logo
عالم الـ "شبو" في مصر... الأسرار والأسعار والقوة التدميرية

عالم الـ "شبو" في مصر... الأسرار والأسعار والقوة التدميرية

Independent عربيةمنذ 3 أيام

"الموت حاصرني من كل اتجاه، شعرت أنني شخص مهمل بلا أي قيمة، وروحي تسلب مني كل يوم، أصبحت شخصاً عدوانياً مع الجميع". بتلك الكلمات بدأ الشاب المصري أحمد الأتربي، (اسم مستعار)، سرد تفاصيل معاناته وتجربته المأسوية مع تعاطي مخدر الـ "آيس" قبل تعافيه. يقول "بعد تخرجي في الجامعة تعرفت إلى مجموعة من الأصدقاء من الرجال والفتيات، كنا نداوم على السهر في مقاه وملاه ليلية يومياً، والحشيش والـ (ترامادول) شريكان لنا دائماً في سهراتنا اليومية، كنت أشعر بالاستمتاع بتلك الحياة وفضلت الاستمرار فيها دون البحث عن العمل أو الزواج".
ويمضي الأتربي، الذي يقطن حي المهندسين بمحافظة الجيزة في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، "في إحدى السهرات قال أحد الأصدقاء إنه بحوزته مادة الـ (آيس) المنشطة التي تجعلنا نشعر بطاقة غير عادية وسعادة غامرة، ونستطيع أن نواصل السهر لأكثر من يوم دون الشعور بالتعب أو الإرهاق، فقررت تناولها على سبيل التجربة وأحسست حينها بنشوة شديدة وطاقة مهولة وظللت مستيقظاً ثلاثة أيام، فاعتدت تعاطي تلك المادة المخدرة أنا وزملائي أكثر من مرة، كنا نضعها على الشيشة لتدخينها بالتناوب في ما بيننا، فأصبحت تشكل مصدر الطاقة والحيوية إلينا".
كنت متعاطياً وتعافيت
يضيف الشاب المصري "شعرت بانتكاسة شديدة بعد انتهاء فترة النشوة كأنني سقطت من أعلى بناية أو جبل، أشعر بأن روحي تسلب مني ولم أعد قادراً على الحركة بعد أيام عدة من تعاطي المخدر"، مردفاً "كنت أتواصل مع صديقي للحصول على المخدر دون مقابل مادي حتى فوجئت في إحدى المرات بأنه يرسل لي رقم السمسار المسؤول عن بيعه بمحافظة سوهاج (جنوب مصر) لشرائه منه بسعر يعادل 1000 جنيه (20.04 دولار) للغرام الواحد، وكنت أشترك مع تسعة متعاطين آخرين في الحصول على ثمن الجرعة بحيث نتقاسم سعرها ويدفع كل فرد 100 جنيه (2.00 دولار أميركي) نظير الحصول على الجرعة المخدرة".
ويواصل الشاب العشريني حديثه، "عشت طوال الوقت تحت رحمة المخدر وأصبح سلوكي عنيفاً مع أصدقائي وأسرتي، ولمرات عدة كنت أعتدي على والدتي بالضرب على غير طبيعتي بحثاً عن المال لشراء المخدر، وشعرت بنوبات اكتئاب متكررة إذا لم أتناول الجرعة في موعدها المحدد وأنفقت أموالاً طائلة خلال تلك الفترة وبعت سيارتي من أجل شراء المخدر، فانتابني إحساس بالندم طوال الوقت ورغبة في الانعزال عن الجميع".
يختتم الأتربي حكايته بأن "أسرتي اكتشفت يوماً ما وجود كيس الـ (آيس) البلاستيكي على الشيشة الخاصة بي في المنزل، وحينها قررت الاعتراف لهم ووافقت على طلبهم بدء العلاج في إحدى مصحات الإدمان للتخلص من هذا الكابوس الذي يطاردني، كانت لدي رغبة ملحة في العلاج أملاً في حياة جديدة وللخروج من تلك المتاهة وإنقاذ سمعتي وأسرتي، لذلك خضت رحلة علاج داخل المصحة استمرت قرابة شهر للتعافي عضوياً، ثم البدء في جلسات نفسية وسلوكية لتصحيح أفكاري، وقررت الابتعاد من أصدقائي الذين أوقعوني في تلك التجربة المريرة، وبدأت بعد شعوري بالتعافي بالبحث عن وظيفة والزواج حتى أتمكن من ملء الفراغ ولا أعود لتلك الدائرة الظلامية مرة أخرى".
الأتربي واحد من بين 30 مليون شخص في العالم يتعاطون الـ "أمفيتامينات" المشتق منها مادة الـ "ميثامفيتامين" المستخدمة في تصنيع مخدر الـ "آيس" أو الـ "شبو" أو الميث أو الكريستال أو السبيد، بحسب ما قدره تقرير المخدرات العالمي لعام 2024 الذي أظهر أيضاً أن هناك قرابة 300 مليون شخص يتعاطون المخدرات على مستوى العالم.
هنا يباع الـ "شبو"
"اندبندنت عربية" حاولت الغوص في بحر ذلك العالم الشائك للإجابة عن سؤال كيف انتشر الـ "شبو" في مصر؟ عبر وسطاء حاول معد التحقيق التواصل مع أحد سماسرة الاتجار في الشبو والـ "آيس"، إلا أنه بعد محاولات عدة تهرب من الحديث، لكن مصدراً مطلعاً على دراية بآلية عمل هؤلاء السماسرة طلب عدم ذكر اسمه، كشف عن أن المادة الفعالة المستخدمة في تصنيع تلك المواد المخدرة تأتي مهربة من بعض دول الخارج لا سيما تايلاند التي يصل سعر غرام الـ "آيس" فيها إلى 4 آلاف جنيه (80.13 دولار أميركي).
يقول المصدر، "يأتي الشبو ناصع البياض ثم تخلطه عصابات الاتجار في مصر بمواد أولية أبرزها الـ (إفيدرين) والـ (سودوإفيدرين) التي تستخدم في أدوية البرد، إضافة إلى مركبات كيماوية أخرى في أماكن تحت (بئر السلم) وشقق سكنية، لتنتج في النهاية تلك المواد المخدرة التي تباع". مؤكداً أنه "كلما كان اللون غامقاً كان مغشوشاً ومضروباً، ومعظم سماسرة تلك التجارة يتلاعبون بتركيباتها الكيماوية"، لافتاً إلى أن الـ "شبو" أو الـ آيس" يُتعاطى من طريق الاستنشاق أو البلع أو التدخين أو الحقن بعد إذابته في الماء أو الكحول.
ويؤكد المصدر أن غرام الـ "شبو أو الـ "آيس" الذي يشبه الثلج المجروش وملح الحصى قبل أعوام عدة كان يصل سعره في مصر إلى 2500 جنيه (50.10 دولار أميركي) وكان يطلق عليه "مخدر أولاد الأكابر"، لكن بسبب زيادة الطلب والعرض وانتشار بؤر الاتجار تراجع سعر الغرام وأصبح يراوح ما بين 500 و 1000 جنيه (10.02 و 20.04 دولار) بحسب جودته ومكان المنطقة.
وعن أماكن انتشاره وتمركزه في مصر يكشف المصدر لـ "اندبندنت عربية" عن أن تلك التجارة تنشط في قرية مير بمركز القوصية بأسيوط، والبلينة في سوهاج (جنوب)، ونبروه بالدقهلية (شمال)، وتنتشر في بعض المزارع على طريق الإسماعيلية وبورسعيد (مدن القنال) التي تعتبر أبرز مراكز توزيع مخدر الـ "آيس" أو الـ "شبو" في مصر.
حيل وأساليب التهريب
وعن الأساليب التي تلجأ إليها عصابات التهريب لإخفاء تلك المواد المخدرة، يقول الخبير الجمركي الدكتور بدوي إبراهيم، "معظم عمليات التهريب في تلك التجارة تجري عبر المطارات بطرق متنوعة ومعقدة". موضحاً في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، أن "المهربين يعتمدون على حيل مبتكرة ومتطورة لتجنب الكشف في المطارات، أبرزها إنشاء تجاويف مخفية في هياكل الحقائب أو في أماكن غير متوقعة مثل مواسير الحقائب أو حتى داخل منتجات عادية مثل علب الحلوى أو البسكويت، أو في الأجهزة الإلكترونية أو ألعاب الأطفال، أو حتى داخل الكتب والطوابع البريدية، إضافة إلى إخفاء المخدرات داخل عبوات مواد غذائية، فضلاً عن إخفاء كميات صغيرة داخل بطانات الملابس أو في تجاويف سرية داخل الأحذية".
ولفت إبراهيم إلى أن هناك آليات أخرى يلجأ إليها المهربون، إذ يقومون ببلع كبسولات تحوي المخدرات أو إخفائها داخل تجاويف الجسم، مما يتطلب تقنيات كشف متطورة مثل أجهزة الأشعة السينية أو الفحص الجسدي، وكذلك يلجأ بعضهم إلى الطرود البريدية والشحن الجوي لتهريب كميات كبيرة من المخدرات وإخفائها داخل شحنات تبدو عادية، مثل الأثاث المنزلي أو الحقائب المدرسية، فيما يلجأ آخرون إلى التعاون مع عصابات دولية، وغالباً ما تكون عمليات التهريب هذه جزءاً من شبكات إجرامية دولية منظمة تستخدم أشخاصاً عدة وجنسيات مختلفة لتسهيل العملية.
ويؤكد الخبير الجمركي في شهادته أن هناك خططاً أمنية محكمة تقوم بها الإدارة العامة لمكافحة المخدرات والأجهزة الأمنية بميناء القاهرة الجوي وإدارات الجمارك لمواجهة تلك العصابات، تشمل التفتيش الدقيق باستخدام أجهزة الفحص بالأشعة السينية والكلاب البوليسية المدربة للكشف عن المخدرات، إضافة إلى التحريات وجمع المعلومات بمتابعة المشتبه بهم والشبكات الإجرامية، والتنسيق مع جهات أمنية دولية لتبادل المعلومات ومكافحة التهريب العابر للحدود، إضافة إلى توجيه ضربات أمنية استباقية لتجار المواد المخدرة والقائمين على عمليات التهريب قبل وصولها إلى البلاد.
وتتطابق الشهادات والروايات السابقة مع ما رصدته "اندبندنت عربية" من واقع سجلات البيانات الرسمية الصادرة من وزارة الداخلية على مدى الأعوام الماضية، التي أظهرت استغلال تشكيلات عصابية من جنسيات مختلفة شققاً سكنية ومعامل ومصانع لتصنيع تلك المخدرات، كما ضبطت الأجهزة الأمنية أخيراً كميات ضخمة من المخدرات بلغت قيمتها المالية التقديرية أكثر من مليار ونصف المليار جنيه، وكذلك تفكيك تشكيلات عصابية تضم عناصر من جنسيات أجنبية تعمل على استخلاص مادة فعالة من أحد العقاقير الطبية تستخدم في تصنيع مخدر الـ "آيس".
وفي فبراير (شباط) 2022 ضبطت الأجهزة الأمنية "فني معمل كيماوي" يدير مصنعاً داخل إحدى الشقق الخاصة به، وتخصص في تصنيع وإنتاج مخدر "أيس شبو" في منطقة منشية البكري وسط الدلتا، وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 ضبط تشكيل عصابي يتزعمه أكبر مهربي مخدر "الـ "شبو" بتهريب كميات كبيرة ومحاولة ترويجها داخل البلاد تقدر قيمتها بـ 200 مليون جنيه.
مادة محظور تداولها
وتوجهت "اندبندنت عربية" بتساؤلاتها إلى رئيس لجنة التصنيع الدوائي بنقابة صيادلة القاهرة الدكتور محفوظ رمزي للبحث عن حقيقة تداول مادة الـ "ميثامفيتامين" المخدرة داخل الصيدليات والمراكز الطبية بمصر، فأكد أن مصر تحظر بصورة نهائية تداول أو بيع مواد الـ "أمفيتامين" والـ "ميثامفيتامين" ومشتقاتهما في الصيدليات، كما أنها مادة ليست مسجلة في مصر نهائياً وأدرجتها الأمم المتحدة في الجدول الثاني للمخدرات عالمياً بعد أن تنبهت وأدركت خطورتها.
واكتشفت مادتا الـ "أمفيتامين" والـ "ميثامفيتامين" عام 1920 وزاد انتشارهما مع الثورة الصناعية والحرب العالمية الثانية، إذ كان يمنحها هتلر لجنوده الطيارين الألمان أثناء الحرب باعتبارها مواد منشطة تساعد في زيادة اليقظة والانتباه، وتقلل الرغبة في النوم وتزيد النشاط العضلي أثناء المعارك، بحسب رئيس "لجنة التصنيع الدوائي".
ووفق شهادة محفوظ فإن تلك المواد تأتي مهربة من معامل ومختبرات غير مرخصة في بعض دول آسيا وأميركا اللاتينية والجنوبية إلى مصر وغيرها من البلدان العربية، وتجني عصابات الاتجار من ورائها أرباحاً طائلة تتخطى مليارات الدولارات، في حين أن بعض البلدان تسمح باستخدام تلك المادة الفعالة على هيئة أقراص وبجرعات مخفضة في أغراض طبية دقيقة لعلاج السمنة المفرطة وفرط الحركة ونقص الانتباه، لكن تحت قيود مشددة وإشراف طبي ورقابة المنظمات الدولية، على عكس مصر التي تحظر استخدامها نهائياً حتى في الأغراض الطبية، وتعتمد على مواد أخرى بديلة لعلاج تلك الأمراض.
ويؤكد رئيس لجنة التصنيع الدوائي أن خطورة مادة الـ "ميثامفيتامين" تكمن في أنها طويلة المفعول مدة تزيد على 12 ساعة حينما يتناولها المتعاطي، وقوية التأثير وتعتبر منشطة للجهاز العصبي المركزي، لذا تمنح المتعاطي شعوراً بالسعادة الكاذبة كونها ترفع نسبة هرمون الدوبامين الذي يسبب النشوة، ومعدل إدمانها أكثر من 10 أضعاف مادة الـ "أمفيتامين" التي تظل أربع ساعات فقط في جسد المتعاطي.
وفي مايو (أيار) 2022، أعلن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ضبط أكثر من مليار قرص من مخدر من الـ "ميثامفيتامين" في شرق وجنوب شرق آسيا العام الماضي، وأوضح المكتب الأممي أن هذه المادة تظل "المخدر الرئيس الذي يثير القلق" بالنسبة إلى جميع البلدان في شرق وجنوب شرق آسيا، من الصين إلى اليابان ومن إندونيسيا إلى سنغافورة.
"الجرائم" حصاد الـ "شبو"
ويعتقد المدير السابق لـ "وحدة الإدمان" بمستشفى الصحة النفسية بالعباسية الدكتور عبدالرحمن حماد أن المخدرات التخليقية شهدت طفرة واضحة خلال الـ 15 عاماً الماضية، لكن قبل ذلك كانت أسواق المخدرات النباتية وثقافة تعاطي المواد المهبطة مثل الحشيش والهيروين والـ "ترامادول" هي المعروفة، لكن انضمت إلى هذه المواد مئات الأنواع من المخدرات المصنعة حالياً التي وصل عددها إلى 541 مادة جديدة، بحسب تقرير المخدرات العالمي لعام 2020، مما يبرز دخول ثقافة مواد جديدة من المخدرات المنشطة التي كانت سبباً في انتشار كثير من الجرائم المجتمعية، مثل القتل والاغتصاب والعنف المنزلي، محذراً من أنه في بعض الأوقات يتحول المدمن إلى تاجر مما يزيد بؤر الاتجار ويضعه على طريق اللاعودة، بحسب تعبيره.
وعلى مدى الأعوام الماضية وقعت كثير من الجرائم المجتمعية نتيجة تعاطي تلك المواد المخدرة، وآخرها حينما أقدم شاب على ذبح والده المسن وفصل رأسه عن جسده في قرية الكوبانية بأسوان (جنوب مصر) بسبب تعاطيه المواد المخدرة، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي أقدم شاب ثلاثيني يتعاطى الـ "شبو" على ذبح رجل في نهاية الخمسينيات من عمره في منطقة أبو الجود وسط مدينة الأقصر في صعيد مصر، ثم مثل بجثته وتجول برأسه مردداً عبارات عدائية أمام المارة.
وفي 2024 أقدم مدمن شبو في محافظة أسيوط على قتل طفلته بسكين، وفي قضية سفاح التجمع الخامس العام الماضي الذي قتل ثلاث سيدات، فقد أُثبت تعاطيه مخدرات الـ آيس" والكريستال والـ "شبو"، وفي عام 2021 أثارت جريمة الضجة على مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما أقدم رجل تحت تأثير مخدر الـ "شبو" على قتل شخص وفصل رأسه عن جسده والتجول به في الشارع بمدينة الإسماعيلية.
وعن أخطاره الصحية يقول أستاذ علاج السموم والإدمان بطب القاهرة الدكتور نبيل عبدالمقصود، إن انعكاساته على المتعاطين كارثية ومدمرة كونه سريع الإدمان ويكون المتعاطي عرضه للوفاة الباكرة أو الإصابة بالشلل، إذ يشعر المتعاطي بمجرد تناوله بطاقة بدنية غير عادية وقوة مفرطة وإحساس بجنون العظمة، مصحوبة بزيادة عنيفة في ضربات القلب تؤدي إلى توقفه تماماً في حال زيادة الجرعة، علاوة على تسوس الأسنان وتليف الأعصاب وزيادة درجة حرارة الجسم وضغط الدم وحدوث هلوسة، وعدم سيطرة المتعاطي على تصرفاته وصعوبة في النوم ويقظة مدة تقارب يومين أو ثلاثة مع انقطاع شهية الطعام، وقد تؤدى إلى الهزال وارتباك شديد في عقله مما يجعله أمام أمرين لا ثالث لهما، إما الإضرار بنفسه بالتفكير في الانتحار، أو ارتكاب جريمة مع الأشخاص المحيطين به لتفريغ الطاقة والشحنات الزائدة لديه، مشيراً إلى أن الآثار السلوكية الناتجة من إدمان المخدرات التخليقية قد تجعل المدمن يقع فريسة لإدمان أنواع أخرى من المخدرات التقليدية.
وعن إمكان التعافي يرى عبدالمقصود أنه ممكن للغاية، فمدة العلاج لمدمن الـ "شبو" أو الـ "آيس" تستغرق أسبوعاً للتعافي عضوياً، تعقبها جلسات نفسية وسلوكية لتصحيح مسار المدمن، مردفاً أنه "لا توجد أدوية علاجية تطرد هذا المخدر، لكن يجري إعطاء المريض أدوية ترفع الدوبامين لمنع الشعور بالاكتئاب وهزلان الجسم، شرط الالتزام بتنفيذ البروتوكول العلاجي الموضوع"، موضحاً أن نسبة المترددين على عيادته الخاصة من مدمني الشبو يمثلون 55 في المئة، في حين أن نسبة متعاطي الهيروين يشكلون حالياً 35 في المئة.
ووفق تقرير رسمي صادر عن وزارة التضامن الاجتماعي في ديسمبر (كانون الأول) 2023، فإن "صندوق مكافحة الإدمان" قدم الخدمات العلاجية لـ 177450 مريض جديد ومتابعة، ترددوا على المراكز العلاجية التابعة للصندوق، وبلغت نسبة الذكور 96.38 في المئة بينما بلغت الإناث 3.62 في المئة.
سموم على منصات التواصل
وفي جانب آخر أكثر خطورة من تلك القضية، يكشف مساعد وزير الداخلية السابق لمكافحة المخدرات اللواء مجدى السمري عن أن مافيا الاتجار في تلك المواد المخدرة يلجؤون إلى الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي لمعرفة وصفات خلطات السموم وتصنيعها بطريقة بدائية، بعيداً من أعين الأجهزة الأمنية، موضحاً أن تلك المخدرات المستحدثة انتشرت بغزارة عقب الانفلات الأمني عام 2011 نظراً إلى الظروف الأمنية المحيطة بالمنطقة آنذاك، مما أسهم في تهريب كميات كبيرة منها عبر المنافذ الحدودية الشرعية، مضيفاً أن "معظم هذه المخدرات يجري تهريبها من الصين، وهي تدر أرباحاً بالمليارات"، مستشهداً بأنه "أثناء فترة خدمتي ضبطت كميات كبيرة من مخدر الـ 'آيس' داخل أكياس توابل هندية كانت قادمة ضمن شحنات من الصين".

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي تقدير أستاذ قسم بحوث المخدرات في "المركز القومي للبحوث الجنائية" الدكتورة إيناس الجعفراوي، فإن سوق الاتجار في المخدرات التخليقية أو ما يطلق عليها الاصطناعية دائماً ما تزدهر في أماكن النزاعات والحروب والأزمات، لافتة إلى أن عمليات الاتجار في تلك المواد المخدرة بدأت تنشط في مصر أثناء فترة جائحة كورونا، ولا سيما مع قدوم العمال المصريين الوافدين من بلدان عدة وبحوزتهم تلك النوعية من المواد المخدرة، ثم أخذت في الانتشار بصورة تدرجية في معظم محافظات مصر، ولا سيما الصعيد.
ويظهر تقرير صادر عن "صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي" في مصر، ديسمبر 2023، أن 38.75 في المئة بدأوا في التعاطي من سن 15 سنة وحتى 20 سنة و38.61 في المئة بدأوا من سن 20 سنة وحتى 30 سنة، بينما جاء في سن أقل من 15 سنة 12.43 في المئة، وأن أكثر مواد التعاطي للمرضى المستفيدين من الخدمات العلاجية هو الهيروين، إذ احتل المرتبة الأولى طبقاً لأكثر أنواع المخدرات، في حين يأتي تعاطي الحشيش في المرتبة الثانية بـ 42.67 في المئة، ثم المخدرات التخليقية، مثل الـ "ستروكس" والـ "فودو" والـ "شبو" بـ 19.62 في المئة، يليها الـ "ترامادول" بـ 11.72 في المئة.
هل القانون المصري رادع؟
يسلط أستاذ كشف الجريمة في "المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية" الدكتور فتحي قناوي الضوء على جانب آخر في القضية يكمن في وجود ثغرات قانونية تسمح لضعاف النفوس بالتسلل من ورائها، كون بعض المواد التي تدخل في تركيبات تلك المخدرات "ليست مجرّمة وفقاً للقانون"، مطالباً بضرورة أن يشمل القانون كل المواد المخدرة ومكوناتها ومثيلاتها وتجريمها للحد من انتشارها، وفي رأي أستاذ كشف الجريمة فإن انتشار المخدرات يعتبر ضمن حروب الجيل الخامس والسادس التي تستهدف إضعاف شباب الدولة وضرب استقرارها وهدم القيم المجتمعية، مما يؤثر سلباً في التركيب النسيجي للمجتمع.
وفي نوفمبر 2024 أطلقت مصر "الخطة الوطنية لمكافحة المخدرات والحد من أخطار التعاطي والإدمان" (2024 – 2028) التي تتضمن أيضاً الاكتشاف الباكر للتعاطي والتدخلات الوقائية الثانوية من خلال حملات للتوعية وإتاحة وتوفير الخدمات العلاجية لمرضى الإدمان، والتوسع في البرامج المثبت فعاليتها في شأن تأهيل ودمج المرضى المتعافين، وتمكينهم مهنياً واقتصادياً ومواجهة الوصم الاجتماعي وتنفيذ برامج موجهة للأسرة "الوقاية والاكتشاف الباكر".
ويختلف المستشار والمحامي بالنقض وعضو اتحاد المحامين الأجانب في ألمانيا عمرو عبدالسلام مع الطرح السابق، موضحاً أن القانون المصري رادع في مواجهة مافيا وعصابات الاتجار في المواد المخدرة، ولا سيما التخليقية، إذ تعتبر مصر واحدة من الدول التي تتبنى تشريعات صارمة في مكافحة تهريب المخدرات عبر عقوبات شديدة على من يثبت تورطه في تهريب أو تصنيع أو تجارة الـ "شبو".
ويشير عبد السلام إلى أن قانون المخدرات رقم (182) لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها، ميّز بين نوعين من العقوبات في حالات الاتجار والجلب من الخارج، ووفق عبدالسلام فإن المادة (34) من قانون المخدرات أقرت بأن يعاقب بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز 500 ألف جنيه، كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو باع أو سلم أو نقل أو قدم للتعاطي مخدراً، وكان ذلك بقصد الاتجار أو أتجر فيه بأية صورة، وكل من أدار أو هيأ مكاناً لتعاطي الجواهر المخدرة بمقابل.
وأمام تفاقم الظاهرة واتساع مداها فقد تعالت الصيحات البرلمانية المطالبة بمواجهة أزمة المخدرات التخليقية، إذ حذرت البرلمانية المصرية أميرة صابر في طلب إحاطة خلال مارس (آذار) الماضي من التزايد الملاحظ في الجرائم المرتبطة بتعاطي مخدر الـ "شبو"، وأظهرت محاضر رسمية تورطه في عدد من الجرائم مثل القتل والاغتصاب والانتحار، وفي نوفمبر 2021 طالبت البرلمانية المصرية آمال رزق الله بضرورة إجراء حملات تفتيشية واسعة على المصانع التي تقوم بتصنيع هذه المواد الكيماوية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ممثلة تعلن انتحار ابنها بسبب التنمر وتطالب بتجميد جثته
ممثلة تعلن انتحار ابنها بسبب التنمر وتطالب بتجميد جثته

رواتب السعودية

timeمنذ 4 ساعات

  • رواتب السعودية

ممثلة تعلن انتحار ابنها بسبب التنمر وتطالب بتجميد جثته

نشر في: 29 مايو، 2025 - بواسطة: خالد العلي أثار خبر انتحار ابن الممثلة الأسترالية كلير ماكان، البالغ من العمر 13 عاماً، حزناً كبيراً بين متابعيها بعد معاناته الطويلة مع التنمر. وأطلقت كلير حملة لجمع 200 ألف دولار خلال 7 أيام لحفظ جثته بالتبريد، أملاً في إمكانية إحيائه مستقبلاً بفضل التقدم العلمي وفي منشور مؤلم عبر »إنستغرام«، أرفقت ماكان رابطاً لحملة التبرعات، موضحة أن ابنها كان يحلم منذ سنوات بإمكانية العودة للحياة في المستقبل. وقالت الأم وقلبها يعتصر: »كل ما أريده حقاً هو أن أحقق حلم ابني. منذ 6 أو 7 سنوات، بدأنا نتحدث معاً عن الحياة بعد الموت والجنة، وتطرقنا لفكرة التبريد كوسيلة لحفظ الأمل بالعودة للحياة.« قال لي إنه يرغب في ذلك. على مر السنوات، أصبح هذا حلمنا المشترك: ألا نفترق أبداً وأن نحظى بفرصة أخرى لنعيش الحياة التي نريدها. وقالت ماكان: »تعرض ابني لحملة تنمر متواصلة بلا هوادة. بدأ بالانطواء والانسحاب، ولم يعد يخبرني بكل شيء، لكنني كنت أحاول الدفاع عنه يومياً و للأسف، لم يُتخذ أي إجراء بحق المتنمرين؛ لم يُطردوا ولم يُوقفوا عن الدراسة، وهذا أمر مخزٍ في ظل تكرار هذه الحوادث المأساوية في المدارس«. الرجاء تلخيص المقال التالى الى 50 كلمة فقط أثار خبر انتحار ابن الممثلة الأسترالية كلير ماكان، البالغ من العمر 13 عاماً، حزناً كبيراً بين متابعيها بعد معاناته الطويلة مع التنمر. وأطلقت كلير حملة لجمع 200 ألف دولار خلال 7 أيام لحفظ جثته بالتبريد، أملاً في إمكانية إحيائه مستقبلاً بفضل التقدم العلمي وفي منشور مؤلم عبر »إنستغرام«، أرفقت ماكان رابطاً لحملة التبرعات، موضحة أن ابنها كان يحلم منذ سنوات بإمكانية العودة للحياة في المستقبل. وقالت الأم وقلبها يعتصر: »كل ما أريده حقاً هو أن أحقق حلم ابني. منذ 6 أو 7 سنوات، بدأنا نتحدث معاً عن الحياة بعد الموت والجنة، وتطرقنا لفكرة التبريد كوسيلة لحفظ الأمل بالعودة للحياة.« قال لي إنه يرغب في ذلك. على مر السنوات، أصبح هذا حلمنا المشترك: ألا نفترق أبداً وأن نحظى بفرصة أخرى لنعيش الحياة التي نريدها. وقالت ماكان: »تعرض ابني لحملة تنمر متواصلة بلا هوادة. بدأ بالانطواء والانسحاب، ولم يعد يخبرني بكل شيء، لكنني كنت أحاول الدفاع عنه يومياً و للأسف، لم يُتخذ أي إجراء بحق المتنمرين؛ لم يُطردوا ولم يُوقفوا عن الدراسة، وهذا أمر مخزٍ في ظل تكرار هذه الحوادث المأساوية في المدارس«. المصدر: صدى

ممثلة تعلن انتحار ابنها بسبب التنمر وتطالب بتجميد جثته
ممثلة تعلن انتحار ابنها بسبب التنمر وتطالب بتجميد جثته

صدى الالكترونية

timeمنذ 4 ساعات

  • صدى الالكترونية

ممثلة تعلن انتحار ابنها بسبب التنمر وتطالب بتجميد جثته

أثار خبر انتحار ابن الممثلة الأسترالية كلير ماكان، البالغ من العمر 13 عاماً، حزناً كبيراً بين متابعيها بعد معاناته الطويلة مع التنمر. وأطلقت كلير حملة لجمع 200 ألف دولار خلال 7 أيام لحفظ جثته بالتبريد، أملاً في إمكانية إحيائه مستقبلاً بفضل التقدم العلمي وفي منشور مؤلم عبر 'إنستغرام'، أرفقت ماكان رابطاً لحملة التبرعات، موضحة أن ابنها كان يحلم منذ سنوات بإمكانية العودة للحياة في المستقبل. وقالت الأم وقلبها يعتصر: 'كل ما أريده حقاً هو أن أحقق حلم ابني. منذ 6 أو 7 سنوات، بدأنا نتحدث معاً عن الحياة بعد الموت والجنة، وتطرقنا لفكرة التبريد كوسيلة لحفظ الأمل بالعودة للحياة.' قال لي إنه يرغب في ذلك. على مر السنوات، أصبح هذا حلمنا المشترك: ألا نفترق أبداً وأن نحظى بفرصة أخرى لنعيش الحياة التي نريدها. وقالت ماكان: 'تعرض ابني لحملة تنمر متواصلة بلا هوادة. بدأ بالانطواء والانسحاب، ولم يعد يخبرني بكل شيء، لكنني كنت أحاول الدفاع عنه يومياً و للأسف، لم يُتخذ أي إجراء بحق المتنمرين؛ لم يُطردوا ولم يُوقفوا عن الدراسة، وهذا أمر مخزٍ في ظل تكرار هذه الحوادث المأساوية في المدارس'.

يونيسف: 815 إصابة بالكوليرا في الخرطوم يوميا
يونيسف: 815 إصابة بالكوليرا في الخرطوم يوميا

الوئام

timeمنذ 11 ساعات

  • الوئام

يونيسف: 815 إصابة بالكوليرا في الخرطوم يوميا

كشفت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة 'يونيسف'، اليوم الأربعاء، عن تزايد مضطرد في حالات الإصابة بالكوليرا بالخرطوم. وتتضارب إحصائيات الكوليرا في الخرطوم، حيث تقول وزارة الصحة إن الإصابات خلال أسبوع بلغت 2729 حالة تشمل 172 وفاة، فيما تفيد اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء بأن الحالات في أم درمان وصلت إلى 1335 إصابة و500 وفاة، بينما تتحدث منظمة الصحة العالمية عن 6223 حالة. وقالت يونيسف، في بيان تلقته صحيفة (سودان تربيون)، إن 'حالات الكوليرا في الخرطوم ارتفعت من 90 حالة يوميًا إلى 815 حالة يوميا بين 15 و25 مايو الحالي، أي بزيادة تسعة أضعاف خلال عشرة أيام فقط'. وأشارت إلى أن الحالات التي أُبلغ عنها في ولاية الخرطوم منذ يناير السابق تصل إلى 7700 إصابة و185 وفاة مرتبطة بالمرض. وأفادت بأنها تحتاج إلى 2ر3 مليون دولار إضافية لتمويل الاستجابة الطارئة للكوليرا في الخرطوم، في مجالات الصحة والمياه والنظافة والصرف الصحي والتغيير الاجتماعي والسلوك للحد من انتشار المرض ومنع فقدان الأرواح. وأوضحت أنها تُقدّم خدمات التغذية المنقذة للحياة عبر 105 برامج لإدارة المرضى الخارجيين في المرافق الصحية وأربعة مراكز استقرار في ولاية الخرطوم. وأطلقت وزارة الصحة أمس الثلاثاء حملة تطعيم فموي ضد الكوليرا في جنوب الخرطوم تشمل 115 ألف جرعة، يُنتظر توسعها إلى ثلاثة ملايين جرعة هذا الأسبوع.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store