logo
نتنياهو في نفق الزيف

نتنياهو في نفق الزيف

البوابةمنذ 2 أيام

يبدو أن كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي الأخيرة في القمة العربية لم تمر مرور الكرام على نتنياهو. تلك الكلمة الواضحة الصريحة التي نطقت بالحقيقة، والتي جاء فيها: "حتى لو نجحت إسرائيل في التطبيع مع جميع الدول العربية، فإن السلام الدائم والشامل سيظل بعيد المنال ما لم تُقم الدولة الفلسطينية".. هذه العبارة تحديدًا هزّت جدران الوهم التي حاولت حكومة الاحتلال أن تبنيها عبر سنوات من البروباجندا السياسية والدينية والتاريخية.
فلم يكن من قبيل المصادفة أن يظهر نتنياهو بعد أيام قليلة من القمة، في نفقٍ محفور تحت المسجد الأقصى، ناطقًا بكلمات باردة من عمق الأرض، كمن يحاول الاختباء من ضوء الحقيقة، إنها ليست جولة عفوية، بل مسرحية محكمة الإخراج، هدفها إيصال رسالة: "نحن هنا، فوق الأرض وتحتها"، لكن خلف هذه الثقة المتظاهرة، يختبئ توتر عميق، إدراك داخلي بأن المشروع الصهيوني، رغم كل ما يملكه من أدوات قوة، يفتقد إلى الشرعية الحقيقية التي لا يمنحها سوى التاريخ والضمير الإنساني والاعتراف بالحق الفلسطيني.
المشهد في جوهره، محاولة ساذجة لإنتاج صورة إعلامية مكذوبة، نتنياهو، ومن خلفه أدوات الإعلام الصهيوني، يحاولون ترسيخ فكرة أن القدس موحدة "تحت السيادة الإسرائيلية"، وأن الأقصى ليس حكرًا على المسلمين، وأن ما يسمونه بـ"الهيكل" هو الحقيقة، وما عداه وهم، لكن الحقيقة تكشف عكس ذلك تمامًا: لا أدلة أثرية وجدت رغم الحفريات، ولا سردية روحية تمكنت من منافسة عمق الارتباط الإسلامي والعربي بالمكان، ولا قوة عسكرية استطاعت أن تنتزع القدس من قلب الأمة.
هذا الزيف الإعلامي من احتفالات باطلة، ورايات كتب عليها "في 67 أخذنا القدس، وفي 2025 أخذنا غزة"، وهتافات عدوانية لا تعبر إلا عن عقلية مأزومة، تشعر أن التاريخ يتسرب من بين يديها، فحين يعجز الاحتلال عن فرض روايته بالحق والمنطق، يلجأ إلى الاستعراض في الأنفاق، ومحاولات تغيير أسماء الأبواب، واستصدار قرارات قضائية تؤسس لما يسمى "التقسيم المكاني والزماني."
ورغم كل ذلك، يظل السؤال الأساسي قائمًا: هل يستطيع نتنياهو أن يغير الحقيقة بالرمزية العدوانية؟ الإجابة جاءت واضحة على لسان الرئيس المصري: "السلام سيبقى بعيد المنال ما لم تقم الدولة الفلسطينية"، وهذا المبدأ لا يُمكن تجاوزه أو التحايل عليه، مهما تعددت مشاهد التطبيع أو تبدلت مواقف الحكومات.
الرؤية الاستراتيجية واضحة: لا يمكن لأية تسوية سياسية أن تنجح ما لم تعالج جوهر الصراع، وهو الاحتلال، والظلم التاريخي الواقع على الشعب الفلسطيني، وكل ما دون ذلك محاولات لتسكين جرحٍ ينزف، وحتى حين طالب الرئيس السيسي الإدارة الأمريكية ببذل كل الجهود لوقف إطلاق النار في غزة، ربط هذا الطلب بالشرط الأساسي: قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، أي أن وقف النار وحده، من دون عدالة، ليس حلًا، بل تأجيل لانفجار أكبر.
ما يجري اليوم هو فصل جديد من فصول التزوير الصهيوني للواقع، لكن الصورة على الأرض لم تتغير: القدس فلسطينية، والأقصى إسلامي، والاحتلال لا يمنح شرعية، بل يفضح عجزًا عن مواجهة الحقائق فوق الأرض، ما يضطر قادته للهرب إلى الأنفاق.
إننا لا نقف اليوم أمام مشهد تهويد ناجح، بل أمام مشهد تهويد مأزوم، فالمقاومة لا تزال تنبض في الضفة، والوعي العربي من مصر يستعيد موقعه، وكلما ازدادت محاولات تزوير الوعي، ازدادت الحاجة إلى التمسك بالثوابت: فلسطين ليست قضية حدود، بل قضية وجود، والقدس ليست ورقة تفاوض، بل قلب الأمة.
من يراقب الحالة النفسية المتدهورة للجنود في العديد من المواقع الإسرائيلية يدرك حجم الاضطراب الذي يعيشه جيش الاحتلال، حتى بات المشهد مكررًا: وجوه شاحبة، أعصاب منهارة، وارتباك يصل حد التبول عند أول صوت انفجار، ليست مبالغة، بل تقارير وشهادات ميدانية تؤكد أن هؤلاء "الجنود" يخشون حتى أصوات طائراتهم، ويعيشون تحت ضغط نفسي مزمن، نتيجة إدراكهم أن وجودهم على هذه الأرض قائم على الباطل، وأنهم في كل لحظة يواجهون مقاومة لا ترحم.
إن التفسير الحقيقي لحالة الاستفزاز المستمر التي يمارسها الاحتلال، من اقتحامات ومظاهرات عدوانية واستعراضات جوفاء، ليس قوة موقف كما يروج إعلامهم، بل العكس تمامًا: إنها محاولة بائسة للتغطية على الانهيار المعنوي وفقدان الثقة بالذات، فلو كان جيش الاحتلال وقيادته يملكون أدنى ثقة برجولتهم وعدالة قضيتهم، لنزلوا إلى الميدان مقاتلين وجهًا لوجه، لا مختبئين خلف دبابات وطائرات وطائرات مسيّرة.
لكن للأسف، أدوات الحرب في هذا العصر انحرفت عن شرف المواجهة، باتت تُدار بأزرار عن بعد، وبصواريخ تطلقها أيادٍ ترتجف خلف الشاشات، ضد أطفال ونساء وعُزل، لم تعد الحروب معارك رجولة وشرف، بل أصبحت مشاهد قتل جماعي تديرها دولة محتلة جبانة، تتغذى على دم الأبرياء وتختبئ من شبح الحقيقة.
إن ما نراه ليس استقواءً، بل سقوطًا أخلاقيًا وعسكريًا، مغطى بدخان القصف وصراخ الإعلام المزيف.
أكرر دائمًا، مصر جيشًا وشعبًا، ستظل صفًا واحدًا خلف رئيسها الذي عبر بوضوح في كلمته الأخيرة عن رؤية ثابتة لا تتزعزع: لا سلام دائم ولا استقرار في الشرق الأوسط دون قيام الدولة الفلسطينية، تتحمل مصر في سبيل هذه الرؤية ضغوطًا هائلة، سياسية واقتصادية وإعلامية، لكنها لا تساوم على مبادئها ولا تفرط في ثوابتها، والجيش المصري، الذي هو درع هذه الأمة وسيفها، جيش حامي لا غازٍ، جيش يصون الأرض والكرامة، ويعرف متى يصبر ومتى يتحرك، فلا تختبروا صبر مصر أكثر من اللازم، ولا تستفزوا هذا الوطن الذي إن نهض، نهض كالطود الراسخ لا يلين.
تذكروا أن مصر ليست نقطة على خارطة، ولا حدودًا ترسمها الأقلام، بل حضارة تضرب جذورها في أعماق الزمان، صمدت حين سقطت الإمبراطوريات، وعلت حين اندثرت العروش، مصر لا تقع لأنها الوطن حين يتلاشى المعنى، والتاريخ حين ينسى الجميع أين بدأ الطريق.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

رئيس دولة الإمارات والرئيس المصري يبحثان التطورات الإقليمية
رئيس دولة الإمارات والرئيس المصري يبحثان التطورات الإقليمية

سكاي نيوز عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • سكاي نيوز عربية

رئيس دولة الإمارات والرئيس المصري يبحثان التطورات الإقليمية

وذكرت وكالة الأنباء الإماراتية (وام) أن ذلك جاء "خلال استقبال رئيس دولة الإمارات في قصر الشاطئ في أبوظبي ، الرئيس المصري الذي يقوم بزيارة أخوية إلى دولة الإمارات حيث تبادل والرئيس عبد الفتاح السيسي في بداية اللقاء التهاني وأطيب الأمنيات بمناسبة قرب حلول عيد الأضحى المبارك". وتابعت: "كما استعرض الجانبان عددا من القضايا والملفات محل الاهتمام المشترك، وتبادلا وجهات النظر بشأنها وفي مقدمتها التطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وسبل استعادة الأمن والاستقرار في المنطقة، مؤكدين في هذا السياق أهمية تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار في قطاع غزة والعمل على إيجاد أفق سياسي واضح للسلام العادل والشامل الذي يقوم على أساس "حل الدولتين" ويضمن الاستقرار والأمن للجميع". كما أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس عبد الفتاح السيسي خلال اللقاء الحرص المشترك على مواصلة التشاور والتنسيق بين دولة الإمارات ومصر، بشأن كل ما يخدم المصالح المتبادلة للبلدين، ويسهم في تعزيز الاستقرار والأمن والسلام والذي يعد السبيل لتحقيق التنمية والازدهار لشعوب المنطقة كافة. وحضر اللقاء الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس الدولة نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس ديوان الرئاسة، والفريق سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية والشيخ حامد بن زايد آل نهيان، والشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون التنموية وأسر الشهداء، والشيخ حمدان بن محمد بن زايد آل نهيان نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون الخاصة، والشيخ زايد بن محمد بن زايد آل نهيان، والشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش، والشيخ حمدان بن مبارك آل نهيان رئيس اتحاد الإمارات لكرة القدم، والشيخ محمد بن حمد بن طحنون آل نهيان مستشار رئيس الدولة، وعلي بن حماد الشامسي الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن الوطني، والدكتور سلطان بن أحمد سلطان الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، ومحمد حسن السويدي وزير الاستثمار، وجاسم محمد بوعتابة الزعابي رئيس دائرة المالية أبوظبي، وعدد من كبار المسؤولين في الدولة. وقد غادر الرئيس المصري دولة الإمارات في ختام زيارته حيث كان في مقدمة مودعيه في مطار الرئاسة، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ، وعدد من الشيوخ وكبار المسؤولين.

محافظ المنوفية يستقبل وفد الطائفة الإنجيلية لتقديم التهنئة بعيد الأضحي المبارك
محافظ المنوفية يستقبل وفد الطائفة الإنجيلية لتقديم التهنئة بعيد الأضحي المبارك

البوابة

timeمنذ ساعة واحدة

  • البوابة

محافظ المنوفية يستقبل وفد الطائفة الإنجيلية لتقديم التهنئة بعيد الأضحي المبارك

استقبل اليوم اللواء إبراهيم أبو ليمون محافظ المنوفية بمكتبه بالديوان العام ، وفد الطائفة الإنجيلية بالمنوفية والغربية ، وذلك لتقديم التهنئة بمناسبة بعيد الأضحي المبارك . حيث قدم الوفد التهنئة لمحافظ المنوفية وشعب المحافظة احتفالا بالعيد ، متمنين دوام التقدم والرقي والاستقرار للبلاد وأن يديم الله الوحدة بين أبناء مصر، مشيدين بالدور الحيوي لمحافظ المنوفية وما تشهده المحافظة من طفرة نوعية بشتى القطاعات التنموية والخدمية ، فضلاً عن حرصه الدائم والتواصل الفعال مع أبناء شعب المنوفية لتلبية متطلباتهم وتقديم الدعم اللازم لهم . أبناء مصر جميعا نسيج واحد يعملون على رفعة الوطن وتقدمه ومن جانبه رحب محافظ المنوفية بوفد الطائفة الإنجيلية بالمنوفية والغربية ، مشيراً إلي أن المناسبات والأعياد تعكس دائماً مدى قوة وترابط العلاقات بين كافة أطياف الشعب المصري ، داعياً المولى عز وجل أن يعيده علينا وعلى الأمة بأكملها بالخير واليمن والبركات في ظل القيادة الرشيدة للرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية .

محافظ الجيزة يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة عيد الأضحى المبارك
محافظ الجيزة يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة عيد الأضحى المبارك

البوابة

timeمنذ ساعة واحدة

  • البوابة

محافظ الجيزة يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة عيد الأضحى المبارك

بعث المهندس عادل النجار محافظ الجيزة ببرقية تهنئة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك. وقال المهندس عادل النجار في برقيته إلى الرئيس: "يطيب لي سيادة الرئيس ونحن نحتفل بحلول عيد الأضحى المبارك أعاده الله عليكم وعلى مصرنا الغالية والأمة الإسلامية بالخير والبركات أن أبعث إلى سيادتكم بالأصالة عن نفسي وبالإنابة عن مواطني محافظة الجيزة وقياداتها الشعبية والتنفيذية بأصدق التهاني القلبية المقرونة بأسمى آيات التقدير والولاء والعرفان، داعين المولى عز وجل أن يديم على سيادتكم المزيد من التوفيق والتقدم ويكلل خطاكم وجهودكم البنّاءة لتواصلوا مسيرة عطائكم حتى تتحقق لمصرنا الغالية وشعبها العظيم طموحاته المنشودة نحو مستقبل زاهر". كما بعث محافظ الجيزة برقيات تهنئة إلى الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء والإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف ووزير الأوقاف، ومفتي الديار المصرية، والوزراء والمحافظين أعرب فيها عن تهنئته المقرونة بأطيب التمنيات بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك داعيًا المولى عز وجل أن يعيده على مصرنا الحبيبة والأمتين العربية والإسلامية، بالخير واليُمن والبركات وأن يوفّق الجميع لما فيه الخير لوطننا العزيز. كما تقدّم محافظ الجيزة، وكافة القيادات التنفيذية والشعبية بالمحافظة، بخالص التهاني إلى المواطنين بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store