واشنطن تنفيذ ضربات عسكرية ضد إيران انطلاقًا منها، ما استدعى ردًا إيرانيًا محسوبًا. وبينما نسّقت طهران مسبقًا مع قطر لتجنّب التصعيد، تعاملت الدوحة مع الرد الإيراني كأنه اعتداء على سيادتها، متجاهلة أن أراضيها تُستخدم فعليًا كمنصة لشنّ عدوان دائم على الشعوب الإسلامية، وأن القاعدة التي تموّلها وتستضيفها تمثل خطرًا وجوديًا على إيران، وغزة، وسائر شعوب المنطقة. إن أخطر ما في قاعدة العديد ليس فقط ما يصدر عنها من طائرات أو أوامر عسكرية، بل ما ترمز إليه: تحوّل أرض عربية إلى ذراع أمريكية نشطة في قمع حركات التحرر، وتكريس الهيمنة الصهيونية، وتثبيت التبعية السياسية والعسكرية لأنظمة تعيش تحت وهم الحماية الغربية. ومن المفارقة أن هذه القاعدة التي تساهم في قتل الفلسطينيين، تستظل بالشرعية القطرية التي تدّعي احتضان القضية الفلسطينية، وتستثمر فيها سياسيًا. والنتيجة أن وجود قاعدة العديد، بكل ما تحمله من رمزية وسيادة أجنبية، هو تهديد حقيقي لأمن الأمة واستقلال قرارها. إنها ليست فقط منشأة عسكرية، بل قاعدة صراع حضاري بين أمة تريد أن تتحرر، وقوة غربية تسعى لإبقائها ممزقة وضعيفة، تحت ظلال طائرات لا ترحم، وقواعد لا ترحل. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ محمد محسن الجوهري


اليمن الآن
منذ ساعة واحدة
- اليمن الآن
ترامب يفجرها: لا عروض ولا تواصل مع إيران.. ومحونا منشآتهم النووية
في ردّ صريح أثار جدلًا واسعًا، نفى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشدة ما تم تداوله مؤخرًا بشأن تواصله مع إيران أو تقديم أي عروض لها، مؤكدًا أنه لم يجرِ أي محادثات معها ولم يعرض عليها "أي شيء على الإطلاق". وكتب ترامب عبر منصته "تروث سوشال" صباح اليوم الإثنين، أن كل ما يُقال حول اتصالاته مع طهران لا أساس له من الصحة، مشددًا على أن الولايات المتحدة "محَت تمامًا" المنشآت النووية الإيرانية، في إشارة إلى موقفه المتشدد تجاه البرنامج النووي الإيراني. يأتي هذا التصريح بعد أيام من نفيه تقارير إعلامية تحدثت عن مقترحات من إدارته السابقة بمنح إيران مساعدات مالية قد تصل إلى 30 مليار دولار لتطوير برنامج نووي مدني لإنتاج الطاقة. ترمب اختتم منشوره بنبرة حاسمة، قائلاً: "لم أتحدث مع إيران، ولم أعرض عليهم شيئًا.. هذه مجرد شائعات مضللة". المصدر مساحة نت ـ رزق أحمد