
تعدين المحيطات.. اقتصاد ناشئ يصطدم بجدار التنظيمات الدولية
قال تقرير لصحيفة «فاينشيال تايمز» إنه لطالما راود العلماء والمستثمرين حلم استخراج المعادن من قاع المحيط منذ أكثر من قرن.
ومع ازدياد الطلب العالمي على معادن أساسية مثل النيكل والكوبالت والنحاس والمنغنيز نتيجة التحول نحو الطاقة النظيفة، أصبح تعدين أعماق البحار أقرب إلى الواقع من أي وقت مضى.
وتدّعي شركات التعدين أن استخراج هذه المعادن من البحر أكثر استدامة من التعدين البري، الذي غالباً ما يرتبط بالتلوث البيئي والانتهاكات الحقوقية.
لكن هذا المجال الجديد محفوف بالجدل. فتعدين قاع البحر يتم في بيئة قاسية جداً، حيث تتداخل التحديات التقنية مع المخاطر البيئية. ويزخر قاع المحيط، خصوصاً في منطقة "كلاريون-كليبرتون" في المحيط الهادئ، بكتل معدنية تُعرف بالعُقَد متعددة المعادن، تكونت عبر ملايين السنين. ويخشى العلماء من أن يؤدي إزعاج هذه البيئات إلى أضرار لا يمكن إصلاحها لأنظمتها البيئية الهشة.
ومنذ التسعينيات، كان يُمنع التعدين التجاري في المياه الدولية، بانتظار توافق دولي تديره "الهيئة الدولية لقاع البحار" (ISA) التابعة للأمم المتحدة. وقد أجرت عدة دول، مثل الصين واليابان والهند والولايات المتحدة، تجارب استكشافية، لكنها لم تبدأ التعدين التجاري بعد.
تغير قريب
لكن الوضع قد يتغير قريباً. ففي أبريل/نيسان الماضي، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمراً تنفيذياً يمنح الولايات المتحدة الحق في إصدار تراخيص تعدين أعماق البحار بشكل مستقل، متجاوزاً سلطة الهيئة الدولية. وبدعم من جماعات الضغط التابعة لـشركات التعدين، يهدف القرار إلى تعزيز القيادة الأمريكية في ما وصفه ترامب بـ"حمى الذهب التالية". كما دعا إلى تخزين معادن قاع البحر كمخزون استراتيجي.
وأثار هذا القرار ردود فعل غاضبة من المفوضية الأوروبية والصين، حيث اعتُبر انتهاكاً للقانون الدولي الذي يمنح الهيئة الدولية وحدها سلطة تنظيم التعدين في أعماق البحار. وحذّرت الخارجية الصينية من الإجراءات الأحادية، كما أعرب مشرعون أمريكيون وجماعات بيئية عن قلقهم من أن التسرع قد يؤدي إلى كارثة بيئية.
ويخشى العلماء من أن تؤدي سحب الرواسب الناتجة عن التعدين إلى تدمير أنظمة بيئية لا تزال غير مفهومة بالكامل.
ومع ذلك، تواصل شركات التعدين وشركات أخرى المضي قدماً. فقد قدمت شركات طلباً للحصول على ترخيص من الإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي، وتأمل في بدء الاستخراج التجاري بحلول عام 2027. ومن أجل كسب دعم سياسي، تقترح الشركات معالجة المواد في ولاية تكساس لتعزيز إنتاج البطاريات محلياً وتقليل الاعتماد على الصين.
وفي الوقت نفسه، تواصل الصين تقدمها في هذا المجال. فهي تمتلك أكبر عدد من عقود الاستكشاف التي أصدرتها الهيئة الدولية، وقد أجرت تجارب تعدين على أعماق تفوق 4000 متر. كما زار عدد من الشركات الصينية، مثل CNGR المتخصصة في بطاريات السيارات، عمليات TMC، ما أثار تساؤلات حول إمكانية انفكاك الولايات المتحدة فعلياً عن سلاسل التوريد الصينية.
وتواجه الهيئة الدولية ضغطاً متزايداً لوضع قواعد واضحة. وفي يوليو/تموز المقبل، سيجتمع ممثلون من أكثر من 150 دولة في جامايكا لوضع اللمسات الأخيرة على لوائح تغطي الرسوم، وحماية البيئة، والعقوبات في حال المخالفات. وقد حذرت ليتيسيا كارفاليو، رئيسة الهيئة، من أن النهج الأمريكي قد يقوّض القانون الدولي ويهز ثقة المستثمرين.
التنافس الدولي
وتعكس سباقات الدول نحو استغلال قاع البحر قلقاً أعمق يتعلق بالسيادة الاقتصادية. فالدول باتت تعتبر المعادن الاستراتيجية أدوات للنفوذ الجيوسياسي. وفي ظل تصاعد التوتر بين الغرب والصين، يُنظر إلى التعدين البحري كميدان جديد للمنافسة العالمية. ويرى مسؤولون أمريكيون أن السيطرة على معادن المحيط يمكن أن تمنح الولايات المتحدة نفوذاً اقتصادياً وعسكرياً في أوقات الأزمات.
في النهاية، ما إذا كان تعدين أعماق البحار سيصبح ركيزة للاقتصاد الأخضر أو درساً في الطموح البيئي المفرط، سيعتمد على ما ستقرره الحكومات في الأشهر المقبلة. وقد يكون اجتماع يوليو/تموز المقبل حاسماً في تحديد ما إذا كان بالإمكان الاتفاق على تنظيم مسؤول أم أن المحيطات ستتحول إلى ساحة صراع جديدة بين القوى الكبرى.
aXA6IDgyLjI0LjIxMy4xMDEg
جزيرة ام اند امز
FI
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العين الإخبارية
منذ 19 دقائق
- العين الإخبارية
الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل مستقبل التنبؤات الجوية
تم تحديثه الأربعاء 2025/5/21 12:34 ص بتوقيت أبوظبي بدأ استخدام الحواسيب في تقديم التنبؤات الجوية التشغيلية في المملكة المتحدة عام 1965 من خلال جهاز ضخم يُعرف بـ«كوميت»، وبعد 6 عقود أصبح مكتب الأرصاد الجوية البريطاني في قلب ثورة تكنولوجية جديدة، هذه المرة مدفوعة بالذكاء الاصطناعي. ووفقاً لتقرير لصحيفة "فاينشيال تايمز"، تقوم خوارزميات الذكاء الاصطناعي بتعزيز دقة التنبؤات الجوية، من خلال تحليل الأنماط المتغيرة للسحب والأمطار ودرجات الحرارة، والتي يتم عرضها بشكل ديناميكي على شاشة عملاقة في مقر المكتب بمدينة إكستر جنوب غرب بريطانيا. وتكمن قوة الذكاء الاصطناعي في قدرته على اكتشاف الأنماط في كميات هائلة من البيانات، ما يجعله مثالياً للتعامل مع النظم الفيزيائية المعقدة في الغلاف الجوي. كما ان التنبؤات الدقيقة وتحذيرات الطقس الحاد يمكن أن تحسّن السلامة العامة والصحة، وتزيد من كفاءة العديد من القطاعات الاقتصادية. تنبؤات بمدى متعدد وقد أصبح الذكاء الاصطناعي مفيداً ليس فقط في التنبؤات الفورية "Nowcasting"، بل أيضاً في التنبؤات متوسطة المدى (من 3 إلى 15 يوماً) وتحت الموسمية (من أسبوعين إلى شهرين). ووفقا للبروفيسور ريتشارد تيرنر من جامعة كامبريدج ومعهد آلان تورينج، فإن هذا التوجه جذب اهتمام واستثمارات ضخمة من شركات التكنولوجيا مثل غوغل ديب مايند، مايكروسوفت، إنفيديا، آي بي إم، بالإضافة إلى شركات ناشئة متخصصة في الطقس مثل Brightband وSilurian. وتشمل الجهات المهتمة بالمجال مكاتب الأرصاد العامة، والجامعات، وشركات خاصة مثل AccuWeather وThe Weather Company. وحتى الآن، كان التنبؤ الجوي يعتمد على النماذج العددية الفيزيائية التي تتطلب معالجات حاسوبية فائقة. وتبدأ العملية بدمج البيانات لتقدير الحالة الجوية، ثم توقع ما سيحدث لاحقاً. أما الجيل الأول من أنظمة الذكاء الاصطناعي، فيظل يعتمد على نفس البيانات المُدمجة، لكنه يستخدم تعلم الآلة للتنبؤ بالخطوات التالية. وقد أظهرت هذه النماذج نتائج واعدة. فالمركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى (ECMWF) أطلق أول نموذج تشغيل بالذكاء الاصطناعي في فبراير/شباط الماضي، وحقق تحسناً بنسبة 20% في بعض المؤشرات، مثل مسار الأعاصير المدارية. وقالت فلورانس رابير، المديرة العامة للمركز: "شهدنا تحسناً كبيراً في دقة التنبؤات خلال العقود الماضية، وأتوقع أن تضيف النماذج الجديدة المزيد إلى هذا التقدم." مشيرة إلى أن الفجوة بين دقة التنبؤ في نصفي الكرة الأرضية قد تقلصت مع تطور بيانات الأقمار الصناعية منذ مطلع القرن الحالي. وفي تطور مثير، بدأ الباحثون العمل على ما يُعرف بـ "النماذج الشاملة" end-to-end، والتي لا تحتاج إلى دمج بيانات مسبق بل تعمل مباشرة على البيانات الخام من الأقمار الصناعية وأجهزة الاستشعار. حتى ان نموذج "آردفارك"، الذي طوره معهد تورينج بالتعاون مع شركاء، يمكن تشغيله على حواسيب مكتبية، وهو أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة. هذه النماذج الجديدة قد تُحدث ثورة في إمكانية الوصول للتنبؤات، خصوصاً في الدول النامية والمناطق التي تفتقر للبنية التحتية، لأن تشغيلها لا يتطلب موارد ضخمة. ويقول فلوريان بابنبرغر، نائب مدير ECMWF، بأن النماذج يمكنها بالفعل التنبؤ بأحداث شاذة مثل هطول أمطار قياسية أو تساقط ثلوج في نيو أورلينز. تحديات غير أن هذا التفاؤل يصطدم بتهديدات تتعلق بإمكانية الوصول إلى البيانات التي تحتاجها نماذج الذكاء الاصطناعي. فإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اقترحت تقليص ميزانية الإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) بمقدار 1.5 مليار دولار، وهو ما قد يؤثر على البيانات المتوفرة عالمياً. وقد وقّع خمسة من مديري الوكالة السابقين على خطاب مفتوح يحذر من أن نقص الموظفين بسبب هذه التخفيضات قد يؤدي إلى خسائر في الأرواح، نتيجة ضعف خدمات التنبؤ المحلي. كما يخشى البعض من أن التوترات الجيوسياسية قد تعرقل التدفق الحر للبيانات الجوية العامة، وهي أمر حيوي لكل أنظمة التنبؤ العالمية. لكن في المقابل، ظهرت مصادر جديدة للبيانات، مثل الحساسات المحلية من مقاييس حرارة وأمطار يمكن إدماجها سريعاً في النماذج. وقال سكوت هوكينغ من معهد آلان تورينج. إنه يوجد حالياً بين 20 و30 نموذجاً مختلفاً للذكاء الاصطناعي في مراحل تطوير متنوعة، وبعضها يُستخدم فعلياً في العمليات اليومية. ويتوقع أن يتضاعف العدد خلال عام. مع ذلك، يظل الاعتماد على بيانات المراقبة العامة أمراً أساسياً. وتبقى الجهات العامة مثل NOAA والمنظمة الأوروبية للأقمار الصناعية هي المصدر الرئيسي لهذه البيانات، التي تُشارك بحرية حول العالم. يشير تيرنر من جامعة كامبريدج إلى أن هذا التعاون الدولي غير مسبوق، ويشكل أساساً لنجاح التنبؤات. ومعرفة النمط العام لفترة باردة أو عاصفة قد يكون ذا قيمة اقتصادية كبرى، خاصة في ظل اعتماد الدول على مصادر طاقة متجددة تعتمد على الطقس. ويقول روبرت لي، خبير الطقس بجامعة ريدينغ، إن مثل هذه التنبؤات يمكن أن تؤثر على قرارات السوق مثل شراء أو بيع عقود الغاز. aXA6IDgyLjI3LjI0My43NyA= جزيرة ام اند امز GB


العين الإخبارية
منذ 8 ساعات
- العين الإخبارية
الإمارات متصدرة الحاضر.. رائدة المستقبل
تصعد الإمارات سلم التنافسية العالمية، وتواصل نهجها القائم على استشراف المستقبل وصناعة الغد برؤية استباقية، وتسخّر من أجل ذلك كافة إمكاناتها البشرية والاقتصادية وثقلها السياسي العالمي، وعلاقاتها المميزة مع جميع أقطاب الأرض مواقع صنع القرار والدول العظمى. وتوظف دولة الإمارات سياساتها وبرامجها التطويرية من خلال تعزيز شراكاتها واستثمار هذه الشراكات من أجل رسم وتدعيم أركان الحاضر ورسم ملامح المستقبل، حيث استثمرت دولة الإمارات زيارة الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) لتوقيع اتفاقية استراتيجية ترسخ مكانتها في مجال الذكاء الاصطناعي، كونها الآن تتربع على المركز الثالث عالمياً بعد الولايات المتحدة والصين وتتطلع إلى تجاوز هذا المركز نحو الريادة الذكية عالمياً. إن ظهور مفاهيم جديدة للنهضة الشاملة فرض نمطاً تطورياً جديداً قائماً على ركائز الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة الفائقة الإمكانيات والطاقة والقوة الدفاعية الرادعة، وهي العناصر الأساسية التي بلورت زيارة الرئيس الأمريكي لدولة الإمارات، واستطاعت من خلالها الإمارات أن تعزز من علاقاتها وشراكاتها مع الولايات المتحدة من خلال اتفاقيات تتضمن هذه المحاور الاستراتيجية الأساسية، والتي يقوم عليها الفكر والنهج التطويري لحكومة دولة الإمارات. إن اتجاه دولة الإمارات لضخ 1,4 تريليون دولار واستثمارها في دعم خطط التطوير في مجال الذكاء الاصطناعي بالشراكة مع الولايات المتحدة الرائدة في هذا المجال خلال العشر السنوات المقبلة يؤهلها لأن تصبح قوة ضاربة، ومرجعاً عالمياً في مجال الذكاء الصناعي وكل الصناعات المرتبطة بهذا المجال شاملة، تعزيز القدرة على تحويل دولة الإمارات إلى بلد مصنع لأشباه الموصلات واستثمار الطاقة المتجددة وصناعة شرائح الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي يحولها وفقاً لهذا النهج إلى مركز عالمي لتكنولوجيا المستقبل وصناعة الغد. وتجسد ذلك في الإعلان عن الشراكة بين شركات أمريكية متخصصة بالذكاء الاصطناعي وبين شركة (G42) الإماراتية، حيث تستهدف هذه الشراكة بناء مراكز بيانات ضخمة في أبوظبي بهدف تعزيز البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في الإمارات وعلى المستوى الإقليمي والعالمي. لقد أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة في العام 2017 استراتيجيتها للذكاء الاصطناعي مستهدفة تحقيق أهداف مئوية الإمارات 2071، وتسريع تنفيذ البرامج التنموية والتطويرية وصولاً إلى المستقبل المنشود، من خلال الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في العديد من المحاور، مثل الخدمات وتحليل البيانات بنسبة تصل إلى 100% حتى العام 2031، وكذلك العمل من أجل تحسين الأداء الحكومي وتقصير رحلة المتعامل والتشجيع على خلق البيئات الإبداعية والابتكارية، لتصل إلى الرقم واحد على المستوى العالمي وخصوصاً في مجالات توظيف الذكاء الاصطناعي في صناعة المستقبل. إن المستهدفات العامة والأساسية من الاستراتيجية الإماراتية في الذكاء الاصطناعي تؤسس قاعدة صلبة، تؤهل دولة الإمارات لتتصدر قريباً قائمة دولة العالم في مجالات توظيف الذكاء الاصطناعي، والتي تستهدف إيجاد سوق جديدة تدعم اقتصاد المنطقة وترفع من معدلات الإنتاجية، وتدعم المبادرات الهادفة إلى ترقية الإنتاجية وتعزيز متطلبات البحث والتطوير في كافة المجالات، بجانب استثمار أحدث ما توصلت إليه تقنيات الذكاء الاصطناعي وإدخالها عنصراً أساسياً في جميع الخدمات والمجالات التي تساهم في تحسين جودة حياة المجتمع . إن البعد الاستراتيجي العميق الكامن في استراتيجية دولة الإمارات في مجال تطبيقات الذكاء الاصطناعي يرتكز على اتساع خارطة القطاعات الحيوية التي توليها الاستراتيجية عناية كبيرة، متمثلة بقطاعات النقل والصحة والفضاء والطاقة المتجددة والمياه والتعليم والبيئة والمرور، الأمر الذي يعزز من ريادة دولة الإمارات ويمنحها القدرة على القفز فوق المراحل، وصولاً إلى مسابقة المستقبل واستشرافه، وهذا هو نهج دولة الإمارات دائماً سباقة على مضمار التحضر والتمكين والريادة.


العين الإخبارية
منذ 2 أيام
- العين الإخبارية
تعدين المحيطات.. اقتصاد ناشئ يصطدم بجدار التنظيمات الدولية
قال تقرير لصحيفة «فاينشيال تايمز» إنه لطالما راود العلماء والمستثمرين حلم استخراج المعادن من قاع المحيط منذ أكثر من قرن. ومع ازدياد الطلب العالمي على معادن أساسية مثل النيكل والكوبالت والنحاس والمنغنيز نتيجة التحول نحو الطاقة النظيفة، أصبح تعدين أعماق البحار أقرب إلى الواقع من أي وقت مضى. وتدّعي شركات التعدين أن استخراج هذه المعادن من البحر أكثر استدامة من التعدين البري، الذي غالباً ما يرتبط بالتلوث البيئي والانتهاكات الحقوقية. لكن هذا المجال الجديد محفوف بالجدل. فتعدين قاع البحر يتم في بيئة قاسية جداً، حيث تتداخل التحديات التقنية مع المخاطر البيئية. ويزخر قاع المحيط، خصوصاً في منطقة "كلاريون-كليبرتون" في المحيط الهادئ، بكتل معدنية تُعرف بالعُقَد متعددة المعادن، تكونت عبر ملايين السنين. ويخشى العلماء من أن يؤدي إزعاج هذه البيئات إلى أضرار لا يمكن إصلاحها لأنظمتها البيئية الهشة. ومنذ التسعينيات، كان يُمنع التعدين التجاري في المياه الدولية، بانتظار توافق دولي تديره "الهيئة الدولية لقاع البحار" (ISA) التابعة للأمم المتحدة. وقد أجرت عدة دول، مثل الصين واليابان والهند والولايات المتحدة، تجارب استكشافية، لكنها لم تبدأ التعدين التجاري بعد. تغير قريب لكن الوضع قد يتغير قريباً. ففي أبريل/نيسان الماضي، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمراً تنفيذياً يمنح الولايات المتحدة الحق في إصدار تراخيص تعدين أعماق البحار بشكل مستقل، متجاوزاً سلطة الهيئة الدولية. وبدعم من جماعات الضغط التابعة لـشركات التعدين، يهدف القرار إلى تعزيز القيادة الأمريكية في ما وصفه ترامب بـ"حمى الذهب التالية". كما دعا إلى تخزين معادن قاع البحر كمخزون استراتيجي. وأثار هذا القرار ردود فعل غاضبة من المفوضية الأوروبية والصين، حيث اعتُبر انتهاكاً للقانون الدولي الذي يمنح الهيئة الدولية وحدها سلطة تنظيم التعدين في أعماق البحار. وحذّرت الخارجية الصينية من الإجراءات الأحادية، كما أعرب مشرعون أمريكيون وجماعات بيئية عن قلقهم من أن التسرع قد يؤدي إلى كارثة بيئية. ويخشى العلماء من أن تؤدي سحب الرواسب الناتجة عن التعدين إلى تدمير أنظمة بيئية لا تزال غير مفهومة بالكامل. ومع ذلك، تواصل شركات التعدين وشركات أخرى المضي قدماً. فقد قدمت شركات طلباً للحصول على ترخيص من الإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي، وتأمل في بدء الاستخراج التجاري بحلول عام 2027. ومن أجل كسب دعم سياسي، تقترح الشركات معالجة المواد في ولاية تكساس لتعزيز إنتاج البطاريات محلياً وتقليل الاعتماد على الصين. وفي الوقت نفسه، تواصل الصين تقدمها في هذا المجال. فهي تمتلك أكبر عدد من عقود الاستكشاف التي أصدرتها الهيئة الدولية، وقد أجرت تجارب تعدين على أعماق تفوق 4000 متر. كما زار عدد من الشركات الصينية، مثل CNGR المتخصصة في بطاريات السيارات، عمليات TMC، ما أثار تساؤلات حول إمكانية انفكاك الولايات المتحدة فعلياً عن سلاسل التوريد الصينية. وتواجه الهيئة الدولية ضغطاً متزايداً لوضع قواعد واضحة. وفي يوليو/تموز المقبل، سيجتمع ممثلون من أكثر من 150 دولة في جامايكا لوضع اللمسات الأخيرة على لوائح تغطي الرسوم، وحماية البيئة، والعقوبات في حال المخالفات. وقد حذرت ليتيسيا كارفاليو، رئيسة الهيئة، من أن النهج الأمريكي قد يقوّض القانون الدولي ويهز ثقة المستثمرين. التنافس الدولي وتعكس سباقات الدول نحو استغلال قاع البحر قلقاً أعمق يتعلق بالسيادة الاقتصادية. فالدول باتت تعتبر المعادن الاستراتيجية أدوات للنفوذ الجيوسياسي. وفي ظل تصاعد التوتر بين الغرب والصين، يُنظر إلى التعدين البحري كميدان جديد للمنافسة العالمية. ويرى مسؤولون أمريكيون أن السيطرة على معادن المحيط يمكن أن تمنح الولايات المتحدة نفوذاً اقتصادياً وعسكرياً في أوقات الأزمات. في النهاية، ما إذا كان تعدين أعماق البحار سيصبح ركيزة للاقتصاد الأخضر أو درساً في الطموح البيئي المفرط، سيعتمد على ما ستقرره الحكومات في الأشهر المقبلة. وقد يكون اجتماع يوليو/تموز المقبل حاسماً في تحديد ما إذا كان بالإمكان الاتفاق على تنظيم مسؤول أم أن المحيطات ستتحول إلى ساحة صراع جديدة بين القوى الكبرى. aXA6IDgyLjI0LjIxMy4xMDEg جزيرة ام اند امز FI