عمر الحريري.. عاشق المسرح ونجم الشاشة الذهبية
مسيرة طويلة من الأعمال وسيرة حسنة وجميلة تركها الفنان عمر الحريرى، الذى حلَّت ذكرى ميلاده ال 99 فى 12 فبراير 1926، واحتفت به الأوساط الفنية بتذكُّر أعماله ومحطات من مشواره، إذ تميَّز بسيرته الفنية والإنسانية، وبدأ مشواره بحب التمثيل وتقليد كل ما يشاهده من أعمال «كشكش بيه» للفنان الراحل نجيب الريحانى، أو النجوم الذين كان يرتاد مع والده لرؤية أعمالهم، ليستغل طفولته فى تغذية بصرية من النجوم العظام ليقوم بتقليدهم، ليكون لديه مخزون كبير ساعده فى المستقبل القريب الذى كان يحلم به فى دخول التمثيل الذى أحبه وأخلص له، ليعود ذلك عليه فى النهاية بحب جمهوره له واحترامه.
حياة الراحل عمر الحريرى، التى تحدثت عنها ابنته الفنانة ميريت، فى تصريحات خاصة ل «المصرى اليوم»، سلَّطت الضوء على الجوانب الفنية والإنسانية فى حياة والدها الراحل، والتى وصفت بداياته بالتقليد منذ أن كان صغيرًا، مؤكدة أن الفنان المُقلِّد تخطَّى نصف مشوار الفن، حيث كان والدها يمتلك موهبة تقليد الفنانين، مما جعله يحمل مخزونًا فنيًا كبيرًا.بعد انتهاء الفنان عمر الحريرى من دراسة البكالوريا، كما كانت تُسمى وقتها، قرر الالتحاق بمعهد الفنون المسرحية، وكان وقتها فى بداية إنشائه، فالتحق بالمعهد وأكمل مشواره الفنى، وكذلك التحق بعد ذلك بفرقة رمسيس وفرقة يوسف وهبى، وتوالت مسيرته، لكنه دائمًا كان يردد عبارة توضح قصة الممثل، حيث كان مقلدًا ويقوم بتقليد الممثلين، وكان يقول إن الممثل المقلِّد تخطَّى نصف المشوار الفنى والمهنى، لأنه بذلك استطاع أن يستوعب ويستدعى الشخصيات ويجسِّدها، فكان يرى أن الممثل المقلِّد لديه مخزون كبير ليستطيع به تقديم كافة الشخصيات الفنية.بدأت رحلة عمر الحريرى فى التمثيل منذ صغره، حيث بدأ مشواره مبكرًا، وكان والده يمتلك إذاعة خاصة فى الثلاثينيات، لكنها أُغلقت لأسباب سياسية، وكانت أم كلثوم قد غنَّت فيها فى بداية حياتها، لذا كان والده متفهِّمًا للفن والصناعة، وكان المسرح آنذاك هو الرائد، حيث كان الجميع يذهب إلى المسرح فى شارع عماد الدين لمشاهدة مسرحيات مثل «كشكش بيه»، ومسرح على الكسار، وكان عمر الحريرى عندما يشاهد تلك الأعمال يستغل تجمع العائلة يوم الجمعة ليقوم بترتيب الكراسى كالمسرح لهم، ويقلِّد كل ما شاهده ويقف ليمثل تلك الشخصيات التى رآها على مدار الأسبوع.بعد انتهاء عمر الحريرى من دراسة البكالوريا، كما كانت تُسمى وقتها، قرر الالتحاق بمعهد الفنون المسرحية، وكان وقتها فى بداية إنشائه، فالتحق بالفعل بالمعهد وأكمل مشواره الفنى، وكذلك انضم بعد ذلك إلى فرقة رمسيس وفرقة يوسف وهبى، وتوالت مسيرته، لكنه دائمًا كان يردد عبارة توضح قصة الممثل، وكان الراحل يصف التقليد قائلًا إن الممثل المُقلِّد تخطَّى نصف المشوار الفنى والمهنى، لأنه بذلك استطاع أن يستوعب ويستدعى الشخصيات ويجسدها، فكان يرى أن الممثل المُقلِّد لديه مخزون كبير ليستطيع تقديم كافة الشخصيات الفنية.لذا عشق الفنان عمر الحريرى التمثيل وأحب الفن وأخلص له، وكان الناتج حب الجميع له وحب الجمهور، حيث كانت تلك هى المكافأة الأعظم.وعلى الجانب الإنسانى، كأب، وصفته ابنته قائلة إنه كان أبًا وإنسانًا طيبًا حنونًا غير غاضب، وهادئ الطباع، لا أتذكر أنه كان يومًا غاضبًا أو عصبيًا، لكننا لم نكن نراه كثيرًا، حتى عندما كان يجلس فى المنزل صباحًا كان يغلق عليه باب غرفته ويقوم بترتيب الدولاب إذا لم يكن لديه عمل، وعادة ما كان يفعل ذلك بالنهار، فيكتفى بالبقاء داخل غرفته لساعات. أما فى الصيف، فلم نكن نذهب إلى المصيف أو نحصل على الإجازات بشكل عادل مثل أى شخص، لأن المسرح كان دائمًا مستمرًا، وهذا ما جعلنى، كابنته، عندما أنجبت، لا أمثل وأنا صغيرة، حتى لا أحرم أولادى منى.وحول نصائحه، قالت إنه لم يكن من عادته أن يعطى نصائح مباشرة، لكنها كانت مغلفة، فكان حينما يريد أن يقدم النصيحة، يروى لنا حكاية أو قصة نستنتج منها الفائدة، لكنه لم يقدِّم لنا دروسًا فى الأخلاق بصورة مباشرة.علاقات الفنان الراحل عمر الحريرى، سواء الفنية أو الإنسانية، كانت مليئة بالحب والتقدير من حوله، سواء من النجوم أو الأقارب، وأوضحت ابنته أنه كان محبوبًا من الجميع، وعلاقته طيبة بهم، سواء أصدقاؤه فى الوسط الفنى أو خارجه، وكان لديه كثير من المقربين خارج الوسط، من بينهم الدكتور ناجى سليم، طبيب الأسنان الشخصى له، الذى كان صديقه المقرَّب.وحول تصريح للفنان عمر الحريرى فى أحد لقاءاته النادرة، عندما قال إنه بسبب حبه للتمثيل لم يستطع تكوين صداقات كثيرة، أوضحت ابنته: «بالفعل، رغم أن من يحبونه كُثُر، لكنه لم يكن بينه وبين أحد بعينه صداقة كبيرة، لأن انشغاله الدائم وحبه للتمثيل لم يكن يمنحه هذه الفرصة من الوقت، فصباحًا كان يعمل فى الإذاعة، وفترة الظهيرة فى التلفزيون والسينما، والليل فى المسرح، فلم يكن لديه وقت متاح لعمل صداقات بالشكل المتعارف عليه، لكنه رغم ذلك كان محبوبًا من الجميع».وعن أمنياته للفن، أكدت أنه لم يكن يتمنى شيئًا بعينه للفن، بل كان يتحدث عنه بشكل عام، فكل مرحلة فنية لها فنانوها، وأجيال تسلِّم لأجيال، ولم يندم فى حياته على أى عمل قدمه، وأى عمل لم يلقَ استحسانًا من الجمهور، كان يعتبره تجربة، ويقول عنها إنه خاضها، وينتهى الأمر عند ذلك، لكنه لم يندم على أى مرحلة فنية أو أى شىء.علاقة وطيدة جمعت بين الفنان الراحل عمر الحريرى والنجم الكبير عادل إمام، سواء فنيًا أو إنسانيًا، وتقول ابنته إننا لا نزال حتى الآن نضحك على أعمالهما المسرحية، ويتفاعل معها الجمهور وقت عرضها، ومن بين الأشياء الطريفة أنه كان دائمًا ما يقضى ليلة على المسرح فى الأعمال التى تجمعه مع الفنان عادل إمام، ومن المصادفة أن يوم ميلاد ابنته يتزامن مع ميلاد النجم الكبير عادل إمام، فكان عمر الحريرى لا يحتفل مع ابنته بعيد ميلادها خارج المسرح، فبعد إسدال الستار، كان الفنان عادل إمام يحتفل بعيد ميلاده مع أعضاء الفرقة وكواليس العمل، والقائمين عليه من ممثلين وفنانين، ووقت إطفاء الشموع للزعيم، كانت ابنته تحتفل بعيد ميلادها أيضًا معهم على المسرح.بين الحين والآخر، يتم تداول صورة للفنان الراحل عمر الحريرى وهو صغير مع الفنان نجيب الريحانى على «السوشيال ميديا»، من فيلم «سلامة فى خير»، والتى نفت صحتها ابنته، قائلة إن هذه الصورة تُرسل لها بشكل شبه يومى، ولكن حقيقة الأمر أن عمر الحريرى لم يعمل مع الفنان نجيب الريحانى، رغم أنه كان يفتخر دائمًا بأنه التحق بفرقة نجيب الريحانى بعدما توفى عادل خيرى. ولكن لو كان قد عمل مع نجيب الريحانى وهو صغير، لكان قد أعلن ذلك بنفسه. وبالفعل، حينما سُئلت ابنته عن تلك الصورة، نفت صحتها، كما نفت عائلته الأمر أيضًا.لم تكن فكرة البطولة الجماعية أو الفردية تشغل اهتمام الفنان عمر الحريرى أو أيٍّ من الفنانين فى ذلك الجيل أو ما قبله، كما قالت «ميريت». وحكت واقعة لوالدها مع الفنان الراحل حسين رياض، حيث كانا يعملان سويًا وكانا يريدان كتابة «الأفيش»، فكان الفنان الراحل حسين رياض يطالب بكتابة اسم عمر الحريرى على الأفيش لأنه البطل، ولكن عمر الحريرى بدوره رفض ذلك على الفور، لأنه كان يعتبر حسين رياض أستاذه. كانت هذه هى العلاقة بين النجمين، فكلٌّ منهما كان يريد أن يتصدر الآخر الأفيش، فلم تكن هناك فكرة «من البطل؟» أو «من صاحب الدور الأول أو الثانى؟»، فالعمل الدرامى كان مهمًا حتى لو بمشهد واحد لكل فنان داخل العمل، حتى إذا كان صامتًا، لأن نجاح العمل لا يعتمد على البطل فقط، ولم يكن هناك حديث عن «أنا البطل، أنا الممثل الأول، أنا ممثل أدوار ثانوية»، لأن كل شخصية كانت لها أهمية كبيرة ودورها المؤثر.أما عن أمنيات عمر الحريرى، فكانت أن يقوم بتجسيد دور باللهجة الصعيدية، وليس مجرد مشهد أو اثنين، فقد قدم من قبل شخصية القنصل فى «خالتى صفية والدير»، ولكنه كان «باشا»، وكان يتمنى تقديم الشخصية الصعيدية بكل تفاصيلها، وهو ما قدمه فى «شيخ العرب همام» بشكل أوسع، حيث تمكن من اللهجة، وكان هذا بالفعل آخر عمل درامى تلفزيونى له، وحقق من خلاله أمنيته. كما أن الكثير من الفنانين يتمنون الموت على المسرح، ومنهم من يحقق ذلك، والبعض الآخر لا تتاح له الفرصة، ولكن تخرج جنازته من المسرح. وقد كان الحريرى يعمل فى إحدى المسرحيات عندما تعرض لوعكة صحية على المسرح، وكانت آخر لحظة له قبل دخوله فى الغيبوبة وهو ينظر إلى المسرح، لذا فقد حقق أمنيته أيضًا، كما وصفته ابنته.وعن آخر أعماله، قالت ابنته إن مسلسل «شيخ العرب همام» كان آخر عمل له، وتوفى بعد عدة شهور من عرضه. وأوضحت أنه كان يجلس فى غربته يحدث نفسه، حيث كان يذاكر الدور والشخصية، واللهجة، وطريقة نطق الجمل، وكان يدرس الشخصية ولا يحفظها فقط، لذا كانت ملامح صوته تتغير مع الشخصية، فقد كان يرى أن الدور مسؤولية، ويجب أن يقدمه بمنتهى المهنية والاحترافية ليكون مقنعًا للمشاهدين.أما عن لحظاته الأخيرة، فقد بدأت عندما أصيب بالمرض، لكن ابنته لم تعلن عن مرضه، وأكدت أنها اتفقت مع الأطباء آنذاك، وكذلك مع نقيب المهن التمثيلية فى ذلك الوقت، على ألا يعلم والدها بحقيقة مرضه، لأنها كانت تفضل أن يعيش بسلام دون أن يعرف. وأوضحت أن الفنان أكثر حساسية من الشخص العادى، ولو كان قد علم بحقيقة مرضه، لكان قد مات حتمًا أو عاش فى عذاب. لذلك، اتفقت مع الأطباء على أن يتم علاجه من الأعراض وليس من المرض نفسه، وبالفعل، عاش فى سلام لمدة أربع سنوات، قدّم خلالها أعمالًا ناجحة وحقق كل أمنياته.وحول تحويل حياة الفنان عمر الحريرى إلى عمل فنى يحمل سيرته الذاتية، قالت ابنته إنها لم تفكر فى ذلك مطلقًا، لأن حياة والدها لم تكن تحتوى على أحداث درامية تصلح لذلك، فلكى يتم تجسيد سيرة ذاتية يجب أن تكون هناك محطات درامية فارقة فى حياة الشخص، ووالدها لم تكن لديه أسرار أو أحداث غيرت مسار حياته.أما عن تكريمه، فقد أوضحت أن والدها تم تكريمه من الدولة، وأيضًا من دول عربية شقيقة، كما حصل على شهادة الفنون فى مهرجان السينما، وهى أعلى شهادة من وزارة الثقافة. ولكنها ترى أن أهم تكريم له كان من جمهوره، حيث تلتقى بأشخاص عاديين يقولون لها: «والدك كان معى فى الحج»، أو «والدك كان فى العمرة معي»، وهذه هى السيرة الباقية. ولم تسمع أبدًا من أحد أنه كان فى مكان غير لائق، وهو ما يجعلها تشعر بالفخر، مؤكدة أنه رغم رحيله، إلا أنه لا يزال حاضرًا بين الناس.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

مصرس
١٤-٠٢-٢٠٢٥
- مصرس
عمر الحريري.. عاشق المسرح ونجم الشاشة الذهبية
مسيرة طويلة من الأعمال وسيرة حسنة وجميلة تركها الفنان عمر الحريرى، الذى حلَّت ذكرى ميلاده ال 99 فى 12 فبراير 1926، واحتفت به الأوساط الفنية بتذكُّر أعماله ومحطات من مشواره، إذ تميَّز بسيرته الفنية والإنسانية، وبدأ مشواره بحب التمثيل وتقليد كل ما يشاهده من أعمال «كشكش بيه» للفنان الراحل نجيب الريحانى، أو النجوم الذين كان يرتاد مع والده لرؤية أعمالهم، ليستغل طفولته فى تغذية بصرية من النجوم العظام ليقوم بتقليدهم، ليكون لديه مخزون كبير ساعده فى المستقبل القريب الذى كان يحلم به فى دخول التمثيل الذى أحبه وأخلص له، ليعود ذلك عليه فى النهاية بحب جمهوره له واحترامه. حياة الراحل عمر الحريرى، التى تحدثت عنها ابنته الفنانة ميريت، فى تصريحات خاصة ل «المصرى اليوم»، سلَّطت الضوء على الجوانب الفنية والإنسانية فى حياة والدها الراحل، والتى وصفت بداياته بالتقليد منذ أن كان صغيرًا، مؤكدة أن الفنان المُقلِّد تخطَّى نصف مشوار الفن، حيث كان والدها يمتلك موهبة تقليد الفنانين، مما جعله يحمل مخزونًا فنيًا كبيرًا.بعد انتهاء الفنان عمر الحريرى من دراسة البكالوريا، كما كانت تُسمى وقتها، قرر الالتحاق بمعهد الفنون المسرحية، وكان وقتها فى بداية إنشائه، فالتحق بالمعهد وأكمل مشواره الفنى، وكذلك التحق بعد ذلك بفرقة رمسيس وفرقة يوسف وهبى، وتوالت مسيرته، لكنه دائمًا كان يردد عبارة توضح قصة الممثل، حيث كان مقلدًا ويقوم بتقليد الممثلين، وكان يقول إن الممثل المقلِّد تخطَّى نصف المشوار الفنى والمهنى، لأنه بذلك استطاع أن يستوعب ويستدعى الشخصيات ويجسِّدها، فكان يرى أن الممثل المقلِّد لديه مخزون كبير ليستطيع به تقديم كافة الشخصيات الفنية.بدأت رحلة عمر الحريرى فى التمثيل منذ صغره، حيث بدأ مشواره مبكرًا، وكان والده يمتلك إذاعة خاصة فى الثلاثينيات، لكنها أُغلقت لأسباب سياسية، وكانت أم كلثوم قد غنَّت فيها فى بداية حياتها، لذا كان والده متفهِّمًا للفن والصناعة، وكان المسرح آنذاك هو الرائد، حيث كان الجميع يذهب إلى المسرح فى شارع عماد الدين لمشاهدة مسرحيات مثل «كشكش بيه»، ومسرح على الكسار، وكان عمر الحريرى عندما يشاهد تلك الأعمال يستغل تجمع العائلة يوم الجمعة ليقوم بترتيب الكراسى كالمسرح لهم، ويقلِّد كل ما شاهده ويقف ليمثل تلك الشخصيات التى رآها على مدار الأسبوع.بعد انتهاء عمر الحريرى من دراسة البكالوريا، كما كانت تُسمى وقتها، قرر الالتحاق بمعهد الفنون المسرحية، وكان وقتها فى بداية إنشائه، فالتحق بالفعل بالمعهد وأكمل مشواره الفنى، وكذلك انضم بعد ذلك إلى فرقة رمسيس وفرقة يوسف وهبى، وتوالت مسيرته، لكنه دائمًا كان يردد عبارة توضح قصة الممثل، وكان الراحل يصف التقليد قائلًا إن الممثل المُقلِّد تخطَّى نصف المشوار الفنى والمهنى، لأنه بذلك استطاع أن يستوعب ويستدعى الشخصيات ويجسدها، فكان يرى أن الممثل المُقلِّد لديه مخزون كبير ليستطيع تقديم كافة الشخصيات الفنية.لذا عشق الفنان عمر الحريرى التمثيل وأحب الفن وأخلص له، وكان الناتج حب الجميع له وحب الجمهور، حيث كانت تلك هى المكافأة الأعظم.وعلى الجانب الإنسانى، كأب، وصفته ابنته قائلة إنه كان أبًا وإنسانًا طيبًا حنونًا غير غاضب، وهادئ الطباع، لا أتذكر أنه كان يومًا غاضبًا أو عصبيًا، لكننا لم نكن نراه كثيرًا، حتى عندما كان يجلس فى المنزل صباحًا كان يغلق عليه باب غرفته ويقوم بترتيب الدولاب إذا لم يكن لديه عمل، وعادة ما كان يفعل ذلك بالنهار، فيكتفى بالبقاء داخل غرفته لساعات. أما فى الصيف، فلم نكن نذهب إلى المصيف أو نحصل على الإجازات بشكل عادل مثل أى شخص، لأن المسرح كان دائمًا مستمرًا، وهذا ما جعلنى، كابنته، عندما أنجبت، لا أمثل وأنا صغيرة، حتى لا أحرم أولادى منى.وحول نصائحه، قالت إنه لم يكن من عادته أن يعطى نصائح مباشرة، لكنها كانت مغلفة، فكان حينما يريد أن يقدم النصيحة، يروى لنا حكاية أو قصة نستنتج منها الفائدة، لكنه لم يقدِّم لنا دروسًا فى الأخلاق بصورة مباشرة.علاقات الفنان الراحل عمر الحريرى، سواء الفنية أو الإنسانية، كانت مليئة بالحب والتقدير من حوله، سواء من النجوم أو الأقارب، وأوضحت ابنته أنه كان محبوبًا من الجميع، وعلاقته طيبة بهم، سواء أصدقاؤه فى الوسط الفنى أو خارجه، وكان لديه كثير من المقربين خارج الوسط، من بينهم الدكتور ناجى سليم، طبيب الأسنان الشخصى له، الذى كان صديقه المقرَّب.وحول تصريح للفنان عمر الحريرى فى أحد لقاءاته النادرة، عندما قال إنه بسبب حبه للتمثيل لم يستطع تكوين صداقات كثيرة، أوضحت ابنته: «بالفعل، رغم أن من يحبونه كُثُر، لكنه لم يكن بينه وبين أحد بعينه صداقة كبيرة، لأن انشغاله الدائم وحبه للتمثيل لم يكن يمنحه هذه الفرصة من الوقت، فصباحًا كان يعمل فى الإذاعة، وفترة الظهيرة فى التلفزيون والسينما، والليل فى المسرح، فلم يكن لديه وقت متاح لعمل صداقات بالشكل المتعارف عليه، لكنه رغم ذلك كان محبوبًا من الجميع».وعن أمنياته للفن، أكدت أنه لم يكن يتمنى شيئًا بعينه للفن، بل كان يتحدث عنه بشكل عام، فكل مرحلة فنية لها فنانوها، وأجيال تسلِّم لأجيال، ولم يندم فى حياته على أى عمل قدمه، وأى عمل لم يلقَ استحسانًا من الجمهور، كان يعتبره تجربة، ويقول عنها إنه خاضها، وينتهى الأمر عند ذلك، لكنه لم يندم على أى مرحلة فنية أو أى شىء.علاقة وطيدة جمعت بين الفنان الراحل عمر الحريرى والنجم الكبير عادل إمام، سواء فنيًا أو إنسانيًا، وتقول ابنته إننا لا نزال حتى الآن نضحك على أعمالهما المسرحية، ويتفاعل معها الجمهور وقت عرضها، ومن بين الأشياء الطريفة أنه كان دائمًا ما يقضى ليلة على المسرح فى الأعمال التى تجمعه مع الفنان عادل إمام، ومن المصادفة أن يوم ميلاد ابنته يتزامن مع ميلاد النجم الكبير عادل إمام، فكان عمر الحريرى لا يحتفل مع ابنته بعيد ميلادها خارج المسرح، فبعد إسدال الستار، كان الفنان عادل إمام يحتفل بعيد ميلاده مع أعضاء الفرقة وكواليس العمل، والقائمين عليه من ممثلين وفنانين، ووقت إطفاء الشموع للزعيم، كانت ابنته تحتفل بعيد ميلادها أيضًا معهم على المسرح.بين الحين والآخر، يتم تداول صورة للفنان الراحل عمر الحريرى وهو صغير مع الفنان نجيب الريحانى على «السوشيال ميديا»، من فيلم «سلامة فى خير»، والتى نفت صحتها ابنته، قائلة إن هذه الصورة تُرسل لها بشكل شبه يومى، ولكن حقيقة الأمر أن عمر الحريرى لم يعمل مع الفنان نجيب الريحانى، رغم أنه كان يفتخر دائمًا بأنه التحق بفرقة نجيب الريحانى بعدما توفى عادل خيرى. ولكن لو كان قد عمل مع نجيب الريحانى وهو صغير، لكان قد أعلن ذلك بنفسه. وبالفعل، حينما سُئلت ابنته عن تلك الصورة، نفت صحتها، كما نفت عائلته الأمر أيضًا.لم تكن فكرة البطولة الجماعية أو الفردية تشغل اهتمام الفنان عمر الحريرى أو أيٍّ من الفنانين فى ذلك الجيل أو ما قبله، كما قالت «ميريت». وحكت واقعة لوالدها مع الفنان الراحل حسين رياض، حيث كانا يعملان سويًا وكانا يريدان كتابة «الأفيش»، فكان الفنان الراحل حسين رياض يطالب بكتابة اسم عمر الحريرى على الأفيش لأنه البطل، ولكن عمر الحريرى بدوره رفض ذلك على الفور، لأنه كان يعتبر حسين رياض أستاذه. كانت هذه هى العلاقة بين النجمين، فكلٌّ منهما كان يريد أن يتصدر الآخر الأفيش، فلم تكن هناك فكرة «من البطل؟» أو «من صاحب الدور الأول أو الثانى؟»، فالعمل الدرامى كان مهمًا حتى لو بمشهد واحد لكل فنان داخل العمل، حتى إذا كان صامتًا، لأن نجاح العمل لا يعتمد على البطل فقط، ولم يكن هناك حديث عن «أنا البطل، أنا الممثل الأول، أنا ممثل أدوار ثانوية»، لأن كل شخصية كانت لها أهمية كبيرة ودورها المؤثر.أما عن أمنيات عمر الحريرى، فكانت أن يقوم بتجسيد دور باللهجة الصعيدية، وليس مجرد مشهد أو اثنين، فقد قدم من قبل شخصية القنصل فى «خالتى صفية والدير»، ولكنه كان «باشا»، وكان يتمنى تقديم الشخصية الصعيدية بكل تفاصيلها، وهو ما قدمه فى «شيخ العرب همام» بشكل أوسع، حيث تمكن من اللهجة، وكان هذا بالفعل آخر عمل درامى تلفزيونى له، وحقق من خلاله أمنيته. كما أن الكثير من الفنانين يتمنون الموت على المسرح، ومنهم من يحقق ذلك، والبعض الآخر لا تتاح له الفرصة، ولكن تخرج جنازته من المسرح. وقد كان الحريرى يعمل فى إحدى المسرحيات عندما تعرض لوعكة صحية على المسرح، وكانت آخر لحظة له قبل دخوله فى الغيبوبة وهو ينظر إلى المسرح، لذا فقد حقق أمنيته أيضًا، كما وصفته ابنته.وعن آخر أعماله، قالت ابنته إن مسلسل «شيخ العرب همام» كان آخر عمل له، وتوفى بعد عدة شهور من عرضه. وأوضحت أنه كان يجلس فى غربته يحدث نفسه، حيث كان يذاكر الدور والشخصية، واللهجة، وطريقة نطق الجمل، وكان يدرس الشخصية ولا يحفظها فقط، لذا كانت ملامح صوته تتغير مع الشخصية، فقد كان يرى أن الدور مسؤولية، ويجب أن يقدمه بمنتهى المهنية والاحترافية ليكون مقنعًا للمشاهدين.أما عن لحظاته الأخيرة، فقد بدأت عندما أصيب بالمرض، لكن ابنته لم تعلن عن مرضه، وأكدت أنها اتفقت مع الأطباء آنذاك، وكذلك مع نقيب المهن التمثيلية فى ذلك الوقت، على ألا يعلم والدها بحقيقة مرضه، لأنها كانت تفضل أن يعيش بسلام دون أن يعرف. وأوضحت أن الفنان أكثر حساسية من الشخص العادى، ولو كان قد علم بحقيقة مرضه، لكان قد مات حتمًا أو عاش فى عذاب. لذلك، اتفقت مع الأطباء على أن يتم علاجه من الأعراض وليس من المرض نفسه، وبالفعل، عاش فى سلام لمدة أربع سنوات، قدّم خلالها أعمالًا ناجحة وحقق كل أمنياته.وحول تحويل حياة الفنان عمر الحريرى إلى عمل فنى يحمل سيرته الذاتية، قالت ابنته إنها لم تفكر فى ذلك مطلقًا، لأن حياة والدها لم تكن تحتوى على أحداث درامية تصلح لذلك، فلكى يتم تجسيد سيرة ذاتية يجب أن تكون هناك محطات درامية فارقة فى حياة الشخص، ووالدها لم تكن لديه أسرار أو أحداث غيرت مسار حياته.أما عن تكريمه، فقد أوضحت أن والدها تم تكريمه من الدولة، وأيضًا من دول عربية شقيقة، كما حصل على شهادة الفنون فى مهرجان السينما، وهى أعلى شهادة من وزارة الثقافة. ولكنها ترى أن أهم تكريم له كان من جمهوره، حيث تلتقى بأشخاص عاديين يقولون لها: «والدك كان معى فى الحج»، أو «والدك كان فى العمرة معي»، وهذه هى السيرة الباقية. ولم تسمع أبدًا من أحد أنه كان فى مكان غير لائق، وهو ما يجعلها تشعر بالفخر، مؤكدة أنه رغم رحيله، إلا أنه لا يزال حاضرًا بين الناس.


الدولة الاخبارية
١٢-٠٢-٢٠٢٥
- الدولة الاخبارية
أبرز أعمال عمر الحريرى بالسينما والدراما فى ذكرى ميلاده
الأربعاء، 12 فبراير 2025 08:48 صـ بتوقيت القاهرة يتزامن اليوم ذكرى ميلاد الفنان الراحل عمر الحريرى الذى اشتهر بأدواره الكوميدية، وتميز بتقديم أعمال فنية كبير فى تاريخ السينما والدراما والمسرح، كانت بدايته مع السينما وهو طفل حيث شارك فى فيلم سلامة فى خير 1937، تخرج بعد ذلك من المعهد العالى لفن التمثيل العربى، وخلال التقرير التالى نستعرض أهم أعماله فى السينما والدراما قدم الحريرى خلال مشواره الفنى أكثر من 100 فيلمًا، ومن أبرز أفلامه الوسادة الخالية مع عبد الحليم حافظ ولبنى عبد العزيز، وسكر هانم عام مع كمال الشناوي وسامية جمال وعبد المنعم إبراهيم بدور فريد، والناصر صلاح الدين مع أحمد مظهر وصلاح ذو الفقار ونادية لطفي عام 1963 بدور فيليب الثاني، وأهل القمة مع نور الشريف وسعاد حسني، ومعالي الوزير مع أحمد زكي، وكان أخر أعمال الحريري في السينما هو فيلم الرجل الغامض بسلامته مع هانى رمزي وشارك أيضا فى أكثر 30 مسلسل، أبرزها مسلسل شيخ العرب همام، ومسلسل ساكن قصادي مع محمد رضا وسناء جميل، ومسلسل عمر بن عبد العزيز، ومسلسل الأمير المجهول، ومسلسل لا إله إلا الله، ومسلسل البنات، ومسلسل أوراق الورد مع الفنانة وردة الجزائرية، كما شارك في بطولة مسلسل أحلام الفتى الطائر مع عادل إمام. كما شارك فى "فتافيت السكر" عام 1960 وجسد فيه دور "فريد" الشاب الذي تجمعه قصة حب بفتاة ويسعى إلى مقابلتها لكن تنقلب الأمور في إطار كوميدي، وعاد عمر الحريري بعد 50 عاما من عرض الفيلم ليقدمها في شكل مسرحي عام 2010، لكنه جسد فيها دور "قدري" والد نبيل، وشاركته البطولة لبنى عبد العزيز وطلعت زكريا وأحمد رزق وغيرهم من الفنانين


أخبار اليوم المصرية
٢١-٠١-٢٠٢٥
- أخبار اليوم المصرية
في ذكري ميلاده.. سر نبوءة العرافة لـ«نجيب الريحاني»
تحل اليوم ذكرى ميلاد الفنان نجيب الريحاني في 21 يناير 1889، بعد مسيرة طويلة من الأعمال ليختتم بتلك العبارة حياته، وفي السطور التالية نستعرض أبرز محطات «أستاذ حمام» الفنية. بين الفصل الوظيفي وحب التمثيل.. تحديات واجهت « نجيب الريحاني» وٌلد نجيب إلياس ريحانة، والذي اشتهر بعد ذلك بنجيب الريحاني ، في 21 يناير 1889، في حي باب الشعرية، وهو من أصول عراقية، حيث والده الذي كان يعمل بتجارة الخيل، وبدأت مرحلة أخرى حيث جاء إلى القاهرة ليستقر بها بعد زواجه، لينجب منها ثلاثة أبناء بينهم نجيب الريحاني ، والذي التحق بمدرسة الفرير الفرنسية في القاهرة، والذي اشتهر بقدرته على إلقاء الشعر باللغتين العربية والفرنسية، كونه قارئًا جيدًا للأعمال الأدبية والمسرحية باللغة الفرنسية، ليتبناه أستاذه في اللغة العربية الشيخ بحر، لذا تم ترشيحه لعدة مسرحيات مدرسية، ثم ترأس فريق التمثيل، حتى توفى والده وهو طالب، ليجد نفسه مسؤولا تجاه أسرته بعدما حصل على شهادة «البكالوريا». رحلة «الريحاني» نحو الفن تقلد نجيب الريحاني عدة وظائف في حياته والتي كانت تجبره على التفرغ الوظيفي لتكون حائلاً بينه وبين حلمه للتمثيل، وإلا سيكون الفصل من عمله هو مصيره. والتحق الراحل بالعمل في وظيفة كاتب حسابات في البنك الزراعي، ولتكن تلك اللحظة هي الفارقة في اتجاهه للفن بعدما تعرف على رفيق دربه المخرج عزيز عيد، ليكونا معًا فرقته المسرحية، وانضم نجيب الريحاني إلى الفرقة رغم عدم حبه للكوميديا، ليفاجئه بعد كثرة تغيبه بقرار فصله من البنك الذي كان يعمل به. مرحلة جديدة في حياة نجيب الريحاني، عندما انضم إلى فرقة سليم عطا الله، في الإسكندرية، ولكن لم يحالفه الحظ ليتم الاستغناء عنه رغم نجاحه في تقديم شخصية الإمبراطور. التحق أيضا بوظيفة في شركة السكر بنجع حمادي بالصعيد، ثم أيضا كان مصيره الفصل منها، وفي تلك اللحظة حينما علمت والدته قامت بطرده من المنزل ليحيا وحيدًا لمدة يومين في شوارع القاهرة. تجربة جديدة يواجه بها « نجيب الريحاني » التحديات التي تقابله ليعمل في مجال الترجمة لأحد الروايات وهي «نقولا كارتر» نظير 120 قرشًا. كواليس لقاء نجيب الريحاني واستيفان روستي وفى عام 1916 فوجئ بأحد الأشخاص يجلس إلى جانبه فى تياترو «برنتانيا» وفى يده عصا ذهبية وخاتم وعلب من السجائر الفاخرة ليجده استيفان روستى، زميله فى رحلة البدايات والشقاء، والذى أوضح له بعد ذلك أنه وجد عملًا يتقاضى عليه 60 قرشا كل ليلة من خلال ملهى ليلى باسم «أبيه دى روز»، وأنه يؤدى حركات هزلية خلف ستار باسم «خيال ظل»، ورغم هذا لم يتفق مع قناعات «الريحانى»، إلا أنه طلب أن يعمل معه حتى جسد دور «خادم» ليقرر الخواجة أن يكون مرتبه 40 قرشا. سر شبحًا شاهده «الريحاني» ليكون بعد ذلك «كشكش بيه» خيال كالشبح، هكذا وصف « نجيب الريحاني » ما شاهده حقيقة بين اليقظة والنوم، ليوضح أنه رأى خيالاً كالشبح به نفس مواصفات شخصية «كشكش بيه» مرتديًا الجبة والقفطان، وعلى رأسه عمامة ريفية، ليتساءل بعد ذلك ماذا لو جسد تلك الشخصية التي رآها خلال غفوته وقدمها في أعماله الفنية؟ ليتخذ القرار في اليوم التالي في تصميم ذلك الشبح، عن طريق شقيقه، ورغم خوفه من تجسيد الرواية وهل ستكون ناجحة أو تبوء بالفشل، حتى قدم الشخصية في أولى روايات «كشكش بيه» وسط تفاعل الجمهور ليجد الحفاوة تستقبله من الخواجة «روزاتي» والذي صرح له بأنه لم يكن يعلم أنه ممثل عظيم ليصل أجره إلى 60 قرشًا في الليلة، ليقدم من خلال ذلك الخيال أو الشبح رواية كل أسبوع. التقى نجيب الريحاني مع بديع خيرى ليكونا ثنائيًا فنيًا معا من خلال تقديم مجموعة من العروض المسرحية التى حققت نجاحًا وطافت العديد من الدول العربية، ومنها «الدنيا لما تضحك، الستات ميعرفوش يكدبوا، حكم قراقوش، قسمتي، لو كنت حليوة، الجنيه المصري» بواقع 33 عملاً مسرحيًا، حتى اعتزل المسرح عام 1946. أيضا قدم «الريحاني» 10 أفلام، منها «سلامة في خير، صاحب السعادة كشكش بيه، لعبة الست، أبو حلموس، سي عمر، غزل البنات، أحمر شفايف». قصة زواج «الريحاني» من بديعة مصابنى التقى نجيب الريحاني، بالراقصة اللبنانية بديعة مصابنى، والتى كانت تعمل فى إحدى الفرق التمثيلية، واصطحبها إلى مصر وتزوجا وسافرا مع فرقتهما إلى أمريكا الجنوبية لتقديم عدد من العروض المسرحية، وافتتحت «كازينو بديعة»، وأسست فرقتها المسرحية والتى تحمل اسمها. ولكن لم تدم العلاقة بينهما على وفاق، واشتد الخلاف بينهما مما جعلها تطلب الطلاق. كما تزوج الريحانى أيضًا من نجمة الاستعراضات بفرقته، لوسى دى فرناى، الفرنسية من أصل ألمانى، وأنجب منها ابنته جينا. وصل إلى نجع حمادى رجل أجنبى، وكان يعمل منوما مغناطيسيا، ومعه زوجته الفرنسية، والتى تتمكن من قراءة الكف، اشترى تذكرة «لوترى» قام المُنوم المغناطيسى بتوزيعها بعشرين مليما، بينها تذكرة واحدة هى الفائزة، والذى يحصدها تقرأ له زوجته الكف وتطلعه على أسراره ومستقبله، ليشترى تذكرة، ولكن يشاء القدر أن يفوز بها زميله فى العمل عبد الكريم أفندى صدقى، ولحكمة يعلمها الله صدر له أمر بالسفر فى مأمورية عمل ليعطى «الريحانى» التذكرة الفائزة ليستفيد هو منها ويذهب إلى قارئة الكف، وقال عنها فى مذكراته إن هذه السيدة أخبرته بأشياء حدثت له فى الماضى، وحكت له ظروفا خاصة مما جعله فى ذهول لأمره. وتنبأت بمستقبله، والتى يقسم بأنه اجتاز من أدوار حياته مراحل سبق أن تنبأت له بها هذه السيدة، حيث قالت له إن حياته عبارة عن ضجة صاخبة، وإن أموالًا ستتداولها يديه، وإنه سينتقل بين الفقر والغنى، وكذلك تنبأت بأنه سيتعرض لصدام بسيارة يكون فيها، وهذا ما جعله يبعد عن اقتناء سيارة لنفسه وإن ركب مع أحد السائقين يستحلفه بأن يتمهل فى القيادة. دون «الريحانى» مذكراته عام 1949، والتى نُشرت بعد رحيله بعشر سنوات، ولم يتوقف الراحل عن إبراز نجاحاته فقط، بل سرد حكايته من البداية إلى النهاية بعثراتها ونجاحاتها لتصبح مذكراته رحلة مثيرة وكأنه يختتم حياته بعمل فنى متكامل لم تكن تسرد فقط حياته، بل شاهدة على العصر والحركة المسرحية في ذلك الوقت. «أنا كده حظي كده» هكذا وصفت تلك الجملة حياة «الضاحك الباكي» الفنان الراحل نجيب الريحاني، والتي طالما رددها كثيرًا على الشاشة لينقل لنا عبر أعماله ويسلط الضوء على حياته باستحياء خلال الدراما بأدوار متنوعة لتوضح صورة «الريحاني» الذي يعاني الكثير من التحديات في حياته الفنية من خلال الشخصيات التي قدمها. ولم تكن عباراته هذه إلا سوى مرأة أخرى لحياته الواقعية والتي صادفها نفس التحديات كالدراما أو الشخصيات التي قدمها ولكن في هذه المرة في حياته الإنسانية، حتى يصل الأمر به ليرثي نفسه بكلمات مؤثرة قبل رحيله بخمسة عشرة يومًا، من خلال مذكراته ليصف حياته كما رآها وعاشها في مفارقة قدرية غريبة. وتضمن كلماته في رثاء نفسه: «مات نجيب الذي اشتكى منه طوب الأرض وطوب السماء، مات «نجيب» الذي لا يعجبه العجب، ولا الصيام في رجب، مات الرجل الذي لا يعرف إلا الصراحة في زمن النفاق ولم يعرف إلا البحبوحة في زمن البخل والشُح، مات (الريحاني) في 60 ألف سلامة» عبارات مؤلمة ودرامية لما مر به «كشكش بيه» كما اشتهر في أفلامه خلال مشواره الإنساني والفني. أعمال أعيد تقديمها مسرحيًا بعد رحيله عدد من الأعمال المسرحية لنجيب الريحانى أعيد تقديمها مسرحيًا من جديد بعد رحيله، بينما تم تحويل أعمال مسرحية إلى السينما، من بينها «الستات ما يعرفوش يكدبوا»، «حماتى ملاك»، «حماتى قنبلة ذرية»، «حسن ومرقص وكوهين»، «لو كنت غنى»، «دلع البنات»، «الفرسان الثلاثة»، «أم أحمد». كما أن هناك عددا من الأعمال المسرحية، والتى تمت إعادة تقديمها مرة أخرى، فى الستينيات، ولكن تم تغيير أسمائها، من بينها «الجنيه المصرى» والذى أعادها الفنان فؤاد المهندس، تحت أسماء أخرى، من بينها «السكرتير الفنى»، و«البرنسيسة» والتى قدمت بـ«سيدتى الجميلة»، «قسمتى» والتى قُدمت تحت اسم «أنا وهو وهى»، و«الدنيا بتلف» بـ«أنا وهى وسموه»، وكذلك «علشان سواد عينيها» بـ«علشان خاطر عيونك». تعرض نجيب الريحاني، بإصابته بمرض التيفود، والذي تسبب بدوره في تلف قلبه ورئتيه، ليُقدم قبل وفاته بـ 15 يومًا، بكتابة رثاء لنفسه وكانه كان يعلم أنه ليس هناك مزيد من الوقت، لتأتي عباراته «مات نجيب.. مات الرجل الذي اشتكى منه طوب الأرض وطوب السماء» ولتكون تلك العبارات آخر ما قاله ليرحل في 8 يونيو 1949.