
الإمارات وأمريكا.. تعاون استراتيجي يتجاوز حدود الأرض إلى الفضاء
تشهد علاقة دولة الإمارات وأمريكا تطوراً نوعياً في مجال التعاون الفضائي، حيث باتت الشراكة بين البلدين نموذجاً متميزاً للتعاون العلمي والتكنولوجي في استكشاف الفضاء.
ويعكس هذا التعاون المشترك الطموح المشترك لتطوير تقنيات فضائية متقدمة واستكشاف الكواكب، بما يدعم الأهداف الاستراتيجية لكلا البلدين في بناء مستقبل معرفي مستدام وتحقيق إنجازات تاريخية في هذا القطاع الحيوي.
وفي هذا الإطار، أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، خلال مباحثاته مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في قصر الوطن بأبوظبي، الخميس 15 مايو/ أيار 2025، عمق هذه الشراكة الاستراتيجية في قطاع الفضاء، مشيراً إلى دور الولايات المتحدة كشريك أساسي للإمارات في مشاريع استكشاف المريخ وحزام الكويكبات.
وأضاف أن مركبة الفضاء الأمريكية "أبوللو 17" حملت علم الإمارات في رحلتها إلى القمر، ما يعكس عمق العلاقة التاريخية والرمزية بين البلدين في هذا المجال.
في سياق متصل، قدم رائد الفضاء الدكتور سلطان سيف النيادي وزير دولة لشؤون الشباب بالإمارات شرحاً مفصلاً للرئيس الأمريكي حول إنجازات الإمارات في علوم الفضاء، مما يعكس تطور القطاع الإماراتي رغم حداثته، بفضل شراكات دولية استراتيجية كان للولايات المتحدة الدور الأبرز فيها.
ويشكل قطاع الفضاء أحد المحاور الأساسية للتعاون بين الإمارات والولايات المتحدة، حيث تحولت الشراكة بين البلدين إلى نموذج للتعاون الدولي في الابتكار والاستكشاف العلمي.
وتتمثل أهداف التعاون في دعم الاستكشاف السلمي للفضاء، وتعزيز السلامة والأمن الفضائي، وتوسيع نطاق البحث العلمي، إضافة إلى تطوير تقنيات تسهم في تحسين جودة الحياة على الأرض.
بدأ التعاون الفضائي بين الإمارات وأمريكا رسميًا في أكتوبر/ تشرين الأول 2020، حين انضمت الإمارات كعضو مؤسس لاتفاقية "آرتميس" التي تهدف إلى خلق بيئة آمنة وشفافة للأنشطة الفضائية العلمية والتجارية، حيث اعتبرت وكالة "ناسا" الإمارات نموذجاً رائداً في المنطقة لامتلاكها برنامج فضائي وطني واعد وقوانين تشريعية محفزة للنمو.
وتطور التعاون ليشمل مشاريع استراتيجية مثل برنامج استكشاف المريخ، ومهمة استكشاف حزام الكويكبات التي تهدف لدراسة سبعة كويكبات رئيسية، والتي ستُطلق في مارس/ آذار 2028 عبر المركبة الفضائية «MBR Explorer» بالتعاون مع ستة شركاء أمريكيين من جامعات ومؤسسات بحثية، منهم جامعة أريزونا وجامعة كولورادو بولدر، اللتين ساعدتا سابقاً في تطوير مسبار الأمل الإماراتي.
كما شاركت الولايات المتحدة مع الإمارات ودول أخرى في التزام عالمي لدعم أجندة المناخ خلال قمة كوب 28، معززة جهود البحث والتطوير في المجال المناخي من خلال برامج فضائية متخصصة.
وفي إنجاز نوعي آخر، انضمت الإمارات رسمياً في بداية 2025 إلى اتفاقية "المحطة الفضائية القمرية" إلى جانب الولايات المتحدة واليابان وكندا والاتحاد الأوروبي، لتصبح أول دولة عربية تشارك في هذا المشروع العلمي العالمي، تمهيداً لإرسال أول رائد فضاء إماراتي عربي إلى القمر.
مهام ومشاريع نوعية عززت مكانة الإمارات في الفضاء
وفي 2024 رسخت دولة الإمارات مكانتها كأحد أبرز الدول الفاعلة في مجال الفضاء وعلومه، عبر جملة من المهام والمشاريع والبرامج الطموحة ذات الأثر الإيجابي على البشرية جمعاء.
وواصل قطاع الفضاء الإماراتي استكمال البناء على ما حققه من إنجازات خلال الأعوام الماضية، عبر كوادر وطنية مؤهلة تقود طموحات الدولة في هذا المجال نحو آفاق لا حدود لها.
واستهلت الإمارات 2024 بالإعلان عن انضمامها إلى مشروع تطوير وإنشاء محطة الفضاء القمرية 'Gateway' إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وكندا والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى إعلانها إرسال أول رائد فضاء إماراتي وعربي إلى مدار القمر.
وستتولى الإمارات مسؤولية تشغيل وحدة معادلة الضغط الخاصة بالمحطة لمدة قد تصل إلى 15 عامًا قابلة للتمديد.
وأنجزت مهمة الإمارات لاستكشاف حزام الكويكبات، مراجعة التصميم الأولي للمهمة خلال الفترة من 19 إلى 21 فبراير/ شباط الماضي، التي تعتبر مرحلة رئيسية في ضمان نجاح وأمان المهمة الفضائية، إلى جانب تسليط الضوء على آخر التفاصيل والمستجدات حولها.
ووقعت وكالة الإمارات للفضاء اتفاقية مع شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة، لتوفير خدمات الإطلاق باستخدام الصاروخ الحامل H3 عام 2028 للمركبة "المستكشف محمد بن راشد" لمهمة الإمارات لاستكشاف حزام الكويكبات، أحد أضخم المشاريع الوطنية الإماراتية في مجال الفضاء.
من جانبها أعلنت وزارة الطاقة والبنية التحتية، إطلاق مشروع الاسطرلاب الفضائي بالتعاون مع مركز محمد بن راشد للفضاء.
ويستهدف المشروع، توظيف تقنية الأقمار الصناعية والصناعات المتقدمة والذكاء الصناعي، واستغلال إمكانيات وريادة الإمارات في تتبع والرقابة على القطاع البحري، ورفع كفاءة وفاعلية عمليات تحديد مواقع السفن وعرض حالة البحر والأحوال الجوية.
وواصل "مسبار الأمل الإماراتي" مهامه العلمية، الهادفة لتحقيق فهم أعمق لأسرار كوكب المريخ، وكشف الغموض المحيط به، إذ نشر ملاحظات لشفق الجانب المظلم للمريخ، وقدم مساهمة علمية قيمة لفهم كيف يفقد المريخ مياهه حاليا، كما وفر الخرائط اليومية للغبار والجليد على مدار عام مريخي كامل.
بدوره أعلن مركز محمد بن راشد للفضاء، عن بدء ثاني دراسة إماراتية لمحاكاة الفضاء، وهي جزء من بحوث محاكاة مهمات الاستكشاف البشرية "هيرا" التابعة لوكالة الفضاء الأمريكية "ناسا".
كما أعلن المركز، بالتعاون مع كليات التقنية العليا، عن بدء العمل على تطوير القمر الاصطناعي HCT-Sat 1، وهو قمر اصطناعي نانومتري مخصص لرصد الأرض، مساحته U1، وبأبعاد 10 10 x 10 x سم.
وفي يوليو الماضي، وقّعت شركة الياه سات للاتصالات الفضائية (الياه سات)، عقدا مع شركة " سبيس إكس" لإطلاق قمريها الصناعيين الجديدين والمتطورين من أقمار المدار الأرضي الثابت "الياه 4" (AY4) و"الياه 5" (AY5)، باستخدام مركبة الإطلاق فالكون 9.
وتُعدّ الاتفاقية خطوة مهمة في برنامج تطوير القمرين الصناعيين بتكلفة إجمالية تقدر بنحو 3.9 مليار درهم (1.1 مليار دولار)، ويشمل ذلك المركبة الفضائية والبنية التحتية الأرضية والإطلاق والتأمين.
وفي أغسطس الماضي، أعلنت بيانات، المزود لحلول التقنيات الجيومكانية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وشركة الياه للاتصالات الفضائية، عن نجاح إطلاق أول أقمار البرنامج الفضائي الإماراتي الطموح لرصد الأرض، حيث تم إطلاق القمر الصناعي للرادار ذي الفتحة التركيبية (SAR) إلى المدار الأرضي.
وفي ديسمبر الجاري، أعلنت "سبيس 42" الإماراتية و "آيس آي" العالمية، عن إنشاء مشروع مشترك لتصنيع الأقمار الاصطناعية الرادارية (SAR) في الإمارات.
واعتمد مجلس الوزراء، في أكتوبر الماضي، قراراً بإنشاء مجلس دائم بمسمى "المجلس الأعلى للفضاء" الذي سيتولى اعتماد كل من السياسة العامة لتنظيم قطاع الفضاء والأنشطة الأخرى ذات الصلة بالقطاع، والأولويات الوطنية للدولة في قطاع الفضاء وتحديد التقنيات المستهدفة بما يضمن السيادة التكنولوجية للدولة في هذا القطاع.
وبتوجيهات من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، وبمناسبة الاحتفال بعيد الاتحاد الـ 53، منح الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أوسمة الفضاء لخمسة من أبناء الوطن تقديراً لدورهم في النهوض بقطاع الفضاء في الدولة.
واستضافت الإمارات يومي 10 و11 ديسمبر الماضي، النسخة الثانية من حوار أبوظبي للفضاء بحضور 1000 مشارك من صانعي القرار والسياسات وممثلي صناعة الفضاء والأوساط الأكاديمية والجهات الفضائية الناشئة من القطاعين العام والخاص، لمناقشة التحديات والفرص في هذا القطاع الحيوي، ودفع مجتمع الفضاء الدولي للتحول من مرحلة الحوار إلى التطبيق، من خلال ترجمة النقاشات إلى التزامات وسياسات تسهم في استدامة مستقبل الفضاء.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العين الإخبارية
منذ 8 ساعات
- العين الإخبارية
الإمارات متصدرة الحاضر.. رائدة المستقبل
تصعد الإمارات سلم التنافسية العالمية، وتواصل نهجها القائم على استشراف المستقبل وصناعة الغد برؤية استباقية، وتسخّر من أجل ذلك كافة إمكاناتها البشرية والاقتصادية وثقلها السياسي العالمي، وعلاقاتها المميزة مع جميع أقطاب الأرض مواقع صنع القرار والدول العظمى. وتوظف دولة الإمارات سياساتها وبرامجها التطويرية من خلال تعزيز شراكاتها واستثمار هذه الشراكات من أجل رسم وتدعيم أركان الحاضر ورسم ملامح المستقبل، حيث استثمرت دولة الإمارات زيارة الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) لتوقيع اتفاقية استراتيجية ترسخ مكانتها في مجال الذكاء الاصطناعي، كونها الآن تتربع على المركز الثالث عالمياً بعد الولايات المتحدة والصين وتتطلع إلى تجاوز هذا المركز نحو الريادة الذكية عالمياً. إن ظهور مفاهيم جديدة للنهضة الشاملة فرض نمطاً تطورياً جديداً قائماً على ركائز الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة الفائقة الإمكانيات والطاقة والقوة الدفاعية الرادعة، وهي العناصر الأساسية التي بلورت زيارة الرئيس الأمريكي لدولة الإمارات، واستطاعت من خلالها الإمارات أن تعزز من علاقاتها وشراكاتها مع الولايات المتحدة من خلال اتفاقيات تتضمن هذه المحاور الاستراتيجية الأساسية، والتي يقوم عليها الفكر والنهج التطويري لحكومة دولة الإمارات. إن اتجاه دولة الإمارات لضخ 1,4 تريليون دولار واستثمارها في دعم خطط التطوير في مجال الذكاء الاصطناعي بالشراكة مع الولايات المتحدة الرائدة في هذا المجال خلال العشر السنوات المقبلة يؤهلها لأن تصبح قوة ضاربة، ومرجعاً عالمياً في مجال الذكاء الصناعي وكل الصناعات المرتبطة بهذا المجال شاملة، تعزيز القدرة على تحويل دولة الإمارات إلى بلد مصنع لأشباه الموصلات واستثمار الطاقة المتجددة وصناعة شرائح الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي يحولها وفقاً لهذا النهج إلى مركز عالمي لتكنولوجيا المستقبل وصناعة الغد. وتجسد ذلك في الإعلان عن الشراكة بين شركات أمريكية متخصصة بالذكاء الاصطناعي وبين شركة (G42) الإماراتية، حيث تستهدف هذه الشراكة بناء مراكز بيانات ضخمة في أبوظبي بهدف تعزيز البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في الإمارات وعلى المستوى الإقليمي والعالمي. لقد أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة في العام 2017 استراتيجيتها للذكاء الاصطناعي مستهدفة تحقيق أهداف مئوية الإمارات 2071، وتسريع تنفيذ البرامج التنموية والتطويرية وصولاً إلى المستقبل المنشود، من خلال الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في العديد من المحاور، مثل الخدمات وتحليل البيانات بنسبة تصل إلى 100% حتى العام 2031، وكذلك العمل من أجل تحسين الأداء الحكومي وتقصير رحلة المتعامل والتشجيع على خلق البيئات الإبداعية والابتكارية، لتصل إلى الرقم واحد على المستوى العالمي وخصوصاً في مجالات توظيف الذكاء الاصطناعي في صناعة المستقبل. إن المستهدفات العامة والأساسية من الاستراتيجية الإماراتية في الذكاء الاصطناعي تؤسس قاعدة صلبة، تؤهل دولة الإمارات لتتصدر قريباً قائمة دولة العالم في مجالات توظيف الذكاء الاصطناعي، والتي تستهدف إيجاد سوق جديدة تدعم اقتصاد المنطقة وترفع من معدلات الإنتاجية، وتدعم المبادرات الهادفة إلى ترقية الإنتاجية وتعزيز متطلبات البحث والتطوير في كافة المجالات، بجانب استثمار أحدث ما توصلت إليه تقنيات الذكاء الاصطناعي وإدخالها عنصراً أساسياً في جميع الخدمات والمجالات التي تساهم في تحسين جودة حياة المجتمع . إن البعد الاستراتيجي العميق الكامن في استراتيجية دولة الإمارات في مجال تطبيقات الذكاء الاصطناعي يرتكز على اتساع خارطة القطاعات الحيوية التي توليها الاستراتيجية عناية كبيرة، متمثلة بقطاعات النقل والصحة والفضاء والطاقة المتجددة والمياه والتعليم والبيئة والمرور، الأمر الذي يعزز من ريادة دولة الإمارات ويمنحها القدرة على القفز فوق المراحل، وصولاً إلى مسابقة المستقبل واستشرافه، وهذا هو نهج دولة الإمارات دائماً سباقة على مضمار التحضر والتمكين والريادة.


العين الإخبارية
منذ 2 أيام
- العين الإخبارية
تعدين المحيطات.. اقتصاد ناشئ يصطدم بجدار التنظيمات الدولية
قال تقرير لصحيفة «فاينشيال تايمز» إنه لطالما راود العلماء والمستثمرين حلم استخراج المعادن من قاع المحيط منذ أكثر من قرن. ومع ازدياد الطلب العالمي على معادن أساسية مثل النيكل والكوبالت والنحاس والمنغنيز نتيجة التحول نحو الطاقة النظيفة، أصبح تعدين أعماق البحار أقرب إلى الواقع من أي وقت مضى. وتدّعي شركات التعدين أن استخراج هذه المعادن من البحر أكثر استدامة من التعدين البري، الذي غالباً ما يرتبط بالتلوث البيئي والانتهاكات الحقوقية. لكن هذا المجال الجديد محفوف بالجدل. فتعدين قاع البحر يتم في بيئة قاسية جداً، حيث تتداخل التحديات التقنية مع المخاطر البيئية. ويزخر قاع المحيط، خصوصاً في منطقة "كلاريون-كليبرتون" في المحيط الهادئ، بكتل معدنية تُعرف بالعُقَد متعددة المعادن، تكونت عبر ملايين السنين. ويخشى العلماء من أن يؤدي إزعاج هذه البيئات إلى أضرار لا يمكن إصلاحها لأنظمتها البيئية الهشة. ومنذ التسعينيات، كان يُمنع التعدين التجاري في المياه الدولية، بانتظار توافق دولي تديره "الهيئة الدولية لقاع البحار" (ISA) التابعة للأمم المتحدة. وقد أجرت عدة دول، مثل الصين واليابان والهند والولايات المتحدة، تجارب استكشافية، لكنها لم تبدأ التعدين التجاري بعد. تغير قريب لكن الوضع قد يتغير قريباً. ففي أبريل/نيسان الماضي، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمراً تنفيذياً يمنح الولايات المتحدة الحق في إصدار تراخيص تعدين أعماق البحار بشكل مستقل، متجاوزاً سلطة الهيئة الدولية. وبدعم من جماعات الضغط التابعة لـشركات التعدين، يهدف القرار إلى تعزيز القيادة الأمريكية في ما وصفه ترامب بـ"حمى الذهب التالية". كما دعا إلى تخزين معادن قاع البحر كمخزون استراتيجي. وأثار هذا القرار ردود فعل غاضبة من المفوضية الأوروبية والصين، حيث اعتُبر انتهاكاً للقانون الدولي الذي يمنح الهيئة الدولية وحدها سلطة تنظيم التعدين في أعماق البحار. وحذّرت الخارجية الصينية من الإجراءات الأحادية، كما أعرب مشرعون أمريكيون وجماعات بيئية عن قلقهم من أن التسرع قد يؤدي إلى كارثة بيئية. ويخشى العلماء من أن تؤدي سحب الرواسب الناتجة عن التعدين إلى تدمير أنظمة بيئية لا تزال غير مفهومة بالكامل. ومع ذلك، تواصل شركات التعدين وشركات أخرى المضي قدماً. فقد قدمت شركات طلباً للحصول على ترخيص من الإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي، وتأمل في بدء الاستخراج التجاري بحلول عام 2027. ومن أجل كسب دعم سياسي، تقترح الشركات معالجة المواد في ولاية تكساس لتعزيز إنتاج البطاريات محلياً وتقليل الاعتماد على الصين. وفي الوقت نفسه، تواصل الصين تقدمها في هذا المجال. فهي تمتلك أكبر عدد من عقود الاستكشاف التي أصدرتها الهيئة الدولية، وقد أجرت تجارب تعدين على أعماق تفوق 4000 متر. كما زار عدد من الشركات الصينية، مثل CNGR المتخصصة في بطاريات السيارات، عمليات TMC، ما أثار تساؤلات حول إمكانية انفكاك الولايات المتحدة فعلياً عن سلاسل التوريد الصينية. وتواجه الهيئة الدولية ضغطاً متزايداً لوضع قواعد واضحة. وفي يوليو/تموز المقبل، سيجتمع ممثلون من أكثر من 150 دولة في جامايكا لوضع اللمسات الأخيرة على لوائح تغطي الرسوم، وحماية البيئة، والعقوبات في حال المخالفات. وقد حذرت ليتيسيا كارفاليو، رئيسة الهيئة، من أن النهج الأمريكي قد يقوّض القانون الدولي ويهز ثقة المستثمرين. التنافس الدولي وتعكس سباقات الدول نحو استغلال قاع البحر قلقاً أعمق يتعلق بالسيادة الاقتصادية. فالدول باتت تعتبر المعادن الاستراتيجية أدوات للنفوذ الجيوسياسي. وفي ظل تصاعد التوتر بين الغرب والصين، يُنظر إلى التعدين البحري كميدان جديد للمنافسة العالمية. ويرى مسؤولون أمريكيون أن السيطرة على معادن المحيط يمكن أن تمنح الولايات المتحدة نفوذاً اقتصادياً وعسكرياً في أوقات الأزمات. في النهاية، ما إذا كان تعدين أعماق البحار سيصبح ركيزة للاقتصاد الأخضر أو درساً في الطموح البيئي المفرط، سيعتمد على ما ستقرره الحكومات في الأشهر المقبلة. وقد يكون اجتماع يوليو/تموز المقبل حاسماً في تحديد ما إذا كان بالإمكان الاتفاق على تنظيم مسؤول أم أن المحيطات ستتحول إلى ساحة صراع جديدة بين القوى الكبرى. aXA6IDgyLjI0LjIxMy4xMDEg جزيرة ام اند امز FI


الاتحاد
منذ 2 أيام
- الاتحاد
الإمارات تصنع مستقبلها.. ومستقبل الذكاء الاصطناعي
الإمارات تصنع مستقبلها.. ومستقبل الذكاء الاصطناعي التحول التاريخي السريع الذي تشهده البشرية اليوم يضع تحدياً قوياً أمام الدول والحكومات، فهو يعيد صياغة موازين التأثير، فالدول التي نجحت في استشراف هذه التحولات واستعدت لها مبكراً هي التي ستكون قادرة على رسم ملامح العالم الجديد. دولة الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، كانت دائماً في قلب هذا الاستعداد، ووضعت المستقبل عنواناً لها. وعندما قالت إنها تريد أن تكون عاصمة المستقبل فإنها تعني ذلك، وأثبتت عبر تاريخ إنجازاتها أنها تفعل ما تقول. حضور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وفخامة دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأميركية، إعلان تدشين مجمّع الذكاء الاصطناعي الإماراتي - الأميركي الشامل في أبوظبي، والذي يعد الأكبر من نوعه خارج الولايات المتحدة، هو تجسيد لقوة التحالف الاستراتيجي الذي يربط بين البلدين لتعزيز التنمية في المنطقة والعالم. وبالنسبة لدولة الإمارات، فإن هذا المشروع الاستراتيجي يتجاوز كونه بنية تحتية تقنية جديدة، ليمثل محطة فاصلة في مسيرة وطننا نحو ترسيخ موقعه كإحدى أهم 3 دول في العالم في مجال الذكاء الاصطناعي من حيث الاستثمار، والقدرات، والتأثير. تدشين مجمّع الذكاء الاصطناعي الإماراتي- الأميركي يستند إلى إطار عمل جديد بين حكومتي دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأميركية، تحت مسمى «شراكة تسريع الذكاء الاصطناعي بين الولايات المتحدة الأميركية ودولة الإمارات العربية المتحدة»، وهذه الشراكات تؤكد على النموذج الملهم الذي تمثله قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إذ يواصل سموه ترسيخ شراكات عالمية استثنائية لدولة الإمارات تجعل منها الشريك الدولي الأكثر موثوقية في كل المجالات، ومن أكبر المساهمين في التقدم الحضاري للإنسانية. الإمارات تنظر إلى شراكتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي باهتمام بالغ، فإضافة إلى هذا المشروع الضخم، أعلنت الإمارات أنها ستستثمر 1.4 تريليون دولار خلال العشر سنوات المقبلة في مجالات الاقتصاد الجديد والطاقة والتكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي والصناعة. وقد شهدت زيارة سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، نائب حاكم إمارة أبوظبي، مستشار الأمن الوطني، رئيس مجلس إدارة مجلس الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، إلى واشنطن في مارس الماضي، العديد من الاتفاقيات في هذا المجال. واليوم، يأتي مجمّع الذكاء الاصطناعي الإماراتي- الأميركي تحت إشراف مباشر من سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، الذي قاد خلال الأعوام الماضية جهوداً نوعية في بناء منظومة تكنولوجية متكاملة، تشمل الذكاء الاصطناعي، الحوسبة، وتحليل البيانات لتدفع نحو تحولات استراتيجية عميقة في ريادة الإمارات لهذه التقنيات. ويبرز الدور المحوري لمعالي خلدون المبارك، رئيس جهاز الشؤون التنفيذية، الذي استطاع من خلال جهود اقتصادية مدروسة بناء شراكات فاعلة في هذا المجال، وأثمرت زياراته ولقاءاته في واشنطن بناء شراكات استثمارية مهمة في قطاعات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة والبنية التحتية والصناعات والطاقة. ريادة الإمارات لمجال الذكاء الاصطناعي بدأت مبكراً، حظي هذا الملف بمتابعة مستمرة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بذات النهج الاستباقي لدولة الإمارات، حيث أعلن سموه العام 2017، عن تعيين أول وزير دولة للذكاء الاصطناعي، تلبية لمجموعة من المتطلبات المستقبلية الوطنية بعيدة المدى، من أجل ترسيخ مهارات وعلوم وتكنولوجيا المستقبل، في سياق استشراف مبكر بأن «الموجة العالمية القادمة هي الذكاء الاصطناعي»، كما قال سموه، ما يؤهل دولة الإمارات لتكون الأكثر جاهزية والأسرع استعداداً لاستقبالها والتعامل مع كافة متغيراتها. فمنذ العام 2017، أطلقت الدولة، برؤية قيادتها الاستباقية الحكيمة، أول استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي، لتتحرك الدولة برؤية واضحة نحو بناء نموذج حكومي متكامل يستند إلى التكنولوجيا المتقدمة. وفي العام 2019 قامت بتأسيس جامعة متخصصة للذكاء الاصطناعي هي جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي. وأصبحت الإمارات الدولة السبّاقة في التعليم في هذا المجال بين دول العالم، إذ أعدّت منهاجاً دراسياً متكاملاً في تخصص الذكاء الاصطناعي، يُدرَّس إلزامياً لطلبة المدارس الحكومية من مرحلة الروضة وحتى الصف الـ12. واليوم، تشير الدراسات إلى أن التبني المبكر لمجالات الذكاء الاصطناعي سيرفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي للدولة إلى 13.6% بحلول 2030 أي ما يعادل أكثر من 96 مليار دولار، وتتبوأ الدولة مراتب متقدمة في مؤشرات تبني الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم.. متفوقة على دول كبرى في الجاهزية التنظيمية والتشريعية، وكفاءة البنية التحتية الرقمية، واستقطاب المواهب. هذه الأرقام لا تمثل فقط نتائج.. بل تعبّر عن رؤية وطنية استراتيجية في التعامل مع المستقبل، حيث تتحول الرؤية إلى سياسات وخطط.. والخطط إلى مشاريع والمشاريع إلى إنجازات عالمية. واليوم، ومع إطلاق مشروع «مجمع الذكاء الاصطناعي»، تؤكد دولة الإمارات مرة أخرى أنها لا تنتظر المستقبل بل تصنعه، فالمجمع الذي يعتبر مهماً للمنطقة بأكملها، سيحتضن كبرى الشركات الأميركية القادرة على الاستفادة من الإمكانات لتوفير خدمات الحوسبة الإقليمية مع إمكانية خدمة دول الجنوب العالمي، كما يوفر سعة قدرها 5 جيجاوات لمراكز بيانات الذكاء الاصطناعي في أبوظبي، مما يخلق منصة إقليمية تمكن الشركات الأميركية العملاقة من تقديم خدمات سريعة لما يقرب من نصف سكان العالم. وهذا ما يعكس رؤية الإمارات في أن تكون دولة محورية في صياغة المستقبل الرقمي العالمي، ويترجم إيمانها بأن الذكاء الاصطناعي ليس رفاهية، بل ضرورة سيادية واقتصادية وبشرية. هذا المشروع الذي يمثل مرحلة تحول تاريخية، يؤكد أن الإمارات دولة لا تعيش في المستقبل، بل تعيد هندسته، وأنها ستبقى برؤية وفكر قيادتها الحكيمة دولةً تصنع الازدهار لا تلاحقه، وتقود التحولات لا تراقبها. *وزير شؤون مجلس الوزراء