logo
وثائق استخباراتية تكشف تفاصيل احتجاز أوستن في سجون الأسد

وثائق استخباراتية تكشف تفاصيل احتجاز أوستن في سجون الأسد

IM Lebanonمنذ 3 أيام

كشفت وثائق استخباراتية سرية حصلت عليها هيئة الإذاعة البريطانية ولأول مرة، عن أن الصحفي الأمريكي المفقود أوستن تايس كان محتجزا لدى نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد.
وقد أكد عدد من المسؤولين السوريين السابقين أيضا لـ'هيئة الإذاعة البريطانية' أن تايس كان معتقلا لدى النظام، ما يعزز من صحة المعلومات التي وردت في تلك الوثائق.
وكانت الحكومة الأمريكية قد أعربت سابقا عن اعتقادها بأن تايس كان محتجزًا لدى السلطات السورية، إلا أن نظام الأسد نفى ذلك بشكل متكرر، ولم تتوفر أي معلومات عن ملابسات احتجازه حتى اليوم.
وتظهر الوثائق الاستخباراتية، إلى جانب شهادات من عدد من المسؤولين السابقين في النظام السوري، تفاصيل ما جرى للصحفي الأمريكي عقب اختطافه.
وقد اختفى أوستن تايس بالقرب من العاصمة دمشق في أغسطس من عام 2012، بعد أيام قليلة من احتفاله بعيد ميلاده الحادي والثلاثين. وكان يعمل حينها كصحفي مستقل لتغطية النزاع السوري.
وبعد حوالي سبعة أسابيع، نشر مقطع فيديو على الإنترنت يظهره معصوب العينين ويداه مقيدتان، ويجبر فيه على ترديد الشهادة الإسلامية من قبل مجموعة مسلحة.
لكن الانطباع الذي أعطاه الفيديو بأن تايس قد اختطف على يد جماعة جهادية، أثار شكوك المحللين والمسؤولين الأمريكيين، الذين رجحوا أن يكون المشهد 'مفبركا'.
ولم تتبن أي جهة أو حكومة مسؤولية اختفائه، كما لم ترد أي معلومات عنه منذ ذلك الحين، مما أثار الكثير من التكهنات حول مصيره ومكان احتجازه.
وقد توصلت BBC إلى هذه المعلومات ضمن تحقيق استقصائي بدأ قبل أكثر من عام، أثناء مرافقة محقق سوري إلى أحد المقرات الاستخباراتية.
وتحمل الوثائق، التي تحمل اسم 'أوستن تايس'، مراسلات بين عدة فروع من أجهزة الاستخبارات السورية. وقد تم التحقق من صحتها من قبل BBC ومن قبل جهات إنفاذ القانون.
وتشير إحدى المراسلات، المصنفة تحت بند 'سري للغاية'، إلى أن تايس كان محتجزا في منشأة أمنية في العاصمة دمشق في عام 2012 من قبل ميليشيا شبه عسكرية تابعة للنظام.
ويعتقد أن تايس ألقي القبض عليه بالقرب من ضاحية داريا الدمشقية، ثم احتجز على يد عناصر من ميليشيا موالية للرئيس الأسد تعرف باسم 'قوات الدفاع الوطني'.
وأكد مسؤول سوري سابق للهيئة أن تايس بقي محتجزا هناك حتى فبراير من عام 2013 على الأقل.
وخلال فترة احتجازه، أصيب تايس بمشاكل صحية في المعدة، وتلقى علاجا من طبيب مرتين على الأقل. وتشير تحاليل الدم إلى إصابته بعدوى فيروسية آنذاك.
وقد أفاد شاهد عيان زار منشأة الاحتجاز ورأى تايس أنه كان يعامل بشكل أفضل من المعتقلين السوريين الآخرين، لكنه أشار إلى أن 'ملامح الحزن كانت بادية عليه، وكأن الفرح قد غادر وجهه'.
ومن جهة أخرى، كشف عنصر سابق في 'قوات الدفاع الوطني' ممن كان لديهم اطلاع مباشر على ملف احتجاز تايس، أن 'قيمة أوستن كانت مفهومة'، وأنه كان يعتبر 'ورقة يمكن استخدامها في المفاوضات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة'.
كما أوردت المعلومات أن تايس تمكن لفترة وجيزة من الهرب من زنزانته عبر نافذة ضيقة، قبل أن يعاد اعتقاله. وخضع لاستجواب مرتين على الأقل من قبل ضباط استخبارات تابعين للحكومة السورية، ويعتقد أن هذه الأحداث وقعت بين أواخر 2012 ومطلع 2013.
وعقب الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر 2024، صرح الرئيس الأمريكي آنذاك، جو بايدن، بأنه لا يزال يعتقد أن تايس على قيد الحياة. وقبل ذلك بيومين، قالت والدته ديبرا تايس إن 'مصدرًا موثوقًا' أبلغها أن ابنها حي ويتلقى 'معاملة جيدة'.
لكن، وبعد إفراغ السجون عقب سقوط النظام، لم يُعثر على أي أثر لأوستن تايس، ولا تزال أخباره منقطعة حتى اليوم.
وتدرك عائلة تايس وجود هذه الوثائق الاستخباراتية التي حصلت عليها BBC، وكذلك السلطات الأمريكية، بالإضافة إلى مجموعة سورية تعمل على جمع الأدلة المتعلقة بجرائم نظام الأسد.
ويعد أوستن تايس أحد أطول الأمريكيين احتجازا في الخارج، وقد قاد والداه، ديبرا ومارك تايس، حملة طويلة الأمد لتسليط الضوء على قضيته.
وكان تايس قد خدم سابقا كضابط في قوات مشاة البحرية الأمريكية، وشارك في كل من العراق وأفغانستان، كما كان طالبا في كلية الحقوق بجامعة جورجتاون في العاصمة واشنطن.
وقد سافر إلى سوريا في عام 2012 لتغطية الحرب كصحفي مستقل.
وقد اختفى داخل منظومة اعتقال واسعة ومعقدة، وتُقدّر الشبكة السورية لحقوق الإنسان، ومقرها المملكة المتحدة، أن نحو 100 ألف شخص قد اختفوا قسرا خلال عهد نظام الأسد.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يعتقل فريق بي بي سي على مشارف القنيطرة #عاجل
الجيش الإسرائيلي يعتقل فريق بي بي سي على مشارف القنيطرة #عاجل

سيدر نيوز

timeمنذ يوم واحد

  • سيدر نيوز

الجيش الإسرائيلي يعتقل فريق بي بي سي على مشارف القنيطرة #عاجل

BBC كان صباحا ربيعياً هادئاً في التاسع من أيار/مايو في سوريا، عندما انطلق فريق بي بي سي من دمشق نحو بلدة نوى في محافظة درعا جنوبا، للتوجه من هناك إلى تخوم مرتفعات الجولان السورية المحتلة منذ عام 1967. كنا فريقاً مكوناً من سبعة أشخاص: أنا كمراسل أحمل الجنسية البريطانية، واثنان عراقيان من مكتب بي بي سي ببغداد، وأربعة سوريين – ثلاثة منهم يعملون بشكل حر، ومصور بي بي سي في دمشق كان الهدف إعداد تقرير عن سعي الحكومة السورية الجديدة، برئاسة أحمد الشرع، ﻹعادة بناء الجيش السوري، بعد انهياره في أعقاب فرار بشار اﻷسد في كانون اﻷول/ديسمبر الماضي، وتدمير إسرائيل لكثير من قدراته، وإعلانها إنشاء منطقة آمنة على طول الشريط الحدودي للجوﻻن، وسيطرتها على مدينة القنيطرة وقمة جبل الشيخ التي تطل على مناطق واسعة من سوريا ولبنان واﻷردن وإسرائيل. من نوى، توجهنا إلى بلدة الرفيد الحدودية، حيث توقفنا للتصوير قرب أحد مقرات قوات الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك (الأندوف)، على مقربة من السياج الفاصل مع الجولان. تحدثتُ إلى مسؤولة في القوة، وطلبتُ منها الإذن بالتصوير داخل المقر أو تنظيم جولة مع القوة الدولية في المنطقة. اعتذرت وأخبرتنا أن الأمر غير متاح حاليا، وأن الجانب الإسرائيلي استفسر عن هويتنا، وتم إبلاغه أننا فريق تابع لقناة بي بي سي. أكملنا جولتنا في المنطقة التي بدت خالية تماما من أي وجود أمني سوري، مع بقاء التمركز الإسرائيلي مقتصرا على احتلال المناطق المرتفعة التي أقيمت فيها نقاط مراقبة دائمة. قررنا بعد ذلك التوجه شمالا بمحاذاة خط الحدود صوب مدينة القنيطرة، لكن الطريق المؤدي إليها كان مغلقا من الجانب الإسرائيلي، فسلكنا طريقا بديلا باتجاه بلدة خان أرنبة، ومن هناك إلى القنيطرة. وقبل بضعة كيلومترات من القنيطرة، بدأت آثار الدبابات الإسرائيلية تظهر بوضوح على طول الطريق، فيما امتدت الأسلاك الشائكة على جانبيه، دون أن يُلاحظ أي وجود عسكري إسرائيلي في المنطقة. BBC توقيف وتفتيش وعلى بُعد حوالي مائتي متر، اقتربتُ مع أحد الزملاء لاستكشاف المكان، فلاحظنا حاجزا شبيها بالحواجز التي تنتشر في الضفة الغربية. كتلتان إسمنتيتان، وعارضة حديدية صفراء تقطع الطريق. وعلى يمينها، كان هناك بضع دبابات ميركافا يعلو إحداها العلم الإسرائيلي. بعد تجاوز الحاجز بنحو مئة متر، لاحظنا برج مراقبة يعتليه جنديان إسرائيليان. أشار زميل لي لأحدهما محاولاً إبلاغه بأننا فريق صحفي عبر رفع بطاقته الصحافية، لكنه كان يراقبنا عبر منظار عسكري دون أن يبدي أي رد فعل. عدتُ إلى السيارة وطلبتُ من المصور أن يأتي بالكاميرا على أمل أن ننجز عملنا سريعا ونغادر، وبدأ بالفعل بتصويري وأنا أشرح ما تغير في المنطقة منذ سقوط الأسد، من سيطرة لإسرائيل على هذه المنطقة ورفضها القاطع لإعادة بناء الجيش السوري، ولا سيما في درعا والقنيطرة والسويداء. لم أكد أنتهي من التصوير حتى لاحظت سيارة بيضاء تقترب من الجهة الأخرى من العارضة، وترجل منها أربعة جنود إسرائيليين ببنادقهم وركضوا باتجاهنا وأحاطوا بنا والبنادق مُصوَّبة إلى رؤوسنا. طلبوا وضع الكاميرا بعيداً على جانب الطريق. حاولتُ أن أشرح أننا فريق من بي بي سي، لكن الأمور تصاعدت بسرعة غير متوقعة. خلال ثوان، استطعت إرسال رسالة إلى الإدارة مفادها أن الجيش الإسرائيلي أوقفنا، وبعدها بلحظات صودرت هواتفنا ومعداتنا الالكترونية كلها. خضعت سيارتنا لتفتيش دقيق بعد وصول دورية إسرائيلية أخرى من أربعة جنود على متن عربة همر. BBC الفريق مقيد ومعصوب الأعين BBC نُقلنا إلى الجانب الآخر من العارضة، وجرى تفتيشنا بسرعة. طلبوا منا بعدها أن نقود سيارتنا خلفهم، فسارت الهمر أمامنا وسيارة أخرى خلفنا. قطعنا مدينة القنيطرة وتوقفنا عند النقطة الحدودية التي تفصل القنيطرة عن الجولان. هناك، بدأ الجنود بمراجعة الصور الملتقطة، بينما صوَّب أحدهم بندقيته إلى رأسي من مسافة أربعة أمتار. استمر الأمر على هذا الحال لأكثر من ساعتين،أُرسلت خلالهما الصور التي عثروا عليها في الكاميرا إلى داخل الجولان المحتل، وبعد نحو ساعة طلب مني أحد الجنود الترجل من السيارة والحديث عبر هاتف محمول. لم أعرف من هو الشخص الذي كان يتحدث إلي بعربية ركيكة، ولا لأي جهاز أمني يتبع. سألني لماذا نُصوٍّر مواقع تمركز القوات الإسرائيلية، فشرحت له طبيعة عملنا، وأبلغته أنني زُرتُ إسرائيل في مهام صحفية أكثر من عشر مرات، وأحمل جواز سفر بريطاني. وعدني بنقل التفاصيل للضابط المسؤول ليأخذ قرار بشأننا، فعدتُ إلى السيارة وأعيد توجيه البندقية باتجاه رأسي. بعد انتظار دام ساعة إضافية، وصلت سيارة أخرى من داخل الحدود، ونزل منها عناصر يُرجّح أنهم من جهاز أمني إسرائيلي، بناءً على لون زيّهم الذي لم يكن عسكريًا. عند هذه النقطة، أخذت الأمور منحى غير متوقع وسريع التدهور، حيث أخرج العناصر من السيارة عصبات وأصفادًا بلاستيكية، وطلبوا مني أن أكون أول من يترجل. كان همي الأكبر يتركز على أعضاء الفريق، فأربعة منهم سوريون واثنان عراقيان، وقد يواجهون مشاكل كبيرة إذا اعتُقلوا ونُقلوا إلى داخل إسرائيل. سريعاً جرى نقاش بين قائد المجموعة ومرافقيه، اقتادني بعدها قائد المجموعة، الذي يتحدث اللهجة الفلسطينية بطلاقة، من يدي باتجاه إحدى الغرف التي كان يستخدمها الجيش السوري عند المعبر. الأرض مليئة بالزجاج المكسر والأوساخ. وبدا واضحًا أنهم قرروا اتباع أسلوب 'المحقق الجيد والمحقق السيئ'. أخبرني أنهم سيتعاملون معي بشكل مختلف، وأنه لن يتم تقييدي أو تعصيب عيني، بخلاف ما سيحدث مع بقية أعضاء الفريق. لم أصدق ما قاله وسألته لماذا تقومون بذلك وأنتم تعلمون أننا فريق صحفي يتبع لبي بي سي؟ أخبرني أنه يريد المساعدة لإخراجنا بسرعة وأن علينا الالتزام بما يطلبونه. بعدها بلحظات دخل عنصر آخر وطلب مني أن أخلع كل ملابسي عدا الداخلية. رفضت بداية، لكنهم أصروا وهددوا بالأسوأ من دون أن يوضحوا ماذا يقصدون. خلعت الملابس، فنظر داخل لباسي الداخلي من الأمام والخلف. فتّش ملابسي بدقة شديدة، ثم طلب مني ارتداءها مجددًا، وشرع في تحقيق مفصل شمل حتى معلومات شخصية عن أبنائي وأعمارهم. خرجت لاحقًا من الغرفة لأُفاجأ بمشهد صادم: أفراد الفريق مقيّدون ومعصوبي الأعين. رجوت قائد المجموعة أن يفرج عنهم، فوعد بذلك بعد انتهاء التحقيق. ثم اقتيدوا واحدًا تلو الآخر إلى الغرفة نفسها لاستجوابهم. كانوا يخرجون مقيدين لكنهم لم يكونوا معصوبي الأعين، واستمرت هذه العملية لأكثر من ساعتين، خلالها فُحصت كافة الهواتف المحمولة، ومُسحت صور كثيرة كانت بعضها شخصية، كما فُحصت أجهزة الكمبيوتر المحمولة أيضاً. حل الظلام، وبعد ان انتهى قائد المجموعة من التحقيق جاء إلينا، وهددنا بالأسوأ إن اقتربنا مجدداً من الحدود الإسرائيلية. أكد لنا أن كل الصور المرتبطة بالمواقع التي زرناها قد مُسحت من الكاميرا والهواتف، وهددنا بأنه يعرف كل تفاصيلنا وسيصل إلينا إن نُشرت أي صورة كانت مخبأة ولم تُمسَح. بعد نحو سبع ساعات من توقيفنا، وقد تجاوزت الساعة التاسعة مساءً، أقلّتنا سيارتان إلى خارج المدينة لمسافة تقارب الكيلومترين. توقفتا في منطقة ريفية نائية، ثم ألقيت باتجاهنا حقيبة تحتوي على هواتفنا المحمولة، قبل أن تنطلقا مبتعدتين. بقينا تائهين في الظلام من دون تغطية للهاتف أو إنترنت أو أدنى فكرة عن مكاننا، واصلنا القيادة حتى وصلنا إلى قرية صغيرة. أشار إلينا بعض الأطفال المحليين إلى الطريق السريع، محذّرين من أن أي انعطاف خاطئ قد يعرّضنا لنيران إسرائيلية. بعد عشر دقائق متوترة، وجدنا الطريق. وبعد خمسة وأربعين دقيقة، وصلنا في دمشق. قدّمت بي بي سي شكوى رسمية إلى الجيش الإسرائيلي احتجاجًا على ما تعرّض له فريقنا، لكنها لم تتلقَ أي رد حتى تاريخ نشر هذا التقرير.

أوستن تايس: القصة الكاملة من داريا إلى دهاليز الغموض
أوستن تايس: القصة الكاملة من داريا إلى دهاليز الغموض

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ يوم واحد

  • القناة الثالثة والعشرون

أوستن تايس: القصة الكاملة من داريا إلى دهاليز الغموض

تبرز قضية الصحفي الأميركي أوستن تايس مثالا صارخا على التحديات التي يواجهها الصحفيون العاملون في مناطق الصراع الساخنة، كما وتذكر بأهمية حرية الصحافة التي يمكن لها أن تلعب دورا هاما في تسليط الضوء على تلك الصراعات، جذورها وأسباب تجدد نارها الراهن ثم تطوراتها، وصولا إلى تشكيل «رأي عام» حولها، غالبا ما يكون ذي تأثير وازن على غرف صناعة القرار السياسي وهي تمضي لإتخاذ قرارتها حيال تلك الصراعات، والفعل يزداد تأثيره خصوصا في البلدان التي تمايزت فيها الطبقات والكتل والتيارات حتى غدت عنصرا فاعلا، وضاغطا، على تلك «الغرف». تدحرجت قضية الصحفي الأميركي أوستن تايس على مدى يقرب من ثلاثة عشر سنة حتى غدت مسألة من الصعب فيها على أي رئيس أميركي تجاهلها، والشاهد هو أنها كانت على رأس أولويات الإدارات الثلاث التي تعاقبت على السلطة في واشنطن منذ أن انحدرت من «تلال» داريا ذات صيف من العام 2012، والمؤكد هو أنها لن تقف سوى عند قاع وحيد من شأنه أن يقطع الشك باليقين حيال مصير أوستن حيا كان أم ميتا، وفي الغضون راح «الكل» ينحو باتجاه «الاستثمار» في الحدث، ولربما كان في الأمر الكثير ما يدعو إليه، فأي «مكسب» يعادل ذاك الذي يمكن أن يتأتى من فعل يمتزج فيه الإنساني بالسياسي اللذان، إن امتزجا وتحصلا على نتيجة، تساقطت «الثمار» في «السلال» حتى أتخمتها. تقول السيرة الذاتية للرجل أنه صحفي أميركي مستقل، وضابط قديم في سلاح المشاة البحرية سبق له أن خدم في أفغانستان والعراق، وتضيف السيرة أنه راح يتابع التقارير المتضاربة الواردة من سورية في أعقاب اندلاع النار فيها ربيع وصيف العام 2011، وفي حينها كتب «هذه مصيبة يحتاج العالم إلى معرفتها»، وعليه كان القرار بوجوب معايرة الحدث عن قرب، والشاهد هو أنه استطاع أن يكون شاهدا مستقلا تعتد بشهاداته كبريات وسائط الإعلام الغربية، من عيار «الواشنطن بوست» و «سي بي إس»، على الرغم من قصر مهمته الميدانية التي لم تدم لأكثر من أربعة أشهر بدأت في أيار 2012 بالوصول إلى حمص على الأرجح، ثم القدوم إلى دمشق أواخر تموز الذي تلاه، حيث ستكون آخر تقاريره التي أرسلها يوم 11 آب على مبعدة ثلاثة أيام من اختطافه الذي كان في داريا بريف دمشق. توجهت أصابع الإتهام أولا إلى فصيل رديف للجيش السوري السابق كان يسمى»قوات الدفاع الوطني»، وفي أيلول 2012 جرى بث فيديو قصير يظهر فيه تايسون وهو معصوب العينين، وفي مواجهته مسلح لا يخفي مظهره انتماؤه، وهو يطلب منه ترديد شهادة الإسلام في محاولة لترسيخ الفعل الأول إذا ما شابه الظنون، إلا أن خبراء أميركان رجحوا أن يكون الفيديو «مفبرك»، وهدفه إبعاد الشكوك عن «المتهم» الأساسي الذي أشارت أصابع الإتهام الإميركية إليه، حيث أكد متحدث باسم الإدارة الأميركية أنه «يعتقد بناء على المعلومات القليلة التي يمتلكها أن تايس محتجز لدى الحكومة السورية»، وفي كانون أول من العام 2018 ظهر والدا تايس في بيروت ليعلنان إن «ابنهما لا يزال على قيد الحياة» وليرسما «خارطة طريق»، كان من الصعب على واشنطن تجاهلها، لاستعادة هذا الأخير بقولهما إن «أفضل فرصة لإطلاق سراح تايس هو مفاوضات مباشرة ما بين حكومتي البلدين»، إلا أن حكومة الأسد أصرت على إنكارها بأن لا علم لديها عن قضية الصحفي الأميركي، بل ولا عن دخوله «الذي لم يكن شرعيا»، وفقا لتصريح أدلى به مسؤول إعلامي زمن تلك الحكومة، والراجح أن الأسد كان مدركا جيدا لأهمية «ورقة» تايس، فيما سلوكه حيالها يشير إلى أنه لم يكن يرى أن المطروح «على الطاولة» معادلا، كثمن، لسعر تلك الورقة. شكلت لحظة 8 كانون أول المنصرم فرصة بدت سانحة لطي تلك الصفحة بأي شكل كان، لكن إخلاء السجون الذي تلا هذي الأخيرة لم يغير في الأمر شيئا، ولم يظهر أي أثر لتايس يمكن أن يكون دالا عليه، وفي الغضون راحت «الإستثمارات»تبرز على السطح، فقد عرضت «قناة الحدث»، يوم 12 كانون ثاني المنصرم، أي بعد يومين من إعلان واشنطن عن مكافأة قدرها 10 مليون دولار لمن يدلي بمعلومة تقود لمعرفة مصير تايس، تقريرا مصورا مرفقا بصوت لصحفي سوري، وهو يظهر شخصا مستلقيا، معالم وجهه غير واضحة، قيل أنه تايس بعد أن ذكر، لمن حوله، أنه صحفي أميركي، ليتبين فيما بعد أن ذلك الشخص هو فعلا كما ذكر، لكن اسمه ترافيس تيمرمان، لكن اللافت في التقرير أنه ذكر أن مكان تواجد ذلك الشخص هو في قرية «الذيابية»، قرب «السيدة زينب»، التي كانت تحت سيطرة «حزب الله» كما ذكر التقرير، وفي 12 أيار المنصرم ذكرت وسائل إعلام أميركية خبرا مفاده «العثور على رفات أوستن تايس في مقبرة جماعية بمرج دابق شمال حلب»، ليتبين فيما بعد أن فريقا قطريا قام بحملة بحث عن المقابر الجماعية، مطلع أيار، التي كانت «نتاجا» لسيطرة «داعش» على أرياف واسعة في حلب بدءا من العام 2014 فصاعدا، وقد أكد مختار «مرج دابق» في حديثه للـ«التلفزيون العربي» أن الفريق قام بأخذ عينات من الجثث بغرض إجراء فحص DNA الذي يمكن له حسم هوياتها، لكن لم تؤكد أي جهة الحصول على أية معلومة بخصوص تايس الذي كان بالتأكيد إحدى أبرز غايات ذلك الفريق. كان التحقيق الإستقصائي الذي نشرته «هيئة الإذاعة البريطانية BBC» قبل أيام محطة فارقة في هذا المسار، حيث سيشير التحقيق إلى أن الوثائق التي استند إليها تتمتع «بمصداقية أكيدة» بعد التأكد منها من قبل خبراء بالهيئة، وآخرون تابعين لـ«هيئة إنفاذ القانون»، والتقرير، الذي استند أيصا إلى شهادات لضباط استخبارات سابقين، يؤكد أن تايس «كان مختطفا لدى نظام الأسد»، فيما يقول مسؤول أنه كان محتجزا في «سجن الطاحونة»، ليؤكد آخر أنه «بقي في ذلك السجن حتى شباط من العام 2013 على الأقل، عندما بدأ يعاني من مشاكل في المعدة، كما كشفت تحاليله الطبية أنه كان يعاني من عدوى فيروسية»، ويضيف التحقيق أن تايس «كان قد هرب من سجنه لفترة قصيرة من خلال نافذة زنزانته، لكنه أسر من جديد»، والراجح هو أن ذلك حدث، وفقا للتحقيق عينه، في الفترة الواقعة بين أواخر العام 2012 و مطلع العام 2013 . المؤكد هو أن التحقيق فيه الكثير مما «يثري» ملف تايس، لكنه لم يخلص إلى النتيجة المرجوة وهي تحديد مصير هذا الأخير، ولربما لم يفصح معدوه عن كل المعلومات التي استحصلوا عليها، لكونها، ربما، تمثل خطرا على حياته، فيما لو كان لا يزال على قيد الحياة، أو تعيق الوصول إلى رفاته إذا ما فارقها . في 18 كانون ثاني المنصرم التقت والدة تايس، ديبرا تايس، بالرئيس السوري أحمد الشرع، وهي قالت، في أعقاب اللقاء، إن «الرئيس وعدها بالكشف عن مصير ابنها»، لكن سياقات الأشهر الخمس المنصرمة توحي بأن ما من متغير كبير في طربقة التعاطي مع المسألة، وإذا ما كان البعض، من عيار أفراد أو مؤسسات، طامحا بجائزة الـ10 مليون دولار، فإن آخرين طامحين بجوائز تبدو هذي الأخيرة، في مواجهتها، كما لو أنها «فتاتا» يرضي طموحات الأولين فحسب. الديار - عبد المنعم علي عيسى انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

أوستن تايس: القصة الكاملة من داريا إلى دهاليز الغموض
أوستن تايس: القصة الكاملة من داريا إلى دهاليز الغموض

الديار

timeمنذ 2 أيام

  • الديار

أوستن تايس: القصة الكاملة من داريا إلى دهاليز الغموض

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب تبرز قضية الصحفي الأميركي أوستن تايس مثالا صارخا على التحديات التي يواجهها الصحفيون العاملون في مناطق الصراع الساخنة، كما وتذكر بأهمية حرية الصحافة التي يمكن لها أن تلعب دورا هاما في تسليط الضوء على تلك الصراعات، جذورها وأسباب تجدد نارها الراهن ثم تطوراتها، وصولا إلى تشكيل «رأي عام» حولها، غالبا ما يكون ذي تأثير وازن على غرف صناعة القرار السياسي وهي تمضي لإتخاذ قرارتها حيال تلك الصراعات، والفعل يزداد تأثيره خصوصا في البلدان التي تمايزت فيها الطبقات والكتل والتيارات حتى غدت عنصرا فاعلا، وضاغطا، على تلك «الغرف». تدحرجت قضية الصحفي الأميركي أوستن تايس على مدى يقرب من ثلاثة عشر سنة حتى غدت مسألة من الصعب فيها على أي رئيس أميركي تجاهلها، والشاهد هو أنها كانت على رأس أولويات الإدارات الثلاث التي تعاقبت على السلطة في واشنطن منذ أن انحدرت من «تلال» داريا ذات صيف من العام 2012، والمؤكد هو أنها لن تقف سوى عند قاع وحيد من شأنه أن يقطع الشك باليقين حيال مصير أوستن حيا كان أم ميتا، وفي الغضون راح «الكل» ينحو باتجاه «الإستثمار» في الحدث، ولربما كان في الأمر الكثير ما يدعو إليه، فأي «مكسب» يعادل ذاك الذي يمكن أن يتأتى من فعل يمتزج فيه الإنساني بالسياسي اللذان، إن امتزجا وتحصلا على نتيجة، تساقطت «الثمار» في «السلال» حتى أتخمتها. تقول السيرة الذاتية للرجل أنه صحفي أميركي مستقل، وضابط قديم في سلاح المشاة البحرية سبق له أن خدم في أفغانستان والعراق، وتضيف السيرة أنه راح يتابع التقارير المتضاربة الواردة من سورية في أعقاب اندلاع النار فيها ربيع وصيف العام 2011، وفي حينها كتب «هذه مصيبة يحتاج العالم إلى معرفتها»، وعليه كان القرار بوجوب معايرة الحدث عن قرب، والشاهد هو أنه استطاع أن يكون شاهدا مستقلا تعتد بشهاداته كبريات وسائط الإعلام الغربية، من عيار «الواشنطن بوست» و «سي بي إس»، على الرغم من قصر مهمته الميدانية التي لم تدم لأكثر من أربعة أشهر بدأت في أيار 2012 بالوصول إلى حمص على الأرجح، ثم القدوم إلى دمشق أواخر تموز الذي تلاه، حيث ستكون آخر تقاريره التي أرسلها يوم 11 آب على مبعدة ثلاثة أيام من اختطافه الذي كان في داريا بريف دمشق. توجهت أصابع الإتهام أولا إلى فصيل رديف للجيش السوري السابق كان يسمى»قوات الدفاع الوطني»، وفي أيلول 2012 جرى بث فيديو قصير يظهر فيه تايسون وهو معصوب العينين، وفي مواجهته مسلح لا يخفي مظهره انتماؤه، وهو يطلب منه ترديد شهادة الإسلام في محاولة لترسيخ الفعل الأول إذا ما شابه الظنون، إلا أن خبراء أميركان رجحوا أن يكون الفيديو «مفبرك»، وهدفه إبعاد الشكوك عن «المتهم» الأساسي الذي أشارت أصابع الإتهام الإميركية إليه، حيث أكد متحدث باسم الإدارة الأميركية أنه «يعتقد بناء على المعلومات القليلة التي يمتلكها أن تايس محتجز لدى الحكومة السورية»، وفي كانون أول من العام 2018 ظهر والدا تايس في بيروت ليعلنان إن «ابنهما لا يزال على قيد الحياة» وليرسما «خارطة طريق»، كان من الصعب على واشنطن تجاهلها، لاستعادة هذا الأخير بقولهما إن «أفضل فرصة لإطلاق سراح تايس هو مفاوضات مباشرة ما بين حكومتي البلدين»، إلا أن حكومة الأسد أصرت على إنكارها بأن لا علم لديها عن قضية الصحفي الأميركي، بل ولا عن دخوله «الذي لم يكن شرعيا»، وفقا لتصريح أدلى به مسؤول إعلامي زمن تلك الحكومة، والراجح أن الأسد كان مدركا جيدا لأهمية «ورقة» تايس، فيما سلوكه حيالها يشير إلى أنه لم يكن يرى أن المطروح «على الطاولة» معادلا، كثمن، لسعر تلك الورقة. شكلت لحظة 8 كانون أول المنصرم فرصة بدت سانحة لطي تلك الصفحة بأي شكل كان، لكن إخلاء السجون الذي تلا هذي الأخيرة لم يغير في الأمر شيئا، ولم يظهر أي أثر لتايس يمكن أن يكون دالا عليه، وفي الغضون راحت «الإستثمارات»تبرز على السطح، فقد عرضت «قناة الحدث»، يوم 12 كانون ثاني المنصرم، أي بعد يومين من إعلان واشنطن عن مكافأة قدرها 10 مليون دولار لمن يدلي بمعلومة تقود لمعرفة مصير تايس، تقريرا مصورا مرفقا بصوت لصحفي سوري، وهو يظهر شخصا مستلقيا، معالم وجهه غير واضحة، قيل أنه تايس بعد أن ذكر، لمن حوله، أنه صحفي أميركي، ليتبين فيما بعد أن ذلك الشخص هو فعلا كما ذكر، لكن اسمه ترافيس تيمرمان، لكن اللافت في التقرير أنه ذكر أن مكان تواجد ذلك الشخص هو في قرية «الذيابية»، قرب «السيدة زينب»، التي كانت تحت سيطرة «حزب الله» كما ذكر التقرير، وفي 12 أيار المنصرم ذكرت وسائل إعلام أميركية خبرا مفاده «العثور على رفات أوستن تايس في مقبرة جماعية بمرج دابق شمال حلب»، ليتبين فيما بعد أن فريقا قطريا قام بحملة بحث عن المقابر الجماعية، مطلع أيار، التي كانت «نتاجا» لسيطرة «داعش» على أرياف واسعة في حلب بدءا من العام 2014 فصاعدا، وقد أكد مختار «مرج دابق» في حديثه للـ«التلفزيون العربي» أن الفريق قام بأخذ عينات من الجثث بغرض إجراء فحص DNA الذي يمكن له حسم هوياتها، لكن لم تؤكد أي جهة الحصول على أية معلومة بخصوص تايس الذي كان بالتأكيد إحدى أبرز غايات ذلك الفريق. كان التحقيق الإستقصائي الذي نشرته «هيئة الإذاعة البريطانية BBC» قبل أيام محطة فارقة في هذا المسار، حيث سيشير التحقيق إلى أن الوثائق التي استند إليها تتمتع «بمصداقية أكيدة» بعد التأكد منها من قبل خبراء بالهيئة، وآخرون تابعين لـ«هيئة إنفاذ القانون»، والتقرير، الذي استند أيصا إلى شهادات لضباط استخبارات سابقين، يؤكد أن تايس «كان مختطفا لدى نظام الأسد»، فيما يقول مسؤول أنه كان محتجزا في «سجن الطاحونة»، ليؤكد آخر أنه «بقي في ذلك السجن حتى شباط من العام 2013 على الأقل، عندما بدأ يعاني من مشاكل في المعدة، كما كشفت تحاليله الطبية أنه كان يعاني من عدوى فيروسية»، ويضيف التحقيق أن تايس «كان قد هرب من سجنه لفترة قصيرة من خلال نافذة زنزانته، لكنه أسر من جديد»، والراجح هو أن ذلك حدث، وفقا للتحقيق عينه، في الفترة الواقعة بين أواخر العام 2012 و مطلع العام 2013 . المؤكد هو أن التحقيق فيه الكثير مما «يثري» ملف تايس، لكنه لم يخلص إلى النتيجة المرجوة وهي تحديد مصير هذا الأخير، ولربما لم يفصح معدوه عن كل المعلومات التي استحصلوا عليها، لكونها، ربما، تمثل خطرا على حياته، فيما لو كان لا يزال على قيد الحياة، أو تعيق الوصول إلى رفاته إذا ما فارقها . في 18 كانون ثاني المنصرم التقت والدة تايس، ديبرا تايس، بالرئيس السوري أحمد الشرع، وهي قالت، في أعقاب اللقاء، إن «الرئيس وعدها بالكشف عن مصير ابنها»، لكن سياقات الأشهر الخمس المنصرمة توحي بأن ما من متغير كبير في طربقة التعاطي مع المسألة، وإذا ما كان البعض، من عيار أفراد أو مؤسسات، طامحا بجائزة الـ10 مليون دولار، فإن آخرين طامحين بجوائز تبدو هذي الأخيرة، في مواجهتها، كما لو أنها «فتاتا» يرضي طموحات الأولين فحسب.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store