
ثقافة : وفاة صنع الله إبراهيم.. ترجم أعمال من الأدب العالمي أبرزها التجربة الأنثوية
نافذة على العالم - رحل عن عالمنا الأديب الكبير صنع الله إبراهيم عن عمر ناهز 88 عاما، على إثر إصابته بالتهاب رئوي نقل على أثره إلى أحد مستشفيات القاهرة.
ويعد الأديب الراحل صنع الله إبراهيم أحد أبرز رواد الأدب فى مصر، كما أنه علامة من علامات الأدب المصرى، وله مجموعة متنوعة من الأعمال المميزة، ودخلت بعضها فى قائمة أفضل مائة رواية عربية، وبعيدا عن الرواية الإبداعية، قام الكاتب الكبير بترجمة بعض الأعمال من الأدب العالمي، هي:
التجربة الأنثوية: مختارات من الأدب النسائي العالمي
لم يقف هذا الكتاب عند ترجمة بعض النصوص الأدبية لكاتبات عالميات، بل هو مشروع لفكرة دارت في خلد صنع الله إبراهيم وراح يطرحها عبر هذه النصوص، تَقوم الفكرة على فَهم الذات الأنثوية من خلال المرأة ذاتها؛ أي إدراك الأحاسيس والمشاعر التي تتشكل في هذا المخلوق من خلال ما ذكرته هي عن نفسها، فالمرأة أبلغ من يكتب عن المرأة؛ هي التي تشعر، وهي الأكثر قدرة على التعبير عما تشعر به، وخاصةً إذا كان الشعور لا يتعلق بطموحاتها، وإثبات ذاتها العملية والعلمية والمجتمعية، بل هو شعور يَتعلَّق في الأساس بجنسها، وكيفية فَهمها طبيعةَ جسدها، ورغبات هذا الجسد. تجرِبة خاصة وفريدة وجريئة في آن واحد، لكنها بلا شك تسلط الضوء على أمور كثيرة ظلت طويلا أسيرة لمحرمات مجتمعية، لكن صار من الممكن البوح بها.
العدو
كتاب يتحدث عن جمالية فن العمارة، والقبح الذي أصاب العمارة في العقود الأخيرة، ويقول صنع الله إبراهيم في مقدمة هذا الكتاب: هل فكرت يوما في مدى توافق المباني التي نعيش فيها، مع الطبيعة والحالة النفسية والرُّوحية؟ أم إن نظرتك إليها لم تتجاوز الخرسانات التي يجب أن تتحمل الزلازل والأعاصير، وأن تكون مُسلَّحة بشكلٍ يكفل لها الصمود قرنا من الزمن، حتى إن كانت تخلو من كل جميل؟ العمارة إبداع وفن وفلسفة وخيال، هكذا رآها المعماريون الكبار؛ ومن ثم جاءت أعمالهم آية من الجمال، تعكس روح الفنان الذي صممها، وتؤدي الوظيفة التي يجب أن يكون عليها السكن، وهو سكن للروح والنفس، وليس للجسد فقط، وهذا ما أدركه «روبي» في طفولته، وظل حلمه الذي يراوده طَوال حياته؛ فقد حلم بتصميم منزل يعكس خياله وروحه، ينبض بالجمال، ويتحرك بخفة وانسيابية، ولكن التوحش المادي لا يسمح لهذه الأحلام بأن تنمو!
الحمار
رواية لجونتر دي بروين، وترجمها صنع الله إبراهيم، جاء في مقدمتها: ثمة مثل يقول: «إذا تفلسف الحمار مات جوعا!» وهو مثل مأخوذ عن قصة «حمار بوريدان»؛ وهي قصة افتراضية عن حمار يعاني الجوع والعطش، وضع أمام كومة من القش، وسطل من الماء، فحار بأيهما يبدأ، وظل على حيرته حتى مات جوعا وعطشا! وفي الرواية التي بين أيدينا يجسد «كارل إرب» نموذج «حمار بوريدان»؛ فقد ترك زوجته وأسرته والحياةَ الرغدة التي كان يحياها ليتزوج من «برودر»، وهي فتاة من طبقة فقيرة يعيش معها في مسكن متواضِع للغاية، لكنه يسأم من هذه الحياة ويقرر العودة إلى حياته السابقة، لكن زوجته الأولى ترفض أن يعودا زوجين كسابق عهدهما. تقدم الرواية بأسلوب ساخر نقدا لاذعا للمفاهيم الاشتراكية وفترة الحكم الشيوعية لألمانيا الشرقية عقب الحرب العالمية الثانية، وتُسلِّط الضوءَ على الكثير من خبايا النفس البشرية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الدستور
منذ 2 ساعات
- الدستور
ثلاثية الرفض والهزيمة
يرحم الله الأديب العظيم صنع الله إبراهيم صاحب ثلاثية الرفض والهزيمة، تلك الروايات التى تعد علامة فارقة فى تاريخ الأدب العربى الحديث. هذه الثلاثية، التى تضم روايات «تلك الرائحة»، و«نجمة أغسطس»، و«اللجنة»، هى ليست مجرد أعمال روائية عادية، بل هى وثيقة فنية وإنسانية تسجل حالة من الاغتراب العميق والرفض الجذرى للواقع السياسى والاجتماعى الذى عاشته مصر فى فترة ما بعد نكسة ١٩٦٧، إنها صرخة احتجاج ضد الأنظمة القمعية، وتعبير عن هزيمة فردية وجماعية لم تقتصر على الهزيمة العسكرية، بل امتدت لتشمل الهزيمة الأخلاقية والوجودية. ويعد صنع الله إبراهيم من أبرز الروائيين الذين عاصروا تحولات مصر فى منتصف القرن العشرين، وتأثرت تجربته الأدبية بشكل عميق بفترة اعتقاله السياسى فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر. هذا الاعتقال لم يكن مجرد حدث عابر، بل كان تجربة وجودية صاغت رؤيته للعالم وأدواته الفنية. ومن هنا جاءت «ثلاثية الرفض والهزيمة» لتكون شهادة حية على تلك المرحلة، حيث استخدم الكاتب أسلوبًا فنيًا جديدًا ومختلفًا عن السائد فى ذلك الوقت. فى رواية «تلك الرائحة» التى صدرت ١٩٦٨، وهى الرواية الأولى فى الثلاثية، تعد إحدى أكثر الروايات تأثيرًا وإثارة للجدل. تروى قصة سجين سياسى سابق يخرج من السجن ليجد نفسه فى عالم غريب عنه، لا يمتلك فيه أى دور أو هدف. والرواية مكتوبة على شكل يوميات، تتسلسل فيها أحداث يومية، تتراوح بين مشاهداته للشوارع، ومحاولاته اليائسة للتواصل مع الآخرين، وعلاقته الغامضة بجارته. ما يميز الرواية هو غياب الحوار والوصف النفسى المباشر، حيث اعتمد صنع الله إبراهيم على تقنية «الموضوعية السردية» التى تقدم الأحداث كما هى، تاركًا للقارئ مهمة استنتاج الحالة النفسية للشخصية. و«الرائحة» هنا ليست مجرد رائحة كريهة، بل هى رمز لرائحة الفساد والقمع التى تخيم على المجتمع. والشخصية الرئيسية التى تظل بلا اسم تمثل الإنسان الهامشى الذى لا ينتمى، والذى يرفض الاندماج فى نظام لا يؤمن به. أما «نجمة أغسطس» التى صدرت عام ١٩٧٤، وهى الرواية الثانية، فتمثل نقلة نوعية فى أسلوب صنع الله إبراهيم. وتدور أحداث الرواية حول مشروع السد العالى، الذى كان يمثل فى ذلك الوقت رمزًا للأمل والتقدم فى مصر الناصرية. ومن خلال قصة مهندس مصرى يعمل فى المشروع، يكشف «صنع الله» عن الوجه الآخر لهذا الإنجاز الضخم الذى يتمثل فى الفساد الإدارى، وسوء التخطيط، وضياع الإنسان فى ظل المشاريع العملاقة. والرواية تكسر حاجز السرد التقليدى، وتستخدم تقنيات جديدة، مثل إدخال الوثائق الرسمية والتقارير الصحفية والإعلانات التجارية فى متن السرد. هذا الأسلوب «التوثيقى» يمنح الرواية مصداقية إضافية، ويجعلها أشبه بوثيقة تاريخية تسجل حالة الهزيمة فى زمن كان يفترض فيه أن يكون زمن الانتصار. و«نجمة أغسطس» ليست مجرد رواية عن مشروع، بل هى استعارة عن فشل الحلم القومى الكبير. وتختتم الثلاثية برواية «اللجنة»، التى صدرت عام ١٩٨٢، وتعتبر الأكثر جرأة فى طرحها السياسى. تدور أحداث الرواية حول شخصية الكاتب الذى يجد نفسه أمام لجنة غامضة تتحكم فى مصيره ومصير الآخرين، وتفرض عليه مهمة الكتابة عن شخصية معينة، ما يعكس سيطرة القوى الخفية على الحياة العامة. وتتميز الرواية بالغموض والسخرية، وتطرح تساؤلات حول السلطة والرقابة والحرية الفكرية. كما أنها تتناول قضايا سياسية واجتماعية معاصرة. وتجمع هذه الثلاثية رؤية فنية موحدة، تقوم على رفض السرد التقليدى واللغة المباشرة. يفضل «صنع الله» استخدام لغة موضوعية، خالية من العواطف الزائدة. وتعكس حالة الاغتراب والفصام التى تعيشها الشخصيات. هذا الأسلوب الفنى الذى يمكن تصنيفه ضمن تيار «الواقعية الجديدة» أو «الرواية الموضوعية» كان له تأثير كبير على الأجيال اللاحقة من الروائيين العرب. وتعد «ثلاثية الرفض والهزيمة» لصنع الله إبراهيم أكثر من مجرد مجموعة من الروايات، بل هى شهادة فنية على فترة تاريخية عصيبة. إنها صوت لمن لا صوت لهم، وصرخة احتجاج ضد القمع. ومن خلال هذه الأعمال لم يسجل صنع الله إبراهيم تاريخًا للأحداث، بل سجل تاريخًا للمشاعر المكبوتة، والأحلام المهزومة، والأرواح التى ترفض أن تستسلم لواقع لا يشبهها؛ لذلك تظل هذه الثلاثية حتى يومنا هذا منارة فى الأدب العربى، تنير دروبًا جديدة للتعبير عن الواقع بصدق وجرأة.


بوابة الأهرام
منذ 3 ساعات
- بوابة الأهرام
السفير الروسي في القاهرة ينعي صنع الله إبراهيم
منة الله الأبيض أرسل السفير الروسي بالقاهرة جيورجي بوريسينكو برقية عزاء لأسرة الكاتب الكبير الراحل صنع الله إبراهيم، مؤكدًا أننا استقبلنا خبر الوفاة بحزن شديد؛ لما تمتع به الكاتب من بصمه استثنائية في الأدب العربي والعالمي. موضوعات مقترحة وقال السفير إن الأديب الكبير عبر من خلال أعماله عن طموح وأحلام الشعب المصري والأمة العربية، وأصبح أحد رموز الأدب العربي، وتُرجمت أعماله إلى لغات العالم المختلفة. وفي روسيا قامت المستشرقة الروسية الكبيرة الراحله "فاليريا كيربيتشينكو" بترجمة مجموعة من اعماله للغة الروسية، وارتبط الكاتب بصداقة قوية مع رموز الثقافة الروسية من كتاب ومستشرقين، كما اننا نعتز كون صنع الله ابراهيم كان يوما أحد الدارسين في روسيا عندما درس بمعهد السينما في موسكو.


الدستور
منذ 6 ساعات
- الدستور
جهاد الرنتيسي: صنع الله إبراهيم امتد به العمر ولم ينل المرض من عزيمته
تحدث الكاتب الأردني، جهاد الرنتيسي، في تصريحات خاصة لـ 'الدستور' حول تأثير الروائي صنع الله إبراهيم، في الأدب العربي، وتحديدا الكتاب العرب. واستهل 'الرنتيسي' حديثه قائلا إن صنع الله إبراهيم: اعتدنا عليه كما اعتاد الفلاحون في بلادنا على مجاري الأنهار، ومثلما ضبطوا إيقاع حياتهم على مواقيت هطول الأمطار، تبعناه كما تبع العرب القدماء النجوم لمعرفة الاتجاهات في ترحالهم، صار معلما مثل أهرامات الفراعنة، بتراء الأنباط، ومغارة شقبا، لكني لا أذكر بدايات لأثره على أبناء جيلي. صنع الله إبراهيم امتد به العمر ولم ينل المرض من عزيمته وتابع: لبعض الكتاب أثرهم المزدوج على الأجيال اللاحقة، تتلازم مواقفهم مع إبداعاتهم إلى الحد الذي يصعب الفصل بين الأثنين، ليصبح الإبداع بعض الموقف، والموقف شيئا من الإبداع، لا يمكن عزل نتاجات غسان كنفاني الروائية عن طريقة استشهاده، منافي غالب هلسا عما قدمه، رحل المبدعان مبكرا، وكان التحدي أكبر أمام صنع الله إبراهيم الذي امتد به العمر ولم ينل المرض من عزيمته. أجدني في قلب المثلث حين أعيد تقييم المشهد بعد رحيل صنع الله إبراهيم، أرى في الثلاثة تحديا للخراب الداخلي الذي ينخر البشر، جمالا نحتاجه لمواجهة ما يحيط بنا من بشاعة، يضاف إلى ذلك خجلي من قبول ما رفضوه، ولا أضيف جديدا حين أشير إلى ملامح جرامشية تشكلت من طينة تجاربهم. كانت لهم إسهاماتهم في التحديث الفني للرواية، بما يخدم رؤاهم الرافضة للمآلات التي انتهت إليها أحوال البلاد والعباد، مما وضع الأجيال التي تأثرت بهم أمام أسئلة الإبداع والبحث عن أشكال سردية جديدة. يكاشفني نقاد رواياتي بآثارهم فيها، وأرد عليهم بإنني لم آت من فراغ، أحمل كل هذا الإرث، وتلح على ضرورات التجديد والتمرد على الموروث التي بشروا بها، وفي ذلك ما يستحق دفع فواتير الاختلاف عن السائد. وتابع: "توقفت مؤخرا عند تصنيف "ثلاثيتي" صنع الله إبراهيم، تحدث محمود أمين العالم عن ثلاثية الرفض والهزيمة التى تربط بين روايات تلك الرائحة، نجمة أغسطس، واللجنة، وتعامل البعض مع الروايات الثلاث الإخيرة باعتبارها ثلاثية، وكان لي رأيي بضرورة التعامل مع تلك الروايات باعتبارها حلقة من حلقات تطوره الإبداعى وايلاء اهتمام أكبر للسرد وأساليبه بدلا من التورط في فوضى التقسيم إلى ثلاثيات". كواليس اللقاء الأخير مع صنع الله إبراهيم سألته عندما زرته في يناير الماضي عن رأيه في مقالة "فاصلة بين «ثلاثيتى» صنع الله إبراهيم التي نشرتها، وعاتبني على عدم الاستمرار في التنظير للجوانب التي تحدثت عنها، الأمر الذي ترك انطباعا بإنني لم أجانب الصواب، وشعورا بتقصير التلميذ تجاه معلمه. واختتم 'الرنتيسي': امتد الحديث للسؤال عن عدم كتابته حول تجربة الرئيس السادات، مثلما كتب عن التجربة الناصرية، لا سيما وأنه عانى من العهدين، أجابني دون أن يرف له جفن أن المرحلة لا تهمه، لإدرك مدى تعلقه بالتجربة الناصرية، وأدهشني عزمه على مواصلة مشروعه الروائي رغم ظرفه الصحي. ألحت علي عند خروجي من شقته الإحباطات التي مرت عليه منذ أن وجد نفسه مقيدا مع شهدي عطية، رجحت إنه اللقاء الأخير، تابعت تدهور وضعه الصحي خلال الأشهر الماضية، بما أتيح في وسائل الإعلام وإفادات الأصدقاء، لكني فوجئت بوفاته، ولكي أكون أكثر دقة فجعت بها.