
انتشار غير مسبوق لـ "بوحمرون" في المغرب والسلطات تعلنه وباءً، ما القصة؟
Getty Images
جلد فتى مغطى بطفح الحصبة
يتسارع انتشار داء الحصبة بشكل "غير مسبوق" في المغرب، ووصل إلى المدارس والسجون، في الوقت الذي تلقي به السلطات باللوم على "تراجع التلقيح والمعلومات المضللة".
وارتفعت حالات الإصابة بفيروس الحصبة في المغرب إلى 25 ألف إصابة، وسجلت وفاة 120 طفلاً بالمرض.
وقال مدير علم الأوبئة ومحاربة الأمراض في المغرب محمد اليوبي، إن داء الحصبة المعروف شعبياً بـ"بوحمرون" تحول إلى وباء في البلد.
وتحدث اليوبي لتلفزيون (medi1tv) المحلي، عن "وضعية غير عادية على الإطلاق وارتفاع غير مسبوق في المرض منذ 1986".
"معلومات مغلوطة"
EPA
وقالت الحكومة المغربية، الخميس، إن تراجع تلقي اللقاحات الطبية في السنوات التي أعقبت جائحة كورونا وانتشار المعلومات المغلوطة تسببا في عودة داء الحصبة وانتشاره في المغرب خاصة بين الأطفال.
وقال مصطفى بايتاس المتحدث الرسمي بإسم الحكومة المغربية في مؤتمر صحفي بعد اجتماع الحكومة الأسبوعي "لوحظ عودة لداء الحصبة في بلادنا، وتسارع في ارتفاع الحالات".
وأضاف أن أسباب انتشار الداء "في طليعتها تراجع التلقيح في السنوات الأخيرة، خاصة السنوات التي أعقبت جائحة كورونا، هذا واحد من الأسباب الكبيرة".
وأضاف "السبب الثاني يعود إلى انتشار المعلومات المغلوطة التي تخيف المواطنين من التلقيح".
ووجهت منظمة الصحة العالمية تحذيرات بتفشي هذا المرض من جديد في عدد من مناطق العالم.
وقال بايتاس "الحكومة عبر وزارة الصحة تفاعلت مع الموضوع بسرعة كبيرة".
وذكر بايتاس أن الحكومة أرسلت "نظاماً لليقظة والتتبع في 12 مركزاً إقليمياً للطوارئ الصحية وإطلاق حملة وطنية عاجلة للتلقيح ضد الحصبة وأمراض أخرى ابتداء من 28 أكتوبر/تشرين الأول 2024 والتي تقرر تمديدها".
وأضاف أن الحكومة تركز على "حملة تواصلية شاملة تستهدف خاصة الفئات المعنية بتلقيح الآباء والتلاميذ ومهنيي الصحة والتعليم والسلطات العمومية".
ما هو مرض الحصبة؟
Reuters
نشرات للتعريف بمرض الحصبة في نيويورك
الحصبة مرض شديد العدوى وخطير ينتقل عبر الهواء ويسببه فيروس يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بمضاعفات وخيمة تصل إلى الوفاة، وفق منظمة الصحة العالمية.
وأدى التلقيح ضد الحصبة إلى تجنب أكثر من 60 مليون وفاة بين عامي 2000 و2023.
وبالرغم من توافر لقاح مأمون وفعال ضد الحصبة، فإن عام 2023 شهد تسجيل قرابة 10.3 ملايين حالة في جميع أنحاء العالم، ما أدى لوفاة 107 آلاف و500 شخص، معظمهم من الأطفال دون سن الخامسة.
والحصبة مرض شديد العدوى سببه فيروس ينتشر بسهولة عندما يتنفس شخص مصاب بعدواه أو يسعل أو يعطس.
ويمكن أن تصيب الحصبة أي شخص ولكنها أكثر شيوعاً بين الأطفال.
وتصيب الحصبة الجهاز التنفسي ومن ثم تنتشر في جميع أنحاء الجسم. ومن أعراضها الحمى العالية والسعال وسيلان الأنف وانتشار الطفح الجلدي في جميع أنحاء الجسم.
يعد التلقيح أفضل سبيل للوقاية من الإصابة بالحصبة أو نقلها إلى أشخاص آخرين.
ارتفاع بنسبة 20 بالمئة
Reuters
رسم توضيحي ثلاثي الأبعاد لفيروس الحصبة
شهدت الإصابات بالحصبة، ارتفاعاً بنسبة 20 بالمئة في جميع أنحاء العالم في عام 2023 بسبب أوجه قصور مقلقة في تغطية التطعيم، على ما أظهرت دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية والمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (سي دي سي).
وحدد معدو الدراسة حالات انتشار كبيرة لمرض الحصبة في 57 دولة في عام 2023، في جميع القارات باستثناء أمريكا، ونصفها في أفريقيا، مقارنة بـ 36 دولة في 2022.
وتخشى منظمة الصحة العالمية ومركز "سي دي سي" أن يكون هدف القضاء على الحصبة بحلول عام 2030 "في خطر".
وتدعو منظمة الصحة العالمية ومركز "سي دي سي" إلى بذل المزيد من الجهود لضمان حصول جميع الأطفال على جرعتين من اللقاح، لا سيما في أفريقيا والحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، وكذلك في مناطق النزاع.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوسط
منذ 5 ساعات
- الوسط
عندما يرى العقل ما لا يراه الآخرون: هل الفُصام هو تعدّد في الشخصيات؟
Getty Images غالباً ما تفشل الأعمال الدرامية والسينمائية في تقديم صورة دقيقة للاضطرابات النفسية كالفصام واضطراب الهوية التفارقي، مما يُسهم في تشويه فهم الجمهور لهذه الحالات ماذا لو شعرت أن ذاتك تُفلت من سيطرتك لساعات دون وعي؟ أو استيقظت ذات صباح لتجد منزلك مطلياً بلونٍ جديد لم تختره؟ ماذا لو وجدت نفسك تخوض جدالاً مع أصوات لا يسمعها سواك، أو تتلقى أوامر من شخصٍ أو كائن لا يراه أحد غيرك؟ هذه ليست مشاهد من رواية تشويق أو فيلم إثارة، بل تجارب واقعية يمر بها الملايين حول العالم، ممن يعانون من حالتين نفسيتين يُساء فهمهما باستمرار في مجتمعاتنا: "الفصام" و"اضطراب تعدد الشخصيات" الذي بات يُعرف اليوم بـ"اضطراب الهوية التفارقي". بين الحكاية والعلم Getty Images كان إسحاق يسرق دجاجة كل يوم، مبرراً ذلك بجنية من نار تُدعى "الساكونة" تهدده بإحراق القرية إن لم يفعل ذلك. من بين حكايات أمي التي كانت ترويها لي قبل النوم، بقيت حكاية إسحاق محفورة في ذاكرتي. كانت أمي تؤكّد أنها حقيقية، ودارت أحداثها في قريتها ديراستيا - قرب نابلس، منتصف القرن العشرين. كان إسحاق يسرق دجاجة كل يوم، مبرراً ذلك بجنية من نار تُدعى "الساكونة" تهدده بإحراق القرية إن لم يفعل ذلك. وكان يأخذ أهل القرية إلى مقام وليّ يُدعى "الشيخ خاطر" ليُريهم الدجاج مذبوحاً. تقول أمي: "قرأ عليه شيخ الحارة رُقية بعدما أجمع أهل القرية أن الجنّ قد تلبّسه، لكن ذلك لم يُجْدِ نفعاً، وبقي يسرق ويذبح الدجاج حتى توفاه الله". في طفولتي، كنت أرتجف من وصف تلك الجنية. أما اليوم، فأرى القصة بعينٍ مختلفة. أدركت أن إسحاق ربّما كان صادقاً، ورأى ما أملاه عليه عقله. وعلى الرغم من تقدم الطب كثيراً مقارنة بما كان عليه قبل سبعين عاماً — حين دارت حكاية إسحاق — لا تزال مفاهيم كثيرة متعلقة بالصحة النفسية يكتنفها الغموض، ويحيط بها قدر كبير من الخلط والتبسيط الخاطئ. من أبرز هذه المفاهيم المغلوطة، الخلط بين "الفصام" و"اضطراب تعدد الشخصيات" الذي بات يُعرف اليوم بـ"اضطراب الهوية التفارقي". توضح الدكتورة مايا بزري، أخصّائية الطب النفسي في كليفلاند كلينك، لبي بي سي أن "الفُصام اضطراب ذُهاني، يتّسم بفقدان القدرة على التمييز بين الواقع والخيال، ويظهر في شكل هلوسات وأوهام، واضطراب في التفكير، إضافة إلى أعراض سلبية مثل الانسحاب الاجتماعي وفقدان الدافعية". والهلوسات هي رؤية أو سماع أشياء لا وجود لها (كجنيّة إسحاق)، أمّا الأوهام فهي معتقدات راسخة لا يزعزعها أي دليل يثبت خطأها. أما اضطراب الهوية التفارقي، فهو "ليس ذهانياً، بل اضطراب يأتي استجابة نفسية لصدمة ما، يتجلى في حضور أكثر من هوية مستقلة داخل المريض"، إلّا أن هذه الهويّات لا تفقد صلتها بالواقع — كما في الفُصام، لكنها تتبدل. هذا التمييز ليس تفصيلاً طبياً فقط، بل مدخل أساسي لفهم الفروقات بين حالتين متمايزتين كثيراً ما يخلط الناس بينهما. الفُصام - حين ينفصل العقل عن الواقع Getty Images يؤثر الفصام على ما يقرب من 24 مليون شخص أو 1 من كل 300 شخص (0.32 في المئة) في جميع أنحاء العالم. 1 من كل 222 شخص (0.45 في المئة) بين البالغين. (منظمة الصحة العالمية) مصطلح "فُصام" أو شيزوفرينيا جاء من كلمتين يونانيتين: "شيزو" وتعني انقسام، و"فرين" وتعني عقل. وقد يكون هذا الأصل اللغوي مسؤولاً جزئياً عن المفهوم الخاطئ المنتشر بأن الفُصام يعني "انقسام الشخصية" — بينما هو في الحقيقة أمرٌ مختلف. وبحسب منظمة الصحة العالمية، يؤثر الفصام على ما يقرب من 24 مليون شخص أو 1 من كل 300 شخص في جميع أنحاء العالم، ما يشكّل واحداً من كل 222 شخصاً بين البالغين. تروي الدكتورة بزري مثالاً من واقع عملها: "أحد مرضاي من الرجال، في العشرينات من عمره، دخل المستشفى للتو، يعتقد أن جيرانه يتحكّمون بأفكاره عبر الأقمار الصناعية، ويراقبونه بالكاميرات". وتضيف: "هذه الأوهام مثيرة للقلق له ولعائلته، وقد تؤدي إلى سلوك خطير إذا كانت الأصوات تأمره بإيذاء نفسه أو الآخرين". بالإضافة إلى الهلاوس والأوهام، يعاني مريض الفُصام من "الأعراض السلبية" التي قد تكون أقل وضوحاً من الأعراض الذهانية، لكن أثرها يبقى حاضراً في حياته. تشمل هذه الأعراض الانسحاب الاجتماعي، وفقدان الحافز، والتبلد العاطفي، وعدم العناية بالنفس، بحسب بزري — وهي الأعراض التي ربما تفسّر مظهر إسحاق المهلهل في حكاية أمي. عندما تستحوذ الهلاوس والأوهام على المريض، فإنها تطغى على وعيه وتشوه إدراكه للواقع، ليصبح عالمه الداخلي منفصلاً عن العالم المشترك الذي يراه الآخرون، وليس "منقسماً بين شخصيات مختلفة" كما يُشاع. الفُصام ليس تحولاً درامياً نحو الجنون كما تصوره بعض الأعمال الفنية أو الروايات الشعبية، بل هو تشوش في العلاقة مع الواقع، تتداخل فيه الأصوات مع الأفكار، وتتشكل فيه أوهامٌ وهلاوس لها حضور طاغٍ في وعي المريض. لعل إسحاق لم يكن مُخادعاً كما ظنه أهل قريته، ولا مُتلبّساً كما أجمعوا، بل ربما كان شاهداً مبكراً على الإدراك المضطرب للواقع الذي يرافق الفُصام. لم يكن يرى جنية حقيقية (على الأرجح)، بل كان يرى ما أملاه عليه دماغه المضّطرب. اضطراب الهوية التفارقي - عندما تصبح الهوية ملاذاً آمناً Getty Images تشير التقديرات، بحسب دراسة منشورة على موقع المكتبة الوطنية للطب، إلى أن اضطراب الهوية التفارقي يصيب حوالي 1.5٪ من سكان العالم. ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن معدلات الانتشار يمكن أن تختلف عبر الدراسات المختلفة. أُدخلت ليندا (اسم مستعار) وهي امرأة في الأربعين من عمرها إلى المستشفى على خلفية مشاكل قانونية. فقد تبيّن أنها وقّعت عقد تأجير لأرض ورثتها ولا تتذكر عنها شيئاً. أصرّت عائلتها على أنها 'لم تكن في حالها الطبيعي' وقتها، وأن شيئاً غير معتاد كان يحدث لها. ومع مرور أيام المراقبة في المستشفى، بدأ يتضح ما قصدته عائلة ليندا. لم يكن الأمر مجرد نسيان عادي. لاحظ الفريق الطبي تبدلاً في شخصيتها. كانت أحياناً تظهر كامرأة ناضجة، مرتبة ومنظمة، تتحدث بوضوح وعقلانية. وفي أحيان أخرى، كانت تتحول إلى شخصية مختلفة تماماً؛ تتحدث بصوت طفولي، وتستخدم اسماً مختلفاً لنفسها، وتهدي الممرضين أساور صداقة، وتبحث عن الطمأنينة والدعم العاطفي. تقول الدكتورة بزري: "كانت هذه التحولات واقعية وعميقة، وليست مصطنعة أو متعمدة، والأهم أن ليندا البالغة لم تكن تتذكر شيئاً مما فعلته أو قالته ليندا الطفلة." لم تكن ليندا تعاني من فقدان صلتها بالواقع (كما يحدث في الفُصام)، بل كان عقلها قد لجأ إلى آلية دفاعية معقدة لحمايتها من الألم، كما توضّح بزري. شُخّصت ليندا باضطراب الهوية التفارقي (اضطراب تعدد الشخصية سابقاً). ينشأ هذا المرض غالباً في مرحلة الطفولة المبكرة، نتيجة صدمات شديدة مثل الإهمال أو العنف الأسري. ولأن الطفل لا يملك الأدوات النفسية الكافية لمواجهة هذا الألم، فإن عقله يلجأ إلى آلية دفاعية شديدة: تفتيت الهوية إلى ذوات متعددة، تحمل كل واحدة منها مشاعر وذكريات وتجارب مختلفة، كما تصف بزري، المختصة في الطب النفسي الجسدي والتكاملي. وقد يكون لكل من هذه الشخصيات البديلة خصائصها الفريدة: كأن تحمل كل شخصية اسماً مختلفاً، أو صوتاً مميزاً، وذاكرة منفصلة، وحتى طريقة كتابة أو خط يد خاص بها. وفي بعض الحالات، قد تختلف في السلوكيات أو حتى في الاحتياجات الجسدية، مثل حاجة إحدى الهويّات، دون غيرها، لنظارة طبية، بحسب مايو كلينيك. وإن جاز التعبير، فإن عقل المريض بهذا الاضطراب يختبئ في غرفة داخلية؛ يهرب فيها من الألم ويُغلق الباب. تشخيصان مختلفان... لكن الارتباك الثقافي مستمر Getty Images كثيراً ما تُقدَّم اضطرابات كالفُصام واضطراب الهوية التفارقي في الأعمال الدرامية بصورة غير دقيقة، مما يُكرّس مفاهيم مغلوطة ويُعمّق الوصمة الاجتماعية غالباً ما تفشل الأعمال الدرامية والسينمائية في تقديم صورة دقيقة للاضطرابات النفسية كالفصام واضطراب الهوية التفارقي، مما يُسهم في تشويه فهم الجمهور لهذه الحالات. يؤكّد ذلك مقال نشره موقع التحالف الوطني للأمراض العقلية، وهي منظمة أمريكية تُعنى بالمصابين بأمراض نفسية وعقلية. كثيراً ما تُقدَّم اضطرابات كالفُصام واضطراب الهوية التفارقي في الأعمال الدرامية، لا سيما في هوليوود، بصورة غير دقيقة، مما يُكرّس مفاهيم مغلوطة ويُعمّق الوصمة الاجتماعية. إذ يُختزل اضطراب الهوية التفارقي، في كثير من الأحيان، إلى تحوّلات مسرحية بين شخصيات متضادة، أو يُصوَّر كحالة مرتبطة بالعنف أو السلوك الإجرامي. أما الفُصام، فنادراً ما يظهر في الإعلام دون أن يُقرَن بالعنف أو السلوك غير المتوقع، وهي صورة تعتبرها منظمات الصحة النفسية "مجحفة وموصِمة". فمرضى الفصام عرضة أن يكونوا ضحايا للعنف لا مسببين له. ويُستخدم في هذا السياق مصطلحات مُسيئة وغير دقيقة، ما يُعزز الربط الخاطئ بين المرض العقلي والعنف، ويُفاقم عزلة المصابين ويجعلهم أكثر تردداً في طلب المساعدة نتيجة للوصمة. وقد يؤدي هذا الوصم أيضاً إلى فقدان البعض لوظائفهم أو تضرر علاقاتهم الاجتماعية، وفق ما يحذر منه المقال. ولا يقتصر أثر هذه الصور غير الدقيقة على المستوى الفني، بل يُشكّل حاجزاً حقيقياً أمام فهم مجتمعي منصف للاضطرابات النفسية، ويُضعف الجهود المبذولة لمكافحة الوصمة وتقديم الرعاية اللازمة لمن يحتاجونها. وتعلق برزي: "أحد مرضاي الذين عانوا من الفصام حصل على درجة الماجستير بامتياز، وأنشأ شركته الخاصة، وكل ذلك أثناء تلقيه العلاج. أذكره دائماً لأُبيّن أن الفُصام لا يعني نهاية الطموح." وهذا مثال حيّ على التصورات المغلوطة التي يبنيها الإعلام والمجتمع على حد سواء، عن المرضى النفسيين. مسارات نحو الشفاء: طرق مختلفة، ولكن إنسانية مشتركة Getty Images أكثر من ثلثي الأشخاص المصابين بالذهان في جميع أنحاء العالم لا يحصلون على رعاية نفسية متخصصة. (منظمة الصحة العالمية) في حين لا يوجد علاج شافٍ لمرض الفصام، يمكن السيطرة على أعراضه من خلال العلاج مدى الحياة، الذي يتضمن عادة الأدوية كعنصر رئيسي، بحسب مايو كلينك. يشكل العلاج الدوائي حجر الأساس، خاصةً الأدوية المضادة للذهان التي تُعيد التوازن في كيمياء الدماغ. تُستخدم هذه الأدوية لتخفيف الهلاوس والأوهام، وتساعد على استعادة قدر من الاستقرار الذهني والسلوكي. ويُضاف إليها العلاج النفسي (مثل العلاج السلوكي المعرفي)، والدعم الاجتماعي والتأهيلي، خصوصاً في الحالات المزمنة التي تتطلب دخول المستشفى أو إشرافاً طويل الأمد. التدخلات النفسية والاجتماعية ضرورية أيضاً، وتشمل العلاج الفردي لتحسين أنماط التفكير ومهارات التأقلم، والتدريب على المهارات الاجتماعية لتعزيز التواصل والأداء اليومي، والعلاج الأسري للدعم والتثقيف، والتأهيل المهني للمساعدة في التوظيف والحفاظ عليه، ولكنها تأتي ثانياً بعد الأدوية، بحسب مايو كلينيك. أما اضطراب الهوية التفارقي، فالمسار يكون مختلفاً. لا تُعالج الأعراض بالأدوية في المقام الأول، بل تُعالج الصدمة — الجذر النفسي العميق للحالة. وبحسب برزي فإن الأدوية قد تُستخدم لأعراض مصاحبة مثل الاكتئاب أو القلق، لكن الشفاء الحقيقي يحصل من خلال علاقة علاجية آمنة تعالج الصدمة. كلتا الحالتين إذاً تتطلبان خططاً علاجية مُركّبة، لكن المسار العلاجي لا يبدأ دائماً من المكان ذاته. ومع ذلك، يظل القاسم المشترك هو الإنسان: مريض يبحث عن الاستقرار، ويستحق الفهم لا الوصم. في قاعة المحكمة: متى يكون المريض مذنباً؟ ومتى يكون ضحية؟ Getty Images حوالي 4 في المئة من البالغين المسجونين في جميع أنحاء العالم لديهم طيف من اضطراب الفصام. (دراسة منشورة على موقع المكتبة الوطنية للطب) قد لا تكون الحقيقة وحدها كافية داخل قاعة المحكمة، خصوصاً عندما تُصبح "الهوية" نفسها موضع نزاع. اضطراب الهوية التفارقي، بتركيبته النفسية المعقدة، لا يثير الأسئلة الطبية فحسب، بل يُربك أحياناً معايير العدالة: من هو الجاني الفعلي؟ وهل يتحمّل المسؤولية مَن ارتكب الجريمة... إن لم يكن "هو" نفسه؟ بحسب مراجعة منشورة في دورية "فرونتيرز إن سايكولوجي" Frontiers in Psychology، ما يزال اضطراب الهوية التفارقي محل جدل واسع داخل النظام القضائي حول العالم. تختلف المحاكم في تحديد من تقع عليه المسؤولية الجنائية: فبعضها يُحاكم "الشخصية المتحكمة وقت الجريمة"، بينما تذهب أخرى لتقييم وعي "الشخصية الأصلية"، مما يفتح المجال لاجتهادات متناقضة في فهم العلاقة بين المرض والقانون. الدكتور إلياس غصوب، طبيب نفسي شرعي وأستاذ مساعد في الطب النفسي السريري في الجامعة الأمريكية في بيروت، وزميل في المجلس الأوروبي للطب النفسي، يتحدّث لبي بي سي عربي عن الفجوات في الأنظمة القضائية عالمياً وعربياً، ويؤكّد أن المرضى "عرضةٌ للعنف أكثر من كونهم ممارسين له". كما يوضّح غصوب أهمية العلاج وفعاليته، وكذلك أهمية توفير الرعاية الصحية لهم، مشيراً إلى أن "تلقي العلاج النفسي يقلل من احتمالية تكرار الجريمة". ويرى غصوب ضرورة دمج خدمات الصحة النفسية، بما في ذلك الطب النفسي والعلاج النفسي، في "المؤسسات الجنائية، لا بهدف العقوبة، بل لأغراض إعادة التأهيل"، الأمر الذي يستدعي بذل المتخصصين في الصحة النفسية جهوداً لزيادة الوعي والمعرفة بالصحة النفسية بين العاملين في الأنظمة القانونية والسياسية، بهدف حماية حقوق الأفراد الذين يعانون من أمراض نفسية. وهكذا يبقى سؤال المسؤولية النفسية في قاعات المحاكم مطروحاً — لا كمسألة جنائية فحسب، بل كسؤال إنساني يفرض نفسه، ويستدعي فهماً أعمق لحالات هؤلاء الأفراد وتقديم الدعم اللازم لهم. الفهم، لا الوصمة Getty Images مات إسحاق عند مقام "الشيخ خاطر"، حيث طالما قاد أهل قريته ليُريهم الدجاج المذبوح. في أيامه الأخيرة، لم يتراجع، بل ظلّ يناشد الناس أن يتخلّوا عن بُخلهم ويُرضوا الجنيّة. قال لهم: "حرام أن تأكل النار كل شجر الزيتون هذا، مقابل بضع دجاجات". لا أعلم إن كان إسحاق يعاني من الفُصام، فأنا لست مُخوّلاً لتشخيصه، لكن تجاوز خرافة "انفصام الشخصية" — لا كمصطلح لغوي فقط، بل كمنظور اجتماعي اختزل الإنسان في تشخيص، وحوّل المعاناة إلى وصمة، يُسهم في مساعدة المرضى وإدماجهم.


الوسط
منذ 9 ساعات
- الوسط
الأرجنتين تصادق على انسحابها من منظمة الصحة العالمية
صادقت الأرجنتين على قرار الانسحاب من منظمة الصحة العالمية، وأعادت تأكيد نيّتها التعاون مع واشنطن في هذا المجال، خلال زيارة أجراها وزير الصحة الأميركي روبرت إف. كينيدي لبوينوس ايرس. وكان الرئيس خافيير ميلي، أعلن في فبراير قرار الانسحاب من منظمة الصحة العالمية، على خطى نظيره الأميركي دونالد ترامب الذي أعلن سحب بلده من المنظمة في يناير، بحسب وكالة «فرانس برس». وسوّغت حكومة ميلي قرارها في بيان الإثنين. وجاء في البيان أن «توجيهات منظمة الصحة العالمية لا تصلح لأنها لا تستند إلى العلوم، بل إلى مصالح سياسية وهيئات بيروقراطية ترفض النظر في أخطائها الخاصة». «حجر صحي من أيّام إنسان الكهف» وانتقدت الأرجنتين المنظمة الأممية سابقا على إدارتها «الكارثية» إبّان جائحة كوفيد-19 مع «حجر صحي من أيّام إنسان الكهف». وجاء هذا الإعلان عقب اجتماع لوزير الصحة الأميركي روبرت اف. كينيدي ونظيره الأرجنتيني ماريو لوغونيس، لوضع «أجندة عمل مشتركة من شأنها تعزيز الشفافية والثقة في النظام الصحي». وقال لوغونيس «سويا مع روبرت كينيدي، نؤمن بمستقبل التعاون في مجال الصحة العالمية. ورؤانا متشابهة للمسار المستقبلي». ومن المرتقب أن يلتقي كينيدي الذي أثار تسليمه حقيبة الصحة جدلا بسبب تشكيكه في جدوى اللقاحات، الرئيس ميلي خلال زيارته. منظمة الصحة تحت تأثير مفرط للصين وفي شريط فيديو خلال جمعية الصحة العالمية الأسبوع الماضي، دعا كينيدي الحكومات إلى الانسحاب من المنظمة الأممية وإنشاء مؤسساتها الخاصة. وأشار في خطابه إلى أن منظمة الصحة تحت تأثير مفرط للصين والأفكار الجندرية وشركات الصيدلة. وأعلنت الحكومة الأرجنتينية «مراجعة هيكلية» لوكالات الصحة الوطنية بغية «تنظيم وتحديث وتعزيز الشفافية في ما يخصّ الهيكليات والعمليات» في المنظومة الصحية «التي عملت لسنوات في ظلّ تداخل للمهام ولوائح تنظيمية بالية وإشراف محدود».


أخبار ليبيا
منذ 2 أيام
- أخبار ليبيا
عندما تنقلب الفائدة إلى ضرر.. ماذا يفعل الزنك الزائد بالجسم؟
يُعتبر الزنك من المعادن الأساسية التي تلعب دورًا حيويًا في تعزيز المناعة، ودعم عمليات التئام الجروح، وتنظيم وظائف الجهاز العصبي، ومع ذلك، تشير دراسات طبية حديثة إلى أن زيادة مستويات الزنك في الجسم قد تؤدي إلى آثار جانبية صحية خطيرة، خاصة عند تناول مكملات الزنك بشكل مفرط دون إشراف طبي. وأوضحت أبحاث نشرت في مجلة The American Journal of Clinical Nutrition أن تناول الزنك بكميات تزيد عن 40 ملغ يوميًا قد يسبب أعراضًا غير مرغوبة مثل الغثيان، والقيء، وآلام المعدة، بالإضافة إلى اضطرابات في الجهاز العصبي مثل الصداع والدوخة. وأكدت الدراسة أن الجرعات الزائدة من الزنك قد تؤدي إلى تثبيط امتصاص عنصر النحاس، وهو ضروري لإنتاج خلايا الدم الحمراء وتقوية الجهاز المناعي، مما قد يؤدي إلى مشكلات صحية مثل فقر الدم وضعف الاستجابة المناعية. وفي دراسة أخرى أجرتها منظمة الصحة العالمية عام 2023، تم رصد حالات تسمم بالزنك بسبب الإفراط في تناول المكملات الغذائية، مما أثار تحذيرات من ضرورة الالتزام بالجرعات الموصى بها وعدم تجاوزها دون استشارة طبية. وأشارت المنظمة إلى أن الأعراض الحادة تشمل آلام البطن الحادة، والإسهال، واضطرابات في وظائف الكبد. ورغم هذه المخاطر، يؤكد خبراء التغذية أن الزنك ضروري للصحة عند تناوله بكميات معتدلة، مع توصية بالاعتماد على المصادر الغذائية الطبيعية مثل اللحوم الحمراء، والمكسرات، والحبوب الكاملة، بدلاً من المكملات الغذائية غير المضبوطة. وتشير الجمعية الأمريكية للتغذية إلى أن الجرعة اليومية الموصى بها للبالغين تتراوح بين 8 إلى 11 ملغ فقط، مع ضرورة تعديل الجرعات للأشخاص ذوي الحالات الصحية الخاصة أو النساء الحوامل. وفي خضم هذه التحذيرات، يبقى الزنك سلاحًا ذا حدين، إذ يمكن أن يعزز مناعتك ويحافظ على صحتك إذا تم الاعتدال في تناوله، لكنه قد يتحول إلى خطر يهدد التوازن الصحي إذا تجاوزت الجرعة حدود الأمان. The post عندما تنقلب الفائدة إلى ضرر.. ماذا يفعل الزنك الزائد بالجسم؟ appeared first on عين ليبيا | آخر أخبار ليبيا. يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من موقع عين ليبيا