logo
الخوارزميات على عرش الأسواق .. هل لا تزال هناك أطراف فاعلة أخرى؟

الخوارزميات على عرش الأسواق .. هل لا تزال هناك أطراف فاعلة أخرى؟

أرقاممنذ 11 ساعات

في زمنٍ تُقاس فيه السرعة بأجزاء من الثانية، أصبح للأنظمة الذكية صوت أعلى من صرخات المتداولين في قاعة السوق.
وتحوّلت البورصات في السنوات الأخيرة من ساحات تعج بالأصوات المرتفعة إلى منصات صامتة تحكمها خوارزميات لا تنام، تتخذ آلاف القرارات في جزء من الثانية، وتحرّك مليارات الدولارات عبر أسطر من الأكواد.
لكن، هل يعني ذلك أن الخوارزميات أصبحت اللاعب الوحيد داخل الأسواق؟ أم أن هناك قوى أخرى – كبنوك الاستثمار، البنوك المركزية، الشركات العملاقة، وصناديق التحوّط – لا تزال تمتلك نفوذًا لا يستهان به؟
فالمتابع لأسواق الأسهم العالمية سيلاحظ أن الخوارزميات لم تعد مجرد أدوات مساعدة، بل أصبحت جزءًا جوهريًا من البنية التحتية للأسواق، فهي تتدخل في تحديد الأسعار، وقرارات البيع والشراء، وتوقيت الصفقات، وحتى التفاعل مع الأخبار الاقتصادية في لحظتها.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
صعود التداول بالخوارزميات
أصبح التداول بالخوارزميات، وخصوصًا التداول عالي التردد، قوة مهيمنة في الأسواق المالية، ويرجع هذا التحول إلى الحاجة لتنفيذ الأوامر بسرعة، وخفض التكاليف، والقدرة على معالجة كميات ضخمة من البيانات في الوقت الحقيقي.
ففي الولايات المتحدة، تمثل هذه العمليات أكثر من 60% من إجمالي أحجام التداول في الأسهم، فيما تشير البيانات إلى أن المستثمرين المؤسساتيين ينجزون نحو 80% من تداولاتهم عبر الخوارزميات.
أما في أوروبا، فقد شهدت الأسواق نموًا متسارعًا في استخدام الخوارزميات، مدفوعًا بتقدم البنية التحتية الرقمية وتشديد الأطر التنظيمية التي تشجع الشفافية وتقلل التلاعب.
فشركات مثل إكس تي إكس ماركتس وفلو تراديرز أصبحت من اللاعبين الرئيسيين في البورصات الأوروبية معتمدة بشكل أساسي على تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في تنفيذ الصفقات وتحليل اتجاهات السوق.
وتشير التقارير إلى أن نسبة التداول الخوارزمي في بعض البورصات الأوروبية مثل بورصتي لندن ويورونكست تجاوزت 50% من إجمالي التداولات اليومية.
أما في آسيا، فتشهد دول مثل الصين والهند واليابان نموًا متسارعًا في التداول الآلي، مدفوعًا بالتحول الرقمي والسياسات الحكومية الداعمة.
كل هذه المؤشرات تعني تزايد الاعتماد على الخوارزميات التي باتت قادرة على التفاعل مع الأخبار والبيانات المالية وحتى المزاج العام للمستثمرين، ما يمنحها القدرة على استباق التحركات قبل أن يدركها الإنسان.
رغم صعود الخوارزميات، لا تزال هناك جهات وعوامل تلعب أدوارًا حاسمة في تشكيل الأسواق، من أبرزها:
1- المستثمرون المؤسساتيون:
تشمل هذه الفئة صناديق التحوط، وصناديق التقاعد، والصناديق المشتركة، وهي لا تزال تمتلك تأثيرًا كبيرًا على تحركات السوق، وإن كان البعض يرى أن تأثير تلك الفئة أصبح محدودًا في ظل تبنيها لاستراتيجيات الخوارزمية لإدارة المخاطر وتحسين الأداء.
فعلى سبيل المثال، يُظهر تقرير صادر في مارس 2025 أن صندوق التحوط رينيسانس تكنولوجيز – المعروف باستخدامه المكثف للخوارزميات – حقق عوائد تجاوزت 18% في الربع الأول من العام، متفوقًا على السوق بفضل استراتيجيات تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات اللحظي.
2- البنوك المركزية:
لا تزال قرارات البنوك المركزية مثل رفع أو خفض أسعار الفائدة وبرامج التيسير الكمي تلعب دورًا حاسمًا في تحديد مستويات السيولة وتوجيه مزاج المستثمرين وتحركات الأسهم في البورصات.
فمؤخرًا تسبب إعلان بنك اليابان في أبريل 2025 عن أول رفع لسعر الفائدة منذ أكثر من 15 عامًا في تقلبات حادة في سوق السندات اليابانية وارتفاع فوري في قيمة الين، وقد أثّر ذلك على تحركات الأسهم اليابانية وبقية الأسواق الآسيوية المرتبطة.
3- الأحداث الجيوسياسية:
تعد الأحداث الجيوسياسية من أبرز القوى المؤثرة في أداء أسواق المال حيث يمكن أن تؤدي النزاعات التجارية، وعدم الاستقرار السياسي، وتغيّر السياسات الحكومية إلى تقلبات كبيرة.
وأدى تخفيض وكالة موديز للتصنيف الائتماني للولايات المتحدة أمس الإثنين بسبب مخاطر الديون، إلى هبوط السندات الأمريكية بأكثر من 1% وانخفاض قيمة الدولار الأمريكي، مما ينعكس على أداء سوق الأسهم بشكل أو بآخر.
4- الجهات التنظيمية:
تؤثر القوانين واللوائح على أنظمة التداول وبنية السوق، مثلما حدث مع إصدار هيئة الأسواق المالية الأوروبية في فبراير الماضي تحديثًا يتطلب من شركات التداول بالخوارزميات الإفصاح عن تفاصيل نماذجها الآلية في حال حصول اضطرابات كبيرة في السوق.
وقد أدى هذا التحديث إلى انسحاب بعض الشركات الصغيرة من السوق الأوروبي مؤقتًا لإعادة تقييم نماذجها وتقليل المخاطر التنظيمية.
تُمثل الخوارزميات عاملًا مهمًا في زيادة الكفاءة وتقليل تكاليف التنفيذ في الأسواق المالية، ويساهم ذلك في تقليص الفروقات السعرية وزيادة سيولة الأصول.
وأظهرت دراسة نشرها "مركز الأبحاث المالية في جامعة شيكاغو" أن دخول شركات التداول عالي التردد إلى بورصة نيويورك بين عامي 2010 و2023 أدى إلى تقليص فروقات الأسعار للأسهم ذات السيولة العالية بنسبة تصل إلى 50%.
هذا الانخفاض عزز قدرة المستثمرين على تنفيذ أوامرهم بكفاءة، ورفع من إجمالي حجم التداول في السوق، مما ساهم في جعل الأسواق أكثر سيولة.
لكن في المقابل، قد تؤدي المنافسة الآلية إلى تفاقم التقلبات اللحظية، ما يفرض تكاليف غير مباشرة على المستثمرين الأفراد.
ففي مايو 2010، شهدت الأسواق الأمريكية ما يُعرف بـ "الانهيار الخاطف"، حيث فقد مؤشر داو جونز أكثر من ألف نقطة في دقائق، قبل أن يرتد سريعًا، وأرجع المحققون السبب الرئيسي إلى تفاعل خوارزميات بيع تلقائية أدت إلى تسارع غير طبيعي في انخفاض الأسعار.
هذا الحدث أبرز كيف يمكن للخوارزميات، رغم فعاليتها، أن تتسبب في تقلبات عنيفة لحظية تضر بالمستثمرين الأفراد، لكونهم لا يملكون نفس سرعة الاستجابة.
وتشير تقارير اقتصادية إلى أن الأسواق التي تعتمد بشكل مفرط على الخوارزميات قد تعاني من "انفصال" بين التسعير الفوري وقيم الأصول الحقيقية، ما يخلق فرصًا ومخاطر معقدة في آن واحد.
كما أن التوسع في الاعتماد على الخوارزميات يؤدي بشكل متزايد إلى تراجع دور المستثمرين الأفراد في تشكيل حركة السوق.
وفي هذا الإطار كشفت هيئة الأوراق المالية والبورصات الهندية في تقرير لها قبل عامين أن ارتفاع الاعتماد على الخوارزميات لدى المؤسسات المالية الكبرى أدى إلى تراجع دور المستثمرين الأفراد في تشكيل حركة السوق.
كما لاحظت الهيئة أن الفجوة بين المؤسسات والأفراد في القدرة على الوصول للمعلومات والتنفيذ السريع تسببت في "انحرافات سعرية قصيرة المدى" تضر بالعدالة التنافسية، ما دعاها لمراجعة سياساتها التنظيمية.
هناك أيضًا تكاليف خفية بسبب المنافسة الآلية، فوفقًا لتقرير صادر عن البنك المركزي الأوروبي عام 2022، أظهرت بيانات الأسواق الأوروبية أن التداول الخوارزمي يُنتج "سلوكيات تمويهية" مثل تقديم وسحب أوامر بكثافة.
وتتسبب تلك الممارسات في العديد من السلبيات مثل إرهاق أنظمة البورصات وزيادة تكاليف التنفيذ الفعلية للمستثمرين التقليديين.
تحديات عصر التداول الخوارزمي
يصعب الحديث عن سيطرة الخوارزميات على الأسواق دون التطرق إلى ما أفرزته من تحديات عميقة على المستويين التنظيمي والأخلاقي.
فمع تصاعد نفوذها، لم تعد الجهات الرقابية قادرة على الاكتفاء بالأطر التقليدية لضبط إيقاع السوق، وبرزت أسئلة جديدة حول العدالة، والشفافية، وتكافؤ الفرص بين المستثمرين.
وتعاني الهيئات الرقابية حول العالم من صعوبة مواكبة الابتكارات التقنية المتسارعة في مجال التداول، ما يثير تساؤلات جوهرية حول مدى كفاءة القوانين الحالية في حماية الأسواق والمستثمرين.
ففي أوروبا، على سبيل المثال، تفرض اللائحة الأوروبية متطلبات إفصاح إضافية على الأنظمة الخوارزمية، في محاولة لتعزيز الشفافية وتقليل المخاطر النظامية.
وفي الولايات المتحدة، جرى تطبيق نظام مراقبة شامل يُعرف باسم "كات" لتتبع كل الأوامر والصفقات بدقة عالية.
ومع ذلك، لا تزال هناك فجوات تنظيمية حادة تتعلق بالشفافية والمساءلة وتضارب المصالح، إذ تواجه الجهات الرقابية صعوبة في التحقق من كيفية عمل النماذج الخوارزمية المعقدة، لا سيما عندما تؤدي إلى تحركات مفاجئة أو اختلالات في السوق يصعب تفسيرها.
وبموازاة التحديات التنظيمية، يطرح الانتشار الواسع للخوارزميات في الأسواق المالية أسئلة أخلاقية متزايدة من بينها هل من العدل أن تمتلك المؤسسات الكبرى أدوات تكنولوجية فائقة تمنحها ميزة تنافسية ضخمة على حساب المستثمرين الأفراد؟
ويرى بعض الخبراء أن غياب التكافؤ في فرص الوصول إلى التكنولوجيا والمعلومات قد يؤدي إلى إضعاف ثقة الجمهور في عدالة الأسواق، وهو ما قد ينعكس على المشاركة العامة ويقوّض استقرار النظام المالي ككل.
في المقابل، يدعو آخرون إلى التركيز على رفع الوعي وتعزيز الشفافية بدلاً من فرض قيود صارمة قد تعرقل الابتكار والتطور الطبيعي للأسواق.
ورغم أن الخوارزميات أصبحت العمود الفقري للأسواق الحديثة، إلا أنها لا تعمل في فراغ، فهي جزء من منظومة أوسع تتفاعل فيها التكنولوجيا مع المصالح الاقتصادية، والسياسات النقدية، والقواعد التنظيمية، والمخاوف الأخلاقية.
ومع دخول الأسواق مرحلة جديدة من الذكاء الاصطناعي والتحليل اللحظي، يصبح التحدي الأكبر ليس فقط في فهم هذه الخوارزميات، بل في ضمان أن تخدم الشفافية، والكفاءة، وعدالة الوصول بدلًا من أن تعمّق الفجوة بين من يملكون أدوات السوق ومن يُتركون على الهامش.
المصادر: أرقام- تريدنج شارتس- ذا جارديان- فايننشال نيوز لندن- رويترز- بلومبرج- البنك المركزي الأوروبي- هيئة الأسواق المالية الأوروبية

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وكالة: أبل تعتزم فتح مصادر نماذج الذكاء الاصطناعي للمطورين
وكالة: أبل تعتزم فتح مصادر نماذج الذكاء الاصطناعي للمطورين

أرقام

timeمنذ 27 دقائق

  • أرقام

وكالة: أبل تعتزم فتح مصادر نماذج الذكاء الاصطناعي للمطورين

تعتزم "أبل" فتح مصادر نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بها "أبل إنتلجنس" أمام المطورين، بهدف تحفيزهم على إنشاء تطبيقات جديدة تجعل أجهزتها أكثر جاذبية، وفقاً لما ذكرته وكالة "بلومبرج" نقلاً عن مصادر مطلعة. أوضحت المصادر أن صانعة جوالات "آيفون" تعمل على تطوير مجموعة من الأدوات البرمجية، وأطر العمل ذات الصلة، تتيح للمطورين الخارجيين برمجة تطبيقات ومميزات مدعومة بالنماذج اللغوية الموسعة التي تُشغل نظام "أبل إنتلجنس". وأضافت أنه من المتوقع أن تُعلن الشركة عن هذا المخطط في مؤتمر المطورين العالميين المقرر عقده في التاسع من يونيو القادم.

الكشف عن هوية أكبر حائز لعملة ترامب المشفرة
الكشف عن هوية أكبر حائز لعملة ترامب المشفرة

أرقام

timeمنذ 27 دقائق

  • أرقام

الكشف عن هوية أكبر حائز لعملة ترامب المشفرة

قال رجل الأعمال ومستثمر العملات المشفرة الصيني المولد "جاستن صن"، إنه أصبح أكبر حائز لعملة "ترامب"، وإنه سيتناول العشاء مع الرئيس الأمريكي قريبًا. وكتب "صن" عبر منصة "إكس"، في وقت مبكر من صباح الثلاثاء، إنه أصبح صاحب المركز الأول في قائمة حائزي عملة "ترامب"، ما منحه دعوة لحضور عشاء مع الرئيس الأمريكي، بالإضافة إلى حفل استقبال لكبار الشخصيات لأكبر 25 حائزًا. وكتب: "يشرفني دعم الرئيس "دونالد ترامب" وممتن لدعوة حضور حفل العشاء بصفتي من أكبر معجبيه.. وبصفتي أكبر مالك لعملته يسعدني التواصل مع الجميع والتحدث عن العملات المشفرة ومناقشة مستقبل صناعتنا". وتتيح مسابقة العشاء حضور حفل عشاء مع الرئيس الأمريكي الحالي، وهي مفتوحة لأي شخص في العالم يمكنه إنفاق ملايين الدولارات على العملة المشفرة التي أطلقها "ترامب". وفي الثاني والعشرين من مايو، سيحضر أكبر 220 حائزًا للعملة حفل العشاء مع الرئيس في ناديه للغولف في فرجينيا خارج واشنطن العاصمة. ويمتلك "صن" الآن ما قيمته 18.6 مليون دولار من عملة الميم المرتبطة بـ "ترامب"، بالإضافة إلى 75 مليون دولار ضخها سابقًا في "وورلد ليبرتي فايننشال"، وهي شركة عملات مشفرة تُوجه 75% من إيرادات المنصة مباشرةً إلى كيانات مملوكة لـ "ترامب". وإجمالًا، تتجاوز حصة "صن" في أعمال العملات المشفرة لعائلة "ترامب" الآن 93 مليون دولار، بحسب شبكة "سي إن بي سي".

الموسيقى ضحية غير متوقعة لرسوم ترمب الجمركية .. تدفع الثمن بصمت
الموسيقى ضحية غير متوقعة لرسوم ترمب الجمركية .. تدفع الثمن بصمت

الاقتصادية

timeمنذ 31 دقائق

  • الاقتصادية

الموسيقى ضحية غير متوقعة لرسوم ترمب الجمركية .. تدفع الثمن بصمت

في زاوية منسية من مشهد السياسات التجارية، تواجه أنغام الجيتارات والكمانات والبيانو تهديدا يحدق بها. بينما انشغل العالم بتأثير الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في السيارات والإلكترونيات، بقيت صناعة الموسيقى تدفع الثمن بصمت. لا مؤتمرات صحافية ولا جيوش من المحامين للدفاع عنها، بل متاجر صغيرة، وحرفيون. وفقا لموقع "بزنس إنسايدر"، تُعد صناعة المنتجات الموسيقية الأمريكية صغيرة نسبيًا، إذ لا تتجاوز مبيعاتها 20 مليار دولار سنويًا. وقد تكون الموسيقى ترفًا، لكنها صناعة تدر مليارات الدولارات من النشاط الاقتصادي سنويًا، فضلا عن تأثيرها الثقافي الواسع. وعلى نحو مفاجئ، تأتي الصين في صدارة مُصدّري الآلات الموسيقية وقطع غيارها إلى الولايات المتحدة، بواردات بلغت نحو 560 مليون دولار في 2024، تليها إندونيسيا واليابان بـ166 مليون دولار، ثم المكسيك وتايوان. هذا الاعتماد الكبير على الدول الأخرى ينعكس مباشرة على السوق المحلية، إذ يُظهر تحليل كولين هندريكس، المحلل في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، أن الآلات الوترية الأوركسترالية (مثل الكمان والتشيلو) وآلات النفخ النحاسية (مثل البوق والتوبا)، إضافة إلى لوحات البيانو الإلكترونية والجيتارات الكهربائية والباس، ستكون الأشد تضررا من الرسوم. تعتمد شركة فيرمونت فيولينز على تأجير الآلات الموسيقية، معظمها مستوردة من الصين، وتواجه مشكلات في المخزون وارتفاع الأسعار. ولتفادي رفع التكاليف على العملاء، اشترت الشركة آلات بقيمة 125 ألف دولار لتغطية احتياجات عام كامل. تهدف الرسوم الجمركية إلى إعادة التصنيع للولايات المتحدة، لكن التطبيق العملي شبه مستحيل في صناعة الآلات الموسيقية بسبب ارتفاع التكاليف وصعوبة تأمين المواد محليًا. تعتمد الشركات على مكونات مستوردة من أجل تقديم أسعار معقولة، فيما تتطلب بعض الآلات أخشابًا أو معادن نادرة من دول محددة. وكذلك المعادن النادرة، مثل النيوديميوم، المستخدم في الميكروفونات ويستخرج من الصين. التخصص والدقة في هذه الصناعة يجعلان الاستغناء عن الدول الأخرى شبه مستحيل. فمثلا، تُصنع عديد من جيتارات فيندر الاقتصادية وقطع غيارها في إندونيسيا والصين. وتُجمّع بعض أجود الأنواع عبر الحدود، في المكسيك. وفي محاولة لتوطين الإنتاج، استثمرت شركة فيرمونت فيولينز سنوات لبناء قدرتها التصنيعية، حيث ينتج مصنعها 100 آلة سنويًا بعد تطوير سلاسل التوريد وتدريب العمال. لكن الرسوم الجمركية أجبرتها على تحويل الموارد لإدارة تقلبات السوق بدل التوسع. حتى شركات مثل إلكترو-هارمونيكس، التي تُجمّع منتجاتها في نيويورك، تعتمد على مكونات مستوردة مثل لوحات الدوائر والهياكل من الصين ودول آسيوية، ولا يمكنها تجنب الرسوم. هذه ليست سابقة لشركة إلكترو-هارمونيكس مع الرسوم الجمركية. فقد اضطرت لرفع أسعار الأنابيب المفرغة التي تُستخدم في مكبرات الصوت بعد فرض الولايات المتحدة رسوم 35% على الواردات من روسيا 2022. تكمن المعضلة في أن معظم شركات صناعة الآلات الموسيقية، حتى الشهيرة منها، شركات صغيرة نسبيًا. لا تضم فرقًا لوجستية أو ذوي الخبرة للتعامل مع نظام تجاري بهذه الوتيرة المتقلبة. ويلخص هندريكس من معهد بيترسون الصورة قائلا: "تمثل الآلات الموسيقية نحو عُشر 1% من العجز التجاري الأمريكي مع الصين، لكن التأثير الثقافي للآلات الموسيقية والأيقونات التي ولدت من الصناعة هائل".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store