
سورية تتعافى وتنتظر المستقبل - إيطاليا تلغراف
إيطاليا تلغراف
فاطمة ياسين
كاتبة سورية، صحفية ومعدة ومنتجة برامج سياسية وثقافية
لم يتأخّر الاتحاد الأوروبي في رفع العقوبات عن سورية، بعد خطوة الولايات المتحدة التي أزالت معظم القيود المفروضة خلال عهد الأسدين، فمنذ نهاية السبعينيات، بدأت ممارسات النظام السوري تراكم العقوبات فوق كاهل الشعب، حتى تصاعدت بشكل كبير بعد أشهر من بدء الثورة السورية ضد بشّار في مارس/ آذار عام 2011، حتى وصلت إلى تقييد كامل لأي حركة سياسية أو اقتصادية سورية، ووصل الوضع إلى حالة الإنهاك التي نعرفها، وعكستها بوضوح صورة الداخل بعد وصول قوات المعارضة إلى دمشق، ومن حينها دأبت القيادة الجديدة على العمل بشكلٍ جادٍّ لرفع العقوبات بالكامل، أو التخفيف منها، وبدت تعرف الوسيلة جيداً، فأطلقت جميع من في السجون، وفتحت حدودها إيذاناً ببدء عودة اللاجئين، وأبدت استعداداً كاملاً للتخلص من مستودعات الأسلحة الكيميائية التي كان النظام يخفيها إلى حين حاجته إليها.. كانت هذه الإجراءات التي طبّقت بمجرّد وصول السلطة الجديدة، من جملة شروطٍ أخرى نصّ عليها قرار الأمم المتحدة 2254 بخصوص سورية. ولم تتوقف العجلة عند ذلك، فقد بدأت عملية ترتيب البيت الداخلي بسرعة وجدّية عاليتين، فتسارعت القرارات التنظيمية والإدارية لتبدو سورية بمظهر دولة حقيقي، بعد أن فقدت هويتها السياسية والاقتصادية قرابة عقد ونصف العقد.
شكّلت المسألة الأمنية أولوية قصوى، وقد استوعبت وزارة الداخلية ذلك، فأعادت الأسبوع الماضي هيكلية جهازيها الوظيفي والفني، وقسّمت القُطر إلى محافظات، وجعلت قائداً واحداً للأمن في كل منطقة، بعد أن مسحت طريقة النظام القديم الذي كان يقيم أجهزة أمنية متعدّدة ذات مهام متداخلة، تسمح بالدخول في صراعات مباشرة فيما بينها، وقد حدث ذلك مراراً، بغرض زيادة سيطرة رأس النظام بإبقاء حرارة التنافس بين تلك الأجهزة. أما اليوم، فقد أصبح 'الأمن الداخلي' الجهة الوحيدة التي يسمح لها بالتعامل المباشر مع المواطن بحسب الهيكلية الجديدة، ما يجعل التعامل أيسر وأسرع.
لم تستطع السلطات الجديدة، قبل إعادة الهيكلة، أن تتجنّب أحداثاً مؤسفة وقعت في الساحل بعد هجماتٍ من فلول النظام، وألقى هذا الحدث الأمني صدّاً دولياً، وتُرجم على شكل عقوبات طاولت شخصين، إلى جانب كيانيْن، كانا قد ذابا عملياً في هيكل الجيش بحسب وزير الدفاع. ولكن اللافت في هذا القرار أن الاتحاد الأوروبي الذي أصدره فرّق بين السلطة القائمة والشخصيات المستهدفة، تصديقاً لرواية الأمن العام الذي أقر بوقوع حوادث ذات طبيعة فردية أو منفلتة، فجاءت العقوبات منسجمةً تماماً مع هذا الإعلان، والآن بتنظيم الأمن ونشره في كل أرجاء سورية نتوقع عدم وقوع حوادث مشابهة، وهو ما على السلطة الحالية أن تحرص عليه وهو ضمن مسؤولياتها، وقد يكون تنظيم الجيش الذي أعلنه وزير الدفاع عاملاً مساعداً بعد إذابة أكثر من 130 كياناً وفصيلاً عسكرياً في جسد الجيش السوري الوليد.
بعد تشكيل جهاز الأمن، ورفع العقوبات، لن يكون هناك أي عائق أمام التخطيط لعملية تنموية شاملة تحتاج إليها سورية بشدّة، لتعيد إقلاعها، وهو تحدٍّ آخر أكثر صعوبة من رفع العقوبات الذي جرى بسرعة قياسية، ونشر الأمن الذي ننتظر اختبار فاعليته، وهناك مساندة ليست مسبوقة من الولايات المتحدة ودول أخرى مؤثرة وأساسية في الإقليم تمتلك الإمكانات والإرادة لدعم سورية.. وعَقْد الاتفاقيات الأربع قبل أيام نقطة مهمة في مسيرة سورية بمجال الطاقة الشمسية ومحطّات التوليد بواسطة الغاز، ضمن استثمار بمليارات الدولارات، وقد جرى توقيعها بالأحرف الأولى في دمشق، وهي فاتحة لمجموعة أخرى من المشاريع يجري التبشير بها في كل القطاعات. وبذلك تكون سورية قد وضعت قدمها على سلّم التعافي، بعد فترة الأسدين التي صبغت سورية بلونها الكالح، وعتمت على حاضرها، وصعّبت المهمة أمام من يرغب في بناء مستقبل مشرق لها.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار
منذ 39 دقائق
- النهار
باتنة.. الحبس لطالب وشريكه بتهمة الغش في 'البيام' باستعمال سماعة بلوتوث
أمر وكيل الجمهورية لدى محكمة مروانة، بإيداع طالب ممتحن في شهادة التعليم المتوسط، وشريكه الحبس المؤقت. حسب بيان صادر عن وكيل الجمهورية لدى الهيئة القضائية ذاتها. وجاء في البيان، أنه 'عملاً بأحكام المادة 11 من قانون الإجراءات الجزائية، يعلم وكيل الجمهورية لدى محكمة مروانة الرأي العام أنه في إطار مكافحة جرائم المساس بنزاهة الامتحانات، تم بتاريخ 01 جوان 2025، ضبط المدعو (ر.ع.و) طالب متلبسا أثناء اجتياز امتحان شهادة التعليم المتوسط في مادة اللغة العربية باستعمال سماعة بلوتوث وبطاقة إلكترونية مزودة بشريحة هاتف نقال. بمساعدة المدعو (ت.س) من أجل تزويده عن بعد بالأجوبة عن الأسئلة المطروحة'. وبتاريخ 02 جوان 2025، وبعد تقديم المشتبه فيهما، تمت متابعهما لارتكابهما جنحة المساس بنزاهة الامتحانات بالشروع في تسريب المواضيع أثناء الامتحانات النهائية للتعليم المتوسط باستعمال وسائل الاتصال عن بعد. وإحالتهما للمحاكمة عن طريق إجراءات المثول الفوري. يضيف المصدر ذاته. وبعد مثولهما أمام قاضي المثول الفوري، قرر تأجيل القضية ليوم 9 جوان 2025 بطلب من المتهم الأول من أجل تحضير دفاعه. مع الأمر بوضعهما رهن الحبس المؤقت.


الخبر
منذ ساعة واحدة
- الخبر
ضبط طالب متلبس بالغش
أعلم وكيل الجمهورية لدى محكمة مروانة الرأي العام أنه في إطار مكافحة جرائم المساس بنزاهة الامتحانات، تم بتاريخ 01 جوان 2025، ضبط المدعو (ر.ع. و)، طالب، متلبسا أثناء اجتياز امتحان شهادة التعليم المتوسط في مادة اللغة العربية باستعمال سماعة بلوتوث وبطاقة إلكترونية مزودة بشريحة هاتف نقال بمساعدة المدعو (ت.س) من أجل تزويده عن بعد بالأجوبة عن الأسئلة المطروحة. وحسب بيان لوزارة العدل جاء هذا "بتاريخ 02 جوان 2025، وبعد تقديم المشتبه فيهما، تمت متابعهما لارتكابهما جنحة المساس بنزاهة الامتحانات بالشروع في تسريب المواضيع أثناء الامتحانات النهائية للتعليم المتوسط باستعمال وسائل الاتصال عن بعد، وإحالتهما للمحاكمة عن طريق إجراءات المثول الفوري". وأضاف نفس المصدر، أنه "بعد مثولهما أمام قاضي المثول الفوري قرر تأجيل القضية ليوم 09 جوان 2025 بطلب من المتهم الأول من أجل تحضير دفاعه، مع الأمر بوضعهما رهن الحبس المؤقت".


خبر للأنباء
منذ ساعة واحدة
- خبر للأنباء
سيول الأمطار تجرف مركبة ووفاة شخص وإنقاذ آخرين بإب
وذكرت أن سيول الأمطار جرفت سيارة في منطقة السبل، بجوار القصر الملكي غرب مدينة إب، عاصمة المحافظة، حيث كان على متنها السائق وآخرون من عائلته. ونشر ناشطون تسجيلات مصورة وثقت محاولات الإنقاذ، وجرف السيول للسيارة. ووفق المصادر فإن شخصاً على الأقل توفي، وأنقذ آخرون، بعد إصابتهم ونقلهم إلى أحد مستشفيات مدينة إب، بجهود شعبية وبغياب كامل للدفاع المدني الخاضع لمليشيا الحوثي. وأشارت إلى أن المتوفى يدعى أمين العواضي علي عبده العواضي، وهو تاجر ذهب في مدينة إب، حيث توفيت والدته يوم أمس، وكان في قاعة العزاء، ليخرج بسيارته التي جرفتها السيول، ويلحق بوالدته بعد يوم واحد من فراقها. ومنذ بدء موسم الأمطار الجاري بإب، توفي وأصيب أكثر من 16 شخصا، جراء الأمطار والسيول والصواعق الرعدية وتهدم بعض المنازل، بمختلف مديريات المحافظة، بالإضافة إلى وفيات غرقا في آبار وبرك مائية مكشوفة.