
مدرسة وذاكرة.. سميحة أيوب امرأة جعلت من الخشبة بيتا ومن الفن وطنا
في زقاق صغير من حي شبرا العريق، ولدت عام 1932 طفلة لم تكن تعرف أنها ستصبح بعد عقود واحدة من أعمدة الفن العربي، هي سميحة أيوب ، التي اختارتها الأقدار لتصبح " سيدة المسرح العربي"، ويصير اسمها مرادفًا للمسرح والدراما والخلود الفني.
منذ نعومة أظافرها، تسللت شعلة الفن إلى قلب سميحة أيوب ، ولم تكن مجرد شعلة عابرة، بل نارًا هادئة متوهجة قادتها إلى خشبة المسرح وشاشة السينما، كانت في الخامسة عشرة حين وقفت أمام الكاميرا للمرة الأولى، في فيلم "المتشردة" عام 1947، لتفتتح رحلتها الطويلة بحضور خجول لكنه واعد.
التمرد على التقاليد.. والحب الأول
في وقت كانت فيه الفتيات يسرن نحو الزواج التقليدى، اختارت سميحة أيوب طريقًا محفوفًا بالتحديات، تزوجت في بداياتها من الفنان محسن سرحان، وأنجبت منه ابنها الأول محمود، لكن الزواج لم يدم طويلًا، فقد كانت روحها تبحث عن فضاء أوسع من بيت تقليدي.
حملت أحلامها نحو معهد التمثيل الذي أسسه الفنان الكبير زكي طليمات، وهناك لم تتعلم فقط أصول المهنة، بل تلقت الدروس الأولى في الصبر والانضباط الفني، على يد واحد من رواد المسرح في مصر.
خمسينات الذهب.. حيث تتوهج البدايات
في خمسينيات القرن الماضي، كانت سميحة أيوب تطل من كل نافذة فنية، في السينما، توالت أفلامها بسرعة مذهلة مثل "شاطئ الغرام"، "قلبي على ولدي"، "الوحش"، "أغلى من عينيه"، "موعد مع السعادة"، وغيرها، فيما كانت تقف على المسرح بخطى واثقة في مسرحيات مثل "الأيدي الناعمة".
ثم شاء القدر أن تلتقي بالكاتب المسرحي الكبير سعد الدين وهبة، فكان الفن جسر اللقاء، والحب عنوان العلاقة، فتزوجا، لكن لم يُثمر زواجهما عن أطفال، وظلت العلاقة بينهما مشبعة بالإبداع والتقدير المتبادل.
الستينيات.. صوت المسرح الذي لا يسكت
لم تهدأ سميحة أيوب في الستينيات، بل ازدادت اشتعالًا فنيًا، قدمت أفلامًا مثل "لا تطفئ الشمس"، "يوم الحساب"، و"أرض النفاق"، وشاركت في مسلسلات ومسرحيات أيقونية مثل "السبنسة" و"سكة السلامة"، ومسلسل "خيال المآتة"، وازدادت ثقتها بموهبتها حين خاضت الإخراج المسرحي لأول مرة عام 1972 في مسرحية "مقالب عطيات"، تزامنًا مع إدارتها للمسرح الحديث.
من الخشبة إلى الإدارة
كانت المرأة الحديدية التي تدير وتمثل وتلهم، ففي عام 1975، شغلت منصب مدير عام المسرح القومي، واستمرت فى المنصب 14 عامًا كاملة، صعدت خلالها بالمسرح المصري إلى آفاق جديدة، وعلى خشباته، قدمت روائع مثل "ست الملك"، و"فيدرا"، و"الخديوي".
وفي حياتها الشخصية، دخل الفنان محمود مرسي حياتها كزوج وشريك فكر، وأنجبت منه ابنها الثاني علاء، لكنها ظلت دومًا وفية لذاتها ولفنها.
الثمانينيات والتسعينيات.. الدراما حول قلب سيدة المسرح
مع بداية الثمانينيات، انسحبت سميحة أيوب بهدوء من السينما، لتغوص في دراما التلفزيون والمسرح، فقدمت أعمالًا غزيرة مثل "دمعة ألم"، "المحروسة 85"، "أمهات في بيت الحب"، "الضوء الشارد"، و"السيرة الهلالية".
وكانت فترة التسعينيات سنوات ازدهار تلفزيونى لها، أثبتت فيها قدرتها على التجدد والبقاء، ونجحت في ملامسة قلوب أجيال مختلفة.
وفاء مستمر للمسرح
لم تغب يومًا عن الذاكرة، حتى عندما غابت عن الأضواء قليلًا، وعادت في الألفينات بأعمال جديدة مثل "أوان الورد"، "أميرة في عابدين"، "المصراوية"، و"عسكر وحرامية"، وعلى المسرح، وقفت مرة أخرى لتقدم "في عز الظهر"، و"الناس اللي في التالت".
في عام 2012، حدث ما يشبه المعجزة الفنية، حين عادت إلى السينما بعد غياب أكثر من 30 سنة، من خلال فيلم "تيتة رهيبة" مع الفنان الكوميدى محمد هنيدي، ثم توالت مشاركاتها في "الخفافيش"، "مزاج الخير"، و"الطاووس".
تكريمات على قدر العطاء
لم يكن عطاؤها الفني محل تقدير محلي فقط، بل حمل طابعًا عربيًا ودوليًا، فحصلت على وسام الجمهورية من الرئيس جمال عبد الناصر، وجائزة الإبداع من الرئيس السادات، ووسام من الرئيس الفرنسي ديستان، وقلدها الرئيس حافظ الأسد وسام الاستحقاق السوري،كما حصلت على وسام العلوم والفنون من الرئيس عدلي منصور في عيد الفن.
حكاية لم تنته
منذ عام 2015، ظل اسم سميحة أيوب حاضرًا في أفلام مثل "الليلة الكبيرة" و"ليلة العيد"، ومسلسلات "سكر زيادة"، "نقل عام"، و"حضرة العمدة"، حتى كان آخر ما عرض لها عام 2024 فيلم "سيدة المسرح العربي"، الذي حمل اسمها وكأنه وثيقة فنية خالدة، فالفنانة سميحة أيوب ليست مجرد فنانة، إنها مدرسة وزمن وذاكرة، وامرأة جعلت من الخشبة بيتًا ومن الفن وطنًا.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليوم السابع
منذ 21 دقائق
- اليوم السابع
زيزو: أزمتى مع الزمالك ليست مالية
زيزو لاعب الزمالك المنضم مؤخراً إلى الأهلي في صفقة انتقال حر، أن أزمته مع القلعة البيضاء لم تكم متعلقة بالأمور المادية. وقال زيزو، في تصريحات تليفزيونية: عمرو الجنايني ولجنة التخطيط اعتقدت أن مشكلتي فلوس، وحاولت أفهّم لجنة الكرة أن الموضوع ليس مادياً، أحب عمرو الجنايني جداً على المستوى الشخصي، لكنه جاء عندما وصلت الأمور إلى النهاية، الموضوع كان إن ناس كتيرة قالت عننا كلام غير حقيقي وكان يجب أن تصحح كلامها وتخرج وتقول أنها كذبت، أنت أهنتني سنة ولا تريد حتى أن تنزل اعتذار، طلبت أن يتم حل الأمر مع والدي. وأضاف: كنت أنتظر من كل شخص خرج وقال أمر غير حقيقي وكذب من الزمالك، أن يخرج ويقول الحقيقة، لكن محدش هيطلع يقول أنا كذاب، تفاوضت 8 أشهر مع رئيس الزمالك، ولاعبو الزمالك كانوا يعلمون كل شىء، لذلك عندما عدت للتدريب في النادي تعاملوا معي بشكل طبيعي وكنت واحشهم، ولكن استغربت رد فعل البعض منهم، لم يروا مني أمر سيئ ويعلمون حقيقة ما حدث معي ولكن تفاجئت بردة فعلهم. واختتم: أحد اللاعبين كنت بكبره في كل حاجة وبرجعله في كل حاجة وكان عايش معايا الأحداث وتغير بدون مبرر.


اليوم السابع
منذ 32 دقائق
- اليوم السابع
أمينة الفتوى بدار الإفتاء لقناة الناس: العيدية من محاسن العادات المباحة شرعًا
قالت هند حمام، أمينة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن العيدية تُعد من العادات الجميلة والمباحة شرعًا، بل تُعتبر من محاسن العادات المسنونة التي تُدخل الفرح والسرور على قلوب الناس، سواء من الكبار أو الأطفال. وأضافت خلال تصريحات لقناة الناس، أن أصل العيدية يعود إلى العصر الفاطمي، حيث كان الحكام يوزعون الهدايا على الناس خلال الأعياد، مشيرة إلى أن العيدية أصبحت بعد ذلك من العادات المجتمعية المتداولة بين الأفراد، ولا مانع شرعي منها، بل لها معانٍ تربوية واجتماعية عظيمة. وأكدت أن العيدية تحمل في طياتها قيمة تربوية للأطفال، كتعليمهم الاستقلال المالي، والتمييز بين الادخار والإنفاق، وتعزيز الشعور بالفرحة، موضحة أن النبي ﷺ قال: "تهادوا تحابوا"، وبالتالي فإن تقديم العيدية يدخل في إطار الهدايا التي تُنشر المحبة بين الناس. وأشارت "حمام" إلى أهمية العدالة في توزيع العيدية بين الأطفال، خاصةً إذا كانوا في مكان واحد، منعًا لحدوث الغيرة أو التفرقة، أما لو كانوا في أماكن مختلفة أو في أعمار متباينة، فلا حرج في اختلاف قيمة العيدية بحسب ما يراه المُعطي مناسبًا.


ET بالعربي
منذ ساعة واحدة
- ET بالعربي
كيف حضر عزيز عبدو لعودته بعد غياب
بعد غياب لسنوات، عزيز عبدو يعود للساحة الفنية، و ET بالعربي كان معه ليكشف تفاصيل تحضيراته و تعاوناته الجديدة، ولأحدث إصداراته. عزيز تحدّث عن أغنيته الجديدة "عدت علينا" اللي أطلقها بأجواء صيفية، وكشف عن تعاونه المستمر مع المنتج هادي شرارة، واللي وصفه بأنه "شريك النجاح". كما أعلن عن إعادة تصوير أغنية "يا دي النور" بعد ما شاف تفاعل كبير عليها مؤخرًا، وأكّد إنه يعمل على 3 أعمال جديدة مع الملحن عمرو مصطفى بعد نجاح "لو يجي الليل" اللي تجاوزت 12 مليون مشاهدة. ولأنه حريص على الحضور المستمر، صوّر فوتوشوت صيفي مميز بأجواء ملونة ومنعشة.