
في كواليس القتال... فيرمينيو يروي كيف يُصنع أبطال العرب
من قلب الزخم الذي تعيشه رياضات القتال في الشرق الأوسط، لا يقتصر بريق الأضواء على أولئك الذين يدخلون القفص، بل يمتد ليضيء أسماء تعمل بهدوء خلف الستار، تكتشف وتصقل وتبني أبطالاً يحملون أحلام بلدانهم إلى أوسع المنصات العالمية.
في مقدمة هؤلاء، يبرز البرازيلي غوستافو فيرمينيو، نائب رئيس شؤون المقاتلين ومدير النزالات في رابطة المقاتلين المحترفين، الرجل الذي كرَّس حياته لاكتشاف المواهب العربية، ومرافقتها في رحلتها من حلبات الهواة إلى ميادين الاحتراف الدولي.
بدأت رحلة غوستافو من البحرين، حين التحق بمنظمة «بريف» لإدارة الفعاليات والمشروعات الخاصة بالفنون القتالية المختلطة، قبل أن يتولى لاحقاً تنسيق النزالات وإدارة علاقات الرياضيين. استعاد تلك البدايات بابتسامة عريضة في حواره مع «الشرق الأوسط»، قائلاً إنه سيظل ممتناً دوماً للسيد محمد شاهين والشيخ خالد بن حمد آل خليفة على الثقة التي منحاه إياها لبدء هذه المسيرة. ومع انتقاله لاحقاً إلى منظمة «بيل مينا» وجد نفسه أمام مشروع أوسع طموحاً، حيث أكد أن بناء دوري إقليمي متصل مباشرة بالبطولات العالمية لم يكن مجرد عمل، بل كان حلماً جميلاً يحققونه كل يوم، فهم لا يصنعون نزالات فحسب، بل يرسمون مسارات طويلة لمواهب عربية لتصل إلى العالمية.
هم لا يصنعون نزالات فحسب بل يرسمون مسارات طويلة لمواهب عربية لتصل إلى العالمية (الفنون القتالية)
ورغم سنواته خلف المكاتب، فإن شغفه الأصيل بالفنون القتالية يتدفق في حديثه مثل شريان حياة. يتحدَّث بحماس عن طفولته التي امتلأت بأفلام بروس لي، وكيف قادته لاحقاً إلى رياضة الجودو، ثم الجوجيتسو في البرازيل، حتى الملاكمة والمواي تاي في إندونيسيا. يعلّق ضاحكاً: «هذا ليس مجرد عمل... هذه هَويتي».
وحين سألته الصحيفة عن معاييره في اختيار المقاتلين، قال بثقة إن المهارة وحدها لا تكفي، بل يبحث عن الانضباط، والجوع، والقصة التي تستحق أن تُروى. هذا ما يجعله صياد مواهب حقيقياً، ينتقي من بين عشرات الأسماء تلك القصص المخفية ليحولها إلى نجوم مضيئة في الحلبة. روى بفخر قصة المصري محمد فهمي الذي كان يشارك في بطولات صغيرة يصعب حتى إيجاد مقاطع مُصوَّرة له، لكن خلفيته في الجودو والجوجيتسو والمصارعة كانت كافيةً لتقنعه بقدراته، فقرر ضمه إلى بطولة الوزن الخفيف، وكانت النتيجة أن هزم وصيف العالم، العام الماضي في أول ظهور له. قال غوستافو وهو يهز رأسه إعجاباً: «هذه اللحظات لا تُقدر بثمن». ثم أشار إلى أنه يتابع شبكات التواصل ليكتشف أحياناً أبطالاً مجهولين، ولا يغفل حتى العرب الذين يحقِّقون بصماتهم في الخارج، مثل المغربي صلاح الدين حملي الذي لمع نجمه في إسبانيا، وتأهل هذا العام لنصف نهائي الوزن الخفيف في مواجهة الجزائري سهيل ثائري.
وحين انتقل الحديث إلى تحديات اللعبة، خصوصاً الانسحابات المفاجئة بسبب الإصابات أو الظروف الطارئة، لم يتردد غوستافو في القول إن الطريق ليس دائماً مفروشاً بالورود، أحياناً ينسحب المقاتل قبل أسبوع القتال أو حتى قبله بأيام، لكن لحُسن الحظ، منطقتنا غنية بمقاتلين مستعدين لاقتناص الفرص متى أُتيحت. ضرب مثالاً بما حدث حين انسحب عبد الله القحطاني للإصابة، ثم انسحب بديله الآخر لظروف عائلية، وفي المقابل تقدَّم الجزائري أكرم نرسي ليقبل التحدي في اللحظة الأخيرة، وقدَّم أداءً مدهشاً رغم قلة خبرته. عقَّب على ذلك بابتسامة متقدة: «هذا هو قلب المقاتل العربي الذي يجعلني معجباً به».
من قلب الزخم الذي تعيشه رياضات القتال يمتد بريق الأضواء ليضيء أسماء تعمل بهدوء خلف الستار (الفنون القتالية)
اعترف غوستافو بأن البنية التحتية للفنون القتالية ليست متساوية بعد، في كل دول العالم العربي، فالبحرين والسعودية والإمارات ولبنان قطعت شوطاً كبيراً في تطوير اللعبة، بينما لا تزال دول أخرى في بدايات الطريق، لكنه يؤكد أن النمو مذهل والتوجهات تبشّر بمستقبل كبير. وفي نصيحته للشباب الراغبين في خوض هذه الرياضة، شدَّد على أهمية البدء في نادٍ محترف، ثم بناء مسيرة هاوية صلبة، وصولاً إلى التعاقد مع مدير أعمال يحسن توجيه مسيرتهم.
وحين طلبنا منه تسمية مقاتلين يفتخر بمسيرتهم، لم يتردد لحظة، فذكر المصري عمر الدفراوي الذي قلب مسيرته من سلسلة خسائر إلى بطل وزن الويلتر، والإيراني محسن محمد سيفي الذي تابعه منذ «بريف» حتى صار بطل الوزن الخفيف في «بيل» عام 2024، وكذلك السعودية هتّان السيف، أول مقاتلة سعودية في الفنون القتالية المختلطة تحت مظلة «بيل». تحدَّث عنها بإعجاب لافت: «هي ليست فقط رائدة، لديها عقلية الفوز. لا يكفيها أن تكون الأولى، بل تريد أن تكون الأفضل. وأثق أنها ستلهم سعوديات كثيرات... ترقبوا المقبل».
واصل حديثه بحماس عن موجة السعوديين الجديدة التي يصفها بأنها «تحمل عقليةً مختلفةً»، لا يشاركون لمجرد الوجود، بل للمنافسة والفوز ورفع راية بلدهم. تحدَّث بفخر عن مالك باسهل الذي تألق في أول نزال احترافي له، وعن عبد العزيز بن معمر الذي أظهر مستوى قوياً حتى في نزاله الهاوي الأول، ثم ختم بإشارة خاصة لعبد الله القحطاني الذي صار أول بطل وزن الريشة في «بيل مينا» 2024.
وحين سألناه عن توقعاته للموسم المقبل، قال ضاحكاً: «من المستحيل التنبؤ... كل نزال قد يقلب كل شيء، وهذا ما يجعل هذه البطولة ممتعة بحق». لكنه بدا أكثر يقيناً حين تحدَّث عن مستقبل العرب في هذه الرياضة، مؤكداً بثقة أن المنطقة العربية ستصنع أبطالاً عالميين في الفنون القتالية خلال سنوات قليلة، خصوصاً مع البرامج النوعية لاكتشاف المواهب الهواة وإيصالهم للاحتراف. وختم حديثه بنظرة حاسمة تعكس إيمانه العميق: «هذه مجرد البداية... المستقبل لنا».
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 20 دقائق
- عكاظ
آل صيرم يزفّون العريسين يحيى وحسن
احتفلت أسرة آل صيرم بزواج الشابين يحيى علي يحيى صيرم من ابنة عبدالله يحيى عبدالله صيرم، والشاب حسن موسى حسين صيرم من ابنة حسن عبدالله صيرم. وسط جمع من الأهل والأصدقاء وعدد من زملاء العريسين. أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 21 دقائق
- عكاظ
«عالم الفورمولا» في أول رواية عربية
في منعطف جديد من رحلتها السردية، أطلت الروائية فاطمة آل عمرو على قرائها برواية تحمل عنوان «لويس الإسباني»، عملٌ أدبي يتفرد بكونه أول رواية عربية تستلهم عالم سباقات الفورمولا 1، بكل ما فيه من إثارة وضجيج وسرعة خلفها قصص بشرية عميقة. وأشارت الكاتبة في منشور شخصي على صفحتها إلى أن النسخة الإنجليزية من العمل جاهزة للطرح. واختارت آل عمرو مصمماً إسبانياً لتنفيذ غلاف الجزء الأول، مؤكدة أن سلسلة «لويس الإسباني» تتكوّن من 4 أجزاء، وأن العمل عليها بدأ منذ عام 2021 حتى ظهرت للنور أخيراً. من جهة أخرى، أشارت آل عمرو إلى أنها لم تطرح روايتها السابقة «سماء أصلان» نظراً إلى انشغالها باستكمال سلسلة لويس، لكنها تستعد حالياً لإصدارها بالتزامن مع الجزء الأول من السلسلة. يُذكر أن صحيفة إيطالية كانت قد أعلنت اختيار عارض الأزياء الإسباني «تشين دراغي» ليكون الوجه الرسمي لأغلفة روايات السلسلة، في تعاون يعكس الطابع الأوروبي المميز للعمل. أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 34 دقائق
- الشرق الأوسط
ماذا قال غوارديولا عن الهلال؟
تحدث بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي الإنجليزي، عن خصمه في المباراة المقبلة، فريق الهلال السعودي عندما يلتقيان الثلاثاء في دور الـ16 لبطولة كأس العالم للأندية. وواجه غوارديولا الصحافة وممثلي وسائل الإعلام في قاعة المؤتمرات الصحافية بملعب كامبنغ وورلد بمدينة أورلاندو قبل حوالي 24 ساعة من المواجهة المنتظرة، وخلال هذا اللقاء تم توجيه سؤالين للمدرب عن خصمه الهلال. كان السؤال الأول بما يعرفه عن الهلال وما إذا كان متابعاً له، حيث أكد المدرب الإسباني أن الهلال يملك لاعبين مميزين سيشكلون صعوبة في لقاء الغد. وعن مستوى الهلال بما أنه فريق لا يلعب في أوروبا هل هو على دراية بمستواه قبل مباراة ريال مدريد أم يعتقد أنه بحاجة إلى مزيد من الوقت لتحليل الفريق حيث أجاب بيب غوارديولا: إذا كانوا ينافسون ريال مدريد أو يتنافسون فذلك لأنهم فريق جيد جدًا، شاهدتُ المباراة ويمكنني القول أننا نحن بعيدون عنهم ولكن الجميع لاحظ أن الدوري السعودي في العامين أو الثلاثة أو الأربعة الماضية تحسن بشكل مذهل، مضيفاً: انظروا إلى اللاعبين، ليس فقط الهلال أو النصر هناك فرق أخرى كثيرة، هناك ثلاثة أو أربعة اندية لديها لاعبين يتمتعون بالجودة العالية وفي النهاية تعتمد كرة القدم على اللاعبين. يمضي في الحديث ذاته: عندما أرى الفريق وأرى أيضًا عندما تكون الكرة بحوزة جواو كانسيلو والجودة مع الكرة، وبالطبع ميتروفيتش لا أعرف أن كان سيتمكن من اللعب أم لا ولكن سافيتش وجميع اللاعبين الموجودين هناك لذا أعرف تمامًا شخصيتهم وأسلوبهم فهم تحت قيادة مدرب من أنجح المدربين في السنوات الأخيرة هذه هي الحقيقة. يواصل غوارديولا الحديث: مع ذلك، أشعر بقلق بالغ خلال اليومين الماضيين، وأعلم قليلًا أن فريقي إذا تمكن من الحفاظ على ثبات مستوانا كما فعلنا ضد يوفنتوس والتحسن قليلًا، يجب أن نحافظ على ثبات مستوانا في المباراة هذا هو هدفنا الرئيسي لمباراتنا غدًا، أن نكون حاضرين لأنفسنا لتلك المباراة وللمستقبل ". غوارديولا أشاد بسافيتش وقال من الصعب إيقافه (نادي الهلال) وعما رأه من مميزات أو نقاط قوة أو ضعف أثناء تحليل الفريق تحضيراً للمباراة قال بيب غوارديولا: يمكن أن يلعبوا بخمسة لاعبين في الخلف كما كان يلعب الإنتر مع سيموني إنزاغي، ضد باتشوكا كانوا منظمون بشكل رائع و4-4-2 متماسكون جدًا، ويمكنهم صنع الفرص، إذا تركت الكرة معهم في الوقت المناسب فأنت تركض خلفهم، لذا فإنهم جميعًا يتمتعون بالجودة. ومضى في الجانب ذاته: عندما يواجهون مشاكل بعد ذلك، فإنهم يعتمدون بشكل جيد جدًا على الداخل خاصة مع سافيتش الذي يكاد يكون من المستحيل إيقافه لأنه طويل القامة وقوي جدًا، ونعم، يهاجمون من خلال المحطات. وأستكمل: أعلم أن القائد مصاب وربما لا يستطيع اللعب، وأعتقد أنها خسارة كبيرة ومهمة لهم لأنه هداف كبير وسريع الحركة ويمنحهم السرعة. وواصل مدرب مانشستر سيتي الحديث: لذا نعم الهيكل موجود، إنهم يلعبون بشكل جيد حقًا وسيعتمد الأمر غداً علينا، كيف سنكون في مزاج جيد، حسنًا سنرى ما سيحدث وسنعاني وفي الوقت المناسب دعونا نحلم بالوصول إلى ربع النهائي للعب ضد المنافس التالي. وختم حديثه: يمكننا تقديم مباراة جيدة لذا علينا أن نركز على محاولة الاقتراب من النتيجة في الأداء الذي قدمناه ضد يوفنتوس.