logo
الذكاء الاصطناعي كسلاح جيوسياسي

الذكاء الاصطناعي كسلاح جيوسياسي

صحيفة الخليجمنذ 2 أيام
خالد راشد الزيودي *
في الثالث والعشرين من يوليو 2025، أعلن البيت الأبيض وثيقة «الفوز في سباق الذكاء الاصطناعي: خطة عمل الذكاء الاصطناعي الأمريكية»، في خطوة تعكس انتقال الولايات المتحدة من مرحلة وضع الرؤى إلى مرحلة التنفيذ الفعلي في ميدان يشهد تنافساً عالمياً متسارعاً. هذه الخطة، التي انطلقت استناداً إلى الأمر التنفيذي الصادر عن الرئيس دونالد ترامب في يناير الماضي، تمثل إطاراً شاملاً يدمج بين الأهداف الاقتصادية والسياسية والتقنية، بما يعزز موقع الولايات المتحدة في سباق الذكاء الاصطناعي ويحافظ على دورها المحوري في صياغة ملامح المستقبل.
تقوم الخطة على ثلاثة مسارات مترابطة تمثل ركائزها الأساسية. المسار الأول هو تسريع الابتكار، من خلال إزالة القيود التنظيمية التي قد تبطئ من وتيرة التطوير، وتشجيع النماذج مفتوحة المصدر، وتمكين القوى العاملة الأمريكية عبر برامج تدريب متقدمة، وضمان حيادية النماذج الذكية بما يحقق الاستخدام العادل للتكنولوجيا. الهدف من ذلك هو توفير بيئة ابتكارية مرنة تُسهم في إنتاج حلول متقدمة وقابلة للتطبيق على نطاق واسع، مع ترسيخ معايير تقنية يمكن أن تتبناها أسواق متعددة حول العالم، بما يضمن التكامل بين التطوير المحلي والانتشار الدولي.
المسار الثاني يركز على تطوير البنية التحتية الوطنية، وهو حجر الأساس لأي تفوق تكنولوجي مستدام. يشمل هذا التوجه دعم صناعة أشباه الموصلات الأمريكية لتقليل الاعتماد على الواردات، وتسهيل إنشاء وتشغيل مراكز بيانات متطورة، وتطوير شبكات الطاقة بما يتناسب مع احتياجات الحوسبة الفائقة، إضافة إلى بناء مرافق عالية الأمان للاستخدامات الحكومية والعسكرية. هذه الخطوات تهدف إلى خلق قاعدة إنتاجية وتشغيلية قوية قادرة على مواكبة الطلب المتنامي على تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وتعزيز الأمن القومي من خلال التحكم في البنية التحتية الحيوية.
المسار الثالث يتناول الدبلوماسية وأمن الذكاء الاصطناعي، عبر العمل على وضع معايير تقنية عالمية، وتعزيز التعاون مع الحلفاء، وتبادل الخبرات والتقنيات مع الشركاء الدوليين. هذا المسار يهدف إلى ترسيخ موقع الولايات المتحدة كلاعب رئيسي في صياغة الأطر الحاكمة لاستخدام الذكاء الاصطناعي على المستوى الدولي، مع ضمان الاستخدام الآمن والمسؤول لهذه التقنيات، وحماية الابتكارات من أي تهديدات سيبرانية أو سوء استخدام محتمل.
من الناحية السياسية، تمثل الخطة أداة لتعزيز الروابط مع الحلفاء عبر خلق بيئة معيارية موحدة، حيث يمكن أن يسهم تبني هذه المعايير في تسهيل الاندماج في الاقتصاد الرقمي العالمي، وفتح المجال أمام فرص استثمارية وتجارية أوسع. وعبر تعزيز مكانة الولايات المتحدة كمصدر رئيسي للتقنيات والمعايير، يمكن توسيع دوائر النفوذ الاقتصادي والتقني، بما يخدم استقرار الشراكات ويزيد من فرص التعاون في مجالات مبتكرة.
استراتيجياً، توفر الخطة للولايات المتحدة أداة مضاعفة للقوة، فهي من جهة تدعم القدرات الدفاعية والاستخباراتية عبر دمج تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التحليل الأمني ورصد التهديدات والاستجابة لها، ومن جهة أخرى تمنح الاقتصاد الأمريكي قاعدة متينة للنمو المستدام، من خلال استثمارات طويلة الأجل في الصناعات التكنولوجية والبنية التحتية الذكية. هذه الازدواجية بين البعد الأمني والبعد الاقتصادي تمنح واشنطن مساحة أكبر للمناورة في الساحة الدولية.
على الصعيد الجيوسياسي، يمكن النظر إلى الخطة على أنها تحرك استباقي للحفاظ على التوازن في ميزان القوى التكنولوجي العالمي، خاصة مع الصعود المتسارع لقوى أخرى تستثمر بكثافة في الذكاء الاصطناعي. من خلال الجمع بين تطوير البنية التحتية وبناء التحالفات التقنية، تعمل الولايات المتحدة على ضمان استمرار دورها القيادي في القطاعات التي ستشكل العمود الفقري للاقتصاد العالمي في العقود المقبلة، مثل الطاقة، والنقل، والدفاع، والخدمات المالية. هذا النهج يسهم في صياغة شبكة تعاون دولية قائمة على تبادل المنافع وتعزيز الابتكار المشترك، مع الحفاظ على معايير أمان عالية. إضافة إلى ذلك، فإن هذه الخطة تؤسس لما يمكن وصفه ب«مجال نفوذ تقني» قائم على الشراكات والتحالفات، حيث تُسهم في زيادة الاعتماد المتبادل بين الولايات المتحدة وشركائها في المجالات الحيوية. هذا الاعتماد يُترجم إلى فرص أوسع للتكامل الاقتصادي، ويمنح جميع الأطراف مساحة للاستفادة من التقنيات الحديثة في تحقيق أهداف التنمية والأمن على حد سواء.
إن هذا التوجه يعكس تغيراً في طبيعة التنافس الدولي، حيث لم يعد الأمر مقتصراً على القوة الاقتصادية أو العسكرية، بل أصبح يشمل القدرة على صياغة القواعد والمعايير التي ستحدد كيفية استخدام التقنيات التي تمس كل جانب من جوانب الحياة. في هذا الإطار، يصبح الذكاء الاصطناعي ليس فقط أداة للإنتاجية أو الابتكار، بل هو عنصر أساسي في صياغة الترتيبات السياسية والاقتصادية على المستوى الدولي.
وباختصار، فإن خطة الذكاء الاصطناعي الأمريكية الجديدة ليست مجرد مشروع تقني، بل رؤية شاملة توظف الابتكار والبنية التحتية والدبلوماسية التقنية كعناصر متكاملة في خدمة أهداف استراتيجية طويلة الأمد. هي خطوة تؤكد إدراك الولايات المتحدة أن من يمتلك زمام المبادرة في الذكاء الاصطناعي، يمتلك أيضاً القدرة على التأثير في مسار الاقتصاد والسياسة والأمن في عالم يتغير بسرعة تحت تأثير الثورة الرقمية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

النفط يعود للارتفاع من أدنى مستوياته في شهرين قبيل اجتماع ترامب وبوتين
النفط يعود للارتفاع من أدنى مستوياته في شهرين قبيل اجتماع ترامب وبوتين

صحيفة الخليج

timeمنذ 7 دقائق

  • صحيفة الخليج

النفط يعود للارتفاع من أدنى مستوياته في شهرين قبيل اجتماع ترامب وبوتين

ارتفعت أسعار النفط الخميس، بعد موجة البيع التي شهدتها خلال الجلسة السابقة، قبيل الاجتماع المرتقب بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين. وصعدت العقود الآجلة لخام برنت 28 سنتاً أو 0.43 في المئة إلى 65.91 دولار للبرميل بحلول الساعة 00:57 بتوقيت جرينتش، فيما زادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 23 سنتاً أو 0.37 في المئة إلى 62.89 دولار. وسجل كل من العقدين أدنى مستوى له في شهرين أمس الأربعاء بعد مؤشرات تتعلق بالإمدادات صدرت عن الحكومة الأمريكية ووكالة الطاقة الدولية. وقالت شركة ريستاد إنرجي في مذكرة للعملاء «لا تزال حالة عدم اليقين التي تكتنف محادثات السلام بين الولايات المتحدة وروسيا تضيف علاوة مخاطر صعودية نظراً لأن مشتري النفط الروسي قد يواجهون المزيد من الضغوط الاقتصادية». وتتلقى أسعار النفط دعماً آخر مع اقتراب توقعات خفض مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) لأسعار الفائدة في سبتمبر/أيلول بعد ارتفاع التضخم الأمريكي بوتيرة متوسطة في يوليو/تموز. وقد يؤدي انخفاض معدلات الاقتراض إلى زيادة الطلب على النفط. ويحوم الدولار بالقرب من أدنى مستوياته في عدة أسابيع مقابل اليورو والجنيه الإسترليني الخميس وسط تكثيف المتعاملين للرهانات على استئناف المركزي الأمريكي خفض أسعار الفائدة الشهر المقبل. وجاءت مكاسب النفط محدودة بعد توقعات وكالة الطاقة الدولية بأن المعروض العالمي من النفط لعامي 2025 و2026 سيرتفع بسرعة أكبر من المتوقع، مع زيادة إنتاج منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفائها ضمن ما يعرف بتحالف أوبك+، وكذلك زيادة الإنتاج من خارج التحالف.

هل تمثل "قمة ألاسكا" انفراجة بالنسبة لـ "الاقتصاد الروسي"؟
هل تمثل "قمة ألاسكا" انفراجة بالنسبة لـ "الاقتصاد الروسي"؟

سكاي نيوز عربية

timeمنذ 7 دقائق

  • سكاي نيوز عربية

هل تمثل "قمة ألاسكا" انفراجة بالنسبة لـ "الاقتصاد الروسي"؟

ورغم مؤشرات التباطؤ التي بدأت تلوح في الأفق، لا تزال موسكو تحافظ على قدرات مالية كافية لمواصلة مسارها العسكري والسياسي، مدعومةً بشبكة واسعة من شركائها الدوليين. لكن هذه القدرات تُختبر اليوم أمام تغيرات في المزاج الدولي، وتكتيكات أميركية تمزج بين الترغيب والترهيب في محاولة لإعادة صياغة قواعد اللعبة. وفي الخلفية، تراقب الأسواق عن كثب، إذ تقرأ البورصة الروسية أي بادرة نحو التهدئة كإشارة لإعادة التموضع، بينما يبقى السؤال الأهم معلقاً: هل ستكون القمة المقبلة بداية مسار نحو السلام، أم محطة أخرى في سباق النفوذ والضغوط المتبادلة؟ تباطؤ الاقتصاد وكان الاقتصاد الروسي يتباطأ حتى قبل تهديدات الرئيس ترامب الأخيرة، لكن الكرملين يملك ما يكفي من المال لمواصلة القتال في أوكرانيا، بحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز". ويشير التقرير إلى أن: الرئيس الأميركي دونالد ترامب يمزج المبادرات الدبلوماسية بالتهديدات الاقتصادية لإقناع روسيا بإنهاء حربها في أوكرانيا. رفع ترامب مستوى خطابه هذا الأسبوع، عندما أعلن عن خطط للقاء الرئيس فلاديمير بوتين ، في اليوم نفسه الذي صرّح فيه بمعاقبة الهند على شرائها النفط الروسي بمضاعفة الرسوم الجمركية الأميركية. على مدار الشهر الماضي، هدّد ترامب مراراً بشل اقتصاد الحرب الروسي إذا لم يوافق بوتين على وقف إطلاق النار، إما بفرض عقوبات جديدة أو بإغلاق أسواق النفط الروسية المتبقية. وحتى الآن، تجاهل الكرملين إنذارات السيد ترامب، مؤكدًا عزمه على المضي قدمًا في هجومه الأخير. ويُبرز التقرير مدى قوة الاقتصاد الروسي، مشيراً إلى أن موسكو زادت من الإنفاق الحكومي بشكل كبير بعد بدء الحرب في أوكرانيا في عام 2022، مما أدى إلى هندسة طفرة اقتصادية، لكن هذه الطفرة انتهت، بحسب التقرير، الذي يلفت إلى بعض الشواهد الأساسية: من المتوقع أن ينمو اقتصاد البلاد بنسبة تتراوح بين 1 و2 بالمئة هذا العام، انخفاضا من 4.7 بالمئة في العام 2024. عائدات النفط تتراجع.. وتوقفت معظم الصناعات المدنية عن النمو. تخنق أسعار الفائدة المرتفعة الاستثمار الخاص، وبدأت الشركات الكبرى بتسريح موظفيها مؤقتاً . وقال النائب الروسي الموالي للحكومة، دميتري غوسيف، في مؤتمر صحافي عُقد يوم الثلاثاء الماضي: "إن أكبر الشركات الروسية عاجزة عن إنفاق الأموال على تطويرها، وبناء محطات طاقة جديدة، ومصانع، وخطوط أنابيب، وسكك حديدية". وأضاف: "برامج الاستثمار آخذة في التقلص". ويلفت التقرير إلى أنه "حتى الآن، حال فريق بوتين دون تحول التباطؤ إلى أزمة. بل رحّب بعض صانعي السياسات بتباطؤ الاقتصاد. وأصبح المستهلكون والشركات الروسية أكثر حذراً في الإنفاق، مما أدى إلى انخفاض التضخم الجامح، وتباطؤ الإقراض المضاربي، وتخفيف نقص العمالة. رسالة سياسية واقتصادية من جانبه، يقول الأستاذ بكلية موسكو العليا، الدكتور رامي القليوبي، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": "نرى فعلياً أن استضافة الرئيس ترامب للرئيس بوتين على أراضي الولايات المتحدة الأميركية، بعد قطيعة استمرت لسنوات في عهد سياسة جو بايدن، تمثل رسالة دعم سياسية واقتصادية قوية لروسيا". القمة تؤكد أن روسيا ليست في عزلة، وأن خلافها الأساسي هو مع أوروبا فقط، بينما ما زالت تحافظ على علاقات متطورة مع الصين والهند والدول العربية والأفريقية، والآن مع الولايات المتحدة، القوة العسكرية والاقتصادية الأولى في العالم. ويرجح القليوبي أنه خلال المفاوضات، سيسعى ترامب – كرجل صفقات – للضغط على بوتين من خلال عرض حوافز مثل رفع أو تخفيف العقوبات مقابل وقف إطلاق النار في أوكرانيا، لافتاً إلى أن بوتين قد يقبل ببعضها وقد يرفض، وهذا ما سيتضح بعد القمة.. "لكن في جميع الأحوال، مجرد انعقاد هذه القمة يعد رسالة طمأنة للأسواق الروسية". ما الذي تعكسه سوق الأسهم؟ في سياق متصل، يلفت تقرير لـ "بيزنس إنسايدر" إلى أن " الاقتصاد الروسي كان يعتمد على الحرب، والآن أصبحت سوق الأسهم الروسية تسعر أو تعتمد على السلام". وورد في التقرير أن: سوق الأسهم الروسية تشهد ارتفاعاً بفضل آمال السلام، حتى في الوقت الذي يظهر فيه الاقتصاد الذي عانى من الحرب العالمية الثانية بعض الشقوق. ارتفعت الأسهم الروسية بشكل حاد بعد الإعلان عن أن الرئيس دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين من المقرر أن يجتمعا في ألاسكا يوم الجمعة. أغلق مؤشر بورصة موسكو، الذي يتتبع أسهم أكبر 40 شركة روسية، على ارتفاع بنسبة 1.4 بالمئة يوم الاثنين، مسجلاً مكاسب لليوم الثالث على التوالي. وقفز المؤشر بنحو 8 بالمئة منذ يوم الخميس، ويتداول بالقرب من أعلى مستوى له في ثلاثة أشهر. كتبت المحللة الرئيسية في شركة فريدوم فاينانس غلوبال، ناتاليا ميلشاكوفا، في مذكرة يوم الثلاثاء: "يعتمد اللاعبون في سوق الأسهم على بداية تسوية للصراع الروسي الأوكراني في أعقاب اجتماع رئيسي الولايات المتحدة وروسيا". وأضافت أن هناك تفاؤلاً متزايداً بشأن إمكانية تخفيف بعض العقوبات المفروضة على الشركات الروسية إذا أدت المحادثات إلى خفض التصعيد. يأتي هذا التفاؤل في السوق حتى مع ظهور علامات توتر على الاقتصاد الروسي، الذي يعتمد على الحرب. فقد بدأت سنوات من الإنفاق العسكري المرتفع - المدعوم بعائدات النفط والغاز - تفقد زخمها. الاقتصاد الروسي من موسكو، يقول المحلل الروسي ديمتري بريجع، في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": أعتقد بأن الاقتصاد الروسي متماسك وقادر على مواجهة الضغوط بفضل شبكة واسعة من الدول الصديقة التي تمدّ يد العون وتوفر بدائل للأسواق والموارد التي حاول الغرب حرمان موسكو منها. نجحت روسيا في بناء خطوط تجارية فعّالة عبر هذه الدول، ما أتاح استمرار تدفق السلع والخدمات، وتعزيز الشراكات الاستراتيجية في مجالات الطاقة، الزراعة، والصناعات التحويلية. بفضل هذا التعاون، أصبح الاقتصاد الروسي أقل اعتماداً على المراكز المالية الغربية، وأكثر قدرة على تنويع صادراته واستيراداته من أسواق بديلة. ويضيف: "كما أن روسيا دولة تعتمد على ذاتها، إذ استثمرت خلال السنوات الماضية في تطوير قدراتها الإنتاجية الوطنية، وتوسيع القاعدة الصناعية والتكنولوجية المحلية، ما جعلها أقل عرضة للابتزاز الاقتصادي الخارجي"، منبهاً إلى أن هذه السياسة عززت الاكتفاء الذاتي في قطاعات حيوية كالغذاء والطاقة والتكنولوجيا الدفاعية، ورسخت قدرة موسكو على إدارة مواردها بكفاءة. والنتيجة أن الاقتصاد الروسي اليوم ليس فقط صامداً، بل متمكناً من تحويل التحديات إلى فرص، ومواصلة النمو حتى في بيئة دولية مليئة بالعقبات.

إيلون ماسك وسام ألتمان.. سباق "على المستقبل"
إيلون ماسك وسام ألتمان.. سباق "على المستقبل"

سكاي نيوز عربية

timeمنذ 19 دقائق

  • سكاي نيوز عربية

إيلون ماسك وسام ألتمان.. سباق "على المستقبل"

لم تعد المنافسة بين الرجلين محصورة في المختبرات أو ساحات الاستثمار ، بل امتدت إلى ملفات حساسة تشمل البنية التحتية الرقمية ، أسواق المال، وعلى ما يبدو أيضاً في أروقة المحاكم.. ومع كل خطوة جديدة، يزداد المشهد تعقيداً، حيث تتقاطع المصالح التكنولوجية مع الحسابات الاستراتيجية والتجارية. يعكس هذا السباق المحتدم معركة أوسع لرسم ملامح المستقبل، حيث يتداخل الذكاء الاصطناعي مع الإنسان، وتتشابك الطموحات الفردية مع رهانات بمليارات الدولارات، في مسار قد يحدد شكل العالم في العقود المقبلة. أحدث التطورات يُبرز تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية أحدث التطورات في هذا السباق بين الكبيرين في مجال التكنولوجيا: تستعد شركة OpenAI ومؤسسها المشارك سام ألتمان لدعم شركة ستنافس شركة Neuralink التابعة لإيلون ماسك من خلال ربط الأدمغة البشرية بأجهزة الكمبيوتر، وهو ما يزيد من حدة المنافسة بين رائدي الأعمال المليارديرين. تقوم الشركة الجديدة، التي تسمى Merge Labs، بجمع أموال جديدة بتقييم يبلغ 850 مليون دولار، ومن المتوقع أن يأتي الجزء الأكبر من رأس المال الجديد من فريق المشاريع في OpenAI ، وفقاً لثلاثة أشخاص لديهم معرفة مباشرة بالخطط. شجع ألتمان الاستثمار وسيساعد في إطلاق المشروع إلى جانب أليكس بلانيا، الذي يدير World، وهو مشروع هوية رقمية لمسح العين يدعمه أيضًا رئيس OpenAI. ألتمان سيشارك في تأسيس الشركة لكن لن يكون له دور يومي في المشروع الجديد. تعد شركة Merge واحدة من مجموعة من الشركات الناشئة التي تتطلع إلى الاستفادة من التطورات الأخيرة في مجال الذكاء الاصطناعي لبناء واجهات أكثر فائدة بين الدماغ والحاسوب. ويأتي اسمها من ما يصفه الكثيرون في وادي السيليكون بـ "الاندماج"، وهي اللحظة التي يجتمع فيها البشر والآلات معاً. تهدف الشركة إلى جمع 250 مليون دولار من OpenAI ومستثمرين آخرين، على الرغم من أن المحادثات لا تزال في مراحلها الأولى. ولن يستثمر ألتمان شخصياً. وسيكون المشروع الجديد في منافسة مباشرة مع شركة Neuralink، التي أسسها ماسك في عام 2016، والتي تسعى إلى توصيل الأدمغة مباشرة بأجهزة الكمبيوتر. وشارك ماسك وألتمان في تأسيس شركة OpenAI، لكن ماسك ترك مجلس الإدارة في عام 2018 بعد صدام مع ألتمان، ومنذ ذلك الحين أصبح الاثنان متنافسين شرسين في سعيهما وراء الذكاء الاصطناعي. أطلق ماسك شركته الناشئة للذكاء الاصطناعي، xAI، عام 2023، ويحاول جاهدًا منع تحوّل OpenAI من منظمة غير ربحية عبر المحاكم. تبرع ماسك بمعظم رأس المال الأولي لإطلاق OpenAI. وتقود شركة نيورالينك مجموعة من شركات ما يسمى بشركات واجهة الدماغ والحاسوب، في حين يتسابق عدد من الشركات الناشئة، مثل شركتي بريسيجن نيوروساينس وسينكرون، من أجل اللحاق بالركب. من جانبه، يقول رئيس قسم الأسواق المالية في شركة FXPro، ميشال صليبي، في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": المنافسة بين سام ألتمان وإيلون ماسك بدأت تأخذ منحى متصاعداً، وأصبحت تتجاوز الإطار القضائي والعام، ما سينعكس على الأسواق المالية وقطاع التكنولوجيا بطرق متعددة، سواء كانت إيجابية أو سلبية. من أبرز التأثيرات الإيجابية، تعزيز الابتكار وزيادة الاستثمارات، إذ أطلق ألتمان شركة Mirage Labs بهدف المنافسة مع Neuralink، المتخصصة في واجهات الربط بين الدماغ والحاسوب. هذه المنافسة القوية في مجال الذكاء الاصطناعي تشجع على زيادة الإنفاق على البحث والتطوير، وابتكار تقنيات جديدة، مما يدعم نمو قطاع التكنولوجيا بشكل عام. ويضيف صليبي أن المنافسة تسهم في رفع تقييم الشركات المعنية؛ فبيع الحصص يمكن أن يرفع تقييم بعضها إلى نحو 500 مليار دولار، متجاوزة بذلك قيمة SpaceX المقدرة بين 350 و400 مليار دولار. وهذه الأرقام الضخمة تعزز ثقة المستثمرين، إذ تؤدي إلى ضخ مزيد من الأموال في القطاع، ما ينعكس إيجابياً على السوق. الأمر الإيجابي الآخر يتعلق بالبنية التحتية للتكنولوجيا، حيث يزداد التركيز عليها، مثل مشروع Stargate، الذي يخطط لاستثمار يصل إلى 500 مليار دولار في البنية التحتية بحلول عام 2029. ورغم تأخر انطلاق المشروع، فإن الاهتمام المتزايد به يسلط الضوء على أهمية هذا القطاع في المرحلة المقبلة. أما من ناحية التحديات السلبية، فتبرز الأزمات القانونية وتأثيرها على السمعة والاستقرار، مثل الدعوى التي رفعها ماسك ضد OpenAI بشأن طبيعتها غير الربحية الأصلية، ورد OpenAI بمقاضاته في أبريل الماضي. هذه النزاعات قد تخلق حالة من الاستنزاف القانوني وتؤثر على ثقة المستثمرين ، وفق صليبي. كذلك، يرى أن تشتت انتباه المستثمرين نتيجة النزاعات المتكررة على المنصات، والاتهامات المتبادلة، خصوصاً فيما يتعلق بالتلاعب بالخوارزميات أو ممارسات تجارية غير نزيهة "قد يثير توتراً ويدفع بعض المستثمرين للابتعاد عن هذه المنصات والتقنيات." صدام من نوع آخر ويشير تقرير لشبكة "سي إن بي سي" الأميركية، إلى حلقة أخرى من حلقات الصراع بين إيلون ماسك وسام ألتمان: كان هناك خلاف علني بين ماسك وألتمان، الذي ساعد في تأسيس OpenAI قبل عقد من الزمان مع مجموعة من المؤسسين المشاركين الآخرين، مما أدى إلى معركة قانونية العام الماضي، حيث اتهم ماسك ألتمان بخرق العقد للتخلي عن مهمة تأسيس شركة الذكاء الاصطناعي. اتخذت حرب الكلمات والدعاوى القضائية منعطفاً دراماتيكياً آخر يوم الاثنين، عندما هدد ماسك شركة آبل باتخاذ إجراء قانوني "فوري" بشأن انتهاكات مزعومة لمكافحة الاحتكار. تتمثل شكوى ماسك، التي عبّر عنها على موقعه للتواصل الاجتماعي X، في أن آبل تُفضّل برنامج ChatGPT من OpenAI على برنامج الدردشة Grok من X في متجر التطبيقات. كتب ماسك، دون الاستشهاد بأي دليل: "تتصرف شركة آبل بطريقة تجعل من المستحيل على أي شركة ذكاء اصطناعي باستثناء OpenAI الوصول إلى المركز الأول في متجر التطبيقات، وهو انتهاك واضح لمكافحة الاحتكار.. ستتخذ xAI إجراءات قانونية فورية". دخلت أبل في شراكة مع OpenAI في منتصف عام 2024 لدمج ChatGPT في منتجاتها من أجهزة iPhone وiPad وMac المحمولة والمكتبية. ورد ألتمان سريعًا على اتهامات ماسك، قائلاً: "هذا ادعاء لافت للنظر بالنظر إلى ما سمعته من ادعاءات بأن إيلون يتلاعب بـ X لصالح نفسه وشركاته الخاصة وإلحاق الضرر بمنافسيه والأشخاص الذين لا يحبهم". استشهد ألتمان بتقرير صدر عام 2023 من موقع أخبار التكنولوجيا Platformer والذي وصف كيف أجرى ماسك، بعد الاستحواذ على "إكس" تغييرات شاملة في المنصة وأنشأ نظاماً خاصاً لإظهار جميع تغريداته أولاً . وقال ألتمان إنه إذا انتهى الأمر بماسك إلى رفع دعوى قضائية، فإنه يأمل أن يؤدي ذلك إلى "اكتشاف مضاد في هذا الشأن"، مضيفًا أنه وكثيرين غيره "سيحبون معرفة ما كان يحدث". إيجابيات وسلبيات المنافسة من جانبه، يقول رئيس قسم الأسواق العالمية في شركة Cedra Markets، جو يرق، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": المنافسة بين سام ألتمان وإيلون ماسك، مثل أي منافسة أخرى، تحمل جوانب إيجابية وأخرى سلبية، خاصة وأنهما من أبرز الشخصيات المرتبطة بمجال الذكاء الاصطناعي. من الإيجابيات أن هذه المنافسة تدفع نحو الابتكار وتعزز نمو القطاع، مما يجذب استثمارات ضخمة من مستثمرين كبار. على سبيل المثال، يقترب تقييم شركة OpenAI من 500 مليار دولار، بينما يتراوح تقييم SpaceX بين 300 و400 مليار دولار، وهذه الأرقام تعكس الثقة الكبيرة بالقطاع. كما نشهد توجهاً متزايداً للاستثمار في الشركات الناشئة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي والصناعات التنافسية، وهو أمر إيجابي للأسواق. لكن على الجانب الآخر، قد تؤدي هذه المنافسة الشديدة أحيانًا إلى نزاعات قانونية، مثل الدعوى التي رفعها ماسك ضد شركة أبل، ما قد يدفع الهيئات الرقابية لتشديد الإجراءات، ويخلق حالة من عدم الاستقرار ويثير بعض الحذر لدى المستثمرين. في النهاية، ورغم وجود السلبيات، يرى يرق أن الإيجابيات ستطغى على المدى الطويل، نظراً لكون هذا القطاع واعداً للغاية وقادراً على إحداث نقلة نوعية في الاقتصاد والتكنولوجيا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store